فتزل قدم بعد ثبوتها

الشيخ د صالح بن مقبل العصيمي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ حال العباد بين الأمر والنهي 2/ ذم نقض العهود مع الله تعالى 3/ أهمية الاستقامة على الدين 4/ الوسائل المعينة على الاستقامة 5/ خطورة تقلُّب القلوب 6/ أهمية الدعاء بالثبات وقراءة القرآن وصحبة الأخيار 7/ الحذر من محقرات الذنوب 8/ ضرورة محاسبة النفس.

اقتباس

إِهمَالُ الدُعَاءِ مِن أسبابِ الزَّيغِ بَعْدَ الهُدَى، لأَنَّ الدُّعاءَ مِنْ عَوَامِلِ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ، ولا شَكَ أَنَّ المؤمنَ صَادِقَ الإيمانِ، يَوجَلُ قَلبُهُ، ويَشتَدُ خَوفُهُ، وتُؤثِّرُ فِيهِ مثلُ هَذِهِ الأحاديثِ المُرهِبَةِ، فَتُقَرِّبُهُ من ربِّهِ زُلفى، أَمَّا مَن استكبرَ عَن الدُّعاءِ، وَظَنَّ أَنَّهُ بِمنأَى عَنِ السُقوطِ والرَّدَى، وظَنَّ أَنَّ المُخَاطَبَ بهذهِ الكلماتِ هُم العوامُ والبُسطاءُ، فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعيدًا، واستحوذَ عَليهِ الشَّيطَانُ، وَزَينَ لَهُ سُوءَ عَمَلهِ. والدُّعاءُ بالثَّباتِ يجبُ أَنْ يَكُونَ مَنهَجَا ثابتاً في حياةٍ المُسلمِ، ولَيسَ بِحق ِمَن وَقَعَ فَي الزَّللِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ في حَقِّ مَن التَزَمَ المنَهَجَ الصَّحِيحَ آكدُ، فَلا غِنًى لمُؤمِنٍ عَنْ رَبِهِ أَنْ يُثَبِّتْهُ،...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتِغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عليه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعِةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.

 

عِبادَ اللهِ، إِنَّ المؤمِنَ الصَّادِقَ هُوَ الذِي يُطِيعُ اللهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، في المَنْشَطِ والمَكْرَهِ، ويُضَحِّى في سبيلِهِ بِنفسِهِ، ومَالِهِ، ويُقَدِّمُ مَرضَاتِهِ عَلى رَغَبَاتِ نَفْسِهِ، وشَهَوَاتِها، فَكُلُ مَن فَعَلَ هذِهِ الأَوامِرَ، واجتنبَ النَّواهِيَ، وفَعَلَ مَا يُوعَظُ بِهِ كَانَ خَيرًا لَهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالى: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوْا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوْا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوْهُ إِلاَّ قَلِيْلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوْا مَا يُوْعَظُوْنَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيْتًا) [النساء: 66].

 

 فَلَمْ يَكتُبِ اللهُ -سُبحَانَهُ وتَعَالى- عَلينَا مَا يَشُقُّ عَلى النَّفْسِ احتِمَالُهُ كَقَتْلِ الإنسانِ لنفسِهِ، وَلكِنَّ اللهَ -سُبحانَهُ وتَعَالى- رَحِمَنَا، ولمْ يَكتُبْ ذَلِكَ عَلَيْنَا، وإِنَّما عَلينَا التزامُ الأَوامِرِ، واجتنابُ النَّواهي، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَنَالُ العَونَ من اللهِ، وَيُثَبِّتُهُ على المُضِيِّ في الطَّرِيقِ المستقيمِ، حتى نَنَالَ الأَجرَ العظيمَ، ولِذَا حَذَّرَ اللهُ -سُبحانَهُ وتَعَالى- مِن الضَّلالَةِ بَعدَ الهُدَى، كَمَا قَالَ تَعَالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [النحل: 72].

 

وَقَالَ تَعَالى: (وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النحل: 94]، فَمَثَلُ الَّذِي يَخسَرُ الإيمانَ وتَزِلُّ قَدَمُهُ، مَثَلُهُ مَثَلُ امرأةٍ حمقاءَ ضَعيفةِ العَقْلِ، تَقْضِى دَهْرَهَا في فَتْلِ غَزلِها، ثُم َّتَنْقُضُهُ مِنْ بَعْدِ قُوةٍ أَنكَاثًا، فاتخَاذُ الأَيمانِ غِشًّا وخِدَاعًا، يُزعزِعُ الإيمانَ في القَلبِ، ويُضعِفُ اليَقِينِ، فالقرآنُ ضَرَبَ لَنَا مَثَلاً بمَنْ ضَيَّعَ جُهْدَهُ وعِبَادَتَهُ لِرَبِهِ لِنَقْضِهِ، بمِثْلِ تِلكَ المرأةِ الجاهلةِ، التي تهدُمُ ما بَنَتْهُ، وتَنْقُضُ مَا فَتَلَتْهُ، فَضَاعَ جُهدُهَا هباءً مَنثُورًا.

 

فَقَد ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِنَقْضِ العُهُودِ، وَأَسْوَؤُهَا نقضُ العُهُودِ مَعَ اللهِ، بَأَسوأ الأمثالِ وأَقبَحِهَا، وَأَدَلِّهَا عَلى سَفَهِ مُتَعَاطِيهَا، فَمَنْ هَدَمَ مَا بَنَاهُ، ولمْ يَثْبُتْ عَلى دِينِ اللهِ، لَمْ يَستَفِدْ سِوى الخَيبةِ والعَنَاءِ، والنَّدَامَةِ ونَقْصِ الرَّأي وسَفَاهَةِ العَقْلِ، فَإِنَّ مَن نَقَضَ عَهْدَ الإسلامِ، فَقَدْ سَقَطَ مِن الدرجاتِ العَاليةِ، ووقَعَ في الضَّلالَةِ بَعدَ الهُدَى، كَمَا قَالَ تَعَالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) [البقرة: 16]، وقولُه تَعَالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [البقرة: 175]، فَالمُؤمِنُ عَليهِ أَنْ يَبِيعَ الضَّلالةَ ويَشْتريَ الهُدَى، لا العكسُ، ولله دَرُ مَالِكِ بنِ الرَّيبِ -رَحِمَهُ اللهُ- حِينَمَا قَالَ:

 ألمْ تَرنِي بِعتُ الضَّلالةَ بِالهُدَى *** وأَصبحتُ في جُندِ ابنِ عفانَ غَازِيًا

 

ولِذَا عَلى المؤمنِ أَنْ يَسعَى للثَّبات ِعلى دِينِ اللهِ؛ لأَنَّهُ لا يَأْمَنُ أَحَدٌ الفِتْنَةَ خَاصةً مَعَ تتابعِ الفتنِ، ولَقَدْ حذَّرَ النَّبيُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا" (رَوَاهُ مُسلمٌ).

 

ولِلثَّبَاتِ عَوامِلُ كثيرةٌ ومِنْ أَهمِهَا:

- الدُّعَاءُ: فإِهمَالُ الدُعَاءِ مِن أسبابِ الزَّيغِ بَعْدَ الهُدَى، لأَنَّ الدُّعاءَ مِنْ عَوَامِلِ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ جَلَ وعَلَا، قالَ تَعالى: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 7]، ووَرَدَ في حديثِ أنسٍ -رضيَ اللهُ عَنهُ-: كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَا مُقَلِبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قَلبي عَلى دِينِكَ"  فَقُلتُ: ياَ نَبِيَ اللهِ، آمنَّا بِكَ وبما جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلينَا؟ قالَ: "نعم إِنَّ القُلوبَ بَينَ أُصبعينِ مِن أصابعِ اللهِ يُقلبُهَا كيفَ يشاءُ" (رَواهُ الترمذيُ، بِسَندٍ صحيحٍ).

 

وقَدْ تعجبَ الصحابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- مِنْ هَذَا الدُّعاءِ، فَأَخبَرَهُمْ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- "أَنَّ القُلوبَ بَينَ أُصبعينِ مِن أَصابِع ِالرحمنِ يُقلبهُا كيفَ يشَاءُ" ولا شَكَ أَنَّ المؤمنَ صَادِقَ الإيمانِ، يَوجَلُ قَلبُهُ، ويَشتَدُ خَوفُهُ، وتُؤثِّرُ فِيهِ مثلُ هَذِهِ الأحاديثِ المُرهِبَةِ، فَتُقَرِّبُهُ من ربِّهِ زُلفى، أَمَّا مَن استكبرَ عَن الدُّعاءِ،  وَظَنَّ أَنَّهُ بِمنأَى عَنِ السُقوطِ والرَّدَى، وظَنَّ أَنَّ المُخَاطَبَ بهذهِ الكلماتِ هُم العوامُ والبُسطاءُ، فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعيدًا، واستحوذَ عَليهِ الشَّيطَانُ، وَزَينَ لَهُ سُوءَ عَمَلهِ.

 

وانْظرْ إِلى فِقْهِ ابنِ مَسعُودٍ، -رضيَ اللهُ عَنهُ-، فيما رَوَاهُ ابنُ عبدِ البَّرِ -رَحِمَهُ اللهُ- "استَنَّ بِمنْ مَاتَ؛ فإنَّ الأَحياءَ لا تُؤمَنُ عَليهِمُ الفِتْنَةُ"، فَفِي هَذا الأَثَرِ مِن العُمقِ مَا فيهِ، حَتى أَنَّ الصَّحَابَةَ وهُم أَكْثَرُ الأُمَّةِ إِيمانًا، وتُقًى وصَلاحًا، لا يَضمَنُ أَحدُهُم الاستمرارَ عَلى هذا الطَّرِيقِ المحفوفِ بِالشَّهواتِ، فَيَشتَدُّ خَوفُهُم مِن اللهِ، فَالدعاءُ بالثباتِ عَلى دِينِ اللهِ، سِلاحٌ لا يُمكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَحرِمَ مِنه أَحَدًا، يلجأُ إليهِ المُسلمُ في كُلِ زَمانٍ ومَكانٍ.

 

والدُّعاءُ بالثَّباتِ يجبُ أَنْ يَكُونَ مَنهَجَا ثابتاً في حياةٍ المُسلمِ، ولَيسَ بِحق ِمَن وَقَعَ فَي الزَّللِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ في حَقِّ مَن التَزَمَ المنَهَجَ الصَّحِيحَ آكدُ، فَلا غِنًى لمُؤمِنٍ عَنْ رَبِهِ أَنْ يُثَبِّتْهُ، وَلَنَا بِالمَعصُومِ، -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-، وصَحْبِهِ الكِرامِ قدوةٌ.

 

- ثَانيًا: ومِن عَوامِلِ الثباتِ على دينِ اللهِ، قِراءَةُ القُرآنِ العَظِيمِ، فَالقُرآنُ العَظيمُ، مِن أَعظمِ وَسائِلِ الثَّباتِ عَلى دِينِ اللهِ، ولِذَا جَعَلَهُ اللهُ -سُبحانَهُ وتَعَالى- مُثَبِّتًا لِقَلبِ النَّبِيِّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-، فقَالَ تَعَالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) [الفرقان: 32]، فَقِراءَةُ القُرآنِ بِتَأَمُّلٍ، وَتَدَّبُرٍ، عاملٌ مُهِمٌ مِن عَوَامِلِ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ،  وكُلَّمَا ارتبطَ المؤمنُ بالقُرآنِ، كانَ أكثرَ يَقينًا وثباتًا.

 

- ثالثًا: ومِن عَوامِل الثَّبَاتِ عَلى دِينِ اللهِ أصدقاءُ الخيرِ: لقولِهِ تَعَالَى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].

 

 وَفِي الأَثَرِ: "كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، ذُو بَأْسٍ يَفِدُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ-، فَفَقَدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَتَابَعَ فِي هَذَا الشَّرَابِ، قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ، كَاتِبَهُ فَقَالَ: اكْتُبْ: مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِلَى فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ "  غَافِرِ الذَّنْب وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ"  ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: اُدْعُوا اللَّهَ لِأَخِيكُمْ أَنْ يُقْبِلَ بِقَلْبِهِ، وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ الرَّجُلَ كِتَابُ، عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، جَعَلَ يَقْرَؤُهُ وَيُرَدِّدُهُ، وَيَقُولُ: "غَافِرِ الذَّنْبِ، وَقَابِلِ  التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ"  قَدْ حَذَّرَنِي عُقُوبَتهُ، وَوَعَدَنِي أَنْ يَغْفِرَ لِي، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ نَزَعَ فَأَحْسَنَ النَّزْعَ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ خَبَرُهُ، قَالَ: " هَكَذَا فَاصْنَعُوا إِذَا رَأَيْتُمْ أَخًا لَكُمْ زَلَّ زَلَّةً؛  فَسَدِّدُوهُ، وَوَثِّقُوهُ، وَادْعُوا اللَّهَ لَهُ أَنْ يَتُوبَ، وَلَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْه" (أَخرَجَهُ البَيهَقِيُ،  بسندٍ حسنٍ).

 

فانظُرْ إِلى مَنهجِ أَمِيرِ المُؤْمنيَن -رَضيَ اللهُ عنهُ- كَيفَ كَانَ حَلِيمًا رَقِيقًا مَعَ صَاحِبِهِ، مَع مَا عُرِفَ عَنْهُ مِنْ شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ في الحقِّ، ولَكِنْ لِكُلِ مَقَامٍ مَقَالٌ، فَالصُّحبةُ الطَّيبةُ عَامِلٌ مِنْ عَوَامِلِ الثَّبَاتِ عَلى دِينِ اللهِ جلَّ وعَلَا، واسمعْ لِقَوْلِ شَاعِرٍ زَاغَ صَاحِبُهُ فأرسل له قائلاً:                                    

لِمَ يَا صَاحِ أَخْطَأْتَ الطَّرِيقَ؟ *** لِمَ أَبدلتَ بالدَّربِ الرفيقَ ؟

لِمَ أَسلمتَ للشرِّ انقيادًا؟ *** وخاطبتَ الغوانيَ والنَّعِيقَ؟

لَقَدْ نُبِّئْتُ عَنِ نَفْسٍ جَمُوحٍ  *** إلى الشهواتِ دَنَّسَتِ الْخَلُوقَ

وَخُضْتُمْ فِي بِحَارِ اللَّهْوِ عِشْقًا  *** أَظْنُّ الْبَحْرَ يَا صَاحِ عَمِيقًا

أَتذكرُ أَمسَنَا أَحييتَ غَرْقا  ***  فَأَمَّا اليومَ أمسيتَ الغَريقَ

أَتَذكُرُ إِذْ تَلوتَ الآي عَذْبًا  *** فأسعَدتَ المجَالِسَ والصَّدِيقَ

لَكَم بِتْنَا سَويَّا وارتحلنَا  *** قَصَدنَا مَكةَ البيتَ العتيقَ

أمَا قَدْ آنَ يا صاحِ رُجُوعٌ؟ ***  فَقَد أكثرتَ للدُنيَا الصَفِيقَ   

 

فَالرَّفِيقُ الصَّالحُ هُوَ خَيرُ مَن يُعينُكَ عَلى الثَّبَاتِ عَلى دينِ اللهِ، فاللهَ اللهَ فِي انتقاءِ الأَصْدِقَاءِ، واختيارِهِم، فَهُمْ خَيْرُ مُعِينٍ.      

                  

- رَابعًا: مِن عَوَامِلِ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ، البعدُ عَن مُحقِّرَاتِ الذُّنوبِ، فَإنَّ مِن أَهمِّ أَسبَابِ الضَّلالةِ بعدَ الهُدَى، الاستِهَانَةُ بِالذُّنُوبِ والمعَاصِي  فاسْتهَانَةُ كَثِيرٍ مِن النَّاسِ بِمُحَقِرَاتِ الذُّنوبِ وصِغَارِهَا يُضعِفُ الإيمانَ في القَلبِ شَيئًا فَشيئًا، لِذَا قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-:  "يَا عائشةُ! إِياكِ ومُحَقِّرَاتِ الأَعمَالِ فَإنَّ لهَا مِنَ اللهِ طَالبًا" (رَوَاهُ أحمدُ بسندٍ قَويٍّ).

 

ولَقَدْ تَنَبَّهَ الصَّحبُ الكِرامُ، المَيامينُ الأَطهَارُ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ- لِهذَا الأَمْرِ، ولِذَا قَالَ أَنسٌ، رَضِيَ اللهُ عَنهُ: "إِنَّكُمْ لَتَعْملُونَ أَعْمَالاً هِيَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَدَقُ مِنَ الشَّعْرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُهَا في عَهدِ النبيِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-  مِنَ المُوبِقَاتِ" (رَوَاهُ البُخُارِيُ في صَحِيحِهِ).                         

غَفَلْنَا لَعَمْرُ اللهِ حَتَى تَدَارَكَتْ ***  عَلَينَا ذُنُوبٌ بَعدَ هُنَّ ذُنُوبُ

فيا ليتَ أنَّ اللهَ يَغفِرُ مَا مَضَى  *** ويَأذَنَ في تَوبَاتِنَا فَنَتُوبُ

 

فَعَلَينَا اجتنابُ محَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ.                                       

خلَّ الذنوبَ صغيرَهَا *** وَكَبِيرَهَا، فَهُوَ التُّقَى

وَاصْنَعْ كَماشٍ فوقَ أرضِ *** الشوكِ يحذرُ مَا يَرَى

لا تحقِرنَّ صغيرة ً *** إنّ الجِبالَ مِن الحَصَى

 

فَعَلى كُلِ مُسلمٍ أَنْ يَعْلَمَ أَثَرَ مُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ علَى دِينِهِ، فَكَمْ ضَلَّ بسببِهَا أُنَاسٌ، استَمْرَؤُهَا، حَتَى أَصبَحَتْ جُزءًا مِن حَيَاتِهِم، فالتَّسَاهُلُ فِيهَا عَاقِبَتُهُ وَخِيْمَةٌ، وَآثارُهَا عَلى دينِهِ عِظِيمَةٌ، قَالَ ابْنُ مسعودٍ -رَضِيَ اللُه عَنْهُ-: " إِيَّاكُمْ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنوبِ فإنَّهُنَّ يجتمعنَ عَلى الرَّجُلِ حَتى يُهْلِكْنَهُ" (رَوَاهُ أَحْمَدُ بسندٍ حسَنٍ). 

 

- خَامسًا: مِن عَوامِلِ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ، البُعدُ عَنِ التَّرَخُّصِ وَالتَّسَاهُلِ، فَإِنَّ مِن أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ: تَأْدِيْبَ النَّفْسِ وَأَطْرَهَا عَلى الحقِ أَطرًا، وعَدَمَ إخضَاعِهَا للشَّهَواتِ، وتَجنِيبَهَا الرُّخَصَ، والتَّسَاهلَ فِيهَا، فاحتِقَارُ الصَّغّائِرِ والانْغِمَاسُ في المَكْرُوهَاتِ والمُبَاحَاتِ، وتَتَبُعُ الرُّخَصِ، والتَّهَاونُ بِمحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ، طَرِيقَةٌ شَائِكَةٌ، وَعِرَةٌ، تُولِجُ في الغَالبِ أَصحَابَها مَوَاطِنَ الرَّدَى، فَكَمْ مِن عَابِدِ أَكْثَرَ مِن التَّرخُصِ والتَّسَاهُلِ في مُشَاهَدَةِ الأَفْلَامِ، وفِي الدُّخُولِ إِلى مَوَاطِنِ الاختِلاطِ، وِبإِطْلَاقِ النَّظَرِ، وعَدمِ غَضِ البَّصَرِ؛ فَضَاعَ بِسَبَبِهَا، فَالتَسَاهُلُ خَطَرٌ مُهْلِكٌ، لِكُلِ مَنْ وَلجَهُ، وقُلْ مِثلَ ذَلِكَ عَن التَّرَخُّصِ، حَتى قَالَ سُلَيمانُ التَيمِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَلَو أَخَذْتَ بِرُخْصَةِ كُلَ عَالمٍ اجتمعَ فيكَ الشرُّ كُلُهُ".

 

ولَيسَ المقصُودُ بهذَا الرُّخَصُ الشَّرعِيَةُ الثّابِتَةُ، إِنَّما المقْصُودُ، تَرَخُيصُ الإنسَانِ لِنَفْسِهِ، وَأَخْذُهِ بِرُخْصَةِ كُلِ فَقِيهٍ، لا لأَنَّها الحُجَةُ الشَّرعِيَةُ، وإنما لأَنَها وافقَتْ هَواهُ ورَغْبَتَهُ، حَمَانَا اللهُ وإيَّاكُم مِنْ مُضِلَاتِ الفِتَن ِ، مَا ظَهر منْهَا ومَا بَطَنَ.

 

جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المقبولِينَ، ونَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِالقرآنِ العظيمِ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبً فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخطبةُ الثَّانِيَة:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

 

أمَّا بَعْدُ... فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبادَ اللهِ: إن مِن أَعظَمِ عَوَامِل ِالثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ، مُحَاسَبَةَ النَّفْسِ، والحَزْمَ في مُعَالجَةِ التَّقصِيرِ، لأنَّ الضَّلالةَ بَعدَ الهُدى، لا تَأْتِى - فِي الغَالبِ- بَين يومٍ ولَيلةٍ، وإِنَّما  تَأتى تَدْرِيجِيًا، فَتأْتِى مَثلاً بِالتَأَخُرِ عَن الحُضُورِ المُبكِّرِ لِلمَسجِدِ، ثُم َّباِلتخلفِ عَن تكبيرةِ الإِحرَامِ، ثُمَّ فَواتِ غَالبِ الصَّلاةِ وهَكَذَا، وفِي الحَدِيثِ:  " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا، فَقَالَ لَهُمْ: "تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

 فَعَلى كُلِ مُسلمٍ أَنْ يَبْدَأَ بِمُرَاجَعَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ أَوَّلِ  تَرَاجُعٍ حَصَلَ لَهُ فَمَثَلاً: مَن انْخَفَضَ مُعدلُ قِراءَتِهِ للقُرآنِ عَن حِزْبِهِ اليَومِي المُعتَادِ؛ فَعَلَيهِ بِمعُالجَةِ القُصورِ فَوْرًا، فَمُلاحَظَةُ التَقْصِيرِ تَبدأُ مِن صَاحِبِ العَمَلِ، أَو مِن المُحيطِينَ بِهِ، وإِن كَانَ الإنْسانُ أَعلمُ بِأَحوالِ نَفْسِهِ، كَمَا قاَلَ تعَالى: (بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) [القيامة: 14]، فكُلَّمَا لاحَظَ الإنْسانُ علَى نَفْسِهِ إهْمَالاً، أَو كَسلاً عَن أَدَاءِ العَبَادَاتِ، فَعَلَيهِ بِالمُحَاسبَةِ الفَوريةِ، وقُلْ مِثلَ ذلكَ لِمنْ كَانَ كثَّ اللِّحيَةِ، حَسنَ الهَيئةِ، ثُمَّ بَدَأَ يَأْخُذُ مِنْ لِحيتهِ مُتَساهِلًا مُتَرخِّصًا، شيئًا فَشيئًا، حَتى يَأتي عَليهِ زَمَانٌ لا يُبقِي مِنْهَا شَيئًا، ولَا حَوْلَ ولَا قوةَ إِلا باللهِ العليِ العَظيمِ!

 

فَلو أَنَّ هذَا الرَّجُلَ بَدَأَ بِمحاسَبَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ أَوَلِ تَساهُلٍ حصَلَ منهُ، وَأَطَرَهَا عَلَى الحقِ أَطْرًا، فَلنْ تَصِلَ حَالُهُ إِلى حَالٍ يُرثَي لَها، فَلا بُدَ أَنْ يَكُونَ الإنسانُ حَازِمًا وجادًّا وصَارِمًا معَ نَفْسِهِ، حِينَمَا يَرى عَلَيْهَا آثارَ التَّغييرِ، وأَوْجُهَ النَّقْصِ، فَورَ إِحساسِهِ بِها، أَو لفَتَ نَظَرَهُ إليهَا النَّاصَحونَ لَهُ؛ فالحَازِمُ مِعَ نَفسِهِ يَنْهَاهَا عَن الهَوى، ويُبَشَّرُ بخَيرِ مَأوى، قالَ تَعَالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات: 40- 41].

 

 وهَذِهِ لا يَملكُهَا إِلا أَصْحَابُ الهِممِ العاليةِ، والعُقولِ الرَّاجِحَةِ، الحرِيْصُونَ عَلَى دِينِهِمْ، المُحَاسِبُونَ لأَنْفُسِهِمْ، ممَنْ لَا تَأخُذُهُمْ العِزَّةُ بالإِثْم.

 

إِنَّ مُحاسَبَةَ النَّفْسِ مَنْهَجٌ شرعيٌّ، يُسْهِمُ- بِحَمْدِ اللهَ -فِي الثبَاتِ عَلَى دِينِهِ؛ لأِنَّهُمْ سُرعانَ مَا يَنْفُضُونَ عَن أَجْسَادِهِمْ غُبَارَ الكَسَلِ، فَلْيَجْعَلْ كُلُ وَاحدٍ مِنَّا مَنْهَجَ مُحاسَبَتِهِ لِنَفْسِهِ مَنْهَجًا ثَابتًا، حَتى يَثْبُتَ عَلَى دِينِ اللهِ. اللهُمَ رُدَنَا إِلَيكَ رَدًّا جَميلاً ولا تَجعَلْ مِنْ بَينِنَا شَقِيَّا ولا مَحرُومًا.

 

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ. الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

 

اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ.

 

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 

اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

 

 

المرفقات

قدم بعد ثبوتها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات