عناصر الخطبة
1/خصوصية العيد في الإسلام 2/تهنئة وتبريك بعيد الفطر السعيد 3/الحث على الثبات حتى الممات 4/الوصية بالمودة والإخاء وصلة الرحم 5/التواصي بصيام ست من شوال وإدامة الطاعات 6/وصية للأخوات المسلمات الفضلياتاقتباس
أيها الناسُ: اتقوا الله -رحمكم الله-، وأصلِحوا ذاتَ بينكم، فاليوم يوم عفو وصفح وبر وعطاء، لا مجال فيه للشحناء، ولا مجال فيه للقطيعة والبغضاء، اليوم يوم تجاوُز ورحمة وعطف، يوم تسامح وصفح ولطف، اليوم يوم الجود ونثر المشاعر، وتلبية الحاجات وجبر الخواطر...
الخطبة الأولى:
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي منَّ علينا بفضائل الأوقات، الحمد لله الذي هدانا وأكرمنا بالطاعات، أشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدَّى الأمانةَ، ونصَح الأمةَ، وجاهَد في الله حقَّ الجهاد حتى أتاه اليقين، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعدُ: فاتقوا الله -رحمكم الله-، وبادِرُوا إلى ما يحبه ربُّكم ويرضاه؛ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ)[الْبَقَرَةِ: 281]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الْحَشْرِ: 18].
أيها المسلمون: لقد شرَع اللهُ -تعالى- لكم عيدين في كل عام؛ عيد الفطر وعيد الأضحى، وقد أتى كل منهما بعد ركن من أركان الإسلام، فعيد الفطر جاء بعد الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو صوم رمضان، فشرع العيد فرحة بإكمال الصيام وإتمامه، وعيد الأضحى جاء بعد الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو حج بيت الله الحرام، فأسعد الله صباحكم اليوم بالعيد، وأكرمكم بالحسنى والمزيد، وأدام فيكم البشر والبشرى بكل جديد.
هنيئًا لكم العيد السعيد، هنيئًا لكم يوم الفطر المجيد، تقبَّل اللهُ منكم، وأحالَه عليكم، وباركه لكم، وأعاده عليكم في صحة وافية، وسلامة وعافية.
طبتُم وطاب مُحيَّاكم بالفرح والحبور، والبهجة والسرور، وفزتم إن شاء الله بسعي مشكور، وذنب مغفور، وتجارة لن تبور.
عبادَ اللهِ: قد أشرق عليكم عيد الفطر بنسماته، بعبقه ونوره وبسماته، وقد شرع لكم أن تفرحوا فيه بنعم الله ومكرماته، بآلائه وفضله وجوده وهباته، فالفرح بالعيد شعيرة من شعائر الدين، وشعار يتميز به كل المسلمين، يودعون به موسمًا قد كللوه بحلل الطاعات، وأنواع العبادات، وجميل الدعوات؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يُونُسَ: 58].
وللصائم فرحتان؛ فرحة حين يُفطِر، وفرحة حين يلقى ربَّه، فانثروا مشاعر البهجة والأفراح، والسعادة والصفاء والانشراح، جددوا روح الإخوة والصلة والود، والحب والبر والعهد، خذوا زينتكم، والبسوا لعيدكم الجديد، واشكروا الله العزيز الحميد.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
أيها الناسُ: احمدوا الله على تمام عدة شهركم، وأداء زكاة فطركم، واستقيموا على دينكم، والزموا طاعة ربكم؛ (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)[النَّحْلِ: 92]، وإيَّاكم والانتكاس، إيَّاكُم والحَوْرَ بعدَ الكَوْرِ، إيَّاكُم أن تزل قدم بعد ثبوتها، فاسألوا اللهَ الثباتَ إلى الممات، واسألوا مقلب القلوب أن يثبت قلوبكم على دينه، واسألوا مصرف القلوب أن يصرف قلوبكم إلى طاعته؛ (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الْأَحْقَافِ: 13-14].
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي -رضي الله عنه- قال: "قلتُ: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك، قال: قل: آمنت بالله ثم استقم"(رواه مسلم)، فَطُوبَى لمن كان من عتقاء رمضان، طوبى للفائزين المقبولين في شهر رمضان، طوبى لمن رضي عنه ربه، وغفر ذنبه، وطهر قلبه، فتغير واستقام حاله، وصلح باله، وحسن مآله، بشراكم أيها الصائمون القائمون، قد ذهب التعب، وزال النصب، وثبت الأجر إن شاء الله، بشراكم أيها الصائمون القائمون؛ فللصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، بشراكم أيها الصائمون القائمون؛ قد غفرت ذنوبكم، وكفرت سيئاتكم إن شاء الله -تعالى-، فمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم مِنْ ذنبِه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم مِنْ ذنبِه، فأحسنوا الظن بالله وأبشروا، فإن الله عليم بكم، رحيم بحالكم، لن يضيع أعمالكم، ولن يخيب آمالكم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)[الشُّورَى: 25-26].
بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفِر اللهَ فاستغفِرُوه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له توفيقه وامتنانه، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشانه، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانه، -صلوات الله وسلامه عليه- وعلى آله وأصحابه وأتباعه وإخوانه.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
أيها الناسُ: اتقوا الله -رحمكم الله-، وأصلِحوا ذاتَ بينكم، فاليوم يوم عفو وصفح وبر وعطاء، لا مجال فيه للشحناء، ولا مجال فيه للقطيعة والبغضاء، اليوم يوم تجاوُز ورحمة وعطف، يوم تسامح وصفح ولطف، اليوم يوم الجود ونثر المشاعر، وتلبية الحاجات وجبر الخواطر، فاللهَ اللهَ في المودَّة والصفاء، اللهَ اللهَ في المودَّة والصفاء، والمحبة والإخاء، وصلة الرحم وزيارة الأقرباء، ومواساة المساكين والفقراء، والعطف واللطف بالضعفاء، الله الله تواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، فالرحمة الرحمة عباد الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وإنَّما يرحم الرحمن الرحماء، فاتقوا الله وأصلِحوا ذاتَ بينكم، واصفحوا عمن زل وأخطأ، واعفوا عمن ظلم وأساء؛ (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 133-134].
عبادَ اللهِ: جودوا بطلاقة الوجه والتبسُّم، وأَدخِلُوا السرورَ على كل مسلم، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تبسُّمُكَ في وجه أخيك لك صدقة"(رواه الترمذي)، وإن من أفضل الأعمال عند الله إدخال السرور على المؤمن، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَتَهُ"(رواه الطبراني).
فنفِّسُوا كربَ المكروبينَ، وفرِّجُوا همَّ المهمومينَ، وبدِّدُوا غمَّ المغمومينَ، وأَعِيدُوا البسمةَ لِمَنْ فقَدَها، والفرحةَ لِمَنْ أضاعَها، وشُدُّوا الأواصرَ، واجبُرُوا الخواطرَ، واللهُ لا يُضِيعُ أجرَ مَنْ أحسَنَ عملًا.
أيها الناسُ: إنَّ مِنْ أحبِّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإِنْ قلَّ، فعن عائشة -رضي الله عنها- لما سُئلت عن عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: "كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستطيع؟!"(مُتفَق عليه)، فلا تدعوا الصيام -عباد الله- ولا تتركوا القيام، ولا تهجروا القرآن، ولا تقطعوا أعمال البر والإحسان، ولا تحرموا المحتاجين، ولا تغفلوا عن المساكين.
ولقد حثَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على صيام ست من شوال، فعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر"(رواه مسلم).
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
أيتها المسلمات، أيتها المؤمنات القانتات: اعلمن أنَّه لا سعادة إلا بتقوى الله، ولا راحة إلا في طاعة الله، فاتقين الله في أداء الفرائض والواجبات، وفي حفظ الحقوق والقيام بالمسؤوليات، فالله -جل وعلا- يقول: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 35]، فاتقينَ اللهَ في نفوسكنَّ، وفي بيوتكنَّ، وفي أولادكنَّ، وفي أزواجكنَّ، فالمرأةُ راعيةٌ في بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عن رعيتها، عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت"(رواه أحمد)، وفقكنَّ اللهُ لما يُحِبُّ ويرضى، وأسبَغ عليكنَّ نعمَه التي لا تُحصى.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
اللهمَّ اجعل هذا العيد عيد فرح وسرور واطمئنان، وعافية وسلام وأمن وأمان، اللهمَّ أعده علينا أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن في صحة وعافية وإيمان وحياة سعيدة، اللهمَّ تقبل منا رمضان أحسن قَبول، وأعده علينا بالخير واليُمْن والبركات، واجعلنا من الفائزين في مواسم الطاعات، اللهمَّ لا تضيع جهدنا، ولا تحبط عملنا، ولا تخيب أملنا، ولا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا، اللهمَّ اهدنا وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكَرِّهْ إلينا الكفرَ والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهمَّ إنَّا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهمَّ إنَّا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا، وأهلنا وأموالنا، اللهمَّ استر عوراتنا، وآمِنْ روعاتنا، واكلأنا بحفظ ورعايتك يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ فَرِّجْ همَّ المهمومينَ، ونَفِّسْ كربَ المكروبينَ، واقضِ الدَّينَ عن المدينين، واشف مرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، وانصُرْ عبادَكَ الموحِّدينَ، واجعل اللهمَّ هذا البلد آمِنًا مطمئنًّا، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهمَّ أصلح أحوال المسلمين، وأمنهم في أوطانهم، واجمع شملهم، ووحد كلمتهم عل الحق، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، اللهمَّ وجنبهم الخلاف والفتن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهمَّ وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين بتوفيقك، وأيده بتأييدك، وأعز به دينك، وألبسه ثوب الصحة والعافية يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ وفقه وولي عهده لما تحب وترضى، يا سميع الدعاء.
اللهمَّ تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم