عناصر الخطبة
1/ يوم العيد يوم فرح للمسلمين 2/وصايا وتوجيهات للمسلمين 3/نداء لتسهيل أمور الزواج 4/العيد وتذكر مآسي المسلمين 5/بيان حقيقة دعاوى الديمقراطية والحملة الصليبية 6/حقيقة الحضارة الغربية 7/العزة في التمسك بالإسلام 8/من سنن العيد 9/موعظة للنساء 10/التذكير بمواساة المحتاجيناهداف الخطبة
1/بيان مشروعية الفرح بالعيد وذكر سننه وآدابه 2/ التحذير من مخططات الأعداء وكشف حقيقة دعاواهم الزائفةاقتباس
يفرح المسلمون بالعيد ويؤجرون على هذا الفرح؛ لأنه من شعائر الدين, ولكن ليُعلمْ أن هذا الفرحَ يجب أن يكون في حدود المشروع, وأما إشغال الأعياد بالغناء والاختلاط والمنكرات فليس من الفرح المشروع بل هو من نَزْغِ الشيطان لما عجز عن إدخال الأعياد المبتدعة على المسلمين في هذه البلاد أوقعهم في المنكرات في عباداتهم, ولا شك أن هذا من الزيادة على...
الخطبة الأولى:
أيها المسلمون: إنكم في يومٍ تبسمت لكم فيه الدنيا, أرضُها وسماؤها, شمسُها وضياؤها، صمتم لله ثلاثين يوماً، وقمتم لله ثلاثين ليلة, ثم جئتم اليوم, تسألون الله الرضا والقبول وتحمدونه على الإنعام بالتمام، والتوفيق للصيام والقيام، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: 43], (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].
هذا يوم يفطر المسلمون، هذا يوم يفرح المؤمنون به، هذا يومٌ تكبرون الله فيه على ما هداكم ولعلكم تشكرون. فبارك الله لكم عيدكم -أيها المسلمون- وأعاده الله على هذه الأمة المرحومة وهي في عز وتمكين ونصر وتأييد.
أما بعد:
فيا عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل- فهي وصية الله للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].
كما أوصيكم بالحفاظ على مهمتكم العظمى، ووظيفتكم الكبرى، وظيفةِ الدعوة إلى الله -عز وجل- مهمةِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مهمة الجهاد في سبيل الله، المهمةِ التي لها أخرجتم، والتي هي مصدر خيريتكم واستمرار عزكم وأمركم قائماً منصوراً -بإذن الله- (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110].
عباد الله: الصلاةَ، الصلاة، فمن حفظها فقد حفظ دينَه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، للفقير والمسكين, لا لقوي مكتسب ولا من تلزمك نفقته، لا تدفع بها المذمة، ولا تجلب بها الصداقة، وما اشتكى فقير إلا بقدر ما قصر غني. حافظوا على صيام رمضان، وحج بيت الله الحرام، واعلموا أن الله أمركم ببر الوالدين، وصلة الأرحام، والصبرِ عند فجائع الأيام، والإحسان إلى الضعفاء والأيتام .
وكونوا عباد الله إخواناً وعلى الحق أعوانًا، لا ظلم ولا عدوان، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقِره. ولا تباغضوا ولا تقاطعوا، ولا تدابروا ولا تناجشوا، رحم الله عبداً سمحاً إذا باع وإذا اشترى، وإذا قضى وإذا اقتضى.
عباد الله: اجتنبوا اللهو والغناء فإنه مزمار الشيطان ورقية الزنا, وهو الجالب للفساد وحاديه, والداعي للتحلل ومناديه.
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله, والله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
يامعشر الشباب والشابات: لا تعزفوا عن الزواج, فإنكم لا تطيعون الله بعد إتيان الفرائض وترك المحرمات بأفضل من الزواج, تصونون به أخلاقكم وتحفظون به دينكم.
يا معشر أولياء الأمور, ويا عقلاء الحي, ويا دعاة الإصلاح: اتقوا الله في الشباب والشابات, فإن الراغب في النكاح اليوم ليتحمل آصاراً وأثقالاً بسبب إعراض المسلمين عن سنة سيد المرسلين في تخفيف صدقات النساء وتكاليف الزواج.
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله, والله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
يا معاشر تجار المسلمين: أصيخوا سمعكم لقول ربكم: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف: 56]، لا تسنوا في المسلمين سنناً سيئة تكون عليكم أوزارها وأوزار من عمل بها، تنافسون على كل جديد لجلبه إلى الأمة المحمدية من دور الأزياء اليهودية, ودهاليز الكفر الغربية ليلبسه أبناء وبنات المسلمين.
إن سن الأمور السيئة في الناس أو نقلها إليهم جريمة يقارفها التاجر في حق أبناء بلده وإخوته في الدين، لذلك ضاعف الله عليه العقوبة وحمله أوزاراً مثل التي تسبب فيها (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) [النحل: 25], (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [العنكبوت: 13].
أيها المسلمون: كم هو جميل أن تظهر أعياد الأمة بمظهر الواعي لأحوالها وقضاياها، فلا تحول بهجتها بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فئامٌ من أبنائها, حيث يجب أن يطغى الشعور بالإخاء قوياً, فلا ننسى فلسطين ولا أفغانستان و أراضيَ في المسلمين أخرى منكوبةً, بمجاهديها وشهدائها، بيتاماها و أراملها، بأطفالها وأسراها، لا بد أن نتذكر هؤلاء في عيدنا.
لقد جاء العيد والأمة تواجه حرباً صليبية مسعورة تستهدف دينها ومقدساتِها، ومضى شهر رمضان ومضت معه وفي أثنائه آلاف الأرواح إلى بارئها؛ قتلاً وسحلاً وتقطيعاً وحرقاً. جاء رمضان ومضى وقد قتل عشرون ألفِ مسلم أفغاني, وما يقرب من سبعين ألف جريح ومليوني مشرد, يستجدون أمم الأرض لقمةً أو كساءً وخيمةً أوغطاءً.
إنه عام عصيب على الأمة المحمدية لاقت فيه أعتى المآسي وأدمى المجازر، فظائعَ دامية، وجرائم عاتيةَ، ونوازلَ عاثرة، وجراحاً غائرة، غصصاً تثير كوامن الأشجان، وفجائع تبعث على الأسى والأحزان (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج: 8], لقد شنوها حرباً لا هوادة فيها على الإسلام والمسلمين في بقاع الأرض، لقد ارتفعت عن العيون الغشاوة, وانقشع الوهم, واقترب اليقين, لقد انكشف كذب الكذابين, وخلع الشيطان أرديته وشحذ أنيابه, وعرف العالم بأسره أنهم يشنون حرباً صليبية علينا.
فها هي الديموقراطية التي طالما قدسوها تسفر عن طغيان بربري دموي مجرم يهدر حتى القيم الأخلاقية، وها هي حقوق الإنسان تسفر عن عنصرية همجية وحشية مسعورة, لا تفتؤ من إلصاق التهم الجاهزة بالمسلمين والقبض عليهم دون تهمة أو نقمة إلا الإسلام, ثم الأشباه الشرق أوسطية.
كما أن لواء المساواة يسفر عن عكسه تمامًا, وإذا بهذه الكائنات البيضاء المتقدمة على مستوى التكنولوجيا، والمنحطة على مستوى الروح تتصرف كحيوانات الغابة بل أضل سبيلاً, إنهم يستمتعون بقهر المسلمين و إذلالهم:
لأنك مسـلم سـترى العذابــا *** وسـوف تواجه العجب العجابـا
لأنـك مسـلم سـتموت همــا *** وغمـا واضطهادا واغتـرابـا
ستنزف في دروبـك ألف جرح *** وتمضي لا سـؤال ولا جوابـا
لأنـك مسـلم سـتذوق ضعفـا *** وتشرب من كؤوس الحقد صابا
لأنــك مسلم سـتزور سجنـا *** وتنهبك السياط به نهــــابا
ستسأل عن طلوع الشمس حتى*** تظن الصبح من حلك غـرابا
أيها المسلمون : لقد نجح الغرب في توحيد الأمة الإسلامية كلِّها ضده، وهذا ما فشلنا فيه طيلة هذا القرن. إن العالم يكتشف بسبب حقدهم كما لم يكتشف أبداً من قبل مدى زيف الحضارة الغربية، حضارة الكذب، حضارة النهب والسرقة والاستغلال، حضارة القتل بلا ضمير، وربما وُجد في التاريخ سفاحون كثيرون، كانوا يقتلون الملايين وينهبون مثل الكافرين اليوم، لكن أحدًا منهم لم يتشدق مثلما يتشدق الغرب وهو يرتكب جرائمه بالحضارة والتمدن وحقوق الإنسان.
إن العالم كله، والتاريخ ينظران الآن إلى الغرب، وقد بانت سوأته، يراها الناس جميعًا إلا هو, ولقد علمنا من إمهال لهم وإمدادهم في غيهم وزيادتهم في عتوهم؛ أن الله لا يريد أن يطهر قلوبهم ولا يريد لهم الهداية والاعتبار، ولو أراد لهم الطهر والهداية لكان لهم في مصابهم مزدجر ومعتبر (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ).
نعم لقد تمادوا واستكبروا ومرت عليهم الآيات والنذر فلا يؤمنون ولا هم يذكرون ولا عن ظلمهم (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [الأنعام: 44، 45] اللهم عجل بقطع دابرهم يارب العالمين.
أيها المسلمون: هذه الصهيونية العالمية، الأمة الخوانة، التي ليس لها عهد ولا أمانة، تمارس في فلسطين أبشعَ صور الظلم والقهر والتخويف والإرهاب، تفرض ألوان الحصار، وتقتل الرجال والنساء والصغار، وتهدف إلى إبادة المسلمين، وتصفيتهم جسدياً، وإرعابهم نفسياً، بمذابح جماعية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
إن إسرائيل تمارس أمام نظر العالم وسمعه الإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه، وبجميع أنواعه وأدواته، فأين من يوقف وحشية هذا الإرهاب وبشاعته، ويطارد رجاله وقادته، ويستأصل شأفتهم، ويقتلع كافَّتهم؟! أين ميزان العدل والإنصاف يا من تدعونه؟! أين شعارات التقدم والتحرر والحضارة والسلام، التي لا نراها إلا حين تصبّ في مصلحة يهود ومن وراء يهود؟!!.
إذا مات من صهيــــون كلب *** سمعت كلاب أمريكا تنوح
وشعب القدس يذبح كالمـــواشي *** فما ناحوا عليه ومن ينوح؟
أيها المسلمون: كيف يهنأ المسلم بعيش، أو يرقأ له دمع، أو يدرك فرحاً بأمنية في دار كلها قذى وأذى، المسلمون فيها ما بين قتيل مرمّل، وجريح مجدّل، وأسير مكبّل.
والله لن تسلو الضمائر ساعة *** والمسـلمون بغــير ذنب يقتلوا
ألأنهم لله قاموا طاعــــة *** أم أنهم قد كبروه وهللـــــوا
أم أنهم يدعون للدين الــذي *** قد حُمِّلوا تبليغه فتحملـــــوا
أم أن أمريكا تريد فناءهــم *** وتقول للشعب الخبيث تدللـــوا
أيها المسلمون: إن تنتصر هذه الأمة على نفسها وأهوائها، وتطبق شريعة الله في جميع مناحي حياتها، ويستقم أفرادها على دين خالقها تنتصر على عدوها، وتعلُ كلمتها، وتُحرَسْ نعمتها، ويدُمْ عزّها، وتشتدّ قدرتها، وتزددْ قوتها، وإن لم تقمْ الأمة بذلك فهي على خطر أن ينالها وعيد الله في قوله -جل وعلا-: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) [محمد: 38] ، وقوله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [المائدة: 54].
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله, والله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد .
معاشر المسلمين : عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني, وقال: مزمارة الشيطان عند النبي؟! فأقبل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "دعهما" فلما غفل غمزتهما فخرجتا. رواه البخاري ومسلم وفي رواية له : "تغنيان بدف". قال الحافظ: "وفي هذا الحديث من الفوائــد مشروعيةُ التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم؛ من بسط النفس وترويـــح البدن من كلف العبادة, وأن الإعراض عن ذلك أوْلى, ومنه أن إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين".
فتأملوا -أيها المسلمون- فضل الله: يفرح المسلمون بالعيد ويؤجرون على هذا الفرح؛ لأنه من شعائر الدين, ولكن ليُعلمْ أن هذا الفرحَ يجب أن يكون في حدود المشروع, وأما إشغال الأعياد بالغناء والاختلاط والمنكرات فليس من الفرح المشروع بل هو من نَزْغِ الشيطان, لما عجز عن إدخال الأعياد المبتدعة على المسلمين في هذه البلاد أوقعهم في المنكرات في عباداتهم, ولا شك أن هذا من الزيادة على الفرح المشروع.
أيها المسلمون: اجتماع الناس على الطعام في العيد سنة؛ لما فيه من إظهار هذه الشعيرة العظيمة, قال شيخ الإسلام: "جمع الناس للطعام في العيدين وأيام التشريـق سنة، وهو من شعائر الإسلام التي سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
والتهنئة بالعيد مشروعة، وليس لها صفة معينة بل تكون بحسب عرف أهل البلد ما لم تكن بلفظٍ محرم, أو فيه تشبه بالكفار ؛ كأن يأخذ ألفاظ تهنئتهم بعيدهم. وقد جرت عادة الناس أن يتصافحوا ويهنئ بعضهم بعضاً، وهذه عادة حسنة، ورخص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره.
والسنة لمن خرج إلى صلاة العيد من طريق أن يرجع من طريق أخرى اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري عن جابر.
ومن السنة أيضاً, صيام ستة أيام من شوال، وذلك كمن صام الدهر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله, والله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
أيتها الأخوات المسلمات: أذكركن بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن خطب الرجال في مثل هذا اليوم الأغر مشى متوكئاً على بلال وخطب النساء, وكان من خطبته أن تلا عليهن آية المبايعة وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الممتحنة: 12]. فلما فرغ من الآية قال: "أنتن على ذلك"، فقالت امرأة: نعم فقال : "ما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة" ثم أمرهن بالصدقة فقال : "تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم"، فقالت امرأة : لمَ يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال : "لأنكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير" متفق عليه . فجعلن يلقين من قروطهن وخواتيمهن وقلائدهن في ثوب بلال صدقة لله.
ألا فاتقين الله -أيتها الأخوات- وكن خير خلف لخير سلف من نساء المؤمنين، واحذرن من التبرج والسفور والاختلاط بالرجال الأجانب والتقصير في أداء أمانة الرعاية في البيت على الأولاد والزوج؛ فإن مسؤليتكن عظيمة، وتأثيركن في البيت أعظم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
يا معاشر الأخوات الكريمات: اتقين الله في صلاتكن وزكاتكن لاتؤخرنها عن وقت وجوبها، وإياكِ -يا أمة الله- أن تسكتي عن الزوج والأولاد الذين لا يصلون.
يا نساء المسلمين: أمانة كبيرة تلك التي حملتِ إياها في تربيتكِ لابنتك في دينها وأخلاقها وحشمتها وسترها وتعقلها وحسن تعاملها مع زوجها.
أيها المسلمون: أحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعاً، أو تقضي له ديناً، و"من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، و"من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته".
عباد الله: لقد قصرت الأمة في حق إخوة لها في أفغانستان يعانون من عدو ظالم غاشم، عظيم حقده، صلب مراسه، تحالفت معه الدنيا بأسرها حتى من المسلمين، نسأل الله أن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وإن من أقل الواجبات علينا أن نبذل لهم بذلاً سخياً في هذا اليوم الفاضل العظيم، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصالحات، وستجدون إخوة كراماً عند الأبواب يستقبلون ما تجودون به.
وأنتن -يا معاشر الأخوات- ستجدن من الأخوات من يقمن بجمع ما تجدن به وتبذلنه, فاقتدين -رحمكن الله- بالصحابيات حينما أخذن يلقين من قروطهن وخواتيمهن وقلائدهن في ثوب بلال صدقة لله تعالى.
أعاد الله علينا وعليكم العيد وأمننا وإياكم من عذاب الوعيد.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم