عناصر الخطبة
1/ من تشبه بقوم فهو منهم 2/ ضرورة اجتناب أعياد المشركين 3/ حرمة موادة الكفار 4/ الأعياد في الإسلام 5/ عيد الحب من الأعياد الوثنية النصرانيةاقتباس
ولا ريب أن من التشبه بالكفار الاحتفال بما يسمى بعيد الحب عندهم، ويتهادون الأزهار الحمراء، ويلبسون اللون الأحمر، ويهنئون بعضهم، وتقوم بعض المحلات بصنع حلويات باللون الأحمر ويرسم عليها قلوب، وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم، ويتخَذ هذا العيد عندهم رمزًا للمحبة والوئام بين جميع الناس...
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن مخالفة المشركين واجتناب مشابهتهم في الأعياد وغيرها واجب من واجبات الإسلام.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: 51]، وقال تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود: 113].
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ". رواه أحمد وأبو داود.
قال ابن كثير -رحمه الله-: "في هذا الحديث دلالة على النهي الشديد، والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار، في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم، وغير ذلك من أمورهم، التي لم تشرع لنا ولم نقر عليها". انتهى كلامه.
ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب مخالفة المشركين؛ فعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما كان يصوم من الأيام ويقول: "إنهما عيدا المشركين؛ فأنا أحب أن أخالفهم". رواه أحمد والنسائي.
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "اجتنبوا أعداء الله في عيدهم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد يعرض لعقوبة ذلك؟! وقوله: "اجتنبوا أعداء الله في عيدهم"، أليس نهيًا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه، فكيف بمن عمل عيدهم؟!".
وقد جاء عن غير واحد من التابعين في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) [الفرقان: 72]، "أنها أعياد المشركين".
قال الإمام ابن عقيل -رحمه الله تعالى-: "إذا أردت أن تعرف الإسلام من أهل زمان، فلا تنظر إلى ازدحامهم على أبواب المساجد، ولا ارتفاع أصواتهم بـ"لبيك"، لكن انظر إلى موالاتهم لأعداء الشريعة".
ومما يؤكد تحذير الإسلام من أعياد المشركين ما أخرجه أبو داود عن ثابت الضحاك -رضي الله تعالى- عنه قال: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟!". قَالُوا: لاَ. قَالَ: "هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟!". قَالُوا: لاَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ".
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فإذا كان -صلى الله عليه وسلم- قد نهى أن يذبح بمكان كان الكفار يعملون فيه عيدًا، وإن كان أولئك الكفار قد أسلموا، وتركوا ذلك العيد، والسائل لا يتخذ المكان عيدًا، بل يذبح فيه فقط، فقد ظهر أن ذلك سد للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم؛ خشية أن يكون الذبح هناك سببًا لإحياء أمر تلك البقعة، وذريعة إلى اتخاذها عيدًا".
وقال -رحمه الله-: "وهذا يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين -صلى الله عليه وسلم- كان يمنع أمته منعًا قويًّا من أعياد الكفار ويسعى في دروسها وطموسها بكل سبيل".
ولا ريب أن من التشبه بالكفار الاحتفال بما يسمى بعيد الحب عندهم، ويتهادون الأزهار الحمراء، ويلبسون اللون الأحمر، ويهنئون بعضهم، وتقوم بعض المحلات بصنع حلويات باللون الأحمر ويرسم عليها قلوب، وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم، ويتخَذ هذا العيد عندهم رمزًا للمحبة والوئام بين جميع الناس، فلا فرق بين مسلم ويهودي، ولا مسلم ونصراني، بل الجميع تحت ظلال المحبة، وفي هذا إبطال لعقيدة الولاء والبراء، إبطال لملة إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام-.
قال تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة:22]، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "فأخبر سبحانه أنه لا يوجد مؤمن يوادّ كافرًا، فمن وادّ الكفار فليس بمؤمن، والمشابهة الظاهرة مظنة المودة فتكون محرمة". انتهى كلامه.
وقد أجمع سلف الأمة أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط: هما عيد الفطر، وعيد الأضحى، وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخص أو جماعة أو حدث أو أي معنى من المعاني، فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها، ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها، ولا الإعانة عليها بشيء؛ لأن ذلك من تعد لحدود الله، (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [الطلاق:1]. وإذا انضاف للعيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم؛ لأن في ذلك تشبهًا بهم ونوع موالاة لهم، وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ".
وعيد الحب هو من جنس ما ذكر؛ لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية، فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله، أو أن يقره أو أن يهنئ به، بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ولرسوله وبعدًا عن أسباب سخط الله وعقوبته.
كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكل أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك؛ لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول، والله -جل وعلا- يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2].
ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله، لا سيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد، وعليه أن يكون فطنًا حذرًا من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين، الذين لا يرجون لله وقارًا، ولا يرفعون بالإسلام رأسًا، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته والثبات عليها، فإنه لا هادي إلا الله، ولا مثبت إلا هو -سبحانه وتعالى-.
وعلى الآباء والأمهات وسائر الأولياء أن يتقوا الله فيمن تحت أيديهم من الفتيان والفتيات الذين اغتروا بهذا العيد، وشاركوا فيه، فليحذِّروهم سوء صنيعهم، وليأخذوا على أيديهم، وليذكِّروهم خطر التشبه بالكفار في اللباس، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
اللهم اجعل عملنا كله صالحًا، ولوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن طاعته أقوم وأقوى، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واحذروا أسباب سخط الجبار، فإن أجسامكم على النار لا تقوى، واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداءك أعداء الدين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم