عناصر الخطبة
1/ فضل عشر ذي الحجة 2/ من الأعمال المشروعة فيها 3/ وصايا سريعة لمن عزم على الحج 4/ الاحتفال بعيد ميلاد المسيح 5/ صور هذا الاحتفال وحكم كل صورةاقتباس
فيا له من مشهدٍ يأخذ بالألباب ويهُز الأفئدة.. فهل شممت عبيرًا أزكى من غبار المحرمين؟! وهل رأيت لباسًا قطُ أجملُ من لباس الحجاج والمعتمرين؟! هل رأيت رؤوسًا أعزُّ وأكرم من رؤوس المحلقين والمقصرين؟! وهل مر بك ركبٌ أشرفُ من ركب الطائفين؟! وهل سمعت نظمًا أروع وأعذب من تلبية الملبين وأنين التائبين وتأوه الخاشعين ومناجاة المنكسرين؟!
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرع لنا مواسم الخيرات على الدوام، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير من صلى وصام، وحج البيت الحرام. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: ها نحن على أبواب الشهر الأخير من هذا العام، وفي هذه الأيام، نستقبل آخر موسم من مواسم الخيرات، التي تضاعف فيها الحسنات، وتفتح فيها أبواب الرحمات، وتقال فيها العثرات.. يغفر الله فيها للمستغفرين، ويتوب على المؤمنين، ويجيب فيها السائلين.
عشر ذي الحجة.. الأيام الفاضلة، التي عظّم الله شأنها ورفع مكانتها وأقسم بها في كتابه، فقال جل وعلا: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) فالليالي العشر هي ليالي عشر ذي الحجة، والشفع هو يوم النحر، والوتر هو يوم عرفة.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح في هذه الأيام أفضل من الجهاد في سبيل الله، ففي البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر"، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء"، وفي رواية عند الدارمي وحسنها الألباني في الإرواء: "ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظمُ أجرًا من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى"، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء".
في هذه الأيام المباركة تجتمع أمهات العبادات، فيجتمع فيها الصلاة والصيام والحج والصدقة بالأضاحي والهدي والذكر وغيرُها من العبادات.. فطوبى لعبد استقبل هذه الأيامَ بالتوبة الصادقة النصوح، التوبةِ من التقصير في الواجبات، والتوبةِ من ارتكاب المحرمات، والتوبةِ من التقصير في شكر نعم الله علينا، فكم من نعمة أنعمها الله علينا لم نؤد شكرها، وكم من طاعة لله قصرنا فيها وما تبنا.
طوبى لعبدٍ اغتنم مواسم الخيرات بالعمل الصالح، الذي يقربه إلى ربه ويرفع درجته في الجنة. ومن ذلك الصيام.
فيشرع صيام هذه الأيامِ المباركة، كما صح عند أحمدَ وأبي داود والنسائيِ عن أم سلمة رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ.
ويتأكد صومُ يومِ عرفةَ لغير الحاج، فقد سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية" أخرجه مسلم في صحيحه.
ومن الأعمال المشروعة في هذه الأيام المباركة الإكثار من ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد وقراءة القرآن والاستغفار، فقد جاء في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أعظمُ عند الله ولا أحبُ إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتسبيح" أخرجه أحمد وصححه أحمد شاكر.
ألا وأن أعظم الأعمال في هذه الأيام المباركة، وأجلَّها وأزكاها عند الله: حجُ بيت الله الحرام، الحجُ إلى البقاع الطاهرة، خيرِ البلاد وأعظمِها حرمة عند الله.
عباد الله: الحج ركن من أركان الإسلام، ويجب الحج على كل مسلم بالغ عاقل حر مستطيع، وهو واجب على الفور في أصح أقوال العلماء، ويحرم على القادر تأخيره، قال تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ).
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ؛ رواه مسلم.
ويدخل في شرط الاستطاعة القدرةُ البدنية والمالية، وذلك بأن يملك الزاد والراحلة بعد حاجاته الأصلية، ومن شرط الاستطاعة بالنسبة للمرأة أن يتيسّر لها محرم يحجّ معها، وأن لا تكون معتدّةً لأنها منهية عن الخروج من البيت.
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من تأخير الحج مع الاستطاعة أشد تحذير، فقد ثبت في المسند عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له". وعند ابن حبان وصححه الألباني عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يقول: إن عبدًا أصححت له جسمه، ووسعت عليه في معيشته، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم".
فإن كان من لا يحج في كل خمسة أعوام محروماً، فما عسانا نقول لمن لم يحج حتى الآن حج الفريضة، مع تيسر السبل وكثرة الحملات وسهولة السفر وقصر المدة.
وقد روى البيهقي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار , فينظروا كلَّ من كان له جِدَةٌ ولم يحج , فيضربوا عليهم الجزية , ما هم بمسلمين , ما هم بمسلمين).
فيا عبد الله: يا من لم يؤد فريضة الله، يا من أصح الله لك جسمك، ووسّع عليك رزقك، إلى متى يقعدك التسويف وتلهيك الأماني؟ إلى متى وأنت تؤخر الحج عاماً بعد عام؟.. وهل تعلم أين تكون العام القادم؟.
وإذا كان بعض الصالحين في زماننا يرد نفسه عن حج التطوع، تخفيفاً للزحام عن المسلمين (وهذا مقصد حسن)، فيحرم نفسه من الحج وهي تتوق إليه، فكيف بمن تعلق برقبته الفرض، بل ركن الإسلام الذي يجب عليه أداؤه، وهو يسير على من يسر الله عليه من المواطنين والمقيمين في بلاد الحرمين، فإن أيام الحج لا تتجاوز أسبوعاً لمن هم في هذه البلاد، ولا تتعدى أربعة أيام لأهل مكة وما حولها!!
فاغتنم -يا أخي- هذه النعمة العظيمة! اعزم ولا تتردد ولا تتهاون، فالدروب ميسرة، والطرق معبدة، ورغد العيش لا حد له، والأمن ضارب أطنابه بحمد الله.
فأقبل -رعاك الله-، والتحق بوفود الرحمن، الذين دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم. وأبشر بيوم عظيم تقال فيه العثرة وتغفر فيه الزلة، كما في حديث عائشة عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ" رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها.
فيا له من مشهدٍ يأخذ بالألباب ويهُز الأفئدة.. فهل شممت عبيرًا أزكى من غبار المحرمين؟! وهل رأيت لباسًا قطُ أجملُ من لباس الحجاج والمعتمرين؟! هل رأيت رؤوسًا أعزُّ وأكرم من رؤوس المحلقين والمقصرين؟! وهل مر بك ركبٌ أشرفُ من ركب الطائفين؟! وهل سمعت نظمًا أروع وأعذب من تلبية الملبين وأنين التائبين وتأوه الخاشعين ومناجاة المنكسرين؟!
قف بالأباطح تسري في مشارفها *** مواكب النور هامت بالتقى شغفا
من كل فج أتت لله طائعةً *** أفواجُها ترتجي عفوَ الكريم عفا
تذكر -يا رعاك الله- أن فضلَ الحج عظيم وأجرَه جزيل , ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما , والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
قال ابن حجر: "والحج المبرور هو الذي وُفّيت أحكامه، ووقع على أكمل الوجوه، الخالي من الآثام، والمحفوفُ بالصالحاتِ والخيراتِ من الأعمال"، وقال النووي رحمه الله: "الحج المبرور هو الذي لم يخالطه إثم".
وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيومَ ولدته أمه" أي: رجع عارياً من الذنوب، ليس عليه ذنب ولا خطيئة.
وعند أحمد والترمذي والنسائي وصححه الألباني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ".
وعند الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أهل مُهِلٌ قط ولا كبّر مكبّرٌ قط إلا بشر بالجنة".
وعند الترمذي والنسائي وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم: "من طاف بالبيت أسبوعًا -أي سبعة أشواط- فأحصاه -أي أتمه وأتى بشروطه وآدابه- كان كعتق رقبة، لا يرفع قدمًا ولا يضع أخرى إلا حَطَّ الله عنه بها خطيئة، وكَتَب له بها حسنة".
عبد الله: وإذا انشرح صدرك وعزمت على الحج فأوصيك بهذه الوصايا السريعة:
1- الإخلاص لله وقصد وجه الله عز وجل بالحج.
2- الاستخارة والاستشارة: فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار.
3- تعلم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وكتب الأحكام متوفرة وميسورة بحمد الله.
4- توفير المؤونة والاحتياجات لأهلك والوصية لهم بالتقوى.
5- التوبة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمعاصي، وردُ المظالم لأهلها وتحللُهم منها.
6- اختيار النفقة الحلال من الكسب الطيب، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
7- اختيار الحملة، والرفقة الصالحة الذين يذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت.
8- توطين النفس على تحمل مشقة السفر ووعثائه: فإن بعض الناس يتأفف من الحر أو قلة الطعام أو طول الطريق أو الازدحام، وكأنه خرج للنزهة والترفيه، فإياك أن تفسد حجك بالمن والأذى وضيق الصدر وإيذاء المسلمين، بل عليك بالرفق والسكينة.
9- اجتناب الذنوب والمعاصي بأنواعها، والتحلي بغض البصر وحفظ اللسان والجوارح.
فاتقوا الله -يا عباد الله-، واحذروا التفريط والتكاسل، وإياكم أن تشغلكم الدنيا عن طاعة ربكم، فإن في ذلك الخسران المبين في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ).. أقول ما تسمعون وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه...
عباد الله: وفي الوقت الذي يستقبل فيه المسلمون هذا الموسم من مواسم الخير والعبادة، يستقبل النصارى عيدهم الديني، المستمدَّ من عقيدتهم المحرفة.
وإن مما يؤسف له حقاً، ما طالعتنا به وسائل الإعلام هذه الأيام من تأهب بعض المدن العربية والخليجية، وتزين شوارعها بالأنوار والزينة للاحتفال بعيد الميلاد المسيحي، وقد تزينت واجهات المتاجر والمقاهي والفنادق.. وباعةُ الزهور والألعاب يتنافسون في عرض بضائعهم، والحفلات الصاخبةِ تقامُ في البيوت والفنادق، والإقبالُ على الخمور يكتسحُ المتاجر، ومحلاتُ الحلويات ينفَد ما لديْها من أنواع الحلوياتِ، هكذا وكأنك في عاصمةٍ غربيةٍ نصرانيةٍ. مما يشير إلى تبعية مقيتة، وهزيمة نفسية لم تشهدها أمة الإسلام على مر القرون.
ينبغي أن يُعلَم عبادَ الله أن عيد ميلاد المسيح مبني على تأريخ ديني نصراني، وهو تأريخ لم تثبت صحته حتى عند النصارى أنفسهم، حيث زاد فيه ملوك الفرنجة في عصور متفرقة حسب مصالحهم.
وقد أغنانا الله -معاشر المسلمين- بأعيادنا، فليس لنا في الإسلام إلا عيدان، وما سواهما بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعلى هذا فلا يجوز مشاركة النصارى في أعيادهم، ولا تهنئتهم بها.
قال الإمام ابن القيم: "أما تهنئتهم بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، وذلك كأن يهنئهم بأعيادهم فيقول: عيدك مبارك، أو تهنأ بهذا العيد، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزله أن يهنئه بسجوده للصليب، وكثير ممن لا قَدْرَ للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل... "الخ كلامه رحمه الله.
وقد صدر عن اللجنة الدائمة للإفتاء في هذه البلاد بيان في التحذير من مشابهة الكفار في أعيادهم واحتفالاتهم وما هو من خصائصهم، وتحريم إقامة هذه الاحتفالات أو حضورها أو المشاركة فيها أو الإعانة عليها أو إعلانها والدعوة إليها بأي وسيلة كانت.
وإني والله أتعجب: كيف يحتفل المسلم بهذا العيد، الذي يكفر فيه بالله، ويتخذ فيه عيسى إلهاً من دون الله، أو ابناً لله، (سبحانه وتعالى عما يصفون).
كيف، وأبرزُ علامةٍ لهذا العيد هي قضية صلب المسيح، فهل نصدّقهم أن المسيح صُلِب ليكفر أخطاء البشرية، أو نصدّقُ الله الذي قال في محكم تنزيله (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ )، وقال: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
إننا نحن المسلمين نؤمن أن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنه لم يُقتَل ولم يُصلَب، بل رفعه الله إليه، وأنه سينزل في آخر الزمان على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فيَكسرُ الصليب، ويقتلُ الخنزير، ويضعُ الجزية.
وبناء على ما تقدم فإنه لا يجوز للمسلم الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية. وهذا العمل المحرم له عدة صور:
الأولى: أن يكون ذلك لمجرد موافقتهم ومجاراة تقاليدهم وعاداتهم من غير تعظيم لشعائر دينهم ولا اعتقاد لصحة عقائدهم. وهذه الصورة محرمة لما فيها من مشاركتهم ولكونها ذريعة إلى تعظيم شعائرهم و إقرار دينهم.
الثانية: أن يكون ذلك لشهوة تتعلق بالمشاركة، كمن يحضر أعيادهم ليشاركهم في شرب الخمور والرقص، واختلاط الرجال بالنساء ونحو ذلك. وهذه الصورة أشد تحريماً من الأول، لأن هذه الأفعال محرمة بذاتها، فإذا اقترنت بالمشاركة في أعياد الكفار كانت أعظم تحريماً.
الثالثة: أن تكون المشاركة بنية التقرب إلى الله تعالى بتعظيم ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام لكونه رسولاً معظماً، وهذه الصورة بدعةٌ ضلالة، وهي أشد تحريماً وضلالاً من الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، لكون صاحبها يشارك أهل العقائد الفاسدة.
الرابعة: أن يكون الاحتفال مقروناً باعتقاد صحة دينهم، أو الرضى بشعائرهم وعبادتهم، كما يعبرون عنه بوحدة الأديان وأخوة الرسالات، وهذه الصورة كفر مخرج من الملة، كما قال تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ).
ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم