عام 2000م (2)

ناصر بن محمد الأحمد

2014-12-06 - 1436/02/14
عناصر الخطبة
1/السر وراء اهتمام اليهود بعام 2000م 2/اختصاص النصارى بعام 2000م واهتمامهم بذلك 3/بعض صور ومظاهر احتفال النصارى بعام 2000م 4/خطر المشاركة في أعياد الكفار وبعض مظاهر المشاركة في ذلك 5/تباين النصارى واليهود والمسلمين في النظرة إلى عيسى -عليه السلام- 6/بعض حكم نزول عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان

اقتباس

إن النصارى، ومنذ فترة طويلة جداً، وهم يستعدون لإقامة حفل ضخم جداً، ربما لم تشهد الأرض كلها مثله في بداية ألفيتهم، وقد قرر أن يكون مكان هذا الحفل، هو: "بيت لحم" في فلسطين، لاعتقاد النصارى: أنه المكان الذي ولد وترعرع فيه عيسى -عليه السلام-، وسيحضر النصارى من...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده …

 

أما بعد:

 

واستكمالاً لموضوع قدوم "عام 2000م" هذا الحدث الذي صنعوا له زخماً إعلامياً غير عادي، وذلك -كما ذكرنا- لارتباط القضية عندهم بأبعاد دينية.

 

وقد ذكرنا في الخطبة المتقدمة، ما يتعلق باليهود، حول هذا الموضوع، وما هي علاقة اليهود بعام 2000م، مع أن الأصل أن تكون القضية مما يهم النصارى أكثر!.

 

وذكرنا ما صرح به اليهود ضمن مخططاتهم، والتي تواكب هذا الوقت، وأن من أكبر ذلك: محاولاتهم في هدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل مكانه -لا مكنهم الله من ذلك-.

 

بل إن اليهود، وفي ظل هذا الفراغ الذي تعيشه الأمة الإسلامية بعامة، والعرب منهم بخاصة، فإن بدخول الألفية الثالثة تقترب دورة الزمان في التاريخ اليهودي من الانتهاء لتبدأ دورة جديدة، ما هي هذه الدورة؟

 

إنها دورة زمان السلام! ذلك الحلم الذي يعتقد اليهود أنه سيقضي على كل عداء لهم!.

 

أما نحن المسلمين، فنعتقد بأن عداء اليهود باق إلى قيام الساعة، ومهما بذلت من محاولات، ومهما كرّست من جهود، فإنها ستذهب هباءً منثوراً.

 

وسيأتي اليوم الذي سيقتل فيه اليهود ويذبحون ذبح الشياه على أرض فلسطين -إن شاء الله تعالى-.

 

أما النصارى، فإنهم معنيون بوجه خاص، في خضم هذه الأحداث، فالألفية مقترنة بالمسيح -عليه السلام-، وهو نبيهم المرسل إليهم، وإذا كان قد قدم مرسلاً منذ ألفي عام، فإن النصارى ينتظرون ألفاً أخرى يعيشون فيها في كنفه، وتحت قيادته، لدى مقدمه الثاني، حسب ما يزعمون ويتوقعون ظهوره مع بداية، عام 2000م.

 

فالألفية ليست ذكرى ميلاد فقط، وليست خصوصية زمان فحسب، فإن النصارى يحتفلون بعيدهم في نهاية كل عام ميلادي.

 

بل هي بوابة عبور إلى مرحلة جديدة لعصر جديد، تعتقد طوائف من النصارى: أن الأرض كلها ستخضع فيه لدين المسيح.

 

إن النصارى، ومنذ فترة طويلة جداً، وهم يستعدون لإقامة حفل ضخم جداً، ربما لم تشهد الأرض كلها مثله في بداية ألفيتهم، وقد قرر أن يكون مكان هذا الحفل، هو: "بيت لحم" في فلسطين، لاعتقاد النصارى: أنه المكان الذي ولد وترعرع فيه عيسى -عليه السلام-، وسيحضر النصارى من كل مكان لشهود هذا العيد، ومنذ أكثر من سنة والفنادق محجوزة، ورحلات السفر مرتبة ومعدة، والحجوزات مؤكدة، وسيتسابق النصارى -حكاماً ومحكومين- لحضور هذا العيد، وفي هذا المكان.

 

وقد قدرت بعض المصادر: أن عدد من سيحضرون إلى القدس في أواخر هذا العام الميلادي لهذا العيد الشركي الباطل، أكثر من مليونين من النصارى.

 

وبعد أن تأكد حضور "البابا" بنفسه لهذا العيد، وشهوده هذه الاحتفالات، فقد زاد عدد من قرر السفر إلى هناك والحضور، فبلغت تقديراتهم قرابة الثلاثة ملايين.

 

ومهما يكن من أمر، فالحشد كبير وخطير، وأساس مبدأ هذا التجمع أساس كفري باطل، وعيد شركي ظاهر.

 

ومن المقرر: أن يشارك العديد من القادة والزعماء العالميين في إحياء تلك الذكرى الألفية، وعلى رأسهم "بابا الفاتيكان، والرئيس الأمريكي، والرئيس الروسي" الذي انضم هو الآخر إلى هيئة رئاسة الاحتفالات الدينية.

 

ولا أدري ما علاقته هو بالذات بعيد النصارى؟

 

أنسي الشيوعية الإلحادية؟ أم أن السياسة لا تعرف التعصب الديني؟! أم أن فكرة وحدة الأديان فعلاً بدأت بالتطبيق؟!

 

على كل سيكون هو في رأس من يحضرون هذا العيد!.

 

وقد رصد لهذا الاحتفال مبلغ 322 مليون دولار.

 

وقد أعلنت بعض الدول، كالأردن ومصر أنهم سيشاركون في هذا الاحتفال.

 

أما السلطة الفلسطينية، فهي المنظمة الأولى لهذا الحفل.

 

ولكن كيف ينظر الإسرائيليون واليهود لهذا القدوم أو الهجوم النصراني لتلك البقعة الذي لم يشهدوه من قبل؟

 

إنهم بلا شك سيحاولون استغلاله لصالحهم، ولكنهم مع ذلك لا يخفون مخاوفهم، وعدم تفاؤلهم بهذه المناسبة؛ لأنهم يعلمون أن للنصارى رغم تأييدهم لإسرائيل حساباتهم الخاصة، فالعداوة بينهم قديمة ولا زالت، قال الله -تعالى-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)[البقرة: 113].

 

ومن جهود النصارى والتي يبذلونها منذ زمن ليكون لهم وجود في تلك الأرض التي هي في أيدي اليهود: محاولة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وقد وضعوا ضمن خطتهم أن يتم ذلك مع بداية عام 2000م.

 

لقد تبنى الكونجرس الأمريكي النهج الإسرائيلي فيما يتعلق بالقدس، فقد وافق على مشروع تقدمت به وزارة الخارجية لتخصيص مبلغ مائة مليون دولار، لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

 

وبدأ المشروع بمقدمة، وهو نقل منزل السفير الأمريكي إلى القدس، ريثما تتم الترتيبات لنقل السفارة نفسها.

 

وقد جاءت الخطوة جزئية لجس النبض لدى العرب، ونظراً لأن النبض العربي لا يمكن حسه لشدة ضعفه، فالمتوقع أن تقدم الحكومة الأمريكية على خطوات أوضح فيما يتعلق بنقل السفارة قبل عام 2000م أو في بدايته.

 

إن النصارى يحتفلون كل سنة بعيد رأس السنة الميلادية، لكن لهذه السنة ولهذا العيد مذاق خاص، فهو حدث غير عادي بالنسبة لهم.

 

إن هذا الحدث النصراني لن يكون الاحتفال بليلة رأس السنة فيه كما هو المعتاد في بلاد النصارى فحسب، وفي قبلة ديانتهم: "الفاتيكان".

 

بل الاستعدادات جارية ليكون مركز الاحتفال الرئيس بيت لحم موضع مولد المسيح -عليه السلام-، وسينتقل إليها أئمة النصارى -كما ذكرنا- السياسيون والدينيون الإنجيليون منهم والمعتدلون، بل والعلمانيون لإحياء تلك الاحتفالات الألفية التي تنشط الصحافة العالمية في الحديث عنها كلما اقترب الحدث يوماً بعد يوم، وسيؤمهم البابا "يوحنا بولس الثاني".

 

ومع كل أسف ستشارك بعض الدول الإسلامية في هذه التظاهرة العالمية على اعتبار أن بعض شعائر العيد النصراني يقع في أراضيها.

 

بل إن كثيراً من المسلمين سيشاركون في تلك الاحتفالات على اعتبار أنها مناسبة عالمية تهم سكان الأرض كلهم.

 

السؤال: ما هو حكم الإسلام في مشاركة المسلم في احتفالات الألفية النصرانية القادمة؟

 

الجواب: إن المشاركة فيه مشاركة في شعيرة من شعائر دينهم، والفرح بهذا العيد فرح بشعائر الكفر وظهوره وعلوه.

 

وفي ذلك من الخطر العظيم على عقيدة المسلم وإيمانه، حيث إن "من تشبه بقوم فهو منهم" كما صح ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكيف بمن شاركهم في شعائر دينهم؟ كيف يرضى المسلم أن يشاركهم في أعيادهم، وهو يقرأ في كتاب الله -عز وجل- قول الله -تعالى-: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[البقرة: 105].

 

كيف يفرح المسلم بعيد الكفار وهو يقرأ في القرآن قول الباري -جل وعز-: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِمٌ)[البقرة: 109]؟

 

كيف يجامل المسلم على حساب عقيدته ويشارك النصارى في شعائر كفرهم، وهو يقرأ قول الله -سبحانه-: (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء)[النساء: 89]؟

 

وقوله تعالى: (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)[الممتحنة: 2].

 

وقوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[التوبة: 32].

 

وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)[آل عمران: 118].

 

إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في كتاب الله -تعالى- التي تبين أن عداوتنا للكفار بجميع مللهم ونحلهم يهوديهم ونصرانيهم، عداوة أزلية باقية ما بقي الليل والنهار.

 

وأن هذا هو قدر هذه الأمة، وأنه لا سلام إلا بإسلام القوم، وإلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[التوبة: 123].

 

(قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)[التوبة: 29].

 

(وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[التوبة: 36].

 

وقد أفتت اللجنة الدائمة في هذه البلاد: أن من أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم، وتسميته كافراً، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار، كما قال تعالى: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)[البينة: 1].

 

وقال جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ)[البينة: 6].

 

وغيرها من الآيات.

 

وثبت في صحيح مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار".

 

أيها المسلمون: وإن من صور المشاركة بعيد الألفية، والتي لا تجوز، وقل من يتنبه لها، هو: أن بعض أصحاب المحلات التجارية يضع إعلاناً أنه بمناسبة عام 2000م سيكون هناك تخفيضات على البضاعة الفلانية، أو أية دعاية بهذه المناسبة.

 

مرة أخرى، ما علاقتنا نحن المسلمين بعام 2000م؟

 

لا بأس أن تعمل دعاية لمحلك، ولا بأس أن تخفض من قيمة بعض البضائع، لكسب الزبائن، لكن لا تربط ذلك بعيد من أعياد النصارى الكفرية، كعام 2000م، أو غيره، وانتبه لهذا المزلق فقد وقع فيه صالحون، والسبب ضعف العلم، وعدم السؤال، وعدم توقي الشبهات، والاغترار بما يبث في وسائل الإعلام، وغيرها من الأسباب.

 

نسأل الله -تعالى- الهداية.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه ...

 

أما بعد:

 

لم يخلق الله -تعالى- بشراً اختلفت فيه الأمم وتباينت فيه المعتقدات، مثل المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام- الذي هو موضوع الألفية القادمة، وهو عليه الصلاة والسلام برئ من كل ما سيحصل من كفر وشرك، وأعياد باطلة.

 

أما النصارى المعظمين له، والمغالين فيه، فإنهم يتوقعون عودته في هذه الحقبة التي نعيشها بكل تشوق وتشوف وتلهف وتحسب.

 

ولا شك أن تلك المشاعر ستزداد مع الأيام القليلة القادمة، أي في بدايات الألفية الثالثة لميلاده -عليه السلام-، والتي يعتقد أكثر النصارى واعتقادهم هذا باطل أنها ستكون ألفية مجيئه ثانية إلى الأرض.

 

وأما اليهود الذين كفروا بعيسى -عليه السلام-، وآذوه وعادوه، وحاولوا قتله، فإنهم لا يزالون يكفرون به، وهم عندهم مسيحهم المنتظر غير مسيح النصارى، ويترقبون قدومه أيضاً في وقت قريب، وهذا أيضاً اعتقاد فاسد باطل، لا أصل له.

 

أما نحن المسلمين، فإننا نعتقد أن عيسى سينزل في آخر الزمان إلى الأرض، كما أخبرنا بذلك نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وأن نزوله سيكون عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، لا كما يزعم النصارى بأن نزوله سيكون في فلسطين.

 

وإذا نزل سيحكم بالإسلام، وسيقتل الدجال.

 

فقد زعم اليهود أنهم قتلوا عيسى -عليه السلام-، فصدّق النصارى هذه الدعوى، ثم اتخذوه ديناً وعقيدةً، فعلقوا الصليب، فأبطل القرآن -زعمهم- هذا، وأنه لم يقتل، بل رفعه الله إلى السماء، ورفعه إلى السماء كان ببدنه وروحه، وألقى -جل وعلا- الشبه على غيره، قال الله -تعالى-: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)[النساء: 157].

 

ثم أشار الله -تعالى- إلى أنه سينزل في آخر الزمان، فيبقى ما شاء الله له أن يبقى ثم يتوفاه الله، فقال جل شأنه: (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)[النساء: 159].

 

ويبقى عيسى بن مريم -صلى الله عليه وسلم- بعد نزوله أربعون سنة يحكم فيها بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويكون من أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه لا ينزل بشرع جديد؛ لأن دين الإسلام خاتم الأديان باقٍ إلى قيام الساعة لا ينسخ، فيكون عيسى -عليه - حاكماً من حكام هذه الأمة، ومجدداً لأمر الإسلام، ولا يكون نزوله على أنه نبيّ، فلا نبي بعد محمد -صلى الله عليه وسلم-، بل يقيم الإسلام في الناس، ويصلي إلى الكعبة، ويحج ويعتمر، ويُنعم الله فيها على البشرية وقت حكم عيسى -عليه السلام- برخاء وأمن وسلام عجيب، لم يمر البشرية بمثلها.

 

أيها المحب: ولعلك تتساءل، عن اختيار عيسى -عليه السلام- دون غيره من الأنبياء لينزل إلى الأرض؟

 

الجواب: هو أن العلماء تلمسوا بعض الحكم في ذلك؛ منها: إبطال زعم اليهود بقتله، فينزله الله -تعالى- في آخر الزمان فيقتلهم ويقتل رئيسهم الدجال.

 

ومنها: إبطال كذب النصارى في أنه صُلب، فينزله الله -تعالى- في آخر الزمان، فيكسر صليب النصارى، ويقتل الخنزير، ليتبين عدم صحة هذه الديانة التي تكتسح البشرية اليوم، وأنها ديانة باطلة محرفة، لا يقبلها الله، ومن مات عليها كان من أهل النار.

 

ومنها: أن عيسى مخلوق من البشر، وهو ما يزال حياً، وليس لمخلوق من التراب أن يموت ويدفن في غيرها، فعند دنو أجله ينزله الله -تعالى- ليدفن في الأرض.

 

وهناك حكماً أخرى -والله أعلم بالصواب-.

 

اللهم ...

 

 

المرفقات

2000م (2)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات