ظاهرة الغش أسبابها وعلاجها

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2023-02-21 - 1444/08/01
التصنيفات:

 

 

 الشيخ صلاح نجيب الدق

 

الحمد لله ﴿ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 61، 62]، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:

 

فإن الغش، بجميع صوره، له أضرارٌ كثيرةٌ على الفرد والمجتمع؛ من أجل ذلك أحببت أن أذكِّر نفسي وطلاب العلم الكرام بأسباب ظاهرة الغش وعلاجها.

 

 

 

معنى الغش:

 

الغش في اللغة:

 

خَلْط الشيء بغيره، مما هو أقل منه في الثمن، يقال: غش اللبن؛ أي: خلطه بالماء؛ (معجم اللغة العربية المعاصرة - أحمد مختار - جـ 2 - صـ 1619).

 

 

 

الغش في الشرع:

 

الغش: خَلْط الجيد بالرديء؛ (التوقيف على مهمات التعاريف - عبدالرؤوف المناوي - ص252).

 

 

 

اجتناب الغش وصية رب العالمين:

 

(1) قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرحمن: 9].

 

قوله: ﴿ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرحمن: 9]؛ أي: ولا تنقُصوا الوزن إذا وزنتم للناس وتظلِموهم؛ (تفسير الطبري - جـ 22 - صـ 179).

 

 

 

(2) قال الله تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 1 - 6].

 

 

 

قوله: ﴿ وَيْلٌ ﴾؛ أي: الوادي الذي يسيل مِن صديد أهل جهنم في أسفلها.

 

 

 

قوله: ﴿ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ يعني: للذين ينقصون الناس، ويبخَسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم، عن الواجب لهم من الوفاء؛ (تفسير الطبري - جـ 24 - صـ 185).

 

 

 

(3) قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

 

 

 

قوله: ﴿ غِلًّا ﴾؛ أي: غشًّا وحسَدًا وبغضًا؛ (تفسير البغوي - جـ 8 - صـ 79).

 

 

 

(4) قال جل شأنه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58].

 

• قال المراغي - رحمه الله -: أمانة العبد مع الناس ردُّ الودائع إلى أربابها، وعدم الغش، وحفظ السر، ونحو ذلك؛ (تفسير المراغي - جـ 5 - صـ 70).

 

 

 

(5) قال تعالى: ﴿ تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ ﴾ [النحل: 92].

 

• قال الواحدي - رحمه الله -: ﴿ دَخَلًا ﴾؛ أي: غشًّا وخيانةً؛ (التفسير الوسيط - للواحدي - جـ 3ـ صـ 80).

 

 

 

(6) قال تعالى: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ﴾ [الأعراف: 43].

 

• قال البغوي - رحمه الله -: ﴿ وَنَزَعْنَا ﴾: وأخرجنا، ﴿ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ﴾ مِن غش وعداوةٍ كانت بينهم في الدنيا، فجعلناهم إخوانًا على سُررٍ متقابلين، لا يحسُد بعضهم بعضًا على شيءٍ؛ (تفسير البغوي - جـ 3 - صـ 229).

 

 

 

(7) قال تعالى: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 85].

 

 

 

• قال الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله -: قوله: ﴿ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ ﴾؛ أي: أتموا للناس حقوقهم بالكيل الذي تَكيلون به، وبالوزن الذي تَزِنُون به، وقوله: ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾؛ أي: ولا تظلموا الناس حقوقَهم، ولا تنقصوهم إياها؛ (تفسير الطبري - جـ 11 - صـ 311).

 

 

 

• قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: أهلك اللهُ قومَ شعيبٍ ودمَّرهم على ما كانوا يبخسون الناس في المكيال والميزان؛ (تفسير ابن كثير - جـ 8 - صـ 347).

 

 

 

نبينا صلى الله عليه وسلم يحذرنا مِن الغش:

 

حذَّرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من الغش بجميع صوره في كثير من أحاديثه المباركة، وسوف نذكر بعضًا منها:

 

(1) روى مسلمٌ عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صُبْرة طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعُه بللًا فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟)) قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلتَه فوق الطعام كي يراه الناس؟ مَن غشَّ فليس مني))؛ (مسلم - حديث: 102).

 

 

 

• قوله: (صُبرة)؛ أي: الكومة المجموعة من الطعام، سُمِّيت صُبرةً لإفراغ بعضها على بعضٍ.

 

قوله: (السماء)؛ أي: المطر؛ (مسلم بشرح النووي - جـ 2 - صـ 109).

 

 

 

• قوله: (فليس مني)؛ أي: ليس هو على سنَّتي وطريقتي.

 

 

 

• قال الإمام النووي - رحمه الله -: الغش ليس مِن أخلاق المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى بالرحمة بينهم، والتعاون على البر والتقوى، وجعَلهم كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وكالجسد الواحد، والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؛ (مسلم بشرح النووي - جـ 16 - صـ 148).

 

 

 

(2) روى مسلمٌ عن معقِل بن يسارٍ المزني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة))؛ (مسلم حديث: 142).

 

 

 

(3) روى الشيخان عن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدَقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذَبا وكتَما مُحِقَتْ بركةُ بيعهما))؛ (البخاري حديث: 2110/ مسلم حديث: 1532).

 

قوله: (البيِّعان)؛ أي: البائع والمشتري.

 

قوله: (بالخيار)؛ أي: لهما حقُّ الاختيار في أن يُمضيَا البيع، أو ينقُضاه.

 

قوله: (ما لم يتفرَّقا)؛ أي: من مجلس العقد.

 

(فإن صدَقا وبيَّنا)؛ أي: بين كل واحدٍ لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيبٍ ونحوه في السلعة والثمن، وصدق في ذلك.

 

قوله: (بورك)؛ أي: كثُر النفع لهما في بيعهما.

 

قوله: (مُحِقت بركة بيعهما)؛ أي: ذهبت بركة البيع، وهي زيادتُه ونماؤه؛ (مسلم بشرح النووي - جـ 10 - صـ 176).

 

 

 

(4) روى ابن ماجه عن عقبة بن عامرٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((المسلم أخو المسلم، ولا يحلُّ لمسلمٍ باع من أخيه بيعًا فيه عيبٌ إلا بيَّنه له))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه - للألباني - حديث: 1823).

 

 

 

الغش في واحة الشعراء:

 

(1) قال ابن الرومي:

غشُّ مَن أخَّر النصيحةَ عمدًا

عن إمامٍ عليه جُلُّ اعتمادِهْ

ليس يوهي أخاه شدُّك إيَّا

ه به بل يَزيدُه في اشتدادِهْ

 

(صيد الأفكار في الأدب لحسين المهدي - جـ 2 صـ 57).

 

 

 

(2) قال منصور بن محمد الكريزي:

وصاحبٌ غيرُ مأمونٍ غوائلُه

يُبدي ليَ النُّصْح منه وَهْو مشتملُ

على خلافِ الذي يُبدي ويُظهره

وقد أحَطْتُ بعلمِي أنَّه دغَلُ

عفوتُ عنه انتظارًا أن يثوبَ له

عقلٌ إليه مِن الزلَّات ينتقلُ

دهرًا فلما بدا لي أنَّ شِيمتَه

غشٌّ وليس له عن ذاك منتقَل

تركتُه تَرْكَ قَالٍ لا رجوعَ له

إلى مودَّتِه ما حنَّتِ الإبلُ

 

(روضة العقلاء ونزهة الفضلاء - لابن حبان البستي - جـ 1 - صـ 197).

 

 

 

(3) قال صالح بن عبدالقدوس:

قل للذي لستُ أدري مِن تلوُّنِه

أناصحٌ أم على غشٍّ يُدَاجيني

إني لأُكثِرُ ممَّا سمْتَني عجبًا

يدٌ تشجُّ وأخرى منك تأسوني

تغتابني عند أقوامٍ وتمدَحُني

في آخرين وكلٌّ عنك يُنْبِيني

هذانِ أمرانِ شتَّى بَوْن بينِهما

فاكفُفْ لسانَك عن ذمِّي وتَزْييني

 

(الآداب الشرعية - لابن مفلح الحنبلي - جـ 3 - صـ 561).

 

 

 

(4) قال الشاعر في وصف عباد الرحمن:

لباسهمُ التقوى وسيماهمُ الحيا

وقصدُهمُ الرحمنُ في القول والفعلِ

مقالُهمُ صدقٌ وأفعالهُمْ هدًى

وأسرارهم منزوعةُ الغش والغلِّ

خضوعٌ لمولاهُمْ مثولٌ لوجهِهِ

قنوتٌ له سبحانه جلَّ عن مِثلِ

 

(موارد الظمآن لدروس الزمان - عبدالعزيز السلمان - جـ 3 - صـ 74).

 

 

 

(5) قال الشاعر:

أيا بائعًا بالغش أنت معرضٌ

لدعوةِ مظلومٍ إلى سامعِ الشكوى

فكُلْ مِن حلالٍ وارتدِعْ عن محرَّمٍ

فلستَ على نار الجحيم غدًا تقوى

 

(موسوعة الأخلاق الإسلامية - جـ 2 - صـ 382).

 

 

 

أسباب الغش:

 

يمكن أن نوجزَ أسباب الغش في الأمور التالية:

 

(1) ضعف الإيمان بالله تعالى، وقلة الخوف منه.

 

(2) جهل المسلم بحرمة الغش، وأنه من الكبائر.

 

(3) عدم الإخلاص لله تعالى في العمل.

 

(4) الحرص على جمع الأموال من أي طريق كان.

 

(5) عدم تطبيق الأحكام لمعاقبة مرتكبي جريمة الغش.

 

(6) مرافقة أصدقاء السَّوء.

 

(7) التربية غير السليمة، التي تتنافى مع الأخلاق والآداب الإسلامية.

 

(8) عدم الرضا برزق الله تعالى.

 

(9) عدم تذكُّر الموت والدار الآخرة؛ (موسوعة الأخلاق الإسلامية - جـ 2 - صـ 379).

 

 

 

حكم الغش:

 

إن الإسلام يحرم الغش والخداع بكل صوره، في بيعٍ وشراءٍ، وفي سائر أنواع المعاملات الإنسانية، والمسلم مطالب بالتزام الصدق في كل شؤونه، والنصيحة في الدين أغلى من كل كسبٍ؛ قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة))؛ (موارد الظمآن لدروس الزمان - عبدالعزيز السلمان - جـ 5 - صـ 243).

 

 

 

(1) قال الغزالي - رحمه الله -: الغش حرامٌ في البيوع والصنائع جميعًا، ولا ينبغي أن يتهاونَ الصانع بعمله على وجهٍ لو عامله به غيره لما ارتضاه لنفسه، بل ينبغي أن يُحسِن الصنعة ويُحكِمها، ثم يبين عيبها، إن كان فيها عيبٌ؛ (إحياء علوم الدين - للغزالي - جـ 7 - صـ 77).

 

 

 

(2) قال ابن حجر الهيتمي - رحمه الله -: صور الغش التي يفعلها التجار والعطارون والصواغون (الذين يبيعون الذهب والفضة) والحيَّاكون (الخياطون)، وسائر أرباب البضائع والمتاجر والحِرَف والصنائع - كله حرامٌ شديد التحريم، موجبٌ لصاحبه أنه فاسقٌ غشاشٌ خائنٌ، يأكل أموال الناس بالباطل، ويخادع اللهَ ورسوله صلى الله عليه وسلم، وما يخادع إلا نفسه؛ لأن عقاب ذلك ليس إلا عليه؛ (الزواجر عن اقتراف الكبائر - للهيتمي - جـ 1 - صـ 400).

 

 

 

(3) قال محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: الغش مِن كبائر الذنوب، وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن غشنا فليس منا))، وفي لفظ: ((مَن غش فليس مني))، والغش: خديعةٌ وخيانة، وضياع للأمانة، وفقد للثقة بين الناس، وكلُّ كسبٍ من الغش فإنه كسبٌ خبيث حرام، لا يزيد صاحبه إلا بُعدًا من الله؛ (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - جـ 20ـ صـ 255).

 

 

 

تحريم غش غير المسلمين:

 

روى أبو داود عن صفوان بن سليمٍ، عن عدةٍ (أي: جماعةٍ) من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنيَّةً (متصلو النسب وهم الصحابة) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا مَن ظلم معاهَدًا أو انتقصه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسٍ - فأنا حَجيجُه يوم القيامة))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2626).

 

• قال الإمام ابن حجر العسقلاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (معاهَدًا) المراد بالمعاهَد: هو من له عهدٌ مع المسلمين، سواءٌ كان بعقد جزيةٍ، أو هدنةٍ من سلطانٍ، أو أمانٍ من مسلمٍ؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ 12 صـ 271).

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (انتقصه)؛ أي: نقص حقه.

 

قوله: (فأنا حَجيجه)؛ أي: خصمه ومغالبه بإظهار الحجج عليه؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ 6 - صـ 2625).

 

 

 

أنواع الغش:

 

سوف نتحدث عن بعض صور الغش:

 

(1) الغش في البيع والمعاملات:

 

سوف نذكر بعض صور الغش في البيوع والمعاملات:

 

(1) بيع المواد الفاسدة والمنتهية الصلاحية.

 

(2) التلاعب في الأوزان؛ كأن يكتب على العبوة وزنًا معينًا ثم لا يكون وزنها في الحقيقة كذلك.

 

(3) تسويق بضاعة رديئة على أنها بضاعة جيدة، وذلك بوضع العلامة التجارية للبضاعة الجيدة على الرديئة.

 

(4) بيع المواد الضارة بالصحة، التي تسبِّب الأمراض المستعصية.

 

(5) وصف مكونات المواد المصنعة بأوصافٍ غير حقيقية.

 

(6) الغش في تنفيذ المقاولات وأعمال البناء، مثل: تقليل الحديد والإسمنت في البنايات، مما قد يتسبب في انهيار المبنى، ومقتل سكَّانه، أو إصابتهم بأذى؛ (فقه التاجر المسلم - حسام الدين عفانة - صـ 43: 42).

 

 

 

(7) بيع المصرَّاة من الأنعام:

 

معنى التصرية: منع حلب ذات اللبن؛ إظهارًا لكثرته.

 

 

 

لا يجوز للمسلم أن يترك الناقة أو البقرة أو الشاة عدة أيام حتى يجتمع اللبن في ضرعها؛ ترغيبًا للناس في شرائها؛ لأن في ذلك غشًّا للناس، وقد نهانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنه.

 

روى البخاريُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُصرُّوا الإبل والغنم، فمَن ابتاعها بعدُ فإنه بخير النَّظرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردَّها وصاعَ تمرٍ)) ؛ (البخاري حديث 2148).

 

قال ابن قدامة - رحمه الله -: مَن اشترى مصرَّاةً من بهيمة الأنعام، لم يعلم تصريتها، ثم علم، فله الخيارُ في الرد والإمساك.

 

رُوي ذلك عن ابن مسعودٍ وابن عمر وأبي هريرة وأنسٍ، وإليه ذهب مالكٌ وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وأبو يوسف، وعامة أهل العلم؛ (المغني لابن قدامة - جـ 6 - صـ 216).

 

 

 

(8) بيع النَّجش:

 

المقصود ببيع النجش: الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقعَ غيرُه فيها ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 416).

 

لا يجوز للتاجر أن يتفق مع شخص ما أن يتقدم أثناء وجود المشتري، فيرفع ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، ليقتدي به المشتري، فيظن أنه لم يرفع ثمن هذه السلعة إلا أنها تستحق ذلك، فيغتر بذلك، ويَزيد هو أيضًا في ثمن السلعة.

 

 

 

وهذا البيع حرام؛ لأن فيه غشًّا للناس.

 

روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن النَّجش ؛ (البخاري حديث 2142 / مسلم حديث 1516).

 

قال ابنُ أبي أوفى: الناجش آكلُ ربًا خائنٌ، وقال البخاري عن النَّجش: هو خداعٌ باطلٌ، لا يحِلُّ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 416).

 

 

 

تحريم وَصْل شَعَر المرأة بشَعَر آخر:

 

روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لعَن اللهُ الواصلةَ والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة))؛ (البخاري حديث: 5933/ مسلم حديث: 2124).

 

• (اللعنة): هي الإبعاد مِن رحمة الله تعالى.

 

• قال الإمام النووي - رحمه الله -: الواصلة هي التي تصلُ شَعر المرأة بشعرٍ آخر، والمستوصلة التي تطلب مَن يفعل بها ذلك.

 

وهذا الحديث صريحٌ في تحريم الوصل، ولعنِ الواصلة والمستوصلة مطلقًا؛ (مسلم بشرح النووي - جـ 14 - صـ 103).

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (والواشمة): أي المرأة التي تغرز الإبرة أو الشوكة على ظهر كفِّها أو ساعدها أو غيرهما؛ ليخرج منها الدم، وتجعل فيها كحلًا أو غيره ليخضرَّ لونه، ويبقى نقوشًا، أو تكتب به اسمها.

 

قوله: (والمستوشمة): أي المرأة التي تطلب أن يُفعَل بها الوشم، فإن فعلت ذلك بصغيرةٍ تأثم فاعلتُه، ولا تأثم المفعولة؛ لأنها غير مكلفةٍ؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ 7 - صـ 2836).

 

 

 

فائدة مهمة:

 

نهى نبيُّنا صلى الله عليه وسلم عن وَصْل شعر المرأة بشعرٍ آخر؛ لأن فيه نوعًا من الغش.

 

(2) غش الراعي للرعية:

 

المقصود بالراعي: الحكام، والرؤساء في المصالح الحكومية، والرجل في أهل بيته، وغيرهم ممن لهم الرعاية على غيرهم، ويكون الغش بظلمهم، وعدم النصح لهم.

 

 

 

روى الشيخانِ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أنه سمِع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعيةٌ وهي مسؤولةٌ عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في مال أبيه راعٍ وهو مسؤول عن رعيته؛ فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))؛ (البخاري حديث: 2409/ مسلم حديث: 1829).

 

 

 

روى مسلمٌ عن معقِل بن يسارٍ المزني قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرَّم الله عليه الجنة))؛ (مسلم حديث: 142).

 

 

 

• قال القاضي عياضٌ - رحمه الله -: هذا الحديث معناه بيِّنٌ في التحذير من غش المسلمين لمَن قلَّده الله تعالى شيئًا من أمرهم واسترعاه عليهم، ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم، فإذا خان فيما اؤتمن عليه فلم ينصَحْ فيما قلده؛ إما بتضييعه تعريفَهم ما يلزمهم من دِينهم وأخذهم به، وإما بالقيام بما يتعين عليه مِن حفظ شرائعهم والذبِّ عنها.

 

• قال القاضي عياضٌ: وقد نبَّه صلى الله عليه وسلم على أن ذلك من الكبائر الموبِقة المبعدة عن الجنة؛ (مسلم بشرح النووي - جـ 2 - صـ 166).

 

 

 

(3) غش الرعية للراعي:

 

غش الناس لولي الأمر يكون بمدحه بما ليس فيه؛ كأن يذكروا له إنجازاتٍ لم يعملها، أو بعدم نصحه إذا رأَوْا منه منكرًا، وغير ذلك.

 

 

 

(4) الغش في القول:

 

الغش في القول يكون عند إدلاء الشاهد بالشَّهادة، فيشهَد بشهادة فيها كذِب.

 

روى الشيخان عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟!))، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وكان متكئًا فجلس فقال -: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، ألا وقول الزور، وشهادة الزور))، فما زال يقولها، حتى قلت: لا يسكت؛ (البخاري حديث: 5976/ مسلم حديث: 87).

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (وقول الزور): أي الكذِب، وسُمِّي زورًا؛ لمَيَلانِه عن جهة الحق؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ 1 - صـ 123).

 

 

 

(5) الغش في النصيحة:

 

الغش في النصيحة لمَن يطلبها يكون بعدم الصدق فيها.

 

(1) روى الشيخان عن جَرير بن عبدالله البَجَلي، قال: (بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصحِ لكل مسلمٍ)؛ (البخاري حديث: 57/ مسلم حديث: 56).

 

(2) روى مسلمٌ عن تميمٍ الداري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدِّين النصيحة))، قلنا: لمَن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمةِ المسلمين وعامتهم))؛ (مسلم حديث: 55).

 

 

 

• قال الخطابيُّ - رحمه الله -: النصيحة كلمةٌ يعبَّر بها عن جملةٍ: هي إرادة الخير للمنصوح له، قال: وأصلُ النُّصح في اللغة الخلوص، يقال: نصحت العسل: إذا خلصته من الشمع؛ (جامع العلوم والحكم - لابن رجب الحنبلي - جـ 1 - صـ 219).

 

 

 

(3) روى أبو داودَ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المستشار مؤتمنٌ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 4277).

 

 

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (المستشار)؛ أي: الذي يُطلَب منه المشورةُ والرأي.

 

 

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (مؤتمنٌ)؛ أي: أمينٌ فيما يسأل من الأمور، فلا ينبغي أن يخونَ المستشير بكتمان مصلحته؛ (عون المعبود للمباركفوري جـ 14 صـ 25).

 

 

 

(6) الغش في التعليم والاختبارات:

 

الغش حرامٌ بإجماع العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن غشَّ، فليس مني)) وهذا عامٌّ يشمَل الغش في الامتحانات وغيرها، قد يغش الطالب في الامتحانات ويحصل على شهادة لا يستحقها، ويتبوأ بها منصبًا وهو ليس أهلًا لذلك المنصب، وبهذا الغش يخرج جيلٌ جاهلٌ منحرف، غيرُ مؤهلٍ لقيادة الأمة.

 

 

 

فتاوى العلماء:

 

(1) فتوى دار الإفتاء المصرية في حكم الغش في الامتحانات:

 

السؤال:

 

ما حُكم الدِّين في محاولات الطلاب للغش أثناء الامتحانات، وهل يجوز للملاحظين أن يساعدوهم نظرًا لصعوبة الامتحان؟

 

الجواب:

 

قال الشيخ/ عطية صقر - رحمه الله - (رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف) (شهر مايو عام: 1997):

 

مِن المقرَّر أن الغش في أي شيء حرامٌ، والحديث واضح في ذلك: ((مَن غشنا فليس منا))؛ رواه مسلم، وهو حُكمٌ عام لكل شيء، فيه ما يخالف الحقيقة؛ فالذي يغش ارتكب معصية، والذي يساعده على الغش شريكٌ له في الإثم، ولا يصح أن تكون صعوبة الامتحان مبررةً للغش، فقد جُعِل الامتحان لتمييز المجتهد من غيره، والدين لا يسوِّي بينهما في المعاملة، وكذلك العقل السليم لا يرضى بهذه التسوية؛ قال تعالى: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 28]، وبخصوص العلم قال: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]، وانتشار الغش في الامتحانات وغيرها رذيلةٌ مِن أخطر الرذائل على المجتمع؛ حيث يسُود فيه الباطل، وينحسر الحق، ولا يعيش مجتمع بانقلاب الموازين، الذي تُسنَد فيه الأمور إلى غير أهلها، وهو ضياع للأمانة، وإحدى علامات الساعة؛ كما صح في الحديث الشريف، والذي تولى عملًا يحتاج إلى مؤهل يشهد بكفاءته، وقد نال الشهادة بالغش، يحرُمُ عليه ما كسبه من وراء ذلك، وكل لحم نبت من سحتٍ فالنار أولى به، وقد يصدُقُ عليه قول الله تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 188]، وإذا كان قد أدى عملًا فله أجر عمله؛ كجهد بذله أي عامل، وليس مرتبطًا بقيمة المؤهل، وهو ما يعرف بأجر المثل في الإجارة الفاسدة، وما وراء ذلك فهو حرامٌ؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية - جـ 10 - صـ: 139).

 

(فتاوى الشيخ عطية صقر - جـ 2ـ صـ 259 - رقم: 580 - طبعة المكتبة التوفيقية).

 

 

 

(2) سُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز: ما قولكم فيمن يقول: إن الغش حرامٌ فقط إذا كان في المواد والعلوم الشرعية، ويكون مباحًا إذا كان في غيرها؛ كاللغة الإنجليزية أو التاريخ أو الرياضيات أو الهندسة أو نحوها؟

 

فقال ابن باز - رحمه الله -: الغش في جميع المواد حرام ومنكَر؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن غشنا فليس منا))، وهذا لفظ عامٌّ يعمُّ الغش في المعاملات، وفي النصيحة والمشورة، وفي العلم بجميع مواده؛ الدينية والدنيوية، ولا يجوز للطالب ولا للمدرِّس فعلُ ذلك، ولا التساهل فيه، ولا التغاضي عنه؛ لعموم الحديث المذكور وما جاء في معناه، ولما يترتب على الغش مِن المفاسد والأضرار والعواقب الوخيمة.

 

• وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز أيضًا: الغشُّ محرَّمٌ في الاختبارات، كما أنه محرمٌ في المعاملات، فليس لأحدٍ أن يغش في الاختبارات في أية مادة، وإذا رضي الأستاذ بذلك فهو شريكُه في الإثم والخيانة؛ (مجموع فتاوى ابن باز - جـ 24 - صـ 61).

 

 

 

(3) سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: ما نصيحتكم للطلبة في أيام الامتحانات والإجازات؟

 

فأجاب - رحمه الله - بقوله: نصيحتي للطلبة في أيام الامتحانات، وفي غير أيام الامتحانات وفي الإجازة: أن يتقوا الله عز وجل، وأن يخلِصوا له النية في طلب العلم، وأن يؤدُّوا الأمانة في الامتحانات؛ بحيث لا يحاول أحد منهم الغش، لا لنفسه ولا لغيره؛ لأنه مؤتَمَن، ولأن مَن نجح بالغش فليس بناجح في الحقيقة، ثم إنه يترتب على غشه أنه سينال بشهادته مرتبةً لا تحلُّ إلا بالشَّهادة الحقيقية المبنيَّة على الصدق، والإنسان إذا لم ينجح إلا بالغش فإنه لم ينجح في الحقيقة، ثم إنه سوف يكون فاشلًا ليتولى منصبًا يتولاه من حصل على الشهادة التي غش فيها؛ إذ إنه ليس عنده علم، فبقي فاشلًا في أداء مهمته، ولا فرق في ذلك بين مادة وأخرى؛ فجميع المواد لا يجوز فيها الغش، وما اشتهر عند بعضهم بأنه يجوز الغش في بعض المواد فإنه لا وجهَ له)؛ (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - جـ 26 - صـ 459).

 

 

 

الغش في الرسائل والبحوث العلمية:

 

قال محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: مما يؤسَف له أن بعض الطلاب يستأجرون من يُعِدُّ لهم بحوثًا أو رسائل يحصلون بها على شَهادات علمية، أو مَن يحقق بعض الكتب فيقول لشخص: حضِّرْ لي تراجم هؤلاء وراجع البحث الفلاني، ثم يقدمه رسالة ينال بها درجة يستوجب بها أن يكون في عداد المعلِّمين أو ما أشبه ذلك، فهذا في الحقيقة مخالف لمقصود الجامعة، ومخالف للواقع، وأرى أنه نوع من الخيانة؛ لأنه لا بد أن يكون المقصود من الرسالة هو الدراسة والعلم قبل كل شيء، فإذا كان المقصود من ذلك الشهادة فقط، فإنه لو سئل بعد أيام عن الموضوع الذي حصل على الشهادة فيه لم يُجِبْ؛ لهذا أحذر إخواني الذين يحقِّقون الكتب أو الذين يحضرون رسائلَ على هذا النحو مِن العاقبة الوخيمة؛ (فتاوى يسألونك - لحسان عفانة - جـ 11 - صـ 204).

 

 

 

تذكرة لمَن يريد الغش:

 

(1) أقول لكل من تسول له نفسه بأن يغش الطعام والشراب والدواء، أو يغش في تقديم النصيحة، أو غير ذلك، تذكر بأن هذا الطعام أو الشراب أو الدواء المغشوش قد يصل إلى ولدك، أو زوجتك، أو أبويك، أو عمتك، أو خالتك، أو أحد أحفادك، أو أحد أصدقائك، فيتضرر من ذلك، فهل تحب ذلك لهم؟! يجب عليك أخي المسلم أن تحبَّ للناس ما تحبه لنفسك؛ فهذا مِن كمال الإيمان.

 

روى الشيخان عن أنس بن مالكٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه))؛ (البخاري حديث: 13/ مسلم حديث: 45).

 

 

 

(2) تذكَّر يا مَن تغشُّ الناس أن الله تعالى يراك ويسمعك حيثما كنت.

 

 

 

قال الله تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].

 

 

 

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: أخبَر تعالى عن إحاطة علمه بخَلقه، واطلاعه عليهم، وسماعه كلامهم، ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا؛ (تفسير ابن كثير جـ 8 صـ 41).

 

 

 

وقال سبحانه: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].

 

 

 

(3) تذكَّر يا من تغش الناس أن الله تعالى سوف ينتقم منك في الدنيا قبل يوم القيامة.

 

 

 

(4) تذكر يا من تغش الناس أن الموت يأتي فجأة.

 

 

 

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

 

 

 

قال الله تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ق: 19].

 

 

 

قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: قوله تعالى: ﴿ سَكْرَةُ الْمَوْتِ ﴾؛ أي: شدَّتُه؛ (تفسير القرطبي جـ 17 صـ 12).

 

 

 

(5) تذكر يا من تغش الناس أنك سوف تندم على الغش، وأكلِ أموال الناس بالباطل عند الموت ويوم القيامة؛ قال الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].

 

 

 

(6) تذكر يا من تغش الناس أن أولادك، الذين جمعتَ لهم المال الحرام مِن الغش، سوف يتبرَّؤون منك يوم القيامة.

 

 

 

(7) تذكر يا من تغش الناس أن فضيحتك سوف تكون أمام جميع الخلائق يوم القيامة.

 

روى البخاري عن عبدالله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الغادر ينصب له لواءٌ يوم القيامة، فيقال: هذه غدرةُ فلان بن فلانٍ))؛ (البخاري حديث 6178).

 

(8) تذكر يا من تغش الناس أن جوارحَك التي استخدمتَها في الغش ستشهد عليك يوم القيامة.

 

 

 

قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 19 - 21].

 

وقال سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].

 

 

 

(9) تذكر يا من تغش الناس أنه لن ينفعَكَ أحدٌ يوم القيامة.

 

 

 

قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 33 - 37].

 

 

 

وقال سبحانه عن يوم القيامة: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

 

 

 

(10) تذكر يا مَن تحرص على جمع المال عن طريق غش الناس: أنك سوف تقفُ وحدك أمام الله تعالى يوم القيامة، فيسألك عن المال الحرام الذي جمعتَه من الغش؛ فهل أعددتَ لسؤال الله تعالى جوابًا؟!

 

 

 

قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [الأنعام: 94].

 

 

 

روى الشيخانِ عن عدي بن حاتمٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم أحدٌ إلا سيكلمه ربُّه، ليس بينه وبينه تَرجمانٌ، فينظر أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النارَ تلقاءَ وجهه؛ فاتقوا النارَ ولو بشِقِّ تمرةٍ))؛ (البخاري حديث 6539 / مسلم حديث 1016).

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (إلا سيكلِّمُه ربُّه)؛ أي: بلا واسطةٍ.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس بينه وبينه)؛ أي: بين الرب والعبد.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (ترجمانٌ): أي: مفسِّرٌ للكلام بلغةٍ عن لغةٍ.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (أيمنَ منه)؛ أي: على يمينه.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (أشأمَ منه)؛ أي: على شماله.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (بين يديه)؛ أي: أمامه.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (تلقاء وجهه)؛ أي: في محاذاته.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا النار)؛ أي: فاحذَروا النار ولا تظلموا أحدًا.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (ولو بشِقِّ تمرةٍ): أي فتصدقوا ولو بشِقِّ تمرةٍ، أي: لو بمقدار نصفها أو ببعضها، والمعنى: ولو بشيءٍ يسيرٍ منها أو من غيرها؛ فإنه حجابٌ وحاجزٌ بينكم وبين النار؛ فإن الصدقة جُنَّةٌ ووسيلةٌ إلى جَنَّةٍ؛ (مرقاة المفاتيح - شرح مشكاة المصابيح - علي الهروي - جـ 8 صـ 3524).

 

 

 

آثار وأضرار الغش:

 

يمكن أن نوجز أخطار وأضرار الغش في الأمور التالية:

 

(1) الغش معصيةٌ لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يُفيد الغشَّاشَ إلا الوِزْرَ، والخزيَ العاجل والآجل إن لم يتُبْ.

 

(2) الغش دليلٌ على أن نفس الغشاش خبيثةٌ.

 

(3) الغاشُّ يعتبر من الكذَّابين والخونة والظلمة.

 

(4) الغش سببٌ لإضاعة حسنات الغشاش، أو لحمل سيئات غيره ممن غشهم وأخَذ أموالهم.

 

(5) الغشاش مستهينٌ بنظر الله تعالى إليه.

 

(6) الغشاش مرتكبٌ لكبيرة من كبائر الذنوب.

 

(7) الغش يمحو البركة من عملِ ومالِ صاحبه.

 

(8) الغش يعتبر خيانة للأمانة التي كلف الله تعالى الإنسان بها.

 

(9) الغش دليلٌ على ضعف إيمان صاحبه.

 

(10) قد يتأثر أولاد الغشاش بسلوك أبيهم فيكونون غشاشين مثلَه، إلا مَن حفظه الله تعالى.

 

(11) الغش يجعل صاحبه في النار، إن لم يتُبْ قبل موته.

 

(12) الغشاش يعتبر ممن يأكل أموالَ الناس بالباطل.

 

(13) الغش من أسباب عدم إجابة الدعاء.

 

(14) الغش يُخرِج أجيالًا غيرَ قادرة على تحمُّل المسؤولية في المجتمع.

 

(15) الغش سببٌ لقطع الصلات، وزعزعة الثقة في المجتمع، وإثارة الأحقاد والبغضاء بين الناس، وسببٌ لنشر الفساد وتضييع مصالح الناس.

 

(16) ينظر الناس إلى الغشاش بعين الاحتقار.

 

(17) الغشاش يسيء إلى أولاده وأسرته وبلده، إذا اشتهر به؛ لأنه يلوِّثهم بهذه السُّمعة السيئة.

 

(18) الغش برهانٌ على أن عند صاحبه من الطمع والبخل الشيءَ الكثير؛ بدليل عدمِ اكتفائه بما أعطاه الله تعالى.

 

(19) الغش حَجَرٌ في طريق صاحب العمل، والناس إذا عرَفوه بذلك انصرفوا عنه.

 

(20) الغشاش ليس في قلبه رحمةٌ للمسلمين، وأنه لا يحب لهم ما يحب لنفسه.

 

 

 

(موارد الظمآن لدروس الزمان - عبدالعزيز السلمان - جـ 5 - صـ 253: 250).

 

دور المساجد في توعية الناس بأضرار الغش:

 

إن لأئمة المساجد دورًا كبيرًا ومؤثرًا في توعية الناس بأضرار الغش وآثاره الخطيرة على الفرد والمجتمع، وذلك مِن خلال خطب الجمعة والدروس اليومية.

 

 

 

دور وزارة التعليم في القضاء على الغش:

 

يمكِن أن نوجز دور وزارة التعليم في محاربة الغش والقضاء عليه في الأمور التالية:

 

(1) عمل محاضرات وندوات في المدارس توضِّح أسباب الغش وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع، مع بيان وسائل القضاء على الغش، ويقوم بذلك مجموعةٌ مِن المتخصصين، المشهود لهم بالكفاءة والإخلاص في العمل.

 

(2) طبع لوحاتٍ كبيرةٍ بألوانٍ جذابةٍ عن أضرار الغش؛ ليراها الطلاب.

 

(3) كتابة لوحات كبيرة توضِّح ثمرات الاعتماد على النفس في الاختبارات.

 

(4) كتابة أسماء بعض العلماء المشهورين، مع وضعها في أماكن بارزة بالمدارس؛ ليراها جميع الطلاب، فيقتدوا بهم.

 

(5) تخصيص بعض الدروس في المناهج الدراسية تتحدث عن أضرار الغش، وبيان وسائل القضاء عليه.

 

(6) اتخاذ عقوبات رادعة لكل مَن يحاول الغش في الاختبارات، أو يساعد على الغش.

 

 

 

دور وسائل الإعلام في توعية الناس بخطورة الغش:

 

تستطيع وسائل الإعلام المختلفة أن تقوم بدورٍ فعالٍ في توعية الناس بخطورة وأضرار الغش في مجالات الحياة المختلفة، مع بيان وسائل القضاء عليه، وذلك من خلال عمل برامج ثقافية لنشر الوعي لدى المواطنين.

 

 

 

صور مشرقة في محاربة الغش:

 

سوف نذكر بعض الصور المشرقة لأقوال وأفعال سلفنا الصالح لمحاربة الغش بصوره المختلفة:

 

(1) قال عبدالله بن عباسٍ رضي الله عنهما: لا يزال الرجل يزداد في صحةِ رأيه ما نصَح لمستشيره، فإذا غشه سلبه الله نصحَه ورأيه؛ (الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصبهاني - صـ 211).

 

 

 

(2) روى الطبراني عن عون بن عبدالله بن عتبة قال: كان جَرير بن عبدالله البجلي إذا أقام سلعةً (يريد بيعها) بصر عيوبها (للمشتري) ثم خيَّره، فقال: إن شئت فخذ، وإن شئت فاترك، فقيل له: يرحمك الله؛ إنك إذا فعلت هذا لم ينفذ لك البيع، فقال: (إنا بايَعْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النُّصحِ لأهل الإسلام)؛ (معجم الطبراني الكبير - جـ 2 - صـ 359 - رقم: 359).

 

 

 

(3) قال أبو سباعٍ،: اشتريتُ ناقةً مِن دار واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركني واثلة وهو يجر إزاره، فقال: يا عبد الله، اشتريتَ؟ قلت: نعم، قال: بُيِّنَ لك ما فيها؟ قلت: وما فيها؛ إنها لسمينةٌ ظاهرة الصحة؟ قال: أردتَ بها سفرًا أو أردتَ بها لحمًا؟ قلت: أردتُ بها الحج، قال: فارتجِعْها، فقال صاحبُها: ما أردتَ إلا هذا أصلحك اللهُ تُفسد عليَّ، قال: فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يحلُّ لأحدٍ أن يبيع شيئًا إلا بيَّن ما فيه، ولا يحل لمَن علِم ذلك إلا بيَّنه))؛ (مستدرك الحاكم - جـ 2 - صـ 2: رقم: 2157).

 

 

 

(4) نهى أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن مَذْق (خلط) اللبن بالماء، فخرج ذات ليلة في حواشي المدينة، فإذا بامرأة تقول لابنةٍ لها: ألا تمذُقِين (تخلطين) اللبن، فقالت الجارية: كيف أمذُقُ وقد نهى أمير المؤمنين عن المَذْق؟! فقالت الأم: قد مذَق الناس؛ فامذُقي، فما يدري أمير المؤمنين؟! فقالت الفتاة: إنْ كان عمرُ لا يعلم، فإلهُ عمر يعلم، ما كنتُ لأفعله وقد نهى عنه، فوقعت مقالتُها مِن عمر، فلما أصبح دعا عاصمًا ابنه، فقال: يا بني، اذهب إلى موضع كذا وكذا فاسأل عن الجارية، ووصَفها له، فذهب عاصمٌ فإذا هي جارية مِن بني هلال، فقال له عمرُ: اذهَبْ يا بني فتزوجها؛ فما أحراها أن تأتيَ بفارسٍ يسُود العرب! فتزوجها عاصم بن عمر، فولدت له أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فتزوَّجها عبدُالعزيز بن مروان بن الحكم، فرزقه الله تعالى منها عمرَ بن عبدالعزيز الخليفةَ العادل؛ (سيرة عمر بن عبدالعزيز - لابن عبدالحكم - صـ 19: صـ 20).

 

 

 

(5) كان عند يونس بن عبيد حُلَل (نوع من الثياب) مختلفة الأثمان، يتاجر فيها، نوع قيمة كل حلة منها أربعمائة درهم، ونوع كل حلة قيمتها مائتا درهم، فذهب إلى الصلاة وترك ابنَ أخيه في الدكان، فجاء أعرابيٌّ وطلب حلة بأربعمائة درهم، فعرض عليه مِن حُلَل المائتين، فاستحسنها ورضيَها، فاشتراها، فمضى بها وهي على يديه، فاستقبَله يونسُ، فعرَف حُلَّته، فقال للأعرابي: بكمِ اشتريت؟ فقال: بأربعمائة درهم، فقال يونس: لا تساوي أكثرَ من مائتي درهم، فارجع حتى تردها، فقال الأعرابي: هذه تساوي في بلدنا خمسَمائة درهم، وأنا أرتضيها، فقال له يونس: انصرف؛ فإن النصحَ في الدِّين خيرٌ مِن الدنيا بما فيها، ثم رده إلى الدكان وردَّ عليه مائتي درهم، وخاصم ابنَ أخيه في ذلك، وقال له: أما استحييتَ، أما اتقيت الله، تربحُ مِثلَ الثمن، وتترك النصح للمسلمين، فقال: واللهِ ما أخَذها إلا وهو راضٍ بها، قال: فهلا رضِيتَ له بما ترضاه لنفسِك؛ (إحياء علوم الدين للغزالي - جـ 2 - صـ 126).

 

 

 

(6) كان حفصُ بن عبدالرحمن شريكَ أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة هو الذي يقوم بشراء البضاعة، فبعث إليه في رفقة بمتاع، وأعلَمه أن في ثوبِ كذا وكذا عيبًا، فإذا بِعتَه فبيِّن هذا العيب، فباع حفص المتاع ونسي أن يُبيِّنَ العيب، ولم يعلَمِ مَن اشتراه، فلما علم أبو حنيفة بذلك، تصدَّق بثمَنِ المتاع كله؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 13 صـ 358).

 

 

 

(7) باع ابنُ سيرين شاةً، فقال للمشتري: أبرأ إليك مِن عيبٍ فيها، أنها تقلب العلَفَ برِجْلها؛ (إحياء علوم الدين للغزالي - جـ 2 - صـ 77).

 

 

 

(8) باع الحسن بن صالحٍ جاريةً، فقال للمشتري: إنها مرةً عندنا تنخَّمَتْ دمًا؛ (إحياء علوم الدين للغزالي - جـ 2 - صـ 77).

 

 

 

وسائل القضاء على الغش:

 

(1) بتضرُّع المسلم إلى الله تعالى بالدعاء بأن يكفيَه بحلاله عن حرامه.

 

(2) إخلاص العمل لله تعالى.

 

(3) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر، بالحكمة والموعظة الحسنة.

 

(4) تربية الفرد تربية سليمة، قائمة على الالتزام بأحكام الشرع الحنيف وآدابه.

 

(5) تقوية الثقة بالله تعالى، واستشعار مراقبته سبحانه.

 

(6) زيارة القبور، وتذكُّر الموت واليوم الآخر.

 

(7) الصبر في تحصيل الرزق الحلال بالوسائل المباحة.

 

(8) القناعة والرضا برزق الله تعالى.

 

(9) مجالسة الرفقة الصالحة.

 

(10) معاقبة مرتكبي الغش؛ لردعِهم عن ذلك.

 

(11) العلم بالحكم الشرعي بأن الغش حرام.

 

(12) تعليم الناس خطرَ الغش، وتبيين صُوَره.

 

(13) النظر للعواقب السيئة للغش في الدنيا والآخرة؛ (موسوعة الأخلاق الإسلامية - جـ 2 - صـ 380).

 

 

 

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.

 

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/108255/#ixzz5jpXFdsI4

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات