د أحمد الخاني
طيبة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
بطيبة رسم للنبي ومعهد
منير وقد تعفو الرسوم وتَمهُد
ولا تُمتحى الآيات من دار حرمة
بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آيات وباقي معالم
وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها
من الله نور يستضاء ويوقد
معالم لم تُطمَس على العهد آيها
أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده
بلاد ثوى فيها الرشيد المسدَّد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدًا
معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى
حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
نعم، هذه طيبة الطيبة، إنها مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا مسجده الشريف الذي شهد الوحي من الله - تبارك وتعالى - ينزل به جبريل - عليه السلام - بالهدى، ملفعًا بالنور الإلهي به الجلال والجمال.
نعم، هذه طيبة التي كانت تشهد اتصال السماء بالأرض؛ لترفع النفوس من الأرض إلى السماء، نورًا وعلمًا وهمة وثقافة، وبناءً وحضارة، ذلك النور الذي أضاء الجزيرة العربية، وأضاء قصور بصرى الشام، وأضاء المدائن، وامتد إلى الصين شرقًا، وإلى الأندلس غربًا.
لولا المدينة المنورة لما كانت دمشق، ولا فتوحاتها ولا قادتها.
ولولا المدينة المنورة لما كانت بغداد ولا علومها ولا ثقافاتها التي نورت العالم آنذاك، في الوقت الذي كان فيه الإمبراطور شارلمان أعظم ملوك أوروبا يتعلم كيف يكتب اسمه على القرطاس، وقد كانت طلبة العلم والمعرفة تأتي من أوروبا كافة إلى الأندلس؛ لتنهل من علوم جامعاتها.
نعم لقد سبقت المدينة المنورة عواصم العالم الثقافية، في القديم والحديث، فهي عاصمة العواصم.
الجزيرة العربية موطن الشعر ومنبعه، من معلقات تزدان بها المكتبات العربية والإسلامية والعالمية، ولا تزال دراسات المستشرقين تكتشف المزيد كل يوم عن خصائص هذا الشعب اللغوية والثقافية التي اختارته العناية الإلهية؛ ليحمل رسالة السماء إلى الأرض؛ إلى البشر كافة، إلى الإنسانية، والمدينة المنورة مركز هذه الثقافة تفيض على الدنيا علمًا وتشع فكرًا وهداية.
ويلفع الضباب شمس المعرفة في الأقطار ردحًا من الزمن، ويطوي الأدب صحائفه في الجزيرة العربية، ويحمل حقائبه ويهاجر، حتى إذا كان العصر الحديث، حن الأدب إلى منزعه كما تحن النيب إلى أعطانها، كان الأدب قد استوطن الشام والعراق ومصر وغيرها من الأقطار، ولكنه تنسم عبير الحياة مع نسائمها، هب عليه من موطنه الأصلي الذي ولد فيه ونشأ فيه وترعرع فيه، واستظل بسمائه ودرج على أرضه وصفا في صحرائه، فحن عاد مع عودة المعجزة على صحرائها، عودة فارس الصحراء، وباني مجدها وموحد أرجائها، عاد مع عودة الملك عبدالعزيز، ليلقى مكانته مصونة بين آداب الأمم وثقافاتها.
وبعودة الأدب والفكر والشعر والثقافة، نفض هذا الأدب رأسه؛ ليتسلم دوره في الحياة في الجزيرة العربية مهده وموطنه.
وإذا كانت الثقافة والعلوم والمعرفة جسمًا، فإن المدينة المنورة قلب هذا الجسم، قلبه النابض بالأصالة الممتدة إلى على مساحة خمسة عشر قرنًا، منذ أن نزلت أول آية من السماء إلى الأرض تقول: (اقرأ).
اقرأ، تعني: افهم، فكر، تعلم، تهذب، اقرأ باسم ربك الذي خلق تعني: تحقق بعبوديتك لله الذي تقرأ باسمه، تحقق بإنسانيتك، كن خيرًا لنفسك وللبشرية، وللإنسانية، تنافس في الخيرية ... نزلت ﴿ اقرأ ﴾ هذه السورة الشريفة من السماء إلى الأرض؛ لتسموَ بالإنسان في كل زمان ومكان، من الأرض إلى السماء، إلى العلا إلى الهدى إلى آفاق المعرفة، المعرفة التي ميز الله تعالى بها آدم، وأسجد له ملائكته لتميزه بها دونهم.
الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، قد بنى أمة، ونهض بها، واهتم بكل مرافق الحياة فيها، العمرانية والفكرية والعلمية والثقافية، أولى المملكة التي خاض غمار الحروب بكل بسالة وشجاعة وإقدام في سبيلها، وقد خص الحرمين الشريفين بهذه العناية، وكان للمدينة المنورة من هذه العناية والرعاية أوفر حظ وأعلى نصيب، لقد دخلت الأمة العربية العصر الحديث بدخول المطبعة إلى مصر مع نابليون بونابرت عام 1797م.
ودخلت المدينة المنورة العصر الزاهر في عهد المظفر الملك عبدالعزيز بدخول المطبعة إليها، لقد تنبه الفكر الأدبي في المدينة المنورة إلى معرفة سر الحضارة؛ إنها الثقافة، المعرفة، العلوم الآداب، وقد بدأت في وقت مبكر فكرة إنشاء جريدة تحمل اسم (المدينة المنورة)، وكيف يكون ذلك دون مطبعة؟
إذًا، لا بد من مطبعة، كانت توجد في المدينة المنورة مطبعة صغيرة تدار بالرجل بدل اليد، أحضرها كامل الخجا رئيس تجار المدينة آنذاك، وكان ذلك عام 1329هـ الموافق 1910 م.
وكان في المدين المنورة مطبعة صغيرة أخرى تدار باليد عام 1346هـ، وتسمى (مطبعة طيبة الفيحاء)، اشتراها السيد عثمان الحافظ وهي نواة مطبعة المدينة المنورة التي أسسها التوءمان علي وعثمان حافظ عام 1355هـ الموافق 1936م.
ما زال أهل المدينة المنورة مصرين على أن يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، وهم أهله، والدخول إلى التاريخ، أو العودة إلى فاعلية التاريخ من أهل مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطلب أدباء المدينة المنورة وهو النهوض بالأمة، والنهوض بيت بابه الثقافة، وهذا الباب مفتاحه المطبعة.
ما زالت فكرة إصدار جريدة تلح على هؤلاء النخبة الأدباء حتى عقدوا اجتماعًا بهذا الخصوص نضم هذا الاجتماع نخبة من المفكرين من شباب المدينة عام 1353 هـ.
كان الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - وهو يدير شؤون الدولة يتفقد أحوال المدينة فيما يتفقد من مملكته، ولما وصله التماس من التوءمين علي وعثمان حافظ إعفاء المطبعة من الرسوم الجمركية لاستقدام المطبعة من الخارج؛ لتقوم المطبعة بإصدار جريدة المدينة لتخدم الدولة والبلاد، فصدرت الموافقة الملكية في ذلك، وتم شراء المطبعة من مصر، ولوازمها ووصلت إلى المدينة المنورة.
ومجلة (المنهل) تمت الموافقة الرسمية على صدورها، فطبعتها مطبعة آل حافظ الحديثة، وكان ذلك عام 1355 هـ.
وصدرت جريدة المدينة، وكان شعارها (جريدة الشعب العربي السعودي).
وبدأت المقالات، ومن عناوينها الأولى: (الصحافة) وعنوان: (كياننا الأدبي في العالم العربي - لماذا لا نكتب؟)، وكانت الافتتاحية لصاحب الجريدة والمطبعة عثمان الحافظ ولم يكن الشعر في زاوية النسيان في هذا العدد الأول، فقد تضمن قصيدة بعنوان: (إيه يا بدر).
وقصيدة لضياء الدين رجب يجعل رسالة المجلة رسالة ثقافة للعرب:
نريدها أدبًا نضرًا يعز به
أبناء يعرب؛ بالفيحاء والحرم ونرتجيها رسولًا للثقافة في بني العروبة من بغداد للهرم نريدها صفحة بيضاء ناصعة تفيض بالصدق والإخلاص والحكم نريدها صورة للشعب صادقة تشارك الشعب في حزن وفي ألم |
أصبحت جريدة المدينة ناطقة بالمشاعر الجياشة بما فيها من أدب وشعر وفن، وحافزًا للهوايات الخبيئة أن تظهر.
والملك يبني ويعلي، جاءه خطاب التماس من صاحب الجريدة يطلب فيه من جلالته إعفاءه من رسوم الورق، فاستجاب وزاد جلالته أن خصص للجريدة مبلغًا ماليًّا يجري شهريًّا معونة للمجلة قدره خمسون ريالًا، ثم تضاعف هذا المبلغ حتى وصل مليون ريال في السنة.
الحرب تأكل كل شيء، ولم توفر ورق المطابع، لقد توقفت الجريدة طوال خمس سنوات هي مدة الحرب العالمية الثانية، وبعد انتهاء الحرب عادت الجريدة للظهور من جديد.
وعاد الأدباء إلى جريدتهم كما تعود أسراب الطيور إلى أعشاشها بعد غياب طويل، لقد تفانى أدباء المدينة باذلين ما يستطيعون بذله من قرائح أفكارهم وأدبهم دون أجر على ما كانوا يكتبون.
نهضت الحركة الأدبية في المملكة، وكان لولبها ومحركها وعمودها الفقري المدينة المنورة، فقد ازدهر الأدب وأصبح له كيان اعترف به أدباء مصر والشام وغيرهما من البلاد العربية الأخرى والغربية، وأصبح الأدباء السعوديون يدعون للاشتراك في المؤتمرات والندوات الأدبية من مختلف أنحاء العالم، وقد أسهمت جريدة المدينة مع مجلة المنهل بدور ثقافي وأدبي بارز في تشجيع الحركة الأدبية في المدينة، وقد خصصت جريدة المدينة بابًا بعنوان: اليوم شعر، كانت تنشر فيه قصيدة لأحد الشعراء الذين كانوا غالبًا من الشباب، كما خصصت كل يوم جمعة صفحة بعنوان صفحة الفنون والآداب.
ويتأسس النادي الأدبي الثقافي في المدينة المنورة؛ ليحمل مشعل الثقافة في أروع صورها، وقد اعتاد هذا النادي إقامة ملتقى العقيق؛ ليساهم في إثراء الجانب الثقافي، بل ليقود الحراك الثقافي بصفته رائدًا للثقافة والفكر والأدب، وذلك بمشاركة ثلة من مثقفي هذا البلد وغيرهم.
وامتاز هذا الملتقى بطرح جوانب متعددة كل عام إضافة إلى تكريم رموز في هذه الثقافة.
إن الملتقيات التي تحييها المنتديات الأدبية الثقافية في الآونة الأخيرة وفي مقدمتها نادي المدينة المنورة الأدبي الثقافي، إنما هي ضرب جديد لم يؤلف من ذي قبل، وهو من المرايا العاكسة لإبداعات تمثل فتحًا مبينًا موفقًا، يحكي ويصف حيثيات خلدها مبدعون ملهمون من بلادنا تعبيرًا ووصفًا لما هم عليه مجتمعاتهم في واقعها الإنساني المعاصر، وهذه الملتقيات إنما تحمل في طياته واتجاهاتها إثراءً ثقافيًّا مختلف الألوان فنًّا وفكرًا حيًّا، في لقاءات تعارفية حضارية في تعبير عن مشاعر إنسانية في أطر أخلاقية، وقِيَمها ومُثلها، ملتقيات تفيض عطاءً من أروع المثقفين، أسهموا في غرس فجر جديد يشرق؛ إنماءً لأجيال مقبلة نحو آفاق التقدم.
استقر نادي المدينة المنورة الأدبي على اختيار موضوع (الحركة الأدبية والنقدية في المدينة المنورة في العصر الحديث)، عنوانًا لملتقاه الرابع العقيق.
ويرمي إلى نشر الوعي الفكري والثقافي؛ مما يمثل تنشيط الحركة الأدبية والثقافية عربيًّا وإسلاميًّا ودراسات وبحوث أدبية وعلمية جادة تثري محاور تلك الملتقيات.
وقد أقام النادي ثلاث ملتقيات:
كان الملتقى الأول يدور حول شخصية ثقافية وأدبية من أبناء المدينة المنورة.
وجاء الملتقى الثاني حول اتجاهات حديث في الدراسات النقدية وهو التشخيص البصري.
أما الملتقى الثالث، فقد كان موضوعه المدينة المنورة في كتابات الرحالة.
ثم الموضوع الأخير للملتقى الرابع: تدور أبحاثه حول موضوع (الحركة الأدبية والنقدية في المدينة المنورة في العصر الحديث).
وقد تضافرت جهود الدولة مع جهود الأدباء رعاية وتأييدًا وتشجيعًا، فقد حضر معالي وزير الثقافة والعلام الدكتور عبدالعزيز بن محي الدين خوجة الملتقى الرابع، وقد رعى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة المدينة المنورة انطلاق فاعليات ملتقى العقيق الثقافي الرابع، وقد افتتح سموه المعرض المصاحب للملتقى.
رحب الوزير بالأمير في كلمته الترحيبية ومما جاء فيها: إننا نعمل معًا على تأصيل كلمة بانية أصلها ثابت وفرعها في السماء، لتضيف لبنة جديدة في صرح الأدب والثقافة في بلادنا عبر هذا التنوع الثقافي والأدبي الذي يعبر عن المدى الثري الذي بلغته الثقافة والأدب في المملكة العربية السعودية، إن شخصية المكان أثرت في الثقافة والعلم والأدب باستلهام نموذج من نور المسجد النبوي الشريف.
أدب رائع يستذكر مبدعوه هذه القيم الروحية التي بثها هذا المسجد العظيم في أفئدة أولئك الأدباء والشعراء - أصالة وعذوبة وعفة - وتحولت أمكنة أولئك الشعراء إلى رموز روحية في الشعر العربي ومن أبرزها وادي العقيق.
شارك في فعاليات هذا الملتقى أدباء وأديبات من المدينة المنورة ومن غيرها، من أساتذة جامعيين وأدباء، ومن هذه الطروحات المتميزة ورقة عمل قدمتها أستاذة الأدب والنقد المشارك بجامعة طيبة بعنوان: (الجماعات الأدبية وأثرها على حركة الأدب في المدينة المنورة في العصر الحديث)، كما قدمت ورقة عمل هي: قراءة في المقالة الصحفية لكتَّاب المدينة المنورة، وبمشاركة 21 باحثًا وباحثة يتناولون تجارب المدينة المميزة في الشعر والقصة والصحافة.
وقد كان موضوع الملتقى منصبًّا على تجلية الثقافة وجذورها في المدينة، وذلك ادعى إلى نجاحه؛ إذ يكون أقرب إلى وجدان النخب الثقافية أو مستهلكيها، وهم فئة عريضة واسعة والوقود الحقيقي للحراك الثقافي والأدبي، وقد كان نادي المدينة المنورة الأدبي أقرب إلى هذا التصور، فثلاثة من ملتقياته الأربعة غنيت بتسليط الضوء بصورة مباشرة على ما يتعلق بإظهار الثقافة المدينية وروادها.
إن هذه الملتقيات الثقافية التي تعقد في الأندية الثقافية لها إيجابياتها، ولعل أهم هذه الإيجابيات يتمثل في توفير الحافز الكتابي لدى كثير من الباحثين الجادين؛ مما يثري البحث والباحث.
فالملتقيات الأدبية رافد من روافد المعرفة والحركة الثقافية في المملكة العربية السعودية بصفة عامة، وفي المدينة المنورة بما تبرزه من جوانب مهمة وعديدة في ثقافتنا المعاصرة، وبما تبرزه من رموز هذا البلد في هذه الثقافة.
حرص نادي المدينة الأدبي على إقامة ملتقيات ثقافية سنوية تطرح في كل عام موضوعات هامة جدًّا في مجال البحث والدراسة.
أما المسرح، فلم يغب وإن لم يحدد له محور خاص به، وذلك لقلة الدراسات التي تناولته، وفي ملتقى العقيق الثقافي الخامس، عمل على إشراك فرع جمعية الثقافة والفنون في المدينة المنورة بمعارض فنية مصاحبة ومسرحية وأوبريت، إضافة إلى تحديد عدد من الشخصيات المكرمة، وهناك أنشطة ثقافية وفنية ومسرحية واجتماعية، منها أن أمير المدينة عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز رئيس مركز إدارة الجمعية الخيرية للزواج ورعاية الأسرة، حضر حفل الزواج الجماعي الرابع لألف شاب وفتاة بالمدينة المنورة، وكان من جملة فقرات الحفل فقرات فلكلورية وأوبريت إنشادي.
تلا ذلك مشهد مسرحي قدمته فرقة من فرع جمعية الثقافة والفنون بالمدينة المنورة بعنوان: (خيركم خيركم لأهله).
وقد خصص أمير المدينة أرضًا لمدينة الشباب لتلبية احتياجات الشباب الثقافية والترفيهية والرياضية وجميع الأنشطة المتعلقة بالشباب لإبراز إبداعاتهم.
ومن نشطة هذه الجمعية أنها أقامت مسابقة الخط العربي لإثراء هذا الفن، وتأكيد دوره لحفظ تراث الأمة وحمايته واكتشاف المواهب الفنية ودعمها وإبداعاتها.
ولمديرية التربية والتعليم دور رائد بمنطقة المدينة المنورة، فقد رعى مدير هذه المؤسسة الثقافية الفاعلة حفل اختتام فعاليات مسابقة وزارة التربية والتعليم (الوطن في عيون أبنائه) بمشاركة ألفي طالب يمثلون 38 منطقة ومحافظة تعليمية بالمملكة.
وفي هذه الفعاليات رسمات ولوحات جسدت حب الوطن في قلوب الجميع، وصاغوا بأناملهم لوحات أظهرت مواهبهم وإبداعهم الفني وحسهم العالي في التعبير عن الوطن بكل فخر واعتزاز.
إن المسابقة تهدف إلى التنافس وتلمس مكامن القدرات وإبرازها وتنميتها وتعهدها، من خلال تعزيز الحس الديني والوطني.
وقد رعى صاحب السمو الملكي أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز حفل تخريج 2518، طالبًا من الدفعة 48 من طلاب الجامعة الإسلامية بينهم 99من مرحلة الدكتوراه.
وقد التف الشعب حول قادته، وما بينهم من حميمية وأريحية وحب ففي حفل تدشين مقر إدارة الأحوال المدنية بالمدينة المنورة، داعب سمو أمير المدينة، وكيل وكالة الأحوال المدنية عندما شاهد في العرض أحد الموظفين يضيف أحد المراجعين بفنجان القهوة قال سموه: أكيد الدلة فيها قهوة.
وقد قام فرع جمعية الثقافة والفنون بالمدينة المنورة بتقديم مسرحية بالجنادرية 27، والمسرحية بعنوان: سفينة الأصدقاء، بالإضافة إلى تقديم لوحات في الفنون التشكيلية لـ(41) فنان وفنانة من أبناء المدينة المنورة في المعرض الفني المقام ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة لعام 27 الجنادرية.
وقد كرم صاحب السمو أمير منطقة المدينة 31 قياديًّا من مختلف الجهات الحكومية الذين شاركوا في الحلقة التدريبية التي تنعكس إيجابيًّا على مستوى الأداء الوظيفي، وهذا من حرص سموه على نشر الثقافة التدريبية.
وقد بدأت المرأة السعودية تأخذ مكانها في عملية الفاعلية والبناء في صرح المجتمع، فهي طبيبة ومدرسة في كل مراحل التعليم من حلقته الأولى إلى الجامعة وهي أديبة وشاعرة وفنانة ذات حس جمالي مرهف؛ فقد نظم فرع جمعية الثقافة والفنون دورة تصوير الأزهار تقدمها المدربة أفنان الحجيلي، وهي دورة موجهة للنساء تهدف إلى تنمية القدرات في توزيع الإضاءة، ومن الجدير بالذكر أن والد أفنان يقول عن نفسه: إنه فخور بإبداع ابنته أفنان، وأنه كان يشجعها ويرعى إنتاجها.
وقدمت الفنانة التشكيلية السعودية لينا قزاز تجربة مميزة في معرضها (شخصيات الألوان) الذي افتتح في جدة بحضور عدد كبير من محبي الفن التشكيلي والفنانين والنقاد؛ حيث ضم المعرض عددًا من لوحات المنانة الحديثة التي تعتمد على الألوان المستوحاة من الطبيعة عبر شخصيات خيالية، مستخدمة الحبر الصيني لتقنية فنية مبتكرة تكسف عن أبعاد جمالية جديدة، من خلال التكوين اللوني الفني، فالفن في رؤية الفنانة لينا هو إدراك ما وراء المدرك بالحواس إلى رؤية أبعادها الجمالية، وتفاعل الإحساس الإنساني معها وقد قدمت لينا القزاز ستة معارض شخصية.
ولا تزال فاعليات فنية ومسرحية على قدم وساق؛ فقد عرضت جمعية الثقافة والفنون بالمدينة المنورة سنة 2012م مسرحية (ملهي الرعيان)، وذلك ضمن فعاليات المسرح، قدمته الجمعية على مسرح إدارة التربية والتعليم بالمنطقة؛ وهي مسرحية فكاهية هادفة، ناقشت الكثير من المشكلات الاجتماعية والوطنية بشكل كوميدي، وهي مسرحية ترمز إلى ما يحدق بهذا الوطن وشبابه وأهله من أخطار قد تدخل عليهم من خلال مغريات وملهيات دخيلة على العادات الأصيلة؛ مما قد تؤثر على أمن الوطن وسلامته.
وتستأنف اللجنة الثقافية النسائية بنادي المدينة المنورة الأدبي الثقافي نشاطها الثقافي بتخصيص أنشطة نسائية تبدأ في الأسبوع الثاني من كل شهر بتفعيل نشاط المقهى الأدبي، وإقامة محاضرات وأمسيات أدبية وقصصية نسائية خلال الأسبوع الثالث، وكذلك المشاركة في البرنامج الثقافي الذي تنظمه اللجنة الثقافية بالنادي الأدبي الثقافي بالمدينة المنورة.
وأوضحت رئيسة اللجنة النسائية بنادي المدينة المنورة الأدبي الثقافي أمل عبدالله زاهد أن اللجنة النسائية حريصة على إبراز أنشطة وبرامج اللجنة لدعم الحراك الثقافي النسائي بالمنطقة للوصول إلى أكبر عدد من المثقفات، مؤكدة أهمية التوسع في الأنشطة الأدبية الإبداعية التي تخص المرأة في جميع شؤونها.
ونوهت بدعم النادي لمثقفات طيبة الطيبة في المجال الأدبي والعلمي، وذلك بفتح أبواب المكتبة النسائية المحتوية على الكتب والمراجع والمعارف الأدبية والعلمية كافة، كما تم تخصيص أيام الأسبوع لاستقبال المهتمات بالفن التشكيلي والفنون اليدوية والموهوبات بالرسم في الفترة المسائية في القسم النسائي.
وللأطفال حظهم وحقهم من العناية والرعاية، فقد افتتح مساعد المدير العام للتربية للشؤون المدرسية بمنطقة المدينة المنورة مهرجان (رسمتي) لرسوم الأطفال الذي تنظمه الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بفرع المدينة المنورة، بالتعاون مع قسم التربية الفنية بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة المدينة المنورة، واشتمل المعرض على الجناح الفني والرسم الحر للأطفال والرسم بالألوان، والخط العربي والرسم الجماعي، وتم تكريم الطلاب والطالبات أصحاب اللوحات الفائزة في المهرجان.
المدينة المنورة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام، عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 1434 هـ- 2013 م.
أعلن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة المدينة المنورة عن اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام الهجري 1434 هـ.
كما أعلن سموه عن إنشاء مركز ثقافي متكامل بالمدينة، سيتم افتتاحه ويكون حفل افتتاحه ببدء الأنشطة والفعاليات الخاصة باختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية، ونوه سموه بضرورة تفعيل مشاركة أبناء طيبة الطيبة في تنظيم فعاليات البرنامج المقام بمناسبة اختيار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية، وعن الدور الذي يمكن أن يقوم به نادي المدينة المنورة الأدبي أو المركز الثقافي الجديد المزمع إنشاؤه بالمدينة؛ قال الأمير عبدالعزيز بن ماجد: إن جميع أوراق مشروع إنشاء المركز الثقافي لدى وزارة المالية لاعتماده.
وأشار الأمير ماجد إلى أن المشاركات في هذه المناسبة لن تنحصر في أبناء طيبة والسعوديين فقط، وإنما يستطيع كل من له علاقة بتاريخ المدينة المنورة المشاركة بها.
وقد أفادت الأديبة الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد بورقتها المشاركة؛ حيث قالت بهذه المناسبة:
نحتفل جميعًا بالمدينة المنورة عاصمة للثقافة لعام 2013 م، وهي تستحق أن تكون عاصمة الثقافة في كل الأعوام؛ حيث تأسست بها أول جامعة في العالم، وهي جامعة الحرم النبوي الشريف، وفيها لأول مرة كان تعليم القراءة والكتابة فداء الأسرى، فهي مدينة العلم والمعرفة والتاريخ.
ومن فعاليات ملتقى العقيق:
قراءة في الصحف لكتاب المدينة المنورة والحركة الأدبية النقدية في المدينة في العصر الحديث، قدمت نصوصًا سردية متميزة أثرت الحياة الأدبية والثقافية والتشكيل اللغوي، وتشكيل اللون في الشعر السعودي الحديث، والأدب السعودي بين الالتزام والإبداع الفني.
رئيس النادي الأدبي الدكتور عبدالله العسيلان حريص على إقامة ملتقيات أدبية وثقافية وقد دعا للملتقى الرابع ما يزيد على 30 شخصية أدبية، وتوجه بالشكر إلى الأمير عبدالعزيز بن ماجد على رعايته للملتقى ودعمه الدائم لكل ما يخدم المشهد الثقافي في المدينة المنورة.
وفي تساؤل عن دور أدبي المدينة في خدمة مؤلفات محمد حسين زيدان، أجاب الدكتور عسيلان:
أن النادي سيطبع في إطار الاحتفال بالمدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية عددًا من مؤلفاته، وقد ذُكر أن زيدان يرحمه الله كان لديه القدرة الخارقة على ذكر التاريخ وتقديم التاريخ الإسلامي بشكل خاص.
تعقد في المدينة المنورة العديد من المهرجانات الترفيهية والثقافية والرياضية، ولعل من أبرز تلك المهرجانات هو مهرجان صيف طيبة، ويشمل هذا المهرجان الكثير من البرامج، ويعقد هذا المهرجان سنويًّا في كل صيف، وفي مواقع مختلفة داخل المدينة وفيه: قربة الألعاب المائية، وقرية الألعاب الهوائية، إضافة إلى المسابقات، كمسابقات رالي الأسماك، وفي القرية الخيول والإبل، كما تعقد العديد من الفعاليات الشعبية والتراثية مثل الخيمة الشعبية.
وقد عرفنا بعض معالم المدينة المنورة آثارها ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيره كمسجد الغمامة ومسجد القبلتين، وهناك مسجد آبار علي وهو ميقات الإحرام.
وهو مسجد الإحرام أو الميقات لأهل المدينة المنورة، والذين يمرون عليه من غير أهلها ويحرمون منه، وهو من أهم المواقيت التي حددها النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسمى ذا الحليفة أيضًا، واسم علي، نسبة إلى سلطان دارفور علي بن دينار قام بحفر آبار قبل أكثر من قرن في تلك المنطقة عندما زار المدينة ورأى الحال المتهالكة للمنطقة، وجدد مسجد ذي الحليفة، كما يعرف باسم: مسجد الشجرة، ومسجد المعرس، ويقع هذا المسجد ضمن امتداد وادي العقيق، وهو واد مبارك؛ كما أطلق عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا اللقب.
يقع هذا المسجد على الجاني الغربي من وادي العقيق، ويبعد عن المسجد النبوي قرابة 14 كم بني المسجد مصطفى غسان الأول عندما ولي إمارة المدينة من سنة 87- 93، وجدد في العصر العثماني في عهد السلطان محمد الرابع 1058هـ وكان صغيرًا جدًّا، مبنيًّا من اللبن والحجارة، ولم يكن الحجاج والمعتمرون في المواسم يجدون راحتهم فيه، فأمر الملك فيصل بتجديده وتوسعته، ومع زيادة عدد الحجاج والمعتمرين، تم مضاعفة حجمه عدة أضعاف وتزويده بالمرافق اللازمة، فأصبح المسجد محطة متكاملة للمسافرين، فقد بني على شكل مربع مساحته 6000 متر مربع.
وله أقواس تنتهي بقباب طويلة يبلغ ارتفاعها عن الأرض 16 مترًا ويتسع المسجد لأكثر من 5000 مصل، وللمسجد مئذنة متميزة على على شكل سلم حلزوني ارتفاعها 62م.
وتقع المدينة المنورة بين حرتين: الحرة الشرقية، والحرة الغربية:
- الحرة الشرقية، وهي هضبة طويلة ممتدة شرقي المدينة، فيها مجموعة تلال، وفيها أراض منبسطة، وسميت الحَرَّة؛ لأن جزءًا كبيرًا من سطحها مغطى بصخور وحجارة بركانية سوداء تجعلها شديدة الحرارة في الصيف، وتسمى حرَّة واقم نسبة إلى شخص أو جماعة من العماليق نزلوا فيها، أو أن كلمة واقم في اللغة تعني: الحاجز؛ حيث تشكل هذه الحرة حاجزًا طبيعيًّا يحمي المدينة من شرقيها، فمن الصعب السير عليها ولكن فيها بعض الممرات يمكن حراستها.
ويرتبط اسم هذه الحرة بمعركة دامية وقعت عام 63 هـ عندما خلع أكثر أهل المدينة الطاعة ليزيد بن معاوية، وتجمعوا في الحرة، فأرسل يزيد جيشًا بقيادة مسلم بن عقبة، واستطاع مروان بن الحكم أن يتسلل من إحدى ثغرات الحرة، فدارت مجزرة دامية راح ضحيتها أكثر من سبعة آلاف من أهل المدينة، ولما انصرف عقبة مات، وبعد قليل مات يزيد.
- الحرة الغربية: وهي أقل وعورة من حرة واقم، ويتخللها مساحات صالحة للعمران، وتمتد من مسجد القبلتين شمالًا إلى محاذاة قباء جنوبًا، وكانت تشكل حاجزًا طبيعيًّا يحمي المدينة من جهتها الغربية وجزءًا من جهتها الجنوبية؛ ولذلك لما جاء الأحزاب إلى المدينة المنورة، لم تستطع خيلهم أن تطأ الحرتين، والجهة الجنوبية فيها النخيل، ولذلك حفر الخندق واصلًا بين الحرتين، وفي هاتين الحرتين سكن أناس من المدينة، فصار: حي الحرة الشرقية وحي الحرة الغربية.
- ومن أحياء المدينة المنورة حي سيد الشهداء، يقع في سفح جبل أُحد الواقع شمال المدينة المنورة، ويبعد عن المسجد النبوي الشريف مسافة أربعة كيلو مترات، ويمتد حي سيد الشهداء بمحاذاة جبل أحد بطول 8 كيلو مترات تقريبًا من الشرق إلى الغرب، ويخترقه وادي قناة ويتوسطه جبل الرماة، ويحده من الشرق طريق المطار ومن الجنوب الخط الدائري الثاني ومن الغرب طريق العيون.
وفي هذا الحي مدرسة حمزة بن عبدالمطلب ومدرسة ضرار بن الأزور ومدرسة عبدالله بن عباس، ومدرسة عبدالله بن جبير، ومدرسة دار الإيمان، ومدرسة عمرو بن أمية، وهذه أسماء تبعث في النفس الإكبار، ولا شك أن الجيل الذي يدرس في هذه المدارس سوف يتأثر بالإيحاء.
- ويعد حي سيد الشهداء من المواقع التاريخية وله مكانة عظيمة في نفوس المسلمين؛ حيث يشرف عليه جبل أحد وفيه كانت معركة أحد المشهورة ويضم ثراه أكثر من سبعين شهيدًا من شهداء تلك المعركة وصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم: حمزة بن عبدالمطلب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمزة سيد الشهداء، ومصعب بن عمير أول داعية بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - وحنظلة بن عامر غسيل الملائكة، ويعد هذا الحي من أكبر أحياء المدينة مساحة وسكانًا.
- ومن أحياء المدينة المنورة قرية قباء تقع جنوبي المدينة يجري فيها وادي رانوناء، ويروى أنها سميت قباء ببئر كانت بها يقال لها قبار، فتطير الناس منها فسموها قباء، تتميز قباء بكثرة مياهها الجوفية وقربها وخصوبة تربتها؛ لذا تكثر فيها مزارع النخيل والعنب والبساتين، ومسجد قباء أول مسجد خطه النبي - صلى الله عليه وسلم - عند وصوله إليها وشارك في بنائه، وهو أول مسجد في الإسلام وردت فيه أحاديث كثيرة تبين فضله.
حي العوالي:
أو العالية، أحد أحياء المدينة المنورة، ويطلق هذا السم تاريخيًّا على المنطقة الواقعة في الجهة الشرقية والجنوبية الشرقية من المدينة، وكانت تنتشر فيها أحياء سكنية لعدد من قبائل الأنصار، وتتخللها مزارع نخل وبساتين، ويتردد ذكرها في كتب التاريخ عبر العصور، فقد شهدت أحياؤها وبساتينها أحداثًا كثيرة منذ العصر الجاهلي إلى مشارف العصر الحديث، فوقعت فيها مواجهات بين الأوس والخزرج قبل الإسلام وسكنها بعض المهاجرين.
الأغوات:
من أشهر الحارات والمناطق في المدينة المنورة؛ حيث يبدأ زقاق الحارة من أمام باب جبريل من الناحية الشرقية للمسجد النبوي الشريف، ويتجه شرقًا إلى باب الجمعة في السور العثماني الذي يفضي إلى البقيع، كما يتجه فرع العين الزرقاء في وسطها إلى الناحية الجنوبية.
أرضيته ترابية يبلغ طوله 255م وعرضه 2م، وبيوت الحارة بشكل عام قديمة جدًّا مبنية بالطين والطوب، وهي على ارتفاع دورين أو ثلاثة تحتوي على العديد من الأزقة؛ منها: زقاق اللبان، وزقاق سيدنا إسماعيل، كما يوجد فيها بئر ماء تسمى عين الحارة، وترجع تسمية هذا الحي بهذا الاسم؛ لأن أغلب الأغوات يسكنون فيه لقربه من المسجد النبوي الشريف، ومن أراد أن يسكن في المدينة قادمًا فربما لا يختار إلا السكن في هذا الحب العريق القريب من مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي المدينة المنورة أودية أشهرها وادي العقيق.
تتجمع مياهه في منطقة النقيع التي تبعد عن المدينة أكثر من مئة ميل جنوبًا يسمى هذا الجزء منه العقيق الأقصى، ثم يسير غرب حبل عير ويسير إلى مشارف المدينة، حتى يصل إلى ذي الحليفة، وينعطف بعد ذلك في اتجاه الشرق، حتى يلتقي بوادي بطحان قرب منطقة القبلتين، ثم يسير باتجاه الشمال الشرقي، فيلتقي بوادي قناة القادم من شرق المدينة عند منطقة زغابة.
وفي المدينة المنورة حدائق من أبرزها حديقة الملك فهد المركزية، وحديقة الأمير محمد بن عبدالعزيز، وحديقة الشهداء وحديقة الزهور، وتضم المدينة المنورة الكثير من الحدائق العامة؛ منها: البعيجان، وملاهي درة المدينة، وملاهي كوكو، وحديقة النخيل وغيرها، كما تضم العديد من الأماكن الترفيهية والأسواق العامة واشهرها أسواق الحرم.
كما تضم المدينة المنورة الكثير من الفنادق وتتركز غالبيتها في دائرة مغلقة حول الحرم النبوي الشريف داخل الطريق الدائري الأول؛ مثل: دار الهجرة إنتر كونتيننتل، وفندق دلة المدينة وفندق المدينة فندق دار الإيمان، وفندق دار التقوى، وفندق هيلتون، وفندق طيبة، وفندق دار الإجابة.
أما الآبار في المدينة المنورة، فمنها الأثرية وأولها بئر أريس:
- (الخاتم) وهي بئر شرب منها النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعرف ببئر النبي - صلى الله عليه وسلم - وببئر الخاتم، وهي البئر التي وقع فيها خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - من يد عثمان - رضي الله عنه - وهو المكان الذي بشر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعمر وعثمان بالجنة.
- بئر الخاتم قبل إزالتها: وتنسب إلى رجل من اليهود اسمه أريس وهو الفلاح بلغة أهل الشام، وقد سقط خاتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في البئر من يد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بعد ست سنوات من خلافته، فكان مبدأ الفتنة.
ويقع غربي مسجد قباء مقابل له بالقرب من الحديقة الصغيرة التابعة لسور المسجد، وقد أزيل بسبب توسعة مسجد قباء.
- بئر غرس تقرأ بالضم (أو بالفتح)، ثم السكون، ويقال: (الأغرس)، والغرس الفسيل والشجر، وهي من الآبار التي توضأ منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأهرق بقية وضوئه فيه، وكان - عليه الصلاة والسلام - يشرب منه ويستعذب له منها، كما أوصى - عليه الصلاة والسلام - أن يغسل من مائه؛ عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا علي، إذا أنا مُتُّ فاغسلوني بسبع قرب، من بئري، بئر غرس)؛ رواه ابن ماجه.
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: ائتوني بماء من بئر غرس، فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب، ويتوضأ، وتقع بمنطقة قربان شرقي مسجد قباء بالقرب من تقاطع طريق الهجرة مع شارع قربان.
- بئر العهن وتقرأ بالكسر ثم السكون، وهي لغة: الصوف الملون، وكانت تعرف ببئر العسرة، فسماها الرسول - صلى الله عليه وسلم - اليسيرة.
وتقع الآن بامتداد شارع قربان بعد الإشارة المرورية والمتجه لسد بطحان، وقبل الوصول إلى بستان سوالة إلى اليسار.
- بئر عذق بالقرب منها أستقبل أهل المدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند قدومه للمدينة المنورة، وتقع غربي مسجد قباء.
- بئر حاء كان يملكها أبي طلحة بن سهل، وعندما نزلت الآية الكريمة: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] تصدق بها أبو طلحة.
وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستعذب ماءها، وتقع الآن داخل المسجد النبوي الشريف من الجهة الشمالية بالقرب من باب الملك فهد.
- بئر بضاعة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقال له: إنه يستقى لك من بئر بضاعة، وهي يلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الماء طهور، لا ينجسه شئ)؛ رواه أحمد.
ومكانها الآن بالتقريب شمال غرب المسجد النبوي الشريف مقابل فندق الحارثية بمواقف السيارات.
- بئر البوصة (البصة) تقرأ بضم الواو وتخفيف الصاد المهملة، وهي من الآبار التي غسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأسه من مائها وصب غسالة رأسه ومراقة شعره بها، ويقع البئر الآن تحت وقف البصة والنشير من الجهة الشمالية الغربية تقريبًا، مقابل مدرسة العلوم الشرعية.
- بئر السقيا عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعذب له الماء من بيوت (وفي رواية: بئر) السقيا؛ رواه أحمد.
وكانت لمالك بن النضر والد أنس، ويقع بالقرب من مسجد السقيا الذي دعا عنده الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة بالبركة، وعندها تفقد جيش بدر، ويقع جنوب مسجد السقيا على خط الإسفلت للمتجه إلى جدة.
- بئر عثمان (رومة) وتعرف ببئر سيدنا عثمان وهي بالعقيق، وهي لسيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - احتفرها رجل من قبيلة مزينة، ثم باعها لرومة الغفاري، وكان يستعذب ماءها تبع ملك حمير، ثم استعذب ماءها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال فيها: "نعم القليب قليب المزني"، وقال أيضًا - عليه الصلاة والسلام -: "نعم الحفيرة حفيرة المزني"، وقال فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من يشتري بئر رومة يجعل دلوه مع الدلاء"، فاشتراها عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ووقفها على المسلمين، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "نعم الصدقة صدقة عثمان"، ثم احتاجت إلى النزح والتبريح، فعلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: "من حفر بئر رومة فله الجنة"، فحفرها عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أيضًا، وفي صحيح البخاري عن عبدالرحمن السلمي أن عثمان؛ حيث حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم بالله، ولا أنشد إلا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألستم تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حفر رومة فله الجنة؟)، فحفرتها؟.... الحديث.
وتقع داخل البستان التابع لمديرية الزراعة، بحي الأزهري، بسلطانة (شارع أبي بكر الصديق).
- بئر أهاب أو (بئر زمزم) وتعرف ببئر زمزم تبركا وتيمنًا باسم زمزم (والله أعلم)، وهي بالحرة الغربية وكانت لسعد بن عثمان، وفي حديث أحمد "خرج حتى أتى بئر أهاب، فقال: يوشك أن يأتي البنيان هذا المكان".
- بئر ذروان تقرأ بفتح الذال المعجمة وعند البخاري ومسلم بئر "ذي أروان"، وكانت لبني زريق، وهي التي وضع لبيد بن الأعصم وكان منافقًا حليفًا لبني زريق السحر للنبي - صلى الله عليه وسلم - تحت راغومتها وكان ماؤها كنقاعة الحناء ونخلها كرؤوس الشياطين؛ فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بدفن البئر بعد إخراج السحر منها، و"ذروان" اسم حي من أحياء المدينة المنورة تمتد من قبلة المسجد النبوي الشريف، وحتى طريق درب الجنائز، وكلاهما دخلا ضمن توسعة المسجد النبوي الشريف الجنوبية.
- بئر أنس بن مالك - رضي الله عنه - وكانت تسمى في الجاهلية "البرود"، وتقع قرب المسجد النبوي الشريف من الناحية الشرقية، وكانت لأنس بن مالك بن النضر خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسقى فنُزع له دلو من بئر دار أنس، فسكب على اللبن فأتى به، فشرب وأعرابي عن يمينه".
- بئر الرِّقاع: الرِّقاع تقرأ بالكسر وهي جمع رقعة، بئر جاهلية، ويقال: إنها سميت الغزوة بذلك؛ لأنهم رقعوا راياتهم أو لصلاة الخوف بها، فوقع ترقيع الصلاة فيها، أو لأن خيلهم كانت ملونة، قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: سميت بذلك لما لفوا على أرجلهم من الخرق؛ كما في صحيح مسلم.
يتوزع سكان المدينة المنورة في ثلاث دوائر عمرانية مركزها جنوبًا وادي بطحان وغربًا أبيار علي ومحيطها الأخير خلف جبل أحد شمالًا، وذي الحليفة والعاقول شرقًا.
يقدر عدد سكان المدينة حاليًّا بحوالي 1300000 نسمة، ونتيجة للتطورات العمرانية فقد توزع السكان على أحياء المدينة وتغيرت الكثافة السكانية فيها، فتضاعف عددهم في الأحياء الداخلية حول المسجد النبوي.
تضم المدينة المنورة ما يقرب من 309 مدرسة منها 112 مدرسة ابتدائية، و95 مدرسة متوسطة و102 مدرسة ثانوية حكومية وخاصة؛ منها: مدرسة طيبة الثانوية، مدرسة الحسن بن علي، مدرسة العز بن عبدالسلام، مدارس العلوم الشرعية مدارس المدينة المنورة، المدارس السعودية الرائدة، مدرسة أبي بكر الصديق، مدرسة الأمير فيصل بن فهد، مدرسة دار الحديث المدنية، مدرسة أُبيّ بن كعب لتحفيظ القرآن الكريم.
وتضم المدينة المنورة ثلاث جامعات فقط هي:جامعة طيبة، والجامعة الإسلامية والجامعة العربية المفتوحة.
ونختم حديثنا عن المدينة المنورة بأنه لم تحظ مدينة في العالم الإسلامي ما حظيت به مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل ناحية من نواحي الحياة العقدية والفكرية والأدبية والحضارية، فالمدينة المنورة عاصمة الإسلام الروحية والمدنية والعسكرية والعلمية والأدبية، نزل عليها الوحي من الله تعالى موجهًا ومربيًا ومواسيًا، وهي أول عاصمة في تاريخ الإسلام والمسلمين، ومنها انطلق النور يحمله العلماء منها إلى العالم وما فيه من أمصار، فأناروا الدنيا بشعاع اقتبسوه من نور المدينة المنورة، فرصيد مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثقافيًّا يمتد خمسة عشر قرنًا يمتد من الأرض إلى السماء، وهذا ما تباهي به المدينة المنورة عاصمة للثقافة، تتفوق به على كل عواصم الأمة الإسلامية التي حظيت بهذا اللقب، إنها ميزة للمدينة المنورة خاصة بأن لها سمة ثقافة العقل البشري، يضاف إلى هذه الثقافة ثقافة نور الوحي الذي اختصت به مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد فتح الله على الدولة بنورٍ من هذه المدينة المباركة التي أصبحت مكان عنايتهم ورعايتهم، واختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية للعام المقبل 1434 هـ.
ونختم حديثنا بأعطر الصلاة وأزكى السلام على صاحب المدينة المنورة وساكنها محمد رسول الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة وأتم السلام.
ورقة بحث "المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 1434هـ- 2013 م.
المصدر: الألوكة
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم