صور من أكل الحرام

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-14 - 1436/03/23
عناصر الخطبة
1/بعض الآثار السيئة لأكل الحرام 2/صور أكل الحرام المتعلقة بالتجارة 3/ظلم الخدم والعمال وخطر ذلك

اقتباس

كيف يكون حال رجل لا يرفع له دعاء، ولا يستجاب له طلب، بسبب أكله للحرام، وما ندري لعل ما أصاب كثيراً من الناس اليوم، من الوقوع في المحرمات، وإضاعة الصلوات، والتكاسل عن الطاعات، سببه المآكل المحرمة، ولعل ما أصيب به الناس في هذه الأزمات من الأمراض، وما ينزل بهم من كوارث، كل هذا من...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا بأن أكل الحرام، أمر عظيم عند الله -عز وجل-، وله آثار عظيمة، وقد تساهل الناس كثيراً هذه الأيام، في الأكل والأخذ والجمع، ولا يهمهم حلال أم حرام إلا من رحم الله.

 

كيف يتجرأ المؤمن على أكل الحرام، وقد أغناه الله بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)[البقرة: 172].

 

ويقول عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)[النساء: 29].

 

وقال سبحانه: (قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ)[المائدة: 100].

 

فالحرام خبيث وإن كان كثيراً، وإن بدى لك أنه حسن وطيب، فهو سيئ خبيث.

 

عباد الله: إن أكل الحرام له من الآثار السيئة على آكله ما الله به عليم، فعلى سبيل المثال:

إن الذي يأكل الحرام لا يستجاب له دعاء، وهل يستغنى العبد عن ربه طرفة عين؟ أبداً، روى الحافظ ابن مردويه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: تُليت هذه الآية عند النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً)[البقرة: 168].

 

فقام سعد بن أبي وقاص، فقال: يا رسول الله، أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة؟ فقال: يا سعد: "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة".

 

وذكر عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في صحيحه: "أن الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذيّ بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟".

 

كيف يكون حال رجل لا يرفع له دعاء، ولا يستجاب له طلب، بسبب أكله للحرام، وما ندري لعل ما أصاب كثيراً من الناس اليوم، من الوقوع في المحرمات، وإضاعة الصلوات، والتكاسل عن الطاعات، سببه المآكل المحرمة، ولعل ما أصيب به الناس في هذه الأزمات من الأمراض، وما ينزل بهم من كوارث، كل هذا من أسبابه أكل الحرام -والعياذ بالله-.

 

ومما يصاب به أكل الحرام: أنه يقع تحت الوعيد بنار جهنم، روى البخاري في صحيحه، عن خولة الأنصارية -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة".

 

وأيضاً، فإن آكل الحرام، منزوع البركة، لا بركة له فيما جمع، وفيما أخذ، قال صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال خَضِر حلو، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورُب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله، ليس له يوم القيامة إلا النار".

 

أيها المسلمون: إن أكل الحرام شر وفتنة، تعب في الدنيا ونار محرقة وعذاب في الآخرة، وقد صح في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بأن العبد يُسأل يوم القيامة، عن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟.

 

إن أكل الحرام قد كثرت به البلوى في هذا الزمان، وصار كثير من الناس بدافع حب المال لا يبالي من أي طريق دخل عليه، لا يفكر في العاقبة ولا يخاف من المسؤولية -نسأل الله العافية-.

 

أيها الإخوة في الله: وإليكم بعض صور أكل الحرام، والذي يفعله ويقع به كثير من الناس إلا من رحم الله، أعظم صورة من صور أكل الحرام: الربا، سواءً كان تعاملاً، أو عملاً في البنوك الربوية، أو البيع والشراء بالذهب، أو العملات على غير الطريق المشروع، أو أية صورة أخرى من صور الربا، كأن يضع الشخص ماله في بنكٍ ويأخذ عليه أرباح، فإن كل هذا وغيره يعد من أكل الحرام: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا)[البقرة: 276].

 

وقال تعالى: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ)[الروم: 39].

 

وتكون النتيجة النهائية: (فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ)[البقرة: 279].

 

ومن صور أكل الحرام: الغش والخيانة: وهذا له صور لا حصر لها، ولكن على سبيل المثال: الموظف الذي يخون في وظيفته، أو يتساهل في أداء عمله، أو يتهرب من أوقات الدوام الرسمي الانتداب والرشوة يعد أكلاً للحرام، أو ذلك الموظف الذي يأخذ فوق الراتب الذي حدد له بأية صورة أخذها، عن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من استعملناه على عمل، فرزقناه رزقاً، فما أخذ بعد ذلك فهو غُلول"[رواه أبو داود بسند صحيح].

 

ومن صور الغش والخيانة: المقاول الذي يخون في مقاولته، أولاً يتمم المواصفات التي قد اتُفق عليها، أو لا يتقن العمل على الوجه المطلوب، فإنه يعتد أكلاً للحرام.

 

والتاجر الذي يزيد في السعر من غير مبرر، أو يكتم ما في السلعة من عيوب، أو يبخس في الكيل والوزن، يعد أكلاً للحرام.

 

ومن صور أكل الحرام: التجارة بالمواد المحرمة وهذه أيضاً له صور لا حصر له، ولكن على سبيل المثال أيضاً: البقالات ومراكز التسويق التي تبيع الدخان أو تبيع المجلات التي عليها صور النساء الخليعة، وتكون بداخلها كتابات سيئة، تحث على العشق والغرام، أو تبيع بعض المجلات الطبية، والتي بحجة أنها طب تُفصح، وتعلم الشباب والشابات أمور وأشياء قد يكونون هم في غفلة عنها.

 

أو تبيع الجرائد التي فيها مقالات خبيثة، وكتابات ضد الإسلام، وتحارب الدين، وتنشر الأفكار السيئة والأخلاق الرديئة، فإنه لا يجوز للمسلم الذي يخاف الله أن يبيع هذه الأشياء ولا عذر له عندما يحتج بأنه لو كانت محرمة، لما دخلت البلاد، فإن الحلال والحرام لا نأخذه من تواجد الشيء ودخوله من عدمه، وإنما الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه.

 

ومن صور التجارة المحرمة: التجارة بآلات اللهو، والمعازف والمزامير، وبيع أشرطة الغناء، وفتح محلات الفيديو لبيع الأفلام الخليعة، فإن كل هذا من أكل الحرام، وليعلم كل من له تجارة ببعض ما ذكرت، أنه يُدخل في بطنه من الحرام، وأنه يغذي أولاده بأكل الحرام -والعياذ بالله-، قال الله -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)[لقمان: 6].

 

قال ابن كثير -رحمه الله- عند تفسير هذه الآية: لما ذكر تعالى حال السعداء وهم الذين يهتدون بكتاب الله، وينتفعون بسماعه، عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب -إلى أن قال: وقيل أراد بقوله: (يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) اشترى المغنيات من الجواري.

 

ثم نقل عن ابن أبي حاتم أنه روى بسنده عن أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن، وأكل أثمانهن حرام".

 

وفيهن أنزل الله -عز وجل-: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)[انتهى كلامه -رحمه الله-].

 

فإذا كان بيع المملوكة المغنية لا يجوز، وثمنها حرام، مع أنها ينتفع بها في غير الغناء كالعمل والخدمة، فكيف يبيع المواد الخاصة بالغناء، كالمعازف والمزامير والأشرطة المملوءة بالأغاني التي غالبها دعوة للعشق والغرام، أو الأفلام التي تعلم الإجرام، كيف تطيب نفس المسلم أن يبيع هذه الأوبئة الخبيثة، ويأكل ثمنها، ويتسبب في نشرها في المجتمع، ويبوء بإثم كل من انحرف بسببها؟ وكيف تطيب نفس المسلم الذي أعطاه الله مالاً حلالاً أن يشتري هذه الأوبئة الخبيثة، والسموم القاتلة المدمرة للأخلاق، ويدخلها في بيته، ويمكن أولاده ونساءه من استماعها ورؤيتها؟

 

ولو مات غداً أو بعد غدٍ، وصار في قبره، تأتيه آثام وأوزار الذين تركهم ورائه، ومكنّ لهم الحرام -والعياذ بالله-.

 

هذا لو ترك هذه الأمور، فكيف بمن يترك لهم الشيطان الأكبر في هذا الوقت -كبيرهم الذي علمهم السحر- "الدش".

 

بل كيف تطيب أنفس المسلمين أن يتركوا هذه المواد الخبيثة، والأمراض القاتلة، تروج في أسواقهم وشوارعهم، وتفُتح معارضها بين بيوتهم، ولا يتحرك فيهم دعوة إلى معروف أو نهي عن منكر، أو كلمة طيبة هادئة لصاحب هذا المحل، ويُذّكر بالله، ويذكر بأن ماله حرام، وأنت الآن، تتغذى من هذا المال وتنفقه على أولادك، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "كل لحم نبت من السحت فالنار أولى به".

 

نسأل الله -عز وجل- أن يهدي ضال المسلمين.

 

ومن صور التجارة المحرمة: الاتجار بملابس النساء التي لا تستر أجسامهن، والتي تغرس الفتنة بين الناس، وبيع الملابس القصيرة والملابس الضيقة، والملابس التي فيها تشبه بالكافرات، وكل لباس يخالف اللباس الشرعي، فإنه لا يجوز بيعه، ولا يجوز تفصيله وخياطته -وهذا لأصحاب المشاغل النسائية، الذين يتعذرون بأن المرأة تريد كذا، ونحن نفصل على حسب طلبها- اعلم يا أخي أنك تساعد في نشر الرذيلة بهذه الصورة، فهذا كله لا يجوز أكل ثمنه، وهو من أكل الحرام، وهذا هو الذي عليه الفتوى من قبل علماء هذه البلاد حفظهم الله؛ لأن في ترويجها شراً وفتنة، وإعانة على المعصية، وما أدى إلى الحرام فهو حرام، والله -تعالى- يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[المائدة: 2].

 

ومن صور التجارة المحرمة: فتح محلات التصوير، أو محلات الرسم، إذا كان الرسم لذوات الأرواح، فإن هذا يعتبر من أكل المال الحرام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن المصورين، وأخبر بأن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون، وأمر بطمس الصور وإهانتها وانتهاكها.

 

وعلى هذا فيحرم بيعها وشراؤها، وأكل ثمنها، والاتجار بها، فالذين يفتحون محلات التصوير، أو يصورون الناس بالأجرة، والذين يبيعون الصور ذوات الأرواح، كلهم عاصون لله ورسوله، متوعدون بأشد الوعيد، وما يأخذون من المال في مقابل ذلك حرام وسحت ومكسب خبيث، والذين يشترون هذه الصور ويعلقونها في بيوتهم ودكاكينهم أو يحتفظون بها للذكريات كما يقال، كل هؤلاء آثمون، ومتعرضون للوعيد الشديد، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، يعني -والله أعلم- ملائكة الرحمة، فالذي يمنع دخول الملائكة في بيته بسبب اقتنائه الصور ذوات الأرواح، هذا إنسان لا خير فيه لنفسه، ولا لأهل بيته، وهو مستبدل للخبث بالطيب بئس للظالمين بدلاً .

 

فالصور لا يحل منها إلا ما كان لضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.

 

اللهم أرنا الحق حقاً ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: ومن صور أكل الحرام: ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كسب الإماء".

 

قال الإمام الخطابي -رحمه الله تعالى-: ووجه حديث أبي هريرة: أنه كان لأهل مكة والمدينة إماءً عليهن ضرائب، يخدمن الناس، ويأخذن أجرهن ويعطين مواليهن ما عليهن من الضرائب.

 

أيها المسلمون: أليست هذه الصور هو ما يفعله بعض أولئك الذين لا يخافون الله، قلوبهم أقسى من الحجارة، يحصل الواحد منهم على عدد من التأشيرات، ثم يستقدم بها عدداً من العمال المساكين، من دول شرق آسيا أو غيرها، ثم يلزمهم بقدر معين من المال ثابت كل شهر، يدفعونه له، ثم يتركهم يبحثون هم لأنفسهم عن أعمال، ويتكسب المسكين لوحده، بدون سكن، ولا مأوى ولا طعام، بل ربما جلس أشهراً لا يجد عملاً، وهو ملزم؛ لأن يدفع لكفيله مبلغاً من المال شهرياً وإلا فهو مهدد بالتسفير، ويتحمل قيمة التذاكر للعودة، وربما استدان هو في بلده لكي يتمكن من القدوم، أو دفع رشاوي باهظة لمكاتب الاستقدام هناك، لكي يتمكن من المجيء.

 

وهذا المجرم، يأكل عرق ثلاثين أو أربعين عامل شهرياً، وبدون مقابل نثرهم في الشوارع تجدهم يتكسبون بغسيل السيارات، أو حمل الأمتعة في سوق الخضار ونحوها.

 

وإذا لم يتمكن من جمع الضريبة التي فرضت على رقبته ماذا يفعل، يضطر للسرقة، لكي لا يسّفر أو يضطر إلى جمع المال بطرق محرمة غير مشروعة؛ لأن أرباحها أكثر، فيُدفع دفعاً للتجارة بالمخدرات، أو عمل مصنع للخمر في أحد الشقق الخربة، أو نحو هذه الأعمال، من الذي دفعه إلى هذا، ومن الذي تسبب في نشر السرقات والرذيلة في المجتمع، من الذي تسبب في نشر الفوضى في البلد، ذلك المجرم الأول، الذي تكون صحيفته بيضاء لدى السلطات، لو قبض على أحد هؤلاء وهو يبيع الخمر أو المخدرات.

 

حتى إنه بلغني أن بعضهم يلزمه عند أول استقدامه أن يوقع على ورقة بأنه قد استلم رواتب سنتين مقدماً مع قيمة التذاكر للعودة، وفوق هذا لا يجدد له الإقامة كلما انتهت، ويتبهذل هذا الفقير، ولو قبض عليه بإقامة منتهية، أو أنه يعمل في غير موقعه الأصلي، أُخذ من قبل السلطات الرسمية، وربما آذوه أيضاً بالضرب من قبل بعض العساكر أو بالسجن، ولو رُجع إلى كفيله أخرج لهم تلك الورقة التي أُلزم بها هذا أن يوقع عليها، ولا شيء عليه، ثم يبقى هذا في السجن أو التوقيف مدة -الله أعلم بها-، ولو طلبوا من كفيله أن يرجعه، قال: قد أخذ واستلم قيمة التذاكر، والكل يعلم باللعبة، السائل والمسئول والمسجون والساجن، كلهم يعلمون الحقيقة، لكن لا حول ولا قوة إلا بالله، لا نقول: إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

بل إن بعضهم من شدة مكره وخبثه، يتعاقد معه براتب تسع مئة ريال في بلده، وإذا أتى هنا، وقع معه عقد آخر بثلاث مئة ريال، وهو يعطي العامل صورة من العقد الأول، وتكون باللغة الإنجليزية، ويوقع معه العقد الثاني باللغة العربية هنا إذا أتى، ولا يعطيه صورة منها، وربما وقع العامل وهو لا يدري ما هذه الورقة، ثم إذا اشتكى العامل في مكتب العمل، وحضر السيد الكفيل، أخرج لهم العقد الآخر وهو لا ينكر العقد الأول، لكن يعلم بأن هناك مادة في نظام العمل والعمال، تقول، بأن العقد المتأخر ناسخ لما قبله -حسبنا الله ونعم الوكيل-.

 

أما يخاف هؤلاء من الله، الظلم يصل إلى هذا الحد؟ أما وجدت أن تأكل إلا أموال الفقراء والمساكين؟ أما تخشى أن يسلط الله عليك عذاباً في الدنيا قبل الآخرة، فيموت أحد أولادك، أو يحترق بيتك على أهلك، أو تبتلى بالأمراض المزمنة بسبب دعوة يطلقها أحد هؤلاء الذين يأكل عرقهم ليل نهار، فتنتقل من مستشفى إلى آخر، لا تهنأ بطعام ولا تهنأ بشراب، لا ترتاح في منام؟

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون- اتقوا الله، واعلموا بأن أكل الحرام كله شر، وكله عذاب، وأشد أنواعه أكل أموال اليتامى والفقراء والمحاويج، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)[النساء: 10].

 

اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك.

 

 

 

المرفقات

من أكل الحرام

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات