صفة الصلاة

زيد بن مسفر البحري

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/ وجوب أداء الصلاة كما أداها النبي عليه السلام 2/ صفة الصلاة كما علمناها النبي عليه السلام 3/ من أخطاء بعض المصلين

اقتباس

في الجمعة السالفة كان حديثنا عن صفة الوضوء، فإذا أحسن المسلم وضوءه فإنه يستقبل القبلة، وقبل أن يكبّر تكبيرة الإحرام عليه أن لا يتلفظ بأي قول، فما يُسمع من بعض المأمومين حينما يفرغ المؤذن من الإقامة من قول: توجهنا إلى الله، أو اللهم اجعل لنا منها حظًّا ونصيبًا، أو ..

 

 

 

 

أما بعد: 

فيا عباد الله: ثبت في الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى ذات يوم على المنبر، فكان إذا أراد أن يسجد نزل إلى الأرض ثم سجد عليها، فلما فرغ قال -عليه الصلاة والسلام-: "إنما فعلت ذلك لتأتموا بي، ولِتعلَّموا صلاتي". وقد أمر -عليه الصلاة والسلام- كما عند البخاري أن نصلي كصلاته -صلى الله عليه وسلم- فقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".

في الجمعة السالفة كان حديثنا عن صفة الوضوء، فإذا أحسن المسلم وضوءه فإنه يستقبل القبلة، وقبل أن يكبّر تكبيرة الإحرام عليه أن لا يتلفظ بأي قول، فما يُسمع من بعض المأمومين حينما يفرغ المؤذن من الإقامة من قول: توجهنا إلى الله، أو اللهم اجعل لنا منها حظًّا ونصيبًا، أو ما شابه ذلك، لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل كان عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كما في الصحيحين "كان إذا قام في مصلاه كبّر"، فلم يسبق التكبيرة بأي لفظ، فعلى المسلم أن يتقيد بسنته -عليه الصلاة والسلام-.

فيكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: "الله أكبر". وعليه أن يستحضر معناها، "الله أكبر" أي من كل شيء، بمعنى أن ما في ذهني أو ما في كياني من الدنيا من الهموم ومن الأحزان تتلاشى؛ لأن الله -عز وجل- أكبر من كل شيء، ولذا -عليه الصلاة والسلام- كما عند أبي داود إذا حزبه أمر قال: "أرحنا بها يا بلال"، بينما الواحد منَّا لو جاءه أمر يُثْقله أو همٌّ يقْلِقه فإن الصلاة تكون عليه ثقيلة، بينما حال النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس كذلك؛ لأنه يعلم أن الله -عز وجل- أكبر من كل شيء.

فيكبر تكبيرة الإحرام، والسنة له في مثل هذا الموطن أن يرفع يديه مضمومتي الأصابع إما حذو منكبيه وإما حيال أذنيه، ورد هذا وورد هذا، وإن فعل المسلم ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجوه متنوعة، لو فعل ذلك مرة ومرة فعل الأخرى لكان أفضل وأحسن، وأما ما يفعله البعض من كونه يضع إبهاميه عند شحمة أذنيه، فإن هذا قد جاء في سنن أبي داود لكنه حديث ضعيف، وأما السنة كما أسلفتُ إما أن يكون الرفع حذو منكبيه أو حيال أذنيه، وتكون الأصابع مضمومة، ويستحضر المسلم بأن هذا الرفع زينة للصلاة، وأنه تعظيم لله -عز وجل- تعظيمًا فعليًّا، فإنه لما عظَّم الله سبحانه وتعالى بقول: "الله أكبر"، فإنه ذكَّر نفسه بتعظيم فعلي، وذلك بأن يرفع يديه، وليعلم أيضًا أن الرفع إيذان بأنه أحرم في الصلاة، وأنه دخل في مناجاة الله -عز وجل-، إلى غير ذلك من الحكم التي ذكرها العلماء في استحباب رفع اليدين.

والرفع -عباد الله- إما أن يكون مع التكبير، فيكون الرفع مقارنًا للتكبير، وإما أن تبدأ بالرفع ثم تقول: "الله أكبر"، أو تقول: "الله أكبر" ثم ترفع يديك، كل هذا وارد، فهذه الصفات الثلاث واردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلو فعلها المسلم أحيانًا وأحيانًا، مرة هذه ومرة تلك فهذا خير عظيم.

فإذا رفع يديه مع التكبير أو قبل التكبير أو بعد التكبير فإن السنة في حقه أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره في الصلاة، وليس المقصود أن يُبالغ في هذا مثل ما يفعل البعض، ربما يرفع يديه إلى أن يصل إلى حنجرته، كلا، الصدر محيطه واسع، وإنما يكون في الوسط، تكون اليدان اليمنى على اليسرى على الصدر في الوسط، وما يفعله البعض من جعل اليمنى على اليسرى جهة الصدر الأيسر باعتبار أن القلب فيها فهذا ليس واردًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وشرع الله لا يخضع للاستحسانات ولا للآراء، وإنما يكون اتباعًا واقتداءً وتأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

والسنة في حق المسلم أنه من حين ما يرفع مباشرة يضع اليدين على الصدر؛ لأن البعض من الناس يرفع يديه ثم ينزلهما حتى تصل جانبيه، ثم يرفعهما مرة أخرى، ثم يضعهما على الصدر، فهذا ليس من السنة، السنة من حين ما ترفع وتنزل يديك تضع اليمنى على اليسرى على صدرك.

والسنة في حقك أن تنظر إلى موضع سجودك في الصلاة كما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-.

فيقرأ المسلم دعاء الاستفتاح، فيبدأ بدعاء الاستفتاح، ودعاء الاستفتاح إنما يكون في الركعة الأولى، الركعة الثانية والثالثة والرابعة ليس فيها استفتاح، إنما الاستفتاح في الركعة الأولى بعدما يكبر، وأنواع الاستفتاحات كثيرة، مَنْ فعل واحدًا منها أصاب السنة، ومن فعلها مرارًا -مرةً هذا النوع ومرةً هذا النوع- فهذا خير عظيم وأجر كبير، فيستفتح وهو سنة عند جماهير العلماء لو تركه لما بطلت صلاته، ثم يستعيذ بالله -عز وجل- من الشيطان الرجيم، ثم يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم يقرأ الفاتحة.

وقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في حق الإمام وفي حق المنفرد، وكذلك في حق المأموم على الصحيح، سواء أكان في صلاة سرية أم جهرية، ومن ثم فإن الناس كثيرًا ما يسألون عن قراءتهم للفاتحة إذا قرأ الإمام في صلاة جهرية بعد الفاتحة حينما يقرأ سورة، هل يقرأ أم لا؟! خلاف بين العلماء، والذي عليه الفتوى من لدن الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليهما- وهو قول لبعض سلف هذه الأمة أنه يقرأ سورة الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ؛ لأن سورة الفاتحة مستثناة من قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف: 204]، وثبت في المسند بإسناد حسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم!!"، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا إلا بأم الكتاب"، ثم إذا قرأ الفاتحة فإن السنة في حقه أن يقول: "آمين"، ومعناها: "اللهم استجب"، لأن في الفاتحة دعاء، وهو قول: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)، فنقول: "آمين"، وليست من الفاتحة، وهي سنة، لو تركها لا شيء عليه، لكن الأفضل أن يؤتى بها، وإذا كانت في صلاة جهرية فالسنة في حق المأموم أن يجهر بها وأن يرفع بها صوته كما هي السنة في حق الإمام، ويكون قولها بعد قول: (وَلاَ الضَّالِّينَ)، يقولها الإمام ويتابعه المأموم في قولها، وأما ما يصنعه البعض من مسابقة الإمام بالتأمين قبل أن ينهي الفاتحة فهذا من المسابقة للإمام التي رتب النبي -عليه الصلاة والسلام- عليها وعيدًا شديدًا، فلا يجوز لأحد أن يقول: "آمين" قبل أن يفرغ الإمام من قول: (وَلاَ الضَّالِّينَ).

فإذا قرأ سورة الفاتحة فإن السنة له في الركعة الأولى والثانية، السنة له أن يقرأ سورة أو ما تيسر من القرآن وليست واجبة؛ لأن البعض من الناس نسمعهم إذا قرأ الإمام الفاتحة في صلاة جهرية يقرأ بالفاتحة ويقرأ سورة أخرى يظن أن صلاته لا تصح إلا بقراءة السورة الأخرى، وهذا وقع في خطأ، كيف وقع في خطأ؟!

أولاً: هذه السورة التي بعد الفاتحة سنة.

ثانيًا: أنه يقرأ سورة والإمام يقرأ، ومعلوم أن الإمام إذا قرأ لا يجوز لأحد أن يقرأ لا قرآنًا ولا ذكرًا ولا تسبيحًا ولا ذكرًا ولا استغفارًا ولا غير ذلك، اللهم إلا ما استثناه الشرع من قراءة الفاتحة فقط، ولذلك لو أتيت إلى الإمام وهو يقرأ في الفاتحة وكبرت تكبيرة الإحرام لا تستفتح إنما تستمع، لم؟! لأن دعاء الاستفتاح سنة، ولو استفتحت لخالفت الإمام، قرأت والإمام يقرأ، ومعلوم -كما أسلفت- أن المأموم لا يقرأ شيئًا البتَّة لا قراءة ولا ذكرًا والإمام يقرأ إلا الفاتحة فقط، فيقرأ هذه السورة أو ما تيسر من القرآن، وهي سنة؛ لأنه جاء في قصة معاذ مع ذلك الرجل أنه لما أطال معاذ في القراءة، انصرف هذا الرجل من الصلاة فأتى إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "ماذا تقول في صلاتك؟!"، قال: أقرأ الفاتحة، وأسأل الله الجنة، وأستعيذ به من النار، ولا أُحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "حولها ندندن"، يعني ما أكثرنا من القراءة ولا أطلنا في الركوع ولا في السجود إلا من أجل أن يدخلنا الله الجنة وأن يعيذنا من النار، فإذا فرغ من السورة أو ما تيسر من القرآن فإنه يكبر تكبيرة الانتقال، فيكبّر للركوع، وما يصنع البعض من تأخير التكبير إلى أن يصل إلى الركوع، فهذا خطأ، فمن حين ما تنحني تكبِّر مباشرة، أما ما يفعله البعض -وهو أنه ينحني إلى الركوع وهو ساكت- فإذا وصل إلى الركوع قال: "الله أكبر"، فهذا خطأ، السنة من حين ما تنحني تكبّر، والسنة أن ترفع يديك مع تكبيرة الركوع.

وتكون صفة الركوع أن يكون الظهر متساويًا مع الرأس، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما يركع، يقول الراوي: "لو صُبَّ الماء على ظهره لاستقر"، من استقامة ظهره -عليه الصلاة والسلام-، فيقول: "سبحان ربي العظيم"، لو قالها مرة كفت، وهذا هو الواجب، وأدنى الكمال ثلاث، ولا حد لأكثره، وكلما كان الإنسان معظمًا لله -سبحانه وتعالى- في ركوعه كان أفضل وأعظم، فإن كان الإنسان يحفظ ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من تعظيم لله -عز وجل- في الركوع فشيء حسن، لكن إن لم يحفظ يقول: "سبحان ربي العظيم"، ثم يعظم الله -عز وجل- بما يليق به -سبحانه وتعالى-، فإذا رفع من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده"، ومعناها: استجاب الله لمن حمده، ولذلك إذا قلنا: "سمع الله لمن حمده"، ماذا نقول؟! نقول: "ربنا ولك الحمد"، يعني ربنا استجب ولك الحمد.

وهنا يخطئ بعض الأئمة، بل إني أقول: إنه يجني على المأمومين؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال -كما عند البخاري- عن الأئمة قال: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم"، فيجني على نفسه قبل أن يجني على إخوانه المصلين، بعض الأئمة إذا رفع رأسه من الركوع لا يقول شيئًا، فإذا رفع رأسه لم يقل شيئًا، فإذا انتصب قائمًا قال: "سمع الله لمن حمده"، وهذا خطأ، من حين ما ترفع تقول: "سمع الله لمن حمده" مثل ما ذُكر في التكبير؛ لأن البعض من المسبوقين قد يأتي والإمام خلفه ثلاثة صفوف أو عشرة صفوف، فيظن هذا المأموم أن الإمام ما زال راكعًا فيظن أنه قد أدرك الركعة، وهو في حقيقة الواقع لم يدرك الركعة؛ لأن الإمام قد قام وانتصب، وهنا خطأ، يجب في مثل هذا الموضع أن يبدأ الإمام قائلاً -حينما يرفع رأسه من الركوع-: "سمع الله لمن حمده"، ثم يقول الجميع: "ربنا ولك الحمد"، هذا هو الواجب، وإن زاد "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه ملء السماوات والأرض..."، إلى آخر ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا شيء حسن، لكن إن كان لا يحفظ والإمام يطيل يمكن أن يكرر: "ربنا ولك الحمد، ربنا ولك الحمد"، جاءت بذلك السنة في سنن أبي داود، فإذا أراد أن يسجد يكبر من حين ما ينحني، ولذلك بعض الناس -وهذا الخطأ هو نفس الخطئين السابقين- يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد"، ثم وهو نازل يقول: "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه ملء السماوات والأرض"، فإذا وصل إلى السجود قال: "الله أكبر"، فهذا خطأ، من حين ما تنحني انتهى ذكر القيام الذي بعد الركوع، فمن حين ما تنحني تبدأ بالتكبير، والسنة -في أصح قولي العلماء فيما أراه- أنه يبدأ بركبتيه قبل يديه، وإن كان عاجزًا فيمكن أن يقدم يديه قبل ركبتيه، لكن السنة فيما يظهر -والعلم عند الله- أنه يقدم ركبتيه قبل يديه.

والسنة في هذا السجود أن يضم أصابع كفيه مستقبلاً بهما القبلة، وأن يرفع ذراعيه ولا يبسطهما بسط الكلب، ويجافي عن عضديه ويرفع فخذيه عن ساقيه وبطنه عن فخذيه، هذا إذا كان منفردًا أو إمامًا، أو مأمومًا بحيث لا يشق على إخوانه، فإن كان عن جانبيه أحد يشق عليه إذا جافى فلا يجافي لأنها سنة، كما أن السنة في الركوع أنه يضع كفيه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ليست مضمومة، وإنما مفرجتي الأصابع كأنه يعتمد عليها لا يمسهما مسًّا فقط، لا، كأنه معتمد عليها كما كان يفعل -عليه الصلاة والسلام-، والسجود يكون على الأعضاء السبعة (الجبهة مع الأنف - وأطراف أصابع القدمين - والكفين – والركبتين)، ولذلك إذا لم يسجد الإنسان على هذه الأعضاء السبعة فإن سجوده لا يصح، ومن ثم إذا لم يصح السجود -وهو ركن- لم تصح الصلاة، ومن هنا تقع أخطاء، من بينها:

أن البعض من الناس يسجد على جبهته دون أن يلامس أنفه الأرض، هذا خطأ، لابد أن يصل الأنف إلى الأرض مع الجبهة، وليس معنى هذا كما أسلفتُ أن يبالغ الإنسان وأن يضغط على جبينه وعلى أنفه في الأرض، لا، وإنما المراد أن يصل الأنف إلى الأرض ملامسًا لها وكذلك الجبهة.

ومن الأخطاء: أن البعض -وخصوصًا الشباب- إذا سجد سجد على أطراف أصابعه، وباطن الكفين لا يصلان إلى الأرض ولا يمسان الأرض إذا سجد، وهذا خطأ، فلابد أن تسجد بجميع الكف على الأرض.

ومن الأخطاء: أن البعض يرفع أطراف وأصابع قدميه فلا يمس أصابع قدميه الأرض، وهذا خطأ، لابد أن يسجد على أصابع قدميه، والسنة في حقه أن يرص عقبيه فيلصق العقبين بعضهما ببعض، هذا هو السنة، ولو فرَّج فلا بأس بذلك، لكن السنة كما صح عند ابن خزيمة أن يرص عقبيه، ويقول: "سبحان ربي الأعلى"، والواجب مرة واحدة، وإن قالها ثلاثًا فهو أكمل، وإن زاد فهو أفضل، ولكن في السجود عليه أن يُكثر من الدعاء، كما أن الركوع كما قلتُ عليه أن يكثر من تعظيم الله -عز وجل-، وليس معنى هذا أن الركوع لا يدعى فيه الله -عز وجل-، لا، لو دعا في بعض الأحيان في الركوع لا بأس بذلك، وردت بذلك السنة، ولو عظَّم الله -سبحانه وتعالى- في سجوده في بعض الأحيان فقد وردت بذلك السنة، لكن الغالبية في الركوع هو تعظيم الله -عز وجل-، والغالبية في السجود هو دعاء الله -عز وجل-.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

ثم يرفع من السجود قائلاً من حين الرفع: "الله أكبر"، وبين السجدتين تكون اليدان اليمنى موضوعة على فخذه الأيمن وأطراف أصابعه ممدودة إلى ركبتيه اليمنى، واليد اليسرى موضوعة على فخذه الأيسر، وأطراف أصابع يديه عند ركبة قدمه اليسرى، ويقول: "رب اغفر لي"، هذا هو الواجب، وإن زاد مما وردت به السنة فهو حسن، وإن كرر "رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي"، جاءت بذلك السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا الدعاء يقال بين السجدتين؛ لأن البعض من الناس يقولها من حين ما يرفع، لا، هذا الدعاء يقال إذا استتممت جالسًا؛ لأن البعض من الناس وهو ساجد ينهي التكبير في لحظة الرفع ويقول: رب اغفر لي، هذا القول يجب أن يكون وأنت جالس قد استتممت في الجلوس، كما هو الشأن في بعض الناس حينما يرفع قائمًا إلى الركوع الثاني قبل أن ينتصب قائمًا يقول: (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، هذا خطأ، قراءة الفاتحة لابد أن تكون وأنت قائم لا تصح وأنت منحنٍ، اللهم إلا إن كنت عاجزًا تعرف أنك لو وصلت إلى القيام ربما ما تدرك الإمام في قراءة الفاتحة، فهذا شيء آخر، أما وأنت سليم قادر على أن تأتي بها فيجب عليك أن تأتي بها وأنت قائم.

فيقول: "رب اغفر لي، وارحمني وعافني واهدني وارفعني وارزقني واجبرني"، إلى غير ذلك مما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-.

وهنا أمر وهو أن البعض من الناس لا تصح له صلاة، لم؟! لأنه من حين ما يرفع من السجود مباشرة يسجد السجدة الثانية، هذا خطأ، أين الطمأنينة؟! يجب أن تكون الطمأنينة موجودة في جميع الأركان، كما يفعل بعضهم إذا رفع من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده"، ثم مباشرة يهوي ساجدًا، هذا خطأ، لابد أن يستتم قائمًا، وأن يطمئن في قيامه.

فيسجد السجدة الثانية ثم يقوم إلى الركعة الثانية، وكما أسلفت لا يقرأ الفاتحة حال نهوضه، وإنما إذا انتصب قائمًا، فيفعل في الركعة الثانية ما فعل في ركعته الأولى ما عدا دعاء الاستفتاح، فدعاء الاستفتاح لا يقال إلا في الركعة الأولى فقط، ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا استتم قائمًا، ثم يبسمل ثم يقرأ الفاتحة، ويفعل في ركعته الثانية ما فعل في ركعته الأولى، ثم إذا رفع من السجدة الثانية في الركعة الثانية، هنا يأتي التشهد، فإن كانت الصلاة ثنائية مثل الفجر أو الكسوف أو الاستسقاء أو العيدين، فهذا التشهد يكون في حقه التشهد الأخير فيتشهد "التحيات لله"، إلى آخر ما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-، ولا يجوز أن تبدل الألفاظ، وأن توضع ألفاظ مكان أخرى، لأن البعض من الناس يمكن أن يقرأ التشهد في مكان "رب اغفر لي"، هذا خطأ، "رب اغفر لي" بين السجدتين، والتشهد إذا رفع من السجدة الثانية من الركعة الثانية، هذا هو مقام التشهد، فلا يخلط بين الأمرين، فيتشهد التشهد الكامل، والسنة في حقه، ويتأكد بل أوجبها بعض العلماء، وهو قول قوي، وهو أنه في التشهد الأخير يقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال"، وهنا إذا جلس للتشهد الأخير في الصلاة الثنائية كصلاة الفجر هنا يجلس مفترشًا، وجلسة الافتراش تكون أيضًا بين السجدتين، وتكون في التشهد في الصلاة الثنائية.

ما هو الافتراش؟! الافتراش: أن ينصب رجله اليمنى وتكون أطراف أصابع اليمنى تجاه القبلة، وأما الرجل اليسرى فإنه يفرشها ويجلس بمقعدته على رجله اليسرى، إذًا تكون اليمنى منصوبة وتكون اليسرى مفروشة جالسًا بمقعدته عليها، وتكون يداه كما أسلفنا بين السجدتين تكون في التشهد، ولكنه في مثل هذه الحال تكون اليسرى مبسوطة وتكون اليمنى مضمومة الأصابع، يضم أصابعه، وإما يُحلِّق بأن يضع الإبهام على الوسطى ثم يشير ويحرك بها إذا دعا.

وهل التشهد كله دعاء؟! بمعنى أنه من حين ما أجلس للتشهد أرفع إلى أن أفرغ من التشهد، أم أنه فقط في الدعاء إذا قلت مثلاً: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة"؟! هذا محتمل وهذا محتمل، والأمر في ذلك واسع.

هذا إذا كانت الصلاة ثنائية، أما إذا كانت الصلاة ثلاثية مثل المغرب، أو كانت رباعية مثل الظهر والعصر والعشاء، فهنا يأتي شيء آخر زائد. ولعل الحديث يتصل بنا في الجمعة القادمة حتى لا نطيل عليكم وحتى لا نزحم أذهانكم بالمعلومات.
 

 

 

 

المرفقات

الصلاة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات