صراع الخير والشر

ناصر بن محمد الأحمد

2014-11-18 - 1436/01/25
التصنيفات: بناء المجتمع
عناصر الخطبة
1/استمرار الصراع بين الخير والشر 2/صراع المؤمن مع نفسه الأمارة بالسوء 3/صراع المؤمن ومقاومته للشرور المنتشرة في مجتمعه 4/صراع المؤمن ومقاومته للشرور المنتشرة في العالم 5/أعظم شر يجب محاربته

اقتباس

اعلم -أخي المسلم- بأن الصراع أزلي في حياة الإنسان، إن وجود عدو يصارع الإنسان أمر ضروري لابد منه، أياً كان هذا الإنسان، بغض النظر عن لونه أو شكله أو دينه أو جنسه، فلا يتصور للإنسان وجود على ظهر هذه الأرض إن لم يوجد العدو الذي يوجه إليه...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

حقيقة بدهية يدور حولها خطبتنا في هذه الجمعة، وهي اعلم -أخي المسلم- بأن الصراع أزلي في حياة الإنسان، إن وجود عدو يصارع الإنسان أمر ضروري لابد منه، أياً كان هذا الإنسان، بغض النظر عن لونه أو شكله أو دينه أو جنسه، فلا يتصور للإنسان وجود على ظهر هذه الأرض إن لم يوجد العدو الذي يوجه إليه عداءه، ومتى خلت حياته من عدو وجّه عداءه إلى من لا يعاديه؟.

 

فإذا رفض بعض الناس النزول إلى حلبة الصراع، ورفضوا معاداة الآخرين، فإن هؤلاء الذين رفضت عداءهم ينصبون لك الأحابيل، ويضعون لك المخططات لتدميرك وهلاكك، ولا يلقون سلاحهم، حتى يصلوا إلى أهدافهم.

 

قال الله -تعالى- في كتابه، مؤكداً هذه الحقيقة: (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)[هود: 118- 119].

 

ومن الاختلاف ينشأ الصراع، ويتعادى البشر فيما بينهم، ويقول جل وتعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)[الأنعام: 112].

 

هذه سنة من سنن الله في خلقه، فلا يصلح أن يطمح المرء في أن يعيش حياةً هادئة لا يعكر صفوها مكر الأعداء، وظلم الأشقياء، ومؤامرات الفسقة، بل على المسلم أن يوطن نفسه على خوض صراع طويل طويل، لا يتوقف إلا إذا توقف في الإنسان نبضات قلبه.

 

أيها الأحبة: مادام الأمر كذلك، والصرع صار ضرورياً لا انفكاك عنه، تأتي الخطوة التي بعدها، وهي تحديد العدو، فإذا لم يوفق الإنسان في تحديد عدوه فإنه قد يتخذ العدو صديقاً، والصديق عدواً.

 

ومنهم عدوٌ كاشرٌ عن عدائه *** ومنهم عدو في ثياب الأصادق

ومنهم قريب أعظم الخطب قربه *** له فيكم فعل العدو المفارق

 

الله -جل وتعالى- عندما خلق آدم، حدد له عدوه تحديداً بيناً، فقال سبحانه: (يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى)[طـه: 117].

 

إن هذا عدو لك ولزوجك -تحديد واضح-، وعندما أوجد سبحانه بنيه، حدد لهم عدوهم، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ)[الأعراف: 27].

 

وقال سبحانه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)[فاطر: 6].

 

نخلص من هذا بأن تحديد العدو ومعرفته أمر ضروري في نجاح الإنسان في صراعه مع القوى التي تريد تحطيمه.

 

أيها المسلمون: هناك ثلاث مجالات للصراع ينبغي للمؤمن أن يخوض غمارها ما بقي على هذه الحياة.

 

المجال الأول: صراع المسلم مع نفسه التي بين جنبيه: فالنفس أمارة بالسوء، والشيطان يستغلها، ويزين لها الباطل ويديم لها الوسوسة: (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * من الجنة والناس)[الناس: 5- 6].

 

إن الشيطان يحاول أن يثني المؤمن عن كل خير، فإذا أراد الجهاد قعد له في طريق الجهاد، وقال له: تجاهد فتقتل، فتنكح المرأة، ويقسم المال.

 

وإذا أراد الهجرة، قعد له في طريق الهجرة وقال له: تهاجر وتدع أرضك وسماءك.

 

وإذا أراد أن يتصدق حرّك الشح والبخل في قلبه، وإذا أراد أن يدعو إلى دين الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال له الشيطان: يبغضك المجتمع، وتوسم بالتطرف والإرهاب، وربما تضايق أو قد تسجن.

 

وإذا أراد أن يغيّر واقعاً سيئاً حوله، في عمله أو سوقه، أتاه الشيطان: دع الناس وشأنهم، كل الناس يرون ما ترى، ويعلمون أكثر منك، لا تورط نفسك، ولا تقطع رزقك بيدك، وهكذا، ما أن يريد الإنسان أن يطرق باب خير إلا جاء إبليس، وحاول أن يغلق هذا الباب دونه.

 

وفي المقابل لا يدع أمراً يحبه الله إلا زيّن للعبد مخالفته، ولا أمراً مكروهاً لله، إلا وزين له مقارفته، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)[البقرة: 169].

 

فالإنسان في صراع دائم في نفسه مع الشيطان لا ينتهي.

 

أيها المسلمون: اعلموا -حفظني الله وإياكم من نزغات الشيطان ووساوسه- أن الشيطان مخلوق ذكي، وذكي جداً، وقد استخدم ذكاءه الحاد في الإفساد والإضلال.

 

الشيطان يعلم أن فلاح الإنسان ونعيمه إنما هو في فقه دين الله، لذا فهو يزين للإنسان خلاف منهج الله.

 

وسبيل الشيطان إلى تحقيق مراده من الإنسان هو تزيين الفاحشة والمعصية، وتحسين الباطل حتى يندفع الإنسان إليها ذاتياً.

 

كذلك اعلموا -رحمكم الله وسلمكم- بأن الشيطان ليس لوحده، إنما يقف معه من البشر أولئك الذين خرجوا عن منهج الله ودينه وشريعته؛ وهؤلاء أصناف لا عد لهم ولا حصر، من اليهود والنصارى والمنافقين والملحدين والعلمانيين وغيرهم.

 

وكل هؤلاء تجمعهم راية واحدة، وهي التي سماها الله في كتابه: "حزب الشيطان".

 

فها هنا نقطة مهمة جداً، لا بد من التنبيه إليها، وهو أنه ليس من الضروري أن كل من هو من حزب الشيطان أن يعلن صراحة انتمائه إلى هذا الحزب، ويعلن ولاءه الصريح للشيطان أبداً، فقد يكون من هؤلاء من يصلي، ويرى في المناسبات العامة كالجمعة والعيدين، بل قد يلعن أمام الناس حزب الشيطان، لكن المحصلة النهائية أن إبليس راض عنه، وهو يعمل لصالحه، ويفسد في الأرض، وإن تبرأ بلسانه منه، فكل من يسير على مبدأ أو منهج أو عقيدة أو طريق يخالف ما جاء من عند الله، فإن الشيطان يرضاه، ويبارك في خطواته.

 

ومن مجالات الصراع أيضاً مجال الأمة الإسلامية: إن هذه الأمة ما أوجدها الباري -سبحانه وتعالى-، إلا لتكون أمة فاضلة، أمة راقية، تقر بالفضائل، وتنبذ الرذائل.

 

ولا بأس أن أضرب مثلاً، يوضح المقصود: أرأيتم المدن الراقية في العالم، كيف يحافظ أصحابها على نظافتها وجمالها؟

 

يتعاون فيها الأفراد مع أجهزة الدولة، لتبقى المدينة نظيفة طاهرة، ماذا يحدث لو قلت عناية الناس بالنظافة، وامتنعت البلدية من جمع الأوساخ وتنظيف الحواري والأحياء؟

 

لاشك أن هذه المدينة تصبح بعد فترة وجيزة من الزمن كتلة من القاذورات تصعب الحياة فيها، ننقل هذا المثال على أمة الإسلام، لا شك أن الضعف البشري موجود، والتقصير موجود، لذا، فلا بد من قاذورات تسقط هنا وهناك عليه، لابد من التنقية والتنظيف.

 

ما الذي يطهر المجتمع من الأوساخ؟ ما الذي يُبقي المجتمع المسلم طاهراً نقياً؟

 

إنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

أهل الحسبة، ورجال الهيئة هم الذين يتتبعون وسخ الناس وقاذوراتهم، لكي لا تخرج رائحتها فتؤذي الآخرين.

 

والأصل في هذه الشريعة أننا كلنا أهل حسبة ورجال هيئة، وليس الأمر والنهي مقصور ومحصور في فئة بعينها، بل إن من طليعة ما يذكر من خصائص هذه الأمة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال جل شأنه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ)[التوبة: 71].

 

إن الفئة العليا في هذه الأمة، والفئة الممتازة هي التي نذرت نفسها لتقويم المعوج، وإصلاح الفاسد؛ كما قال سبحانه: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران: 104].

 

ومتى ما تخلت الأمة عن القيام بهذا الدور، وقصرت فيه، أصابها البلاء والانحراف، ودب إليها الوهن، وغضب الله عليها ولعنها، وأصبح حالها كحال بني إسرائيل من قبل: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ)[المائدة: 78 - 79].

 

ولقد قام العلماء والمصلحون والدعاة على مدار تاريخ الأمة بهذا الدور الجبار، محافظين على نقاوة المجتمع من أن يدنسه نتن الفسقة وأصحاب الشهوات الدنيئة، إلى أن هبت علينا في الآونة الأخيرة رياح الغرب العاتية التي تريد أن توقف هذا التيار، وتدمر البقية الباقية من هذا الأصل، فجاء دعاتهم يقولون: مالكم وللآخرين، الناس أحرار فيما يفعلون، هذه حرية شخصية، الإنسان في بيته يفعل ما يريد؟ فماذا كانت النتيجة بمجتمعات المسلمين؟

 

ظهر الزنا وفشا، وتبرجت المرأة، وشربت الخمور، وأعلن الربا جهاراً نهاراً، وسمعت المعازف في شوارع الناس وأسواقهم، وضيعت الصلوات وانتشرت المسرحيات، وذبحت القيم والأخلاق، وبان العهر والرذيلة، وتسكع الشباب والشابات، وأمور لا حصر لها ولا نهاية، باسم الحرية.

 

فكل محاولة لتقليص جهود الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ما هو إلا سرعة في إيصال الأمة إلى هاوية الرذيلة.

 

فهذا الصراع سيبقى قائماً بإذن الله، ولن تتخلى هذه الأمة عن هذه الخاصية مهما حاول أعداءها من خارجها أو داخلها سحب هذه الورقة منها.

 

إن هذه الشعلة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنطفئ، مهما حاول من لا يحبون النظافة، ويعشقون القاذورات أن يقضوا عليها أو يمنعوا من تمددها، فإن هذا دين الله -عز وجل-، ولن يصارع أحد دين الله إلا غُلب، ونكّس رأسه، ورُغم أنفه، ثم فُضح على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، وستبقى طائفة من هذه الأمة ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، قال الله: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا)[الطارق: 15 - 17].

 

نفعني الله وإياكم ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

المجال الثالث للصراع الذي ينبغي للمسلم أن يخوض غماره، هو المجال العالمي: مقاومة الشر في العالم كله، فالإسلام دين عالمي أنزل للبشرية جميعاً ورسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- رسول عالمي أرسل للعالم كله.

 

ومهمة المسلم مهمة عالمية، لا يمكن أن تحد بحدود أو تقيد بقيود، قد يقول البعض: بأن هذا يستحيل في ظل الظروف الحالية، والأوضاع الدولية، والاتفاقات المبرمة بعدم التدخل في شؤون أية دولة.

 

فنقول: بأن هذا هو الأصل، والمسلم يحاول كسر هذه الحواجز بكل ما أوتي من حيلة ووسيلة، ويحاول أن يستفيد ويستغل كل السبل الحالية المتاحة، في تبليغ دين الله إلى كل مكان، وهذا الوضع الحالي الذي نعيشه هذه الفترة لا يمكن أن تستمر، ولا يبقى الوضع هكذا دائماً، فإن الثبات أمر يخالف سنن الله -جل وتعالى- في الكون، في هذه الأشياء التي ذكرتها، فإن بعد الضعف قوة، وبعد القوة ضعف وهكذا: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[آل عمران: 140].

 

الاتحاد السوفيتي دولة كانت تعد في يوم من الأيام من كبريات الدول، ذهبت وزالت في لمحة بصر، وصعدت وقامت دول أخرى مجتمعات ذهبت، وحضارات زالت، وقامت أخرى مكانها وهكذا، فتبدل هذه الأحوال سنة لابد منها.

 

المهم أن يجعل المسلم هذا المجال من مجالات الصراع الذي يشغل فكره، ويعمل جاهداً لاقتحام هذا المجال.

 

إن علينا أن نقر الحق ونحارب الباطل في شتى أقطار المعمورة، تلك مهمة إلاهية ربانية، ليس لنا خيار في أن ندعها أو نتخلى عنها ما دمنا ندعي الإسلام، ونأخذ به.

 

وإن أعظم باطل يجب علينا أن نحاربه في جنبات الأرض هو: الكفر بالله، والشرك به، ولذلك فإن أصحاب السلطان الذي ينازعون الله في حكمه، وأصحاب الدعوات الضالة التي تؤله البشر أو الشجر والحجر، أعداء لنا، وعلينا أن نقاوم هذا الضلال الذي عشش في عقول البشر.

 

صحيح أننا لا نُكره الناس على اعتناق الإسلام تحقيقاً، لقوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[البقرة: 256].

 

ولكننا نحارب المبادئ الظالمة، والنظم الكافرة والجبارة، الذين يستعبدون البشر لجعل شريعة الله هي المسيطرة في الأرض، وحكم الله هو القائم، فبعد أن نزيل هذه الأنظمة التي تحول بين دين الله وبين شعوبهم، نترك الناس بعد ذلك لهم الخيار في البقاء على ما هم فيه من ضلال، أو انتقال إلى الحق الذي جاء من عند الله.

 

لقد فقه الرعيل الأول هذا الأمر، فحطموا كل السدود التي أقامها أصحاب المبادئ الضالة كي يحولوا بها دون بلوغ الحق إلى العالمين.

 

لقد حطموا دولاً كبرى أبى حكامها إلا الوقوف في وجه الحق، ليس من حق أي نظام غير دين الله أن يسود في أي جزء من العالم، لماذا؟

 

لأن هذه الأرض ملك لله، والبشر عبيده، فيجب أن يكون القانون العام الذي يحكم المجتمع الإنساني هو قانون الله.

 

ويجب على العبيد طاعة مالكهم وخالقهم، ولاشك بأن هذه مهمة صعبة، والذي ينظر إلى الأحوال السائدة في العالم اليوم قد يقول بأن هذا من مستحيل المستحيلات؛ لأن الدول الإسلامية بعيدة في واقعها عن شريعة الله ولا تطبق دين الله، إلا من رحم الله، فكيف بالدول الكافرة، لكن نقول: بأن هذا هو الأصل، وهذا هو الذي يجب أن يكون، أما كيف أو متى؟

 

فعلمها عند ربي، لكن سيكون تحقيقاً لا تعليقاً بخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولن يبقى بيت مدر ولا وبر على وجه الأرض كلها إلا ويدخله الإسلام بعز عزيز، أو بذل ذليل.

 

ثم إن هذا من التكاليف التي كلف الله بها هذه الأمة، شاءت أم أبت، وهي محاسبة في تقصيرها، فإن عليها بذل الجهد كله لإعلاء كلمة الله في مختلف بقاع الأرض، وقد وضع للأمة منهجاً عليها أن تسلكه لتحقيق مراد الله، يبدأ هذا المنهج باستقامتها هي أولاً، ثم دعوة الأمم وعرض الإسلام، وينتهي بالحرب والقتال، وإننا على علم بأن مصارعة الأمم الكافرة على مستوى العالم يحتاج إلى مراحل طويلة تُعدها الأمة لكي تتهيأ لذلك من بناء الفرد والمجتمع، والأسرة، وإعداد العدة، وإقامة الدولة وغير ذلك، لكنه مجال من مجالات الصراع بين الخير والشر، لا يمكن أن يقف أو ينتهي حتى قيام الساعة، ولا يمكن أصلاً للعالم كله أن يعيش تحت مظلة واحدة، الذي يسمونه التعايش السلمي، فإنه شعار زائف لا رصيد له من الواقع، فالذي لا يغزو لا بد أن يُغزى، والذي لا يُحارِب لابد أن يُحارب، هذه سنة الله في خلقه، وإلا لماذا لم يتركوا الصومال تعيش لوحدها، وتستقل بنفسها؟ هل هي اعتدت على أحد؟

 

أبداً.

 

حتى الحيوانات، القوي لا يمكن أن يترك الضعيف فأين التعايش السلمي؟.

 

لا بد أن يعي المسلم بأن أوسع ميادين الصراع بين الخير والشر في حياة المسلم هو المجال العالمي، وأكثرها كلفة، وأبعدها خطراً، لكنه تكليف رباني، كُلفت بها هذه الأمة، لا يجوز لنا التخلي عنها.

 

اللهم آمنا في أوطاننا ...

 

اللهم ...

 

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا ...

 

 

 

 

المرفقات

الخير والشر

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات