صديق الأمة

الشيخ خالد القرعاوي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ فضائل أبي بكر الصديق 2/ دروس وعبر من حياة الصِّدِّيق رضي الله عنه 3/ قدح الروافض في الصحابة الكرام 4/ التاريخ الإسلامي ليس مجرد أحداث تُسرد.

اقتباس

هل رأيتم الإيمانَ في شُمُوخِهِ؟! والبُطُولَةَ في أسمى مَعَانِيها؟! والإنفاقَ في سَبِيلِ اللهِ بِأحلى وأكرَمِ صُورِهِ؟ إنَّها عندنا في تأريخنا المجيدِ! دَعُونِي أشنِّفُ آذانَكم بِسيرَةِ رَجُلٍ عَظيمِ القَدْرِ، رَفِيعِ المَنزلَةِ والأجرِ، اسمُهُ عبدُ اللهِ، وَحَقًّا كانَ عبدًا لله، عَبَدَ ربَّه حقَّ عبادته، وجاهد فيه حقَّ جهاده، وأنفق في سبيل الله كلَّ مالِه، ونافح عن دين ربِّه, ونصرَ رسولَه, وصدَّقه وآمن به إذْ كذَّبَ به الناسُ، كان نَبِيلاً شَرِيفًا تَاجرا نَسَّابا ذا رأيٍ ومشورة. وكان في جاهليته لا يشربُ خمرا ولا يأكلُ رِبَا، لِما فُطِر عليه من الخير والكمال لقد حاز الشَّرف كلَّه، وتملَّك السيادةَ من أطرافها، فلأجل ذلك اتَّخذه النَّبِيُّ صَدِيقاً وَصَاحِباً...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله ما أجلَّ سلطانَ ربِّنا، وأعظمَ شأنَه، وأعمَّ فضلَه وأجزلَ إحسانَه، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وَعَدَ المؤمنين الْمُخلِصين بالعزَّة والكرامةِ، وتوعَّد الفاسقين الخارجينَ بالحسرةِ والنَّدامةِ، ونشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيِّنَا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى جميعِ الآلِ والأصحابِ, والأتباع والأحباب، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [الأنفال: 71].

 

أمَّا بعدُ: أيُّها الناسُ اتَّقوا اللهَ ربَّكم وأصلحوا قلوبَكم وأعمالَكم وأطيعوا الله ورسولَه إن كنتم مؤمنين.

 

عباد الله: هل رأيتم الإيمانَ في شُمُوخِهِ؟! والبُطُولَةَ في أسمى مَعَانِيها؟! والإنفاقَ في سَبِيلِ اللهِ بِأحلى وأكرَمِ صُورِهِ؟ إنَّها عندنا في تأريخنا المجيدِ! دَعُونِي أشنِّفُ آذانَكم بِسيرَةِ رَجُلٍ عَظيمِ القَدْرِ، رَفِيعِ المَنزلَةِ والأجرِ، اسمُهُ عبدُ اللهِ، وَحَقًّا كانَ عبدًا لله، عَبَدَ ربَّه حقَّ عبادته، وجاهد فيه حقَّ جهاده، وأنفق في سبيل الله كلَّ مالِه، ونافح عن دين ربِّه, ونصرَ رسولَه, وصدَّقه وآمن به إذْ كذَّبَ به الناسُ، كان نَبِيلاً شَرِيفًا تَاجرا نَسَّابا ذا رأيٍ ومشورة.

 

وكان في جاهليته لا يشربُ خمرا ولا يأكلُ رِبَا، لِما فُطِر عليه من الخير والكمال لقد حاز الشَّرف كلَّه، وتملَّك السيادةَ من أطرافها، فلأجل ذلك اتَّخذه النَّبِيُّ صَدِيقاً وَصَاحِباً وقالَ عنه: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلاً» (رواه مسلم).

 

نعم هذا أبو بكرٍ -رضي اللهُ عنه وأرضاهُ- الذي وُزِنَ إيمانُه بإيمان الأمة كلِّها، هو أوَّلُ الخلفاءِ الراشدين، وأوَّلُ العشرةِ المبشرين، سُئِل رسولُ الله: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ: "عَائِشَةُ" قيل مِنَ الرِّجَالِ قَالَ: "أَبُوهَا" (رواه مسلم).

 

هو أوَّلُ من آمن من الرِّجالِ وَتِلكَ واللهِ مَزيَّةٌ وَمَنزِلَةٌ عَظِيمَةٌ! وفي كُتُبِ السِّيَرِ أنَّ النَّبيَّ لمَّا دعاهُ إلى الإسلام لم يتردَّد لحظةً في الإيمانِ به، وفي ذلك يقولُ: «مَا دَعَوْت أَحَدًا إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا كَانَتْ عِنْدَهُ كَبْوَةٌ وَنَظَرٌ وَتَرَدُّدٌ إلَّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ مَا عَكَمَ عَنْهُ حِينَ ذَكَرْتُه لَهُ وَمَا تَرَدَّدَ فِيهِ».       

 

كان -رضي اللهُ عنه وأرضاهُ- يَجهَرُ بإيمانِه في كلِّ مكان، ومِمَّا جاءَ في الصَّحيحِ عن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: "لَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونُ بِمكَّةَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَلَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهْوَ سَيِّدٌ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي فَقَالَ: فَإِنَّ مِثْلَكَ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ فَأَنَا لَكَ جَارٌ فارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ فَرَجَعَ, فقَالت: قُرَيْشٌ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ, وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا.

 

 فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَالُوا: إنَّهُ أَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَانْهَهُ, فإِنْ أَبَى إِلاَّ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ, فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي فَإِنِّي لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ. لَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ".

 

أيُّها الكرامُ: تجدون في سيرةِ أَبِي بَكرٍ -رَضِيَ اللهُ عنه- هِمَّةَ الدَّاعيةَ الصَّادقَ، فقد جَعَلَ إسلامَهُ طَرِيقَاً لإسلامِ الآخَرِينَ، إذْ أسلمَ على يديه فُضَلاءُ الصَّحابةِ -رَضِي اللهُ عنهم أجمعينَ-، منهم عثمانُ بنُ عفانَ والزبيرُ بنُ العوَّامِ وسعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ وعبدُ الرحمنِ بنِ عوفٍ وطلحةُ بنُ عبيدِ الله: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) [محمد: 17].

 

 لُقِّبَ بالصِّدِّيقِ لسرعةِ إيمانه وتصديقه بما يقولُه رسول الله ، فعلى سبيل المثال,لَمَّا أُسريَ بالنبيِّ وكذَّبته قريشٌ وذهبوا إلى أبي بكر شامتينَ مستهزئينَ فما كان من أبي بكر إلا أنْ قال: "إنْ كان قال فقد صدق، إنِّا نصدِّقه في الخبر يأتيه من السماء، أفلا نصدقه فيما دون ذلك؟".

 

وكان رسولُ الله يلقِّبُهُ بالعَتِيقِ، فقد قالت عَائِشةُ -رَضي اللهُ عنها-: نظرَ رسولُ الله إليه وقال: "هَذَا عَتِيقُ اللهِ مِنَ النَّارِ".

 

ولُقِّبَ بالأوَّاه؛ لرحمته ورأفته، يكفيه شرفاً وفخرا أنَّ أنزلَ اللهُ فيه قرآناً يُتلى إلى يوم القيامةِ, فقد وصفه, ربُّه بالتقوى والإخلاص وبين سبحانه أنَّه عنه راضٍ فقالَ تعالى: (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى. الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى . وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى. إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى. وَلَسَوْفَ يَرْضَى) [الليل: 17- 21].

 

لقد أجمع المفسرون أنَّها نزلت في أبي بكرٍ حين مرَّ رسولُ الله ببلالٍ وهو يُعذَّبُ ويقول: أحدٌ أحد، فقال: لأبي بكر: "يا أبا بكر إنَّ بلالاً يُعذَّبُ في الله". فانْصَرَفَ إلى منزلِه فأخذَ رِطلاً من ذهبٍ، ومضى إلى أميةَ بنَ خلفٍ، فقال: أتبيعُني بلالاً؟ فقال: نعم، فاشتراه فَأَعتَقَهُ، رَضي اللهُ عن صِدِّيق الأمَّةِ وأرْضَاه, وَجَمَعَنا به مع محمدٍ في جنَّة الخلد ودار الكرامةِ.

 

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيم.                 

 

 

 الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رفعَ قدرَ أولي الأقدارِ، أحمده سبحانه وأشكره على فضله المدرارِ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحدُ القهارُ، وأشهد أنَّ نبيِّنا محمدا عبدُ الله ورسولُه المصطفى المختارُ، صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله الأطهار وأصحابِه المهاجرين والأنصار والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومَ القرارِ.

 

أمَّا بعد: فاتَّقوا الله رَحِمَكُم الله، واعلموا يا أهل السُّنَّةِ والجماعةِ: أنَّهُ كُلَّمَا ذُكرَ أبو بَكرٍ تبادرَ إلى الأذهانِ قولُ الباري: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40]، نعم، اللهُ مَعَهُمَا مَعيَّةً خاصَّةً يحفظهم ويرعاهم.

 

أيُّها الكرامُ: كان لأبي بكرٍ نَفْسٌ تَوَّاقَةٌ لِفعلِ الخَيرِ، في الصَّحِيحينِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه : «نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ».

 

قال عمرُ بنُ الخطَّابِ: ما سَابَقْتُ أَبَا بَكْرٍ إلى خَيرٍ إلا سبقني إليه. وما تَركَ غَزوَةً غَزَاها النَّبِيُّ إلَّا خَرَجَ بِنَفسِهِ ومالِهِ مُجاهداً في سبيل الله صابرا مُحتَسِباً . قال عنه رَسُولُ اللهِ: "إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ". بَيتُه بَيتُ عِلمٍ وإيمَانٍ، أَسلَمَ أَبُوهُ وأمُّه وأولادُه وأولادُ أولادِه, ومن هذا البيتِ خَرَجَتِ الصِّدِّيقَةُ حَبِيبَةُ رَسُولِ اللهِ !       

 

وأوَّلُ مَنْ يَدخلُ الجَنَّةَ مِن هذهِ الأُمَّة بعد نبيها أبو بكرٍ, وأبو بكرٍ وعمرُ سيِّدا كُهُولِ أَهل ِالجَنَّةِ مِن الأولينَ والآخِرِينَ إلَّا النَّبِيينَ والمُرسَلِينَ.

 

يا أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ: ولا يعرف الفضلَ لأهله إلا الشُّرفاءُ, فلقد أحبَّ الصَّحابةُ أبا بَكرٍ وأجلُّوه فَلا يَعدِلُونَ بِهِ أَحَدَا فَيا اللهَ مَا أَروَعَها مِن سِيرَةٍ وما أَعظمَهَا مِن مَسِيرَةٍ !

 

واعلموا يا كرامَ: أنَّ التَّأريخَ الإسلاميَّ لَيسَ مُجرَّدَ أَحدَاثٍ مُدوَّنةٍ، ولَكِنَّه عَقِيدةُ الأُمَّةِ ودِينُها ومِيزَانُها, والأُمَّةُ التي لا تُحسِنُ فِقهَ تَأريْخَها ولا تَحفَظُ حَقَّ رِجالِها أُمَّةٌ مُضَيِّعَةٌ لِمَعَالِمِ طَرِيقها. يَتَطَاوَلُ عليها السُّفهاءُ والرِّعاعُ,وسَاقِطُو الفِكرِ والقَلَمِ !

 

ونَحنُ في حَدِيثِنا عن صِدِّيقِ أُمَّتنا, لَم نَقصِدِ التَّعرِيفَ بِمجهُولٍ ولا الرَّفعَ لِمَخفُوضٍ, فهو واللهِ أرفَعُ مَكانًا وأَجَلُّ شأنًا. إلاَّ أنَّ المَقَامَ يَستدعِيَ التَّحذِيرَ مِن مَسلَكِ الضَّالِين المُخالِفينَ لِسَبِيلِ المُؤمنينَ, أولئكَ الرَّوافضَ الهَالِكينَ, مِمَّن نَاصَبوا أَبَا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ ورجالاتِ الإسلام العَدَاءَ والبَغضَاءَ, فَمن سَبَّ الصَّحابَةَ أو انتَقَصَهم فَقد تحرَّرَ مِن رِبقةِ الإسلام, كيفَ لا والقَدحُ فيهم قَدْحٌ في الشَّرِيعَةِ الإِلهِيَّةِ الغَرَّاءُ ؟!

 

عباد الله: لقد عشنا لحظاتٍ مع سيرةِ أبي بكر وإيمانه بالله، فلنتخذ من هذا الإيمان مِشْعَلاً، ولنستفد من مناقبه دروسًا في حبِّ الله ورسولِهِ، ودروسًا في التَّقوى، من سِيرَتِه نَأخُذُ الصَّبر والثَّباتَ، والحِلمَ والأنَاةَ، والمُسارعةَ إلى الخيراتِ, سيرتُه دَرسٌ في الاهتمامِ بَأمرِ المُسلمينَ وخِدمَةِ الدَّعوةِ والدين. فرضي الله عن أبي بكر وأرضاه، وطاب ذكره حيًّا وميتِّا ورضي اللهُ عن الصحابة أجمعين.

 

 هذا وصلُّوا رحمكم الله على البشير النذير، كما أمركم الله بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56] . اللهم صل على محمدٍ وعلى آله الطيبين وأصحابه أجمعين وسلِّم تسليمًا كثيرًا، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنًا، وسائر بلاد المسلمين، يا رب العالمين.

 

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى و هيئ له بطانة صالحة تعينهم على البر والتقوى الخير، اللهم عليك بالرافضة الظالمين الذين يبغضون صحابة رسولك ويلعنون المؤمنين.

 

اللهم انتقم للمسلمين منهم, واجعل بأسهم بينهم شديدا, وافضحهم على رؤوس الأشهاد ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وعذاب القبر، وفتنة المسيح الدجال، وفتنة المحيا والممات.

 

عباد الله: اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

 

المرفقات

الأمة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات