شهر المحرم.. معارك وفتوحات

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات:

 

شبكة أنا المسلم

 

غزوة ذي أمر في شهر الله محرم الذي قال فيه رسول الله عليه الصلاة وسلام أفضل صيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم

 

في شهر المحرم سنة 3هـ (يونيو 624م) قاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكبر حملة عسكرية قبل معركة أحد، وسببها أن استخبارات المدينة المنورة الإسلامية نقلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن جمعًا كبيرًا من بنى ثعلبة وبنى محارب تجمعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة، فتجهز النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج بأربعمائة وخمسين مقاتلاً من المسلمين.. ما بين راكب وسائر.. واستخلف على المدينة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.

 

وفي أثناء الطريق قبض المسلمون على رجل اسمه جبار من بنى ثعلبة، فأدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاه -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام فأسلم، فجعله رفيقًا وأخًا لبلال ابن رباح -رضي الله عنه-، وصار دليلاً للجيش الإسلامي إلى أرض العدو.

 

وعندما وصل النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث عسكر الأعداء وجدهم قد تفرقوا في رءوس الجبال، خوفًا من جيش المسلمين.. فمكث -صلى الله عليه وسلم- في مكان تجمعهم، وهو عند بئر ماء يسمى بـ "ذي أمر" فأقام -صلى الله عليه وسلم- هناك بقية المحرم وصفر سنة 3هـ، ليشعر الأعراب في هذه المنطقة بقوة المسلمين، فلا يفكرون في الإغارة عليهم.. ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين إلى المدينة سالمين [ابن إسحاق].

 

سرية أبي سلمة

 

في غرة شهر المحرم سنة 4هـ (يونيو 625م) نقلت استخبارات المدينة المنورة أن طلحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يدعون بنى أسد بن خزيمة إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فسارع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بعث سرية عددها مائة وخمسون مقاتلاً من المهاجرين والأنصار، وأمر عليهم أبا سلمة وعقد له لواءً.. فباغت أبو سلمة بنى أسد بن خزيمة في ديارهم قبل أن يقوموا بغارتهم، فشتت شملهم، وفرق جمعهم، وأخذ منهم إبلاً وغنمًا كثيرًا، فاستاقوها، وعادوا بها إلى المدينة المنورة غانمين لم يلقوا حربًا..

 

ولكن بعد عودة أبي سلمة -رضي الله عنه- من هذه السرية زاد عليه الجرح الذي كان قد جرحه في غزوة أحد.. فلم يبق بعد هذه السرية إلا أيامًا ثم مات، رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

 

سرية محمد بن مسلمة

 

في العاشر من المحرم سنة 6هـ (مايو 627م) تحركت أول سرية بعد الفراغ من غزوة الأحزاب وغزوة بنى قريظة، وكان عدد هذه السرية ثلاثين فارسًا، واتجهت إلى القرطاء بناحية نجد لقتال بنى بكر بن قلاب، فلما أغارت عليهم هربوا، وتركوا إبلهم وغنمهم ومتاعهم، فغنم المسلمون تلك الغنائم، وقدموا المدينة في أخر ليلة من شهر المحرم سنة 6هـ، وكان معهم ثمامة بن أثال الحنفي سيد بنى حنيفة، وقد أسره المسلمون، وكان قد خرج متنكرًا لاغتيال النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمر من مسيلمة الكذاب، فأخذه المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاءوا به ربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما عندك يا ثمامة؟" فقال ثمامة: عندي خير يا محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت.

 

فتركه النبي -صلى الله عليه وسلم- وانصرف، ثم مر به مرةً أخرى، فسأله كما سأله من قبل، فقال ثمامة كما قال من قبل، وفي المرة الثالثة أمر -صلى الله عليه وسلم- بإطلاق سراحه دون شرط أو دية، ففك المسلمون قيوده وأطلقوه، فخرج ثمامة إلى مكان قريب من المسجد، فاغتسل، ثم عاد فأسلم، وقال: والله ما كان على وجه الأرض أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي.. والله ما كان على وجه الأرض دين أبغض علي من دينك، فقد أصبح دينك أحب الأديان إلي [ابن إسحاق].

 

سرية عيينة بن حصن

 

في المحرم سنة 9هـ (إبريل 630م) أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- سريةً من خمسين فارسًا إلى بنى تميم، جعل أميرها عيينة بن حصن الفزاري، وسببها أن بنى تميم كانوا قد أغروا القبائل المجاورة لهم عن منع الجزية.. فخرج إليهم عيينة بن حصن يسير بالليل، ويختبئ بالنهار، حتى وصل إليهم، فهجم عليهم فولوا مدبرين، فأسر منهم أحد عشر رجلاً وإحدى وعشرين امرأةً وثلاثين طفلاً، فساقهم إلى المدينة..

 

ثم جاء عشرة من رؤساء بنى تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، على رأسهم الأقرع بن حابس، فاعتذروا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأسلموا، فقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم، وعفا عنهم، ورد عليهم نساءهم وأبناءهم.

 

غزوة خيبر

 

في شهر المحرم سنة 7هـ (مايو 628م) وقعت غزوة خيبر بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ويهود خيبر، وكانت خيبر مدينةً كبيرةً، ذات حصون ومزارع، وكانت تقع شمال المدينة، وكانت وكرة الدس والتآمر، ومركز الاستفزازات العسكرية وإثارة الحروب ضد المسلمين.. ويهود خيبر هم الذين حزَّبوا الأحزاب لحرب المسلمين، وأثاروا بنى قريظة على الغدر والخيانة.. فخرج إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه أهل بيعة الرضوان، وكان عددهم ألفًا وأربعمائة، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وسار النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجيش الإسلامي، فوصل إلى مشارف خيبر ليلاً، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى قومًا بليل لم يقربهم حتى يصبح، فلما أصبح صلى الفجر، فخرج أهل خيبر وهم لا يعلمون شيئًا، فرأوا جيش المسلمين، فصرخوا، وعادوا إلى حصونهم وهم يقولون: محمد، والله محمد والخميس (الجيش).. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر خربت خيبر، الله أكبر خربت خيبر، إن إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" [البخاري].

 

وقاتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهود خيبر، وأبلى المسلمون في هذه الغزوة بلاءً حسنًا، واستطاع الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فتح حصن ناعم، وهو أشد حصون خيبر، وقتل أميره مرحب اليهودي، ثم سقطت حصون خيبر.. الواحد تلو الأخر حتى تم فتحها جميعًا، ثم عقد النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم الصلح على دفع الجزية عن يد وهم صاغرون، وعلى أن يزرعوا الأرض وللمسلمين نصف الخراج، وعاد -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون إلى المدينة غانمين سالمين.

 

خِطبة أم حبيبة

 

خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة أم حبيبة -رضى الله عنها- في شهر المحرم سنة 7هـ (مايو 628م).

 

والسيدة أم حبيبة هي السيدة رملة بنت أبي سفيان رضى الله عنهما، كانت متزوجةً من عبيد الله بن جحش، وأسلما معًا في مكة المكرمة، وكانا من أوائل المسلمين السابقين، وهاجرا معًا إلى الحبشة فرارًا من إيذاء مشركي مكة وتعذيبهم للمسلمين الأوائل، ولكن عبيد الله بن جحش ارتد عن الإسلام في الحبشة، ودخل في دين النصارى، فثبتت أم حبيبة على إسلامها، وحاولت أن ترد زوجها إلى الإيمان ولكنه رفض، وحاول التأثير عليها، فأصرت على إيمانها، فتركها، وظل على دين النصارى حتى مات، وأصبحت أم حبيبة في الحبشة تعاني، وهي بنت سيد قريش وزعيمها، فرحم النبي -صلى الله عليه وسلم- وحدتها، وأراد أن يخفف من آلامها، فأرسل -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- بكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة يخطب له السيدة أم حبيبة، فزوجها النجاشي له.. ثم بعث بها مع شراحبيل بن حسنة -رضي الله عنه-، فدخل بها النبي صلى الله عليه وسلم، وصارت أم حبيبة منذ ذلك اليوم من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.

 

معركة القادسية:

 

في شهر المحرم سنة 14هـ (فبراير 635م) كانت وقعة القادسية الشهيرة، والتي انتصر فيها المسلمون بقيادة سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- على الفرس بقيادة رستم بن الفرخزاد الأرمني، وكان جيش الفرس مائتي ألف، ومعهم ثلاثة وثلاثون فيلاً، وكان جيش المسلمين ثلاثين ألفًا..

 

وكانت بداية المعركة يوم الجمعة بعد الظهر، حيث صلى سعد بن أبي وقاص صلاة الجمعة بالمسلمين ثم خطب، ووعظ، وحث المسلمين على الجهاد والشهادة في سبيل الله، وتلا قول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء:105]. وقرأ القراء آيات الجهاد، وسورة الأنفال، ثم كبر سعد أربعًا، ثم هجموا على الفرس، فاقتتلوا حتى جاء الليل، فعاد كل فريق إلى معسكره، فلما كان اليوم الثاني اقتتلوا يومهم ذلك وعامة ليلتهم.. ثم اقتتلوا في اليوم الثالث كذلك..

 

فلما أصبح اليوم الرابع اقتتلوا قتالاً شديدًا، وقلع المسلمون عيون الفيلة، فهربوا إلى النهر..واستمر القتال في هذا اليوم حتى الظهر، وهو يوم الاثنين، فهبت ريح شديدة فرفعت خيام الفرس عن أماكنها، وألقت سرير رستم الذي هو منصوب له، فأسرع وركب بغلته وهرب، فأدركه المسلمون فقتلوه،كما قتلوا القائد الفارسي الجالينوس، وانهزمت الفرس ولله الحمد والمنة، ثم لحقهم المسلمون فقتلوا منهم ثلاثين ألفًا، وأسروا مثلهم.. وقتل من المسلمين ألفان وخمسمائة رحمهم الله.. واستطاع المسلمون بعد القادسية دخول المدائن عاصمة الفرس، وفيها إيوان كسرى.. وغنم المسلمون من وقعة القادسية من الأموال والسلاح ما لا يوصف كثرته..

 

قال المؤرخون: وكانت أيام القادسية أربعةً، الأول يوم أرماث وليلته تدعى الهدأة، وهو يوم الجمعة، والثاني يوم السبت ويسمونه يوم أغواث وليلته تدعى السواد، والثالث يوم الأحد ويسمونه يوم عماس وليلته الهرير، واليوم الرابع يوم الاثنين ويسمونه يوم القادسية.. الذي كان فيه النصر العظيم.

 

معركة نهاوند

 

في شهر المحرم سنة 19هـ (يناير 640م) افتُتِحَت نهاوند من بلاد العراق، وقد سبق هذا الفتح وقعة عظيمة جدًّا، لها شأن رفيع ونبأ عجيب، ولذلك كان المسلمون يسمونها فتح الفتوح..

 

وكانت هذه الموقعة بين المسلمين والفرس، وكان عدد الفرس فيها مائةً وخمسين ألف مقاتل، تحت قيادة قائد الفرس الشرس الفيرزان بن هرمز.. فاجتمعوا بأرض نهاوند بالعراق لمحاربة المسلمين.. فلما علم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بذلك، جهز الجيش، وقال: أما والله لأولين رجلاً يكون أول الأسنة إذا لقيها غدًا. قالوا: من يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: النعمان بن مقرن. فقالوا: هو لها. فأرسل عمر إلى النعمان يخبره أنه ولاه قتال الفرس في نهاوند، ففرح النعمان بذلك طمعًا في الشهادة في سبيل الله، وقاد الجيش الإسلامي إلى تلك المعركة الحاسمة، وكان عدد المسلمين ثلاثين ألف مقاتل..

 

وعلى أرض نهاوند تقابل الفريقان.. وكانت حربًا شرسةً قويةً، بذل المسلمون فيها أرواحهم حبًّا وكرامةً.. فانتصروا فيها انتصارًا ساحقًا، وقُتِل الفيرزان قائد الفرس، وانهزموا هزيمةً منكرةً.. ونال النعمان بن مقرن الشهادة في سبيل الله..

 

ودخل المسلمون نهاوند عنوةً.. وأخذوا من المغانم ما لا حصر له.. وتولى حذيفة بن اليمان القيادة بعد استشهاد النعمان.. وفتح المسلمون نهاوند كما فتحوا ما بعدها من مدن الفرس.. فكانت معركة نهاوند هي بحق فتح الفتوح، كما سماها المؤرخون.

 

شهيد كربلاء

 

في يوم عاشوراء، العاشر من المحرم سنة 61هـ (أكتوبر 680م)، استشهد الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بكربلاء عند الكوفة في العراق..

 

وكان قد خرج إليها بدعوة من أهل الكوفة، ووعد له بالنصر، ولكنهم خذلوه، وقاتلوه.. وكان مع الحسين يومئذ اثنان وسبعون رجلاً، ونساء وأطفال من أهل البيت، فقابلهم أهل الكوفة بقيادة الحر بن يزيد التميمي، ومعه ألف رجل، فأخبرهم الحسين -رضي الله عنه- بأن أهل الكوفة كتبوا له أنهم ليس لهم إمام، وإن قَدِم عليهم بايعوه وقاتلوا معه..

 

وأخرج الحسين -رضي الله عنه- خرجين مملوءين بالرسائل، فنثرها أمام الناس، فقال له الحر: إنا لا ندرى ما هذه الكتب، ولا من كتبها، ولسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك في شيء، وقد أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك على عبيد الله بن زياد. وكان عبيد الله والى الكوفة ليزيد بن معاوية، فرفض الحسين ذلك..

 

فتركه الحر.. فمضى الحسين في طريقه إلى الكوفة حتى وصل كربلاء، فإذا بجيش به أربعة آلاف مقاتل يقدمهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، جاءوا لقتال الحسين -رضي الله عنه- ومن معه.. ودارت معركة غير متكافئة، استشهد فيها الحسين -رضي الله عنه- وكل من كان معه.. بعد قتال شديد بين الفريقين.

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات