شروط لا إله إلا الله

ناصر بن محمد الأحمد

2013-11-28 - 1435/01/25
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/المقصود بالعلم المنافي للجهل 2/اليقين المنافي للشك وصور ذلك 3/القبول المنافي للرد وأقسام الناس فيه 4/الانقياد للتوحيد المنافي للترك وصور ذلك 5/المقصود بالصدق في قول كلمة التوحيد 6/المحبة المنافية لضدها ومظاهر ذلك 7/أهمية الإخلاص في قول كلمة التوحيد 8/إنما الأعمال بالخواتيم

اقتباس

احرص -أخي المسلم-: على كلمة التوحيد بشروطها، واحذر من كل ما ينافيها لكي تكون مفتاحك في دخول الجنة. قال الإمام العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في قصيدته النونية مشيراً إلى أسنان هذا المفتاح الذي تُفتح به أبواب الجنة، وهي العمل بشرائع الإسلام، فقال - رحمه الله تعالى-:
هذا وفتح الباب ليس بممكن *** إلا بمفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الإخلاص والتوحيد *** تلك شهادة الإيمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع *** ..........

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: كان هناك حديث عن مقتضيات "لا إله إلا الله"، وقلنا بأن ل "لا إله إلا الله" خمسة مقتضيات: توحيد الاعتقاد، وتوحيد العبادة، والقيام بالتكاليف الربانية، وتحكيم شريعة الله، والتخلق بأخلاقيات "لا إله إلا الله".

 

واليوم سنتحدث عن شروط "لا إله إلا الله"، وهي سبعة:

 

ذكر أهل العلم بأن ل "لا إله إلا الله" شروط سبعة، ف"لا إله إلا الله" لا تنفع صاحبها حتى يأتي بها.

 

أول شرط من شروط "لا إله إلا الله": هو العلم المنافي للجهل: إن لكل شيء حقيقة، ولكل كلمة معنى، فينبغي أولاً أن تعلم معنى كلمة التوحيد، علماً منافياً للجهل بها، قال الله -تعالى-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)[محمد: 19].

 

وقال تعالى: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ)[آل عمران: 18].

 

وجاء في صحيح مسلم من حديث عثمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات وهو يعلم أنه "لا إله إلا الله" دخل الجنة".

 

ويكتمل هذا الشرط مما يليه هو الشرط الثاني من شروط "لا إله إلا الله": وهو اليقين المنافي للشك: ومعنى ذلك أن تستقين يقيناً جازماً بمدلول كلمة التوحيد؛ لأنها لا تقبل شكاً، ولا ظناً، ولا تردداً، ولا ارتياباً، بل ينبغي أن تقوم على اليقين القاطع الجازم، فقد قال الله -تعالى- في وصف المؤمنين الصادقين: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات: 15].

 

فلا يكفي -يا أخي المسلم-: مجرد التلفظ بالشهادتين، بل لابد من استيقان القلب والبعد عن الشك، فإن لم يحصل هذا اليقين فهو النفاق، والمنافقون هم الذين ارتابت قلوبهم؛ كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) [التوبة: 45].

 

فليفتش كل واحد في نفسه، هل هو مستيقن مطمأن لكل ما ورد في الكتاب والسنة، غير شاك في أي أمر من أوامر الله، أو منهيٍ نُهي عنه، فمن كان اليقين قد ملأ قلبه فليحمد الله، ومن كان غير ذلك فليبادر بالتوبة قبل الموت لئلا يكون من الخاسرين، نسأل الله العافية.

 

أخي المسلم: إذا علمت وهو الشرط الأول، وتيقنت وهو الشرط الثاني، فينبغي أن يكون لهذا العلم اليقيني أثره، فتُحقق الشرط الثالث: وهو القبول المنافي للرد: القبول بكل ما تقتضيه هذه الكلمة، القبول بالقلب واللسان والجوارح.

 

والناس -يا عباد الله-: تجاه عدم تحقيق هذا الشرط درجات وأقسام؛ فمنهم: من رد دعوة التوحيد بالكلية ولم يقبلها، فهذا كافر لا شك في ذلك، سواء كان ذلك الرد بسبب الكبر، أو العناد، أو الحسد، قال الله -تعالى- عن الكفار الذين ردوها استكباراً: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ)[الصافات: 35-36].

 

وهناك قسم آخر: نطق بهذه الكلمة بلسانه وهو محسوب على المسلمين لكنه رد أحد أركان الإسلام، ولم يقبل أن ينقاد لها، فإن كان راداً لأداء الصلاة، فهذا أيضاً لا شك في كفره، وإن كان غير الصلاة فهو على خطر عظيم.

 

وهناك قسم آخر: أتى بأركان الإسلام لكنه رد كثيراً من تعاليم الإسلام الأخرى ولم يقبل أمر الله وأمر رسوله في كثير من جوانب حياته، وهذا هو ما عليه غالب المسلمين، وهذا هو السواد الأعظم من المسلمين، فتجد من يقول "لا إله إلا الله" ويؤدي أركان الإسلام لكن لا تمنعه "لا إله إلا الله" أن يأكل الربا.

 

وتجد من المسلمين من يقول "لا إله إلا الله" لكن لا تمنعه "لا إله إلا الله" أن يغش في البيع والشراء. وتجد من المسلمين من رد أمر الله -عز وجل- وأمر رسوله في كثير من أحكام الشرع فلبس بعض الرجال الذهب، وتختموا بخواتيم الذهب كالنساء، وتهاون آخرون في شأن اللباس، فأسبلوا ثيابهم، وانتشرت أصوات الغناء والمعازف في بيوت المسلمين وكل هؤلاء يقولون "لا إله إلا الله".

 

أما مسألة سفور النساء واختلاط الرجال بالنساء في كبار العوائل التي يبدو من ظاهرهم المحافظة والحشمة فحدث ولا حرج.

 

وإذا قمنا نعد المخالفات الشرعية الواضحة من المسلمين فإننا لا ننتهي، فهذه مجرد إشارات لعدم قبول غالب المسلمين لهذا الشرط من شروط "لا إله إلا الله"، وهو القبول.

 

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مثل ما بعثني به الله من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".

 

ضرب النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث مثلاً بأقسام الناس تجاه قبول أو رد أوامر الشرع.

 

فمنهم العالم العامل المعلم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها.

 

ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقه فيما جمع، لكنه أداه لغيره، فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به.

 

ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون-: في أنفسكم وفيمن أنتم مسؤولون عنهم أمام الله -عز وجل- يوم القيامة إذا وقعتم في شيء من تلك المخالفات التي ذكرناها أو غيرها، فإن كلُ هذا من شروط "لا إله إلا الله".

 

لا يأتينّ أحدكم يوم القيامة ومفتاحه لا يفتح له، لأنه قد أخلّ ببعض حقوق هذه الكلمة العظيمة، والله المستعان.

 

أيها المسلمون: أما الشرط الرابع: فهو الانقياد للتوحيد المنافي للترك: الذي دلت عليه هذه الكلمة العظيمة، انقياداً تاماً.

 

وهذا الانقياد والخضوع هو المحك الحقيقي للإيمان، وهو المظهر العملي له، ويتحقق هذا ويحصل بالعمل بما شرعه الله -تعالى-، وبترك ما نهى عنه، وذلك هو الإسلام حقيقة، إذ هو أن يسلم العبد ويستسلم بقلبه وجوارحه لله -تعالى- وينقاد له؛ كما قال سبحانه: (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) [لقمان: 22].

 

وأقسم سبحانه وتعالى بنفسه أنه لا يؤمن المرء حتى ينقاد لحكم الله وحكم رسوله: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)[النساء: 65].

 

وحتى ميول الإنسان وما يهواه ينبغي أن يكون من وراء ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتابعاً له: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به".

 

وهذا هو تمام الانقياد وغايته.

 

أيها المسلمون: إن الانقياد المؤقت للدين لا يسمى انقياداً، فإنك ترى بعض الناس ينضبط بتعاليم الإسلام فترة من عمره ثم يبدأ بالتحلل من هذا الانضباط، أو أنك تشاهد الاستقامة والصلاح على بعض الناس فترة من الزمن ثم يعود بعد ذلك إلى ما كان عليه قبل الاستقامة.

 

إن هذا لا يسمى انقياداً، أو أنك تجد بعض الناس يتحمس بضعة أيام كما هو حال أغلب الناس في رمضان من إقبال على المساجد، ومحافظة على الصلوات مع جماعة المسلمين، ويزاد على ذلك بالمحافظة على صلاة التراويح وقيام الليل، أضف إلى ذلك الإقبال على قراءة القرآن، وبمجرد دخول شهر شوال تجد أن ذلك الحماس قد زال، وتلك الشعلة الإيمانية قد انطفأت.

 

إن الانقياد الذي هو شرط من شروط "لا إله إلا الله" ليست نزوة طارئة أو فلتة عارضة، تنقاد فترة ثم تترك أخرى، فإن من هذا حاله فإنه يخشى عليه!.

 

ما يُدريك -يا عبد الله- أن تقبض روحك وأنت في حال الترك، ماذا يكون جوابك أمام الله -عز وجل- يوم القيامة.

 

فلنتق الله -عباد الله-: وليحرص كل واحد منا أن يكون حياته من أولها إلى آخرها، منقاداً لأمر الله -عز وجل- وأمر رسوله: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الأنعام: 162-163].

 

بارك الله...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: وأما الشرط الخامس من شروط "لا إله إلا الله": فهو الصدق في قول كلمة التوحيد، صدقاً منافياً للكذب والنفاق، حيث يجب أن يوطئ قلبه لسانه ويوافقه، فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم، ولكن لم يطابق هذا القول ما في قلوبهم، فصار قولهم كذباً ونفاقاً مخالفاً للإيمان، فنزلوا في الدرك الأسفل من النار، قال الله -تعالى-: (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)[الفتح: 11].

 

وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)[البقرة: 8-10].

 

وفي الصحيحين: "ما من أحد يشهد أن "لا إله إلا الله" صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار".

 

أيها المسلمون: إن الصدق المطلوب تحقيقه كشرط من شروط "لا إله إلا الله"، هو الصدق مع الله -عز وجل- في الأقوال والأفعال والأحوال: (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ) [محمد: 21].

 

المطلوب منك -أيها المسلم-: أن تكون صادقاً مراقباً لله -عز وجل- في جميع أحوالك، تكون صادقاً مع الله -عز وجل- في بيتك في تربية أبنائك إذا كنت أباً وصاحب أسرة، صادقاً مع الله -عز وجل- في مدرستك مع أبناء المسلمين لو كنت مدرساً، صادقاً مع الله في عيادتك مع المرضى لو كنت طبيباً.

 

لكي يتحقق فيك هذا الشرط لا بد أن تحقق الصدق في نفسك بمعناه الواسع الشامل في الإسلام، قال الله -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة: 177].

 

وأما الشرط السادس: فهي المحبة المنافية لضدها، فيحب المؤمن هذه الكلمة ويحب العمل بمقتضاها ويحب أهل "لا إله إلا الله" العاملين بها، وإلا لم يتحقق الإيمان ولم تكتب له النجاة، ومن أحب شيئاً من دون الله فقد جعله لله نداً: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ) [البقرة: 165].

 

وعلامة حب العبد ربه تقديم محابّه، وإن خالفت هواه، وموالاة من والى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، واقتفاء أثره، وقبول هداه، وهذه كلها شروط في المحبة لا تتحقق إلا بها، وهي مؤشر على حب الله للعبد بعد ذلك، ومتى استقرت "لا إله إلا الله" في نفس العبد وقلبه فإنه لا يعدلها شيء ولا يَفضُل عليها، فإن حبها يملأ القلب فلا يتسع لغيرها، وعندئذٍ يجد حلاوة الإيمان: "ثلاث من كنّ فيه وجد بهنّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواه، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار"[متفق عليه].

 

أيها المسلمون: الشرط السابع ل "لا إله إلا الله" والتي هي أساس الشروط السابقة كلها، ولو تحققت الشروط السابقة كلها ولم يحقق المسلم هذا الشرط فإن "لا إله إلا الله" لا تنفعه، ألا وهو: الإخلاص.

 

ومعناه: صدق التوجه إلى الله -تعالى-، وتصفية العمل بصالح النية من كل شائبة من شوائب الشرك وألوانه، وقد تواردت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة تؤكد هذا الشرط ويجعله سبباً لقبول الأعمال عند الله، قال الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة: 5].

 

وقال تعالى: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ) [الزمر: 2].

 

وجاء في الحديث المتفق عليه، حديث عتبان بن مالك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله حرم النار من قال "لا إله إلا الله" يبتغي بذلك وجه الله -عز وجل-".

 

أيها المسلمون: قد يوفق الله -عز وجل- المسلم ويحقق هذه الشروط السبعة ويطمئنّ بها، ولكن هناك قضية مهمة جداً يُغفل عنها في هذا المقام، وهو حسن الختام، فإنما الأعمال بالخواتيم، فبعد تحقيق هذه الشروط لابد من الالتجاء إلى الله -عز وجل-، والدعاء المستمر بحسن الختام؛ جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل النار ثم يختم عمله بعمل أهل الجنة".

 

قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

 

فاحرص -أخي المسلم-: على كلمة التوحيد بشروطها، واحذر من كل ما ينافيها لكي تكون مفتاحك في دخول الجنة.

 

قال الإمام العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في قصيدته النونية مشيراً إلى أسنان هذا المفتاح الذي تُفتح به أبواب الجنة، وهي العمل بشرائع الإسلام، فقال رحمه الله تعالى:

 

هذا وفتح الباب ليس بممكن *** إلا بمفتاح على أسنان

مفتاحه بشهادة الإخلاص والتوحيد *** تلك شهادة الإيمان

أسنانه الأعمال وهي شرائع *** الإسلام والمفتاح بالأسنان

لا تُلغينّ هذا المثال فكم به *** من حلّ إشكال لذي العرفان

 

اللهم...

 

 

 

 

المرفقات

لا إله إلا الله

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات