شروط الصلاة

ناصر بن محمد الأحمد

2015-02-05 - 1436/04/16
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/المقصود بإقامة الصلاة 2/وجوب معرفة شروط صحة الصلاة 3/شروط صحة الصلاة 4/بعض الأحوال التي تصح فيها الصلاة لغير القبلة 5/أهم الأمكنة التي لا تصح الصلاة فيها

اقتباس

عباد الله: إن من أهم ما يجب علينا: أن نعرف شروط صحة الصلاة التي إذا اختل شرط منها لغير عذر شرعي بطلت الصلاة؛ لأن المشروط تتوقف صحته على تحقق وجود الشرط،ولذلك...

 

 

 

 

الخطية الأولى:

 

الحمد لله ذي الفضل والإحسان، جعل إقامة الصلاة من أعظم صفات أهل الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي من قالها وعمل بها من النيران، وتوجب له دخول الجنان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المؤيد بالمعجزات والبرهان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والذين اتبعوهم بإحسان، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

 

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- واعلموا أن الله -سبحانه وتعالى- أمر بإقامة الصلاة، وأثنى على الذين يقيمونها، ووعدهم بجزيل الثواب والسلامة من العقاب.

 

ومعنى: إقامة الصلاة، الإتيان بها كما أمر الله في مواقيتها، ومع جماعة المسلمين في المساجد، وأن تكون مستوفية لشروطها وأركانها وواجباتها، وما تيسر من سننها، وذلك مما يستدعي منا، ويؤكد علينا، تعلم أحكامها، ومعرفة ما يشرع فيها، وما يخل بها أو ينقصها، فإن بعض الناس يحسب أنه يصلي وهو لا يصلي، لجهله بإحكام الصلاة، وإخلاله بإحكامها، قال الله -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)[الماعون: 4-5].

 

وذلك؛ لأنهم يؤخرن الصلاة عن مواقيتها، فهم يصلون صورة ولا يصلون حقيقة، فيستحقون العقاب على هذه الصلاة بدلاً من الثواب.

 

عباد الله: وإن من أهم ما يجب علينا: أن نعرف شروط صحة الصلاة التي إذا اختل شرط منها لغير عذر شرعي بطلت الصلاة؛ لأن المشروط تتوقف صحته على تحقق وجود الشرط، ولذلك قال العلماء: الشرط: هو ما يلزم من عدمه العدم.

 

وقد ذكر العلماء: أن للصلاة تسعة شروط، أخذوها من أدلة الكتاب والسنة، وهذه الشروط، هي: الإسلام، والعقل، والتمييز، ورفع الحدث، وإزالة النجاسة، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنية.

 

فالإسلام شرط لصحة كل عبادة؛ لأن الكافر لا يصح منه عمل، ولا تقبل منه عبادة، قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا)[النــور: 39].

 

وقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الزمر: 65].

 

ومن زال عقله بجنون أو إغماء أو نوم أو سكر، فإنه لا تصح منه صلاة في هذه الحالة، والسكران يجب عليه التوبة، ويقام عليه الحد، ولا تصح صلاته حال سكره لفقدان العقل، قال صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: الصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ".

 

والطفل غير المميز، وهو من دون السابعة لا يؤمر بصلاة، ولا تصح منه لو صلى.

 

وأما المميز، فإنه يؤمر بالصلاة، وتصح منه نافلة، قال صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع".

 

وهذا أمر يغفل عنه أو يتساهل فيه كثير من الناس اليوم، فلا يأمرون أولادهم بالصلاة، ولا يضربون من يستحق الضرب على تركها، وسيسألهم الله عن ترك هذا الواجب العظيم، وعن هذه الأمانة التي حملهم الله إياها فأضاعوها.

 

ومن شروط صحة الصلاة: الطهارة، وذلك بالوضوء من الحدث الأصغر والاغتسال من الحدث الأكبر، وذلك بالماء الطهور، فمن لم يجد الماء أو وجده وعجز عن استعماله لمرض ونحوه، فإنه يتيمم بالتراب، بأن يضرب بيديه على الأرض، أو على شيء له غبار طاهر، ويمسح بهما وجهه وكفيه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ)[المائدة: 6].

 

فلو صلى بغير وضوء، وجبت عليه إعادة الصلاة، وإن كان ناسياً.

 

ومن شروط صحة الصلاة: إزالة النجاسة من البدن والثوب والبقعة التي يصلي فيها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلع النعلين وهو في الصلاة لما علم أن فيهما نجاسة، وأمر المرأة بغسل الدم الذي يصيب ثوبها من أجل الصلاة فيه، وأمر بصب الماء على بول الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد، فلو صلى وعلى ثوبه نجاسة وهو يعلم بطلت صلاته وعليه الإعادة لكن لو علم بعد أن انتهت الصلاة فلا إعادة عليه، وهنا مسألة: لماذا أمرنا الذي صلى بغير وضوء ناسياً أن يعيد الصلاة، ولم نأمر الذي صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً بإعادة الصلاة.

 

الجواب: أن الوضوء من باب فعل المأمور، واجتناب النجاسة من باب ترك المحذور، وفعل المأمور لا يعذر الإنسان منه بالجهل والنسيان بخلاف ترك المحذور، فإن الجهل والنسيان يقبل فيه العذر، فافهم هذه القاعدة جيداً -يا عبد الله-، فإنه مفيد في كثير من مسائل العبادات.

 

ومن شروط الصلاة: ستر العورة، والعورة: ما يستحي منه ويقبح ظهوره، وقد سمى الله كشف العورة فاحشة، فقال سبحانه: (وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء)[الأعراف: 28].

 

وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة، ويزعمون أن هذا من الدين، فرد الله عليهم بذلك وأمر بستر العورة، فقال:  (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31].

 

فأمر الله بستر العورة عند كل صلاة، وسماه زينة، وقد أجمع العلماء على فساد صلاة من صلى عرياناً، وهو يقدر على ستر عورته أنه يجب ستر العورة دائماً في الصلاة وغيرها؛ لأن كشف العورة والنظر إليها يجر إلى الفاحشة، ويدل على عدم الحياء، وفساد الخلق، وإن كان شياطين الجن والإنس والدول المنحطة اليوم يعتبرون العرى تقدماً وفضيلة، وحد عورة الرجل من السرة إلى الركبة، هذا الذي لا بد من ستره، ويستحب له أن يتجمل باللباس الزائد عن ذلك؛ لأن الله -سبحانه- أمر بقدر زائد على ستر العورة، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31].

 

فأمر بالتزين باللباس للصلاة، وذلك زائد على ستر العورة، فينبغي للمسلم أن يلبس أحسن ثيابه، وأجملها للصلاة؛ لأنه سيقف فيها بين يدي الله -تعالى-، كما تسن له النظافة في ثوبه وبدنه في الصلاة وغيرها، وأما المرأة الحرة فكلها عورة في الصلاة إلا وجهها، فإنه يباح لها كشفه في الصلاة، إلا إذا كان عندها رجال غير محارم لها، فإنها تغطيه عنهم في الصلاة وغيرها، ولا بد أن يكون ما تستر به العورة ضافياً عليها يستر جميع بدنها، وأن يكون ساتراً لما تحته، لا يرى من ورائه لون الجلد، ولا يكون ضيقاً يبين تقاطيع بدنها، فإن الصلاة لا تصح إلا مع الستر الكامل للعورة حسب الاستطاعة، هذا، ويجب على كل مسلم ومسلمة ستر عورته في الصلاة حتى عن نفسه، وفي خلوة، وفي ظلمة، وخارج الصلاة، وهذا أمر قد تساهل فيه كثير من الناس اليوم خصوصاً من يزاولون الألعاب الرياضية، وكثير من النساء عند الخروج من البيوت أو بحضرة الرجال تأثراً بما عليه المجتمعات الكفرية أو المجتمعات المتسمية بالإسلام حيث يعدون العري تقدماً وتحضراً وفضيلة، ويعدون الستر تأخراً ورجعية، وهذا من كيد الشيطان لبني آدم من قديم الزمان، وقد حذرنا الله منه، فقال سبحانه: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا)[الأعراف: 27].

 

فيجب على المسلمين الحذر من كيد شياطين الإنس والجن في هذا وغيره، ومن شروط صحة الصلاة: دخول وقتها، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)[النساء: 103].

 

أي: مفروضة في أوقات معينة لا يصح فعلها في غيرها، فمن صلى قبل دخول الوقت، لم تصح صلاته، وكذا لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر شرعي، ولهذا شرع الله الأذان إعلاماً بدخول الوقت، ووقت الظهر يبدأ بزوال الشمس، ووقت العصر يبدأ بمصير ظل الشيء مساوياً له، ووقت المغرب يبدأ بغروب الشمس، ووقت العشاء يبدأ بمغيب الشفق الأحمر، ووقت الفجر يبدأ بطلوع الفجر الثاني، وهذه علامات واضحة يعرفها العامي والمتعلم، ويجب على المسلمين التقيد بها، والمحافظة على أداء الصلاة فيها، وصلاة لمسلمين جميعاً في المساجد فيها ضمان للمحافظة على أدائها في أوقاتها، فهذا من أعظم فوائد صلاة الجماعة التي تساهل فيها اليوم كثير من الناس.

 

ومن شروط الصلاة: استقبال القبلة، وهي الكعبة المشرفة، قال الله -تعالى-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ)[البقرة: 144].

 

فمن كان يرى الكعبة، وجب عليه استقبال نفس الكعبة بجميع بدنه، ومن كان قريباً منها لكنه لا يراها لحائل بينه وبينها، فإنه يجتهد بالتوجه إليها واصابته لها مهما أمكنه ذلك، ومن كان بعيداً عنها في أي جهة من جهات الأرض، فإنه يستقبل الجهة التي فيها الكعبة، قال صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".

 

وهذا بالنسبة لأهل المدينة، ومن كان شمالي الكعبة، ومثلهم من كان في الجهات الأخرى، فأهل الجنوب يتجهون شمالاً، وأهل المشرق يتجهون غرباً، وأهل المغرب يتجهون شرقاً، وهذا من تيسير الله لهذه الأمة، قال تعالى: (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ)[البقرة: 144].

 

أي: أين وجدتم في بر أو بحر أو جو، فاتجهوا في الصلاة إلى الجهة التي فيها لكعبة، ولا يضر الميل اليسير، ويستدل على القبلة بأشياء كثيرة؛ منها السؤال: بأن يسال من يعرف اتجاه القبلة، ويعمل بخبره إذا كان ثقة، ومنها: الاستدلال بالنجوم والشمس والقمر والجبال والرياح والأنهار، قال تعالى: (وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)[النحل: 16].

 

وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)[الأنعام: 97].

 

فمن صلى إلى غير القبلة، فصلاته باطلة إلا في أحوال أربعة:

 

1- إذا كان عاجزاً عن استقبال القبلة كان يكون مريضاً، ولا يتمكن من استقبالها.

 

2- إذا كان خائفاً وهارباً واتجاهه إلى غير القبلة.

 

3- إذا اشتبهت عليه القبلة، يتحرى ويتجه حيث غلب على ظنه.

 

4- إذا كان في سفر وأراد أن يصلي النافلة، فيصلى حيث ما اتجهت به راحلته.

 

ومن شروط صحة الصلاة: النية، وهي القصد والعزم على فعل العبادة تقربا إلى الله -تعالى-، وهي شرط لصحة كل العبادات، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

 

ومحلها القلب، ولا يجوز التلفظ بها؛ لأنه بدعة، فلا يقول: نويت أن أصلي الظهر، نويت أن أصلي العصر، أو غير ذلك من الألفاظ، وإنما يقصد ذلك بقلبه فينوي الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة، وإنها ظهر أو عصر أو غيرهما، ينويها عند تكبيرة الإحرام لتكون النية مقارنة للعبادة، وإن تقدمت النية على تكبيرة الإحرام بزمن يسير بعد دخول الوقت، فلا بأس.

 

ويجب الحذر من الوسواس في ذلك، فإن الشيطان كثيراً ما يتسلط على الإنسان في شأن النية، وفي تكبيرة الإحرام، فيقول له: لم تنو، لم تكبر، لم.. لم .. حتى يشغله عن صلاته، أو يحمله على العمل بالبدعة، وهو التلفظ بالنية، وهذا كله من وسوسة الشيطان، فإن المسلم إذا توضأ وخرج إلى المسجد ووقف في الصف، فإنه قد نوى ولو لم يتلفظ، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه ولا الأئمة المعروفون من السلف يجهرون بالنية؛ لأن النية عمل قلبي، والله -تعالى- يعلم ما في القلوب، ولو لم يتلفظ بذلك اللسان، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ)[ق: 16].

 

وقال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا)[الأحزاب: 51].

 

وقال تعالى: (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )[الحجرات: 16].

 

فاتقوا الله -عباد الله- وأدوا الصلاة كما شرعها الله، وكما بينها رسول الله، واخلصوا لله في جميع أعمالكم وأقوالكم ونياتكم ومقاصدكم، فإن الله لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه، وصواباً على سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ)[البقرة: 43].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له...

 

أما بعد:

 

اعلموا كذلك -رحمني الله وإياكم- بأن هناك أمكنة لا تصح الصلاة فيها، منها: المقبرة، وقد صح النهي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة فيها، إلا صلاة الجنازة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام".

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها".

 

وكذلك لا تصح الصلاة في المساجد المبنية على القبور، وهي المعروفة الآن بالأضرحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا القبور مساجد".

 

والنهي عن تحريم الصلاة في المقابر؛ لأنها ذريعة للشرك.

 

ومن الأمكنة التي لا تصح الصلاة فيها: معاطن الإبل، وذلك؛ لأنها مأوى للشياطين، ولهذا نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في معاطنها، وأباح في مرابض الغنم.

 

ومن الأمكنة: الحش، وهو بيت الخلاء، فلا تصح الصلاة بها.

 

ومن الأمكنة أيضاً: الأرض المغصوبة؛ لأن الإقامة به أصلاً لا يجوز، فكذلك الصلاة فيها لا تجوز، وإن كانت صحيحة على قول، وهذا ينطبق على من يأخذ أراضي المسلمين بغير حق، ويسكنها، بل ربما بنى فيها مسجداً، فإن الصلاة في هذه الأماكن محل نظر عند العلماء.

 

ومن الأمكنة: أماكن المعصية، وهي الأماكن التي بنيت وخصصت لفعل المعصية، كأماكن تعاطي الخمور، ومثلها: بنوك الربا، التي شيدت لمحاربة الله ورسوله، ومثلها: معاهد تعليم الموسيقى، وما أشبه هذه الأماكن التي تبنى وتخصص للمعصية، والمخالفة الصريحة لدين الإسلام، فإن الصلاة في مثل هذه الأماكن لا تصح، وهناك أماكن ذكرها أهل العلم بأن الصلاة تكره فيها كالمجزرة والمزبلة إذا لم تكن نجسة وأماكن تعبد النصارى كالكنائس إذا لم يكن بها صلبان، أو صور أو تماثيل، فلو وجد فيها شيء من هذا حرم الصلاة بها.

 

وذكر شيخ الإسلام من المواطن المكروهة: أماكن الرص، وهو الطحن، وذلك للصوت الذي يشغل المصلي، فلذا كل موضع يلهى المصلي فتكره الصلاة فيه، ومثله بعض الورش التي يكون بها أصوات مزعجة تشغل المصلي.

 

فاتقوا الله -عباد الله- وتعلموا أحكام صلاتكم وجميع عباداتكم وأدوها على وفق كتاب الله، وسنة رسول الله، فإن خير الحديث كتاب الله...

 

 

المرفقات

الصلاة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات