شرح حديث زينب - يوغسلافيا

ناصر بن محمد الأحمد

2015-02-28 - 1436/05/09
عناصر الخطبة
1/نص حديث زينب الثقفية في الإنفاق في سبيل الله 2/بعض الدروس المستفادة من حديث زينب الثقفية 3/معاناة المسلمين في يوغسلافيا والبوسنة ووجوب مساعدتهم

اقتباس

فإذا وقعت -أخي المسلم- في موقف محرج، وكان لا بد عليك من قول الحقيقة، سواءً أحرجك رئيسك في العمل، أو أُحرجت مع كبير في عائلتك، أو حتى لو أحرجت بسؤال من طفلك الصغير، فاحذر -أخي المسلم- الكذب، فربما هذه الكذبة يُخلصك من ذلك الموقف المحرج، لكن ما الذي يُخلصك من محاسبة ذلك أمام رب العزة يوم القيامة؟ ثم أليس يكون الموقف أكثر حرجاً لو كشفت عورات هذه الكذبة أمام من خلصتك نفسك منه؟ فإذا كان لا بد، فإن في التورية مندوحة عن الكذب إذا احتجت إلى ذلك -كما تقدم-.

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

اتفق البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- قالت:قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تصدقن يا معشر النساء، ولو من حُليكن" قالت: "فرجعت إلى عبد الله بن مسعود، فقلت له: إنك رجل خفيفُ ذات اليد -أي قليل المال- وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمرنا بالصدقة، فأته فاسأله فإن كان ذلك يُجزئ عني- تقصد أنها تريد أن تدفع صدقتها له؛ لأنه محتاج- تقول: فإن كان ذلك يُجزئ عني وإلا صرفتها إلى غيركم، فقال عبد الله: لا، ائتيه أنت فانطلقتُ، فإذا امرأة من الأنصار في باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاجتي حاجتها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه المهابة، فخرج علينا بلال، فقلنا له: ائت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره أن امرأتين في الباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن، فدخل بلال على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أي الزيانب هي؟" قال: "امرأة عبد الله"فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لهما أجران، أجر القرابة، وأجر الصدقة" [والحديث متفق عليه، كما سبق واللفظ لمسلم -رحمهما الله تعالى رحمة واسعة-].

 

أيها المسلمون: نقف معكم ودروس وفوائد هذه الحادثة الجميلة:

 

الدرس الأول: من هذه الحادثة الموقف الحرج والطريف الذي وقع فيه بلال -رضي الله عنه- بين الرسول -صلى الله عليه وسلم-وبين وصية الصحابيتين له، بعدم ذكر اسميهما كثيراً ما تمر علينا مواقف حرجة، وعندما يحاول البعض منا الخروج من هذا الموقف المحرج نراهم يقعون في الكذب، سواءً علمه الناس أو كان بين الواحد منا وبين ربه.

 

ولكم -أيها الإخوة- في التورية مندوحة عن الكذب إذا احتيج إلى ذلك.

 

فهذا بلال -رضي الله عنه- حاول التورية، لكي يُنفذ ما طلبته الصحابيتان منه، بقوله: "امرأة من الأنصار وزينب" والزيانب كثيرات، ولكن فطنة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- أوقعت بلال في موقف، فلم يجد مخرجاً منه غير الصدق؛ لأنه يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة؛ ولأن ليس أمامه إلا التصريح ولا مضرة في ذلك.

 

فإذا وقعت -أخي المسلم- في موقف محرج، وكان لا بد عليك من قول الحقيقة، سواءً أحرجك رئيسك في العمل، أو أُحرجت مع كبير في عائلتك، أو حتى لو أحرجت بسؤال من طفلك الصغير، فاحذر -أخي المسلم- الكذب، فربما هذه الكذبة يُخلصك من ذلك الموقف المحرج، لكن ما الذي يُخلصك من محاسبة ذلك أمام رب العزة يوم القيامة؟ ثم أليس يكون الموقف أكثر حرجاً لو كشفت عورات هذه الكذبة أمام من خلصتك نفسك منه؟ فإذا كان لا بد، فإن في التورية مندوحة عن الكذب إذا احتجت إلى ذلك -كما تقدم-.

 

درس آخر من الحادثة:إن مجال الخير ليس مقصوراً على الرجال دون النساء، والباب مفتوح للجميع، فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يخص فيها النساء بموعظة وتذكير، ويحث النساء على التصدق، والأصل في الأوامر أنها للرجال والنساء معاً، ما لم يدل الدليل على التخصيص، ففي هذا الحديث تشجيع عام للنساء للإقبال على الأعمال الصالحة، كحضور المحاضرات والدروس التي يوجد فيها مكان مخصص لهن، إذا كان ذلك لا يخل بواجب ولا يعرضها لفتنة، وهناك تشجيع خاص في الحديث، بل حث للمرأة المسلمة على الإنفاق في سبيل الله، وبهذه المناسبة أوجه نصيحة للأخوات المسلمات بالتنبيه لهذا الأمر، أمر الصدقة والإنفاق، وإن كنت لأعلم بأن المرأة لن تسمعني الآن؛ لكن وليّ أمرها موجود الآن، إما أب أو زوج أو أخ، فليتنبه هو لهذا الأمر، لتتنبه هي.

 

أيها المسلمون: إن ما ينفق على الكماليات والزينة والأزياء في وقتنا هذا بلغ -والله- من الإسراف ما الله به عليم، بل تجاوز وطغى في كثير من الأحيان، وكثير من المناسبات.

 

فهل تنبه أولياء أمور النساء لهذا الأمر، وحاولوا إيقاف أو على أقل تقدير تخفيف هذا السيل، وهذا الكم من الأموال التي تصرف في غير وجه صحيح.

 

ما هو الحاجة؛ لئن يكون لكل مناسبة زي خاص، ولكل دخول وخروج رسمة معينة، ولكل وقفة صبغة ولون معين؟ متى تدرك النساء؟ ويدرك أولياء أمورهن خطأ وتجاوز حد مثل هذه الأمور، وأنه غالبه من الإسراف المحرم، المعقول معقول وما تحتاجه المرأة لكسائها وزينتها فهو مقدر؛ لكن هذا الهوس من الكماليات، وهذا الإفراط في الزينة والأزياء، لا يرضى به عاقل، قبل أن يرضى به مسلم؟ متى تدرك النساء ويدرك أولياء أمورهن بأن هذا بعض من الغزو الموجه لنا لاستنزاف أموالنا، وتخريب أخلاقنا؟

 

أيها المسلمون: ذكرنا في الجمعة الماضية بعض وطرفاً مما يعانيه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، فقر وجوع وأمراض، وتسلط من حكوماتهم عليهم في أغلب الأحوال فوق ما هم فيه من البلاء.

 

فما يعانيه الأكراد في العراق أمور ليست خفية على أحد، وما يحصل الآن للمسلمين في يوغسلافيا من الإبادة بأبشع صورة، وليس لهم ذنب إلا لأنهم مسلمون، أمر صار يعرفه القريب والبعيد.

 

كلنا يذكر الحرب التي قامت بين جمهورية صربيا النصرانية، والتي تعتقد المذهب الأرثوذكسي، وجمهوريتي كرواتيا وسلوفانيا اللتان عقيدتهما المذهب الكاثوليكي، وكلاهما نصارى، فعندما قامت بينهما الحرب بعد تفكك يوغوسلافيا سعى الغرب كله بقضه وقضيضه لحل المشكلة، ووقف القتال بينهما؛ لأنهم نصارى، وإن اختلفت مذاهبهما، والجميع يذكر كيف سعت الأمم المتحدة لوقف القتال وأرسلت قوات حفظ السلام، وأرسلت مراقبين لها على الأوضاع، وصورت الأمر للعالم كالمأساة التي لا بد أن توقف، حتى لا يتسع الصراع، ويتساقط ويزداد عدد القتلى، وإن لم يوقف ذلك، فإن الحرب الأهلية سوف تقوم بين الجمهوريات.

 

والآن ماذا يحصل في يوغسلافيا، نشب القتال بين جمهورية البوسنة والهرسك المسلمة، وصربيا الصليبية، فلا هيئة أمم ولا مراقبين، ولا مساعي لوقف القتال، بل يصل الأمر إلى اللامبالاة ومحاولة نسيان ذلك، والمسلمون يُقتلون ويشردون، وتهدم قرى بأكملها، والعالم الصليبي يتفرج، بل ويشجع على ذلك، وفوق كل هذا المسلمون غافلون عن إخوانهم هناك، بل ربما البعض لا يدري بأن أمر حاصل الآن المطلوب منكم -أيها الإخوة المسلمون- نصرة إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، والوقوف معهم ومساندتهم واستشعار أوضاعهم هناك، ونداءاتهم لنا، والتنبه من تلاعب الإعلام الغربي، ويكفي النتائج التي خلفها الإعلام الغربي من طمس لهويتهم لسنوات عديدة، والمطلوب أيضاً دعمهم معنوياً ومادياً وبشكل عاجل، فلقد تكالب واتفق عليهم أهل الباطل مع ما هو معروف بينهم من حرب ضروس، اتفقوا على إبادة المسلمين في يوغسلافيا، لا لذنب ارتكبوه، ولكن؛ لأنهم يؤمنون بالله العزيز الحميد، فنساؤهم ترملت، وأطفالهم تيتمت، وأعراضهم انتهكت، وشبابهم عذبوا ومثل بهم.

 

ومع هذا كله فهم صامدون -ولله الحمد- ولسنوات عديدة، حتى إنهم كان يعرض عليهم أعلى المناصب في سبيل التخلي عن دينهم ولكنهم يرفضون، مواقف مشرفة من هذا الشعب -نسأل الله العلي القدير لهم الثبات-.

 

وسوف يقف أخوة على الأبواب لجمع تبرعاتكم وصدقاتكم لإخوانكم المسلمين هناك، قال عليه الصلاة والسلام: "من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".

 

وما حصل وما زال مستمراً للمسلمين في الجزائر أوضاع يعلمها الخاص والعام، أضف إلى ذلك أحوال أخرى في الصومال وفي السودان وكشمير والهند، وغيرها وغيرها.

 

فهل خففت المرأة المسلمة من كمية مكياجها، وصبغة وجهها، وخصصت هذا المبلغ الزهيد للإنفاق في سبيل الله، ومساعدة المنكوبين من المسلمين؟ وهلا حدّ الزوج ووليّ أمر المرأة المسلمة من ذلك، وتنبه إلى هذا الإسراف المسرف لو فعلوا ذلك لكان خيراً لهم وأعظم أجراً؟

 

درس آخر: كم وكم يسمع الواحد منا من مواعظ أو كلمات أو خطب عن طريق الدروس والمحاضرات أو الأشرطة أو المذياع أو غيرها، مما تأمرنا بمعروف وتنهانا عن منكر، ولكن هل أحس كل واحد منا أنه هو المعني بالخطاب؟ فامتثل الأمر، واجتنب النهي، واتق الله، والصحابة -رضوان الله عليهم- كل واحد منهم عندما يسمع الخطاب يعتقد أنه هو المخاطب به دون سواه، وبهذا الأدب في الاستماع يبادر الجميع إلى العمل، كما ترى في هاتين الصحابيتين -رضي الله عنهما- وهذا ما تعلمه الصحابة -رضوان الله عليهم- من النبي -صلى الله عليه وسلم- العلم والعمل، لا بد أن يكون لك هذا الشعور حين سماعك لوحي الكتاب والسنة، بأن أنت المخاطب وحدك لا غير، فإذا قرأت في القرآن: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)[الحـج: 78].

 

فأنت المخاطب وإذا قرأت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ)[الحجرات: 11].

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا)[الحجرات: 12].

 

فأنت المخاطب لا أحد سواك، وإذا قرأت: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ)[هود: 113]فأنت المخاطب.

 

وإذا سمعت: "اتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينهما وبين الله حجاب" فأنت المخاطب.

 

وإذا سمعت: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" فأنت المخاطب.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون-: يا من تقرؤون وتُقرأ عليكم الآيات والأحاديث لما نزلت هذه التوجيهات، ومن هم المخاطبون بها؟

 

إنها -والله- ما نزلت إلا لنا، ونحن المخاطبون بها الآن، ونحن المحاسبون عن مخالفتها غداً، فهل نعى هذا؟

 

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد:

 

أيها الإخوة المسلمون: ومع درس آخر من هذه الحادثة: كان رجال الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- يعلمون ويشعرون بقوامة الرجل على المرأة، فهذا عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- تحّرج من سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صحة إنفاق زوجته عليه، وعلى أبنائه، مع حاجته الماسة والشديدة إلى ذلك؛ لأنه كان خفيف ذات اليد، أي قليل المال، فاستحيا أن تنفق عليه المرأة، فقال لها: لا، بل اذهبي أنت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وسأليه عن ذلك.

 

فهل يستفيد درساً من هذه القصة أولئك الرجال في وقتنا المعاصر، وما أكثرهم -لا كثرهم الله- الذين يتربصون بما في أيدي النساء، ويرضون أن يكونوا عالة عليها؟ أما يستحي أمثال هؤلاء الرجال أن يكون عالة على زوجته، لو كان محتاجاً فلا حرج؛ لكن الذي نشاهده في واقعنا أن أغلب الرجال الذين من هذا الصنف تجده يحرص جداً على أن تبقى زوجته في العمل، ولو كان لديهما عدداً من الأطفال، هم أحوج ما يكونون إلى حنان وعطف الأم، وأن تبقى بجانبهم معظم اليوم، فتجد هذا الرجل يأتي بخادمة لتبقى مع الأولاد في الصباح، وتذهب هذه المسكينة إلى العمل من الصباح الباكر، حتى منتصف النهار، ويذلل كل الصعاب التي ربما تواجههم في سبيل أن تعمل زوجته؟

 

كل ذلك طمعاً في راتبها، وجشعاً وحرصاً في هذا المال، وشهوة في المزيد.

 

نعم، لو كانت الأسرة محتاجة، ولها ظروفها فلا حرج في أن تعمل المرأة، وتساعد زوجها، لكن السؤال الآن هل كل الأسر في حاجة ماسة، وضاقت بهم سبل الحياة والعيش، حتى تعمل المرأة؟

 

لا أظن ذلك.

 

فليستفد درساً أولئك الأزواج من عبد الله بن مسعود، وليشعروا بقوامتهم على المرأة، وليستحوا وليخجلوا أن يكونوا عالة على زوجاتهم.

 

جانب آخر في طمع بعض الرجال في راتب المرأة، وهذه الصورة أبشع من أختها، وأشد إثماً عند الله -عز وجل- وهو ما يفعله بعض الآباء، وذلك بأن يعضل بعضهم ابنته عن الزواج، يتقدم الخطاب، ويتقدم الأكفاء لخطبة هذه المرأة، فيُرد هذا، ويرفض هذا، ويعرقل الآخر، ويأتي بسبعين عيباً في الذي يليه، وهو كاذب في كل هذه الحجج، ويتظاهر بأنه يريد مصلحة ابنته، ولا يريد أن يلقيها لأي أحد، ويريد أن يطمأن على مستقبلها، وهو في الحقيقة ما أراد إلا أن يكسب من ورائها شيئاً من حطام الدنيا؛ لأن ابنته مدرسة أو موظفة، وهو الذي يستلم مرتبها في آخر الشهر.

 

ربما يستغرب بعض الآباء الآن وهم يسمعون مني مثل هذا الكلام؛ لأن نفوسهم أبيه، ولم يخطر في بالهم في يوم من الأيام أن يستغلوا أحداً من أولادهم، بل تجد أن الولد أو البنت كل منهم يعمل وله دخله الشهري أو البنت كل منهم يعمل وله دخله الشهري، ومع ذلك يعطيه الوالد، ولا يبخل عليه، فإذا كان هناك صنف من الآباء بهذا المستوى، وبهذا الخلق الرفيع، وهم -والحمد لله- موجودون، لكن ليعلموا أن الصنف الآخر أيضاً موجود، وهناك من الآباء ووصلتنا حالات من هذا النوع قلوبهم -والعياذ بالله- كالذئاب، ولا يخشون الله أبداً، يعرقل ويؤخر زواج هذه المسكينة الضعيفة التي ولاه الله أمرها ليستفيد مدة أطول من راتبها -فإنا لله وإنا إليه راجعون-.

 

أما يخشى هذا الأب أن يسلط الله عليه مرضاً من الأمراض، ينكد عليه حياته، ويجعله لا يهنأ بشربة الماء الذي يشربه، فضلاً عن تمتعه بأموال غيره؟

 

نعم، لو كان الأب فعلاً في حالة عُسْرٍ، فإن أولى الناس وأوجب الناس عليهم أن يساعدوه أولاده، ذكوراً وإناثاً.

 

وأنا أعلم شخصياً حالات بعض الأسر الأب في حالة شديدة من ضيق العيش؛ لكنه رجل صالح وابنته صالحة، فتقدم لها رجل كفؤ، فزوجها مباشرة ولم يتأخر، وكانت موظفة، ومازالت تعمل لأبيها، وهي في بيت زوجها، تعمل وفي كل شهر توصل الراتب كاملاً لأبيها، برضا الزوج والتفاهم الطيب بين الجميع.

 

تتمتع هي بحياتها الزوجية، وتساعد والدها في نفس الوقت.

 

لكن ليس كل من يعضل ابنته يكون في حاجة شديدة، لكنها شهوة المال، وطمع الدنيا، ورقة في الدين، وقلة الخوف من الله.

 

درس آخر وسنمر على بقية الدروس بسرعة خشية الإطالة:حب الزوج وستر حاله، ونرى ذلك في مساعدة الزوجة زوجها وأبنائها بالصدقة وستر أمر الزوج وفقره عن الناس، عندما طلب الصحابيتان -رضي الله عنهما- من بلال عدم ذكر اسمهما لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

فلنحذر من أسرار البيوت وإفشائها بين الناس، ولو كانت أموراً عادية.

 

درس آخر التحلي بالصبر، ومن أنواعه الصبر على ضيق العيش، فهاتان الصحابيتان صابرتان محتسبتان على شظف العيش مع أزواجهما من غير تذمر ولا سخط ولا غضب، بل إنهما تكتسبان وتنفقان وإنما تحرجتا من إنفاق الزكاة الواجبة على الزوج، ومن في حجورهما من الأيتام، فسألتا عن ذلك.

 

درس آخر: الذي يجهل حكم مسألة عليه أن يسأل أهل العلم فيما يعرض له من مسائل في الدين والدنيا، سواء امرأة أو رجل، فإنه لا حياء في الدين، لكن المرأة إذا أمكن لها أن يكون ذلك بواسطة زوجها أو قريب محرم لها كان أفضل، وذلك ما بدأت به زينب -رضي الله عنها-.

 

ومن أسهل الطرق -وبحمد الله- في وقتنا هذا الهاتف، فأرقام أهل العلم من المشايخ متوفرة، ولا يبقى إلا كسر حاجز الشيطان الذي يضعه أمام كل مؤمن ومؤمنة، ليمنعه من معرفة الحكم الشرعي الصحيح.

 

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي....

 

 

المرفقات

حديث زينب - يوغسلافيا.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات