سورة الطور

مسفر بن سعيد بن محمد الزهراني

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ التعريف بالسورة 2/ بيان تناولها أصول العقيدة 3/ الإشارة لقراءة النبي الكريم بها في الصلاة 4/ تفسيرها 5/ ملخص لها

اقتباس

وسورة الطور هي السورة الثانية والخمسون في ترتيب المصحف الشريف، وهي تسع وأربعون آية، وهي سورة مكية تعالج موضوع العقيدة الإسلامية، وتبحث في العقيدة والوحدانية والرسالة والبعث والجزاء ..

 

 

 

الحمد لله الذي خلق بقدرته كل شيء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، ومع سورة الطور نعيش اليوم، وسورة الطور هي السورة الثانية والخمسون في ترتيب المصحف الشريف، وهي تسع وأربعون آية، وهي سورة مكية تعالج موضوع العقيدة الإسلامية، وتبحث في العقيدة والوحدانية والرسالة والبعث والجزاء.

أخرج البخاري ومسلم وغيره عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله يقرأ في المغرب بالطور. كما أخرج البخاري وغيره عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى جنب البيت بـ (وَالطُّورِ) [الطور:1]. وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى -عليه السلام-، والمراد به طور سيناء، وقيل إن الطور كل جبل ينبت وما لا ينبت فليس بطور.

وقد أقسم الله سبحانه بهذا الجبل تشريفاً له وتكريما، (وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) [2]، أي: المكتوب، والمراد بالكتاب القرآن، (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) [3]، أي: مكتوب في ورق، والمنشور المبسوط، (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) [4]، في السماء السابعة تعمره الملائكة بعبادة الله، (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) [5]، يعني السماء؛ لأنها كالسقف على الأرض، (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [6]، أي: الموقد، من السجر، وهو إيقاد النار في التنور، وقيل المسجور المملوء، أقسم الله بهذه المخلوقات.

وجواب القسم (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) [7]، أي: كائن لا محالة لمن يستحقه، (مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) [8]، أي: لا يرده ويدفعه أحد عن أهل النار، (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا) [9]، أي: إنه لواقع يوم تضطرب السماء وتتحرك اضطراباً وحركة شديدة، (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) [10]، أي: تزول عن أماكنها، وتسير عن مواضعها كسير السحاب، وتصير هباء منبثا.

(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) [11]، أي: ويل للمكذبين بما ذكر، وويل واد في جهنم، أو كلمة تقال للهالك، ثم وصف الله تعالى المكذبين بقوله: (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) [12]، أي: في تردد في الباطل واندفاع فيه يلهون، لا يذكرون حساباً، ولا يخافون عقاباً، والمعنى أنهم يخوضون في أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- بالتكذيب والاستهزاء، (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) [13]، الدع : الدفع بعنف وجفوة، والمعنى أنهم يدفعون إلى النار دفعاً شديداً، (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) [14]، أي: هذه النار التي تشاهدونها هي النار التي كنتم تكذبون بها في الدنيا، ويقول لهم هذه المقالة خزنة جهنم.

ثم وبخهم الله سبحانه فقال (أَفَسِحْرٌ هَذَا) الذي ترون كما كنتم تقولون للرسل؟ (أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ) [15]؟ أي: أم أنتم عُمْي عنه؟ هذا كما كنتم عمياً عن الحق في الدنيا، (اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا)، أي: ادخلوها وقاسوا شدتها فاصبروا على العذاب أو لا تصبروا فالأمران (سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ) في عدم النفع، (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [16]، أي: في الدنيا.

ولما فرغ سبحانه من ذكر حال الأشقياء ذكر حال السعداء فقال: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [17-18]، أي: ذوو فاكهة من فواكه الجنة، وأنجاهم الله من عذاب جهنم، (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [19]، الهنيء: ما لا تنغيص فيه ولا نكد ولا كدر، والمعنى كلوا طعامكم هنيئاً واشربوا شراباً، (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ)، أي: سرر متصل بعضها ببعض حتى تصير صفاً، (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) [20]، أي: قرنَّاهم بنساء صالحات، وهن نساء بيض واسعات العيون، من الحَوَر وهو شدة البياض مع سعة العين.

ولما فرغ سبحانه من ذكر حال أهل الجنة على العموم ذكر حال طائفة منهم على الخصوص فقال: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)، أي: اتبعناهم بهم، فالله سبحانه يرفع ذرية المؤمن إليه وإن كانوا دونه في العمل؛ لتقر عينه وتطيب نفسه، بشرط أن يكونوا مؤمنين، (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)، أي: وما نقصنا الآباء بإلحاق ذريتهم بهم من ثواب أعمالهم شيئاً، (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [21]، أي: إن كل إنسان مرتهن بعمله، محاسب عليه.

ثم ذكر سبحانه ما أمدهم به من خير فقال: (وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) [22]، أي: فاكهة متنوعة، وما تستطيبه أنفسهم من اللحم، (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ) [23]، أي: يتناولون كأساً مملوء من خمر ليس كخمر الدنيا، لا لغو فيه ولا إثم يذهب عقولهم، ولا باطل فيه، (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) [24]، أي: يطوف عليهم بالطعام والشراب وغيرهما مماليكُ لهم كأنهم في الحسن والبهاء لؤلؤ مستور مصون في الصدف لم تمسه الأيدي.

(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) [25]، أي: يسأل بعضهم بعضاً في الجنة عن حاله وما كان فيه من تعب الدنيا، وخوف العاقبة، فيحمدون الله الذي أذهب عنهم الحزن والخوف والهمّ، (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ) [26]، أي: خائفين وجلين من عذاب الله، (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا) بالمغفرة والرحمة أو بالتوفيق لطاعته، (وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) [27]، يعني عذاب جهنم، والسموم من أسماء جهنم، (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [28]، أي: نوحده ونعبده، أو نسأله أن يمن علينا بالمغفرة والرحمة، فهو كثير البر والإحسان والرحمة لعباده.

(فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ) [29]، أي: اثبت على ما أنت عليه يا محمد من الوعظ والتذكير فما أنت بكاهن ولا مجنون؛ بل أنعم الله عليه -صلى الله عليه وسلم- برجاحة العقل والنبوة، (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) [30]، أي: ننتظر بك صروف الدهر وحوادث الأيام، والمنون يكون بمعنى الدهر أو المنية.

ثم أمر سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يجبيهم فقال: (قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) [31]، أي: انتظروا موتي أو هلاكي فإني معكم من المنتظرين لموتكم أو هلاككم، (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) [32]، أي: بل تأمرهم عقولهم بهذا الكلام المتناقض، فإن الكاهن هو المفرط في الفطنة والذكاء، والمجنون ذاهب العقل، فضلا أن يكون له فطنة وذكاء.

قال المفسرون: كانت عظماء قريش توصف بالأحلام وجاوزوا الحد في العناد، فقالوا ما قالوا، (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ)، أي: اختلق القرآن من جهته وافتعله والتقول : لا يستعمل إلا في الكذب وإن كان أصله تكلف القول (بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ) [33]، أي: لا يصدقون ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكباراً وعناداً.

ثم تحداهم سبحانه وألزمهم الحجة فقال (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ)، أي: مثل القرآن في نظمه وحسن بيانه وبديع أسلوبه (إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) [34]، فيما زعموا من قولهم إن محمداً -صلى الله عليه وسلم- تقوله وجاء به من جهة نفسه، مع أنه كلام عربي، وهم رؤوس العرب وفصحاؤهم، والممارسون لنظم الشعر أو النثر.

(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) [35]، أي: بل أَخُلِقوا على هذه الكيفية البديعة والصنعة العجيبة من غير خالق؟ أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يؤمرون ولا ينهون؟ مع أنهم يقرون أن الله خالقهم! (أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ) [36]، وهم لا يدعون خلقها فلزمتهم الحجة، فهم ليسو على يقين من الأمر.

(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ)؟، أي: خزائن أرزاق العباد، (أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ) [37]، أي: المسلطون الجبارون، (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ)؟ أي: أَلَهُم سُلم يصعدون به إلى السماء ويستمعون فيه إلى كلام الملائكة وما يوحى إليهم، ويصلون به إلى عالم الغيب كما يصل إليه محمد -صلى الله عليه وسلم- بطريق الوحي؟ (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) [38]، أي: بحجة ظاهرة.

(أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) [39]، أي: أتضيفون إلى الله البنات وتجعلون لأنفسكم البنين؟ من قولهم الملائكة بنات الله! ثم رجع سبحانه إلى خطاب رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا)، أي: يدفعونه إليك لتبليغ الرسالة، (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) [40]، أي: من التزم غرامة تطلبها منهم، مجهدون متعبون بحملهم ذلك المغرم الثقيل.

(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) [41]، أي: أيدّعون علم الغيب فهم يكتبون للناس ما أرادوا من علم الغيب، أو يحكمون بما يقولون؟ (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا)، أي: مكراً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، (فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) [42]، أي: الممكور بهم، والمجزيون بكيدهم، فضرر كيدهم يعود عليهم، (أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ)، أي: يحفظهم ويرزقهم وينصرهم، ثم نزه سبحانه عن هذه المقالة الشنعاء فقال: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [43]، أي: عن إشراكهم به.

ثم ذكر سبحانه بعض جهالاتهم فقال: (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ) [44]، أي: إن يروا قطعا من السماء لعذابهم لم ينتهوا عن كفرهم؛ بل يقولون هو سحاب متراكم بعضه على بعض!.

ثم أمر سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يتركهم فقال: (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) [45]، أي: اتركهم حتى يلاقوا يوم موتهم، أي يوم القيامة والصعقة: الهلاك، (يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)، أي: لا ينفعهم في ذلك اليوم كيدهم الذي كادوا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا (وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [46]، أي: لا يمنع عنهم العذاب النازل بهم مانع، فهو واقع بهم لا محالة.

(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ)، أي: لهؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي عذاب في الدنيا قبل عذاب يوم القيامة، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [47]، أي: لا يعلمون ما يصيرون إليه من عذاب الله، وما أعده لهم من عذاب في الدنيا والآخرة، (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا)، أي: اصبر إلى أن يقع عليهم العذاب الذي وعدناهم به فإنك بمرأى ومنظر منا وفي حفظانا وحمايتنا، فلا تبالي بهم.

(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) [48]، أي: نزه ربك عما لا يليق به، ملتبساً بحمد ربك على إنعامه عليك حين تقوم من مجلسك، وذلك بقول: سبحان الله وبحمده، أو غيره، (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) [49]، أي: سبحه في بعض الليل، ووقت إدبار النجوم، وهو آخر الليل، وقيل المراد صلاة المغرب وصلاة العشاء وصلاة الفجر.

عباد الله: هذه بعض معاني سورة الطور، أسأل الله أن ينفعنا بها، وأن نكون ممن يستمع قول الله ويعمل به ويتعظ ويتذكر، وأن ينفعنا بهدي كتابه وسنة رسوله، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، وسورة الطور تحدثت عن أهوال الآخرة وشدائدها، وعما يلقاه الكافرون في ذلك الموقف الرهيب، موقف الحساب، أقسم الله سبحانه بأن العذاب نازل بالكفار لا محالة لا يمنعه مانع، ولا يدفعه دافع.

وكان القسم بأمور خمسة: أولها جبل الطور الذي سميت به السورة، وهو الجبل الذي كلم الله عز وجل عليه موسى -عليه السلام-، ونال ذلك الجبل من نور الله ما جعله مكانا وبقعة مشرفة على سائر الجبال في بقاع الأرض، والقرآن الكريم المكتوب، وبالبيت المعمور الذي تعمره الملائكة بالعبادة في السماء السابعة، والسماء "السقف المرفوع"، والبحر الذي يضطرم ناراً، أقسم الله بهذه الأشياء الخمسة لبيان أهمية الأمر الذي بعدها وهو وقوع العذاب على من كذب الرسل بما فيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-.

ثم تحدثت السورة الكريمة عن حال المتقين في جنات النعيم على سرر متقابلين، وقد جمع الله لهم أنواع السعادة، الحور العين، واجتماع الشمل بالذرية والبنين، والتنعم والتلذذ بأنواع المآكل والمشارب من فواكه وثمار ولحوم متنوعة مما يشتهي ويستطاب، وغيرها من أنواع النعيم.

ثم حديث عن رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأمرته بالتذكير والإنذار للكفار الفجار غير عابئ بما يقوله المشركون وما يفترونه حول رسالته -صلى الله عليه وسلم-، ونفت عنه كل ما قالوا عنه من الكهانة والجنون، بل أكرمه الله بالنبوة والرسالة، وردت عليهم بالحجج الدامغة، وأقامت الدلائل على صدق رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وختمت السورة بالتهكم بالكافرين وأوثانهم بطريق التوبيخ، وبينت شدة عنادهم، وفرط طغيانهم، وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالصبر على تحمل الأذى في سبيل الله حتى يأتي نصر الله كما وعده عز وجل، وقد صبر وأدى الأمانة، فصلوات الله وسلامه عليه.

وأسأل الله أن ينفعنا بما سمعنا وبما قرأناً عن سورة الطور، وعن كل سور القرآن الكريم، إنه سميع مجيب.

وصلُّوا وسلِّموا -عباد الله- على خاتم رسل الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

 

 

 

 

المرفقات

الطور

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات