عناصر الخطبة
1/استمرارية المؤمن في العبادة 2/تيسير الله للعبادة وتسهيله لها 3/جوانب يسر الإسلام وشموليته في الصلاة 4/بعض جوانب شمولية الإسلام في المباحات والعاداتاقتباس
اعلموا: أن الله -تعالى- قد سهل العبادة، ويسرها غاية التيسير، وجعل للخير أبوابا ليلجها من للخير يقصد ويسير. انظروا إلى الصلاة التي هي آكد أركان الإسلام بعد التوحيد؛ تجدوها قليلة الكلفة، كثيرة الأجر، فهي خمس في الفعل، وخمسون في الميزان، مفرقة في أوقات مناسبة، حتى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل الآجال مقادير للأعمار، وجعل هذه الأعمار مواقيت للأعمال، وكتب الفلاح لمن شغلها بالأعمال الصالحات، والخسارة لمن فرط فيها فأضاعها، وشغلها بالأعمال السيئات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماوات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المخلوقات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الأزمان والأوقات، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا أن عمل المؤمن لا ينتهي بانتهاء مواسم العبادة، وإنما ينتهي بالموت؛ لأن العمر كله محل للطاعة، قال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-:
(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر: 99].
فاعمروا أوقاتكم بطاعة الله، وما يقربكم إليه.
واعلموا: أن الله -تعالى- قد سهل العبادة، ويسرها غاية التيسير، وجعل للخير أبوابا ليلجها من للخير يقصد ويسير.
انظروا إلى الصلاة التي هي آكد أركان الإسلام بعد التوحيد؛ تجدوها قليلة الكلفة، كثيرة الأجر، فهي خمس في الفعل، وخمسون في الميزان، مفرقة في أوقات مناسبة، حتى لا يحصل الملل للكسلان، وإذا أقامها الإنسان في جماعة كانت الصلاة مع الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
وهذه النوافل التابعة للمكتوبات اثنتا عشرة ركعة؛ أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر، من صلاهن بنى الله له بيتا في الجنة.
وهذه الأذكار خلف الصلوات المكتوبات، من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسع وتسعون، وقال: تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر.
وهذا الوتر سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "إن الله وتر يحب الوتر، وأقله ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشرة ركعة وهو مؤكد لا ينبغي للإنسان تركه"[الترمذي (453) النسائي (1675) أبو داود (1416) ابن ماجة (1169) أحمد (1/148) الدارمي (1579)].
قال الإمام أحمد: "من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادته".
ووقت الوتر من صلاة العشاء الآخرة، ولو في حال الجمع إلى طلوع الفجر.
وإذا توضأ الإنسان فأسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
وهذه الصدقات إذا كانت بنية خالصة، ومن كسب طيب فإن الله يقبلها بيمينه، ويربيها لصاحبها، حتى يكون ما يعادل التمرة مثل الجبل العظيم، فالرجل ينفق على نفسه، وينفق على أهله، وينفق على ولده، وينفق على بهائمه يحتسب الأجر بذلك على الله، فيكون له أجر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة، فيحمده عليها، ويشرب الشربة، فيحمده عليها"[مسلم (2734) الترمذي (1816) أحمد (3/100)].
وقـال لسعـد بن أبي وقاص: "واعلـم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها؛ حتى ما تجعـله في فم امرأتك"[البخاري (56) مسلم (1628) الترمذي(2116) النسائي (3628) أبو داود (2864) أحمد (1/176) مالك (1495) الدارمي (3196)].
وقـال: "الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر"[البخاري (5661) مسلم (2982) الترمذي (1969) النسائي (2577) ابن ماجة (2140) أحمد (2/361)].
والساعي على الأرملة والمساكين هو الذي يطلب الرزق لهم، ويكون في حاجتهم.
فأولادك الصغار الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم عن المساكين، فالسعي عليهم كالجهاد في سبيل الله، وفي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خلق الله ابن آدم على ستين وثلاثمائة مفصل" فمن ذكر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، وعزل حجرا عن طريق المسلمين، أو عزل شوكة، أو عزل عظما، أو أمر بمعروف، أو نهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة أمسى من يومه، وقد زحزح نفسه عن النار".
وقال: "يصبح على كل سلامى" يعني كل عضو من أحدكم صدقة "فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما في الضحى"[مسلم (1007)].
وقال: "ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة، وما أطعمت زوجك فهو لك صدقة"[ابن ماجة (2138) أحمد (4/131)].
وقال: "في بضع أحدكم يعني إتيان أهله صدقة"[مسلم (1006) أبو داود (1504) ابن ماجة (927) أحمد (5/168) الدارمي (1353)].
فأبواب الخير كثيرة جدا.
فالكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)[آل عمران: 185].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... الخ...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم