اقتباس
المخلص لا يحقد على أحد، ولا يحسد أحد فلا مأرب له في الحياة، إلا أن ينال رضا الله، ومن ثم يتمنى السعادة للآخرين: فهذا عنوان السلامة من الهوى وأمراض القلوب وعلل النفوس، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحوط من وراءهم) (10) والمعنى أن القلب لا يحمل...
أولاً: الإخلاص:
هو تجريد قصد التقرب إلى الله عن جميع الشوائب، وتنقية القلب وتهذيبه من حظوظ النفس، وتنقية العمل من ملاحظة الناس. وهو أمر عزيز، صعب على النفس؛ لأن كل حظ من حظوظ الدنيا تستريح إليه النفس، ويميل إليه القلب، ويخفّ العمل بسببه، قَلّ أم كَثُر.
قال ابن القيم رحمة الله: الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة، أو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين (1).
وبالإخلاص يسلم القلب من الأمراض: كالغل، والحسد، والجبن، والعجب، وحب الثناء، وحصول الضيق والاضطراب النفسي.
والإخلاص يورث القوة في الحق, والشجاعة، والصبر، لأنه يربط القلب بالله تعالى فلا يخاف سواه، ولا يرجو إلا إياه فيتمثل له كل الخلق كالأموات، لا يملكون من أمر أنفسهم شيئاً.
ومن ثم فيجب علينا عند إعداد الدعاة أن نعدهم إعداداً ربانياً، أن يتربى المسلم على أن تكون أقواله وأعماله وجهاده كلها لوجه الله وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته، من غير نظر إلى مغنم أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر.
والدعاة إلي الله هم من أحوج الناس إلي الإخلاص لاسيما وأن تعسُر الدعوة وتراجعها وتغلب قوى الباطل يدعونا – بإلحاح – إلي مراجعة مدى تحقق الإخلاص في نفوسنا، صحيح أن على المرء أن يعلم أن الطريق طويل وأن النصر والتمكين بيد الله، لكن من قال أن هذه الدعوات وهذه المناهج والأعمال والمشاريع الدعوية، معصومة لا يتسرب إليها الرياء، ولا يتطرق إليها الخلل الذي يؤدي لعدم التمكين.
وكم تكون الفاجعة على الأمة وعلى العاملين في حقل خدمة الإسلام إذا هم لم يخلصوا النية لله تعالى فتحبط بذلك جهود، وتبدد طاقات تمس الحاجة إليها ويطول الطريق وتكثر التكاليف فإن الله لا يمكن لقوم حتى يمحص الصفوف وهو سبحانه غني عن نصر قوم لا يريدونه سبحانه بأعمالهم، أضف إلي ذلك أن الجهود المبذولة لخدمة الدين هي أقل بكثير من الجهود المطلوبة، مما يجعل الإمعان في هذا الإخلاص ضرورة ملحة حتى يبارك الله فيها فتؤتي ثمارها أضعافا مضاعفة عسى ذلك أن يسد العجز الهائل الواقع في الساحة الإسلامية.
والإخلاص لله تعالى وتصحيح النية من أبرز الصفات التي تضمن الاستمرارية في الجهد الدعوي فإن العمل إذا باشره الإخلاص أحياه وأبقاه وأدامه.
والإخلاص لله تعالى سبب لبركة العلم ونمائه واستفادة الخلق به، كما قال عون بن عمارة: سمعت هشاماً الدستوائي يقول: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوما قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل. قال الإمام الذهبي رحمه الله معلقا على قول هشام الدستوائي: والله ولا أنا؛ فقد كان السلف يطلبون العلم لله؛ فنبلوا وصاروا أئمة يقتدى بهم، وطلبه قوم منهم أولا لا لله وحصلوه ثم استفاقوا وحاسبوا أنفسهم؛ فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق، كما قال مجاهد وغيره: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية ثم رزق الله النية بعد، وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا، وليثنى عليهم؛ فلهم ما نووا، قال عليه السلام: (من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالاً فله ما نوى) (2) وترى هذا الضرب لم يستضيئوا بنور العلم ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل.. (3).
والإخلاص والتجرد لله تعالى من الدعاة العاملين الربانيين سبب رئيسي لمنع الفرقة والاختلاف لأن كثرة المشاكل والفرقة بين الصفوف راجعة لافتقار الربانية وذلك من أخطر الأمور.
وإن أعداء الله لن يستطيعوا أبداً استئصال هذا الدين ولو اجتمعوا عليه من جميع أقطار الأرض، ولكن الهلاك الحقيقي في أن يتفرق أبناء هذا الدين فيقضي بعضهم على بعض ويهلك بعضهم بعضاً.
فالفرقة تجعل هلاك الأمة بيد أبنائها في سلاسل من الحروب في غير معركة، وانتصارات بغير عدو وهذا في الحقيقة يجعل التفرق محنة حقيقية إذا نحن لم نقرر جدياً التخلص منه، وإذا كان ما نواجهه من فرقة محنة حقيقية، وكنا نتطلع إلى الوحدة والائتلاف فإن هذا يقتضي منا أن نخلع أنفسنا من عصبياتنا وننظر إلى واقعنا نظرة عدل وإنصاف، نظرة مجردة مخلصة عن الأهواء والأغراض فلا نضع على أعيننا نظارة المصلحة الحزبية، أو المصلحة الشخصية، أو نظارة الصراع على الزعامة والقيادة ، فإن كل هذه أمور تقدح في كمال الإخلاص بل نترك واقعنا يحدثنا بما فيه دون رقابة أو تزيين، فماذا عساه يقول لنا هذا الواقع؟ إنه يقول، إن الخلاف بين فصائل العمل الإسلامي بل وبين الفصيل الواحد قد تجاوز حدوده وآدابه وأحدث آثاراً سلبية تعاني منها المسيرة الإسلامية ويعايشها جميع أفرادها بمرارة، وهي آثار لا تختص بميدان من ميادين العمل الإسلامي دون ميدان، بل هي في كل ميادين العمل في الفكر و التربية و الحركة بل وفي أهداف العمل الإسلامي ذاتها؟!.
ففي ميدان الفكر انحصر الإنتاج الفكري في كثير من الدعوات - إلا من رحم الله- في فكر المؤسس فصارت المؤلفات تكراراً لأفكاره أو شرحاً لها أو إشادة بتضحياته وجهاده. وأما مشكلات الأمة وحاجاتها القائمة فلا بحث عنها ولا عن حلها.
أما في ميدان التربية فقد حرص كثير من المربين على اجتذاب الأفراد حولهم وغرس مفاهيم الفصيل الذي ينتمون إليه في عقول الأفراد، وفرضوا حولهم ستاراً حديدياً يحول بينهم وبين الفصائل الأخرى ، وقد نتج عن هذه التربية الاحتكارية أن ترسخت في نفوس الأفراد مفاهيم خطيرة، من أبرزها شهود الأفراد في كل فصيل أن واجبهم الأول هو محاربة غيرهم ممن لا تتطابق نظرته مع نظرتهم وتسبب ذلك في كثرة الفتن والخصومات.
وفي ميدان الحركة غاب مفهوم الأمة الإسلامية ليحل محله العصبيات للأفراد والفصائل، حتى أصبحت هذه العصبيات تفرق أهل المدينة الواحدة.
وهكذا استنفدت طاقات الأفراد في الخصومات مع إخوانهم، وترك الأفراد التحديات التي يواجهها المسلمون من داخلهم ومن خارجهم.
وفي الأهداف والغايات تعلق الكثيرون برموز فصائلهم حتى نسوا الهدف وأصبحت تلك الرموز هي الهدف في النهاية، فهل نتجرد ونخلص لله تعالى فتنشرح صدورنا للندم على أخطائنا فيكون ذلك الندم حافزاً لنا على مواصلة كفاحنا بشعور أشد رهافة بمسؤوليتنا، وتصور أكثر وضوحاً لجوانب الضعف فينا ولأخطائنا التي كانت سبباً في تخلفنا؟!.
ولنعلم أيها الربانيون أن من أهم أسباب الإخفاق ضعف الإخلاص الذي يؤدي إلى انقطاع المدد الرباني؛ قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إنما يحفظ الرجل على قدر نيته. وقال غيره : إنما يعطى الناس على قدر نياتهم. (4)
فينبغي أن تكون أهدافنا ربّانية، أهداف دعوة وأُمّة ورسالة، وليست أهدافاً خاصة ننشدوها، فيجب أن تكون الأهداف جليّة، يلتقي عليها الجميع، ويجاهدون من أجلها في سبيل الله.. وإذا لم يتحقّق ذلك فإن بعض الجهد يعطّل بعضاً آخر، أو قد تختلط الأهداف الربانية بالهوى أو المصالح أو الفتنة. فمن تخلّف عن نصرة الله فلن يؤتيه الله النصر؛ فإن النصر من عند الله.
ولنعلم أن للإخلاص مظاهر وعلامات تظهر على صاحبها، يعرفها كلّ في نفسه وجوداً وعدماً لاسيما الدعاة إلى الله تعالى فمن ذلك:
1- الفاعلية والإيجابية والمبادرة الذاتية المنضبطة ، وعدم انتظار التكليف من أحد ، بعد التكليف من خالق الأرض والسماء.
2- الحياء من الكلام عن النفس أو ضرب الأمثال بها أو التكلم عن إنجازاته الدعوية وتجاربه الطويلة في الدعوة وأعمال الخير، من غير مقتض شرعي. ولسان حاله كما قال الشافعي: وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولم ينسب إلي منه شيء. (5) وهذا من قمة الصدق والإخلاص مع الله.
3- أن تعرض عملك على قولك وقولك على عملك فتنظر هل يطردان في الخير، فذلك من علامات إخلاصك، أو لا يطردان، فذلك خلل في إخلاصك. قال إبراهيم التيمي : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً. قال ابن حجر(مكذبا) يروي بفتح الذال يعني خشيت أن يكذبني من رأى عملي مخالفا لقولي فيقول: لو كنت صادقا ما فعلت خلاف ما تقول، وإنما قال ذلك لأنه كان يعظ الناس. ويروى بكسر الذال وهي رواية الأكثر, ومعناه أنه مع وعظه الناس لم يبلغ غاية العمل. وقد ذم الله من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وقصر في العمل (6).
4- أن يستوي حالك في العمل لله تعالى عندما تكون خاليا، وعندما تكون مع الناس، بل تكون في الخلوة أكثر اجتهادا في الخير وفي الطاعة، عن حذيفة المرعشي قال: الإخلاص استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن. و عبد الكريم بن هوازن القشيري: يصح أن يقال: الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين... سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: الإخلاص التوقي عن ملاحظة الخلق (7).
5- أن تنظر إذا عملت طاعة لله تعالى خاليا، ثم اطلع عليك بعض الناس، هل يسرك ذلك افتخارا وشهرة عند الناس أم لا؟ فإنك بهذا تعرف مدى إخلاصك في هذه الطاعة لله تعالى، فعن ذي النون قال: ثلاث من علامات الإخلاص استواء المدح والذم ونسيان رؤية العمل في الأعمال ونسيان اقتضاء ثواب العمل في الآخرة (8).
6- الصبر على الخلوة. قال يحيى بن معاذ الرازي: الصبر على الخلوة من علامات الإخلاص (9).
7- أن يتخلق بغنى النفس وصفاء السريرة ومحبة الخير للمسلمين والقيام على خدمتهم لوجه الله تعالى والبعد عن الحسد والبغض ، لأن المخلص لا يحقد على أحد، ولا يحسد أحد فلا مأرب له في الحياة، إلا أن ينال رضا الله، ومن ثم يتمنى السعادة للآخرين: فهذا عنوان السلامة من الهوى وأمراض القلوب وعلل النفوس، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحوط من وراءهم) (10) والمعنى أن القلب لا يحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الثلاث؛ فإنها تنفي الغل والغش وفساد القلب وسخائمه. فإخلاص المسلم يمنع غل قلبه، ويخرجه ويزيله جملة؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه؛ فلم يبق فيه موضع للغل والغش.
8- طلب الحق وتعظيمه، وقبوله ممن جاء به، وعدم رفضه لأي سبب من الأسباب، والاعتراف للآخرين بما فيهم من فضل وإنزال الناس منازلهم، والرغبةُ في استقامة الخلق على طاعة الله عز وجل.
9- اتهام النفس و الخوف من عدم القبول ونسيان العمل بعد عمله، ليبقى الهم هماً واحداً، هل تُقُبِّل هذا العمل أم لم يتقبل؟ وأن لا يقصد المرء من عمله الشهرة بين الناس، ولا يرجو استماعهم إليه، أو يسعى إلى اجتماعهم عليه ـ وإن كان كل ذلك من (عاجل بشرى المؤمن) (11) إذا أخلص ـ ولكنه فتنة وهلاك لمن لم يرد به وجه الله لأن الله (أغنى الشركاء عن الشرك..) (12) فلا يصيب المرء من تعبه ونصبه خيرا. فيخفي العبد ما يمكن إخفاؤه من الطاعات؛ خوفاً من دواعي السُّمْعَة والرياء فعن الزبير بن العوام قال: فمن استطاع منكم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل. (13)، ولقد كان الرجل من السلف الصالح يجمع القرآن ويحفظه وما يشعر به جاره، ويفقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس حتى يُسأل، ويصلي الصلاة الطويلة والضيف في بيته ولا يشعرون؛ بل إن أحدهم ليدخل مع زوجته في فراشها ثم يخادعها كما تخادع المرأة صبيها، فإذا نامت سلَّ نفسه، ثم قام ليله كله وكان ابن المبارك يجاهد في سبيل الله، وكان يضع اللثام على وجهه لئلا يُعرف خوفاً على نيته أن يشوبها شائب من الشوائب. وعن سفيان قال: أخبرتني سرية الربيع بن خيثم قالت: كان عمل الربيع كله سراً، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه (14).
10- أن يستوي عند العامل تحقق نتائج الأعمال على يديه، أو على يدي أخيه المسلم، لأن هذا هو المقصود، اللهم إلا أن يتمنى أن تتحقق على يديه على سبيل الغبطة ومحبة الخير.
11- أن لا يتعصب المرء لنفسه، وأن لا ينتصر ـ عند الزلل ـ لرأيه؛ كأن الحق حكر عليه، والصواب خاص به، بل يخضع للحق ويقبل النصيحة ولو كان ممن دونه، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إعجاب كل ذي رأي برأيه. وذكر أن النصيحة لا ينتفع بها من كانت هذه صفته. ولا شك أن الإخلاص يقتضي البحث عن الحق والتزامه، ولو كان الحق في رأي المخالف.
12- الثبات في مواجهة الضغوط، والمحن، والشدائد، ومغريات الحياة، الصارفة عن عمل الخير والدعوة إليه، والثبات عليه. ففي ميادين الدعوة إلى الله لا يثبت إلا المخلصون يثبتهم الله، ويعصمهم من الشيطان فيورثهم الله بإخلاصهم صبراً؛ و يعينهم صبرهم على الثبات، إذا ادلهمت الخطوب لجؤوا إلى الله ، وإذا أقفرت السبل تذكروا جزاء الآخرة، وكلما فتروا شحذ إخلاصهم هممهم، رجاء أن ينال القبول والرضا.
13- أن لا يحب الثناء، بل يكرهه ولا يرضى بسماع المدح بل يفر منه، وما أكثر ما يجتمع حب الثناء بالتقصير في الأعمال كما قال تعالى (ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا) [ آل عمران : 188]، ورحم الله ابن القيم حيث قال: لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس. (15) فينبغي للمؤمن أن يراقب نفسه ويصحح قصده لأن الرياء دقيق, وهو متلون بأشكال الأعمال الصالحة تدليسا وتلبيسا لا يظهر إلا بالمحاسبة والمراقبة. وما أحسن ما نبه عليه ابن قدامة حيث قال: هذه الشهوة الخفية يعجز عن الوقوف على غوائلها كبار العلماء, فضلا عن عامة العباد وإنما يبتلى بها العلماء والعباد المشمرون عن ساق الجد لسلوك سبيل الآخرة, فإنهم لما قهروا أنفسهم جالدوها وفطموها عن الشهوات, وحملوها بالقهر على أصناف العبادات؛ عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة والواقعة على الجوارح, فاستراحت إلى التظاهر بالعلم والعمل, ووجدت مخلصا من شدة المجاهدة في لذة القبول عند الخلق ونظرهم إليه بعين الوقار والتعظيم. فأصابت النفس في ذلك لذة عظيمة؛ فاحتقرت فيها ترك المعاصي والشهوات, واستلانت خشونة المواظبة على العبادات؛ لإدراكها في الباطن لذة اللذات وشهوة الشهوات. فهو يظن أنه مخلص لله عز وجل, وقد أثبت في ديوان المنافقين. وهذه مكيدة عظيمة لا يسلم منها إلا المقربون. (16).
14- أن لا يكون جريئا في الفتوى وإعطاء الأحكام، ولذلك كان الكثير من السلف الصالح يتحرز من الفتوى ويتمنى أنه لم يسأل، فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول. (17) وحكى القاضي عز الدين الهكاري في مصنف له، ذكر فيه سيرة الشيخ عز الدين بن عبد السلام، أن الشيخ عز الدين أفتى مرة بشيء ثم ظهر له انه أخطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: من أفتى له فلان بكذا فلا يعمل به فإنه خطأ (18).
يـتـبـع
--
الهوامش:
(1) مدارج السالكين (2 /91- 92).
(2) رواه النسائي وصححه الألباني انظر صحيح النسائي حديث رقم (3850 ) .
(3) سير أعلام النبلاء للذهبي: ترجمة هشام بن عبد الله الدستوائي باختصار.
(4) الأذكار للنووي (ص 7 ).
(5) جامع العلوم والحكم (ص 115).
(6) فتح الباري (1/135 ).
(7) الرسالة للقشيري (ص207- 208) .
(8) المصدر السابق.
(9) شذرات الذهب لابن العماد (2/137) .
(10) رواه الترمذي وأحمد، وصححه الألباني: انظر صحيح الجامع حديث رقم ( 6766) .
(11) صحيح مسلم ( 8/44 ).
(12) صحيح مسلم ( 8/223 ) حديث رقم (7666 ).
(13) الأحاديث المختارة للضياء وصحح الدارقطني وقفه على الزبير (1/448 ).
(14) كتاب الزهد للإمام أحمد (ص463).
(15) الفوائد (ص 186).
(16) مختصر منهاج القاصدين (ص 229).
(17) الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/206).
(18) طبقات الشافعية الكبر للسبكي تحقيق : د. محمود الطناحي د.عبد الفتاح الحلو (8/214).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم