سلسلة دول الإسلام في أعالي البحار (6) البحرية الإسلامية والحملات الصليبية ‘1‘

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16

اقتباس

أطلقت شرارة الحملات الصليبية من مجمع كلير مونت بفرنسا سنة 485هـ 1085 ميلادية، في وقت كان العالم الإسلامي وقتها يعاني من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة، بسبب التناحر على السلطة ومناطق النفوذ في المشرق والمغرب، والقتال العنيف الذي دار بين الأمراء والقادة في بلاد الشام وبلاد خراسان.

 

 

 

 

 

هذه المرة في سلسلة دول الإسلام في أعالي البحار سوف نخالف النمط المتبع في السرد والبحث، والذي يعتمد في الكلام عن البحرية الإسلامية لكل دولة من دول الإسلام الكبرى، حيث سنقوم بإفراد الكلام عن تاريخ البحرية الإسلامية في عهد الحملات الصليبية التي استمرت لأكثر من قرنين من الزمان وبلغت الثمان حملات صليبية في القرون الوسطى، وذلك لعدة أسباب منها:

 

1- أهمية وخطورة الحدث نفسه، فالحملات الصليبية الفرنجية كانت من أهم وأخطر حوادث العصور الوسطى، وأسهمت بقدر كبير في تشكيل العقلية الأوروبية تجاه العالم الإسلامي، وعلى أساسها ما زال العالم الغربي يتعامل وينظر للعالم الإسلامي.

 

2- أن الحملات الصليبية كانت في معظمها حملات بحرية جاءت من وراء البحر المتوسط أو من المحيط الأطلسي ثم البحر المتوسط، فباستثناء الحملة الصليبية الأولى والثانية، جاءت الحملات الصليبية عبر الأساطيل البحرية، وكانت للقوة البحرية فيها دور كبير، لذلك فإن وصف الحملات الصليبية بأنها حملات بحرية هو أدق وصف لطبيعة القتال الميدانية – البحر – ومن ثم كان من الأجدر إفرادها بمبحث خاص بها.

 

3- إن تاريخ الحملات الصليبية يستوعب جهودا عدة دول حاولت وقف تلك الحملات، فتاريخها متشابك مع تاريخ الدولة الفاطمية والدولة الزنكية والدولة الأيوبية والدولة المملوكية، ولو تكلمنا عن جهود كل دولة على حدة في جهودها لمقارعة الصليبيين في المبحث الخاص ببحرية كل دولة لتفرقت الأخبار وتناثرت المعلومات، ولم تتضح الصورة كاملة للحركة الصليبية.

 

أولاً: الحملات الصليبية والدولة الفاطمية

 

 

أطلقت شرارة الحملات الصليبية من مجمع كلير مونت بفرنسا سنة 485هـ 1085 ميلادية، في وقت كان العالم الإسلامي وقتها يعاني من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة، بسبب التناحر على السلطة ومناطق النفوذ في المشرق والمغرب، والقتال العنيف الذي دار بين الأمراء والقادة في بلاد الشام وبلاد خراسان.

 

عندما هجمت الحملات الصليبية على بلاد الشام سنة 489هـ كانت الشام وقتها موزعة السيادة بين الدولة الفاطمية والدولة السلجوقية، والدولة السلجوقية وقتها كانت تشهد نزاعًا خطيرًا على السلطة بين ولدي السلطان الراحل مكلشاه [ت485هـ] الأمير محمد والأمير بركياروق، فلم تسعف الدولة ولاتها في الشام ضد هذا الهجوم الكبير ومن ثم كان على الدولة الفاطمية أن تواجه هذا الخطر الداهم وحدها وبسرعة.

 

كان رد فعل الدولة الفاطمية في هذه الفترة في غاية الخزي والخسة ونابعًا من عقيدة الدولة الباطنية الفاسدة، إذ فرح الفاطميون بهجوم الصليبيين على بلاد الشام تشفيًا وحقدًا منهم، بسبب تأييد أهل الشام للسلاجقة ورفضهم للفاطميين بحيث لم يبق للدولة الفاطمية بالشام أي قواعد بحرية سوى عسقلان، وهذا السرور الفاطمي والشماتة الباطنية دفع كثير من المؤرخين المعاصرين للقول بأن ثمة تنسيق واتفاق بين الفاطميين والصليبيين.

 

أفاق الفاطميون من نشوة شماتتهم على كارثة سقوط بيت المقدس، والمجازر الوحشية التي وقعت بأهله، فجمع الأمير الأفضل بن بدر الجمالي أمير الجيوش الفاطمية جنوده وسار نحو عسقلان لوقف المد الصليبي نحو بلاد مصر، ولكنه أرتكب خطأ عسكريًا فادحًا أدى لهزيمته، وبالتالي لم يصبح للفاطميين موطأ قدم بالشام إلا في مدن قليلة جدًا مثل عكا وصور وصيدا.

 

خلال الفترة ما بين سنة 493هـ حتى سنة 498هـ حاول الفاطميون استعادة بعض ما فقدوه من بلاد الشام، وذلك بإرسال ثلاث حملات عسكرية بحرية وبرية مشتركة، لم تحقق من الإنجازات شيئًا يذكر، بل فشلت البحرية الفاطمية في وقف الإمدادات الصليبية القادمة من أوروبا، وانكشفت حقيقة ضعف الدولة الفاطمية، مما حفز الصليبيين على مواصلة الاستيلاء على باقي مدن الشام.

 

وبالفعل سقطت عكا سنة 497هـ بعد دفاع بطولي من أهلها وتقاعس فاطمي في إنجادها، وبلغت جراءة الصليبيين واستخفافهم بالفاطميين أن هاجموا بلاد مصر نفسها سنة 511هـ وأفسدوا وأحرقوا ودمروا مدن الفرما وتنيس، وفي تلك الفترة بدأ التعاون بين السلاجقة أمراء دمشق وما حولها وبين الفاطميين في صيدا، مما مكن المدينة من الصمود أمام الهجوم الصليبي سنة 502هـ.

 

ورغم الأزمات والنكسات المتتالية على الدولة الفاطمية لم تنس عداوتها للدولة العباسية والسلاجقة، فعندما حاول ابن عمار أمير طرابلس طلب النجدة من الخليفة العباسي وسلطان السلاجقة بعد أن يأس من نصرة الفاطميين، استشاط الفاطميون غضبًا وأرسلوا قوة بحرية كبيرة انقضت على طرابلس وقبضت على الوالي ابن عمار وجماعته ونكلت بأهل طرابلس، فانتهز الصليبيون الفرصة وشددوا حصارهم على طرابلس، وتأخرت الأساطيل الفاطمية عن القدوم، وسقطت طرابلس سنة 502هـ، وبعد سقوط طرابلس سقطت بيروت سنة 503هـ، ثم صيدا سنة 504هـ وعجزت الأساطيل الفاطمية عن تحقيق أي نصر ولو معنوي على الأساطيل الصليبية.

 

وفي سنة 506هـ أقدم الأمير طغتكين السلجوقي أمير دمشق على خطوة أخرى إيجابية من أجل الحفاظ على بلاد الإسلام من الوقوع في أيدي الصليبيين، فأرسل نجدات لمدينة صور حفاظا على المدينة من السقوط الحتمي ورفعت محنتها وتحسنت أحوالها وظلت صامدة حتى سنة 516هـ وفيها عاود الفاطميون تفريغ أحقادهم على السلاجقة وأرسلوا قوات بحرية كبيرة طردت الحامية السلجوقية وقبضت على والي صور مسعود المتعاون مع السلاجقة، فما كان من الصليبيين إلا أن شددوا الهجوم والحصار العنيف على المدينة حتى سقطت في النهاية سنة 518هـ.

 

وعلى الرغم من تنامي القوة البحرية للدولة الفاطمية في أواخر عهد خليفتها الآمر بحكمم الله [495هـ - 524هـ إلا أن هذه القوة لم تجد الإرادة السياسية التي تحركها لنجدة بلاد الشام من الاحتلال الصليبي، بسبب النزاع على السلطة والنفوذ بين الوزراء والأمراء، وهذا النزاع أدى لظهور الخلل في جميع مرافق وأجهزة الدولة، مما أطمع الصليبيين في معاودة الهجوم على مصر بقيادة الملك الصليبي الطموح [بلدوين الثالث] وبعد ملاحم بطولية سقطت مدينة عسقلان سنة 548هـ وكانت آخر القواعد البحرية للدولة الفاطمية بساحل الشام.

 

ثانيًا: الحملات الصليبية والدولة الأيوبية

 

مر بنا في سياق الكلام عن البحرية الفاطمية أنها حاولت مدافعة الصليبيين ولكنها لم تستطع فعل شيء ملموس في ذلك السبيل، وتدهورت البحرية الفاطمية بتدهور الدولة كلها، حتى سقطت بالكلية سنة 564هـ، وعلى أنقاضها قامت الدولة الأيوبية المجاهدة [564هـ - 648هـ].

 

في تلك الفترة كان الصليبيون قد استولوا على كل القواعد البحرية في الشام مثل صور وعكا وعسقلان، وتطلعوا نحو المدن الساحلية المصرية مثل الإسكندرية ودمياط ورشيد وشنوا عليها غارات مدمرة، دفعت السلطان الناصر صلاح الدين للاهتمام بالبحرية المصرية والشامية كسلاح مضاد للحملات الصليبية، وفي سبيل ذلك قام بالعديد من الإصلاحات الداخلية من أهمها:

 

1- أفرد للبحرية ديوانًا خاصًا للإنفاق عليها عرف باسم ديوان الأسطول وذلك سنة 572هـ، أوكل قيادته لأقرب الناس إليه وهو الأمير العادل أخاه الشقيق، وقد خصص لذلك الديوان أموالاً ضخمة وهي متحصلات إقليم الفيوم وديوان الزكاة وأجرة المراكب الديوانية ومتحصلات أخرى.

2- توسع صلاح الدين في الاستعانة بالأخشاب المحلية في مصر والشام بدلاً من استيراد الأخشاب من أماكن بعيدة مثل آسيا الصغرى، وكان يوجد بالإسكندرية ديوان اسمه المتجر السلطاني لشراء مختلف البضائع المستوردة من الخارج مما هي من لوازم الجيش والبحرية.

 

3- منع صلاح الدين الأهالي والتجار مع التعامل مع البلاد النصرانية في المواد الحربية وأصدر مرسومًا في هذا الصدد وتشدد في تطبيقه.

 

4- اهتم صلاح الدين بتقوية دفاعات السواحل كالربط  والمحارس والمناور على طول سواحل مصر والشام وشحنها بالمقاتلين الأبطال، واستخدم أسلوب التحذير بإشارات الدخان وإيقاد النيران على قمم المناور، وأسلوب الطبل على طبول ضخمة تسمع من مسافات بعيدة.

 

5- رفع صلاح الدين أجور بحارة الأسطول لتحسين أحوالهم، فرفع دينار الأسطول لـ 3/4 الدينار العام، بعد أن كان 5/8 أي بزيادة 20% تقريبًا مما أثر بقوة في رفع معنويات البحارة، كما استقدم صلاح الدين البحارة المغاربة للعمل في أساطيله لمهارتهم المشهورة في الجهاد البحري، وقد أشاد المؤرخون أمثال ابن جبير والنويري بشجاعتهم في هذا الميدان أيام الأيوبيين والمماليك.

 

6- وكما اهتم صلاح الدين بالنواحي المادية في تقوية البحرية الإسلامية في تلك الفترة اهتم أيضًا بالنواحي المعنوية والإيمانية، فأنشأ العديد من المدارس الشرعية في مصر والشام، وقام الفقهاء والوعاظ ببث حب الجهاد ونصرة المسلمين في كل مكان، وكان صلاح الدين نفسه قدوة في ذلك فكان مجلسه عامرًا بالعلماء والفضلاء، الذين كانوا يحرضونه على الجهاد واستعداداته، وكان الرجل الذي يريد أن يتقرب إلى صلاح الدين يحثه على الجهاد أو يذكر له شيئًا من أخبار الجهاد أو يصنف فيه، مثل فعل القاضي الفاضل والعماد الأصفهاني.

 

7- لم يقتصر صلاح الدين في إصلاحاته البحرية على البحر الأبيض فقط بل امتد ذلك الاهتمام ليشمل البحر الأحمر ونهر النيل، باعتبار أن فصول الصراع الإسلامي – الصليبي كان على كل تلك المحاور والمنافذ البحرية، فأصلح دور صناعة السفن في النيل وكانت مهملة منذ أواخر عهد الفاطميين، وفي سنة 566هـ احتل صلاح الدين قلعة أيلة التي تقع على فوهة البحر الأحمر ومداخله وكانت بيد الصليبيين، ثم أرسل أخاه تورانشاه بحملة عسكرية كبيرة فتحت اليمن سنة 569هـ، وبسط نفوذه على الحجاز وبالتالي أحكم صلاح الدين سيطرته على سواحل البحر الأحمر جنوبًا وشمالاً وحمى التجارة والحجيج المسلمين من خطر الصليبيين.

 

الصراع البحري بين الصليبيين والدولة الأيوبية:

 

لم يكد صلاح الدين الأيوبي ينتهي من بناء قوته البحرية وتصبح أساطيله جاهزة للدخول في ميدان الصراع مع الصليبيين حتى بدأت المواجهات العنيفة بين الفريقين، شنها صلاح الدين سنة 575هـ بثلاث عمليات قتالية ناجحة ضد الصليبيين، تحللت كلها بالنجاح التام، تلك العمليات لم تكن من النوع الكبير أو الشامل ولكن تهدف لحسابات إستراتيجية في خطط صلاح الدين الرامية لتطويق العدو الصليبي وتقليص موارده وقدراته الدفاعية وتوجيه ضربات معنوية في قلب الوجود الصليبي.

 

في سنة 576هـ هاجم الأسطول المصري جزيرة أرواد واستولى عليها وجعلها قاعدة انطلاق للهجوم على الإمارات الصليبية في الشام، وفي السنة التالية 577هـ. ظفر المسلمون بسفينة ضخمة للصليبيين جاءت من إيطاليا وعلى متنها 2500 مقاتل وقعوا جميعًا في الأسر وتم بيعهم في الأسواق مثل الجواري.

 

في سنة 578هـ قام أمير الكرك الصليبي أرناط بعمل انتقامي في غاية الجبن والخسة حيث اعترض طريق الحجيج وأخذ فوجًا منهم وذبحه بأكمله، واستولى على ميناء "عيذاب" وأخذ ما فيه من مؤن وفيرة كانت متوجهة للحرمين، ولم يبق بينه وبين المدنية النبوية سوى مسيرة يوم واحد، وأشاع الصليبي بين أتباعه أنه سيستخرج جثمان النبي من المسجد، فارتج العالم الإسلامي وأرسل صلاح الدين قائده الهمام حسام الدين لؤلؤ على رأس قوة بحرية استطاعت أن تقضي على الصليبيين وتقطع دابرهم بالكلية، واقسم صلاح الدين أن يقتل الكلب أرناط بيديه انتقامًا لرسول الله.

 

رد صلاح الدين على الصليبيين بعدة هجمات قوية على المدن الصليبية في الشام مثل بيروت، كما أغار على جزيرتي كريت وقبرص، وأغار على قافلة إمداد بحرية كانت تحمل أخشابًا وعمالاً لنجارة السفن، كانت متجهة للصليبيين بالشام، وبتلك الضربات الناجحة شل صلاح الدين حركة إمدادات ومواصلات الصليبيين في الشام، وتفرغ لمهمته الجسيمة في توحيد كلمة المسلمين في مصر والشام تحت راية واحدة استعدادًا للهدف الأسمى وهو تحرير بيت المقدس، وهو ما تم سنة 583هـ.

 

 الصراع بين الصليبيين والدولة الأيوبية بعد تحرير بيت المقدس:

 

بعد تحرير بيت المقدس سنة 583هـ تعاونت البحرية المصرية مع الجيوش الشامية في تحرير عكا وقيسارية وبيروت وعسقلان ومعظم الثغور الساحلية باستثناء مدينة صور والتي ستلعب دورًا خطيرًا في استمرار الحملات الصليبية.

 

كان لتلك الفتوحات الكبرى رد فعل عظيم في أوروبا الغربية، سرت روح قتالية حماسية بين ملوك أوروبا ذكتها الأحقاد البابوية المبشرة بحملة صليبية جديدة، وبالفعل لبى الدعوة ثلاثة من كبار ملوك غرب أوروبا وهم: فريدريك بربروسا إمبراطور ألمانيا، ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا، وفليب الثاني مثل فرنسا، وهي الحملة الصليبية الثالثة والتي امتد تاريخها ثلاث سنوات 5855هـ - 588هـ.

 

وتحملت مدينة عكا عناء حصار مرهق وعنيف استمر ثلاث سنوات كانت بمثابة ملحمة تاريخية في الصمود والبطولة، وخلالها تحملت البحرية الإسلامية عبء الاتصال بالقوات المدافعة عن المدنية من ناحية البحر، وإمدادها بالمؤن والأموال والذخائر، وضربت الأساطيل المصرية أروع الأمثلة في الجراءة والشجاعة والفداء، وبرز العديد من الأبطال الذين نالوا درجة الشهادة والله حسيبهم في الدفاع عن عكا.

 

بعد صلح الرملة سنة 588هـ هدأت الأمور قليلاً، وفي العام التالي 589هـ توفى السلطان العظيم صلاح الدين الأثيوبي، وبرحيله أخذت القوة البحرية في الضعف شيئًا فشيئًا، وفي المقابل خفت حدة الحملات الصليبية القادمة من غرب أوروبا بسبب القتال الداخلي بين أمراء أوروبا، والقتال ضد البيزنطيين، ولم تشهد تلك الفترة هجمات صليبية كبيرة باستثناء هجوم ملك قبرص عمورى لوزنيان على مدينة بيروت واحتلالها سنة 593هـ.

 

بعد وفاة الملك أبي بكر العادل الأيوبي سنة 615هـ نشطت الحملات الصليبية مرة أخرى على العالم الإسلامي، ولكن هذه المرة كان التركيز على بلاد مصر، لأن مركز الثقل الدفاعي كان بها، لذلك هجم الصليبيون بحملتين متتاليتين الأولى كانت سنة 615هـ وهي المعروفة تاريخيًا بالحملة الصليبية الخامسة [أو الرابعة على خلاف بين المؤرخين] واستمرت زيادة على ثلاث سنوات واستولت على دمياط وكان معظم القتال في تلك الحملة على ضفاف نهر النيل، وانتهت بكارثة كبيرة للصليبيين بسبب خطأ تكتيكي في القتال، أما الحملة الثانية فكانت على صغرها وقلة جنودها والمشاركين فيها من ملوك أوروبا، كانت أنجح الحملات وذلك سنة 625هـ وهي الحملة الصليبية السادسة بقيادة إمبراطور ألمانيا فريدريك الثاني إذ تمكن من السيطرة على بيت المقدس من غير طعن ولا رمي بسبب تخاذل الملك محمد الكامل الأيوبي.

 

فترت الحملات الصليبية قليلاً، واشتعل القتال الداخلي بين أمراء وملوك البيت الأيوبي، فانتهز الصليبيون الفرصة وشنوا حملتهم الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا سنة 647هـ على مدينة دمياط مرة أخرى، فأفاق المسلمون من غفلتهم ونحوا خلافاتهم واستطاعوا الانتصار على الصليبيين وأسر ملكهم لويس التاسع ولكن ذلك الانتصار كان بمثابة الإعلان عن شهادة ميلاد للدولة الجديدة والقوة الشابة التي حققت النصر على الصليبيين وهم المماليك وكان توران شاه الأيوبي المقتول في أوائل سنة 648هـ هو آخر ملوك الدولة الأيوبية، التي كانت على الرغم من قصر عمرها دولة جهاد وفتح من مبدئها إلى منتهاها، وقد أيد الله عز وجل بهم الأمة في وقت بالغ الصعوبة فنهضوا بها وحرروا مقدساتها وطهروا بلادها وأحبطوا المشروع الصليبي الكبير.

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات