سلسلة أمم إسلامية منسية: جورجيا درة القوقاز الضائعة

شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي

2023-07-27 - 1445/01/09
التصنيفات: وقائع تاريخية

اقتباس

وهكذا على مر الزمان ما إن يقع الصراع الداخلي بين المسلمين ويفسد ذات بينهم بالخلافات الصغيرة حتى يشرأب الكفر والنفاق ويطل الشيطان برأسه ويبدأ العدو في الانقضاض على أطراف العالم الإسلامي...

عندما وقعت مجازر البوسنة والهرسك في أوساط التسعينيات من القرن العشرين، استيقظ العالم الإسلامي على صدمة معرفية كبيرة إلا وهي وجود أمة إسلامية كبيرة وعريقة تقدر بالملايين في قلب القارة العجوز؛ أوروبا، المعروفة تاريخياً بأنها معقل النصرانية في العالم، أمّة عريقة وكبيرة لا يعرف بوجودها الغالبية العظمى للمسلمين، والعلم بها قاصر على المتخصصين في التاريخ والجغرافيا والمخلصين من الدعاة العلماء والخطباء المهتمين بشؤون العالم الإسلامي قديماً وحديثاً.

 

ثم لم يكد المسلمون يستفيقون من صدمة البوسنة والهرسك حتى صدمتهم مجازر الشيشان، وكيف أن هناك أمة إسلامية كبيرة في قلب بلاد القوقاز نسيها المسلمون وأسقطوها من ذاكرتهم رغم الماضي الكبير والتاريخ المجيد لتلك الأمة!!

 

والأمة الإسلامية دون غيرها من الأمم كان لها من الروابط الدينية والقيم الاجتماعية والأخلاق الإنسانية ما تميزت بها عن سائر الأمم، لذلك فهي كانت ومازالت خير الأمم؛ فالأمة الإسلامية أمة مترابطة مادياً ومعنوياً، أمة الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لذلك كان من غير المقبول بأي حال من الأحوال جهل المسلمين بأحوال وأخبار إخوانهم المسلمين في شتى بقاع الأرض، خاصة في الدول والبلاد التي يُصنف المسلمون فيها على أنهم أقلية، رغم أنهم كانوا من قبل هم السادة والحكام وأصحاب الأرض ومنشئو الحضارة فيها.

 

ونحن في هذه السلسلة سنحاول رفع حالة الجهالة بالأمم والحضارات الإسلامية السابقة، كيف بدأت وقامت، وإلى ماذا صارت وانتهت، وأحوال من بقي من المسلمين في تلك الحضارات والأمم السابقة، وواجبنا الديني والدعوي والعلمي والأخلاقي تجاه هؤلاء المسلمين، خاصة وأن معظمهم يعاني من اضطهادات وتضييق كبير.

 

وسوف نبدأ هذه السلسلة بحضارة المسلمين في بلاد الكرج أو جورجيا الآن.

جورجيا قبل الإسلام

عُرفت جورجيا قديماً باسم بلاد الكرج، حيث أطلق العرب المسلمون هذا الاسم عليها، وهي تجاور بلاد الرحاب من الشمال، والرحاب عند الجغرافيين العرب تشمل أذربيجان وأرمينيا وأران، وتعتبر بلاد الكرج أو جورجيا الجزء الجنوبي الغربي من بلاد القوقاز، لهذا فانتشار الإسلام بجورجيا مرتبط بانتشاره في بلاد الرحاب خاصة والقوقاز عامة.

 

 قبل الإسلام كانت بلاد الكرج أحد أقاليم الدولة البيزنطية القديمة الهامة، إذ كانت تتميز بموقع جغرافي شديد الإستراتيجية، فهي تمثل نقطة التماس بين أسيا وأوروبا، وهي البقعة التي أطلق عليها الجغرافي الشهير "ماكيندر" اسم "قلب الأرض"، كما أنها تقع على طريق المعارك الفارسية الرومانية الشهيرة في القرن الرابع الميلادي، لذا كان البيزنطيون يولونها أهمية خاصة.

 

 قبل الإسلام كانت بلاد الكرج مكونة من مملكتين واحدة في الشرق وهي أيبيريا وهي التي فتحها المسلمون أولاً وسيطروا عليها لقرون، والأخرى في الغرب وهي كولخيس وهي ستظل تحت حكم الجورجيين النصارى لفترات طويلة وستكون مركز الصراع بين بلاد الكرج والعالم الإسلامي لقرون طويلة.

 

الفتح الإسلامي لجورجيا

 بعد أن طرد المسلمون البيزنطيين من بلاد الشام والجزيرة، أيقنوا أهمية مواصلة حركة الفتح باتجاه بلاد الرحاب والقوقاز لما في ذلك من تأمين للثغور والحدود.

 

تم فتح مدينة "تفليس" عاصمة "جورجيا" في عهد الخليفة الراشد "عمر بن الخطاب" -رضي الله عنه- سنة 20 هـ - 639 م، على يد الصحابي "عياض بن غنم" الذي عقد معاهدة مع أهل مدينة "تفليس" قبلوا فيها دفع الجزية والاعتراف بسلطة المسلمين.

 

وفي عهد الخليفة الراشد "عثمان بن عفان" -رضي الله عنه- سنة 31 هـ، تمرَّد أهل تلك المنطقة بتحريض من البيزنطيين، فأرسل إليهم "حبيب بن مسلمة الفهري" فأعادهم إلى طاعة المسلمين.

 

الوجود الإسلامي في المنطقة كان ضعيفاً فخشي القائد "حبيب بن مسلمة" من تكرار التمرد فأقنع الخليفة عثمان بن عفان باتباع سياسة التعريب، وذلك بنقل جماعة من مسلمي الشام والجزيرة إلى بلاد الكرج، فأرسل إليه الخليفة بألفي أسرة مسلمة، فأسكنهم حبيب تلك البلاد مما زاد من انتشار الإسلام واللغة العربية وترسخهما فيها.

 

وفي العهد الأموي وطد المسلمون حكمهم في هذه المنطقة في غزوات متلاحقة باتجاه الشمال والغرب، وأسسوا ولاية إسلامية أموية في جورجيا أسموها بلاد الكرج، وعاصمتها تفليس، ولما انتقضت هذه المناطق مرة أخرى بتحريض من البيزنطيين أعاد فتحها الأمير "محمد بن مروان" ووطَّد دعائم الحكم الإسلامي فيها وقضى على تهديد الروم والخزر لمنطقة جنوب القوقاز كلها.

 

وفي العهد العباسي توقفت حركة الفتوحات الإسلامية إلى حد كبير مما أدى لتعظيم أهمية بلاد الكرج إذ أصبحت ثغراً من ثغور العالم الإسلامي، ومنتهى الحدود الشمالية الشرقية له، وأصبحت مهمة إمارة بلاد الكرج هي حماية الدولة العباسية ضد هجمات الروم والبلغار في الشمال، واتبعت الدولة العباسية سياسة تعيين ولاة عرب مسلمين إلى جانب أمراء من السكان الأصليين، فيتولى الأمير العربي شؤون الحامية العسكرية الإسلامية ويتولى الأمير المحلي شؤون السكان، وكان ذلك من أخطاء الدولة العباسية إذ أعاق انتشار الإسلام واندماج الجورجيين مع المسلمين.

 

ومع ضعف الدولة العباسية عادت بلاد الكرج لخلع الطاعة خاصة خلال فترة سيطرة البويهيين الشيعة على الخلافة العباسية، فاستقل النصارى بمعظم أقاليم الكرج وظلت العاصمة تفليس بيد المسلمين، وظل الوضع على ما هو عليه حتى ظهرت دولة السلاجقة كقوة إقليمية كبرى استطاعت القضاء على البويهيين الشيعة الذين أضعفوا الخلافة العباسية وأوهنوا قلب العالم الإسلامي بقوة، وفي عهد السلطان ألب أرسلان حقق السلاجقة أعظم الانتصارات على البيزنطيين الرومان في ملاذكرد، وكان ذلك إيذاناً بانسياح السلاجقة في جنوب القوقاز وإعادة الممالك العاصية ومنها بلاد الكرج إلى طاعة المسلمين، فأعلن ملك الكرج جورج الثاني الطاعة للسلطان ملك شاه سنة 1073 ميلادية.

 

 وبعد وفاة السلطان ملك شاه السلجوقي حدث صراع على الملك بين أبنائه فاستغل ملوك الكرج النصارى الأمر وخلعوا الطاعة سنة 1089 ميلادية، واستطاع ملك دايفيد الرابع أن يوحد أقاليم الكرج تحت حكمه وطرد المسلمين من العاصمة تفليس بعد أن حاصرها لفترة طويلة وأزال شعار العرب منها، ومدّ نفوذه جنوبي القوقاز حتى بلاد الأبخاز وبحر الخرز -قزوين- وذلك سنة 1122 ميلادية.

 

وهكذا على مر الزمان ما إن يقع الصراع الداخلي بين المسلمين ويفسد ذات بينهم بالخلافات الصغيرة حتى يشرأب الكفر والنفاق ويطل الشيطان برأسه ويبدأ العدو في الانقضاض على أطراف العالم الإسلامي.

 

العالم الإسلامي وتحالف التتار والجورجيين

 استمر الجورجيون على عدائهم للمسلمين ومحاربتهم خلال حكم الدولة الأيوبية، وتركز الصراع على المناطق الحدودية في جنوب الكرج خاصة مدينة خلاط التي اعتبرها الأيوبيون قاعدتهم الأمامية، فتكرر المواجهات من سنة 601 هجرية حتى سنة 610 هجرية، وكانت الحرب سجال بين الفريقين.

 

وفي سنة 613 هجرية خرج التتار على البشرية من أقصى الشرق فاكتسحوا كل الممالك والدول الإسلامية والنصرانية في طريقهم بما فيها بلاد الكرج، وفي سنة 622 هجرية/1225 ميلادية هجم السلطان جلال الدين خوارزم على بلاد الكرج قاصداً ضمها لأملاكه والانتقام منها بسبب جرائمهم ضد المسلمين في جنوب القوقاز وأذربيجان، فانتصر عليهم وشتت جيوشهم وأعاد الكرج لبلاد الإسلام ولكنه اضطر للعودة إلى عاصمته تبريز بسبب تمرد داخلي.

 

دخل الجورجيون في حلف ديني سياسي مع التتار ضد العالم الإسلامي، وأصبحوا منذ سنة 641هـ/ 1243م يشاركون التتار في هجماتهم على البلاد الإسلامية، وشاركوا بفعالية ووحشية كبيرة في الهجوم على بغداد، ونهب ممتلكاتها وتدميرها سنة 656هـ/ 1258م، كما شارك الكرج والأرمن مع التتار في احتلالهم لبلاد الشام سنة 658هـ/ 1260م.

 

ظلت بلاد الكرج تحت الحكم النصراني الموالي للتتار والاشتراك معهم في الهجوم على العالم الإسلامي خلال حكم الأيوبيين ثم المماليك، حتى دخل التتار في الإسلام وبدأ ينتشر فيهم، فتوقف العدوان الكرجي على بلاد الإسلام فترة طويلة من الزمان.

 

اكتسح تيمور لنك بلاد الكرج سنة 788 هجرية وضمها لأملاكه مع أذربيجان وأرمينيا، وفي سنة 803 هجرية خلع الكرجيون الطاعة وتمردوا عليه فعاد إليهم ودمر بلادهم ولم يترك فيها ديراً ولا كنيسة إلا هدمها إمعاناً في تأديبهم.

 

جورجيا بين الصفويين والعثمانيين

أصبحت بلاد الكرج وأذربيجان وأرمينيا وسائر بلاد القوقاز تابعة للدولة الصفوية ابتداءً من سنة 902 هجرية، ومن ثم أصبحت ميداناً للصراع بين العثمانيين السنّة والصفويين الشيعة، حتى استطاع العثمانيون من ضم تلك المناطق كلها بما فيها بلاد الكرج سنة 986 هجرية/1579 م في عهد السلطان مراد الثالث.

 

أدى وصول العثمانيين إلى تلك الجهات لانتشار الإسلام فيها خاصة في مناطق الشراكسة (الأوستين، والقبرطاي، والأديغة، والأبخاز) ثم بلاد الشيشان والأنجوش، فحاول الروس الهجوم على تلك المناطق لوقف المد الإسلامي بها، فانتصر العثمانيون وحلفاؤهم من خانات القرم، وبرز اسم الوالي العثماني "على فرحات باشا" في نشر الإسلام بتلك المناطق حيث جلب العلماء من حواضر العالم الإسلامي وبنى المساجد.

 

ولما ضعفت الدولة العثمانية استعاد الصفويون سيطرتهم على بلاد الكرج وأذربيجان في عهد الشاه عباس الأول سنة 1012 هجرية/1603 م، وكان ذلك نذير الانهيار، حيث بدأ قياصرة روسيا التدخل في شئون المنطقة وأعلنوا الحماية على بلاد القوقاز بما فيها جورجيا في سنة 1198هـ – 1784م، ثم أعلنوا ضمها إليهم في سنة 1215هـ – 1800م ، بعد حرب خاضتها روسيا ضد العثمانيين والشاشان والداغستان، وأخيراً أصبحت جورجيا جمهورية فيدرالية ضمن الاتحاد السوفيتي في سنة 1341هـ – 1922م.

 

جورجيا تحت الاحتلال السوفيتي

ظلت جورجيا تحت الاحتلال السوفيتي خلال الفترة ما بين عامي 1922 – 1991، ويمكن القول أن تلك العقود السبعة كانت الأصعب على بقاء الاسلام في جورجيا على مر التاريخ، وانطلاقا من مزاعم الشيوعية أن "الدين أفيون الشعوب"؛ فأصبح المسلمون في جورجيا هدفا مباحا لحملات التطهير والتهجير القسري والتشويه، وقام الطاغية ستالين -وهو جورجي الأصل- بتهجير معظم مسلمي جورجيا ونفيهم إلى مجاهل سيبيريا بحجة عمالتهم للألمان في الحرب العالمية الثانية، وهدم مساجدهم ومدارسهم وحتى مقابرهم، وعمد إلى طمس الوجود الإسلامي من جورجيا مما أجبر الفئة الباقية إلى الهجرة إلى تركيا وبلاد الشام وباقي الدول الإسلامية.

 

وفي سنة 1991م تفكك التحاد السوفيتي وانهارت الشيوعية في بلد المنشأ، وأصبحت جورجيا دولة مستقلة ولكنها شهدت اضطرابات سياسية متلاحقة أدت إلى ظهور ثلاث جمهوريات صغيرة تتمتع بحكم ذاتي وهي أبخازيا في شمال غربي جورجيا ومساحتها ثمانية آلاف وستمائة كيلو متر، ومعظم سكانها مسلمون سنّة، وعاصمتها مدينة سوخوم على البحر الأسود. وجمهورية أجاريا، وتوجد على ساحل البحر الأسود بين جورجيا وتركيا، ومساحتها ثلاثة آلاف كيلو متر، وسكانها حوالي نصف مليون نسمة، وعاصمتها مدينة باطوم على ساحل البحر الأسود، وهي ميناء بترولي هام، يصلها خط أنابيب بباكو، وأغلب سكان أجاريا يعتنق الإسلام منذ أيام الحكم العثماني.  والثالثة هي أوستينا الجنوبية، وتوجد في شمال جورجيا في وسط جبال القفقاس، وسكانها يقدرون بمائة وخمسين ألفاً، ومعظمهم من الشركس، ويدين أغلبهم بالإسلام.

 

لجأت السلطات الحاكمة في جورجيا بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي لنفس أساليب السوفيت في اضطهاد مسلمي جورجيا ولكن بصورة أخف حدة وأكثر مكراً، إذ شنوا حرباً عسكرية وأخرى دعائية في نفس الوقت على المسلمين في الجمهوريات المستقلة.

 

وضع المسلمين في جورجيا اليوم

وفي آخر تعداد سكان جورجيا سنة 2014 م بلغت نسبة المسلمين وفق البيانات الرسمية حوالي 11% من إجمالي السكان وهو ما يرفضه قادة المسلمين ويقولون أن النسبة الصحيحة هي الثلث، لأن الاحصاء تجاهل مسلمي الجمهوريات الثلاثة أبخازيا وأجاريا وأوستينا الجنوبية.

 

ورغم حرص السلطة في جورجيا في الفترات الأخيرة على منح المسلمين بعض الحريات الدينية والامتيازات والتظاهر بالتسامح ومشاركة المسئولين في مناسبات المسلمين وأعيادهم إلا إن المسلمين في جورجيا ما زالوا يعانون من مشاكل كثيرة، من أبرزها:

 1-الاهمال المتعمد لمؤسساتهم الدينية والتعليمية؛ فجورجيا التي كانت مليئة بالمساجد والجوامع التاريخية الكبيرة والشاهدة على تاريخ المسلمين وحضارتهم، فالعاصمة تبليسي-تفليس سابقاً- لم يعد بها سوى مسجد واحد للجمعة بعد أن هدم السوفيت كل مساجد العاصمة، ويعد مسجد الجمعة فيها تكريساً لفرقة المسلمين، فهو مقسوم إلى نصفين جانب أيمن وجانب أيسر رغم مساحته المتواضعة، والقبلة بها محرابان إحداهما إلى اليمين والأخر إلى اليسار، ويعود ذلك إلى إقامة الشعائر لكل من السنة والشيعة بنفس المسجد؛ نظراً لتضييق الخناق على المسلمين في إنشاء المساجد، وهو الأمر الذي أدى بهم إلى تقسيمه لنصفين ويكون النصف الأيسر للمصلين السنة والنصف الأيمن للمصلين لشيعة، ويدخل كل منهم من بابه وإلى محاربه عند إقامة الصلاة، مما ساهم في تكريس الفرقة والاختلاف.

 

كما يعد مسجد أصلان بك "أورتا جامي" أحد أقدم  المساجد في جورجيا، وهو المسجد الوحيد في مدينة باتومي التي يقطنها عشرات الآلاف من المسلمين!! وقد صرّح الشيخ "كمال زوراب" مفتي مسجد "باتومي" المركزي أن مساجد "جورجيا" تتعرض للخراب واحدًا تلو الآخر، وهذا بسبب عدم اهتمام الحكومة الجورجية بالمساجد والأئمة، ورفضها لطلبات المساعدة التي يتقدم بها المسلمون. وفي سنة 2016 جمع المسلمون 12 ألف توقيع لدعوة الحكومة إلى إظهار بعض النوايا الحسنة والسماح لهم ببناء مسجد جديد.

 

أما بالنسبة للمدارس والمعاهد الدينية فغير مسموح للمسلمين ببنائها، وأبناء المسلمين يتعلمون في المدارس النظامية بمناهج لا تلبي أي احتياج لهم، بل تساهم في تذويب المسلمين وطمس هويتهم وتغيير عاداتهم الاجتماعية وثقافتهم الموروثة من أيام الحكم الإسلامي.

 

 2-ضعف الوعي الديني نتيجة غياب المؤسسات التعليمية والتربوية، مما أدى لتغريب وطمس هوية كثير من مسلمي جورجيا بحيث لم يعد يمكن التمييز بين المسلمين وغيرهم إلا قليلاً. ويحاول المسلمون اليوم مواجهة هذا الأمر عبر ابتعاث مئات الطلاب إلى السعودية وتركيا ومصر للدراسة الشرعية ثم العودة للعمل كدعاة في المساجد والمؤسسات الإسلامية الموجودة والمعتزم إنشاؤها في المستقبل، وإيجاد صلات مع العالم الذي انقطعت أواصره بمسلمي جورجيا تماماً.

 

3-تجاهل العالم الإسلامي للوجود الإسلامي في جورجيا، رغم التاريخ الكبير والماضي العريق لمسلمي جورجيا خاصة مسلمي العاصمة تفليس الذي تخرّج منها العلماء والمحدثون والأدباء والشعراء الذين تزخر كتب التراجم بأخبارهم، إلا إنهم يعانون من التجاهل والنسيان، حتى رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي لم تعر أدنى اهتمام لقضايا مسلمي جورجيا ولم توضع لهم على أجندة أعمال المؤتمرات الإسلامية المتعاقبة أي خبر أو إفادة!! اللهم ما كان من بعض الجمعيات الخيرية التي تبذل جهوداً كبيرة للتعريف بقضايا مسلمي جورجيا والوقوف بجوار مطالبهم العادلة ومساعدتهم عبر ترجمة معاني القرآن للجورجية وكذلك كتب العلوم الشرعية وتوزيعها على المسلمين هناك.

 

 4-غياب المرجعية والتمثيل، فمسلمو جورجيا رغم نسبتهم الكبيرة إلا إنهم يعانون من غياب المرجعية والمظلة الجامعة لشئون المسلمين الدينية والاجتماعية، حيث لا يمثلهم سوى منظمة رسمية واحدة هي "إدارة مسلمي جورجيا" تقوم بأدوار شرفية غير مؤثرة مثل تنظيم سفر الحجاج الجورجيين كل عام. أما شئون الفتيا والأمور الدينية فيتبع مسلمو جورجيا للإدارة الدينية لمسلمي شمال القفقاس ومركزها بالداغستان، والحكومة الجورجية تعمل على تكريس الفرقة والاختلاف باللعب على وتر الطائفية وثنائية السنّة والشيعة.

 

واجب الخطباء والدعاة نحو مسلمي جورجيا

تعريف المسلمين بالوجود الإسلامي في جورجيا عبر حملات دعائية مكثفة، وسلاسل خطابية متتالية تستهدف رفع حالة الجهالة عنهم وعن قضاياهم وتاريخهم وحضارتهم وما يتعرضون له من اضطهاد وتنكيل.

 

تكوين رأي عام ضاغط عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية لوضع قضية مسلمي جورجيا على أجندة اهتمامات المحافل والمؤتمرات والمنظمات الدولية.

 

 تشجيع رجال الأعمال المسلمين على الاستثمار في جورجيا وتأسيس الكيانات الاقتصادية الداعمة للمسلمين هناك بتشغيل الشباب وربط المطالب العادلة للمسلمين بالملف الاقتصادي.

 

استغلال العمل الخيري للتطور الأخير الحادث في سياسة الحكومة الجورجية نحو السماح بالعمل الخيري الإسلامي داخل الأراضي الجورجية بالتواصل مع مسلمي جورجيا وتأسيس الجميعات الخيرية الداعمة تربوياً واجتماعياً واقتصادياً للمسلمين هناك.

 

تأسيس عدة مواقع وصفحات على الأنترنت باللغة الجورجية تستهدف مخاطبة المسلمين بكل شرائحهم هناك لتحقيق التواصل وخلق رابطة دينية تبقي أواصر الدين والهوية مع العالم الإسلامي.

 

 تشجيع ابتعاث الطلبة الجورجيين إلى الجامعات الإسلامية والاهتمام ببناء الجسور الثقافية معهم وتكوين الكوادر الشابة الواعية منهم بقضايا أمتهم ومتطلبات العصر ومشكلاته.

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات