اقتباس
- دعم مكونات الشعب اليمني القبلية والحزبية - وخاصة الإسلامية - وكسبها على حد سواء؛ إذ إن إهمال مكون منها ربما أدى إلى نتائج عكسية وخيمة، ووربما ألجأها الإقصاء إلى تحالفات مع جماعات غالية، أو ربما الانحياز إلى الحوث أنفسهم، وهم - أعني الحوث - بواسطة الريال الإيراني لا يكلون ولا يملون من الإغراءات والمغازلات لشراء شيوخ القبائل وقادة الأحزاب، وقد حققوا نجاحات لا تنكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،،،،،،،،، وبعد:
كثير من الأصحاب والأحباب أعدوا الركاب إلى البراري؛تغريهم الأمطار وروعة الأجواء وفراغ الإجازة
عرض علي الصحبة بعضهم، فاعتذرت بالأشغال، وما هي والله إلا أشغال البال لا الأعمال، وقلت في داخلي: كيف أهنأ بنزهة والحوثيون الأشرار مغول العصر وتتار الزمان يعدون عدتهم ويشدون رحالهم إلى عدن، ومازالوا يبتلعون مدن اليمن العريق واحدة تلو أختها، حتى ابتلعوا آخر ما ابتلعوا مدينة تعز لقمة سائغة ودون أية مقاومة، وهذا اليوم الأحد جاءت الأنباء بسيطرتهم على مطار المدينة والمقار الحكومية والنقاط العسكرية.
هل تعرفون يا سادة معنى احتلال تعز؟!
المعنى: أنهم بلغوا أقصى العمق اليمني الشمالي، وأطلوا على البحر المفتوح بحر العرب، وتاخموا مقاطعة لحج وأصبحت منهم عدن بمرمى النيران، وبدؤوا فعلا يطرقون اليمن الجنوبي ويطوقونه، ويخططون في القريب لاحتلال لحج وصولا إلى عدن، وتسللت مجاميع منهم ومن ميليشيا المخلوع بعتادهم إلى حضرموت انتظارا للحظة الحاسمة.
كل هذا ياسادة لم يأتِ بين طرفة عين وانتباهتها ولاعشية وضحاها، وإنما سبقه تخطيط وتهديد، ونحن حينها في غفلتنا غارقون.
كنا حينها نبشر بافتتاح أكبر مدينة رياضية في جدة، ونزف بشرى أخرى بإحدى عشرة مدينة أخرى في أنحاء متفرقة من البلاد، في الوقت الذي كانت طهران تحتفل بابتلاع دولة سنية جديدة وتبشر باحتلال إحدى عشرة دولة أخرى..
كان القوم بصمت وبغير صمت يعملون.
قبل ست سنوات زارني أحد شيوخ الجوف اليمني المتآخم لبلادنا وأخبرني أن ثمت تحركات غير عادية في الجوف وفي أوساط قبائل دهم من قبل الملالي الإيرانية بحجة حفر الآبار والأعمال الخيرية وبناء الحسينيات وكسب الأنصار وشراء شيوخ القبائل، تزامنها تحركات استخباراتية أمريكية واسعة في المنطقة إياها.
كنت مستبعدا جدا أن يحققوا - أعني الإيرانيين - سوى نجاحات محدودة نظرا لشدة بأس تلك القبائل وبعدها عن المد الرافضي، وحصار الحوثيين في كهوف جبال صعدة واستبعاد التحالف الأمريكي الإيراني؛ حينها، فصدمني هذا الشيخ بمعلومة كنت أظنها ضربا من التهويل أو التأويل المبالغ فيه، قال لي: ستغير الولايات المتحدة استراتيجيتها وتتحالف مع إيران على قاعدة ( لنا الثروات ولكم المقدسات)، قلت: لكن الحرب الدعائية بين أمريكا وإيران بسبب المفاعلات النووية الإيرانية على أشدها ،والعقوبات بحالها، وحاملات الطائرات الأمريكية تتبختر في الخليج، قال: كله دعاية وسترى.
بدأت الثورات الربيعية واتخذ الموقف الأمريكي صبغة الضبابية وإن تجلى أحيانا بشكل واضح وفاضح ميلا إلى المعسكر الإيراني، كما في ثورة الشام وأوضح منه وأصرح وأوقح الحالة البحرينية؛ فغيرُ سرّ أن رموز المعارضة كانوا يجتمعون في السفارة الأمريكية وكلما خضدت شوكتهم انبرت الخارجية أمريكية منددة بهؤلاء ومؤيدة لأولئك. . !
ولقد التقيت في مجلس قنصلا بحرينيا - حينها - وسألته عن الأوضاع، فقال: الأمور مقدور عليها لولا الأمريكان هم الذين يؤوونهم ويدعونهم إلى سفارتهم.
وبالطبع؛ لا يمكن أن يؤخذ هذا الموقف بشكل معزول عن أوضاع المنطقة.
ولقد ذهبَتْ البحرين إلا لحظة؛ بفضل الله ثم الموقف الرائع والنادر الذي اتخذه ولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله بقرار التدخل المسلح، لقد أفات على إيران فرصة العمر، وأحسبه أعظم عمل وأجزله أجرا ختم به حياته.
شيئا فشيئا بدأ الموقف الأمريكي يتجلى متباعدا عن الضبابية، ويعلن بشيء من الاستحياء المصنوع - لامرأة أدمنت البغاء والسفاح - عن زواج المتعة بينها وبين إيران، وتطورت الأحداث العراقية واليمنية والشامية حتى صار رعب شبح حديث الشيخ الجوفي لا يفارقني ليلا ونهارا ويقطة ومناما.
كان الدعم الأمريكي لإيران سياسيا ثم لوجستيا ثم تطور إلى الدعم العسكري :
- فما معنى أن تفلت أطنان شحنات الأسلحة الإيرانية إلى حزبلاتها وحوثها وعاهرها القرداحي من عين الرقابة الأمريكية ومراصدها الفضائية وتقطع عرض البحار وتفرغ في طرطوس والحديدة على حين كانت الحرب السعودية الحوثية قائمة، وهي الاستخبارات التي تحدد كهوفا في شماريخ سروات اليمن وتقصف ساكنيها وبكل دقة.
في الوقت الذي تفرض هذه الدولة العاهرة أوقح الحصار على الشعب السوري الذي يتعرض لأبشع أشكال الإبادة بالبراميل المتفجرة والغازات السامة تحت سمعها وبصرها فتفرض نفسها شرطيا خبيثا يحجز كل أنواع الأسلحة الاستراتيجية والمضادات الأرضية الكفيلة بحسم المعركة؛ لتسرح طائرات بشار وتمرح وتقصف العزل في أحيائهم بكل راحة واطمئنان!
- ما معنى أن تطلق أمريكا يد إيران لتتوغل ميليشياتها وفرق الموت فيها وقواتها النظامية وتمارس الاحتلال المكشوف للأراضي والمدن العراقية وتقارف أفظع أشكال الإبادة والتصفية.
- ما معنى أن ترفع أمريكا اسم إيران وحزب اللات من قوائم الإرهاب بعد كل جرائمهما في القصير وحمص ومدن العراق في الوقت الذي تدرج عددا من فصائل المقاومة المعتدلة في قوائم الإرهاب وتقصف مقراتها وتستهدف قادتها بين الفينة والفيئة.
هل حدثوك عن قصف مماثل لمقرات وقادة الحوث والحزبلات ؟!!
- ما معنى أن تتدخل القوات الأمريكية إلى جانب القوات الحوثية في اللحظات الحاسمة وتقصف طائراتها المقاومين في ذمار والبيضاء ومأرب وتحسم المعركة لصالح الحوث بحجة أن خصمهم القاعدة.
- ما معنى أن يتفاهم بعض شيوخ القبائل مع قائد حوثي مرتزق لتسليم جامعة الإيمان - بعد نهب أثاثها وسياراتها وإحراق مكتبتها الحافلة والزاخرة بأعداد هائلة من المراجع الأصيلة والطبعات القديمة والمخطوطات النادرة - فيأبى إلا بعداستئذان السفارة الأمريكية التي تبادر بالرفض القاطع !!
- ما معنى أن تمتنع أمريكا داعية السلام وراعية الحقوق وحاضنة المؤسسات الأممية عن مجرد وصف الانقلاب الحوثي بالانقلاب وتمتنع عن التنديد بممارسات الحوث من قتل جماعي وتفجير للمعاهد والمدارس والمساجد والاعتداء على التراث العلمي !
- ما معنى أن تتنكر أمريكا لما يسونه هم الشرعية الدولية والحكومة المعترف بها وتنحاز لشذاذ آفاق وشراذم مجرمين منقلبين على الحكومة محتلين للبلاد، مع حرص أمريكا على استقرار مناطق نفوذها وحلفائها سياسيا.
- وأخيرا وليس آخرا ما معنى وقوف أمريكا موقف الخذلان من الرياض وحلفائها وهم الحليف لها والداعم أمنيا واقتصاديا، فتأبى أن تنقل سفارتها إلى عدن، وتتفرج على الموقف وكأنها تنتظر شيئا ما وكأن بينها وبين القوم ( الحوث ) تنسيقا ما، ولولا نتفة لا أقول من الحياء للوجه الرقيع ولكن مراعاة بقية مصالح لأعادت أمريكا فتح سفارتها في صنعاء لتلحق بروسيا ودول أخرى
يتساءل كثيرون عن سر تحول الموقف الأمريكي وتنكره لحلفائه التاريخيين، وهذا له حديث آخر، وشأن يطول لا يتسع له هذا العرض السريع.
كثيرون يعتبون على الحكومات الخليجية وخاصة السعودية بطء القرار، والموقف المتخاذل، ويطالبون بسرعة التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل التفاف حبل المشنقة على الرقبة، ويقولون: دعوكم من الحوار، وماذا استفدنا من المعارضة ( الحريرية ) في لبنان، وهل نجحت إيران إلا بالمعارضة الحديدية ؟!!!
البعيد عن دوائر القرار يرى الموقف هكذا، فإذا ما اقترب شيئا ودخل معمعة السياسة صُدم بطائفة من العقبات أولاها خذلان القريب وخيانة الصديق وتآمر الجار وتجهّم الصاحب ومساومة الرفيق واستغلال الحليف وابتزازه بخسة في أحرج الظروف !!
أعتقد أن شبح الحسم الحوثي للموقف وسقوط عدن وحلب - لا قدر الله - هو أصلب جدار يحول دون التدخل العسكري لصالح المعارضتين؛ حينها لك أن تتصور حجم الكارثة وتصفية حسابات قديمة من الجار العراقي واليمني والشامي، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم.
لا ينبغي أن نلوم حكومة ورثت كمّا هائلا وركاما من المشكلات الخارجية فضلا عن الداخلية، ولا ننتظر منها أن تصلح فساد سنين بكلمة كن فيكون.
الوضع في غاية التعقيد، ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم
- والاتجاه - في نظري - ينبغي أن يكون:
-لإصلاح ما بيننا وبين ربنا وإصلاح داخلنا وتوحيد كلمتنا ومعرفة مكمن الخلل وموضع الخيانة ?إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال? فما وقع بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة والدولة العادلة يمكن لها بالعدل والظالم يمحق بظلمه ?وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا? ومهما كان الذنب فإن الله يغفره بالتوبة التصوح والعزمة الصادقة والندم المقلق والمحرق، وليس أعظم من الكفر ولا أشنع من فعلة آصحاب الأخدود، ولهما في التوبة فرصة ?قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف??إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق?
- الانتهاء عن برامج اللعب واللهو التي أغرق بها شباب الأمة - ممارسةً - وبقيتها - متابعةً - من رياضة ومسرح وفن وغيرها فالوضع لا بحتمل، والمطلوب تربية الشباب وغيرهم تربية جهادية عسكرية ليذودوا عن بلادهم وأنفسهم ومحارمهم؛ أسوة بعدونا فما سقطت مدن السنة إلا تحت أقدام المليشيات الرافضية والجيوش الشعبية، وهو ما تحاول عدن جاهدة توفيره، أعني الحشد الشعبي ولو أنهم التفتوا إليه قبلا ما كان ما كان ليكون، وإذا كان هذا القصور والتقصير من الشعب اليمنى المسلح نشأة وطبيعة المتدرب فعلا على الحروب القبلية منذ قدرته على حمل السلاح، فماذا يقال في حق غيره !!!
- الشعب اليمني شعب أبي قبلي لا يقبل الضيم ولا يغضي على الذل، فلئن نجح الفرس في استقطابه مع بعدهم رقعة وجِلدَة ؛فقدرة القريب عرقا ودارا على ذلك أولى؛ لكن الفرس ما نجحوا في استقطابه إلا بعد حصاد زرع سنين من البعثات الدراسية والدعوية والتدريبية وغير ذلك، والفرص في حقنا لا زالت ممكنة جدا للحدود الطويلة بيننا وسهولة الاتصال والإيصال للمساعدات وقصر خطوط التموين بالنسبة لإيران.
- التركيز على مأرب والجوف وتقوية جبهتها ودعم صمودها لاعتبارات عدة منها: تداخلها مع قبائل سعودية - بحكم الحدود - وشدة بأس أهلها، والأهم كونها مأرب - خزان اليمن النفطي؛ فهي من يمد صنعاء بالكهرباء والزيت، وكثيرون قالوا: إن الكاسب لمأرب كاسب للصراع.
- دعم مكونات الشعب اليمني القبلية والحزبية - وخاصة الإسلامية - وكسبها على حد سواء؛ إذ إن إهمال مكون منها ربما أدى إلى نتائج عكسية وخيمة، ووربما ألجأها الإقصاء إلى تحالفات مع جماعات غالية، أو ربما الانحياز إلى الحوث أنفسهم، وهم - أعني الحوث - بواسطة الريال الإيراني لا يكلون ولا يملون من الإغراءات والمغازلات لشراء شيوخ القبائل وقادة الأحزاب، وقد حققوا نجاحات لا تنكر.
- دعم القوميات غير الفارسية في إيران، لإشغالها بنفسها ؛وهذه القوميات من عربية وكردية وبلوشية وأذرية وتركمانية بمجموعها تشكل أغلبية الشعب الإيراني، ولا يصح أبدا أن نسميهم أقليات كما درج بعضٌ على هذه التسمية، فالأحواز العربية مجموع سكانها لا يقل عن عشرة ملايين ومع ذلك تعاني هذه القوميات الاضطهاد والإقصاء وحرمان أبسط الحقوق التي تتمتع بها كاملة الأقلية الفارسية الحاكمة، فدعم هذه القوميات وتشجيعها على التمرد لعبة سياسي ماهر وقبل ذلك واجب شرعي إيماني، وإذا كانت إيران تراهن على ربع مليون حوثي ومثلهم أو ضعفهم في دولنا؛ فبإمكاننا أن نراهن على أكثر من ثلاثين مليون إيراني على الأقل وكلهم مستعد للثورة.
- وأخيرا فلنعد النظر في ولاءاتنا وعلاقاتنا، فالمباديء لا تشترى بالمال، والعقرب لا يقطع الريال سمها، والذئب لا ينسى طبعه
ولو رضع مع الضأن وعاش بين الشياه:
كل العداوات قد ترجى مودتها
إلا عداوة من عاداك في الدين
لقد حالفت إيران أقواما فصدقوها، وحالفنا آخرين فباعونا وكذبونا، والفرق أنه ولاء عن ولاء يختلف، فالولاءات العقدية غير الولاءات المصلحية الخاضعة للمزايدة ومن يدفع أكثر وفي سوق من يزيد.
فهذا المخلوع البغيض تبين مقدار ثروته وما كان ينهب خلال أكثر من ثلاثين عاما؛ فقد هيأ الله له وللطواغيت المتساقطين من أوليائهم الغربيين من يفضحهم ويبين ثرواتهم وأرقام أرصدتهم الفلكية، كان ينهب ثروة بلاده ومساعداتها حتى جمع هو وأسرته ثروةة من أضخم ثروات الأرض، وما كان يرمي لشعبه البائس المغترب الفقير إلا الفتات، ونبذته بلاده حريقا صريعا بالعراء وهو مذموم، ووجد في حضن جيرانه وداعميه إثر إصابته المميتة ملاذا آمنا ومستقرا ومستودعا، ومازالت تحنو عليه حنو المرضعات على الفطيم حتى نبت لحمه واكتسى جلده، وعاد ليمكر بهم ويضع يده في يد عدوهم ويفتح خزائن الأموال المنهوبة ليشتري بها فلول شعب بائس فقير مغلوب على أمره ليجعلهم وقود وحطام معوكة مجهولة العواقب :
يدبرهم مثل القطيع يسوقهم
فيالك من شعب يباع ويشترى
فمِن رقّ نخّاس إلى رق سائس
ومن بيع قطّاعٍ إلى جملة الورى
أذله الله وقهره وأمكن منه وأعوانه وحلفائه عاجلا وجعل العاقبة للمتقين والصغار على أعداء الدين
والحمد لله رب العالمين
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم