الصنف الثاني:
كان قبل رمضان في غفلة وسهو ولعب فجاء رمضان تراه في رمضان مجتهدًا في الطاعة فلا تقع عيناك عليه إلا ساجدًا أو قائمًا أو تاليًا للقرآن أو باكيًا حتى ليكاد يذكرك ببعض عُبّاد السلف، حتى إنك لتشفق عليه من شدة اجتهاده ونشاطه، وما أن ينقضي الشهر الفضيل حتى يعود إلى التفريط والمعاصي كأنه كان سجينًا بالطاعات فينكب على الشهوات والغفلات والهفوات يظن أنها تُبدِّد همومه وغمومه متناسيًا هذا المسكين أن المعاصي سبب الهلاك لأن الذنوب جراحات ورُب جرح وقع في مقتل، فكم من معصية حَرمت عبدًا من كلمة لا إله إلا الله في سكرات الموت .
فبعد أن عاش هذا شهرًا كاملًا مع الإيمان والقرآن وسائر القربات يعود إلى الوراء منتكسًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهؤلاء هم عُبّاد المواسم لا يعرفون الله تعالى إلا في المواسم أو النقمة أو الضائقة فإذا ذهبت، ذهبت الطاعة مولية ألا فبئس هذا ديدنهم.
فيا ترى ما الفائدة إذن من عبادة شهر كامل إن أتبعتها بعودة إلى السلوك الشائن؟
فهؤلاء نقول لهم من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ولى وانقضي ومن كان يعبد الله فإن الله باق دائم لا يتغير (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [النحل:92]..
قال عبد الله بن كثير، والسدّي: "هذه امرأة خرقاء كانت بمكة، كلما غزلت شيئًا نقضته بعد إبرامه. وقال مجاهد، وقتادة، وابن زيد: هذا مثل لمن نقض عهده بعد توكيده. وهذا القول أرجح وأظهر، وسواءً كان بمكة امرأة تنقض غزلها أم لا" (تفسير ابن كثير )..
فالذي كان يتلو القرآن ثم هجره بعد رمضان فقد نقض غزله وخان عهده مع الله ومن وصل رحمه في رمضان ثم قطعها بعد رمضان فقد نقض غزله وخان عهده مع الله، فهذه الوجوه التي سجدت لله في رمضان فلا تتجه لغير الله بعد رمضان، وهذه البطون التي صامت عن الحلال في رمضان يجب أن تصوم عن أكل الحرام بعد رمضان، وهذه العيون التي بكت من خشية الله في رمضان يجب أن تمتنع عن النظر إلى الحرام بعد رمضان، هذه الأقدام التي سعت إلى المساجد يجب ألا تسعى في الفساد والإفساد في الأرض بعد رمضان، هذه الأيدي التي كانت ممرًا لعطاء الله تنفق وتعطي في رمضان يجب أن لا تبطش وتسرق وتختلس وترتشي بعد رمضان.
وإن كان رمضان قد مضى طيف خيال فالله حي لا يدركه زوال فلِمَ ننقطع عن العبادة ونهجر المساجد ونهجر القرآن بعد رمضان، فاحذروا أن يُزيِّن لكم الشيطان هذا فإن الله يرضى عمن أطاعه في أي شهر كان ويغضب على من عصاه في كل أوان فهل بعدما ذقتم حلاوة الطاعة تعودون إلى مرارة العصيان والانقطاع دليل على عدم القبول يقول كعب -رضي الله عنه-: "مَن صام رمضان وهو يُحدِّث نفسه أنه إذا خرج رمضان عصى ربه؛ فصيامه عليه مردود، وباب التوفيق في وجهه مسدود"..
ولمَّا سُئِل بِشر الحافي رحمه الله عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضانُ تركوا، قال: "بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان!".
فالصيام مدرسة ربانية أخذت فيها دورة تدريبية على الطاعة والانقياد إليه ففي رمضان تركت الحلال الطعام والشراب والشهوة، أفلم تتهيأ نفسك لترك الحرام في رمضان وفي غير رمضان فاجعل كل شهورك رمضان وكل أيامك أعيادًا بطاعتك فكن ربانيًا ولا تكن رمضانيًا، ورمضان كشفك أمام نفسك وأمام الله، فها أنت قد صمت وقمت وانتصرت على نفسك فلا تقل لا أستطيع فلقد استطعت في رمضان فما الذي يمنعك عن الامتثال بعد رمضان؟!
ليس معنى انقضاء رمضان هو انقضاء الطاعة وانتهاء الصوم والصلاة وأعمال البر، وليس معناه فك القيود وتقطيع السلاسل.. نعم لقد رحل عنَّا رمضان.. وما رحل.. نعم ما رحل عنا رمضان.. رحل رمضان بأيامه ولياليه، وما رحل رمضان بروحه ومعانيه، رحل رمضان جسدًا وما رحل عَنَّا روحًا، رحل رمضان وما رحل الصيام ولا القيام ولا القرآن رحل رمضان وبقي الله. فلقد تعلَّمنا منه الكثير والكثير..
عن الحارث بن مالك الأنصاري: أنه "مرَّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: «كيف أصبحت يا حارث؟»، قال: أصبحت مؤمنًا حقًا، قال: «انظر ما تقول، فإن لكل شيء حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟»، فقال: قد عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت لذلك ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها، فقال: «يا حارث عرفت فالزم» ثلاثًا"..
وقال صاحب كنز العمال: "هو حارث بن مالك"، وقيل: "حارثة بن النعمان الأنصاري -رضي الله عنه-" (كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال المؤلف: علاء الدين علي بن حسام الدين المتقي الهندي البرهان فوري [المتوفى: 975هـ] المحقق: بكري حياني - صفوة السقا).
قال البيهقي هذه القصة في الحارث بن مالك ويقال: "حارثة وقصة الأم في الحارثة بن النعمان شعب الإيمان"، وقال صاحب النهاية وفي حديث حارثة [عَزَفَتْ نفْسِي عن الدُّنْيا] أي: عَافَتْها وكرهَتْها. ويُرْوَى [عَزَفْتُ نفْسِي عن الدُّنيا] بضم التاء: أي: مَنَعتها وصَرَفتها (النهاية في غريب الحديث والأثر المؤلف: أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي - محمود محمد الطناحي).
فيا من تذوقت حلاوة الإيمان وعرفت فضل الأعمال في رمضان فداوم عليه ولازمها ولا تتركها بعد رمضان.. ويا من كنت لا تحافظ على الصلاة ووفقك الله للصلاة والمحافظة عليها فإياك أن تضيعها.. عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ» (رواه مسلم).
روي مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -أي ابن مسعود- قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ"..
يا من عرفت طريق القيام في رمضان وتذوقت حلاوة المناجاة فلا تحرم نفسك ولو ركعتين قبل أن تنام وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: "جاء جبريل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزىً به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل ، وعِزّه استغناؤه عن الناس" (رواه الطبراني في الأوسط بإسنادٍ حسن صحيح، الترغيب والترهيب - الألباني)..
يا من فتحت المصحف وعشت في رحابه في رمضان فلا تغلقه بعد رمضان أترضى أن يشكوك رسول الله إلى ربه يوم القيامة : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان:30].
ويقول أيضًا لنعلم أننا في رحلة أولها المولد وآخرها الموت وهي كلها في عبادة (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99]، قال ابن عباس -رضي الله عنه-ما: "يريد الموت وسمَّى الموت باليقين لأنه أمر متيقن. فإن قيل: فأي فائدة لهذا التوقيت مع أن كل أحد يعلم أنه إذا مات سقطت عنه العبادات؟ قلنا: المراد منه: (واعبد رَبَّكَ) في زمان حياتك ولا تخل لحظة من لحظات الحياة عن هذه العبادة، والله أعلم" (تفسير الرازي).
وقال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة :9]، وقال قتادة في قوله: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) يعني: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليه، وقوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي: حال بيعكم وشرائكم، وأخذكم وعَطَائكم، اذكروا الله ذِكرًا كثيرًا، ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة (تفسير ابن كثير بتصرَّف قليل)..
فليس بعد السعي إلى الصلاة تكاسل وترك للطاعات بل ذكر وعمل وشغل واستحضار لمعية الله في كل شيء واستحضار أن كل فضل فيه الإنسان إنما هو فضل الله ونعمته، وإن عند الله لا ينال بمعصيته وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال قام النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا الناس فقال: «هلمُّوا إليَّ»، فأقبلوا إليه فجلسوا، فقال: «هذا رسول ربّ العالمين جبريل عليه السلام نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته» (رواه البزار والبيهقي وقال الألباني حسن على أقل الأحوال).
وخاطب ربنا تبارك وتعالي نبيه -صلى الله عليه وسلم- والخطاب لنا معه (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) [الشرح:7]، "فالمعنى أن يواصل بين بعض العبادات وبعض، وأن لا يخلي وقتًا من أوقاته منها، فإذا فرغ من عبادة أتبعها بأخرى" (تفسير الرازي)..
(قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ . قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم . يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحجرات:14-18].
يقول تعالى مُنكِرًا على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادَّعوا لأنفسهم مقام الإيمان، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد فأدبوا وأعلموا أن ذلك لم يصلوا إليه بعد، وإنما قيل لهؤلاء تأديبًا: (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) أي: لم تصلوا إلى حقيقة الإيمان بعد.
ثم قال: (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا) أي: لا ينقصكم من أجوركم شيئًا، كقوله: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [الطور من الآية:21] وقوله: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي: لمن تاب إليه وأناب.
وقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) أي: إنما المؤمنون الكُمَّل (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) أي: لم يشكوا ولا تزلزلوا، بل ثبتوا على حال واحدة، وهي التصديق المحض، (وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي: وبذلوا مهجهم ونفائس أموالهم في طاعة الله ورضوانه، (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) أي: في قولهم إذا قالوا: "إنهم مؤمنون"، لا كبعض الأعراب الذين ليس معهم من الدين إلا الكلمة الظاهرة. قال تعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) يعني: الأعراب الذين يمنون بإسلامهم ومتابعتهم ونصرتهم على الرسول، يقول الله ردًا عليهم: (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ)، فإن نفع ذلك إنما يعود عليكم، ولله المنة عليكم فيه، (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) أي: في دعواكم ذلك..
وقال الحافظ أبو بكر البزار: "عن ابن عباس -رضي الله عنه-ما قال: جاءت بنو أسد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله، أسلمنا وقاتلتك العرب، ولم تقاتلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن فقههم قليل، وإن الشيطان ينطق على ألسنتهم». ونزلت هذه الآية: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)" (تفسير ابن كثير)..
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج :11]..
قال مجاهد، وقتادة، وغيرهما: (عَلَى حَرْفٍ): على شك. وقال غيرهم: على طرف. ومنه حرف الجبل، أي: طرفه، أي: دخل في الدين على طرف، فإن وجد ما يحبه استقر، و إلا انشمر.
وروى البخاري: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه-ما قَالَ: "(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلاَمًا، وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينٌ صَالِحٌ. وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينُ سُوءٍ" (تفسير ابن كثير)..
ويقول الرازي: "وفي تفسير الحرف وجهان:
الأول: ما قاله الحسن وهو أن المرء في باب الدين معتمدة القلب واللسان فهما حرفا الدين، فإذا وافق أحدهما الآخر فقد تكامل في الدين وإذا أظهر بلسانه الدين لبعض الأغراض وفي قلبه النفاق جاز أن يقال فيه على وجه الذم يعبد الله على حرف..
الثاني: قوله: (عَلَى حَرْفٍ) أي على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه، وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم لا على سكون وطمأنينة كالذي يكون على طرف من العسكر فإن أحس بغنيمة قرَّ واطمأن وإلا فرَّ وطار على وجهه.
وهذا هو المراد (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقلب على وَجْهِهِ) لأن الثبات في الدين إنما يكون لو كان الغرض منه إصابة الحق وطاعة الله والخوف من عقابه فأما إذا كان غرضه الخير المعجل فإنه يظهر الدين عند السراء ويرجع عنه عند الضراء فلا يكون إلا منافقًا مذمومًا وهو مثل قوله تعالى: (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء) [النساء من الآية:143]، وكقوله: (فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ الله قَالُواْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ) [النساء من الآية:141]..
المسألة الثانية:
قال الكلبي: نزلت هذه الآية في أعراب كانوا يقدمون على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة مهاجرين من باديتهم، فكان أحدهم إذا صح بها جسمه ونتجت فرسه مهرًا حسنًا وولدت امرأته غلامًا وكثر ماله وماشيته رضي به واطمأن إليه وإن أصابه وجع وولدت امرأته جارية أو أجهضت رماكه –أي: الأنثى من البراذين- وذهب ماله وتأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان وقال له ما جاءتك هذه الشرور إلا بسبب هذا الدين فينقلب عن دينه..
وهذا قول ابن عباس -رضي الله عنه-ما وسعيد بن جبير والحسن ومجاهدة وقتادة وثانيها: وهو قول الضحاك نزلت في المؤلفة قلوبهم، منهم عيينة بن بدر والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس قال بعضهم لبعض ندخل في دين محمد فإن أصبنا خيرًا عرفنا أنه حق، وإن أصبنا غير ذلك عرفنا أنه باطل.
وثالثها:
قال أبو سعيد الخدري: "أسلم رجل من اليهود فذهب بصره وماله وولده فقال يا رسول الله أقلني فإني لم أصب من ديني هذا خيرًا، ذهب بصري وولدي ومالي. فقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الإسلام لا يقال، إن الإسلام ليسبك كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة» فنزلت هذه الآية.
أما قوله تعالى: (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) فذلك لأنه يخسر في الدنيا العِزَّة والكرامة وإصابة الغنيمة وأهلية الشهادة والإمامة والقضاء ولا يبقى ماله ودمه مصونًا، وأما في الآخرة فيفوته الثواب الدائم ويحصل له العقاب الدائم (وَذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (تفسير الرازي)..
ولم يقبل الله من بني إسرائيل البقرة التي أُمِروا بذبحها وذلك لكثرة أسئلتهم وحججهم وتحايلهم على شرع الله ولأنهم فعلوا لا عن حب وطواعية؛ بل عن بغض وكراهية وتبرم فقال الله فيهم (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) قال الضحاك، عن ابن عباس: "كادوا ألا يفعلوا، ولم يكن ذلك الذي أرادوا، لأنهم أرادوا ألا يذبحوها. يعني أنَّهم مع هذا البيان وهذه الأسئلة، والأجوبة، والإيضاح ما ذبحوها إلا بعد الجهد، وفي هذا ذم لهم، وذلك أنه لم يكن غرضهم إلا التعنت، فلهذا ما كادوا يذبحونها" (تفسير ابن كثير)..
أخي الحبيب.. لا تنسَ عداوة الشيطان الذي كان مكبَّلًا لمدة شهرًا عاجزًا عن غوايتك يستشيط غضبًا بطاعتك يتوعدك بعد رمضان بالكيد والغواية والوقوع في الضلال والمعصية (قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر:39-40]..
(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص:82-83]..
(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ . وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) [سبأ:20-21]..
إياك والتبرم والمن وكثرة السؤال والحجج فهي المحبطة للعمل.. قال علي -رضي الله عنه-: "سيئة تسوؤك خير عند الله من حسنة تعجبك".
وعبَّر عن ذلك ابن عطاء في حِكمه فقال: "ربما فتح الله لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول وربما قدَّر لك المعصية فكانت سببًا في الوصول، ومعصية أورثت ذلًا وانكسارًا خير من طاعة أورثت عُجبًا واستكبارًا".
"ذهب بعض الصالحين لزيارة شيخ لهم وهو مريض مرض الموت فوجدوه يبكي، فقالوا له: لم تبكي؟ وقد وفقك الله للصالحات، كم صليتَ وكم صمتَ وكم تصدقتَ وكم حججتَ وكم اعتمرتَ؟ فقال لهم: وما يدريني أن شيئًا من هذا قد قُبل والله تعالى يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27] وما يدريني أنِّي منهم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [البقرة:264]..
فمن تحققت فيه التقوى في رمضان فهو المقبول وكذلك لم يتقبل الله عطاءً ممن منت به نفسه فخص نفسه بالغالي والثمين وأبقى لله البخس الرخيص، تبارك الله وتعالي عما يشركون! فقال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27]..
إنهما ابنا آدم من صلبه، وهما هابيل وقابيل وهو الذي اختاره أكثر أصحاب الأخبار. وفي سبب وقوع المنازعة بينهما قولان:
أحدهما: أن هابيل كان صاحب غنم، وقابيل كان صاحب زرع، فقرَّب كل واحد منهما قربانًا، فطلب هابيل أحسن شاة كانت في غنمه وجعلها قربانًا، وطلب قابيل شرّ حنطة في زرعه فجعلها قربانًا، ثم تقرَّب كل واحد بقربانه إلى الله فنزلت نار من السماء فاحتملت قربان هابيل ولم تحمل قربان قابيل، فعلم قابيل أن الله تعالى قبل قربان أخيه ولم يقبل قربانه فحسده وقصد قتله..
وثانيهما: ما روي أن آدم عليه السلام كان يولد له في كل بطن غلام وجارية وكان يزوج البنت من بطن الغلام من بطن آخر، فولد له قابيل وتوأمته، وبعدهما هابيل وتوأمته، وكانت توأمة قابيل أحسن الناس وجهًا، فأراد آدم أن يُزوِّجها من هابيل، فأبى قابيل ذلك وقال أنا أحق بها، وهو أحق بأخته، وليس هذا من الله تعالى، وإنما هو رأيك، فقال آدم عليه السلام لهما: قرِّبا قربانًا، فأيكما قُبِل قربانه زوجتها منه، فقبل الله تعالى قربان هابيل بأن أنزل الله تعالى على قربانه نارًا، فقتله قابيل حسدًا له" (تفسير الرازي)..
روى مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)». ثُمَّ ذَكَرَ «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ».
الصنف الثالث:
قوم دخل رمضان وحالهم حالهم لم يتغير منهم شيء بل ربما زادت آثامهم وعظمت ذنوبهم واسودت صحائفهم وصدق فيهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي وأحمد وأخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وصحَّحه الألباني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَىَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ». قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَظُنُّهُ قَالَ «أَوْ أَحَدُهُمَا». قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فهؤلاء خسروا رمضان وخسرهم وهو حجة عليهم وشاهد عليهم وصومهم مردود وسعيهم مردود.
فاختر لنفسك ممن تكون ومن أي صنف أنت ومع من تحشر يوم القيامة والله نسأل أن نكون ممن يحبهم الله ويرضى عنهم وأن نكون من أوليائه ومن حزبه ونحن في هذه الأيام اختلطت المشاعر وتداخلت الأحاسيس..
مشاعر شفقة: على أعمال قمنا بها ولا ندري أقُبِلَت أم والعياذ بالله ردت.
مشاعر أمل: أن يتقبّل الله مِنّا ويفيض علينا برحماته.
مشاعر فرحة: بعيدٍ جاء نود أن نفرح فيه برحمة الله فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ -وفي رواية: يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى- وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ"، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَبِمُزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- -وفي رواية: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ مَرَّتَيْنِ- وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» -وفي رواية: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ...-.
مشاعر رجاء: أن يفرج الله كرب المكروبين من المسلمين في كل مكان وأن يعجل بالفرج على إخوانٍ لنا تُراق منهم الدماء وتُهتك منهم الأعراض وتُدنَّس فيهم المقدسات في فلسطين وفي سوريا والعراق وليبيا وغيرها من البلاد.
مشاعر ثقة: بأن هذه الأقدام التي قامت لله ضارعة والجباه التي سجدت لله خاشعة لن يخذلها أبدًا ولن يردّها خائبة وسيؤتيها نصرًا في الدنيا وجنة ونعيمًا في الآخرة..
اللهم تقبّل مِنَّا واجعلنا من المقبولين..
وكل عام أنتم بخير وتقبَّل الله مِنَّا ومنكم..
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات:180-182].
رمضان ولَّى.. فماذا بعد؟! (1/ 2)
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم