رضا الناس غاية لا تدرك

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/ وصف لما يرضي الناس 2/ رضا الله غاية لا تترك ومقدمة على رضا غيره 3/ خطر ترك المناصحة وعقوبتها 4/ موقف في أثر تقديم رضا الله على رضا الناس.

اقتباس

إذا صَدَعتَ بقولِ الحقِّ فأنتَ غليظٌ جَسورٌ .. وإذا حافظتَ على صمتِكَ فأنت مُتَغَطْرِسٌ مَغرورٌ .. إذا زُرتَ كلَّ يومٍ فأنت ثقيلٌ مذمومٌ .. وإذا قطعتَ زيارتَهم فأنت القاطعُ المَلومُ .. إذا أبديتَ لهم نعمةً حسدوكَ .. وإذا أخفيتَها عنهم عاتبوكَ .. إن قُلتَ قولاً حرَّفوا معانيه .. وإن فعلتَ فِعلاً أساءوا الظَّنَ فيه .. تبتسمُ...

الخطبة الأولى:

 

الحَمْدُ للهِ وَلِيِّ المُؤْمِنِينَ، وَأَنِيسِ الصَّالِحِينَ، وَجَابِرِ المُنْكَسِرِينَ، وَمُغِيثِ المَكْرُوبِينَ، وَمُجِيبِ الدَّاعِينَ؛ (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن:29]، نَحْمَدُهُ فِي العَافِيَةِ وَالبَلاَءِ، وَنَشْكُرُهُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَنُثْنِي عَلَيْهِ الخَيْرَ كُلَّهُ؛ فَلَرُبَّ سَرَّاءَ أَوْرَثَتْ غُرُورًا وَبَطَرًا وَكُفْرًا، وَلَرُبَّ ضَرَّاءَ اسْتَخْرَجَتْ تَوْبَةً وَدُعَاءً وَتَضَرُّعًا.

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَهُ الحِكْمَةُ البَاهِرَةُ فِي أَفْعَالِهِ، وَلَهُ الحُجَّةُ البَالِغَةُ عَلَى عِبَادِهِ؛ لَا يَقْضِي قَضَاءً لِمُؤْمِنٍ إِلاَّ كَانَ خَيْرًا لَهُ؛ فَأَهْلُ الرِّضَا يَنْعَمُونَ بِرِضَاهُمْ، وَأَهْلُ السَّخَطِ يَعُودُ عَلَيْهِمْ سَخَطُهُمْ.

 

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَتَى بِالبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ، فَبَشَّرَ مَنِ الْتَزَمَ الإِسْلاَمَ بِالعِزِّ وَالرِّفْعَةِ وَالتَّمْكِينِ، وَفِي الآخِرَةِ بِالفَوْزِ العَظِيمِ، وَأَنْذَرَ مَنْ تَخَلَّى عَنْ دِينِهِ بِالفَشَلِ وَالذُّلِّ وَالهَوَانِ، وَفِي الآخِرَةِ بِالعَذَابِ وَالخُسْرَانِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: (رِضا النَّاسِ غايةٌ لا تُدركُ) .. حكمةٌ سمعناها كثيراً .. وردَّدناها كثيراً .. وكلما طالَ بالإنسانِ العُمرُ وخالطَ النَّاسَ كلما أيقنَ بصدقِ وحقيقةِ هذه الحكمةِ .. فالنَّاسُ تختلفُ مشاربُهم وأفكارُهم وأذواقُهم وأهواءُهم وآراؤهم .. فمن ذا الذي يستطيعُ، أن يُرضيَ الجميعَ.

 

إذا صَدَعتَ بقولِ الحقِّ فأنتَ غليظٌ جَسورٌ .. وإذا حافظتَ على صمتِكَ فأنت مُتَغَطْرِسٌ مَغرورٌ .. إذا زُرتَ كلَّ يومٍ فأنت ثقيلٌ مذمومٌ .. وإذا قطعتَ زيارتَهم فأنت القاطعُ المَلومُ .. إذا أبديتَ لهم نعمةً حسدوكَ .. وإذا أخفيتَها عنهم عاتبوكَ .. إن قُلتَ قولاً حرَّفوا معانيه .. وإن فعلتَ فِعلاً أساءوا الظَّنَ فيه .. تبتسمُ يقولونَ: ضعيفٌ .. تَعبسُ يقولون: عنيفٌ .. تعفو يقولونَ: خوَّارٌ .. تُقسو يقولون: جبارٌ.

 

ضَحِكْتُ فقالوا ألا تَحتشِم *** بَكَيْتُ فقالوا ألا تَبتسم

بَسِمتُ فقالوا يُرائي بهــا *** عَبستُ فقالوا بدا ما كَتَم

صَمَتُّ فقالوا كليلُ اللسانِ *** نطقتُ فقالوا كثيرُ الكَلِم

حَلِمتُ فقالوا صنيعُ الجبانِ *** ولو كانَ مُقتدراً لانتقم

بَسَلتُ فقالوا لطيشٍ بـــــه *** وما كانَ مجترئاً لو حَكم

يقولون شَذَّ إذا قلــتُ: لا *** وإمَّعةً حينَ وافقتُهم

فأيقنت أنِّي مهما أردتُ *** رِضا النَّاسِ لابُدَّ من أن أُذَّم

 

ولكي تعرفَ الحلَّ، اسمعْ معي إلى باقي الحكمةِ: "رِضا النَّاسِ غايةٌ لا تُدركُ، ورِضا اللهِ غَايةٌ لا تُتركُ، فاتركْ ما لا يُدركُ، وأَدركْ ما لا يُتركُ" .. إذاً لن تستطيعَ أن تُرضيَ النَّاسَ جميعاً إلا أن تأخذَ بهذه الوصفةِ العظيمةِ؛ كما جاءَ في حديثِ عائشةَ رضيَ اللهُ عَنْهَا: "مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ الله عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عليه النَّاسَ"، وصدقَ اللهُ تعالى: (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ) [التوبة: 62]؛ فتَلمَّسْ -أيُّها العبدُ- رِضا اللهِ تعالى في كلِّ ما تفعلُ وتقولُ .. يجعلْ لك بين النَّاسِ الرِّضا والقَبول.

 

صارحني ماذا ستفعلُ لو حَضرتَ مجلسَ قريبٍ أو صديقٍ، ثُمَّ بدأوا يخوضونَ في أمورِ الدِّينِ بلا علمٍ، ويطعنونَ في أهلِ الخيرِ والصَّلاحِ؟ .. هل ستصمتُ حتى لا تُغضبَ عليكَ الأصدقاءِ؟ .. أم ستُذكِّرَ فإن لم ينتهوا فليسَ لكَ بقاءٌ؟ .. قالَ سُبحانَه: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام:68]؛ لأنَّكَ إن جلستَ معهم بعدَ ذلكَ فأنتَ مثلُهم في المعصيةِ والإثمِ .. قالَ تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) [النساء:140].

 

أخبرني عن موقفِكَ لو دُعيتَ إلى مناسبةٍ أو وليمةٍ، فلمَّا حضرتَ فإذا أمامَكَ منكرٌ من المنكراتِ؛كأنْ يكونُ هناكَ معازفٌ وأغاني؛ فهل سُترضي الخلقَ بصمتِكَ حتى لا يعيبوا عليكَ التَّشدَّدَ أو التَّزمتَ؟ أو ستنصحُ بإزالةِ المنكرِ؛ كما قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإيمَانِ" .. وهل ستبقى لو لم يسمعوا للنَّصيحةِ حتى لا يعتبُ عليكَ أو يُقاطعُكَ الأحبابُ؟ .. أم ستعلمُ أنَّه مجلسٌ لا يُحبُّ أن يراكَ اللهُ تعالى فيه فتُبادرُ البابَ؟.

 

وإن لم تستطعْ بلسانِكَ هل ستُنكرُ بقلبِكَ وتُفارقُ المكانَ وذلكَ أضعفُ الإيمانِ؟ .. ذلكَ لنُحقِّقَ التَّناهي عن المنكرِ وننجو من الطردِ من رحمةِ اللهِ .. قالَ تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [المائدة:78-79].

 

كتبَ سُفيانُ الثَّوري إلى ابنِ أبي ذِئبٍ- رحمهما الله-: "فَإِنَّكَ إِنِ اتَّقَيْتَ اللهَ كَفَاكَ النَّاسَ، وَإِنِ اتَّقَيْتَ النَّاسَ لَم يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ" .. نصيحةٌ جامعةٌ مختصَرةٌ.

 

ما هو قرارُكَ لو اجتمعَ عليكَ الزَّوجةُ والأولادُ في الإجازةِ، وأرادوكَ أن تُسافرَ بهم إلى بلادِ الكُّفرِ للسِّياحةِ؛ فهل تُسافرُ بهم لأجلِ إدخالِ السُّرورِ إلى قلوبِهم، وتطييبِ خواطِرِهم إلى بلادِ المُشركينَ .. وتتركَ السِّياحةَ في بلادِكَ وبلادِ المسلمينَ؟.. أو تعلمُ أن في بلادِهم التَّعري والزِّنا والخمرِ ومظاهرِ الكفرِ ومخالطةِ المُشركينَ، وقد قَالَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ".

 

قَالَ جَرِيرٌ الْبَجَلِيُّ -رضيَ اللهُ عَنْهَ-: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُبَايِعُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ، فَأَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: "أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ، وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ" .. إذاً من أصولِ الدِّينِ .. مُفارقةِ المُشركينَ.

 

صارحْ نفسكَ -أيُّها المُباركُ- هل اللهُ -عزَّ وجلَّ- ورسولُه -صلى اللهُ عليه وسلمَ- أحبُّ إليكَ وأولى لكَ أن تُرضيَ، أم الزَّوجةُ والأولادُ والآباءُ والأمَّهاتُ والإخوانُ والعشيرةُ؟ .. اسمعْ معي بقلبِك لهذه الآيةِ العظيمةِ: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة: 24]؛ فلا إلهَ إلا اللهُ .. الأمرُ خطيرٌ .. ولعلَّ الآيةَ توضِّحُ سببَ بعضِ ما يُصيبُ الأمَّةِ اليومَ.

 

فليتَكَ تَحلو والحياةٌ مريرةٌ *** وليتَكَ تَرضى والأَنامُ غِضابُ

إذا صَحَّ مِنكَ الودُ فالكلُّ هَيِّنٌ *** وكلُّ الَّذِي فوقَ التُّرابِ تُرابُ

 

قالَ ابنُ رجبٍ -رحمَه اللهُ-: "فمن تَحقَّقَ أن كلَّ مخلوقٍ فوقَ الترابِ فهو تُرابٌ؛ فكيفَ يُقدِّمُ طَاعةَ شيءٍ من التُّرابِ عَلَى طَاعةِ ربِّ الأربابِ؟!، أم كَيفَ يُرضي التُّرابَ بسخطِ المَلِكِ الوَهابِ؟!، إنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ".

 

أسألَ اللهَ أن يغفرَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ والمسلماتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ، إنَّه غفورٌ رحيمٌ.

 

 

الطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ الكبيرِ المتعالِ، ذي الجمالِ والكمالِ والعزَّةِ والجلالِ، لا يَبلغُ مِدحتَه مقالٌ، ولا يُغني عن عطائه والحاجةِ إليه نَوالٌ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن سيِّدَنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه، خيرَ من عملَ وقالَ، ومن أُوتيَ الحكمةَ وجوامعَ المقالِ، صلى اللهُ عليه وعلى إخوانِه خيرِ صحبٍ وآلٍ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ المرجعِ والمآلِ.

 

لما وَلِيَ ابنُ هُبَيرةَ العِراقَ وخُراسانَ ليزيدَ بنِ عبدِ الملكِ، بعثَ إلى الحسنِ البصري وابنِ سيرينَ والشَّعبي -رحمَهم اللهُ-، فاحتفى بهم وأحسَنَ مثواهم، ثم قالَ: إنَّ الخليفةَ أَخذَ من النَّاسِ عُهودَهم وأعطاهم عهدَه؛ كي يسمعوا له ويُطيعوا، وأنَّه تأتيني منه كُتبٌ إن أمضيتَها أسخطتُ اللهَ تعالى، وإن أهملتُها أسخطتُ أميرَ المؤمنينَ؛ فماذا تأمرونَ؟.

 

فأجابَ الشعبي بكلامٍ فيه تَقيَّةٌ، وسَكتَّ ابنُ سيرينَ، فقالَ ابنُ هُبَيرةَ: يا أبا سعيدٍ، ما تقولُ؟، فقالَ الحسنُ: يا ابنَ هبيرةَ: "خَفِ اللهَ في يزيدَ ولا تَخفْ يزيدَ في اللهِ؛ فإنَّ اللهَ جلَّ وعزَّ مانعُك من يزيدَ، ولن يمنعَكَ يَزيدُ من اللهِ، يا ابنَ هبيرةَ: إنَّه لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ؛ فما كتبَ إليك يزيدُ فاعرِضه على كتابِ اللهِ؛ فما وافَقه فأنفِذه، وما خالَفه فلا تُنفِذه؛ فإنَّ اللهَ أولى بك من يزيدَ، وكتابُ اللهِ أولى بك من كتابِه"، وما زالَ به حتى أبكاه .. فما كانَ من الوالي بعد أن انصرفَ من بُكائه إلا أن أرسَلَ إليهم جوائزَهم، فأعطى الحسنَ أربعةَ آلافِ درهمٍ، وصاحبيه ألفينَ ألفينَ .. فنادي الشَّعبيُّ على بابِ المسجدِ: "مَن قَدِرَ منكم أن يُؤثِرَ اللهَ على خلقِه فليفعلْ؛ فإن الأميرَ قد سألَنا عن أمرِ اللهِ، ما عَلِمَ الحسنُ شيئًا جهِلتُه، ولا جهلَه ابنُ سيرينَ، ولكنَّا أردْنا وجهَ الأميرِ، فأقصانا اللهُ -عزَّ وجلَّ- من الأميرِ وقَصَرَ بنا، وأرادَ الحسنُ وجهَ اللهِ، فحباهُ اللهُ تباركَ محبَّةَ الأميرِ وزادَه في العطاءِ؛ فكم من نصيحةٍ صادقةٍ لأميرٍ، كانَ فيها الخيرُ الكثيرُ".

 

اللهمَّ اغفر لنا ذنوبَنا، وإسرافَنا في أمرِنا، وثبتْ أقدامَنا، وانصرنا على القومِ الكافرينَ، واجمعْ على الحقِّ كلمتَنا، وأَلِّفْ بينَ قلوبِنا، واهدنا سبلَ السلامِ، وأخرجنا من الظلماتِ إلى النورِ.

 

اللهم اجعلنا ممن عبدوك كما تريدُ، أعِنَّا على ذكرِك وشكرِك وحسنِ عبادتك، اقضِ ديونَنا، واستر عيوبَنا، وأغننا من فضلِك، أغننا بحلالِك عن حرامِك.

 

اللهم إنا نسألُك في مقامِنا هذا الفردوسَ الأعلى، وأن تعيذَنا من النارِ.

 

اللهم إنا نسألُك صلاحَ النيةِ والذريةِ.

 

اللهم آمنا في الأوطانِ والدورِ، وأصلحْ الأئمةَ وولاةَ الأمورِ، واغفر لنا يا عزيزُ يا غفورُ.

 

اللهم انصر دينَك، واخذِلْ المنافقينَ، وأذلَّ أعداءَ الدينِ، وعَجِّل بفرجِ المسلمينَ يا أرحمَ الراحمينَ.

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات:180-182].

المرفقات

رضا الناس غاية لا تدرك

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات