رسالتي إلى حاملة لقب مطلقة ..

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-07 - 1444/03/11

اقتباس

رسالتي إلى حاملة لقب مطلقة ..

 

 

محمود القلعاوى .

 

مسكينة أختى المطلقة !! .. ما أقسى ليلك ؟! .. وما أمره من علقم تتمرر به حياتك فور حصولك على هذا اللقب البغيض ؟! .. فكل شيء في حياتك يحال إلى النقيض .. صرت متهمة .. خطواتك بحساب .. مع من تتكلمين ؟! .. ولماذا خرجت من بيتك الآن ؟! .. صار كل المجتمع رقيب عليك .. نعم مسكينة والله .. فقدت عمادك فى الحياة بعد خالقك .. فقدت كلمات الحب التى كنت تسمعينها من زوجك .. صرت كائناً غير مرغوب فيه في المجتمع مع سَبق الإصرار .. الجميع ينظر لك نظرة إتهام لا لشىء إلا لأنك صرت مطلقة .. صدر عليك الحكم بأنك فاشلة فاشلة فى حياتك .. أحسست بكل هذا وأنا أقرأ رسالة وردت لىّ من خلال موقع الإسلام اليوم من امرأة مطلقة تصف ما تعانيه من ويلات طلاقها .. ولقد نقلت الرسالة كما هى :-

أنا إمرأه مطلقة من سنة ونص .. وكانت مبادرة طلب الطلاق الأخير من صوبي .. ولكني أعيش حزن كبير يفوق الوصف لفراق أطفالي .. لدي ثلاث أطفال وظروفي منعتني وتمنعني بشكل قطعي إنهم يكونوا بقربي .. أعاني طلقات نار بكلام الناس القاسي علي .. أم قاسية .. قلبك حجر .. إلخ .. وأنا من النوع اللي حزني ما بيظهر والكل يشوفني قوية .. إنما بداخلي عذاب ولا بشوف سعاده بأي شي من حولي .. أرجو المساعده شو اللي يخليني أنسى تعبت تفكير وتعذيب ضمير .. وأنا طلاقي بالمينونة الكبرى لا مجال للصلح

وأجبت عليها قائلاً :-

أختى السائلة أهلا وسهلاً بك على موقعك الحبيب الإسلام اليوم .. فرج الله عنك كربك .. واذهب عنك همك .. وجمع شمل أسرتك .. وابدلك سعادة بدل حزنك ..

أختى السائلة .. الطلاق أبغض الحلال إل الله .. أقرته الشريعة السمحة لأنه حل لكثير من مشاكلنا .. والمشكلة أختى فى موضوع الطلاق أن مجتمعاتنا العربية لا تنظر إلى الأمر بشكل صحيح مما يوقع المطلقة فى أزمات ومشاكل وينقله من كونه حلاً إلى أزمة ومشكلة .. وتعالى نتكلم فى نقاط متفرقات من الأهمية بمكان قبل أن نتكلم فى كيفية خروجك من الأزمة :-

النقطة الأولى :- عزيزتى هناك دراسة تسمى \" نانسي أوكونر \" توضح أن النساء اللائي كن مستعدات للطلاق يحققن توافقا وتقبلا للذات بدرجة تفوق نظائرهن من غير المستعدات للطلاق ، وذلك بعد السنة الأولى للطلاق ، كما أن المرأة التي ما زالت تحب زوجها ، ولم تكن مستعدة للطلاق تحتاج لوقت أطول كي تستعيد توافقها ، وتواجه صعوبات في تحقيق استعادة ذلك التوافق

كما أوضحت دراسة تسمى دراسة هاكني أن عملية التوافق النفسي مع الطلاق تمر بثلاث مراحل هي :- مرحلة الصدمة :- حيث يعاني المطلقون من الاضطراب الوجداني، والقلق بدرجة عالية .. وتليها مرحلة التوتر :- ويغلب عليها التوتر والقلق والاكتئاب، وتتضح آثارها في الإحساس بالاضطهاد والظلم والوحدة والاغتراب والانطواء ، والتشاؤم وضعف الثقة بالنفس ، وعدم الرضا عن الحياة .. وأخيراً تأتي مرحلة إعادة التوافق :- وفيها ينخفض مستوى الاضطراب الوجداني ، ويبدأ المطلقون إعادة النظر في موقفهم من الحياة بصفة عامة والزواج بصفة خاصة ..

النقطة الثانية :- تعانى المطلقة غالباً فى معاملة من حولها .. فتارة ينظر عليها على أنها مجرمة ومنحرفة ومستعدة لممارسة الهوى مع أي رجل كان .. وينظرن لها على أنها قد أوصمت العائلة بالعار .. عار لا ذنب لها فيه .. فتعيش تحت أقدام من حولها ممنوعة من الحركة أو التنفس هذا بعض الحالات .. وكذلك مما تعانيه المطلقة غالباً أن المحيطين بها يعاملونها على أنها امرأة لا تستطيع الجلوس بدون الخلوة مع رجل .. ففي كل حركة والتفاته لها .. يظنون بها سوء .. ويظل الشك يحيطها في كل لفته وسهوه .. والمصيبة الكبرى إذا طرأ عليها أي تغير في شكلها أو تصرفاتها .. فتقع المصيبة وتبدأ الألسن في العمل تجاهها .. وبين متاهات ومتناقضات ما سبق ذكره تواصل المطلقة السير على خيط العادات والتقاليد .. وقد تتمكن بعضهن من العيش بكرامه .. أما البعض الآخر فيبقى أسير نظرات الشك والاتهام ..

النقطة الثالثة :- ورقة الطلاق :- لاشك أن للطلاق ألم شديد .. فورقة الطلاق تُنهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان .. ورقة تبدد طموحات أطفالنا في العيش في هدوء نفسي واجتماعي .. عندما يحدث الطلاق عزيزتى ويُكسر ما لا تستطيعين إصلاحه تشعرين بكثير من الألم والغضب .. وربما الظلم من الطرف الآخر مع فقدان الثقة في ذاتك .. بينما صوت الضمير يؤنبك قائلاً :- كان عليك أن تتحملي أكثر من أجل أطفالك .. هذه المشاعر وهذه الأفكار تشل تفكيرك وتجعلك فى حالة نفسية ما أسوأها ..

النقطة الرابعة :- عزيزتى من المهم تجاوز أثر الإحساس بالخسارة الذي يلي الطلاق .. فرغم الألم والوحدة اللذين يشعر بهما المطلقون ـ خصوصا المرأة ـ إلا أن الحياة لا تقف عند تجربة فاشلة .. أختى علينا اكتشاف الجمال في نفسك وتحفيز الإيجابيات في شخصيتك ووضع أهداف أخرى تعيشين من أجلها ، مثل :- العمل ، تربية الأبناء ، الدراسة ، وخوض الحياة بروح متفائلة ، فربما قابلت شريكا آخر يكمل معنك مشوار الحياة ويعوضك ما فقدتيه في تجربة سابقة تتوارى مع الوقت في ركن بعيد من الذاكرة ..

لماذا لا تنظرين أختى للطلاق على أنه خلاصاً من علاقة لا تمنح سوى الألم والخذلان .. وبداية لحياة أخرى نرسم معالمها من جديد ..ونكتشف في أعماقنا إيجابيات ربما غفلنا عنها في زحمة المشكلات .. ونرى أنفسنا والآخرين بعيون يملؤها الأمل في غد أفضل .. فالطلاق ليس دائما نقمة ، أو كارثة لا مخرج منها .. يمكننا عزيزتى دائما أن نخلق من المشكلات دافعاً قويا للحياة .. وأن نجعل من النهاية بداية لطريق آخر ..

عزيزتى .. وبعد هذه الكلمات والنقاط رجاء لا تظنى أنى أحدثك من برج عاجى .. بل أكلمك وأنا جالس بجوارك رغم بعد المسافات .. اقصد اشعر بعظم مصيبتك .. لكنها ليست النهاية ربما والله اعلم بكونه ربما يكون البداية .. بداية حياة جديدة .. صفحة جديدة .. شريك جديد .. ربما ..

وإليك عزيزتى أفكار أقدمها لك للخروج من أزمتك هذه :-

- سلمي بالواقع .. فهذا قدرك الذى قدره الله لك .. لابد أن تتقبليه برضا واعلمى أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك .. وقال أصدق من قال :- ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ) .. فالرضا سر السعادة الحقيقى ..

- أختى نعم بذلتى ما بذلتى لإستمرار العلاقة الزوجية بينكما .. وربما يكون الطلاق هو الحل الأنسب لكما معاً .. فلله الحمد على ما قدر .. ولنضع نصب أعيننا حياة جديدة ..

- اقتربي من صديقاتك الصالحات .. صديقات المسجد اقصد .. واقضى معهن وقتاً طيباً تنسيين به ألمك وحزنك ..

- احرصى على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والإستغفار وأكثرى من الطاعات قدر ما تستطعيين ففيها السلوى والفرح والسعادة .. نعم سعادة القرب من الرحمن ..

- اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج .. بكفالة يتيم .. بتعلمى أمى القراءة والكتابة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ) رواه ابن ماجه .. وقال أندرو ماثيوز :- ( أفضل طريقة تشعر خلالها برضاء عن النفس ، القيام بشيء من أجل الآخرين )

- ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها .

- اجلسى مع نفسك وحاولى أن تخرجى بإيجابيات حصلت لك فى طلاقك ..

- الطلاق ليس نهائة المطاف سيدتى ..فلتكن البدايه الجديدة لحياة جديدة ..

- لا تجلسى منفردة قدر طاقتك .. فالوحدة تجلب لك التفكير في ألمك وحزنك ..

- حاولى إدخال أطراف أخرى لتستطعين رؤية أولادك كل مدة معينة حسب ظروفكم ..

- اجتهدى فى عمل برنامج يومى لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك .. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم ومشاهدة برنامج تلفازى مفيد .. بحيث لا يكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها ..

عزيزتى .. قبل أن اترك قلمى .. اكرر عليك كلمة قلتها لك فى أثناء كلامى .. الطلاق ليس نهاية المطاف .. نعم هى مصيبة عظيمة .. ولكن الذكى هو من يحول خسارته مكسباً .. اتركك الآن لتقرئى ما كتبته لك .. وانتظر منك رسالة تخبرينى بجديدك .. خفف الله عنك بلاءك

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات