رسائل إلى زوج

سلطان بن عبد الله العمري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ نصائح للأزواج لإضفاء السعادة على البيت 2/ الهدي النبوي في التعامل مع الزوجات 3/ وجوب الأخذ بأيدي الزوجات إلى الجنة

اقتباس

أيها الزوج: اسمح لي أن أهمس لك همسات في علاقتك بزوجتك، هي همسات لطيفة وخفيفة، أنصت لها، واقتبس منها، وجاهد نفسك على تطبيقها؛ لتكون حياتك الأسرية سعيدة.

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي جعل الزواج سكناً ومودة ورحمة، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم:21].

 

الحمد لله الذي قدر أن يكون هذا الزواج بوابة للعفاف، وحماية من الفتن والشهوات، والصلاة والسلام على رسولنا محمد الذي كان خير الناس لأهله، وأعلنها صريحةً: "خيركم خيركم لأهله".

 

معاشر المؤمنين: حينما ننظر للبيوت نجد عناية كبيرة بالتصميم والتخطيط، وجمال المبنى، وروعة التركيز على جماليات البيوت، ثم يقف بعض الأزواج على هذه المعالم فقط.

 

أيها الزوج: اسمح لي أن أهمس لك همسات في علاقتك بزوجتك، هي همسات لطيفة وخفيفة، أنصت لها، واقتبس منها، وجاهد نفسك على تطبيقها؛ لتكون حياتك الأسرية سعيدة.

 

بداية، نخاطب ذلك الشاب ونقول له: قبل أن تقرر الزواج من تلك الفتاة فاختر ذات الدين وصاحبة الخلق الحسن، وهذه وصية نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".

 

إن الزواج شراكة كبيرة لصناعة حياةٍ سعيدة؛ فكن متأنياً في اختيار تلك المرأة التي ستشاركك بقية حياتك، ستكون تلك المرأة شريكةً لك في طعامك وشرابك وعسرك ويسرك، ستكون تلك المرأة أماً لأولادك، مربيةً لهم؛ فهل أنت تدرك مسؤولية ذلك الاختيار؟.

 

أيها الزوج: شريكة حياتك كائن لطيف، فارفق بها، وتلطف معها، وتلمس حاجاتها، وتعلم فنون الإشباع العاطفي لزوجتك؛ حتى لا تقع زوجتك ضحيةً للانحراف العاطفي.

 

زوجتك من جنس البشر الذين يقع منهم الخطأ، فلا تقلق من ورود الخطأ، وكما أنك لا تسلم من العيوب والملاحظات، فهي كذلك، وكن ممن ينظر للجوانب الحسنة في الطرف الآخر، وفي الحديث الصحيح: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" رواه البخاري.    

 

حبيبتك تنتظر منك كلمة طيبة، أو قبلة عاطفية تحمل معاني الحب، وهذا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ ثم يضع قبلة على خد زوجته عائشة، ثم يخرج للصلاة، وكان ينام في حجرها وهي حائض ويقرأ القرآن، وكان يأخذ العظم منها ويأكل ما بقي منه من اللحم، وكان يشرب من نفس الموضع الذي تشرب منه.

 

أيها الزوج: حينما تحاور زوجتك فلا ترم بكلماتك القاسية على مسامعها، وكن ذا أدب في إخراج الكلمات، واعلم أن كثيراً من الحوارات الزوجية تنتهي بالفشل؛ بسبب الغفلة عن أدب الحوار.

 

أخي الزوج: حينما تخرج مع زوجتك للنزهة فاختر الوقت المناسب، وكن مرحاً مسروراً، ولا تستعجل عليها، هذا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يبقى مع زوجته عائشة وهي تشاهد ألعاب الأحباش وهم يلعبون في المسجد حتى تكون هي التي تفرغ من ذلك المشهد.

 

خصص جزءا من وقتك للجلوس مع زوجتك في كل يوم ولو لدقائق، وكن معها بقلبك وجسدك، ولا تكن مع جوالك، أو مع القنوات.

 

"الراحمون يرحمهم الرحمن"، فابدأ بزوجتك، وكن رحيماً بها، واسمح لنهر حنانك أن يتدفق ليغرق زوجتك في جماله.

 

أيها الزوج: حينما تشاهد في زوجتك خللاً فاختر الكلمة المناسبة، والوقت المناسب الذي تقدم فيه نصيحتك.

 

اعلم أن زوجتك لديها غيرة شديدة، فلا تفجر غيرتها بمزاحك عن الزوجة الثانية، أو كلامك عن النساء.

 

ساعد أهلك في أعمال المنزل، ولا تتضجر من ذلك، وتأمل حياة رسولك -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يغسل ثوبه، ويصلح نعله.

 

أيها الزوج: يجب أن تفهم نفسية زوجتك، وأن تكون ذكياً في معرفة ما تحب وما تكره؛ حتى يسهل عليك الوصول إلى قلبها، واعلم أنه ليس عيباً أن تقرأ وتتعلم في أسرار العلاقة الزوجية وطرق نجاحها.

 

حينما تكون ساكناً مع والديك وتجلس معهم الساعات الطويلة، إياك أن تهمل زوجتك بحجة البر بوالديك! وكن متوازنا في وقتك بين حقوق والديك وحقوق زوجتك.

 

أخي الزوج: اعلم أن كثرة خروجك من البيت والانشغال بالعمل أو الاستراحات والجلسات وأمورك التجارية لا يصح أن يكون عذراً عن إدخال السعادة لأسرتك، وتربيتهم التربية الصالحة.

 

مع زوجتك: احفظ لسانك من أن يجرح مشاعرها بكلمات قاسية، واختر أجمل الكلمات التي تهديها لمسامع زوجتك.

 

في سجودك؛ لا تنس أن تدعو لزوجتك بالهداية والصلاح والتوفيق والسعادة، وأن يديم الحب بينكما.

 

أخي الزوج: الهدية تصنع الحب في قلب زوجتك، وتجدد العلاقة بينكما، فلا تغفل عن هدية جميلة بين الحين والآخر، ولا تنسينّك هموم الحياة تلك الهدية.

 

تأكد -أخي الزوج- أن حسن علاقتك بربك تؤثر إيجابياً على تعاملك مع زوجتك، فمن كان مع الله كان الله معه، ويسر له أمره؛ ومن جانبٍ آخر، فإن الذنوب تجلب الهموم لك ولأسرتك: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى:30].

 

أيها الزوج: حينما تمرض زوجتك كن معها بقلبك وجسدك ومالك، وأظهر عاطفتك ورحمتك بها، واعلم أنها بحاجة شديدة لك في الأزمات، وتذكر الصحابي الجليل عثمان الذي غاب عن غزوة بدر بسبب بقائه لتمريض زوجته.

 

اعلم أن النفقة على زوجتك حق شرعي لها، فاحتسب ذلك عند ربك، ولا تبخل ولا تسرف، وكن حكيماً في إدارتك المالية داخل أسرتك؛ حتى لا تقع في متاهات القروض.

 

إن رائحتك الحسنة، وعنايتك بلبس الجميل، ونظافة جسمك من الداخل والخارج، يضفي على مشاعرها الحب والتقدير لك.

 

أخي الزوج: في تلك اللحظة التي يصدر منك الخطأ، ما أجمل أن تعترف بخطئك لزوجتك بأسلوب جميل، ثم تطلق عبارتك الرائعة: "أنا آسف"! كم سيكون لاعترافك واعتذارك من قدرٍ كبير في نفس زوجتك، وفي توالي الأيام.

 

وعندما تشاهد من زوجتك الإحسان والعطاء، هلاّ قلت لها: "شكراً!"، إننا بحاجة إلى ثقافة الشكر والثناء لمن يحسن إلينا.

 

أيها الزوج: حينما تقرر أن تتخذ زوجة ثانية فاتق الله في هذا القرار الذي قد يكون صواباً وقد يكون خطأ، واجعل لك خطة مالية وإدارية في التعامل مع تلك الأسرتين، ولا تكن ظالماً، كما هو حال بعض الأزواج، فهو مع الزوجة الثانية بماله وعاطفته وكل مشاعره.

 

إن الظلم ظلمات يوم القيامة، والله قد حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرما، ودعوات زوجتك التي ظلمتها لها مسمع عند ربك -عز وجل- الذي قال، كما في الحديث القدسي: "وعزتي وجلالي! لأنصرنك ولو بعد حين".

 

أيها الزوج: حينما تقرر الفراق لزوجتك وإغلاق ملف الحياة معها فاستشر حكيماً قبل اتخاذ هذا القرار، وفكر طويلاً قبل إطلاق الطلاق، وانظر لما بعد الطلاق من موضوع الأبناء، ودراستهم كيف ستكون، ورتب أمور معيشتهم، وفكر في اختيارك للزوجة الثانية، ولا يكن زواجك الثاني ردة فعل.

 

ولا تقلق، ولا تحمل هموم ما سبق، فلعل القادم من حياتك يكون خيرا: (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) [الطلاق:1]، (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق:7].

 

اللهم اجعلنا سعداء في كل حياتنا.

 

 

الخطبة الثانية:

 

أيها الزوج الكريم: زوجتك تحتاج إلى حزمٍ منك حينما تشاهد منها انصرافاً للشهوات والمخالفات؛ لذا، لا تترد في عتابها أو نصيحتها بالتي هي أحسن، قال تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء:34]. ولاتكن عاطفتك حائلاً عن نصحها والأخذ على يديها.

 

معاشر المسلمين: إن بعض الرجال يسمح لزوجته بإدخال القنوات الفاسدة إلى بيته، ويتساهل في لباسها المحرم، ويسكت عن سهرها على المحرمات، ولا شك أن هذا تفريط واضح في رعاية الأسرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته".

 

وكم يؤلمنا حال ذلك الزوج الذي يسمح لزوجته بالنزول للأسواق بلباس لا يرضي الله، من لبس تلك العباءة الفاتنة والمطرزة، مع ذلك النقاب الواسع، والإغراء بألوانه وأشكاله.

 

أيها الزوج: اعتن بصلاة زوجتك: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه:132]، وكن قدوة حسنةً في محافظتك على الصلاة.

 

اللهم أصلح أحوالنا واجعل السعادة تسكن بيوتنا، اللهم وفق الأزواج إلى رعاية زوجاتهم على المنهج الذي يرضيك، اللهم اجعل لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين.

 

 

 

المرفقات

إلى زوج

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات