رحلة إلى المدينة المنورة

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات:

 

د أحمد الخاني

 

في الطريق من مكة المكرمة، إلى المدينة المنورة، تداعى إلى خيالي مسيرة الشيخ شامل المجاهد القوقازي الذي قاتل القيصر الروسي سنين طويلة، ثم نفدت ذخائره العسكرية فاستسلم.

 

لقد كان القيصر يعرف شرف الخصومة، فخيره أن يتجه إلى حيث يشاء، بل ترك له سيفه. فضل الشيخ أن يتجه إلى مكة وبعد أداء فريضة الحج اتجه إلى المدينة المنورة، ولما اقترب منها، أوصى سائق عربته أن يخبره إذا وصل المدينة فلما اخبره، أوقف العربة و نزل من مركبته باكياً، ودخل المدينة حافياً.

 

شعرت في المدينة المنورة، ما كنت أشعر به وأنا طفل في حضن أمي، من الدفء والحنان.

 

بعد الصلاة في مسجد المصطفى سلمت عليه، - صلى الله عليه وسلم -، ثم سلمت على أبي بكر وعلى عمر رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين.

 

ثم انتقلت إلى جبل الرماة، وتجددت العبرة في نفوسنا؛ أن يطيع المسلمون أمر ولي الأمر المسلم فطاعته واجبة، والصحابة لم تكن نيتهم المعصية بالنزول، حيث إنهم ظنوا أن المعركة انتهت، ومع ذلك فقد حلت بهم المصيبة.

 

ذهبت إلى مقبرة الشهداء، وفيها سيد الشهداء حمزة وصحبه الأبرار. رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.

 

ومن معالم المدينة المساجد السبعة، التي كانت على حافة الخندق. معركة الخندق خبرها عجيب غريب، قلت فيها ملحمة بلغت آلاف الأبيات الشعرية، رجلان نبغ اسماهما في هذه الحرب؛ سلمان الفارسي، ونعيم بن مسعود رضي الله عنهما.

 

سلمان، أشار بحفر الخندق، فشل حركة الجيش الزاحف ليستأصل الإسلام والمسلمين.

 

ونُعَيم؛ مزق الأحزاب بذكائه العجيب، إنني لا أزال أعجب بصفاء ذهن نعيم، وقوة حيلته؛ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله. النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له: واحد ماذا يفعل تجاه عشرة آلاف؟ واليهود في المدينة، والمنافقون.

 

قال له: (خذِّل عنا) أعطاه بهذه الكلمة مفتاح النباهة والبداهة والحركة والحنكة والتصرف.

 

في المثل العربي (المرء يعجز لا محالة) وهذا مثل مثبط، حول إلى هذا المثل (المرء يعجز لا المحالة) فالحيلة لا تعجز. وقد فرق الله تعالى الأحزاب بحيلة نعيم، فانسحب من المعركة، الأحمق المطاع عيينة بن حصن سيد غطفان، وبعث الله تعالى ريحاً على معسكر قريش أقلقتهم أن يقيموا، فنادى أبو سفيان بالرحيل.

 

إن هذه المعالم تذكرنا بجهاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتضحياته الجسام، ومعه صحبه الذين آمنوا بالله رباً واحداً لا شريك له، فالله الله يا شباب الإسلام في هذا الدين، كم بذل من تضحيات. وكم أراق من دماء حتى وصل إلينا ننعم في ظلاله

عن كتاب "أجمل مصايف المملكة العربية السعوديةومعالمها الدينية والتاريخية

 

 

المصدر : الألوكة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات