ذكر الله (1)

ناصر بن محمد الأحمد

2014-12-01 - 1436/02/09
عناصر الخطبة
1/الحث على ذكر الله في كل حال 2/أهمية ذكر الله وبعض فضائله 3/حاجة العبد إلى ذكر الله واشتغاله بذلك 4/مقدار الذكر الواجب وملازمته 5/مفهوم ذكر الله وشموليته وكيفيته 6/أحوال يشرع ذكر الله فيها

اقتباس

إن ذكر الله -أيها الإخوة- يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالجوارح. أما ذكر الله بالقلب؛ فمعناه: أن يكون القلب دائماً يفكر في أسماء الله الحسنى، ومعاني صفاته العليا، وأفعاله التي بهرت العقول، وأحكامه التي بلغت من الحكمة غايتها. وأما ذكر الله باللسان؛ فمعناه: أن ينطق بلسانه بذكر ربه، بذكر أسمائه وصفاته وأحكامه، ف...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

عباد الله: فإننا في مقدمة خطبتنا هذه -نسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى؛ أن يتقبل من الحجاج حجهم، وأنهم عادوا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وعمل متقبل مبرور-.

 

يقول الله -عز وجل- في محكم كتابه العزيز: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[البقرة: 200 - 202].

 

يأمر الله -عز وجل- في هذه الآية الكريمة: أولئك الذين منّ الله عليهم، بقضاء مناسكهم: أن يذكرونه -سبحانه وتعالى-، فإن ذكر الله -عز وجل- غير مقتصر على مواسم معينة؛ كالحج ورمضان، وغيرها، وإن كانت في هذه الأوقات، يكون الذكر فيه أكثر من غيره، فإن على الإنسان أن يكون لسانه رطباً بذكر الله -عز وجل- في كل وقت، وفي كل حين، وفي كل مكان، إلا الأماكن التي نهينا فيها عن ذكر الله.

 

فإنني -يا عباد الله- أوصي نفسي أولاً، ثم أوصيكم، سواء منكم من تيسر له الحج أو من لم يتسر له ذلك، فإنني أوصي الجميع بمداومة ذكر الله -سبحانه وتعالى-؛ لأن الله -عز وجل- قد أمر بذكره وعلق الفلاح باستدامته والإكثار منه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)[الأحزاب: 41 - 43].

 

وقال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً)[الأعراف: 205].

 

وقال تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الأنفال: 45].

 

كما أثنى سبحانه وتعالى على أهل ذكره، ووعدهم أحسن الجزاء، فقال سبحانه: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ) إلى أن قال جل وعلا: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 35].

 

وتوعد سبحانه من لها عن ذكره بأشد الوعيد، حيث قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[المنافقون: 9].

 

أيها المسلمون: إن ذكر الله أكبر من كل شيء، قال تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)[العنكبوت: 45].

 

فهو أفضل الطاعات؛ لأن المقصود بالطاعات كلها: إقامة ذكر الله، فهو سر الطاعات وروحها.

 

إن الذاكرين لله؛ هم أهل الانتفاع بآياته، وهم أولوا الألباب والعقول، قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ)[آل عمران: 190 - 191].

 

إن ذكر الله مصاحب لجميع الأعمال، ومقترن بها، بل هو روحها، فإنه سبحانه قرنه بالصلاة؛ كقوله: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)[طه: 14].

 

وقرنه بالصيام والحج ومناسكه، بل هو روح الحج ومقصوده ولبه؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله".

 

كما قرنه جل وعلا بالجهاد في سبيل الله، وأمر بذكره عند ملاقاة الأقران، ومكافحة الأعداء، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الأنفال: 45].

 

إن ذكر الله، هو ختام الأعمال الصالحة، فهو ختام الصيام؛ كما قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185].

 

وهو ختام الحج، قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)[البقرة: 200].

 

وهو ختام الصلاة؛ كما في قوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ)[النساء: 103].

 

وهو ختام الجمعة، قال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الجمعة: 10].

 

بل هو ختام الدنيا؛ فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة".

 

وروى مسلم في صحيحه: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقنوا موتاكم "لا إله إلا الله".

 

الذاكرون الله، هم: أهل السبق؛ كما روى مسلم في صحيحه، من حديث العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسير في طريق مكة، فمر على جبل يقال له جمدان، فقال: "سيروا هذا جمدان سبق المفردون" قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال "الذاكرون الله كثيراً والذاكرات".

 

ويكفي في شرف الذكر: أن الله يباهي ملائكته بأهله؛ روى مسلم عن معاوية -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج على جلسة من أصحابه، فقال: "ما أجلسكم؟" قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده، على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال: "آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟" قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: "أما إني لم استحلفكم تهمة لكم، ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة".

 

ويكفي -يا عباد الله- شرفاً للذكر: أن البيت الذي يذكر الله فيه بمنزلة الحي، والبيت الذي لا يذكر الله فيه بمنزلة الميت؛ ففي الصحيحين من حديث أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت".

 

ولفظ مسلم: "مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثل الحي والميت".

 

فتضمن اللفظان أن القلب الذاكر كالحي في بيوت الأحياء، والقلب الغافل كالميت في بيوت الأموات.

 

ذكر الله -أيها الإخوة- هو غراس الجنة؛ كما روى الترمذي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقيت إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".

 

ذكر الله -أيها الإخوة- يملأ ميزان العبد يوم القيامة؛ فعن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله، تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض"[رواه مسلم].

 

ذكر الله -يا عباد الله- حصن حصين يحرز به العبد نفسه من الشيطان؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي: "وآمركم أن تذكروا الله -تعالى-، فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً، حتى إذا أتى على حصن حصين، فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله".

 

فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة، لكان حقيقاً أن لا يفتر لسانه من ذكر الله -تعالى-، وأن لا يزال لهجاً بذكره، فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده، فإذا غفل وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله -تعالى- انخنس عدو الله، وتصاغر وانقمع، ولهذا سمي: "الوسواس الخناس".

 

أيها المسلمون: إن الله قد أمر بالإكثار من ذكره، لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين، فأي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله -عز وجل-، كانت عليه لا له، وكان خسرانه فيها أعظم مما ربح في غفلته عن ذكر الله.

 

ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ الحديد، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا ترك صدئ، وإذا ذكر العبد ربه، جلا عن قلبه ذلك الصدئ، وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر.

 

فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته، كان الصدأ متراكماً على قلبه، وصدأه بحسب غفلته، وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه، فيرى الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل؛ لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم، فلم تظهر فيه صور الحقائق كما هي عليه، فإذا تراكم عليه الصدأ واسود، وركبه الران فسد تصوره وإدراكه، فلا يقبل حقاً.

 

وهذا أعظم عقوبات القلب.

 

ومن أعظم ما يحيي ذكر الله في القلوب: حضور المساجد، وانتظار الصلاة فيها، وقراءة القرآن واستماعه، وإقامة الصلوات، وحضور مجالس الذكر.

 

ومن أعظم ما يصد عن ذكر الله: الابتعاد عن المساجد، والتكاسل عن الطاعات، وهجر القرآن، وكثرة الاشتغال بالدنيا، وطلب المال، واستماع الملاهي، والنظر إليها، والقيل والقال، وكثرة الضحك.

 

وأعظم من ذلك: أكل الحرام.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون- ولازموا ذكر الله، وأكثروا منه، لعلكم تفلحون.

 

أيها المسلمون: إن ملازمة ذكر الله دائماً، هي أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة، يدل على ذلك حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقكم ويضربوا أعناقكم؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "ذكر الله".

 

أيها الإخوة: إن أقل قدر من الذكر يلازمه الإنسان: الأذكار المؤقتة، أي المخصصة بأوقات معينة؛ كالأذكار التي تقال في أول النهار، والأذكار التي تقال في آخره، والأذكار التي تقال عند أخذ المضجع للنوم، والأذكار التي تقال عند الاستيقاظ من المنام، والأذكار التي تقال عند الأكل والشرب واللباس، والأذكار التي تقال عند دخول المنزل، والخروج منه، والأذكار التي تقال عند دخول الخلاء والخروج منه، والأذكار التي تقال عند نزول المطر، وعند سماع صوت الرعد، وهبوب الرياح، والأذكار التي تقال عند الركوب وعند السفر والقدوم منه.

 

وقد أُلفت في ذلك كتب مختصرة، بإمكان المسلم أن يقتنيها، وينظر فيها؛ مثل كتاب: "الأذكار للنووي"، وكتاب "الوابل الصيب، لابن القيم"، وغيرها من الكتب المسماة بعمل اليوم والليلة.

 

ثم إنه ينبغي للمسلم: أن يلازم الذكر المطلق الذي لا يتخصص بوقت؛ مثل: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وأفضل الذكر -يا عباد الله- لا إله إلا الله، فأكثروا من قول: "لا إله إلا الله".

 

ثم اعلموا -أيها المسلمون- أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ شذ في النار.

 

بارك الله ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: إن ذكر الله -عز وجل-، له مفهوم واسع شامل في الإسلام، غير المعنى القريب المتبادر إلى الذهن، وهو: أن ذكر الله، عبارة عن ترديد بعض الأوراد، ونحوها!.

 

إن ذكر الله -أيها الإخوة- يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالجوارح.

 

أما ذكر الله بالقلب؛ فمعناه: أن يكون القلب دائماً يفكر في أسماء الله الحسنى، ومعاني صفاته العليا، وأفعاله التي بهرت العقول، وأحكامه التي بلغت من الحكمة غايتها.

 

وأما ذكر الله باللسان؛ فمعناه: أن ينطق بلسانه بذكر ربه، بذكر أسمائه وصفاته وأحكامه، فالتهليل والتكبير والتسبيح، والحمد والثناء من ذكر الله، ودراسة القرآن والعلوم الدينية، وتعليمها وتعلمها من ذكر الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من ذكر الله.

 

وأما ذكر الله بالجوارح؛ فإن كل فعل تفعله متقرباً إلى الله، متبعاً فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو من ذكر الله.

 

فالطهارة ذكر، والصلاة ذكر، والسعي إليها ذكر، والزكاة ذكر، والصيام ذكر، والحج ذكر، وبر الوالدين ذكر، وصلة الأرحام ذكر، وكل فعل يقربك إلى الله فهو ذكر؛ لأن التقرب إلى الله لا يكون إلا بنية، ونيتك واستحضارك عند الفعل ذكر لله -عز وجل-، فالدين كله ذكر الله.

 

ولقد شرع الله الحكيم الرحيم لعباده، ذكره في كل مناسبة، ليكونوا بذلك دائماً في ذكر الله.

 

فشرع الله لعباده: التسمية على كل أمر ذي بال وأهمية.

 

شرع الله الذكر: قبل الأكل والشرب وبعدهما، قبلهما تقول: "بسم الله". وبعدهما تقول: "الحمد لله".

 

شرع الله الذكر: عند دخول محل قضاء الحاجة، وبعد الخروج منه، فإذا أراد أحدكم أن يدخل مكان البول والغائط، فليقل: "بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث".

 

وإذا خرج منه، فليقل: "غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني".

 

شرع الله الذكر: عند النوم وبعده، فعند النوم إذا وضعت جنبك، تقول: "باسمك اللهم أحيا وأموت، اللهم بك وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت روحي فاغفر لها وارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين".

 

 وشرع لعباده: عند الاستيقاظ ذكر الله؛ فإن العبد إذا نام عقد الشيطان على قافية رأسه ثلاث عقد، فإذا قام وذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت العقدة الثانية، فإذا صلى انحلت العقدة الثالثة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان.

 

وشرع لعباده: أن يذكروه عند دخول بيوتهم، وعند الخروج منها؛ فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل إذا دخل بيته أن يقول: "اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا".

 

ثم ليسلم على أهله.

 

وكان إذا خرج من بيته، قال: "بسم الله، توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ".

 

وهناك الكثير والكثير من الأذكار الواردة المشروعة لكل مناسبة ولكل حال.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون- وأديموا ذكره سبحانه وتعالى، بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم، فإن الله مع الذاكرين، يقول الله -تعالى- في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منه".

 

وقال تعالى: (اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)[البقرة: 152].

 

وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الأحزاب: 41 - 42].

 

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذاكرين لك، بقلوبنا، وألسنتنا وجوارحنا.

 

اللهم وانصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

 

 

 

المرفقات

الله (1)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات