دموية الإنسان

الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/ الإسلام دين الأمن والأمان 2/ شبهة تشريع القتل في الإسلام والرد عليها 3/ الأصل في الإنسان أنه ظلوم جهول 4/ تأملات في تاريخ الحروب بين البشر عبر التاريخ 5/ آخر مجازر النظام النصيري المجرم في دوما ودرعا 6/ لماذا لم يتحرك الضمير الغربي والشرقي لنصرة المستضعفين؟ 7/ لا حجة لطاعن في شريعة الله سبحانه.

اقتباس

إِنَّ كَثِيرًا مِنْ قَادَةِ الْعَالَمِ، وَالمُؤَثِّرِينَ فِي قَرَارَاتِهِ، مَا هُمْ إِلَّا وُحُوشٌ كَاسِرَةٌ فِي جَثَامِينِ أَنَاسِيٍّ، وَإِنْ تَزَيَّنُوا بِاللِّبَاسِ الْأَنِيقِ، وَتَحَلَّوْا بِالِابْتِسَامَةِ الْهَادِئَةِ، وَحَمَلُوا المُؤَهِّلَاتِ الْعَالِيَةِ.. وَإِنْ ذَرِفُوا الدُّمُوعَ عَلَى قِطَّةٍ دُعِسَتْ، أَوْ كَلْبَةٍ كُسِرَتْ. إِنَّهُ عَالَمٌ قَادَهُ الرَّأْسِمَالِيُّونَ بِجُنُونِ الْعَظَمَةِ، وَهِسْتِيرِيَا الزَّعَامَةِ، فَنَشَرُوا المَآسِي فِي الْبَشَرِ، وَوَتَرُوا أَكْثَرَ الْأُسَرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ المَصْلَحَةِ الْآنِيَةِ فَقَطْ.. إِنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى إِيقَافِ المَجَازِرِ الَّتِي فَاقَتْ كُلَّ وَصْفٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ المُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُمْ فِي ..

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ لِلَّـهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَذَكَرَ لَنَا قِصَّةَ خَلْقِهِ وَبِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ، وَأَثْبَتَ فِي الْقُرْآنِ ظُلْمَهُ وَجَهْلَهُ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ) [ق: 16] ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا؛ فَكُلُّ مَحْمُودٍ مِنَ الْخَلْقِ يُحْمَدُ لِأَوْصَافِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ يُحْمَدُ لِذَاتِهِ كَمَا يُحْمَدُ لِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَلَا شَيْءَ فِي الْوُجُودِ يَسْتَحِقُّ حَمْدًا كَحَمْدِهِ، وَلَا أَحَدَ يُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ.

 

 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَالِقُ الْخَلْقِ، وَمَالِكُ المُلْكِ، وَمُدَبِّرُ الْأَمْرِ، وَمُقَدِّرُ الْقَدَرِ، لَا شَيْءَ فِي الْوُجُودِ يَقَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يُقْضَى شَأْنٌ إِلَّا بِحُكْمِهِ (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) [الفرقان: 2].

 

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى بِالنُّورِ وَالْهُدَى؛ لِيُقِيمَ الْعَدْلَ، وَيَنْشُرَ الْحَقَّ، وَيَرْفَعَ الظُّلْمَ، فَهَدَى بِهِ الْبَشَرِيَّةَ مِنْ ضَلَالِهَا، وَبَصَّرَهَا مِنْ عَمَاهَا، وَأَخْرَجَهَا مِنْ ظُلُمَاتِهَا؛ فَمَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ مِنَ المُفْلِحِينَ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ كَانَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْذَرُوا نِقْمَتَهُ فَلَا تَعْصُوهُ، وَلَا تُغَيِّرُوا دِينَهُ وَلَا تُبَدِّلُوهُ، وَلَا تَفْرَحُوا بِدُنْيَاكُمْ فَإِنَّهَا مَتَاعُ الْغُرُورِ، (وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ) [الرعد: 26].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: تُعْرَفُ قِيمَةُ الْأَشْيَاءِ بِمَا يَنْتِجُ عَنْهَا مِنْ مَنَافِعَ، وَتُعْلَمُ أَقْدَارُ الرِّجَالِ بِمَا يُبْقُونَهُ مِنْ أَثَرٍ، وَتُعْرَفُ قِيمَةُ الْأَفْكَارِ بِمَا تُحْدِثُهُ مِنْ تَغْيِيرٍ. وَفِي كُلِّ أُمَّةٍ رِجَالٌ لَهُمْ مَقُولَاتٌ وَأَفْكَارٌ حُفِظَتْ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَتَغَيَّرَتْ بِهَا دُوَلُهُمْ وَأُمَمُهُمْ، فَخُلِّدُوا فِي التُّرَاثِ يَعْرِفُهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ -تَعَالَى-.

 

وَأُمَّةُ الْعَرَبِ كَانَتْ أُمَّةً تَائِهَةً عَنْ هُدَى اللَّـهِ -تَعَالَى-، جَاهِلَةً بِأُمُورِ الدُّنْيَا، فَلَا تَعْرِفُ الِاجْتِمَاعَ وَلَا الْعُمْرَانَ وَلَا الْحَضَارَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الْفُرْسِ وَالرُّومِ. بَلْ كَانَ الْعَرَبُ قُطْعَانًا بَشَرِيَّةً يَغْزُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَأْكُلُ قَوِيُّهُمْ ضَعِيفَهُمْ. فَجَاءَ اللهُ -تَعَالَى- بِالْإِسْلَامِ لِيَنْتَشِلَهُمْ مِنْ حَالِهمُ الْبَائِسَةِ وَيَضَعَهُمْ فِي مُقَدِّمَاتِ الْأُمَمِ وَالدُّوَلِ وَالشُّعُوبِ.

 

إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ لِلْبَشَرِيَّةِ بِبَعْثَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَسَنَةَ الدُّنْيَا وَحَسَنَةَ الْآخِرَةِ؛ فَأَمَّا حَسَنَةُ الْآخِرَةِ فَلَا نَجَاةَ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا فَوْزَ بِالْجَنَّةِ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ. وَأَمَّا حَسَنَةُ الدُّنْيَا فَلَا عَدْلَ يَسُودُ الْأَرْضَ، وَيَأْمَنُ فِيهِ النَّاسُ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ. وَإِذَا سَادَ غَيْرُهُ كَانَ الظُّلْمُ وَالْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ؛ وَلِذَا قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّـهِ) [الأنفال: 39] .

 

وَقَدْ يَعْجَبُ بَعْضُ النَّاسِ كَيْفَ يَتَحَقَّقُ الْأَمْنُ بِالْإِسْلَامِ وَقَدْ شُرِعَ فِيهِ الْقَتْلُ فِي الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ، كَمَا شُرِعَ فِيهِ الْجِهَادُ، وَهُوَ قِتَالٌ وَدِمَاءٌ. وَقَدْ طُعِنَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ، وَشَنَّ المُسْتَشْرِقُونَ وَالْعَلْمَانِيُّونَ حَمَلَاتٍ شَعْوَاءَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِسَبَبِهِ. بَلْ كَانَ إِلْحَادُ بَعْضِ شَبَابِ المُسْلِمِينَ وَفَتَيَاتِهِمْ بِسَبَبِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ الَّتِي تَمَكَّنَتْ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَزَاغَتْ عَنْ شَرِيعَةِ اللَّـهِ -تَعَالَى- إِلَى ضَلَالِ المَنَاهِجِ الْوَضْعِيَّةِ.

 

إِنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ الَّتِي تُصَنِّفُ الْإِسْلَامَ دِينًا دَمَوِيًّا بِمَا شَرَعَ مِنَ الْجِهَادِ وَالْحُدُودِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى فِكْرَةٍ غَيْرِ صَحِيحَةٍ عَنِ الْإِنْسَانِ وَعَنِ المُجْتَمَعَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، وَتَمَّ تَسْوِيقُ هَذَا الْغَلَطِ وَتَمْرِيرُهُ عَلَى الْعَقْلِ حَتَّى غَدَا كَأَنَّهُ حَقِيقَةً ثَابِتَةً لَا تَقْبَلُ النَّقْدَ وَلَا النِّقَاشَ.

 

إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ هُوَ الْعِلْمُ وَالْعَدْلُ، وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَشَرِيَّةِ هُوَ السِّلْمُ وَعَدَمُ الْعُدْوَانِ. وَالْحَقِيقَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ؛ فَالْأَصْلُ فِي الْإِنْسَانِ هُوَ الْجَهْلُ وَالظُّلْمُ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَشَرِيَّةِ هُوَ الْحَرْبُ وَالْعُدْوَانُ. وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَبِالتَّارِيخِ وَبِالْوَاقِعِ.

 

أَمَّا الْقُرْآنُ: فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- أَخْبَرَنَا كَثِيرًا عَنْ حَقِيقَةِ الْإِنْسَانِ -وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُهُ وَأَعْلَمُ بِهِ- وَمِمَّا أَخْبَرَنَا عَنْهُ أَنَّهُ ظَلُومٌ جَهُولٌ، فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي جِنْسِهِ (وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب: 72]، وَأَخْبَرَنَا -سُبْحَانَهُ- أَنَّ الْإِنْسَانَ صَاحِبُ أَثَرَةٍ، أَيْ: يُحِبُّ أَنْ يَحُوزَ كُلَّ شَيْءٍ لِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ (بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا) [الأعلى: 16]، فَالْأَثَرَةُ أَصْلٌ فِي الْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَكْبِحْهَا بِدِينٍ يَعْتَنِقُهُ، أَوْ قِيَمٍ يَلْتَزِمُ بِهَا.

 

وَالْأَثَرَةُ تُنْتِجُ الطُّغْيَانَ كَمَا قُرِنَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ اللَّـهِ -تَعَالَى-: (فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأْوَى) [النَّازعات: 37-39]. وَالْأَثَرَةُ سَبَبٌ لِلشُّحِّ وَالْبُخْلِ، وَهَذَا يُوَلِّدُ الضَّغَائِنَ وَالْأَحْقَادَ، وَيُسَبِّبُ الْخِصَامَ وَالِاقْتِتَالَ (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا) [الإسراء: 100].

 

وَالْأَثَرَةُ سَبَبٌ لِلْهَلَعِ وَالْخَوْفِ مِنَ المُسْتَقْبَلِ، فَيَظْلِمُ وَيَطْغَى وَيُفْسِدُ وَيَقْتُلُ لِأَجْلِ ذَلِكَ (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ) [المعارج: 19 - 22].

 

وَالطُّغْيَانُ أَصْلٌ فِي الْإِنْسَانِ إِذَا وُجِدَ سَبَبُهُ، وَهُوَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنِ الْغَيْرِ (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) [العلق: 6-7]، وَالطُّغْيَانُ هُوَ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي الظُّلْمِ وَالْغُلُوُّ فِيهِ، وَأَحْوَالُ طُغَاةِ الْبَشَرِ أَمْثِلَةٌ مُشَاهَدَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ لمَّا اسْتَغْنَوْا بِسُلْطَانِهِمْ وَأَمْوَالِهمْ، وَاسْتَقْوَوْا بِجُنُودِهِمْ وَأَعْوَانِهِمْ؛ طَغَوْا عَلَى الْبَشَرِ، وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ، إِلَّا مَنْ آمَنَ وَالْتَزَمَ بِمُوجِبَاتِ إِيمَانِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.

 

وَمِنْ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ الْبَغْيُ، لَا يَرْدَعُهُ عَنْهُ إِلَّا دِينٌ يَعْصِمُهُ، أَوْ خُلُقٌ يُهَذِّبُهُ، وَلمَّا كَانَ أَكْثَرُ الْبَشَرِ بِلَا دِينٍ يَعْصِمُ، وَلَا خُلُقٍ يَرْدَعُ؛ كَثُرَ فِيهِمُ الْبَغْيُ (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) [ص: 24]، وَأَكْثَرُ النَّاسِ بَغْيًا مَنِ اسْتَغْنَوْا بِقُوَّتِهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ وَأَمْوَالِهمْ وَأَعْوَانِهِمْ (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ) [الشُّورى: 27].

 

وَمِنْ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ كُفْرَانُ النِّعَمِ وَنُكْرَانُهَا، وَمِنْ شَأْنِ ذَلِكَ الْعُلُوُّ وَالْفَسَادُ (وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا) [الإسراء: 67].

 

فَكُلُّ هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي جِنْسِ الْإِنْسَانِ سَبَبٌ لِلاعْتِدَاءِ وَالْبَغْيِ وَالظُّلْمِ، وَهِيَ سَبَبٌ لِلْحُرُوبِ وَالنِّزَاعَاتِ، فَلَمَّا كَانَ الظُّلْمُ سُلُوكًا بَشَرِيًّا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ رَدْعِهِ بِالْحُدُودِ، وَلمَّا كَانَتِ الْحُرُوبُ ضَرُورَةً بَشَرِيَّةً كَانَ لَا بُدَّ مِنْ تَوْجِيهِهَا وِجْهَتَهَا الصَّحِيحَةَ، وَهِيَ إِقَامَةُ دِينِ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَالْحُكْمُ بِشَرِيعَتِهِ؛ لِيُقْضَى عَلَى الظُّلْمِ وَالْخَوْفِ، وَيَتَحَقَّقَ الْعَدْلُ وَالْأَمْنُ؛ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ شُرِعَ الْجِهَادُ وَالْحُدُودُ، فَكَانَ المُنْتَقِدُونَ لَهُمَا، الطَّاعِنُونَ فِيهِمَا يَطْعَنُونَ فِيمَا يَجْلِبُ الْعَدْلَ وَالْأَمْنَ لِلْبَشَرِيَّةِ، وَيَفْرِضُونَ عَلَيْهَا مَا يُسَبِّبُ الظُّلْمَ وَالْخَوْفَ.

 

وَأَمَّا التَّارِيخُ: فَالنِّزَاعَاتُ وَالْحُرُوبُ فِيهِ بَيْنَ الْبَشَرِ لِأَجْلِ الْأَثَرَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَمِنَ الْعَجِيبِ أَنْ يَصِلَ مُؤَرِّخٌ غَرْبِيٌّ كَافِرٌ عَنْ طَرِيقِ اسْتِقْرَاءِ التَّارِيخِ كُلِّهِ وَدِرَاسَتِهِ إِلَى بَعْضِ مَا قُرِّرَ فِي الْقُرْآنِ عَنِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْحُرُوبِ؛ فَفِي عِظَاتٍ مِنَ التَّارِيخِ لِلْمُؤَرِّخِ الْأَمْرِيكِيِّ المَشْهُورِ دِيُورَانْت يَقُولُ: "الْحَرْبُ أَحَدُ ثَوَابِتِ التَّارِيخِ... فَالْحَرْبُ أَوِ المُنَافَسَةُ هِيَ أَبُو كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ الْأَصْلُ الْفَعَّالُ لِلْأَفْكَارِ وَالمُخْتَرَعَاتِ وَالمُؤَسَّسَاتِ وَالدُّوَلِ، أَمَّا السَّلَامُ فَهُوَ تَوَازُنٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ... وَأَسْبَابُ الْحَرْبِ هِيَ ذَاتُهَا أَسْبَابُ المُنَافَسَةِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ: نَزْعَةُ التَّمَلُّكِ وَالمُشَاكَسَةِ وَالْغُرُورِ".

 

وَفِي إِحْصَائِهِ لِلْحُرُوبِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي التَّارِيخِ الْبَشَرِيِّ مُنْذُ تَدْوِينِهِ لَمْ يَجِدْ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَأَرْبَعِ مِئَةِ سَنَةٍ سِوَى مِائَتَيْنِ وَثَمَانٍ وَسِتِّينَ سَنَةً لَيْسَ فِيهَا حُرُوبٌ، وَأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ سَنَةٍ كُلُّهَا حُرُوبٌ.

 

وَأَمَّا الْوَاقِعُ: فَمَا عَاشَ أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا وَعَاصَرَ حُرُوبًا يُنْسِي بَعْضُهَا بَعْضًا مِنْ كَثْرَتِهَا، وَضَحَايَاهَا بَشَرٌ يَسْقُطُونَ، وَدِمَاءٌ تَنْزِفُ، وَقُلُوبٌ تُكْلَمُ، وَأُسَرٌ تُشَرَّدُ، وَأَطْفَالٌ تُيَتَّمُ.

 

وَفِي زَمَنِنَا هَذَا كَانَتِ السِّيَادَةُ عَلَى الْعَالَمِ لِلْمَلَاحِدَةِ الرَّأْسِمَالِيِّينَ وَالشُّيُوعِيِّينَ، ثُمَّ انْفَرَدَ بِهَا الرَّأْسِمَالِيُّونَ، فَكَانَ عَدَدُ الْقَتْلَى مِنَ الْبَشَرِ فِي قَرْنٍ وَاحِدٍ، -وَهُوَ قَرْنُ سِيَادَتِهِمْ- أَكْثَرَ مِنْ قَتْلَى الْبَشَرِ خِلَالَ الْقُرُونِ السَّابِقَةِ كُلِّهَا بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ، وَفِي الْحَرْبَيْنِ الْعَالَمِيَّتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بَلَغَ عَدَدُ الْقَتْلَى قُرَابَةَ مِائَةِ مِلْيُونِ إِنْسَانٍ، سِوَى حُرُوبٍ كَثِيرَةٍ رَاحَ ضَحِيَّتَهَا المَلَايِينُ لَيْسَتْ دَوَافِعُهَا إِلَّا الْغُرُورُ وَالْأَثَرَةُ وَإِثْبَاتُ الْقُوَّةِ، وَمُحَرِّكُهَا مَا غُرِسَ فِي الْإِنْسَانِ مِنَ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ.

 

إِنَّ كَثِيرًا مِنْ قَادَةِ الْعَالَمِ، وَالمُؤَثِّرِينَ فِي قَرَارَاتِهِ، مَا هُمْ إِلَّا وُحُوشٌ كَاسِرَةٌ فِي جَثَامِينِ أَنَاسِيٍّ، وَإِنْ تَزَيَّنُوا بِاللِّبَاسِ الْأَنِيقِ، وَتَحَلَّوْا بِالِابْتِسَامَةِ الْهَادِئَةِ، وَحَمَلُوا المُؤَهِّلَاتِ الْعَالِيَةِ.. وَإِنْ ذَرِفُوا الدُّمُوعَ عَلَى قِطَّةٍ دُعِسَتْ، أَوْ كَلْبَةٍ كُسِرَتْ. إِنَّهُ عَالَمٌ قَادَهُ الرَّأْسِمَالِيُّونَ بِجُنُونِ الْعَظَمَةِ، وَهِسْتِيرِيَا الزَّعَامَةِ، فَنَشَرُوا المَآسِي فِي الْبَشَرِ، وَوَتَرُوا أَكْثَرَ الْأُسَرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ المَصْلَحَةِ الْآنِيَةِ فَقَطْ.

 

إِنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى إِيقَافِ المَجَازِرِ الَّتِي فَاقَتْ كُلَّ وَصْفٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ المُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُمْ فِي إِيقَافِهَا، بَلْ مَصْلَحَتُهُمْ فِي إِشْعَالِهَا وَالنَّفْخِ فِي نِيرَانِهَا، وَتَوْسِيعِ دَائِرَتِهَا، وَنَشْرِ الْفَوْضَى فِي كُلِّ بِلَادِ المُسْلِمِينَ، وَاسْتِهْدَافِ أَمْنِهِمْ، وَتَحْوِيلِ قَتْلِ الْبَشَرِ إِلَى سِلَعٍ وَمَصَالِحَ مَادِّيَّةٍ تُدْرَسُ جَدْوَاهَا الِاقْتِصَادِيَّةُ، وَلَا يَهُمُّ مَا تُخَلِّفُهُ مِنَ المَآسِي وَالْقَتْلَى وَالْجَرْحَى وَالدُّمُوعِ وَالْآلَامِ.

 

وَآخِرُ المَجَازِرِ مَجَازِرُ النُّصَيْرِيِّ المُجْرِمِ بِالْبَرَامِيلِ المُتَفَجِّرَةِ وَقَدْ أَحْرَقَتِ النِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ، فِي دُومَا وَدَرْعَا، الَّتِي حُوصِرَتْ حَتَّى مَاتَ أَطْفَالُهَا جُوعًا، ثُمَّ دُكَّتْ بِالصَّوَارِيخِ وَالْبَرَامِيلِ المُتَفَجِّرَةِ لِإِبَادَةِ أَكْبَرِ عَدَدٍ مُمْكِنٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَا ضَمِيرَ عَالَمِيٍّ وَلَا عَرَبِيٍّ يَتَحَرَّكُ، وَالدُّوَلُ بَيْنَ مُتَآمِرٍ يُعْجِبُهُ إِفْنَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَيْدِي الْبَاطِنِيِّينَ، وَبَيْنَ عَاجِزٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى قُوَى الِاسْتِكْبَارِ الْعَالَمِيِّ، وَبَيْنَ مُنْشَغِلٍ بِهَمِّهِ عَنْ هَمِّ غَيْرِهِ.

 

هَذَا هُوَ الْإِنْسَانُ المُتَخَلِّقُ بِالظُّلْمِ وَالْجَهْلِ، وَهَذِهِ هِيَ الْبَشَرِيَّةُ الَّتِي لَا تَعْرِفُ السِّلْمَ وَلَا الْعَدْلَ. فَإِذَا حَادَتْ عَنْ شَرِيعَةِ اللَّـهِ -تَعَالَى- كَانَ مَا تَرَوْنَ مِنَ الْفَوْضَى وَالْقَتْلَى وَالدِّمَاءِ وَالْآلَامِ الَّتِي لَا يَتَحَرَّكُ الْعَالَمُ لِوَقْفِهَا أَوْ تَخْفِيفِهَا، وَلَا لِرَدْعِ الظَّالِمِ المُعْتَدِي إِلَّا وَفْقَ مُصَالِحهِ الضَّيِّقَةِ.. مَصَالِحهِ فَقَطْ، يَقْتَاتُونَ بِالدِّمَاءِ المَسْفُوحَةِ ظُلْمًا، وَبِالْجُثَثِ المُقَطَّعَةِ بَغْيًا، وَبِالنِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ المُفَحَّمِينَ حَرْقًا.. هَؤُلَاءِ هُمْ سَادَةُ عَالَمِ الْيَوْمِ.. عَالَمِ الْهِسْتِيرْيَا وَالنِّفَاقِ وَالْجُنُونِ.. وَمَعَ ذَلِكَ يَطْعَنُونَ فِي شَرِيعَةِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ (أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: 50-51].

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران: 131-132].

 

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: لَوْلَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ أَنَّهُ ظَلُومٌ جَهُولٌ، وَهَلُوعٌ جَزُوعٌ مَنُوعٌ، وَبَاغٍ طَاغٍ، وَيُؤْثِرُ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِهِ لمَا وُصِفَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.

 

وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْإِنْسَانِ الْعِلْمَ وَالْعَدْلَ، وَإِيثَارَ الْغَيْرِ عَلَى النَّفْسِ لمَا احْتَاجَ الْبَشَرُ إِلَى تَشْرِيعَاتٍ وَلَا أَنْظِمَةٍ وَلَا قَوَانِينَ، وَلمَا احْتَاجُوا إِلَى سَنِّ عُقُوبَاتٍ عَلَى المُخَالِفِينَ.

 

وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ شَيْئًا مِنْ ظُلْمِ الْإِنْسَانِ وَجَهْلِهِ وَطُغْيَانِهِ فِي مَثَلٍ يَمُرُّ بِنَا كَثِيرًا فَانْظُرْ إِلَى إِشَارَةِ مُرُورٍ تَعَطَّلَتْ، كَيْفَ يَعْدُو النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيُؤْثِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَمْ يَقَعُ مِنَ الْخِصَامِ وَالسِّبَابِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَدَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَتْلِ بَعْضٍ لَفَعَلُوا.

 

هَذِهِ الْأَثَرَةُ وَالظُّلْمُ فِي شَيْءٍ سَخِيفٍ تَافِهٍ جِدًّا وَهُوَ أَنْ يَسِيرَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ قَبْلَ غَيْرِهِ. فَكَيْفَ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ كَالسُّلْطَةِ وَالمَالِ وَالْجَاهِ وَنَحْوِهَا. وَلَوْلَا وُجُودُ أَنْظِمَةٍ وَقَوَانِينَ حَازِمَةٍ، وَعُقُوبَاتٍ رَادِعَةٍ لَأَكَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَبُلْدَانُ الْحُرُوبِ وَالْفَوْضَى أَبْيَنُ بُرْهَانٍ عَلَى ذَلِكَ، فَسَفْكُ الدَّمِ فِيهَا كَشُرْبِ المَاءِ.

 

إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- مَا شَرَعَ الْجِهَادَ وَلَا الْحُدُودَ إِلَّا لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَلَا قِسْطَ إِلَّا فِيمَا أَنْزَلَ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ لِأَنَّهُ خَالِقُ الْبَشَرِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ يُشَرِّعُ الشَّرَائِعَ لِلْبَشَرِ وَلَا مَنْفَعَةَ يَبْتَغِيهَا مِنْهُمْ. وَأَمَّا المُشَرِّعُونَ مِنَ الْبَشَرِ سَوَاءً فِي الْقَوَانِينِ وَالْأَنْظِمَةِ الدَّوْلِيَّةِ أَوِ الْإِقْلِيمِيَّةِ أَوِ المَحَلِّيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى مَصَالِحهِمْ قَبْلَ مَصَالِحِ غَيْرِهِمْ فِي كُلِّ قَانُونٍ يُشَرِّعُونَهُ، وَفِي كُلِّ نِظَامٍ يَسُنُّونَهُ، وَهَذَا مَا سَبَّبَ الظُّلْمَ وَالْبَغْيَ الَّذِي مُلِئَتْ بِهِ الْأَرْضُ، وَضَجَّ مِنْهُ الْبَشَرُ.

 

فَلَا حُجَّةَ لِطَاعِنٍ فِي حُكْمِ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَلَنْ يَصْلُحَ حَالُ الْبَشَرِ إِلَّا بِشَرِيعَتِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (صِبْغَةَ اللَّـهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة: 138].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

 

 

المرفقات

الإنسان2

الإنسان - مشكولة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات