داعش والفرق الضالة

بدر بن نادر المشاري

2022-10-08 - 1444/03/12
عناصر الخطبة
1/ فئة زاغت عن الجادة والحق 2/ الوسطية من معالم الإسلام 3/ فجائع الفرقة الضالة 4/ تساؤلات منطقية لهؤلاء البغاة 5/ تهديد النبي صلى الله عليه وسلم لمن ضرب عبده 6/ نصائح تربوية للآباء.

اقتباس

من لكم بلا إله إلا الله تدخلون المسجد على ركَّع سُجَّد يذكرون الله في صلواتهم فتقتلونهم، وهم يقولون ربنا الله، فمن لكم بهؤلاء إذا جاء يوم القيامة، وأخذوا يحاجونك، بل تحاجكم كلمة التوحيد؟! أين أنتم من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوصي الجيش "إذا دخلتم عليهم فلا تقتلوا شيخًا ولا طفلاً ولا امرأة ولا كاهنًا أو رهبانًا في صومعته"؛ في صومعة يتعبد، يهودي ولا نصراني اتركوه، فكيف بمسلم يسجد لله موحدًا في بيت من بيوت الله فبأي ذنب قتلت؟! وما هي حجتكم، وما دليلكم؟! أليس منكم رجل رشيد؟! أليس هناك عقل يقودنا إلى أن نعرف الذي لنا وما الذي علينا؟!

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا.

 

أما بعد فيا عباد الله بتقوى الله تعالى أوصيكم ونفسي؛ فبالتقوى كل حبل يقوى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2- 3]، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق:5].

 

الحديث من غير مقدمات ولا ممهدات.

كان الجاهليون يقولون في أشعارهم وشعاراتهم كما يقول زهير بن أبي سلمى:

وَمَنْ لَـمْ يَـذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ *** يُـهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمِ  الـنَّاسَ  يُظْلَمِ

 

ويقول عمرو بن كلثوم:

لَنَا الدُّنْيَا وَمَنْ أَضْحَى عَلَيْهَا *** وَنَبْطِشُ حِينَ نَبْطِشُ قَادِرِينَا

بغاةً ظالمين وما ظُلِمْنَا *** ولكنا سنبدأ ظالمينا

 

والمقولة المشهورة التي اشتهرت في ذلك العصر أنه كان هناك قوم إذا غضب أحدهم غضب له مائة سيف.

 

وسمعنا المتنبي يقول:

وَالظّلمُ من شِيَمِ النّفوسِ فإن *** تجد ذا عِفّةٍ فَلِعِلّةٍ لا يَظْلِمُ

 

هذا قول الجاهليين، وأما مقولة ألسنة أهل اليوم يقولون مقولة: "إنّا نفخر أن شرابنا الدماء وأننا نأنس كذلك بالأشلاء".

 

سمعنا أحدهم يتحدث ويقول كلمة في هذا العصر: "إن رأس المرتد عندنا خير لنا من ألف رأس صليبي".

 

أستأذنك هذا اليوم بحوار هادئ أن أخاطب فئة قد يكونوا بعضنا ناقلاً كلمة فيها نصح وخوف وموعظة لأحدهم؛ فرب مبلغ أوعى من سامع.

 

هذه الفئة التي زاغت عن الجادة والحق والطريق، دعونا نخاطبها اليوم خطابًا سريعًا مختصرًا مباشرًا، لكن سأشترط على نفسي شرطًا؛ ألا أخاطبها إلا بكتاب الله وبسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه ما الحجة على كل أحد أراد الحق واتباعه، ربما لو قلت قال فلان وعزوت إلى عالم جليل أو إلى علم أصيل؛ لم يقبل القول عندهم فنقول لهم إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ندلف ونتحدث.

 

إني أخاطب أولئك القوم الذين استباحوا دماء المسلمين واستهانوا بدمائهم قبل ذلك فأقول لهم: أليس الله -جل وعلا- يقول في القرآن الكريم: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) الله جعل هذه الأمة وسط وجعلها وسطا في الطريقة والاتباع وفي المنهج إنها الأمة الوسط، لماذا يا رب؟ قال (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) [البقرة: 143] كأن السبب في وسطية الأمة لتشهد هذه الأمة على كل الناس.

 

في الحديث أنه يأتي الناس يوم القيامة فيقفون عند نوح -عليه السلام- فيرى قومه فيسأل نوح قومه هل بلغت؟ فينكر قومه بلاغه، يقولون: لا ما بلغت، فيلتفت نوح إلى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- إليكم أنتم، فيقول نوح هل بلغت يا أمة محمد؟ فتشهد أمة محمد لنوح أنه بلغ الرسالة.

فأنتم شهداء على الناس وعلى الأمم بوسطيتكم.

 

الوسطية ليست شعارات نتحدث بها على المنابر، الوسطية ليست كلامًا يقوله الإنسان مجرد تعبير وفضفضة كما يقال، لا، الوسطية دين، الوسطية منهج، الوسطية اعتقاد، الوسطية باختصار هي سر بقاء هذه الأمة، وسر شهادة هذه الأمة على الناس، لو تزحزحت الأمة طرفة عين وأزاحت عن طريق الوسط قدر أنملة ضاعت وضلت، وكذلك هوت، تشهد الأمة على الناس بوسطيتها.

 

ولذلك يقول الله -جل وعلا- في القرآن الكريم: (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [القصص: 77]، الله -جل وعلا- جعل هذا الوسط؛ لأن الأطراف في الغالب التي في الطرف اليمين لا يمكن في غالب أمره أن يرى من كان في طرف اليسار، ومن كان في الطرف الآخر لا يمكن أن يرى الطرف الأيمن، لكن الوسط يرى المنطقتين يمينًا وشمالاً، حتى على مستوى اللاعبين بملاعب كرة القدم الذي يكون في الوسط يراقب الملعب مراقبة دقيقة، وهذا على العقل والنقل والرياضة.

 

فديننا يدعونا إلى هذه الوسطية، أولئك الذين حادوا عن الوسط بحجج واهية نقول لهم: أليس القرآن جعلكم وسطًا؟! إذا كنتم تظنون أن أولئك الذين في الطرف الأيسر هم من سيبلغ الدين أو ينشر الدين، أو ينصر الأمة أو يجاهد كما يظن بهذا الأسلوب فهذا مخطئ.

 

ولذلك إندونيسيا -على سبيل المثال- كم تعداد سكانها؟ تعدادها 280 مليونًا، يعني عدد الدول العربية كلها بأيّ معركة انتصرت؟ أنا أقول لهم من هو الفاتح البطل الذي فتح إندونيسيا؟ لا يوجد، فإندونيسيا لم تُفتح بمعركة إنما فُتحت على يد تجار المسلمين بوسطيتهم واعتدالهم يبيعون ويشترون بحديث واحد "إن المؤمن سمح إذا باع، سمح إلى اشترى، سمح إذا اقتضى"، سهل سمح، وسط ميسر، انتشر الدين اليوم في أكبر دولة إسلامية في تعداد السكان بالوسط والوسطية، بالاعتدال الذي جاءت به الشريعة الإسلامية.

 

ولذلك المؤمن هيّن ليّن كما قال -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا. حافظوا على هذا اليسر.

 

يقول الله تعالى (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة: 184] يقول ابن عباس في تفسير هذه الآية وابن عباس هو من أولى من يفسر القرآن بعد رسوله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لماذا تريدون ما لا يريد الله لكم"، الله يريد اليسر، وأنتم تريدون عكس ذلك، هل القتل والتفجير وقتل الناس في معابدهم ومساجدهم دين؟! هل حققت الأمة بهذه المواجهات عبر تاريخها انتصارًا لأمتها؟!

لا والله..

 

الذي نراه ونقرأه ونعرفه وندين الله -جل وعلا- به أن هذا الطريق أخَّرَها وقادَها إلى الخلف، قال الله (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء) أنتم عرب واللام هنا لام تعليل (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء) نشهد على هذه الأمة على الوسطية والاعتدال.

 

فقال العلماء: هناك فرق بين عدد الأمة وبين شهودها، يعني بين وجودها وبين شهودها، الأمة موجودة تعداد الأمة المسلمة مليار ونصف مليار مسلم، لكن أين الحضور؟ أين تأثيرها؟!

 

الأمة اليوم لا تؤثر وتتأثر وأحد أسباب ذلك هذه الأعمال العنيفة والأعمال اللامنهجية التي خرجت عن نطاق الحق، وأصبحت نطاق هوى ونداءات أفراد وأشخاص لا يأخذون حقًّا لا من دين ولا من كتاب ولا من سنة.

 

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنكم أمة أريد بها اليسر"، أمة يريد الله لها اليسر، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "إن خير دينكم أيسره"، خير الدين أيسر الدين، ولذلك يقول الإمام الشافعي: "إذا احترت بين مسألتين؛ فإني أميل إلى أسهلهما وأيسرهما؛ ففيه الحق والهدى".

 

ثم أقول لهؤلاء بكتاب الله وبسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-: هل ما يفعلونه اليوم من تفجير وقتل وسفك للدماء بالعشرات، والتفجير ليس فقط على مستوى بلادنا التي أُصيبت به في العالم الإسلامي كله اليوم، هل قام هذا التفجير بنصرة حق؟ هل تحررت فلسطين؟!

 

أقول لهم: إن ما يفعل اليوم ما هو إلا جرأة، الدماء المعصومة النبي -عليه الصلاة والسلام- أتاه أسامة بن زيد -والحديث في صحيح مسلم في كتاب "الإيمان"- دخل زيد معركة يقول فرأيت مشركًا يقتل في المسلمين، فغاظني ذلك فذهبت إليه ورآني قد رفعت سيفي عليه، ثم سقط في الأرض المشرك، فلما رفعت سيفي قال المشرك: "لا إله إلا الله"، فقتله أسامة، ثم عاد الصحابة منتصرين يخبرون النبي -صلى الله عليه وسلم- وكأن الوحي قد سبقهم إليه، وأخبره أن أسامة قتل رجلاً قال: "لا إله إلا الله"، فقال النبي: ماذا فعل أسامة؟ فحدثوه، ثم جاء أسامة متأخرًا ودخل أسامة قال: السلام عليك يا رسول الله، فما رد -عليه السلام-، يقول أسامة لعله لم يسمع، فكررت السلام عليك يا رسول الله، قال: فما رد عليَّ السلام، قال فقتلها الثلاثة فتيقنت أنه سمعني، قال فرفع النبي رأسه ونظر إلى أسامة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أسامة أقتلتَ الرجل بعد أن قال لا إله إلا الله"؟ قال أسامة: "يا رسول الله! والله إني رأيته يقتل في المسلمين فغاظني ذلك"، قال: "يا أسامة أقتلتَ الرجل بعد أن قال لا إله إلا الله"؟ قال: "يا رسول الله والله ما قالها الرجل إلا تعوذًا من الموت"، يعني خائفا من الموت، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لك بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجّك يوم القيامة"، يقول أسامة: "والله إني تمنيت أنني ما أسلمت إلا تلك اللحظة".

 

أنا أقول لهؤلاء: من لكم بلا إله إلا الله تدخلون المسجد على ركَّع سُجَّد يذكرون الله في صلواتهم فتقتلونهم، وهم يقولون ربنا الله، فمن لكم بهؤلاء إذا جاء يوم القيامة، وأخذوا يحاجونك، بل تحاجكم كلمة التوحيد.

 

أين أنتم من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوصي الجيش "إذا دخلتم عليهم فلا تقتلوا شيخًا ولا طفلاً ولا امرأة ولا كاهنًا أو رهبانًا في صومعته"؛ في صومعة يتعبد، يهودي ولا نصراني اتركوه، فكيف بمسلم يسجد لله موحدًا في بيت من بيوت الله فبأي ذنب قتلت؟! وما هي حجتكم، وما دليلكم؟! أليس منكم رجل رشيد؟! أليس هناك عقل يقودنا إلى أن نعرف الذي لنا وما الذي علينا؟!

 

الوسطية ليست شعارًا ولست بخائف لأقول هذا الكلام، إنما أدين الله ديانة؛ لأنه القرآن والمنهج، بل يقول بعض أهل العلم ممن فتح الله عليهم في القرآن: "ما من سورة في القرآن إلا وتدعو إلى الوسطية والاعتدال".

 

رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- أبا بكر يتكلم بصوت منخفض، وعمر يتكلم بصوت مرتفع، فيقول النبي لأبي بكر: "يا أبا بكر ارفع صوتك شيئًا، ويا عمر اخفض صوتك شيئًا".

 

الوسط مطلب شرعي ومنهج ديني، الوسطية ليس الخور والانبطاح ولا الاستسلام، ولا الرضا بما يفعل أعداء الدين والملة على أمتنا، لا، لستم أنتم وحدكم مَن تحملون الغيرة على الدين وعلى الأمة، الوسطية العدل والخيرية، وغير ذلك من معاني الحسن والحكمة والتلطف والرقة التي لا تجعلنا ممن يتنازل عن دينه أبداً.

 

كل فرض بل كل ركعة نقول: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)، ثم نشترط (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ)؛ لا نريد المغضوب عليهم، هؤلاء طرف؛ لأنهم عملوا بلا علم (وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7]، ولا أولئك الغلاة الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله.

 

(اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) أيّ صراط إن لم يكن صراط الوسط والاعتدال هو المطلوب في هذه الآية فما هو المطلوب إذاً؟

 

ولذلك أختم وأقول: إننا نقول لهؤلاء: إن الأفعال التي فُعلت أصبح مثالها كما جاء في الحديث: "فإن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى"، لم يقدموا للإسلام انتصارًا، فُجعنا في الشرقية، فُجعنا في الرياض، فجعنا في أبها، ونُفجع كل لحظة بأخبار دامية، أنسكت؟ لا..

 

من أيّ ناحيةٍ هذا الدُّخَانُ أتى *** حتى رأيناه في الأُفْق الجميل عَلا؟!

دع عنك مَن بيدِ الشيطان مِقْوَدُه *** إذا دعاه إلى أهوائه امتثلا

دعْ عنك مَن ضلَّ في قولٍ وفي عملٍ *** وظَنُّه أنَّه قد أحسن العمَلا

يَلْوي نصوصَ كتاب الله يحملُها *** على هوى نفسه يا بئسَ ما حملا

نعم  رماني بسهم الغدر أحزنني *** على المصلّين لمّا قارفَ الزَّلَلا

نعم حزنت لهم حزنَ الحبيب على *** أحبابه وعليهم دمعيَ انهملا

لكن صبري على الأحداث لقنني*** دروسه؛ فأنا لا أعرف الوجلا

إن الذي أشعل النيران حارقة *** هو الذي بلظى نيرانه اشتعلا

لكل غادر قوم عند خالقه *** لواء غدرٍ جزاءً بالذي فعلا

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، فألحوا عليه بالدعاء؛ فإن الدعاء بين الخطبتين مستجاب، وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده.

 

أما بعد: أيها الكرام: إننا نتحدث من قلب يعتصر ألم، أولا أننا في بيضة الإسلام بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية.

 

نحن نعتصر ألمًا؛ لأن البغاة، لأن خوارج العصر أين كانت تسميتهم الدولة الإسلامية، داعش، قسْ على ذلك من تلك المسميات الفعل والفاعل مرفوض ومجرَّم عندنا، وبهذه الطريقة وعلى هذا المنوال لا يقبله عاقل.

 

ثم أقول: إننا نحتاج إلى أن نزرع الوسطية والاعتدال في نفوس أبنائنا، فرسالتي لكم أنتم أيها الآباء في بيوتنا؛ الأبناء قد ينشغلوا ويخلوا بأجهزتهم الحديثة في تويتر وغيرها، وربما داخله وحادثه ودردش، واستمع، وحاور أصحاب هذا الفكر الذي لم يبنَ على دليل، ولا على حجة، ولا على أمر يتفق عليه العقلاء فيتأثر؛ بدليل أن كل من يفجّر نفسه أو ينتحر إنما هم من أحداث الأسنان الأغرار الصغار من عشرين ويزيد سنة أو سنتين، وأقل من ذلك.

 

هذا بلا شك في غياب الأسرة ودور المراقبة الذي ينبغي أن يكون من ولي الأمر والوالد ومن ولاه الله أمر هذا البيت.

 

المراقبة هنا لا تعني الرقابة ولا التجسس، وإنما التربية والخوف والانتشال، ثم أيضًا أيها المعلمون: إن جامعاتنا ومدارسنا تحتضن الملايين من فلذات أكبادنا بنين وبنات، دوركم رئيس في التربية وزرع حب البلاد والوطن الذي بُنِيَ على العقيدة ليس تزلفًا ولا خوفًا، الوسطية ليست ساجنة ولا داجنة، ولا غير ذلك.

 

الوسيطة ليست تأتي بضغوط وليست محصورة ومسجونة محبوسة بقيود إنما منبعها كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

الإعلام وهذه شاشة أيضًا من شاشات الإعلام أنشدها وأناشد الإعلام كله دوركم في زرع الثقة، وتربية الجيل على الاعتدال والوسط على منهج سلف الأمة الصالح، دور الأمة المجتمع، أنتم أيها السامعون "رُبّ مبلّغ.."، يا مغردون في تويتر ويا متواصلون في الفيس بوك وفي غيرها اتقوا الله؛ فإن الأمة تحتاج منا جميعًا حملة مبنية على كتاب وسنة نريد أن ننتشل أولئك أيضًا..

 

 أخاطب هؤلاء أقول لكم: إني أقول لكم اتقوا الله، ارجعوا فإن باب التوبة مفتوح والفرصة ما تزال قائمة ما دمتم على رأس الحياة، فإن دماء المسلمين (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا) [النساء: 93].

 

في "صحيح مسلم" وغيره عن أبي مسعود البدري - رضِي الله عنه - قال: "كنتُ أضرِب غلامًا لي بالسَّوط، فسمعتُ صوتًا من خلفي: "اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود"، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلمَّا دنا مِنِّي إذا هو رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يقول: "اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود"، فسقط السَّوْطُ من يدي من هَيْبَتِه، فقال: "اعلم أبا مسعود أنَّ اللهَ أقدَرُ عليك منك على هذا الغلام"، فقلت: يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أمَا لو لم تفعل للفحتْك النارُ، أو لمسَّتْك النار"، فقلت: "والذي بعثك بالحقِّ، لا أضرب عبدًا بعده أبدًا، فما ضربت مملوكًا لي بعد ذلك اليوم".

 

هذا ضَرْبٌ، فكيف بالقتل؟! كيف بالذي يقتل مسلمًا من غير وجه حق؟! وينتحر أيضًا؟! صحابي أيضًا في معركة قتل من المشركين عددًا كبيرًا، ثم بعد ذلك جُرح لكنه تأذى من الجرح ولم يصبر فوضع السيف في صدره فانتحر وطعن نفسه، فلما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنه في النار".

 

وآخر أُصيب بمرض، ثم بعد ذلك أخذ يفجّر ذلك الجرح حتى انفجر، واستمر الدم –والحديث في الصحيحين– يصب دم هذا الرجل حتى مات فقال: "إنه خالد مخلَّد في نار جهنم"، نعوذ بالله..

 

هذه نصوص صريحة من كتاب الله ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

أدعو الكل إلى التوبة والعودة والأوبة، وأخص هؤلاء الذين ضلوا الطريق أن يتقوا الله -تبارك وتعالى-، وأن يعودوا إلى كتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

 

اللهم احفظنا من الزيغ والزلل والطيش...

 

 

 

المرفقات

والفرق الضالة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات