خير يوم طلعت فيه الشمس

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

خير يوم طلعت فيه الشمس

 

سالم جمال الهنداوي

 

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، وسيئاتِ أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران : 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء : 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب : 70 ، 71].

 

أمَّا بعد، فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشرَّ الأمورِ محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

يوم الجمعة يوم مشهود في حياةِ المسلمين أجمعين، يوم عظَّمه الله، وخصَّه بجملةٍ من الفضائل والآلاء، فضلاً منه سبحانه وتكرمًا. يومٌ يجتمع المسلمون أجمعون فيه، الصغيرُ والكبير، الغني والفقير، كلٌ يسمع عنه وعن رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويتأدَّب بأدبِ القرآن المجيد، والسنة المطهرة الشريفة.

 

يومٌ فيه ساعةُ إجابة، يستجيب الله - سبحانه وتعالى - دعاءَ عباده المؤمنين، يوم جليل وعظيم فيه كثيرٌ من المشاهد والانتصارات لأمة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم.

فيجبُ علينا أن نعرفَ فضائلَه وآدابه وأحكامه؛ لنكون فيه من الفائزين برضا ربِّ العالمين.

 

حكمة مشروعية صلاة الجمعة:

قال الدكتور وهبة الزحيلي - حفظه الله - في "الفقه الإسلامي":الجمعةُ شُرِعت لدعمِ الفكر الجماعي، وتجمع المسلمين وتعارفهم وتآلفهم، وتوحيد كلمتهم، وتدريبهم على طواعيةِ القائد، والتزام متطلبات القيادة، وتذكيرهم بشرعِ الإسلام دستورًا وأحكامًا وأخلاقًا وآدابًا وسلوكًا، وتنفيذًا لأوامرِ الجهاد، وما تتطلبه المصلحةُ العامة في الداخل والخارج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والخلاصة: أنَّ تَكرارَ الوعظ والتذكير الدائم كلَّ أسبوع له أثرٌ واضح في إصلاحِ الفرد والجماعة لقوله - تعالى -: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات : 55].

 

ومن أجلِ تلك الأهداف والغايات السامية، ولكسب الثوابِ الأخروي، كان السعيُ للجمعةِ واجبًا، حكمه حكم الجمعة؛ لأنه ذريعةٌ إليها لقوله سبحانه: ﴿ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة : 9]، والتبكير إليها فضيلة، وكان تركُ أعمالِ التجارة من بيعٍ وشراء ومختلف شؤون الحياة أمرًا لازمًا؛ لئلا يتشاغل عنها، ويؤدي ذلك إلى إهمالِها أو تعطيلها".

 

وقال الدهلوي في "حجة الله البالغة":إنه لما كانتْ إشاعةُ الصلاةِ في البلد بحيث يجتمع لها أهلها متعذرةً كل يوم، وجب أن يعينَ لها ميقات لا يتكرَّر دورانه بسرعةٍ حتى لا تعسر عليهم المواظبة على الاجتماعِ لها، ولا يبطؤ دورانه بأن يطولَ الزمنُ الفاصل بين المرة والأخرى، كي لا يفوت المقصودُ وهو تلاقي المسلمين واجتماعهم بين الحين والآخر. ولما كان الأسبوعُ قدرًا زمنيًّا مستعملاً لدى العرب والعجم وأكثر الملل، وهو قدرٌ متوسط الدوران والتَّكرار بين السرعةِ والبطء وجب جعل الأسبوع ميقاتًا لهذا الواجب".

 

أولاً: اختصاص أمتنا بيوم الجمعة:

هداية هذه الأمة ليوم الجمعة: أخرج مسلم عن حذيفةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هُدينا إلى الجمعة، وأضلَّ الله عنها مَن كان قبلنا)).

 

وأخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نحن الآخرون، ونحن السَّابقون يومَ القيامة، بيد أنَّ كل أمة أوتيت الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدِهم، ثم هذا اليوم الذي كتبه اللهُ علينا، هدانا الله له، فالناس لنا فيه تَبَع؛ اليهود غدًا، والنَّصارى بعد غد)).

 

وأخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نحن الآخرون الأولون يومَ القيامة، ونحن أولُ من يدخلُ الجنَّة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومُهم الذي اختلفوا فيه، هدانا الله له - قال: يوم الجمعة - فاليوم لنا، وغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنَّصارى)).

وأخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وعن ربعي بن حراش، عن حذيفة - رضي الله عنه - قالا: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أضلَّ الله عن الجمعةِ مَن كان قبلنا، فكان لليهودِ يومُ السبت، وكان للنَّصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليومِ الجمعة، فجعلَ الجمعة، والسبت، والأحد، وكذلك هم تبعٌ لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهلِ الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق))، وفي رواية واصل: ((المقضي بينهم)).

 

ثانيًا: خصائص يوم الجمعة:

1-خير يوم طلعت فيه الشمس: أخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((خيرُ يوم طلعت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقومُ الساعة إلا في يوم الجمعة)).

وأخرج الحاكم في المستدرَك، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سيِّدُ الأيامِ يومُ الجمُعةِ...)) الحديث.

وعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ من أفضلِ أيامكم يومَ الجمعة، فيه خُلق آدم عليه السلام، وفيه قُبض، وفيه النفخة، وفيه الصَّعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة، فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ علي)) قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرضُ صلاتُنا عليك، وقد أرمتَ؛ أي: يقولون قد بليتَ؟ قال: ((إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد حرم على الأرضِ أن تأكلَ أجسادَ الأنبياء)).

 

وفي سنن ابن ماجه، عن أبي لبابةَ بن عبدالمنذر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ يومَ الجمعة سيدُ الأيام، وأعظمها عند الله، وهو أعظمُ عند الله من يومِ الأضحى ويوم الفطر، فيه خمسُ خِلالٍ؛ خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدمَ إلى الأرض، وفيه توفَّى اللهُ آدم، وفيه ساعةٌ لا يسأل الله فيها العبدَ شيئًا إلا أعطاه، ما لم يسأل حرامًا، وفيه تقومُ الساعة، ما من ملكٍ مقرَّبٍ، ولا سماءٍ، ولا أرضٍ، ولا رياحٍ، ولا جبالٍ، ولا بحرٍ، إلا وهنَّ يشفقنَ من يوم الجمعة)).

 

2- في يوم الجمعة ساعة إجابة: أخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذكرَ يومَ الجمعة، فقال: ((فيه ساعةٌ، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، وهو قائمٌ يصلِّي، يسأل الله تعالى شيئًا، إلا أعطاه إياه)).

وأخرج المروزي في الجمعةِ وفضلها: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال أبو القاسم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ في الجمعة لساعة لا يوافقُها رجلٌ قائم يصلِّي، يسألُ الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه)).

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال أبو القاسم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ في الجمعة لساعة لا يوافقُها عبدٌ مسلم قائم يصلي، يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه)).

 

ما هو هذا الوقت؟ على قولين:

القول الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال: "السَّاعةُ التي في الجمعةِ بعد العصر"، وعنه أيضًا أنه قال: "السَّاعة التي ترجى في يومِ الجمعة بعد العصر".

 

القول الثاني: وعن عون بن حصيرة، قال: "السَّاعة التي ترجى في يومِ الجمعة ما بين خروجِ الإمام إلى انقضاءِ الصلاة".

عن أبي بردة، قال: "كنت عند ابن عمر - رضي الله عنهما - فسأل عن الساعةِ التي في يوم الجمعة؟ قال: قلتُ: هي الساعةُ التي اختارَ الله فيها الصلاةَ، قال: فمسح رأسي، وبرَّك علي، وأعجبه ما قلت".

وأخرج مسلم عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال لي عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أسمعتَ أباك يحدثُ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في شأن ساعة الجمعة؟"، قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((هي ما بين أن يجلسَ الإمام إلى أن تقضى الصلاة)).

 

3- من مات يوم الجمعة وقي فتنة القبر: أخرج أحمد في المسند بسند ضعيف عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من مات يومَ الجمعة أو ليلةَ الجمعة وقي فتنةَ القبر)).

 

4- الإكثار من الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم الجمعة: أخرج أحمد في المسند وابن ماجه في سننِه عن أوس بن أوسٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ من أفضلِ أيامِكم يومَ الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه النَّفخةُ، وفيه الصَّعقة، فأكثروا عليَّ من الصَّلاة فيه، فإنَّ صلاتكم معروضةٌ علي))، فقال رجلٌ: يا رسول الله، كيف تعرض صلاتُنا عليك وقد أَرِمْتَ؟ - يعني بليتَ - فقال: ((إنَّ الله قد حرَّم على الأرضِ أن تأكلَ أجسادَ الأنبياء)).

 

وفي سنن ابن ماجه عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أكثروا الصَّلاةَ عليَّ يوم الجمعة؛ فإنه مشهودٌ، تشهدُه الملائكة، وإنَّ أحدًا لن يصليَ عليَّ، إلا عرضت علي صلاتُه، حتى يفرغَ منها))، قال: قلتُ: وبعد الموت؟ قال: ((وبعد الموت، إنَّ الله حرَّم على الأرضِ أن تأكلَ أجسادَ الأنبياء، فنبي الله حي يرزق)).

 

5-صلاة الفجر جماعةً يوم الجمعة خيرُ صلاة يصليها المسلمُ في أسبوعِه: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفضلُ الصلواتِ عند الله صلاةُ الصبح يومَ الجمعةِ في جماعة))؛ رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، وصحَّحه الألباني في "صحيحِ الجامع" (1119).

 

ثالثًا: سنن الجمعة:

1- قراءة سور معينة: أخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقرأ في الجمعةِ في صلاةِ الفجر (الم تنزيل) السجدة، و(هل أتى على الإنسانِ حينٌ من الدهر)".

وأخرج مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقرأ في صلاةِ الفجر، يوم الجمعة (الم تنزيل) السجدة، و(هل أتى على الإنسانِ حينٌ من الدَّهر)، وأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقرأ في صلاةِ الجمعة سورة الجمعة، والمنافقين".

قال الحافظ ابن حجر: "قيل: إنَّ الحكمةَ في هاتين السورتين الإشارةُ إلى ما فيهما من ذكرِ خلقِ آدم وأحوالِ يوم القيامة؛ لأنَّ ذلك كان وسيقعُ يوم الجمعة" اهـ.

 

قراءة سورة الكهف: وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من قرأَ سورةَ الكهف في يومِ الجمعة أضاء له النُّور ما بين الجمعتين))؛ رواه البيهقي في الدعوات الكبير (حسن). وقال المناوي: "فيندب قراءتها يوم الجمعة، وكذا ليلتها كما نصَّ عليه الشَّافعي - رضي الله عنه".

 

فتقرأ السورةُ في ليلةِ الجمعة أو في يومِها، وتبدأ ليلةُ الجمعة من غروبِ شمس يوم الخميس، وينتهي يومُ الجمعة بغروبِ الشمس، وعليه: فيكون وقت قراءتها من غروبِ شمس يوم الخميس إلى غروبِ شمس يوم الجمعة.

 

2- الاغتسال: أخرج مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان النَّاسُ ينتابون الجمعةَ من منازلِهم من العوالي، فيأتون في العَبَاء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لو أنكم تطهرتم ليومِكم هذا)).

وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان النَّاسُ أهلَ عمل، ولم يكن لهم كُفَاة، فكانوا يكون لهم تَفَلٌ، فقيل لهم: ((لو اغتسلتم يوم الجمعة))؛ كُفاة: جمع كاف، كقضاةٍ جمع قاضٍ؛ وهم الخدمُ الذين يكفونهم العمل، تَفَل: أي رائحة كريهة.

أخرج البخاري عن أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((غسلُ يوم الجمعة واجبٌ على كلِّ محتلِمٍ)).

 

3- التطيب والسواك: وأخرج البخاري عن عمرو بن سليمٍ الأنصاري، قال: أشهد على أبي سعيدٍ - رضي الله عنه - قال: أشهدُ على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((الغسلُ يوم الجمعة واجبٌ على كلِّ محتلمٍ، وأن يستن، وأن يمسَّ طيبًا إن وُجد)).

أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((غسلُ يوم الجمعة على كلِّ محتلم، وسواك، ويمسُّ من الطيبِ ما قدر عليه)).

 

4- التبكير يوم الجمعة: أخرج الترمذي وصححه الألباني عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرَّب بدنةً، ومن راح في الساعةِ الثانية فكأنَّما قرَّب بقرةً، ومن راح في السَّاعة الثالثة فكأنَّما قرَّب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعةِ الرابعة فكأنما قرب دجاجةً، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمامُ حضرت الملائكةُ يستمعون الذِّكر)).

وأخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا كان يوم الجمعة، كان على كلِّ بابٍ من أبوابِ المسجد ملائكةٌ يكتبون الأولَ فالأول، فإذا جلس الإمامُ طووا الصحفَ، وجاؤوا يستمعون الذِّكر، ومَثَل الْمُهَجِّر كمثلِ الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدَّجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة)).

(ومثل المهجِّر): قال الخليلُ بن أحمد وغيرُه من أهلِ اللغة وغيرهم: التهجيرُ التبكير، ومنه الحديث: ((لو يعلمون ما في التهجيرِ لاستبقوا إليه))؛ أي: التبكير إلى كلِّ صلاة، هكذا فسَّره.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((على كلِّ باب من أبوابِ المسجد ملكٌ يكتبُ الأول فالأول - مثل الجزور، ثم نزلهم حتى صغرَ إلى مثلِ البيضة - فإذا جلس الإمامُ طويت الصحفُ، وحضروا الذِّكر)).

وفي الصحيح قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لو يعلمُ النَّاسُ ما في النداءِ والصفِّ الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا))؛ متفق عليه.

 

5- السنة الأذان الواحد: أخرج البخاري عن السائبِ بن يزيد: "أن الذي زاد التأذينَ الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - حين كثر أهلُ المدينةِ، ولم يكن للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مؤذنٌ غير واحدٍ، وكان التأذين يوم الجمعةِ حين يجلسُ الإمام))؛ يعني: على المنبر.

وعن الزهري، قال: سمعتُ السائب بن يزيد، يقول: "إنَّ الأذانَ يوم الجمعة كان أوله حين يجلسُ الإمام، يوم الجمعة على المنبرِ في عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأبي بكرٍ وعمر - رضي الله عنهما - فلمَّا كان في خلافةِ عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وكثروا، أمر عثمانُ يومَ الجمعة بالأذانِ الثالث، فأذن به على الزوراء، فثبتَ الأمرُ على ذلك)).

 

6- صلاة ركعتين تحية المسجد: أخرج مسلم عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - خطب، فقال: ((إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، وقد خرج الإمامُ، فليصلِّ ركعتَيْن)).

وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخطب، فجلس، فقال له - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا سليك، قم فاركع ركعتَيْن، وتجوَّز فيهما))، ثم قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا جاء أحدُكم يوم الجمعة، والإمام يخطبُ، فليركعْ ركعتين، وليتجوَّز فيهما)).

وأخرج البخاري عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخطب النَّاسَ يومَ الجمعة، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أصليتَ يا فلان؟))، قال: لا، قال: ((قم فاركع ركعتين)).

 

7- الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب: عن سعيد بن المسيب، أنَّ أبا هريرة - رضي الله عنه - أخبره: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا قلتَ لصاحبِك يوم الجمعة: أنصتْ، والإمام يخطب، فقد لَغَوْت)).

في "الموسوعة الفقهية": "إذا صعد الإمامُ المنبرَ للخطبة، يجبُ على الحاضرين ألا يشتغلوا عندئذٍ بصلاة ولا كلام إلى أن يفرغَ من الخطبة، فإذا بدأ الخطيبُ بالخطبةِ تأكد وجوبُ ذلك أكثر".

قال في "تنوير الأبصار": "كل ما حرُمَ في الصلاةِ حرم في الخطبةِ، وسواء أكان الجالسُ في المسجدِ يسمع الخطبة أم لا، اللهم إلا أن يشتغلَ بقضاءِ فائتة لم يسقط الترتيب بينها وبين الصلاة الوقتية فلا تكره، بل يجبُ فعلها، فلو خرجَ الخطيب، وقد بدأ المصلي بصلاةِ نافلة، كان عليه أن يخففَها ويسلِّمَ على رأس ركعتين، وهذا محلُّ اتفاقٍ بين الأئمة الأربعة".

 

8- عدم تخطي الرقاب: أخرج الترمذي وضعَّفه الألباني عن سهل بن معاذ بن أنسٍ الجهني، عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من تخطَّى رقابَ الناس يوم الجمعة اتخذ جسرًا إلى جهنَّم)).

 

رابعًا: فضل من صلى واستمع وأنصت في الخطبة: أخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((الصلواتُ الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفاراتٌ لما بينهنَّ)).

و عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول: ((الصلواتُ الخمس، والجمعةُ إلى الجمعة، ورمضانُ إلى رمضان، مكفرات ما بينهنَّ إذا اجتنب الكبائر)).

وأخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلَّى ما قُدِّر له، ثم أنصتَ حتى يفرغَ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعةِ الأخرى، وفضل ثلاثة أيام)).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من توضَّأ فأحسنَ الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصتَ، غُفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ الحصى فقد لغا)).

وأخرج الترمذي وصححه الألباني عن أوس بن أوسٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من اغتسلَ يوم الجمعة وغسل، وبكَّر وابتكر، ودنا واستمع وأنصت، كان له بكلِّ خطوةٍ يخطوها أجرُ سنةٍ صيامُها وقيامها)).

 

خامسًا: صلاة سنة الجمعة بعدها: أخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا صلَّى أحدُكم الجمعةَ فليصلِّ بعدها أربعًا)).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا صليتم بعد الجمعةِ فصلُّوا أربعًا))، زاد عمرو في روايتِه: قال ابن إدريس: قال سهيل: "فإن عجل بك شيءٌ فصلِّ ركعتين في المسجدِ، وركعتين إذا رجعت".

وعن سالم، عن أبيه: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يصلي بعد الجمعةِ ركعتين".

وأخرج الترمذي وصححه الألباني عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه: "كان إذا صلَّى الجمعةَ انصرفَ، فصلى سجدتين في بيته"، ثم قال: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصنع ذلك".

وعن عبدالله بن عمر، أنه وصف تطوعَ صلاةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: "فكان لا يصلِّي بعد الجمعةِ حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته".

 

سادسًا: التشديد في التخلف عن الجمعة: أخرج أبو داود والترمذي وحسنه الألباني عن أبي الجعد الضمري - رضي الله عنه - وكانت له صحبةٌ، أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من تركَ ثلاثَ جمعٍ تهاونًا بها، طبع اللهُ على قلبِه)).

وأخرج ابن ماجه وحسنه الألباني، عن جابرٍ بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن ترك الجمعةَ ثلاثًا، من غيرِ ضرورةٍ، طبع الله على قلبِه)).

وأخرج مسلم عن الحكمِ بن ميناء، أنَّ عبدالله بن عمر، وأبا هريرة - رضي الله عنهم - حدَّثاه، أنهما سمعا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول على أعوادِ منبره: ((لينتهينَّ أقوامٌ عن ودعِهم الجمعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبِهم، ثم ليكونن من الغافلين)).

وعن يحيى بن أسعد بن زرارة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من سمع النِّداءَ يوم الجمعة فلم يأتِها، ثم سمعه فلم يأتها، ثم سمعه فلم يأتها، طبع اللهُ على قلبِه، وجعل قلبَه قلبَ منافقٍ))؛ رواه البيهقي في الشعب بإسناد حسن.

 

سابعًا: قضاء صلاة الجمعة: صلاةُ الجمعة لا تُقضى بالفوات، وإنما تُعاد الظهر في مكانِها.

قال في "البدائع": "وأمَّا إذا فاتت عن وقتِها، وهو وقت الظهر، سقطتْ عند عامَّةِ العلماء؛ لأنَّ صلاةَ الجمعة لا تُقضى؛ لأنَّ القضاء على حسبِ الأداء، والأداءُ فات بشرائطَ مخصوصةٍ يتعذَّر تحصيلها على كلِّ فرد، فتسقط، بخلافِ سائر المكتوبات إذا فاتت عن أوقاتها، وهذا محلُّ اتفاق".

أخرج الترمذي وصححه الألباني عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من أدرك من الصلاةِ ركعةً فقد أدركَ الصلاة)).

وقال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، والعملُ على هذا عند أكثرِ أهل العلم من أصحابِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وغيرهم، قالوا: من أدرك ركعةً من الجمعةِ صلَّى إليها أخرى، ومن أدركَهم جلوسًا صلَّى أربعًا، وبه يقولُ سفيانُ الثوري، وابنُ المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق"

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات