خلق الإنصاف

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/وقفة مع آية حول الإنصاف 2/إنصاف النفس من النفس طريق لإنصاف الغير 3/كيف ننصف أنفسنا من أنفسنا؟ 4/من إنصاف النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة

اقتباس

ومن الإنصاف للنفس تجميلها بالطاعة، وتزيينها بالعمل الصالح، وإلباسها لباس التقوى، وإبعادها كل البعد عن دنس المعاصي وموبقات الآثام؛ فنفسك التي بين جنبيك وديعة استودعك الله إياها، وأمرك أن تشرفها بالطاعة، وتعمرها بالخير، وتكون...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

 

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

عباد الله: يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النساء:135].

 

في هذه الآية الكريمة يدعونا الله -سبحانه وتعالى- إلى الإنصاف حتى مع أنفسنا، وذلك بأن نكون قوامين بالقسط، أي: بالعدل، فلا نعدل عن العدل يمنة ولا يسرة، ولا نحيد عنه تحت أي ظرف من الظروف، ولا يصرفنا عن إقامته أي صارف، ولا تأخذنا في تحقيقه لومة لائم ولو على أنفسنا، وإذا سئلنا عن الحق فلنقله ولو كان فيه مضرة تعود علينا، فإن لم نلتزم بهذا وأعرضنا عنه فقد توعدنا الله -سبحانه وتعالى- بِقَوْلِهِ: (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النساء:135].

 

إنه الإنصاف من النفس الذي طالبنا ربنا به في هذه الآية، والقوَّام صيغة مبالغة، والمقصود من ذلك أن نكون قائمين بالقسط والعدل في كل أحوالنا ولو كان على أنفسنا؛ فهل رأيتم إنصافاً من النفس أعظم من هذا؟! وهل سمعتم بمنهج يربي النفس على الإنصاف أعظم من هذا المنهج القويم؟!

 

إنّ إنصاف النفس يعد من أولى وأعظم درجات الإنصاف، وذلك بأن يكون الإنسان منصفاً لنفسه من نفسه؛ لأنّ من لم يفعل ذلك فلن يستطيع إنصاف غيره، و"فاقد الشّيء لا يعطيه".

 

فالنفس إذا أصبحتْ ذاتَ سلطان وتحكُّم، ولم يستطع صاحبها أن يملكها، وترك إنصافها، وجعل نفسه تتعدى على نفوس الآخرين، وسمح لها بالاستطالة عليهم، ولم يأخذ بعنانها - فإنه يوشك أن تصل به نفسه إلى دركات الشطط والانحرافات، فيصبح عبداً مطيعا؛ لأنه لم ينصف نفسه من نفسه.

 

وربما يسأل سائل: وكيف ننصف أنفسنا من أنفسنا؟

 

والجواب: إن إنصاف النفس من النفس يكون بأمور عديدة:

منها: أن ننصف أنفسنا بمعرفة قدرها؛ فلا نعطيها فوق حجمها، ولا نرفعها أكثر مما تستحق، فنحن في البداية والنهاية مجرد عبيد لله، والعبد يجب عليه أن يفهم حقيقته، وأن يدرك قيمته.

 

ويجب عليه قبل هذا أن يعرف سيده، وأن يستشعر عظمته ومنزلته، وأن لا يزاحم بنفسه فاطره ومالكه ومولاه؛ فلا يدعي لنفسه التملك، ولا يدعي لنفسه الاستحقاق، ولا يدعي لنفسه التصرف، وليعلم علم اليقين أن الملك المطلق، والتصرف المطلق، والاستحقاق كله لربه وخالقه -جل جلاله، وعز كماله-.

 

وليعلم أنه مجرد عبد مطيع، خُلق لعبادة ربه والانقياد له، فهل أنصفنا أنفسنا من أنفسنا في هذا؟ أم أننا لا زلنا لم نعرف ربنا -جل وعلا- حق المعرفة ولم نقدره حق قدره، ولم نعظمه حق تعظيمه ولم ندرك الهدف الذي من أجله أوجدنا وخلقنا؟ وفي مقابل ذلك رفعنا أنفسنا فوق قدرها، وأعطيناها أكثر من حجمها؛ فأين الإنصاف من النفس؟!

 

يقول -سبحانه وتعالى-: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزمر:67]. يقول مُحَمَّد بْن كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ -رحمه الله-: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ -أَوْ قَالَ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ- فَوَجَدْتُ فِيهَا: يَقُولُ اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَنْصَفْتَنِي! خَلَقْتُكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا وَجَعَلْتُكَ بَشَرًا سَوِيًّا، خَلَقْتُكَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ فَجَعَلْتُكَ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْتُ النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْتُ الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْتُ الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْتُ الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأَتُكَ خَلْقًا آخَرَ.

 

يَا ابْنَ آدَمَ: هَلْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرِي؟ ثُمَّ خَفَّفْتُ ثِقلَكَ عَلَى أُمِّكَ حَتَّى لَا تَتَبَرَّمَ بِكَ وَلَا تَتَأَذَّى، ثُمَّ أَوْحَيْتُ إِلَى الْأَمْعَاءِ أَنِ اتَّسِعي وَإِلَى الْجَوَارِحِ أَنْ تَفَرَّقِي فَاتَّسَعَتِ الْأَمْعَاءُ مِنْ بَعْدِ ضِيقِهَا، وَتَفَرَّقَتِ الْجَوَارِحُ مِنْ بَعْدِ تَشَبُّكِهَا.

 

ثُمَّ أَوْحَيْتُ إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَرْحَامِ أَنْ يُخْرِجَكَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ فَاسْتَخْلَصَكَ عَلَى رِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ فَاطَّلَعْتُ عَلَيْكَ، فَإِذَا أَنْتَ خَلْقٌ ضَعِيفٌ لَيْسَ لَكَ سِنٌّ يَقْطَعُ وَلَا ضِرْسٌ يَطْحَنُ، فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ فِي صَدْرِ أُمِّكَ عِرْقًا يَدُرُّ لَبَنًا بَارِدًا فِي الصَّيْفِ حَارًّا فِي الشِّتَاءِ، وَاسْتَخْلَصْتُهُ لَكَ مِنْ بَيْنِ جِلْدٍ وَلَحْمٍ وَدَمٍ وَعُرُوقٍ.

 

ثُمَّ قَذَفْتُ لَكَ فِي قَلْبِ وَالِدِكَ الرَّحْمَةَ وَفِي قَلْبِ أُمِّكَ التَّحَنُّنَ فَهُمَا يكدَّانِ عَلَيْكَ وَيَجْهَدَانِ، يُرَبِّيَانِكَ وَيُغَذِّيَانِكَ وَلَا يَنَامَانِ حَتَّى يُنَوِّمَاكَ.

 

يَا ابْنَ آدَمَ: أَنَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ لَا لِشَيْءٍ اسْتَأْهَلْتَ بِهِ مِنِّي، وَلَا لِحَاجَةٍ اسْتَعَنْتُ بِكَ عَلَى قَضَائِهَا.

 

يَا ابْنَ آدَمَ: فَلَمَّا قَطَعَ سِنُّكَ وَطَحَنَ ضِرْسُكَ أَطْعَمْتُكَ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي أَوَانِهَا وَفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي أَوَانِهَا، فَلَمَّا أَنْ عَرَفْتَ أَنِّي رَبُّكَ عَصَيْتَنِي؟ فَادْعُنِي فَإِنِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ، وَاسْتَغْفِرْنِي فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ. (حلية الأولياء 13/399).

 

ومن الإنصاف للنفس: أن نؤثر مرضاة الله -سبحانه وتعالى- على مرضاة أنفسنا وشهواتنا، وأن نقدم مراد الله على مرادنا، فإن لم نفعل ذلك فإننا لم ننصف أنفسنا.

إن الإنصاف من النفس يقتضي أن نتمسك بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ونؤْثر شرعهما على كل فكر وذوق، وأن نقدم منهجهما على أهواء أنفسنا، وأن نحب الله ورسوله أكثر مما نحب أنفسنا، هذه هي قمة الإنصاف من النفس.

 

يقول عَبْدالله بْنُ هِشَامٍ -رضي الله عنه-: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ"، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، والله، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي! فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الآنَ يَا عُمَرُ". أي: الآن كمل إيمانك. (رواه البخاري).

 

أيها المسلمون: ومن الإنصاف للنفس: تجميلها بالطاعة، وتزيينها بالعمل الصالح، وإلباسها لباس التقوى، وإبعادها كل البعد عن دنس المعاصي وموبقات الآثام، فنفسك التي بين جنبيك وديعة استودعك الله إياها، وأمرك أن تشرفها بالطاعة، وتعمرها بالخير، وتكون سبباً لفوزها بالجنة ونجاتها من النار، لا أن تكون سبباً لتدنيسها بالمعاصي وتلويثها بالسيئات، فتكون سبباً -والعياذ بالله- في حرمانها من الجنة ودخولها النار.

 

يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم:6].

 

ونبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه،: "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى".

 

ومن الإنصاف من النفس أن تضع نفسك في موضع الطرف الآخر، فتعامله كما لو كنت في مكانه، وتحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكرهه لنفسك، وهذا يلزمك أن لا تبدأ أخاك بشيء من الشر، فإن البادئ أظلم، فكونك تبدؤه بذلك فإنك تكون قد استثرته وظلمته، وهذا مناقض للإنصاف من النفس.

 

وإذا بدأ هو فإن الأولى بك أن لا ترد، وهذا مستوى راقٍ جداً لا يصل إليه إلا من بلغ الكمال في الإنصاف والعدل والعفو، يقول الله -جل وعلا-: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)[فصلت:34-35].

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد:

 

أيها المسلمون: إن من مواقف إنصاف نبينا -صلى الله عليه وسلم- ما حصل له يوم أحد حينما أحاط به المشركون من كل مكان، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ؟"، فتقدم إليه سبعة من أصحابه كل واحد تلو الآخر، فقتلوا جميعاً؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا"(رواه مسلم).

 

فمع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعدهم بالجنة إن قاموا بالدفاع عنه وحمايته فقاموا بذلك خير قيام إلا أنه قال: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا"؛ فهل رأيتم إنصافاً أعظم من هذا؟ وهل رأيتم منصفاً كنبينا -صلى الله عليه وسلم-؟.

 

وعلى هذا السلوك سار أصحابه، فهذا جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- اشترى له وكيله فرسا بثلاثمائة درهم، فرآها جرير فتخيل أنها تساوي أربعمائة، فقال لصاحبها: تبيعها بأربعمائة؟ قال: نعم، ثم تخيل أنها تساوي خمسمائة، فقال: أتبيعها بخمسمائة، قال: نعم، ثم تخيل أنها تساوي ستمائة ثم سبعمائة ثم ثمانمائة، فاشتراها بثمانمائة. (تهذيب الأسماء:243).

 

ويقَول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ الْحَسَن: "يَا بُنَيَّ، اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ"(نهج البلاغة:640).

 

ويقول عمّار بن ياسر -رضي الله عنهما-: "ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإنصاف مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ"(رواه البخاري).

 

إن المرء -أيها الناس- عندما ينصف نفسه من نفسه فإن هذا دليل على صدق إيمانه، وسلامة أخلاقه، وتجرده من الأنانيّة وحب الذات وحظوظ النفس؛ فمن أنصف لنفسه من نفسه فقد زكاها وجملها، وتغلب على هواها وشهواتها، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)[الشمس:7-10].

 

هذا؛ وصلوا وسلموا على رسول الله...

 

المرفقات

خلق الإنصاف

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات