عناصر الخطبة
1/ وجوب اتباع الكتاب والسنة 2/ انحرف كثير من المسلمين عن هدايات الوحي 3/ مظاهر الإعراض عن الوحي 4/ ذم الابتداع في الدين والغلو فيه 5/ دعوات آثمة للانسلاخ عن الصراط المستقيم.اقتباس
يتعرَّضُ التمسُّكُ بالوحيِ لهجماتٍ شديدةٍ، ومُؤامراتٍ عظيمة، ويتقبَّلُ كثيرٌ من المُسلمين ما يُواجَهُون به من غزوٍ فكريٍّ، ودعواتٍ آثِمةٍ للانسِلاخِ من الدين؛ بسببِ ما هم فيه من الجهلِ والانغِماسِ في الشهواتِ، واتِّباع الهوَى، ويتأثَّرُون بما يُروِّجُ له الأعداءُ عبرَ الإعلاء المقروء والمسمُوم والمرئيِّ، وما يضِجُّ بكثافةٍ من دعواتٍ للافتِتانِ بأشياء مُخالِفةٍ للوحيِ، يُروِّجُون لها، ويُلبِّسُون على الناسِ بها، ويزعمُون أنها من الدين.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِهِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد: فمن رحمةِ الله بالعباد أن هداهم إلى صِراطه المُستقيم، وبيَّن لهم الحقَّ ليتَّبِعُوه، والباطلَ ليجتنِبُوه.
وقد تكفَّل الله - عزَّ وجل - لمَن اتَّبعَ هُداه بألا يضِلَّ ولا يشقَى، قال - سبحانه -: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 123، 124].
والمعنى: أن من اتَّبعَ الهُدى واستقامَ على الحقِّ، فإنه لا يضِلُّ في الدنيا، بل يكونُ مُهتديًا مُستقيمًا، ولا يشقَى في الآخرة، بل له الجنةُ والكرامةُ، ومَن أعرضَ عن كتابِه وسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يتَّبِع الهُدى، فإن له معيشةً ضَنكًا، وهي ما يقعُ في قلبِه من القلقِ والضِّيقِ والحرَجِ، وهذا مِن العقابِ المُعجَّل، وله يوم القيامة العذابُ الأليمُ في دار الجحيم.
وهكذا - أيها الإخوة - فإما أن يتَّبِعَ المرءُ الحقَّ الذي أنزلَه الله، والهُدى الذي يهتدِي به الخلقُ، وإما أن يضِلَّ ويخسَر، (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ) [يونس: 32].
قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -: "كلُّ مَن أعرضَ عن شيءٍ من الحقِّ وجحَدَه وقعَ في باطلٍ مُقابِلٍ لِما أعرضَ عنه من الحقِّ وجحَدَه ولا بُدَّ، حتى في الأعمال مَن رغِبَ عن العملِ لوجهِ الله وحده ابتلاهُ الله بالعملِ لوجوهِ الخلق، فرغِبَ عن العمل لمَن ضُرُّه ونفعُه، وموتُه وحياتُه وسعادتُه بيدِه، فابتُلِيَ بالعملِ لمَن لا يملِكُ له شيئًا من ذلك.
وكذلك مَن رغِبَ عن إنفاقِ مالِه في طاعةِ الله، ابتُلِيَ بإنفاقِه لغيرِ الله وهو راغِم، وكذلك مَن رغِبَ عن التعبِ لله، ابتُلِيَ بالتعبِ في خدمةِ الخلقِ ولا بُدَّ".
معاشر المسلمين: إن الناظِرَ إلى واقعِ المُسلمين اليوم ليَرَى ما يُورِثُ الحزنَ والأسَى؛ بسببِ ما يقعُ فيه كثيرٌ منهم، من المُخالفة لكتابِ الله وسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، والجفاءِ لأوامرِهما، وارتِكابِ نواهِيهما، وهِجران السنَّة، ومُعارضَة النُّصوص الشرعيَّة بالمعقُولات والأذواق، والأقيِسَة والعادات.
وإن الإعراضَ عن وحيِ الله تعالى له مظاهِرُ كثيرةٌ في واقعِ الأمة اليوم، فمِن ذلك:
تلقِّي الدين من غير أهلِه، بأن يأتِيَ أُناسٌ لا علمَ عندهم، وهم أبعدُ ما يكونون عن التمسُّك بالدين والالتِزامِ بشرعِ الله، فتُجعلُ لهم دِعاية، وتُضفَى عليهم الألقاب، ويُروَّجَ لفتاواهم، وهم ليسُوا بأهلٍ للفُتيا ولا الاجتِهاد، ومع ذلك يأخُذُ الناسُ عنهم، وينخدِعُون بهم، ويثِقُون فيهم، ولا يُميِّزُون بين من يُرشِدُهم وينصَحُهم، وبين من يُضلِّهُم ويُلبِّسُ عليهم.
ولقد صحَّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنما أخافُ على أمَّتِي: الأئمةَ المُضلِّين»؛ رواه أحمد والدارميُّ من حديث ثَوبان - رضي الله عنه -.
فحذارِ - أخي المُسلم - أن تتلقَّى العلمَ من غير أهلِه المُعتبَرين.
ولذلك قال ابنُ سيرين - رحمه الله -: "إن هذا العلمَ دينٌ، فانظُروا عمَّن تأخُذون دينَكم".
ومن مظاهر الإعراضِ عن الوحيِ: تأويلُ النُّصوصِ على غيرِ حقيقتها، وتفسيرُها على غير مُرادِ الله، وهذه طريقةُ كثيرٍ من أهل الأهواء؛ فهم لا يُغيِّرون نصَّ الآية أو الحديث، لكن يُغيِّرُون في تفسير الآية وشرحِ الحديث، فتبقَى الألفاظُ لكنَّ معناها مُحرَّفٌ ومُبدَّلٌ.
ومن مظاهر الإعراضِ عن الوحيِ: وضعُ النُّصوصِ رهينةً للمنطقِ البشريِّ، ومُحاكمتُها للعقلِ البشريِّ القاصِرِ، وهذا من أعظم الفساد أن يُقدِّم المرءُ الرأيَ والهوَى على الوحيِ والنَّقلِ.
عباد الله: ومن مظاهر الإعراضِ عن الوحيِ: اعتِقادُ أن الشريعةَ لا تفِي بحاجاتِ الناسِ في هذا العصرِ، وأن أحكامَها جامِدة، وأنها لا تصلُحُ للتطبيقِ في الواقعِ المُعاصِر، وهؤلاء يُريدون تنحِيةَ الشريعةِ عن الحُكم، واستِيرادَ المناهِج الغربيَّة، والقوانِين الوضعيَّة، فيا ويحَهم! أنَّى يُؤفَكُون!
وما حُجَّةُ مَن يُنحِّي شريعةَ الله عن حُكم الحياة، ويستبدِلُ بها شريعةَ الجاهليَّة؟! (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50].
ومن مظاهر الإعراضِ عن الوحيِ: تركُ بعضِ الكتابِ والسنَّةِ إذا كانت الأوامرُ تتعارَضُ مع المصالِحِ الشخصيَّة، أو تُفوِّتُ على المرءِ منافعَه الخاصَّة، قال الله مُنكِرًا على مَن يفعلُ ذلك: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) [البقرة: 85].
ومن مظاهر الأعراضِ عن الوحيِ: البُعدُ عن منهجِ الدينِ القَويمِ وصِراطِه المُستقيم، بالجُنوحِ إلى تفريطٍ وإضاعةٍ، أو إلى إفراطٍ وغلُوٍّ، مع أن الإسلام قد جاء آمِرًا بالاعتِدال والاقتِصاد والوسطيَّة في كلِّ أمرٍ؛ حتى مُيِّزَت هذه الأمة وخُصَّت بذلك، قال - سبحانه وتعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: 143].
قال القُرطبيُّ - رحمه الله -: "ولما كان الوسطُ مُجانِبًا للغلُوِّ والتقصيرِ كان محمُودًا؛ أي: هذه الأمة لم تغْلُ غلُوَّ النصارى في أنبيائِهم، ولا قصَّرُوا تقصيرَ اليهود في أنبيائِهم".
عباد الله: إن وسطيَّة هذه الأمة مُستمدَّةٌ من وسطيَّة منهجها ونظامها؛ فهو منهجٌ وسطٌ لأمةٍ وسطٍ، منهجُ الاعتِدال والتوازُن، فلا إفراطَ ولا تفريطَ، ولا غلُوَّ ولا تقصيرَ، ولا تشدُّد وتنطُّع، ولا تهاوُن وتساهُل.
ومن مظاهر الإعراضِ عن الوحيِ: عدمُ الاقتِصار في جانبِ العبادة على ما وردَ في الكتابِ والسنَّةِ؛ بل تجاوُزُ ذلك بالتعبُّد بالمُحدثات في الدين، وما لم يأتِ به الشرعُ المُبين، كالاحتِفال ببعضِ المواسِمِ والمُناسَبات، وإحياءِ ليالِيها بالقِيامِ، وصيامِ أيامِها، والصدقةِ فيها، وكثرةِ الذِّكر تقرُّبًا إلى الله.
ففي شهر رجب تشِيعُ أحاديثُ كثيرة لا زِمامَ لها ولا خِطام؛ بل هي كما بيَّن العلماءُ موضوعةٌ مكذُوبةٌ، ومع هذا يخُصُّ بعضُهم هذا الشهر، وليلةَ سبعٍ وعشرين منه خاصَّةً بما لم يرِد عن النبيِّ الكريم الذي أُنزِلَ عليه الوحيُ؛ بل قال - صلى الله عليه وسلم - مُحذِّرًا: «مَن أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ»؛ رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
وفي روايةٍ لمُسلم: «مَن عمِلَ عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ».
ولم يثبُت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتمَرَ في رجب؛ بل أنكرَت ذلك عائشةُ - رضي الله عنها - وقالت: "ما اعتمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في رجبٍ قطُّ"؛ متفق عليه.
والجَزمُ بتحديدِ ليلة الإسراء والمِعراجِ لا يثبُت.
قال ابنُ تيمية - رحمه الله -: "لم يقُم دليلٌ معلومٌ لا على شهرِها، ولا على عشرِها، ولا على عينِها؛ بل النُّقولُ في ذلك مُنقطِعةٌ مُختلِفةٌ ليس فيها ما يُقطَعُ به".
على أنه لو ثبَتَ تعيينُ ليلتِها لما شُرِع لأحدٍ تخصيصُها بشيءٍ من العباداتِ؛ لأنه لم يثبُت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحدٍ من صحابتِه أو التابعين لهم بإحسانٍ أنهم جعلُوا لليلةِ الإسراء مزِيَّةً عن غيرِها، فضلًا عن أن يُقيمُوا احتِفالًا بذِكراها، بالإضافةِ إلى ما يتضمَّنُه الاحتِفالُ بها من البدع والمُنكرات.
فنسألُ الله - سبحانه - أن يُلهِمَنا رُشدَنا، ويقِيَنا شرَّ أنفُسنا، ويُرِيَنا الحقَّ حقًّا ويرزُقَنا اتِّباعَه، ويُرِيَنا الباطلَ باطلًا ويرزُقنا اجتِنابَه، وأن يجعلَنا من المُتمسِّكين بكتابِه وسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، وأن يهدِيَنا لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنِه، إنه يهدِي مَن يشاءُ إلى صراطٍ مُستقيم.
أقولُ هذا القولَ، وأستغفِرُ الله لي ولكم، فاستغفِرُوه من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، وتُوبُوا إليه، إن ربي غفورٌ رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله الذي دعانا إلى صراطِه المُستقيم، وحذَّرَنا سبيلَ أصحابِ الجحيم، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنَا وإمامَنا وقُدوتَنا مُحمدًا عبدُه ورسولُه، بلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونصحَ الأمة، وتركَها على مثلِ البيضاء ليلُها كنهارِها، لا يزيغُ عنها إلا هالِك، فصلواتُ ربي وسلامُه عليه وعلى آله وصحبِه، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد .. فيا عباد الله: يتعرَّضُ التمسُّكُ بالوحيِ لهجماتٍ شديدةٍ، ومُؤامراتٍ عظيمة، ويتقبَّلُ كثيرٌ من المُسلمين ما يُواجَهُون به من غزوٍ فكريٍّ، ودعواتٍ آثِمةٍ للانسِلاخِ من الدين؛ بسببِ ما هم فيه من الجهلِ والانغِماسِ في الشهواتِ، واتِّباع الهوَى، ويتأثَّرُون بما يُروِّجُ له الأعداءُ عبرَ الإعلاء المقروء والمسمُوم والمرئيِّ، وما يضِجُّ بكثافةٍ من دعواتٍ للافتِتانِ بأشياء مُخالِفةٍ للوحيِ، يُروِّجُون لها، ويُلبِّسُون على الناسِ بها، ويزعمُون أنها من الدين.
معاشِر المُسلمين: علينا أن نتأكَّد ويستقِرَّ في قلوبِنا أن كلَّ ما يلحَقُ الأمةَ المُسلمةَ من ذِلَّةٍ ومهانةٍ وتخلُّفٍ فهو نتيجةُ مُخالفَة الوحيَين، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30].
وما تُصابُ به الأمةُ من الهزيمةِ والمصائِبِ فيه عِظةٌ وتذكِرةٌ، فلعلَّ العبادَ يؤوبُون إلى رُشدِهم، ويعُودُون إلى الحقِّ الذي ترَكُوه، كما قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].
ومتى رجعَ العبادُ، وغيَّرُوا ما بأنفسِهم من عقائِد باطِلة، ومفاهِيمَ خاطِئة، واستبدَلُوا بها ما جاء في كتابِ الله وسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، إذا فعلُوا ذلك أصلحَ الله حالَهم، وأحسنَ مآلَهم، (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11].
وأما إذا تمرَّدُوا ولجُّوا في طُغيانِهم، أخذَهم الله أخذَ عزيزٍ مُقتَدِر، وسُنَّةُ الله ماضِيةٌ لا تُحابِي أحدًا، وما أهونَ الخلقِ على الله إذا هم عصَوا أمرَه وخالَفُوا شرعَه.
أيها الناس: علينا أن نتمسَّك بشرعِ ربِّنا، ونعملَ بالكتابِ والسنَّة في واقعِنا، ولا نَحيدَ عنهما قِيدَ أُنملةٍ؛ إذ إن حياةَ الأمة مُرتبطةٌ ثباتًا ونمُوًّا وارتِقاءً بقَدر ما نُحيِيه من العملِ بالوحيَين الشريفَين.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على نبيِّكم، كما أمرَكم بذلك ربُّكم، فقال - عزَّ من قائِلٍ -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
اللهم صلِّ على محمدٍ النبيِّ الأميِّ، وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ النبيِّ الأميِّ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهم عن الخُلفاء الراشِدين الأربعة، أصحابِ السنَّة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابةِ أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، وأوهِن كيدَ الكافِرين، اللهم أظهِر دينَك وكتابَك وسُنَّة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، وعبادَك الصالِحين.
اللهم مَن أرادَنا أو أرادَ الإسلامَ والمُسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، واجعَل تدبيرَه تدميرَه، واجعَل الدائِرةَ عليه، وأنزِل به المثُلات، وأنزِل به بأسَك الذي لا يُردُّ عن القومِ المُجرِمين، وأرِنا فيه عجائِبَ قُدرتِك يا قويُّ يا عزيزُ.
اللهم واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا رخاءً وسعةً، وسائِرَ بلادِ المُسلمين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في الأوطانِ والدُّور، وأصلِح الأئمةَ ووُلاةَ الأمور، واجعَل ولايتَنا فيمَن خافَك واتَّقاكَ واتَّبعَ رِضاكَ يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيوم، اللهم أصلِح له بِطانتَه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم انصُر من نصرَ الدين، واخذُل الطُّغاةَ والملاحِدةَ والمُفسِدين.
اللهم انصُر إخوانَنا المُستضعَفين والمُجاهِدين في سبيلِك، والمُرابِطين على الثُّغور، اللهم قَوِّ عزائِمَهم، واربِط على قلوبِهم، وثبِّت أقدامَهم، ووحِّد صُفوفَهم، وانصُرهم على مَن بغَى عليهم، وخُذ بثأرِه منه يا سميعَ الدعاء.
اللهم انصُر إخوانَنا في الشام، وفي فلسطين، وفي العراق، وفي بُورما، وفي اليمن، وفي كل مكانٍ، اللهم كُن لهم مُعينًا ونصيرًا، ومُؤيِّدًا وظَهيرًا.
اللهم اغفِر للمُؤمنين والمُؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم اجعَلنا هُداةً مُهتَدين، غيرَ ضالِّين ولا مُضلِّين، اللهم أحيِنا على الإيمان، وتوفَّنا على الإسلام غيرَ مُبدِّلين، ولا مُغيِّرين، ولا مفتُونين.
اللهم يا وليَّ الإسلام وأهلِه مسِّكنا به حتى نلقاك.
اللهم ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار.
وقُومُوا إلى صلاتِكم يرحمُكم الله.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم