خطر السكوت عن المنكرات

عبدالله عوض الأسمري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/انتشار المنكرات آخر الزمان 2/من مظاهر غربة الدين 3/الحث على إنكار المنكر وبيان درجاته 4/من ثمرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 5/إنكار المنكرات يبدأ من بيوتنا.

اقتباس

إن الصراع بين الحق والباطل ماضٍ إلى أن يشاء الله, فعلى المسلم أن يعرف دوره في زمن الفتن, وأن لا يرضى بالمنكرات وأن ينكرها بقدر ما يستطيع؛ لأن الله -عز وجل- جعلنا خير أمة أخرجت للناس, وهذه الخيرية والأفضلية لهذه الأمة لم تأت من فراغ؛ بل بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]

 

عباد الله: مع آخر الزمن تزداد الفتن هنا وهناك, وتزداد المعاصي والآثام, ونذكر المسلم والمؤمن بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بَدَأَ الإِسلامُ غريبًا، وسَيَعُودُ غريبًا كما بدَأَ، فطُوبَى للغرباءِ"(رواه مسلم)؛ نعم طوباك -أيها المتمسك بكتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-, في الزمن الذي جاهر أهل المعاصي بمعاصيهم, وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرينَ".

 

عباد الله: يعظم الأمر في آخر الزمان مع قوة الباطل والطغيان, وتشتد الغربة على أهل التقوى والإيمان؛ غربة أديان لا غربة أوطان, والغربة تحصل بتبدل الأحوال إلى الأسوأ؛ وذلك بضعف الدين, وغلبة الفاسقين, وتبرج النساء واختلاطهنَّ مع الرجال, وانتشار الغناء والمعازف مزامير الشيطان, وضعف أهل التقوى والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.

 

عباد الله: إن الصراع بين الحق والباطل ماضٍ إلى أن يشاء الله, فعلى المسلم أن يعرف دوره في زمن الفتن, وأن لا يرضى بالمنكرات وأن ينكرها بقدر ما يستطيع؛ لأن الله -عز وجل- جعلنا خير أمة أخرجت للناس, وهذه الخيرية والأفضلية لهذه الأمة لم تأت من فراغ؛ بل بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال الله -عز وجل-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[آل عمران: 110], وقال -جل جلاله-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران: 104], والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ"(مسلم).

 

فإذا كنت في بيتك -أخي المسلم- فإنك تستطع أن تغير المنكرات بيدك؛ لأن هذا سلطانك وأنت الآمر الناهي, أما إذا كنت خارج بيتك فإنك تنكر باللسان لأصحاب المعاصي, وتأمر بالمعروف وبالحكمة والموعظة الحسنة, وإذا أرسلت بجوالك نصيحة أو موعظة أو تذكير بخير أو تحذير من شيء؛ فإنك آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر, فإن لم تستطع فعل شيء من ذلك فإنك -على أقل الأحوال وأضعفها- تكره هذه المعاصي بقلبك ولا ترضاها نهائياً؛ فإن رضيت بها بقلبك أو تحدثت بالرضا عنها فإنك مشارك لأصحاب المعاصي بالإثم, ولا حول ولا قوة إلا بالله!.

 

عباد الله: إن الله -عز وجل- لعن بني إسرائيل بسبب سكوتهم عن أصحاب المعاصي؛ قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[المائدة: 78، 79].

 

والله -عز وجل- لا يعذب المصلحين؛ فهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر, قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[هود: 117]؛ ولم يقل: صالحون؛ فالصالح هو الصالح في نفسه, أي: إنه لا يأمر المعروف ولا ينهي عن المنكر, همه نفسه وصلاحه فقط, ولا ينهى غيره عن المنكرات, فهذا الصالح قد يشمله العذاب؛ لأنه لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

 

فعلينا أن نهتم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر الاستطاعة, وبالحكمة والموعظة الحسنة في أهالينا أولاً, ثم أقاربنا وجيراننا ثانياً, وما نستطيع من المسلمين, وهذا من التعاون والتواصي بالحق والصبر, قال -تعالى-:  (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[العصر: 1 - 3].

 

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, وبعد:

 

أيها المؤمنون: لنبدأ أولاً بإصلاح بيوتنا من المعاصي, وذلك بإلزامهم بتقوى الله -عز وجل-, وحث الأبناء الذكور على أداء الصلوات جماعة مع المسلمين في المساجد, وإلزام البنات بالقيام بالصلوات في أوقاتها دون تأخير, وإلزامهن بالحجاب الشرعي وعدم التأثر بالدعايات المضللة ضد المرأة؛ فالإسلام كرم المرأة وحفظ لها حقوقها أفضل مما يدعيه الغرب والشرق, ثم عليك -أخي المسلم- أن لا ترضى بالمنكرات في أي مكان؛ حتى تكون من الناجين المفلحين أمام الله -عز وجل- يوم القيامة.

 

نسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر, وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه, ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك القادر عليه.

 

واعلموا أن الله -تعالى- أمركم بالصلاة والسلام على النبي؛ فقال -جل شأنه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلى الله عليه عشـر صلوات، وحُـطَّت عنه عشـر خطيئات، ورُفعت له عشـر درجات"(رواه أحمد والنسائي).

 

اللهم أعزَّ الإسلام والـمسلمين، ودمِّر أعداء الـملَّة والدين، اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وبارك اللهم لنا في دنيانا التي فيها معاشنا، واحفظ اللهم لنا ولاة أمرنا، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير، وتُرشدهم إليه، وتُعينهم عليه.

 

اللهم مَنْ أرادَ بلادنا وبلاد الـمسلمين بسُوءٍ أو عدوانٍ فأشغله في نفسه، وردَّ كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا له يا رب العالـمين، واكفنا اللهم بحولك وطولك وقدرتك من كيد الكائدين، ومكر الـمـاكرين، وحقد الحاقدين، واعتداء الـمعتدين، وحسد الحاسدين، وظلم الظالـمين، وشمـاتة الشامتين، واكفناهم جـميعًا بمـا تشاء يا رب العالـمين.

 

اللهم هَبْ لنا من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مـخرجًا، وارزقنا اللهم من حيث لا نحتسب، اللهُـمَّ إنَّا ظلمنا أنفسنا ظُلمـًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلَّا أنت، فاغفر لنا مغفرةً من عندِك وارحـمنا، إنك أنت الغفور الرحيم.

 

اللهم إنا نعـوذُ بك من عـملٍ يُـخزينا، ونعـوذُ بك من قولٍ يُردينا، ونعوذ بك من صاحبٍ يؤذيـنا، ونعـوذُ بك مِن أملٍ يـُـلهـينا، ونعـوذ بك من فـقـرٍ يُـنسينا، ونعـوذ بك من غِـنًى يُـطغـينا، ونعوذ بك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

 

اللهم أحسن حياتنا، وأحسن مـمـاتنا، وأحسن ختامنا، وأحسن مآلنا، اللهم أعنَّا على كل خير، واكفنا من كل شـرٍّ، واغفر لنا ما قدَّمْنا وما أخَّرْنا، وما أسـَررْنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلم به منَّا، اللهم اغفر لنا ولأمواتنا، وأعفُ عنَّا وعنهم، واجـمعنا بهم في مُستقرِّ رحمتك غير خزايا ولا مفتونين.

 

المرفقات

خطر السكوت عن المنكرات

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات