عناصر الخطبة
1/خطر الخمر 2/الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الخمر 3/العقوبات الشرعية لشارب الخمر 4/العقوبات القدرية الكونية لشارب الخمر 5/وسائل مكافحة الخمر والحد منها 6/البدار بالإقلاع من شرب الخمر والتوبة منهااقتباس
أما العقوبات القدرية الكونية؛ فكثيرة جداً، ذلك أن شرب الخمور والمخدرات، وما شابهها؛ سبب للإصابة بأنواع من الأسقام والأمراض الصحية والنفسية، وقد أفاض المختصون في بيان تأثير هذه الموبقات على صحة الإنسان، فما من عضو من أعضاء البدن إلا وتطاله آثار شربها وعقوبة تعاطيها.
أما الأمراض النفسية والعصبية، فذاك البحر الذي لا ساحل له، فإن شاربها: يعاني من ...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
أيها المؤمنون: إن الذي بعث محمدا بالهدى ودين الحق؛ بشيرا ونذيرا؛ يأمركم بالمعروف وينهاكم عن المنكر، ويحل لكم الطيبات، ويحرم عليكم الخبائث؛ قال تعالى في وصف ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ)[الأعراف: 157].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "الخمر أم الخبائث" [رواه الطبراني بسند حسن].
وفي رواية صحيحة: "الخمر أم الفواحش".
وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها مفتاح الشرور؛ فعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تشربوا الخمر فإنها مفتاح كل شر" [رواه ابن ماجة بإسناد صحيح].
وصدق الله ورسوله، فإنه قد اجتمع فيها من الشرور والآثام والخبائث ما لم يجتمع في غيرها! كيف لا والمرء إذا سكر ضاع عقله، وضاع سمته، وغرق في أنهار المعاصي والموبقات!.
والخمر -أيها المؤمنون- تفسد الأديان، وتهلك الأنفس، وتهلك الأموال، ولهذا سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر: أم الخبائث، وأم الفواحش؛ ففي حديث ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر؛ من شربها وقع على أمه وخالته وعمته" [رواه الطبراني بإسناد حسن] -نعوذ بالله من ذلك-.
وإياك شرباً للخـمور فإنها *** تسود وجه العبد في اليوم والغد
وكل صفات الذم فيها تجمعت *** كذا سميت أم الفـجور فأسند
وقد جاء تحريم الخمر في الكتاب والسنة، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)[المائدة: 90- 91].
أما السنة؛ فالأحاديث الدالة على تحريمها كثيرة عديدة؛ فمن ذلك: ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام"[أخرجه مسلم].
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل شراب أسكر حرام".
وقد أجمع المسلمون على تحريمها، وهذا الحكم ثابت لكل مخدر سواء كان مشروبا، أو مطعوما، أو مستنشقا، أو متعاطا، أو غير ذلك.
فالمخدرات وما شابهها حكمها حكم الخمر، أو أشد.
أيها المؤمنون: إن الله -سبحانه وتعالى- توعد من خالف أمره، وتعدى حدوده، وشرب الخمر بعقوبات دينية شرعية، وعقوبات قدرية كونية.
فمن العقوبات الشرعية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد لعن تسعة؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه"[رواه أحمد بسند جيد].
ومن العقوبات الشرعية أيضا: أن شارب الخمر مهدد بنزع الإيمان، ورفعه من قلبه؛ ففي الصحيحين قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن".
قال أبو هريرة -رضي الله عنها-: "من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه" -أعوذ بالله من الخذلان-.
ومن العقوبات الشرعية لشارب الخمر: أنه لا تقبل منه صلاة أربعين يوما حتى لو صلى؛ فعن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وابن عباس -رضي الله عنهما-: "منْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّار ".
ومن العقوبات الشرعية: أن شارب الخمر في هذه الدنيا يحرم شربها في الآخرة؛ ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها لم يشربها في الآخرة".
بل الأمر أعظم من ذلك وأدهى: فإن شارب الخمر متوعد بحرمان الجنة؛ فعن أبي الدرداء مرفوعاً: "لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا مكذب بالقدر" [رواه أحمد وغيره].
ومن أعظم ما ورد في حال مدمن الخمر: ما رواه ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مدمن الخمر إذا مات لقي الله كعابد وثن" [أخرجه أحمد وهو حديث صحيح].
وليس معنى الإدمان هنا هو: الذي يكثر من شربها حتى يزول عقله، كلا، بل معنى الإدمان كما ذكر القائل الذي يشربها بلا توبة، أو حتى الذي يشربها قليلا بحيث لا يزول عقله إذا لم يتب منها، فهو مدمن.
ومن العقوبات الشرعية: أن يجلد شارب الخمر؛ فعن أنس -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر -رضي الله عنه- أربعين".
فإن تكرر ذلك منه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه معاوية -رضي الله عنه-: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإذا عاد في الرابعة فاقتلوه".
قال ابن تيمية: "ويقتل شارب الخمر في الرابعة عند الحاجة إلى قتله إذا لم ينته الناس بذلك، أي إذا لم يرتعد الناس بذنبه فعاودا لشرب الخمر واستمروا فيه".
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "هذا القول الذي قاله شيخ الإسلام قول وسط بين من يقول أنه يقتل على كل حال، وبين من يقول أنه لا يقتل مهما تكرر شربه، فقول شيخ الإسلام وسط ولا شك أن قوله مطابق تماما للحكمة الإسلامية الشرعية؛ لأنه إذا تكرر منه الشرب مع أنه يجلد عليه صار من المفسدين في الأرض الذين ينبغي أن تقطع صلتهم بالناس، حتى لا يتأثر المجتمع به، فكانت عقوبته القتل، ولكنه في الآخرة أمره إلى الله -عز وجل-".
أيها الإخوة المؤمنون: هذه بعض العقوبات الشرعية.
أما العقوبات القدرية الكونية؛ فكثيرة جداً، ذلك أن شرب الخمور والمخدرات وما شابهها سبب للإصابة بأنواع من الأسقام والأمراض الصحية والنفسية، وقد أفاض المختصون في بيان تأثير هذه الموبقات على صحة الإنسان، فما من عضو من أعضاء البدن إلا وتطاله آثار شربها وعقوبة تعاطيها.
أما الأمراض النفسية والعصبية، فذاك البحر الذي لا ساحل له، فإن شاربها: يعاني من ألوان الاضطرابات، وأضراب الضيق والضنك، فلا يسكن همه، ولا يذهب غمه؛ إلا بمعاقرة الخمور، ومداومة شربها؛ ظنا منه أنها الدواء الوحيد، فما أن تنقشع عنه السكرة حتى يعود غمه أكثر من ذي قبل.
ولن يكون المسكر دواءً أبدا؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهى عنها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: "إنها ليست بدواء، ولكنها داء".
أما أضرار الخمر الاجتماعية، فلله كم هدمت من بيت، وشتتت من شمل، وأزهقت من نفس، وأفسدت من عقل، ونغصت من عيش، وضيعت من مال، ولله كم بنت من منكر، وقلعت من معروف، كيف لا وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من شربها وقع على أمه وخالته وعمته".
فشؤم معاقرة الخمور والمخدرات وشربها لا يقتصر على شاربها، بل يمتد ذلك إلى أسرته، وأهل بيته ومجتمعه، فمدمن الخمر ومتعاطي المخدرات بليد الإحساس غير مهتم بأولاده أو أهله، ولا هو أهل لتحمل المسؤولية.
ومن أضرار شرب الخمور والمخدرات -يا عباد الله-: إشاعة الفاحشة والجريمة بين المسلمين، وقد يقتل المتعاطي أمه من أجل الحصول على ثمن الجرعة، وقد يبيع عرضه من أجل ذلك، وقد يكذب ويسطو على البيوت، ويسرق ما امتدت إليه يده من أموال الناس، كل ذلك من أجل إدمانه البغيض.
فالمسكر خمر كان أو مخدر؛ مفتاح كل شر؛ كما قال صلى الله عليه وسلم محذراً: "لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر" [رواه ابن ماجة بسند جيد].
فاحذروا -عباد الله- منها ومن أهلها.
اتقوا الله -عز وجل-، أسأل الله -عز وجل- أن يحمينا وإياكم من كل شر.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث والمنكرات، وأصلي وأسلم على نبينا محمد الذي ختم الله به الرسل والنبوات، وعلى آله وأصحابه وسائر المؤمنين والمؤمنات.
أما بعد:
فاتقوا الله -أيها المؤمنون-: وتعاونوا على البر والتقوى؛ كما أمركم الله -تعالى-، فتعاونوا جميعاً صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً، أفراداً وجماعات؛ على مكافحة هذا الداء الفتاك الذي تفشى في المجتمع!.
ويشهد لذلك أن الخمر تنتشر في آخر الزمان الذي هو وقت قرب هلاك الدنيا؛ فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنى"[رواه البخاري ومسلم].
أيها الإخوة: إن أهم وسائل مكافحة هذا البلاء الكبير والداء الخطير: بناء الإيمان وإشاعته، وترسيخ الوازع الديني في النفوس، فإن القلوب إذا لم تكن قد عمرت بالإيمان، فلن يردعها أضرار صحية، ولا أزمات نفسية، ولا مشاكل أسرية، أو اجتماعية، ولا ضائقة مالية، فالنفوس ضعيفة، والشهوات جذابة.
ولذا فإن الله -سبحانه وتعالى- لم يحرم الخمر في بداية دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل حرمها بعد أن استقر الإيمان في قلوب المسلمين، ورسخ وأينع وأثمر، فللشارب مع الخمر عشق حتى أنه كان القائل منهم، يقول:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة *** تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفني بالـفلاة فـإنني *** أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
ولكن الإيمان الصادق الراسخ قد تغلب على العشق الجامح للخمر؛ قال أنس -رضي الله عنه-: "حرمت الخمر ولم يكن للعرب عيش أعجب منها، وما حرم عليهم شيء أشد من الخمر".
ولذلك لم يقلع عنها بعض الصحابة -رضي الله عنهم- إلا عند التصريح بتحريمها مع توالي الآيات التي تزهد فيها، وتنفر منها.
فما أن نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إن الخمر قد حرمت، حتى أهرق الصحابة الشراب، بل وكسروا الكؤوس والقلال، حتى سالت أزقة المدينة بالخمر".
ولما سمعوا قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) [المائدة: 91] توقف الناس عن شربها، وقالوا: "انتهينا ربنا انتهينا".
وقبل أن نعلق على جدراننا وشوارعنا: "لا للمخدرات ولا للخمور" يجب أن نرسخ في قلوبنا: "لا إله إلا الله" يجب أن نرسخ في قلوبنا: "لا إله إلا الله" وأن نصبغ حياتنا بمقتضياتها، وأن نطهر إعلامنا المرئي والمسموع والمقروء من كل ما يزين الخمور والفواحش، وما يدعو إليها، أو يدعو إلى السفر إلى مواطنها، وبغير ذلك فلا نجني إلا العطب، ولن نصيب إلا الخبال.
أيها الإخوة: إن من أهم وسائل مكافحة هذا الداء الفتاك: إظهار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع، ودعم الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، الذين لهم أثر ملموس، ودور رائد، وجهد مشكور، في محاربة أهل الزيغ والفساد، فكم من مصنع خمر قد هدموه، وكم من مروج له قد فضحوه، وكم من تائه ضائع حائر غارق في المعاصي والآثام والذنوب، قد انتشلوه وأنقذوه.
ومن وسائل مكافحة انتشار هذه البلايا: إقامة الحدود وإظهارها، فإن الحدود على اسمها تحد من انتشار الرذائل والآثام، فبها يضعف الشر، وينحسر وينقمع، ويخنس أهل الباطل.
وأخيراً أقول لأولئك الذين استنزلهم الشيطان، فتورطوا في شرب الخمور، أو غيرها من الآثام: البدار البدار، التوبة التوبة، الإقلاع الإقلاع، قبل فوات الأوان، وانصرام الزمان، فقد دعاك مولاك إلى التوبة، فأخبر خير جواب، قال الله -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
إن ما حصل في مكة المكرمة له عمل شنيع، وسفك لدم، فويل لمن أباح لنفسه هذا القتل.
ونسأل الله -تعالى- الرحمة لكل مسلم قتل بغير حق من رجال الأمن، وغيرهم.
نسأل الله أن يحفظ علينا أمننا...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم