خطبة عيد الفطر 1446هـ

الشيخ خالد الكناني

2025-03-31 - 1446/10/02 2025-03-29 - 1446/09/29
التصنيفات: الفطر
عناصر الخطبة
1/يوم فرح وسرور 2/من علامات قبول الأعمال 3/ إصلاح ذات البين وترك التشاحن والتباغض 4/الوصية بالإحسان إلى الأهل والأبناء والجيران 5/صيام ست من شوال 6/وصية للنساء.

اقتباس

من العبادات التي أمرنا الله -تعالى-، أن نتقرّب بها إليه، والتي ينبغي علينا أن نحرص عليها، إصلاح ذات البين وترك التشاحن والتباغض والشقاق، وأن نجاهد أنفسنا في إزالة ذلك، بل نسعى أن نصلح بين المتخاصمين، فإن المؤمنين يربطهم رباط الإيمان...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبعفوه تُغفر الذنوب والسيئات، وبكرمه تُقبَل العطايا والقربات، وبلطفه تُستَر العيوب والزلَّات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبدهُ ورسوُلهُ؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

 الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أمَّا بَعْدُ: أيها المسلمون: إنّ يومكم هذا يوم عظيم وعيد مبارك كريم، يوم فرح وسرور وأُنس وحبور، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ".

 

فلْنفرح اليوم بفطرنا، ونبتهج بإتمام صومنا في شهرنا، والفرح الأكبر حين نرى ما أعده الله -تعالى- لنا جزاء صيامينا، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ"؛ فهنيئًا لكم حين يقول الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين المتقين في الجنة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)[الحاقة: 24].

إصلاح ذات البينله عليه وسلم-، وأن نستمر على الطاعات فإن ذلك من علامات قبول الأعمال.

 

أيها المسلمون: احرصوا على التوحيد وإخلاص العمل لله -تعالى-، وحافظوا على الفرائض والواجبات، وتزودوا من النوافل والقربات، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: ..... وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ؛ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ". فالصلاة الصلاة؛ حافظوا عليها كما كنتم في رمضان إلى أن تلقوا ربكم الرحمن.

 

اللهُ أكبرُ، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: إن من العبادات التي أمرنا الله -تعالى-، أن نتقرّب بها إليه، والتي ينبغي علينا أن نحرص عليها، إصلاح ذات البين وترك التشاحن والتباغض والشقاق، وأن نجاهد أنفسنا في إزالة ذلك، بل نسعى أن نصلح بين المتخاصمين، فإن المؤمنين يربطهم رباط الإيمان؛ قال -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الحجرات: 10]، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)؛ هذا عقد، عقده الله بين المؤمنين.

 

واعلموا أن من ثمرات الإصلاح بين الناس كثيرة، منها ما جاء في الحديث؛ فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟" قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "صَلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ"، والحَالِقَةُ أي: تَحْلِقُ الدِّينَ.

 

فإن على كل متخاصمين أو متشاحنين، في يومنا هذا وفي فرحنا بالعيد، أن يتصالحا وأن يطهرا قلوبهما ونفوسهما من أيّ خصام أو خلاف أو تباغض، راجين من الله المغفرة والعفو والرضوان، فبادروا بالسلام والتحية والصفح والعفو، مستحضرين قول الله -تعالى-: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[النور: 22]، وما جاء في صحيح مسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ".

 

اللهُ أكبرُ، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: برّوا والديكم في حياتهم وبعد مماتهم، وامتثلوا في ذلك أمر ربكم؛ قال -تعالى-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[الإسراء: 23- 24]؛ عاشروا أزواجكم وزوجاتكم بالمعروف وكريم الخلق والبذل والعطاء، قال -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[النساء: 19].

 

أحسنوا إلى أولادكم بالعطف عليهم والتقرب منهم وحسن وجمال تربيتهم، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".

 

أحسنوا إلى جميع إخوانكم المسلمين وإلى الناس كافة بمكارم الأخلاق وحسن المعاملة قولاً وعملاً، قال -تعالى-: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)[البقرة: 83]، وقال -تعالى-: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)[الإسراء: 53].

 

اللهُ أكبرُ، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

اللهُ أكبرُ، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أمَّا بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى- حق التقوى، وبادروا بقضاء ما عليكم من الصيام فمن أفطر في رمضان بعذر، فإنه يقضي ذلك متى ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وعدم التكاسل في ذلك أو التهاون به؛ فإن الواحد منا لا يدري متى يحين أجله، وكذلك تزودوا من نوافل الصيام ومن ذلك صيام ست من شوال؛ فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ".

 

أيها المؤمنات الصالحات القانتات: اتقين الله -تعالى-، وحافظن على أوامر الله -تعالى-، وتمسكن بكتاب ربكم وسنة نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقمن بما يجب عليكن لأزواجكم وأهلكم وتربية أولادكم على الدين والأخلاق.

 

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ".

 

اللهُ أكبرُ، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

اللهم تقبل منا الصيام والقيام، وارزقنا حسن التمامِ والختام.

 

اللهم اغفر زلاتنا وأقل عثراتنا واستر عيوبنا وأصلح ذرياتنا وزوجاتنا واشف مرضانا وارحم موتانا، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمَها وخيرَ أيامِنا يوم نلقاك.

 

اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا وعافيتنا وأرزاقنا، وانصر جنودنا، ووفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحبه وترضاه يا رب العالمين.

 

هذا، وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم ربكم في التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

المرفقات

خطبة عيد الفطر 1446هـ.doc

خطبة عيد الفطر 1446هـ.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات