خطبة عيد الفطر 1446هـ - الفرحة بالعيد رغم آلام أهل فلسطين

يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

Not Rated
2025-03-31 - 1446/10/02 2025-04-06 - 1446/10/08
التصنيفات: الفطر
عناصر الخطبة
1/الاستبشار بالعيد لتفريج كرب أهل فلسطين 2/بعض الحِكَم من الأعياد 3/الحث على المودة والإخاء وصلة الرحم 4/الوصية بلزوم الطاعة والمداومة عليها 5/رسالة مواساة لكل مبتلى ومحزون في يوم العيد

اقتباس

عبادَ اللهِ: العيد أن تصل مَنْ قطعَكَ، وتُعطي مَنْ حرَمَكَ، وتعفوَ عمَّن ظلَمَكَ، وتسل السخيمة من قلبك، وتخرج البغضاء من روحك، العيد -يا عباد الله- أن تعود إلى جيرانك بالصفاء والمحبة والبسمة، وتُدخِل الطمأنينةَ في قلوب المسلمين، العيد ألا يخافك مسلمٌ...

الخطبة الأولى:

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله العظيم وبحمده بكرةً وأصيلًا، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر شعار المسلمين، وبركة الموحدين، ونداء المؤمنين، الله أكبر، ما تواجد المسلمون في مسجدهم، وفي مقدساتهم، مهللين ومسبحين، الله أكبر ما اتحد واجتمع المسلمون وقالوا كلمتهم، وابتعَدوا عن الفُرْقة والخصام والشجار والخلاف، الله أكبر ما صبر أَسْرَانا في سجون الظالمين، وتوكلوا على رب العالمين، وعادوا إلينا سالمين، الله أكبر كلما ارتقى شهداؤنا إلى ساحة الرحمن، ونالوا الرضا والرضوان، في جوار الرحيم الرحمن، الله أكبر ما سحَّت الأنواءُ وأشرق الضياء، وطلعت ذُكاءُ، وعلت على الأرض السماءُ، الله أكبر ما همع سحاب ولمع سراب، وأنجح طلاب، وسر قادم بإياب، الله أكبر ما نجم نبت وأزهر، وأينع غصن وأثمر، وطلع فجر وأسفر، وأضاء هلال وأقمر.

 

الله أكبر على المتقاعسين الذين خذلوا المسلمين، الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

سبحان الله الذي جلَّ عن الأشباه والنظير، وعجَز عن تكييف ذاته الفكرُ والضميرُ، لا تُدركه الأبصارُ وهو يُدرك الأبصارَ، وهو اللطيف الخبير، الحمد لله ناصر أوليائه، وخاذل أعدائه، الذي لا يخلو من علمه مكان، ولا يشغله شأن عن شان، نحمده على تزايد نعمه، ونسأله المزيد من فضله وكرمه، اللهمَّ إنَّا هذا يوم من أيامك، اجعل الأمن والأمان فيه لنا، ولأهلنا، في سائر المدن الفلسطينية، واحقن دماء المسلمين في كل مكان يا ربَّ العالمينَ.

 

ونشهد ألَّا إلهَ إلا الله، شهادة نجعلها لنفوسنا الوقاء، ونتخذها ذخرًا ليوم اللقاء، ونشهد أن سيدنا ونبينا، محمدًا عبده ورسوله، بعثه والكفر ممتد الرواق، فقد ضرب بجرانه في الآفاق، فشمر عن ساق، وقوم أهل الزيغ والنفاق، صلى الله عليه، وعلى آله الأخيار، وأهل بيته الأطياب، وسلَّم سلامًا طيِّبًا مباركًا يا ربَّ العالمينَ.

 

أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: أنتم اليوم في يومٍ من أيام الله المباركة، في يوم الجائزة والعطاء، لمن صلى وقام وأمسك لسانه عن عورات المسلمين، لقد أمركم الله بالصيام فصمتُم، وبالقيام فقمتُم، وبالدعاء فدعوتُم، وبالعطاء فآتيتُم، كونوا عند حُسن الظن بكم، فأنتم -يا أهل بَيْت الْمَقدسِ- أصحاب عزيمة وقوة وبأس، إيَّاكُم وارتكاب المعاصي والآثام؛ (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)[النَّحْلِ: 92]، وتذكروا دائمًا أنكم أهل الأرض، وأهل هذا المسجد المبارَك، إيَّاكُم ثم إيَّاكُم وخطى الشيطان، إيَّاكُم والاستماع لمن يحبط العزائم والهمم؛ (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[لُقْمَانَ: 33].

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

عبادَ اللهِ: وقد شرع اللهُ الأعيادَ تذكارًا للمعاد، فمن خاف الله أمن، ومن اجترح السيئات حزن، فيا أيها الغافل: لا تفرح بعيد أنت منه على وعيد، ما يفرح بالأعياد والفصول إلا من بنى توبته على الأصول، ووزن نفسه بميزان الشرع، فيما يفعل ويقول، فالحذرَ الحذرَ يا عباد الله من المعاصي، فكم سلبت من نعم، وكم جلبت من نقم، وكم خربت من ديار، وكم محت من آثار، والحمد لله دائمًا وأبدًا، على تقديره وقدره، نحن أمة لا نعرف اليأس والقنوط، مهما طبَّل المُطَبِّلُونَ، وزخرَف المزخرِفون من أصحاب الأهواء، والذين هم أصل الداء والبلاء والوباء، نحن أمة ديننا الإسلام، ومنهجنا منهج نبينا -عليه الصلاة والسلام-، نقدم أنفسنا ابتغاء مرضاة ربنا.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

عبادَ اللهِ: العيد أن تصل مَنْ قطعَكَ، وتُعطي مَنْ حرَمَكَ، وتعفوَ عمَّن ظلَمَكَ، وتسل السخيمة من قلبك، وتخرج البغضاء من روحك، العيد -يا عباد الله- أن تعود إلى جيرانك بالصفاء والمحبة والبسمة، وتُدخِل الطمأنينةَ في قلوب المسلمين، العيد ألا يخافك مسلمٌ، العيد أن تمسح دمعة اليتيم، وتساعد الفقير والمحتاج، وتعامل الناس معاملة حسنة.

 

فيا عبادَ اللهِ: إيَّاكُم والإسراف والتبذير، والإنفاق في المحرمات والشهوات، أنفقوا في المبرات والخيرات والأعمال الصالحات، مرَّ أحدُ الصالحينَ على شباب وهم يلعبون يوم العيد، فقال: "يا هؤلاء، إن كان عملكم قد قبل، فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يقبل فما هذا فعل المحزونين"، فالعيد أيها المؤمنون ليس لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعته تزيد، ليس العيد لمن تجمل باللباس والرقوع، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب.

 

عبادَ اللهِ: من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، ومن كان عليه قضاء فيبدأ بالقضاء ثم يشرع بعد ذلك بالست من شوال.

 

اللهمَّ يسر أمورنا، واختم بالصالحات أعمالنا، وبلغنا مما يرضيك آمالنا، قولوا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي جعل للمسلمين عيدًا يعود عليهم ويتكرر، نقَّاهم به من درن الذنوب وطهر، وجعَل أيامَه أيامَ فرحة وسرور، وبهجة وحبور، وشُكر للعزيز الغفور، ونشهد ألَّا إلهَ إلا الله، صاحب الضياء والنور، ونشهد أن سيدنا ومولانا محمدًا، عبده ورسوله، النبي الوقور صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، إلى يوم النفخ بالصور.

 

أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: اتقوا الله حق تقاته، وارغبوا في ثوابه، واحذروا من عقابه، فقد تسمعون ما يُتلى عليكم في كتابه؛ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)[الْإِسْرَاءِ: 71]، فالحذرَ الحذرَ، فكأنْ قد أفضَتْ بكم الدنيا إلى الآخرة، وقد بان أشراطها، ولاح صراطها، ومناقشة حسابها، والعرض على كتابها؛ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزَّلْزَلَةِ: 7-8]، اركبوا سفينة نجاتكم قبل أن تغرقوا، واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا، وأنيبوا إليه خير الإنابة، وأجيبوا داعي الله على باب الإجابة، قبل (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ)[الزُّمَرِ: 56]، فيقنطوا من الغفلة والفترة، قبل الندامة والحسرة، وتمني الكرة، والتماس الخلاص، ولات حين مناص.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

عبادَ اللهِ: من شأن العيد أن يكون يومَ فرح وسرور، ولكننا وللأسف تأتي علينا الأعياد ونحن نحاول أن نفرح، فإذا نظرنا إلى أحوال المسلمين تقطَّعت أكبادُنا، ودُمي فؤادُنا حسرةً على ما وصَلْنا إليه، فالأرواح تُزهَق في كل مكان من أرضنا المبارَكة، هنا في هذه الأرض الطيبة، عم وانتشر الظلم والفساد، الهدم والتشريد والهلاك، لقد طمع فينا الناس، وتجرأ علينا الآخرون، حتى أطفالنا يعانون الأسى والحزن ويصابون بالهلع والفزع، فلا نصير إلا الله، ولا معين سواه، انظروا في هذه الأرض المبارَكة التي في هذا البلد الطيب سكانه سلبت، وأطلاله خربت، مصيبة طال بلواها وقد عظمت، فالطفل من هولها شابت نواصيه، والنار تضرم في أعلى نواحيه، قد مكن الله أيدي الآخَرين في بلدنا، والذي شيده أهل العلم والمعرفة في بلادنا، الفجاج مغبرة، والأرض مقشعرة، والمبرك معتلّ، وذو العيال مختلّ، أيامنا صعبة، مزقت الرجال، وأهلكت العيال، فاللهَ اللهَ -يا عبادَ اللهِ-، الاعتبارَ الاعتبارَ، وأنتم السعداء إذا وعظتم بالاعتبار، أصلحوا ما فسد، فإن الفساد مقدمة الهلاك والدمار، واسلكوا طريق النجاة تنجو من العار ومن النار.

 

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يمدنا بأسباب عطائه، ويُوزِعُنَا شكر نعمه ومننه، فإن النعم تستثمر بشكره.

يا قلبُ صبرًا عسى أجرٌ تحصله *** فقد مضى ما مضى لا حيلةَ فِيهِ

أشكو لربي على الأحوال أجمعها *** إن كان هذا الذي قد تم يُرضِيهِ

 

أيها المسلمون: رَمَتْنَا صروف الدهر بأمور، فما أحد منا سالم، لا من غلاء ولا غدر ولا قتل ولا غم ولا بلاء، أعاذنا الله وإيَّاكم من الردى، واستعمَلَنا وإيَّاكم بأعمال أهل التقى.

مَنْ سرَّه العيدُ فما سرني *** بل زاد في همي وأشجاني

لأنَّه ذكَّرَني ما مضى *** مِنْ عهد أحبابي وإخواني

 

اللهمَّ يسر أمورنا، واختم بالصالحات أعمالنا، وبلِّغْنا ممَّا يُرضِيكَ آمالَنا، وارحم أهلَنا وأطفالَنا في غزَّة يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ يسر أمورنا، اللهمَّ إنَّا نتوجه إليك من هذه الرحاب الطاهرة أن تُصلِحَنا وأن تُصلِح لنا في ذرياتنا، وأَعِنَّا على شُكرك وحُسْن عبادتِكَ، وأوزِعْنَا أن نشكرَ نعمتَكَ التي أنعمتَ علينا، ووفَّقْتَنا لَمَّا أَهَّلْتَنا، واحفظنا فيما استرعيتنا، ولا تخلنا من خفايا لطفك التي عودتنا يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهمَّ تقبَّلْ شهداءنا، واشفِ جرحانا، وأطلِقْ سراحَ أَسرَانا، واحفظ لنا هذا المسجدَ يا اللهُ يا كريمُ، ارحم أهلَنا في كل مكان، وانشر عليهم رحمتَكَ وسكينتَكَ.

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

المرفقات

خطبة عيد الفطر 1446هـ - الفرحة بالعيد رغم آلام أهل فلسطين.doc

خطبة عيد الفطر 1446هـ - الفرحة بالعيد رغم آلام أهل فلسطين.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات