خطبة عيد الفطر السعيد 1445هـ

الحسين أشقرا

2024-04-10 - 1445/10/01 2024-04-03 - 1445/09/24
التصنيفات: التربية الفطر
عناصر الخطبة
1/فرحة العيد 2/نصائح عامة

اقتباس

إنكم في يوم عيد تمتلئ فيه القلوب فرحا وسرورا، وتزدان الأرض فيه بهجة وحبورا. إن يوم عيد الفطر، يوم عظيم وكريم، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

عنوان الخطبة: معنى الفرح بالعيد، وإسداء النصح للعبيد.

 

الحمد لله الغني الحميد، جواد كريم فعال لما يريد، يعطي الشاكرين من فضله ويزيد، شرع لعباده الفرح والسرور يوم العيد، ونشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين، وعلى من سار على هداهم إلى يوم الدين، ثم أما بعد:

 

أيهما المسلمون والمسلمات: ها أنتم اليوم تعيشون فرحة العيد السعيد، يوم فطركم تعبدا بالطيب من الرزق اللذيذ، يوم توزيع جوائز البر والإكرام على الذين صاموا وقاموا في أبرك الليالي والأيام، تحقيقا لوعد سيد النام عليه أفضل الصلاة وازكى السلام، الذي يقول: “للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه”؛ ففرحتنا اليوم هي الفرحة الأولى، ونسأل الله تعالى أن لا يحرمنا من الثانية عند لقاءه...

 

عباد الله: إنكم في يوم عيد تمتلئ فيه القلوب فرحا وسرورا، وتزدان الأرض فيه بهجة وحبورا. إن يوم عيد الفطر، يوم عظيم وكريم، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعظمه ويظهر فيه الفرح والسرور؛ ليكون قدوة بذلك على مر العصور.

 

أحل الله لنا الفطر في هذا اليوم، وحرم علينا فيه الصيام، وبعده نعود لبيوتنا وقد خرجنا من ذنوبنا مغفور لنا كيوم ولدتنا أمهاتنا.

 

الله أكبر...ولله الحمد.

 

أيها المؤمنون والمؤمنات: لا تصاحبوا من لا ينهضكم حاله، ولا يدلكم على الله مقاله، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)؛ إذ لا خير في الفرقة والتنازع.

 

وقد فطن المهلب لخطر التفرقة، فلما أشرف على الوفاة، استدعى أبناءه السبعة، ثم أمرهم بإحضار رماحهم مجتمعة، وطلب منهم أن يكسروها، فلم يقدر أحد منهم على كسرها مجتمعة، فقال لهم: فرقوها، وليتناول كل واحد رمحه ويكسره، فكسروها دون عناء كبير، فقال لهم: اعلموا أن مثلكم مثل هذه الرماح؛ فما دمتم مجتمعين ومؤتلفين يقوي بعضكم بعضا، لا ينال منكم اعداؤكم غرضا، اما اذا اختلفتم وتفرقتم، فانه يضعف أمركم، ويتمكن منكم أعداؤكم، و يصيبكم ما أصاب الرماح ثم أنشد:

 كونوا جميعا يا بني إذا اعترى *** خطب، ولا تتفرقوا آحادا

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت أفرادا

 

واجتهدوا في الحرص على مداومة الأعمال الصالحة، وحافظوا على صلواتكم؛ فإنها سر فلاحكم وأمروا أولادكم بأدائها، وأدوا زكاة أموالكم واجتنبوا جميع صور أكل الأموال بالباطل، وإياكم وعقوق الوالدين فإنه معجل للعقوبة، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).

 

وإياكم والظلم بجميع أشكاله، فقد حرمه الله على نفسه وجعله ظلمات يوم القيامة، واتقوا دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب، وغضوا أبصاركم، فإن النظر المحظور سهم من سهام إبليس. (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا).

 

الله أكبر... ولله الحمد.

 

ساهموا في السلم الاجتماعي واحذروا الإشاعات والأخبار الكاذبة والزائفة، خاصة ما يصلكم عبر الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها؛ لأنها تتسبب في فقدان الثقة والاضطراب بين الأفراد والجماعات، وفي الحديث: “عليكم بالصِّدقِ فإنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البرِّ وإنَّ البرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ وما يزالُ الرَّجلُ يصدقُ، ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللهِ صدِّيقًا وإيَّاكم والكذبَ فإنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفجورِ، وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ، وما يزالُ العبدُ يَكذبُ ويتحرَّى الكذبَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللهِ كذَّابًا”.

 

واجتهدوا في تربية أولادكم بالرفق والقدوة والحكمة واعلموا أنهم خلقوا لزمان غير زمانكم فلا تلزموهم بما ينفرهم ويبعدهم عنكم...وليكف أقوام من منع الأولاد من ارتياد المساجد ودفعهم إلى الشوارع والأزقة بقولهم " سيروا تلعبوا في الزنقة " وهم يعلمون ويدركون عاقبة ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه”.

 

الله أكبر... ولله الحمد

 

عباد الله: يقول الرسول الكريم: “كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى”.

 

فاسمعوا وأطيعوا من بعثه الله رحمة للعالمين تسعدوا، وانشروا الود والمحبة والصفاء، وتراحموا بينكم بالوئام والوفاء، وقد طلكم على طريق ذلك المصطفى فقال: “والَّذي نفسي بيدِه لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا أولا أدلُّكم علَى شيءٍ إذا فعلتُموهُ تحاببتُم أفشوا السَّلامَ بينَكم”.

 

وقوموا بحقوق الجيران، وأحسنوا معاملتهم، وصلوا أرحامكم، وبروا آباءكم تبركم أبناءكم...وأتموا فرحة العيد بإدخال السرور إلى بيوتكم وبيوت أهاليكم. ففي الحديث: “من أفضلِ الأعمالِ إدخالُ السرورِ على المؤمنِ، تَقْضِي عنه دَيْنًا، تقضي له حاجةً، تُنفِّسُ له كُربة” ومن كان في قلبه خير، أتاه الله خيرا.

 

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة سيد المرسلين. ويغفر الله لي ولكم ولمن قال آمين.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الله أكبر... ولله الحمد.

 

الحمد لله الذي بلغنا هذا المقام، ويسر لنا إتمام الصيام والقيام، وهدانا للإسلام بين الأنام، وتفضل علينا بالخير والإنعام، ونشهد ان لا إله إلا الله ذو الجلال والإكرام، ونشهد أن سيدنا محمدا بلغ الرسالة وأدى الأمانة بالكمال والتمام، عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام، وعلى الال والأصحاب والتابعين على الدوام.

 

عباد الله: تذكروا وأنتم في يوم العيد السعيد ما أسبغ الله عليكم من نعمه الظاهرة والباطنة، وما أنزل عليكم من الرحمة والسكينة والعافية والطمأنينة... وشاهدوا وانظروا ما تعيشه كثير من الأمم في هذا الزمان بعد إعراض بني الإنسان عن آيات الرحمان، من ضنك في المعيشة ومصائب وبلايا ونقم؛ فالناس خائفون وأنتم آمنون، والناس جياع وأنتم تطعمون، غيركم مشردون وأنتم سالمون.. والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وإذا رأيتم في قابل الأيام خللا وضررا أو فسادا في الأرض منتشرا، فاعلموا أن سبب ذلك ما كسبت أيديكم...ومن يكن في نعمة ولم يحافظ عليها زالت، ومن شكر المنعم عليها زادت.

 

الله أكبر... ولله الحمد.

 

عباد الله: إذا كنتم تنعمون بفرحة العيد، فإن هناك فئام من الناس قد حرموا منها؛ فكيف يفرح بالعيد من عزم على ترك الصلاة بعد رمضان؟! وكيف يفرح بالعيد قاطع الرحم ولأقاربه وإخوانه مخاصم؟! وكيف يفرح بالعيد من يتعاطى المحرمات أو يتاجر بها أو يبيع للناس سلعا مغشوشة؟! كيف يفرح بالعيد من يعطل ويماطل الناس في خدماتهم أو حقوقهم ويعطل مصالحهم إلا بعد رشوة أو وساطة؟! كيف يشارك المسلمين فرحة عيدهم من يتعرض للآمنين في بيوتهم أو يعترض طريقهم ليغتصب أو يسرق متاعهم وأموالهم؟! كيف يسعد بالعيد من ضيق على عياله وبخل على أسرته لينفق ماله في ميادين اللهو مع رفقاء السوء؟! وكيف تفرح بالعيد زوجة تنغص على زوجها الحياة بالتمرد عليه، وتكليفه ما لا يطاق؟!...

 

فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أن كل ذي نعمة محسود فردا كان أو جماعة أو وطنا؛ فاحرصوا على ما أنيط بكم من الأمانات، وتواصوا بينكم بالحق وتواصوا بالصبر، وأخلصوا النصح لولاة أموركم، ولا تكونوا سببا لما يضر ولا يسر، واعلموا أن الدنيا مزرعة وممر للآخرة؛ فانظروا ماذا قدمتم وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

 

تقبل الله منا ومنكم، وعيدكم مبارك سعيد...

 

المرفقات

خطبة عيد الفطر السعيد 1445هـ.doc

خطبة عيد الفطر السعيد 1445هـ.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات