خطبة عيد الأضحى لعام 1430هـ

حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/عظم يوم النحر 2/ الأضحية وأحكامها 3/ تحديات خطيرة تواجه أمتنا 4/ الأزمة المالية وتداعياتها الخطيرة 5/ الاعتداء على حدود بلاد الحرمين 6/ وصية لأهل الإعلام 7/ عيدان للمسلمين في يومٍ واحد .

اقتباس

دولةُ الحرمين دولةٌ قامت على التوحيد وتحكيم الوحيين، خصها المنان بخدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن، وخدمة المسلمين في أصقاع الأرض بأعمال جليلة ووقفات خيِّرة يشهدها كلُّ أحد، ولكن هذه الدولة -كما جرت سنة الله في خلقه- عانت ولا زالت تعاني من أعداء يبثون أصنافاً من الهجمات الشرسة والدعايات الكاذبة والشائعات المغرضة ..

 

 

 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فاطر الأرض والسماوات.. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أفضل المخلوقات، اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه، وعلى آله وأصحابه إلى يوم الممات.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

إخوة الإسلام: يوم النحر هو يوم الحج الأكبر، يوم عظيم على الله -جل وعلا- كبيرٌ قدره وجليل فضله.. (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) [الفجر: 1- 3].. صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر".

إنه يوم التوحيد والوحدة والتضحية بأدق معانيها وأشمل صورها؛ فليكن منطلقاً لنا إلى كل أمل سديد وفعل جميل؛ ليكن نقطة تحول في حياتنا إلى تحقيق التوحيد لرب العالمين، والوحدة بين المؤمنين والتضحية لهذا الدين.. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

معاشر المسلمون: الأضحية سنة مؤكدة في حق المسلم المستطيع.. صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرفوعاً: "من كان له سعة ولم يضحِّ فلا يقربنَّ مصلانا"، الأضحية شعيرة عظيمٌ فضلُها، كبيرٌ ثوابها..(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32]، (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ) [الحج: 36]، أي لكم فيها منافعُ في الدنيا وثوابٌ في الآخرة، والسنة قد صحَّت بأن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، ولا حرج أن يشرك في ثوابها من شاء من أقاربه الأموات أو الأحياء، ومثل ذلك سبع البدنة أو البقرة يُشرك في ثوابها من شاء، ولكن لا يجزئ الشرك في السبع، بمعنى أن يشترك اثنان بماليهما في سبع بدنة ليضحيا به..

ومن الخطأ أيها المسلم أن تضحي عن قريبك الميت وتترك الأضحية عن نفسك وأهلك، وأما من كان عنده وصايا فيها ضحايا وجب عليه تنفيذها كما في وصية الموصي، ولا يجزئ في الأضحية إلا ما توفر فيه ثلاثة شروط:
* أن تكون من الإبل أو البقر أو الغنم.
* وأن يكتمل في الإبل خمس سنين، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة، وفي الضأن نصفها.
* وسلامتها من العيوب فلا تجزئ العوراء البينُ عورها -وهي ما نتأت عينها أو انخسفت- ولا تجزئ العرجاء البين ضلعها، ولا المريضة التي يظهر أثره في بدنها أو في فساد لحمها، ولا تجزئ العجفاء وهي الهزيلة الضعيفة التي لا مخ فيها.

ويلحق بهذه العيوب ما هو مثلها أو أشد كالعمياء والزمناء التي لا تستطيع المشي إطلاقاً، ومقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين أو الألية، ووقت الأضحية المعتبر من بعد صلاة العيد والأفضل من بعد انتهاء الخطبة، كما صح ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومدة الذبح يوم العيد وثلاثة بعده ولا بأس بالذبح ليلاً، والسنة في الأضحية الأكل والتصدق والإهداء، ولا يجوز للمضحي أن يعطي الجازر أجرته منها، وإن أهدى له فلا بأس، وكذا لا يجوز له أن يبيع شيئا منها، قال علي -رضي الله عنه-: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بُدنه وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها وألا أعطي الجازر منها شيئا، وقال نحن نعطيه من عندنا" رواه الجماعة إلا الترمذي .. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إخوة الإيمان: تواجه أمتنا الإسلاميةَ تحدياتٌ خطيرةٌ من تكالب الأعداء وتفرق الكلمة وضعف القوة وتلون أسباب الفساد؛ ألا فلا طريقَ للخلاص من هذه المحن ومن هذه الفتن، ولا نجاة من ذلك إلا بتحكيم الإسلام في كل شأن، والوقوف عند حدود الرحمن، وتطبيق القرآن وسنة ولد عدنانَ -عليه أفضل الصلاة والسلام-: (.. فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) [طه: 123]، ونبينا-صلى الله عليه وسلم- يقول في ( خطبة الوداع ): "تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به كتاب الله" أخرجه مسلم، وفي رواية: "إني تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي" أخرجه الحاكم، ولهذا أشد ما يحذره الأعداء هو تمسك الأمة بكتاب العزيز الجبار.. يقول أحدهم:"ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين، فلن تستطيع قوانا على الشرق".. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

معاشر المسلمين: ما أعظم ما يقع على المسلمين من فتن وشرور؛ بسبب تفرق الكلمة وخرق وحدة الصف الإسلامي، وركوب موجات القوميات الغربية والأحزاب الفكرية، والمشارب المتعددة والتعصبات العرقية، والله -جل وعلا- يقول: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ..) [الأنفال: 46]، ويذكِّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمته بمبدأ الوحدة والاجتماع على هذا الدين، فيقول في ( خطبة الوداع ): "إن ربكم واحد وأباكم واحد كلكم لآدم، أكرمكم عند الله أتقاكم" أخرجه أحمد بسند صحيح.

ألا وإن أعظم أسباب الفرقة وأخطر أبواب الشر الخروجُ على ولاة أمور المسلمين ومنابذتهم..(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء: 59].. يقول -صلى الله عليه وسلم-: "من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعةٌ مات مِيتةً جاهلية" أخرجه مسلم؛ فواجبٌ على الحكام تقوى الله وطاعته، وتحكيم شرعه والعمل بالإسلام في الرعية، وواجبٌ على الرعية الطاعةُ في المعروف والحرص على جمع الصف ووحدة الكلمة، والمحافظة على صيانة البَيْضة.

وواجب على الجميع التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر عليه.. قال القرطبي: " قيل: كل بلد يكون فيها أمور فأهلها معصومون من البلا، إمامٌ عادل لا يظلم، وعالم على سبيل الهدى، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحرصون على طلب العلم والقرآن، ونساء مستورات لا يتبرجن تبرُّجَ الجاهلية الأولى "..انتهى ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أمة الإسلام: طالعتنا قبل فترة وجيزة تقاريرُ عالمية تتضمن سريان الفساد العالمي في الأموال العامة، موضحةً تلك الدراسات شرورَ هذا الفساد على الدول والمجتمعات.

ألا وإن الإسلام قد كفل الإصلاح، وعالج الخلل منذ بزوغ فجره وسطوع نوره..(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ..) [البقرة: 188].. لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي كما في الحديث الصحيح، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النارُ يوم القيامة" رواه البخاري.. قال العلماء: "وهذا يخص بالأولى ما يتعلق بالأموال العامة".

ونبينا -صلى الله عليه وسلم- يعطي قاعدة الأمان المالي فيقول: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" حديث رواه أبو داود بسند صحيح، وفي الحديث الآخر المتفق عليه يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر هل يُهْدى إليه أم لا؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله -تعالى- يحمله يوم القيامة".. الحديث.

إخوة الإسلام: والعالم يعاني من الأزمة المالية وتداعياتها الخطيرة يجب أن نتذكر في مثل هذا اليوم تلك الخطبة التوديعية والوصية العظيمة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي من تمسك بها وُقِي من مثل هذه المخاطر التي جرها الربا والتعامل به، إنها وصية لصيانة الاقتصاد من الهلاك والدمار، وحماية المجتمعات من الشرور والأضرار.. يقول -صلى الله عليه وسلم- في ( خطبة الوداع ): "وإن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدأ به ربا العباس بن عبد المطلب" أخرجه مسلم.

أمة الإسلام: دولةُ الحرمين دولةٌ قامت على التوحيد وتحكيم الوحيين، خصها المنان بخدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن، وخدمة المسلمين في أصقاع الأرض بأعمال جليلة ووقفات خيِّرة يشهدها كلُّ أحد، ولكن هذه الدولة -كما جرت سنة الله في خلقه- عانت ولا زالت تعاني من أعداء يبثون أصنافاً من الهجمات الشرسة والدعايات الكاذبة والشائعات المغرضة، ولكن سفينة الخير تسير بإذن الله آمنةً مطمئنة، وستظل -بحول الله وقوته- هذه البلاد عزيزة شامخة تحكم بالقرآن وتُقاد بسنة سيد ولد عدنان -عليه أفضل الصلاة والسلام-.

حفظها الله من كل سوء، وصانها من كل مكروه وجميع بلاد المسلمين، ورد كيد الأعداء وأحبط عملهم؛ إنه عزيز حكيم.

أمة الإسلام: في الشهر الحرام والناس متوجهون لأداء الحج، وفي وقت عصيب يعيش فيه المسلمون مصائبَ شتى ونكباتٍ لا تحصى؛ في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين.. في مثل هذه الحال يفاجأ العالم الإسلامي بمصيبة كبرى، ألا وهي الاعتداء على حدود بلاد الحرمين، ومحاولة الإفساد في أراضيها والمساس بأمنها.. الله أكبر كيف يتوجه السلاح على أرض هي مَعْقِل الإسلام؟! كيف تحارب بلدة هي القائمة بخدمة ضيوف الرحمن؟! الله أكبر كيف يُعْتدى على بلدة اتخذت من منهج الوحيين نبراساً وضياء ودستوراً وحكماً؟!

إن هذا الاعتداء لمنكر عظيم وجرم جسيم.. أين المعتدون من تحريم الله -جل وعلا- التطاولَ على المسلمين الآمنين؟! (..وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [المائدة: 87]، أين هم من عصمة الدماء المسلمة؟ وربنا -جل وعلا- يقول: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء: 93]، أين هؤلاء من قول الله -جل وعلا-: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) [البقرة: 205]؟ وما موقفهم أمام الله -جل وعلا- وقد حذرهم رسولهم -صلى الله عليه وسلم- في ( خطبة الوداع ) فقال: "إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا " إلى أن قال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".

إن المسئولية الشرعية تُلقي على العالم الإسلامي الوقوفَ بجانب هذه البلاد، والوقوف ضد المعتدين الظالمين (..فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ..) [الحجرات: 9]، وواجبٌ على أهل هذه البلاد ككلٍّ الحفاظُ على أمنها، والوقوف مع قادتهم بكل ممكن، والإكثار من الدعاء بأن يحفظ الله هذه البلاد وأمنها، وأن يرد كيد الأعداء والحاقدين، وكلٌّ منا على ثغر من الثغور واجبُه العملُ بما يرضي الله -جل وعلا- من حفظ البلاد وأمنها..

يا رجال الأمن بقطاعاته المتعددة أنتم -بعد الله- حماة التوحيد وأهله، والمدافعون عن الإسلام وبلاده؛ فأنتم على أجر عظيم وفضل كبير.. قال -صلى الله عليه وسلم-: "رباطُ يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها" متفق عليه..حفظكم الله وحرسكم وشدَّ من أزركم ونصركم، إنه قوي عزيز.. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إخوة الإسلام: ونحن في عيد عظيم يجتمع فيه المسلمون من كل أصقاع الأرض في المشاعر المطهرة لا ننسى قضايا الأمة الإسلامية المظلومة؛ فالأقصى في الأسر وأهلنا في غزة يعانون من الحصار، وإخواننا في أفغانستان مسَّهم الضرُّ، وأحبابنا في العراق يلاقون المصائب والشر.. أوضاع تعاني منها أمة الإسلام لا يستسيغها العقلاء، ولا يقبلها الشرفاء فإلى الله المشتكى.

لمثل هذا يذوب القلب من كمد *** إن كان في القلب إسلام وإيمان

ألا ولا منقذ من هذه الشرور إلا بالفرار إلى الله -جل وعلا-؛ ففرو إلى الله، ولا نجاة من تلك الأضرار إلا بنصر دين الله قلباً وقالباً..( إن تنصروا الله ينصرْكم )، ولا مفر من هذه النكبات إلا بالاجتماع على هدي القائد الأعظم محمدٍ -عليه أفضل الصلاة والسلام- والابتعاد عن الحزبيات القذرة والمصالح الشخصية المنتنة، فكفى بها ضياعاً لمصالح الأمة (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139]، فالويل ثم الويل لمن تحمل المسئولية ولم يرعها حقَّ رعايتها، والخزي والعار لمن كان سبباً في تمزيق أمته وضياع كلمتها وإضعاف قوتها.. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله إمام الأنبياء والمرسلين.. اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه، وعلى آلهِ وأصحابه أجمعين.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: واجبٌ على من أنعم الله عليه بالانضواء تحت لواء علم الشريعة أن يعظِّم الله حقَّ تعظيمه، وأن يحرص على أن يكون مفتاحاً للخيرات مغلاقاً للشرور والويلات.

ألا وإن أعظم ضرر على دين الإسلام تلك الفَتاوى التي تخرج لا من علم رصين ولا تحقيق مبين؛ فكم طالعتنا وسائلُ الإعلام بما يندى له الجبين ويحزن له الغيور الأمين.. ألا فليتذكرْ طلاب العلم وقوفهم بين يدي الله -جل وعلا- وليخشوا أن يكونوا ممن عناهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعاً من صدور العباد، ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسُئِلوا فأفتوا بغير علم، فضلُّوا وأضلوا" متفق عليه، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ومن أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه"، وصح عنه -أيضا-: "أشدُّ ما أتخوف على أمتي ثلاثٌ، وذكر منها: زلة عالم".

دخل مالك على شيخه ربيعة فوجده يبكي، فقال له:" ما يبكيك ؟ " وارتاع لبكائه، فقال له:" أمصيبة دخلت عليك ؟ فقال: لا، ولكن استفتي من لا علم عنده وظهر في الإسلام أمر عظيم ".. قال ربيعة:" وبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق" فكيف بربيعة إذا رأى زمننا هذا؟!.. الله أكبر فكيف بمثل هذا الزمن الذي تَسارع فيه أقوامٌ إلى الفُتيا في عظائم المسائل، وتهافت الآخرون على معضلات النوازل وهم لم يبلغوا درجة الاجتهاد الجزئي.. فضلاً عن الاجتهاد المطلق، وإنما يتناوشون المسائل من مكان بعيد.

يا أهل الإعلام: تذكروا موقفكم بين يدي العزيز الجبار، وليخشَ أقوام ما تخطُّه أقلامهم من جدال في ثوابتَ إسلامية ومقررات دينية بشُبَهٍ واهية وعوارضَ ساقطة؛ فالقلم أمانةٌ عظيمة يفنى صاحبه، ويبقى على مدى الدهر ما سطره قلمه.

ورحم الله سلف هذه الأمة الذين يذكرنا بموقفهم عطاء، فيقول:" أدركتُ أقواماً كان أحدهم ليسأل عن الشيء فيتكلم، وإنه ليرعد "، وقال سفيان الثوري:" ليتني لم أكتب العلم، وليتني أنجو مِن علمي كفافًا لا عليَّ ولا لي "، وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق:" والله لأن يُقْطعَ لساني أحبُّ إليَّ من أن أتكلم بما لا علمَ لي به "، فيا رجالَ الإعلام اتقوا الله في عباد الله، لا تفسدوا عليهم دينهم فتردوهم في المهالك الدنيوية والأخروية.

الأعياد -أيها المسلمون- أزمان لإظهار الفرح والسرور والبهجة والحضور، فانعموا -أيها المسلمون- بهذا العيد وتسامحوا وتصافوا وتصالحوا؛ فالتسامح زينة الفضائل، وصفاء السريرة شيمة الأوائل، فابتهجوا بهذا العيد وَفْق حدود الله ومراعاة حقوقه.. قال -صلى الله عليه وسلم-: "أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشرب وذكرٍ لله -جل وعلا-"، فيشرع للمسلم التكبير المطلق في جميع الأوقات إلى آخر أيام التشريق، ويشرع التكبير المقيد بأدبار الصلوات المفروضة من صلاة فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، كما هو فعل الصحابة.. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إخوة الإسلام: اجتمع في يومنا هذا عيدان؛ عيد الأضحى وصلاة الجمعة، وقد ذهب الإمام أحمد في المشهور من مذهبه -خلافاً لأكثر الفقهاء- أن الجمعة تسقط عن من صلى العيد مع الإمام، ولا تسقط عن الإمام وتجب الظهر -حينئذ- على من لا يصلي الجمعة لعموم النصوص، وسقوط الجمعة -في مثل هذه الحال- هو قول عمر وعثمان وعلي، وسعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وغيرهم -كما نقل ذلك ابن قدامة في المغني- ودل على ذلك حديث إياس بن أبي رملة الشامي قال: "شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيدَ ابن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليصلِّ" رواه أبو داود وابن ماجه بسند صحيح، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا لمُجَمّعُون" رواه أبو داود وابن ماجه بسند صحيح.. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إخوة الإسلام: أكثروا من التهليل والتكبير والتحميد لله -جل وعلا- وأكثروا من الصلاة والسلام على النبي الكريم..اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين -أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم وأذل الشرك والمشركين.

اللهم احفظ المسلمين في كل مكان. اللهم احفظ المسلمين من الشرور والمصائب. اللهم احفظ المسلمين من الشرور والمصائب والنكبات. اللهم احفظ المسلمين من الكوارث يا ذا الجلال والإكرام. اللهم احفظ حجاج بيتك في كل مكان. اللهم احفظهم بحفظك، واكلأهم بعنايتك ورعايتك، وردهم إلى بلادهم سالمين غانمين.

اللهم احفظ بلاد الحرمين. اللهم احفظها من كل سوءٍ ومكروه. اللهم احفظها من كل سوءٍ ومكروه. اللهم احفظها من كل سوءٍ ومكروه وسائر بلاد المسلمين. اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين. اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، (اللهم آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

اللهم يا ذا الجلال والإكرام يا حيُّ يا قيوم. اللهم يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم احفظ جنودنا في كل مكان. اللهم احفظ جنودنا في كل مكان. اللهم احفظ جنودنا في كل مكان. اللهم احفظ جنودنا في كل مكان.

اللهم يا حي يا قيوم يا مَنْ بيده ملكوتُ كل شيء اللهم احفظ هذه البلاد ممن أرادها بسوء. اللهم احفظ هذه البلاد ممن أرادها بسوء. اللهم احفظ هذه البلاد ممن أرادها بسوء. اللهم ورد كيد الأعداء. اللهم ورد كيد الأعداء والحاسدين يا ذا الجلال والإكرام. اللهم لا تشمت بالمسلمين عدواً ولا حاسدا. اللهم لا تشمت بالمسلمين عدواً ولا حاسدا. اللهم لا تشمت بالمسلمين عدواً ولا حاسدا يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفظ خادم الحرمين، اللهم احفظه وولي عهده ونائبهما، ووفقهم لكل خير. اللهم اجعلهم دعاة إلى كل خير. اللهم وفقهم لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين. اللهم وفقهم لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين. اللهم وفقهم لما تحب وترضاه يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفظ الشهداء الذين قضوا في السيول يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اغفر للشهداء الذين قضوا في السيول يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اغفر لهم وارحمهم، اللهم اغفر لهم وارحمهم. اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعفُ عنهم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اغفر لشهداء الواجب. اللهم اغفر لشهداء الواجب. اللهم اغفر لشهداء الواجب. اللهم وأدخلهم في جنات النعيم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم أنت الغني الحميد. اللهم أنت الغني الحمد. اللهم أنت الشكور الحليم اللهم فأغثنا. اللهم فأغثنا. اللهم فأغثنا. اللهم اسقِ ديار المسلمين. اللهم اسقِ ديار المسلمين سقيا رحمة، لا سقيا هدم ولا غرق ولا بلاء يا ذا الجلال والإكرام.

عباد الله: اذكروا الله ذكراً كثيرا، وسبحوه بكرةً وأصيلا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

المرفقات

891

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات