عناصر الخطبة
1/ سرعة مرور الأعوام ومعرفة حقيقتها 2/ التذكير بالنعم وبعض صور تآمر الكفار والرافضة على بلاد الحرمين وكيفية مدافعة ذلك 3/ السعادة في الحياة بالصدق وبعض صور الصدق 4/ موعظة خاصة بالنساء وبعض النصائح والتوجيهات الخاصة بذلكاقتباس
أيها الإخوة: تطيب الحياة بالصدق، وأول الصدق، وأعلاه: الصدق مع الله، حينما تكون سريرتك خيراً من علانيتك. ثم الصدق مع عباد الله في محبة الخير لهم، والسعي في مصالحهم، وغض الطرف عن قصور منهم أو...
الخطبة الأولى:
الحمد لله تتابع فضله، وتجدد بره وإنعامه، خلقنا ورزقنا، وآونا وهدانا، ومن كل خير أعطانا.
فسبحانك اللهم ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت, ما عبدناك حق عبادتك، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت ما قدرناك حق قدرك، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت تعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وأنت الله لا إله إلا أنت العزيز الجبار، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت الخير كله بيديك والشر ليس إليك، مصير كل أحد إليك، ورزق كل أحد عليك.
سبحانك اللهم وبحمدك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، خلقتنا ولا قدرة لنا، ورزقتنا ولا قوة لنا، وهديتنا إلى الإسلام، وعلمتنا الحكمة والقرآن.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ما ترك أمراً نحتاجه إلا بينه، ولا أمراً يحذر منه إلا حذَّره، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
الله أكبر...
أما بعد:
فأعوام يتلوها أعوام، يقلب الله فيها الليل والنهار، ويصرف فيها الأحوال والأقدار!
هذه الدنيا -يا عبد الله- وهذه أيامها لن تجد أبلغ وصفا من وصف الله لها: (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ) [القيامة: 20]، فهي عاجلة في انقضائها، أفراحها لا تدوم، لذاتها تنتهي, وحسراتها تنقضي: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران: 140].
جعلها الله ميداناً يتنافس فيها المتنافسون.
فهنيئا لمن عرف حقيقتها، وأبصر مواضع الزلل فيها، ولم يغتر ببهرجها: (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [فاطر: 5] فحياة الإنسان فيها مراحل، وعمره أيام ومنازل، ما مضى منها فات، ولا يعاد بحزن عليه، ولا يسترجعه كثرة الالتفات إليه.
وهكذا ما تستقبله من أيامك فالحياة ماشية، ومستقبلها يوشك أن يكون ماضياً فالأيام سريعة!
نتذاكر الحدث وكأنه في العام الماضي ثم تفاجأ أن له أعواما ثلاثا أو خمساً، بل وأكثر من ذلك، وصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- في خبر آخر الزمان: "وتكون السنة كالشهر"، عبر الزمان لا تنقضي، فلا تكونن من الغافلين.
كيف والليالي تطوى من ورائك، وآجال تنقضي بأصحابها، وأعمار يفنيها أربابها: (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) [الأعراف: 34].
إنها عظة وأي عظة؟
وهادم اللذات الذي تخطاك إلى غيرك، سوف يتخطى غيرَك ليصل إليك: (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون: 11] هذه حقيقتك يا ابن آدم!
وأهم من هذا قوله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ) [المؤمنون: 115 - 116].
فعيب الزمان، وإكثار القول في ذم الناس، والتذمر من تغير الجيل، وتبدل الطباع هي متنفس المفلسين، لا تصلح فاسداً، ولا تعطي معدوماً، ولا تفرح مغموماً!
وطوبى لمن شغلته نفسه، واشتغل بما يعنيه، و "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه!".
ثم طوبى للذين يجتهدون في إصلاح ما أفسد الناس!
أولئك الغرباء!
الله أكبر، الله أكبر.
أيها الإخوة: التذكير بالنعم مبدأ قرآني، وتوجيه رباني: (فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأعراف: 69]، (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الأنفال: 26] أيُّ نعمة فضلنا الله بها في هذه البلاد؟! فضلنا الله بها على العالمين! وأي بلاد يستطاع أن يقال عنه إنه خير منكم؟!
حالنا كما قال الله -تعالى-: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ) [النحل: 112].
وحال من حولنا؛ كما قال الله تعالى: (وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [العنكبوت: 67].
ولكن خوفنا أن هذا التفضيل لم يقارنه: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) [الجن: 16].
فالنعم المستدامة طريقها الاستقامة، وتخلف عنه كثيراً: (آمَنُواْ وَاتَّقَواْ)، وما بعدها قوله تعالى: (فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96]، (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) [الرعد: 11].
نحن في هذه البلاد لم نعتد من ربنا إلا خيراً، ولطف الله بنا وذوده عن ديارنا، ودفعه عن حياضنا لا يشك فيه إلا ذو سفه أعماه، أو ذو كبر أرداه!
كنا نقول ولا نزال نقول: إننا محسودون في هذه البلاد على أشياء كثيرة، وكنا ندفع بالتي هي أحسن!
إلا أن الحاسد لم تعد تردهم اللقمة ولا اللقمتان.
فربى حسدهم في قلوبهم، وضاقت به صدورهم، وبدأت البغضاء من أفواههم، فهاهم يكيدون كيداً.
فالعداء العسكري لم يكتف بتعاقب الأدوار على الأمة الإسلامية والشعوب الآمنة في جهات متعددة، ومن أشدها سخونة الشام المباركة، وبلد العلم والعلماء العراق، وديار الإيمان والحكمة بلاد اليمن.
كلها ميادين فجة، ومسارح واسعة، لإعمال سلاح الأعداء، وتدريب جنودهم، وصب غضبهم، والتعرف عن قرب على من صدق في موالاتهم، ممن هم منه في شك!
فيسعون في قلبه والانقلاب عليه.
وهذا لا ينافي مجالس أمنهم، وأنهم رعاة سلام، وحماة شعوب، وحافظو حقوق الإنسان!
وبناءً عليه لا تأمن في ظل هذا المكر الكبار، ولا مانع عندهم أن يصبح المجرم الذي يقتل العزل، ويحصد في الركع والرضع أن يصبح قائداً ناجحاً، وأسداً مغواراً، وما يقوم به هو مقاومة للإرهاب، وشأن داخلي.
والكلام قد يزعج ويطول!
خصوصاً بعد أن خلعت دولة الرافضة وأذنابها قناع النفاق، وستار التقية، فبدا للعالم وجه الرافضة المسود، وها هو يرغي ويزبد ويتوعد بجهاد مقدس.
شعاره: لبيك يا حسين! ضد من يقولون: "لبيك اللهم لبيك".
بين زمزم والمقام، وقوده حجاج بيت الله الحرام: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحـج: 25]، (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) [الفجر: 14].
ولا يزال الرافضة مكفرو الصحابة وإخوانهم من الصليبيين والوثنيين يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون.
لا يزالون يستنزفون الأمة في بلادها وأبنائها وخيراتها.
يرعون الإرهاب وطوائف الغلو ليحاربوهم، ويحاربونهم ليرعوهم!
أرأيت أخبث من هذه السياسة!
نعم، أخبث منها ما قال الله عنه: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة: 217] حينما يعدد عدوك فتح الجبهات ضدك.
فمع انشغالك في الجبهات العسكرية، هاهو يفتح عدوك الجبهات الفكرية، والخلافات العقدية، ويسعى في تفريق المتفرق، وزيادة الشتات في الصف الإسلامي لتحل سنة الله الكونية: (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ) [الأنعام: 65].
وجد العدو بغيته في قوم طالما تعايشوا مع المسلمين، وشملتهم مظلة الإسلام.
وامتحان الناس في عقائدهم، ومكنونات قلوبهم طريقة أهل البدع، ومع ذلك الدعوة باقية، وبيان الحق للمخالف واجب، وليس بين احتوائهم ودعوتهم تعارض.
ومن عجائب هذه السعة في الأفق، والرحابة في التعامل مع المخالف: ما يدرسه أبناء المسلمين في سنواتهم الأولى ضمن أصول عقائدهم، وثوابت شريعتهم: أن الحج والجهاد ماضيان خلف البر والفاجر، وكذا صحة الجمعة والجماعة.
فأبى العدو الحاقد، وقد أدرك أن استضعاف المسلمين لا يجعلهم يتخلون عن دينهم، بل يزيدهم قوة إلى قوتهم، وصلابة في مبدئهم، وعدونا له دراية في تاريخنا، وهو جزء منه!
أبى العدو إلا أن يخلخل الصف الواحد، ويشق وحدتنا، إذ الوحدة قوة، والمصائب تجمع المصابين وإن اختلفوا.
فأخرج من مسمى أهل السنة والجماعة من علموا فيهم القوة في دينهم، والقيام بأمر ربهم، وصفاء عقيدتهم، وصحة مرجعيتهم، واستعان على ذلك بعمائم ذوي الخرافة، من الصوفية والرافضة، ومن المحترقين في سب العلماء الربانيين ليبرز هؤلاء كلهم بمسمى أهل السنة والجماعة، ومن عداهم تكفيريون وهابيون!
في حصار وإقصاء لبلاد التوحيد، خادمة الحرمين، وحاضنة الحجاج والمعتمرين.
وفي تهميش ومحاولة صرف الأنظار عن علماء الأمة في كل مكان الذين يبلغون رسالات الله وبخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله.
ما أصعب الابتلاء، وما أقر عين الأعداء!
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].
فحسبنا الله ونعم الوكيل!
فهل نعي حرج المرحلة؟ وخطورة المنعطف الذي تمر به الأمة الإسلامية عموما، وهذه البلاد المباركة حكومة وشعباً خصوصاً.
فالزمن زمن جد، والعدو لا يرحم.
نعم، الأحداث المتسارعة أكبر مني ومنك، ولكن: الله أكبر.
ودين اختاره للبقاء وأكمله لعباده، وأتم به النعمة عليهم، لن يتخلى عنه إذا قام به أهله، وأخذوا كتابهم بقوة: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) [محمد: 7]، (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) [آل عمران: 120].
فلنحفظ مواقعنا، ولنتب إلى ربنا، ولا يكن هزلنا سمة في حياتنا، وترفنا وإسرافنا ظاهرة في مجتمعنا!
فهذه -والله- معاول هدمنا، وينقض من خلالها بنياننا، وهي بوابة يدخل منها أعداؤنا! لو عقلنا.
والتاريخ يعيد نفسه حسب سنن الله في الأمم.
وعبر القرون ما هزمت الأمة من قلة في عددها، ولا ضعف في عدتها.
وإنما هزمت من قلة إيمانها، وضعف غيرتها، وتصدر سفهائها.
فرفقاً -أيها العابثون- فليس الزمن زمن رقص وغناء، ولطفاً -يا شباب الأمة- ارفعوا أنفسكم، ولا تركبوا موجه التشكيك في مسلماتكم، وتظنون لوثة الإلحاد، والتفلت من دينكم هي حريتكم وتقدمكم!
وأنتم -يا رواد وسائل التواصل-: عيب عليكم أن تنشروا طيشكم، ورديء أقوالكم، وما يستحي منه من أفعالكم، كفوا عنا جشاءكم، لا تسمع متابعيك ما حرم الله من الموسيقى والغناء، ولا تدع إلى مشاهدة ما لا يحل ولا تنشر وتسوق حسابات الغافلين.
ولا تشهد الناس على تساهلك، وقلة حيطتك، فتريهم في حساباتك أماكن الاختلاط، وصور المتبرجات، بحجة توثيق سفرتك، فتهون على الناظرين هذه الصور، وتساهم في تطبيع مجتمعك على الحياة العبثية، والعيشة البهيمية.
أرأيت كيف التبعية، وعظم المسؤولية؟!
ويخشى أن يكون بعض صنيعك هو من المجاهرة بما يسخط الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين".
الله أكبر، الله أكبر...
أيها الإخوة: تطيب الحياة بالصدق، وأول الصدق، وأعلاه: الصدق مع الله، حينما تكون سريرتك خيراً من علانيتك: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [الملك: 12].
ثم الصدق مع عباد الله في محبة الخير لهم، والسعي في مصالحهم، وغض الطرف عن قصور منهم أو تقصير فيهم، وللشيطان مداخل وحبائل، ينفخ في أخطاء الآخرين، لا سيما بين أبناء الرحم الواحد، ويجعل من الكلمة العابرة عقبة ناشزة، ثم لا يزال يتعاهدها بالوساوس والخواطر يلقيها في قلب ابن آدم حتى تبعد الشقة، وتسهل القطيعة، ويغيب في هذه الحمأة الدفع بالتي هي أحسن، وصدق الله العظيم: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 35].
رزقني الله وإياكم الصدق معه، ومع عباد الله.
الله أكبر...
بنيتي الغالية، وأختي الكريمة: الحديث إليك في خطبة العيد هدي نبوي، ورسالة واضحة بعظم أثرك، واعتراف بتأثيرك، فبوعيك وفطنتك تقطعين الطريق على العابثين المدعين نصرة قضايا المرأة، فتارة يريدونك عاملة جنباً إلى جنب في أماكن الرجال! وأخرى يبعثونك مشاركة في مسابقات رياضية! ثم هاهم ينادوا برفع الولاية عن المرأة، متوهمين أنهم بذلك يجدونها متى شاؤوا، وتلتقيهم إذا شاؤوا، والله المستعان!
حدثي زميلاتك وقريباتك حديث صدق عن الرجال: أن العباءة كانت رفعة وهيبة للمرأة لما كانت مرفوعة على الرأس، وحين نزلت على الكتفين نزل من رفعتها وهيبتها ما نزل!
وحين تخصرت على الجسم اختصرت على العابثين طريقهم، ووجد مرضى القلوب بغيتهم.
إلباس من يُـزعم أنها صغيرة القصير من الثياب والضيق منها ظلم لها، وتربية على قلة الحياء والحشمة.
ثم من قال: إن بنت عشر سنوات ونحوها وقد أنبتها الله نباتاً حسناً إنها صغيرة وقد بلغت أو قاربت!
أيها الأم الحانية، والأب المشفق: إن كنت تنظر إلى بنتك بنظرة البراءة والطهر، فهناك من ينظر لبنتك نظرة المرض والريبة، وعذراً قد يكون من محارمها، محل الثقة منك من تحركت عنده كوامن الشهوة في زمن التردي الإعلامي، والفساد التقني! واللبيب بالإشارة يفهم ويستغني.
وليس عذرا لك -أيها الأب- أن تقول: هذا اختيار أمها، وليس عذراً لك أيتها الأم: أن تزعمي أنك لم تجدِ إلا هذا في السوق, ولا أراك رضيت بلون فستان لم يعجبك بحجة أنك لم تجدِ إلا هذا في السوق!
والعاقل خصيم نفسه!
أيها الأب المبارك: لا ترخص عليك بنيتاتك، فتزجَّ بهن في فرق إنشادية، وتقبل أن يكن دماً في مناسبات شعبية أو رسمية، يصور معهن البر والفاجر.
فأي تربية أو تعليم تقدمه لهؤلاء الزهرات البريئات وهن أمانة في عنقك!
أختي المباركة: اشتغل توافه المذيعين في إثارة توافه القضايا، وكل إناء بما فيه ينضح، وطلبوا مشاركات المستمعين والمشاهدين عبر اتصالات هاتفية ليبدي المتصل من رجل أو امرأة رأيه فيما لو لم يجد نعله في مكانه الذي وضعه، وأمثالِ هذه القضايا في خضوع قول، وضحكات متكلفة، وشر البلية ما يضحك، وعليك التتمة!
الله أكبر، الله أكبر...
ومواسم الخير رياض للموفقين، فيومنا هذا به تتم الأيام المعلومات، وهو ختام العشر المباركات: "وما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر".
وهو يوم الحج الأكبر أفضل أيام الدنيا جعله الله عيداً للمسلمين حجاجاً ومقيمين، في هذا اليوم المبارك يتقرب الحجاج إلى ربهم بذبح هداياهم، وأهل الأمصار بذبح ضحاياهم إتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام-.
ثم بين أيدينا الأيام المعدودات أيام التشريق الثلاثة المباركات لا يحل صومها فرضا، ولا نفلا، وجهل بعضهم فصام الثالث عشر منها باعتباره أول أيام البيض، وهذا لا يجوز، فهي أيام أكل وشرب وذكر لله، وبها مع يوم العيد تتم أربعة أيام ذبح الأضاحي.
فعظموا هذه الأيام بما عظمها الله، واملؤها تكبيرا في عموم أحوالكم وفي أدبار صلواتكم.
فاغتبطوا بعيدكم واستغنوا به عن كل عيد محدث سواه.
افرحوا به، وأدخلوا الفرح على من غابت فرحتهم، وأعطوا نفوسكم ونفوس أولادكم وأهليكم حظها فيما أباح الله لكم من غير إسراف ولا تبذير.
عباد الله: إن من أعظم أعمالكم في يومكم هذا: ذبحَ ضحاياكم، وما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحبَّ إلى الله من إراقة دم، فطيبوا بها نفساً، اذبحوا بأنفسكم إن أحسنتم الذبح وإلا ليتول ذبحها من يحسنه من مسلم أو كتابي، ومن كان لديه عمالة غير مسلمة ولا كتابية، فلا بأس أن يعين في سلخ أو تقطيع دون تذكية.
ومن عرف عنه ترك الصلاة تركاً كلياً، فهذا إن سبق فذبح الأضحية فهي ميتة تطعم السباع والكلاب، ولو كان الذي لا يصلي والداً أو ولداً، نسأل الله العفو والعافية.
تقبل الله من المضحين ضحاياهم، ومن الحجاج حجهم، وأتم نعمته عليهم وردهم إلى أوطانهم بسعي مشكور، وذنب مغفور.
أيها الإخوة: يغيب عن عيدنا من سبقت آجالهم، وهم مرتهنون بأعمالهم، فصلتهم باقية بالدعاء الذي هم أحوج ما يكون إليه، فاللهم اغفر لهم وارحمهم، وأكرم نزلهم، وجازهم بالحسنات إحساناً، وبالسيئات صفحاً وغفراناً.
ثم الدعاء لجنود كانوا مرابطين قنصتهم يد الغادرين، فاللهم اكتبهم عندك في الشهداء، وبلغهم منازل السعداء.
ودعاؤنا لأبنائنا وبناتنا الذين بعدت بهم الديار، فهم مغتربون يؤملون دراسة تنفعهم، وينفعون بها أمتهم، فنسأل أن يحقق آمالهم، وأن يحفظهم في دينهم وأبدانهم، وأن لا يخيب رجاء أمتهم فيهم.
اللهم هيئ لأمة محمد من أمرها رشداً، اللهم اجمع كلمتهم على البر والتقوى، وول عليهم خيارهم، وقهم شرور أشرارهم.
اللهم انصر المستضعفين في بلاد الشام والعراق واليمن، وفي كل مكان أنت أعلم به منا.
اللهم حقق للمجاهدين جهادهم، وصوب رأيهم، وسدد رميهم، اللهم عليك بالرافضة المفسدين، وعليك بالنصارى الظالمين، وعليك باليهود الحاقدين.
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين.
اللهم وفق ولي أمرنا لصواب القول والعمل، واجمع به كلمة المسلمين، واجعله مفتاحاً لكل خير، مغلاقاً لكل شر.
اللهم إنا نسألك أن تفرج هم المهمومين، وأن تنفس كرب المكروبين، وأن تغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم