خطبة عيد الأضحى الأولى والثانية

عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/بيان فضيلة يوم العيد 2/ ذكر قصة رؤيا إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه 3/ من أحكام الأضحية 4/ من آداب الأضحية 5/ وصايا عامة للرجال والنساء
اهداف الخطبة
تعليم الناس أحكام الأضحية / تحذير الناس من المعاصي .
عنوان فرعي أول
قصة الأضحية
عنوان فرعي ثاني
إليك أيها المضحي
عنوان فرعي ثالث
وصايا

اقتباس


اعلموا أن يومكم هذا يوم عظيم، وعيد شريف، وموسم كريم، رفع الله قدره، وأظهره، وسماه يوم الحج الأكبر. وهو عيد لأهل الإسلام، كعيد الفطر. أعطاهما الله هذه الأمة، بدلاً عن أعياد الجاهلية والكفار، فيه عبادتان: ..

 

 

 

يكبر تسعاً نسقاً ثم يقول:

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، والله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر كلما أحرموا من الميقات، وكلما لبى الملبون وزيد في الحسنات، وكلما أفاضوا من عرفات، وباتوا بالمزدلفة، ورموا الجمرات، وكلما دخلوا فجاج مكة، وتلك الرحبات، وكلما طافوا بالبيت العتيق، وضجت الأصوات بالدعوات، وكلما سعوا بين الصفا والمروة، والمشاعر المفضلات.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

الحمد لله الذي خلق آدم بيده، من صلصال كالفخار، وأسجد له ملائكته المقربين الأطهار، فسجدوا إلا إبليس أبى؛ فباء باللعنة والصغار، مسح ربنا سبحانه ظهر آدم بيده؛ فاستخرج ذريته كالذر ؛فنفّذ فيهم الأقدار، قبض قبضة من ظهر آدم بيمنه وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وقبض قبضة بيده الأخرى، وقال: هؤلاء إلى النار، ولا أبالي.

لا تنفعه طاعة المطيع، ولا تضره معصية العاصي، بل هو النافع الضار.

أحمده سبحانه على نعمه الغزار، وأشكره على فضله المدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، توحيداً مقتنى ليوم الحاجة والافتقار، ومشهوداً به لربنا سبحانه، كما شهد به لنفسه، وشهدت له ملائكته، وألو العلم من خلقه، لا إله إلا هو العزيز الغفار.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أفضل من صلى ونحر، وحج واعتمر، وجاهد المنافقين والكفار..

نبي رجفت لهيبته قلوب الجبابرة، وأسس التوحيد، وأزال الشرك والتنديد، وحذر الكفرة والملحدين والفجار. نبي غُفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، وقام على قدمه الشريف حتى تفطر؛ عبادة لربه العزيز الغفار، فهو أخشى الناس لربه، وأتقاهم له، بلا شك ولا حوار.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، النبي الهاشمي المختار، وعلى آله، وأصحابه البررة الأخيار، الذين تمسكوا بسنته، وساروا على ملته، في السر والجهار.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن يومكم هذا يوم عظيم، وعيد شريف، وموسم كريم، رفع الله قدره، وأظهره، وسماه يوم الحج الأكبر. وهو عيد لأهل الإسلام، كعيد الفطر. أعطاهما الله هذه الأمة، بدلاً عن أعياد الجاهلية والكفار، فيه عبادتان: صلاة عيد ونحر، وعيد الفطر، فيه عبادتان أيضاً: صلاة عيد، وزكاة الفطر.

وخطب في هذا اليوم نبيكم صلى الله عليه وسلم، خطبته العظيمة بمنى، فقال:" أيها الناس، اعبدوا الله ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا إذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم".

وقال: لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا، ألا فاستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوانٍ عندكم -أي: أسيرات- أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، لهن عليكم حق، ولكم عليهن حق".

واحذروا من ظلم العباد، ومن الشرك بالله، قال تعالى: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ ) [التوبة: 3].

وفي هذا اليوم يجتمع الحجاج بمنى، يكملون مناسك الحج، ويتقربون إلى الله بالثجِّ والعجِّ، يحيون سنة أبينا إبراهيم، عليه الصلاة السلام، وشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ بما يذبحون في هذا اليوم العظيم من القرابين.

فإن الله ابتلى إبراهيم عليه السلام، بأن أراه في المنام، أنه يذبح بِكرهُ إسماعيل- وهو ابنه وفلذة كبده-؛ ليسلم قلبه لله، ولا يكون فيه شرك لسواه، فإن العباد لذلك خلقوا، وبه أمروا.

فامتثل أمر ربه طائعاً، وخرج بابنه مسارعاً، وقال له: يا بني، إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى؟ فقال: يا أبت، افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين.

لا منكراً ولا متوقفاً ولا متفكراً. فاستسلما جميعاً للقضاء المحتوم، وسلما أمرهما للحي القيوم، فلما تله للجبين، وأهوى إلى حلقه بالسكين، أدركه رحمة أرحم الراحمين، وانقلبت السكين إلى ظهرها، ونودي، (أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) [الصافات:106].

فجاءه جبريل عليه السلام بكبش من الجنة، فقيل له: اذبحه فداء لولدك.

فأين من جاد بذبح ولده لله، ممن بخل بذبح شاة؟ فالأضحية سنة مؤكدة، على القول المختار، وبعضهم يرى الوجوب مع اليسار. فأحيا نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم هذه السنة وعلّمها، فأهدى في حجه مائة بدنة، فنحر منها بيده الشريفة ثلاثاً وستين، عدد سنين حياته، وأمر عليًا بذبح باقيها. وأكل منها، وتصدق بباقيها، وكان يضحي بالمدينة بكبشين أملحين أقرنين: واحد عن محمد، وآل محمد، والآخر عمن لم يضحِّ من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

والذبح عبادة، لا يجوز صرفها لسواه؛ فمن ذبح لغير الله فقد أشرك. قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر:2].

فالصلاة والنحر عبادتان عظيمتان لله. وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما عمل ابن آدم عملاً يوم النحر، أحب إلى الله، من إراقة دم".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " احضروها إذا ذبحتم؛ فإنه يغفر لكم عند أول قطرة من دمها".
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنهم قالوا: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: " سنة أبيكم إبراهيم". قالوا فما لنا فيها؟ قال: " بكل شعرة حسنة".

ولا يدخل وقتها إلا بانقضاء صلاة العيد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من ذبح قبل الصلاة؛ فليذبح أخرى مكانها".


وأفضلها أثمنها، وأغلاها. وتجزئ الشاة عن الرجل وأهل بيته، والبدنة، والبقرة، كل واحدة منها عن سبعة. والمجزئ من الضأن: ما تم له ستة أشهر، ومن المعز: ما تم له سنة، ومن البقرة: ما تم له سنتان، ومن الإبل: ما تم لها خمس سنين.

ولا تجزئ العوراء، البيّن عورها، ولا العرجاء البيّن عرجها، ولا المريضة البين مرضها، ولا الهزيلة التي لا تُنْقِي، ولا العضباء التي قطع أكثر من نصف أذنها، أو قرنها، والهتماء، التي ذهبت ثناياها من أصلها، ولا العمياء التي لا تبصر، ولا الجرباء، البين جربها.

والسنة نحر الإبل قائمة، معقولة يدها اليسرى، يطعنها في وهدتها، قائلاً: باسم الله، والله أكبر، اللهم إن هذا منك ولك. وتلفظ بالنية، ويقول: عن فلان ابن فلان.

وتذبح البقرة، والغنم، على جنبها الأيسر، والسنة جعل الأضاحي أثلاثاً: ثللا لأهله، وثلثاً لصديقه، وثلثاً للفقراء.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، ولله الحمد.

واعلموا رحمكم الله، إن للأضحية آداباً، ينبغي مراعاتها: أن تحد الشفرة ويمرّها بقوة، ولا يذبحها، والأخرى تنظر إليها، ويستقبل بها القبلة. ولا يحل ذبح المشرك، ومن لا يصلي؛ فإن ذبيحتهما ميتة، لا تجزئ، ولا يجوز أكلها، كما قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ) [المائدة: 3].
ولا ينبغي للمسلم، أن يمتنع عن الأضحية، حيث قص شعراً، أو أظفاراً ناسياً، أو جاهلاً، أو قبل أن يعزم على الأضحية، في الأيام العشر.

وليست الأضحية واجبة للميت في أول سنة، كما يعتقد الجهال، بل أصل مشروعية الأضحية عن الحي، وتجوز عن الميت، فيضحي عن نفسه، وعن أهل بيته، الأحياء منهم والأموات، إلا إذا أوصى بها الميت لنفسه، أو لأحد أقربائه فتنفذ.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. 

الخطبة الثانية:

عباد الله، الصلاة الصلاة؛ فإنها عمود الإسلام، وناهية عن الفحشاء والآثام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها، فهو لما سواها أضيع.

وأدوا الزكاة، التي فرض الله عليكم في أموالكم، طيبة بها نفوسكم.

وعليكم ببر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء والأيتام، والصبر عند فجائع الليالي والأيام.

وأوفوا المكيال، والموازين، واحذروا الربا في المعاملات؛ فإن صاحبه محارِب لرب الأرض والسماوات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه".

واحذروا الغش في المعاملات، ومروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر؛ فإن ذلك من الواجبات. ووقروا اليمين بالله في الخصومات، واحذروا أكل أموال الناس بالباطل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه؛ لقي الله، وهو عليه غضبان". قالوا: يا رسول الله، وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: " وإن كان قضيباً من أراك".

واذكروا الموت هادم اللذات، ومفرق الجماعات. وزوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة. ولا تغتروا بالحياة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعط النساء، ويذكرهن، فيا أيها المسلمات، حافظن على فرائض الله، وابتعدن عن ما حرم الله، يعطيكم الله الجنة يوم لقائه، واحذرن التبرج، ومخالطة الرجال الأجانب.

قال صلى الله عليه وسلم: " ما خلا رجل بامرأة، إلا وكان الشيطان ثالثهما".
وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر إلا مع ذي محرم".


واحذرن من لبس القصير، والشفاف الضيق، ومشابهة الكافرات، والزانيات؛ لما مر من الوعيد في ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: " صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما بعد، نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط، كأذناب البقر، يضربون بها الناس".


أيها المسلمون، ضحوا تقبل الله ضحاياكم، وامتثلوا أوامر الله، تسعدوا في الدنيا و الآخرة، واحذروا الشر وأسبابه، ابعدوا الدشوش عن بيوتكم، خذوا على أيدي سفهائكم، يبارك لكم في أعمالكم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) [الحج:34-37].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

 

 

المرفقات

473

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات