خطبة استسقاء

عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: الاستسقاء
عناصر الخطبة
1/ الإيمان مفزع للمؤمن في أحواله كلها 2/ المؤمن في سرائه وضرائه رابح غانم 3/ الابتلاء قد يكون بالسراء كما هو بالضراء 4/ انطراح العبد وانكساره بين يدي ربه

اقتباس

إيماننا -عباد الله- يهدينا إلى أنَّ ربَّنا -تبارك وتعالى- يسمع من دعاه، ويجيب من ناداه، ولا يخيب من رجاه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال -جل وعلا-: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).

 

 

 

 

الحمد لله الكبير المتعال، ذي العظمة والجلال والكبرياء والكمال، واسع الفضل جزيل العطاء عظيم النوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وأمينه على وحيه، ومبلغ الناس شرعه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. 

أما بعد:

معاشر المؤمنين: اتقوا الله تعالى، وراقبوه في السر والعلانية، مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه، وتقوى الله -جل وعلا- عمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله، وترك لمعصية الله، على نور من الله خيفة عذاب الله.

معاشر المؤمنين: إننا اجتمعنا هذا الاجتماع المبارك لأن حال المسلمين في ديارهم وبلدانهم فيه شكوى مريرة وآلام كثيرة، من جوانب عديدة، ومما يؤرِّق الناس احتباس المطر وتأخر نزوله.

أيها المؤمنون عباد الله: إن نعمة الله -جل وعلا- علينا عظمى بأن هدانا للإيمان الذي هو مفزع لنا في كل ملمة، ومرجع لنا في كل مصيبة، نعم -عباد الله- الإيمان مفزع للمؤمن في أحواله كلها، وشؤونها جميعها، في أفراحه وآلامه، في آلامه وأحزانه، في مرضه وصحته، في فقره وغناه، في كل شؤونه يفزع إلى الإيمان، فيسير في هداياته، ويستضيء بنوره، ويمشي في ضوء إرشاداته، وهذا هو معنى قول الله -تبارك وتعالى-: (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ) [يونس: 9].

عباد الله: هدايات الإيمان لأهله عظيمة، فينبغي عليهم أن يغنموها، ولا يجوز لهم أن يُضيِّعوها، بل يجب عليهم في أحوالهم كلها أن يسيروا في ضوء هدايات الإيمان، وتأمل ذلك في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وذلك لا يكون إلا للمؤمن".

المؤمن -عباد الله- في سرائه وضرائه رابح غانم، في سرائه يفوز بثواب الشاكرين، وفي ضرائه يفوز بثواب الصابرين، ومصيبتنا هذه -عباد الله- إذا فزعنا فيها إلى هدايات الإيمان وإرشادات الإيمان نجد خيرًا عظيمًا، وفضلاً عميمًا.

عباد الله: إن الله -عز وجل- كما أنه يبتلي عباده بالنعمة فإنه يبتليهم بالمصائب؛ ليميز الخبيث من الطيب.

عباد الله: إن المؤمن في ضرائه وآلامه وجميع مصائبه يفزع إلى الله -تبارك وتعالى- ويفر إليه راجيًا رحمته خائفًا من عذابه غير قانط ولا يائس، بل هو مقبل على الله -جل وعلا- واثق بأن الله -جل وعلا- غفور رحيم، تواب كريم، يغفر الذنوب، ويعفو عن السيئات، على ثقة تامة بأن ربه -جل وعلا- يجيب الدعوات ويقيل العثرات ويجبر الكسير، ويغني الفقير، وهو -جل وعلا- على كلِّ شيء قدير، لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء: (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر: 2].

عباد الله: المؤمن في مصابه يفزع إلى الله -جل وعلا-، وينطرح بين يديه، وينكسر ذليلاً لجنابه سبحانه، داعيًا راجيًا، مؤملاً واثقًا، متوكلاً مستعينًا، يرجو رحمة الله ويخشى عذابه.

إيماننا -عباد الله- يهدينا إلى أنَّ ربَّنا -تبارك وتعالى- يسمع من دعاه، ويجيب من ناداه، ولا يخيب من رجاه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]، وقال -جل وعلا-: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60].

عباد الله: وعلينا أن نحقق ما يدعو إليه الإيمان من الإخلاص لله وحسن الإقبال على الله، وعظم الثقة بالله -جل وعلا-، وقوة الرجاء فيما عنده سبحانه، وطرد القنوط واليأس من روح الله -جل وعلا-، وأن يكون دعاؤنا عزمًا وجزمًا وبثقة ورجاء، وطمع ورغبة، والله -جل وعلا- لا يخيب دعاء المؤمنين.

اللهم لا تخيب دعاءنا، اللهم لا تخيِّب دعاءنا، اللهم حقق رجاءنا، اللهم وأعطنا سؤلنا، اللهم إنا نسألك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، أولها وآخرها، سرها وعلنها، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لك تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم.

اللهم اغفر ذنوب المذنبين وتب على التائبين، اللهو وتب علينا أجمعين، اللهم تب علينا وتجاوز عنا، واغفر لنا يا ذا الجلال والإكرام، إلهنا وسيدنا ومولانا: اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، اللهم زدنا ولا تنقصنا، اللهم آثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر، إلهنا أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا نسألك سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث البلاد والعباد، اللهم غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، سحًّا طبقًا، نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل.

إلهنا: أيدينا إليك مُدَّت، ودعواتُنا إليك رفعت، وأنت يا الله لا تُخيِّب مؤمنًا دعاك، ولا ترد مؤمنًا ناجاك، اللهم لا ترد يدينا صفرًا، اللهم لا ترد دعائنا خائبًا، اللهم أجب دعاءنا، اللهم حقق رجاءنا، إلهنا: نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا، وبأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت أن تسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا نسألك بأنك أنت لك الحمد وحدك لا شريك لك، المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم: أن تسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا اللهم أغثنا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، واقتدوا -رعاكم الله- بنبيكم -صلوات الله وسلامه عليه- بقلب الرداء تفاؤلاً بتغير الأحوال، وأملاً بتحولها إلى خير، ونسأل الله -عز وجل- أن يتقبل منا أجمعين، وأن يغفر لنا، إنه -تبارك وتعالى- غفور رحيم.
 

 

 

  

المرفقات

استسقاء

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات