حلب تستنصر بالمسلمين

الشيخ خالد القرعاوي

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/ شدة المآسي التي يتعرض لها المسلمون في الشام وحلب 2/ انشغال المسلمين عن محنة إخوانهم 3/ واجبنا نحو المنكوبين في الشام وغيرها 4/ دعوة للإنفاق ونصرة المستضعفين بالمال.

اقتباس

تُشَاهِدُونَ بِكُلِّ أَسَىً إلى مَا نَزَلَ بِإخْوانِنا في سُوريا العزِّ والإباءِ، في حَلَبِ الصُّمُودِ والفِدَاءِ، فَلَمْ تَتَوارَى رُوسِيَا بِإمَطارِ حَلَبٍ بالصَّوارِيخِ والقَذَائِفِ حتى أَبَادُوا الآلافَ مِنْ أهلِنا هُناكَ، وَجَعَلُوا الدِّيَارَ خَرَابَاً!.. عُذراً يا أهلَناَ في الشَّامِ فواللهِ ليسَ لنا أمامَ اللهِ من عُذْرِ! عُذراً فإنَّا مَشغُولونَ بِأَمْوالِنا وأهلِينَا، وإنَّا عنكم مَشغُولونَ! عُذراً فإنَّا مَشغُولُونَ بحَفَلاتِنا وَمُؤتَمَرَاتِنا وَمُبارَيَاتِنا! فاعذُرُونا فإنَّا مَشغُولونَ!.. إنَّ الكَوَارِثَ التي تَنَزَّلَتْ على أَهلِنَا هُناكَ، لَيستَ غَرِيبَةً على نِظَامٍ نُصَيرِيٍّ رَافِضِيٍّ! وكذالِكَ كانَ أَبُوهُ الهَالِكُ مِنْ قَبلُ قاتَلَهمُ اللهُ أنَّى يُؤفَكُونَ، ولكِنَّ الغَريبَ ذَاكَ التَّخَاذُلُ والإمهَالُ!

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ العَظِيمِ فِي قَدْرِهِ، العزيزِ في قَهرِهِ، يَسمَعُ أَنِينَ المَظلُومِينَ وَيجُودُ عليهم بِنصرِهِ، نَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، آمنَّا بِقَدَرِهِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ، ونَشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عَبدُ اللهِ ورَسُولُهُ جَاهَدَ فِي اللهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ طُولَ عُمرِهِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وصَحبِهِ، ومن تَبِعَهُم بِإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.

 

أمَّا بعدُ: فاتَّقُوا اللهَ يا مُسلمونَ، فالتَّقوى أَفْضَلُ مَا تُدْفَعُ بِهِ البَلايا: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).

 

يَا أَهْلَ الإسلامِ: مَا تَزالُ أَروَاحُ المُسلِمينَ تُزهَقُ، ودِمَاؤهم تُسفَكُ، وبِلادُهم تُستباحُ، ولا حول ولا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ العليِّ العظيمِ..

 

تَبْكِي وَتَمسَحُ دَمعَهَا حَلَبُ *** وَبِقَلْبِهَا مِنْ حُزنِها لَهَبُ

حِقْدُ النُّصَيْرِيِّينَ يُشعِلُهَا *** والجَاِمعُ الأَمَوِيُّ يَنتَحِبُ

 حَلَبٌ وَتَحْلِفُ أَلفُ قَاذِفَةٍ *** أنَّ الطُّغاةَ بِأَمْنِها لَعِبوا

 والغَربُ يَشْربُ كَأْسَ سَكرَتِهِ *** وَبِمِثلِها يَتَضلَّعُ العَرَبُ

لا تَجْزَعِي فَالظَّالِمُونَ لَهُمْ *** يَومٌ مِنَ الخُذْلانِ مُرْتَقَبُ

النَّصرُ عندَ اللهِ يَمنَحُهُ  *** لِلصَّابِرِينَ إذَا هُمُ احتَسبُوا

اللهُ يهِزمُ كُلَّ ذِي صَلَفٍ *** فَتَعلَّقِي باللهِ يا حَلَبُ.

 

إي واللهِ فَتَعلَّقِي باللهِ يا حَلَبُ. فَالأَرْضَ كُلُّها لِلهِ، والأَمْرُ أَمْرُ اللهِ، وَالمُلكُ لِلهِ، يورِثُه مَنْ يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ. مَهْمَا حَاوَلَ الأَعدَاءُ فِي إنْزَالِ أَنْوَاعِ الفَشَلِ وَأَلوَانِ الشَّلَلِ بِالمُسلِمِينَ، فَوا اللهِ لَنْ يُفلِحُوا، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ جَلَّ وَعَلا: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف: 8]؟!

 

فَإذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَا أَحْوَجَنا اليومَ إلى أَنْ يَقوَى تَضَافُرُنا، وَيَشتَدَّ تَنَاصُرُنا، وأَنْ نَكونَ صَفَّاً واحِدَاً، مُتَعاضِدِينَ مُتَعاوِنِينَ، فَقَدْ وَجَّهَنا اللهُ لِذَلِكَ فَقَالَ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10]. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) [التوب: 71].

 

فَالْمسلِمُونَ على اختِلافِ أَجنَاسِهم وَأَلوانِهم وَبُلدَانِهم، جَسدٌ واحِدٌ، يَسعَدُ بِسعَادِةِ بَعضِهِ، وَيَتَأَلَّمُ لِأَلَمِهِ وَمَرَضِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ، اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى، رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ» وفي الحدِيثِ: "مَنْ لَمْ يَهتَمَّ بِأَمْرِ المُسلمينَ فَليس مِنهُمْ".

 

أَيُّها الأخُ المُسلِمُ: مَتى استَجَارَ بِكَ أَخاكَ المُسلِمُ، وَاسْتَنْصَرَكَ فِي الدِّينِ وَجبَتْ عَليكَ نُصرَتُهُ، وَلَزِمَت عَلَيكَ إِعَانَتُهُ، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) [الأنفال: 71]؟ ، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوه) يعني: التَّناصُرُ في الدِّينِ: (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال: 73]؛ تَكُنْ مِحنَةٌ بالحُرُوبِ والقتلِ والتَّعذيبِ والأَسْرِ، وَفَسَادٌ كَبِيرٌ بِظهورِ الكُفرِ والشِّركِ!

 

عبادَ اللهِ: المُسلِمُ الصَّادِقُ يُقاسِمُ أَخَاهُ الهُمومَ والمَكَارِهَ، وَيَعِيشُ مَعَهُ مُصابَه وَرَزِيَّتهُ، لا يُسلِمُه، ولا يَخذُلُهُ؛ بل يحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيَعْضُدُهُ؛ وَمَتى تَخَاذَلَ المُسلِمُونَ وَصَارَ لِكُلِّ واحدٍ مِنهُم شَأْنٌ يُغنِيهِ، وَهَمٌّ يَعنِيه، فرَّق العَدُوُّ جَمْعَهُم، وَبَدَّدَ شَمْلَهُم، قال رسول الهدى –صلى الله عليه وسلم-: "ما من امرئٍ يَخونُ مُسلِمَاً في مَوطِنٍ يُنتَقَصُ فيهِ من عِرضِهِ، وَيُنتَهَكُ فيه مِنْ حُرمَتِهِ، إلاَّ خَذَلَهُ اللهُ في مَوطنٍ يُحِبُّ فيه نُصَرَتَهُ، ومَا مِن امرئٍ يَنصُرُ مُسلِمَاً في مَوطنٍ يُنتَقَصُ فيه من عِرضه، ويُنتهَكُ فيه من حُرمَتِهِ إلاَّ نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوطِنٍ يُحِبُّ فيه نُصرتَهُ".

 

 وَقَالَ –صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ مُسلِمٍ على مُسلِمٍ مُحرَّمٌ أَخَوانِ نَصِيرَانِ". وَقَالَ –صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

 

يا مُسلِمونَ: تُشَاهِدُونَ بِكُلِّ أَسَىً إلى مَا نَزَلَ بِإخْوانِنا في سُوريا العزِّ والإباءِ، في حَلَبِ الصُّمُودِ والفِدَاءِ، فَلَمْ تَتَوارَى رُوسِيَا بِإمَطارِ حَلَبٍ بالصَّوارِيخِ والقَذَائِفِ حتى أَبَادُوا الآلافَ مِنْ أهلِنا هُناكَ، وَجَعَلُوا الدِّيَارَ خَرَابَاً! فَحسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ.

 

إنَّا سَئِمْنا مِن إِدَانَةِ مُنكِـرٍ *** إنَّا ملَلْنا مِن لِسـانٍ يـزأرُ

أيْنَ النِّظامُ العالميُّ؟ أمَا يَرى *** شَعْبَاً يُبادُ وبالقَذَائِفَ يُقبَرُ؟

 

 عُذراً يا أهلَناَ في الشَّامِ فواللهِ ليسَ لنا أمامَ اللهِ من عُذْرِ! عُذراً فإنَّا مَشغُولونَ بِأَمْوالِنا وأهلِينَا، وإنَّا عنكم مَشغُولونَ! عُذراً فإنَّا مَشغُولُونَ بحَفَلاتِنا وَمُؤتَمَرَاتِنا وَمُبارَيَاتِنا! فاعذُرُونا فإنَّا مَشغُولونَ!

 

عبادَ اللهِ: إنَّ الكَوَارِثَ التي تَنَزَّلَتْ على أَهلِنَا هُناكَ، لَيستَ غَرِيبَةً على نِظَامٍ نُصَيرِيٍّ رَافِضِيٍّ! وكذالِكَ كانَ أَبُوهُ الهَالِكُ مِنْ قَبلُ قاتَلَهمُ اللهُ أنَّى يُؤفَكُونَ، ولكِنَّ الغَريبَ ذَاكَ التَّخَاذُلُ والإمهَالُ! : (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد: 5].  

 

وَاللهِ يَا مُؤمِنُونَ: لَيسَ مَعَنا إلاَّ الدُّعَاءُ! وَصِدْقُ اللَّجَأِ إلى اللهِ تَعَالَى القَائِلِ: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ) [النمل: 62]؛ فَأَلِحُّوا على اللهِ بالدُّعاءِ: "وأَعجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عن الدُّعاءِ"، فَسُبحَانَ مَنْ هُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

 

وأستغفرُ اللهَ لي وَلَكُم وَلِلمُسلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ عَظِيمٍ، فَاستَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:     

 

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، يا رَبُّ! قَلَّ رَجَاؤُنا إلاَّ فِيكَ، وَضَعُفَت قُوَّتُنا إلاَّ بِكَ؛وَضَاقَت حِيَلُنا إلاَّ إليكَ، يا رَبُّ! لقد زَاغَتِ الأَبصَارُ، وانتهت الأَعذَارُ، وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ؛ نَشهَدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ أنتَ، تُؤتي المُلكَ مَن تَشاءُ، وتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ، وتُعِزُّ من تَشَاءُ، وتُذِلُّ من تَشاءُ، العَظَمَةُ إِزَارُكَ، والكِبرِياءُ رِداؤكَ، وأنتَ الكَبِيرُ المُتَعالُ، ونَشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وَقَائِدَنَا مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسولُهُ الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ عليهِ، وعلى آلهِ وأَصحَابهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإحسَانٍ وإيمَانٍ إلى يومِ الدِّينِ.

 

أمَّا بعدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

 

أيُّها المُسلمونَ: مَهمَا بَلَغت قُوَّةُ الظَّلُومِ وَضَعُفَ المَظلُومُ! فإنَّ الظَالِمَ مَخذُولٌ، وأَنفَذُ السِّهامِ دَعوةُ المَظلُومِ، يَرفَعُها الحيُّ القَيُّومُ، ويقولُ: "وعِزَّتي وَجَلالِي! لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَو بَعْدَ حِينٍ" (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].

 

 عبادَ اللهِ: تَعيشُ سُورِيَا على نَوَازلَ وَبَلايا! وَفَواجِعَ وَرَزَايَا! فَالقَتْلَى بالآلافِ! والبِلادُ للإتلافٍ! الصَّلواتُ عُطِّلَتْ، والجُمَعُ أُغلِقَتْ! وإلى اللهِ الْمُشتَكَى، وَهُو حسبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ!  

 

فَيا مُؤمِنُونَ: نُذكِّركمُ بِاللهِ، وَنَسأَلُكُم بِاللهِ العَظِيمِ الذي لَهُ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، أَنْ تتَّقوا اللهَ فِي إخْوَانِنَا فِي سُورِيا! يَا مُسلِمُونَ، يَا عَرَبُ يَا حُكَّامُ، وَيَا قَادَةُ يَا رُؤَسَاءُ، وَيَا زُعمَاءُ، اتَّقوا اللهَ فيهم لا تُسلِمُوهم ولا تَخذُلُوهمِ، أَتَدْرُونَ نَاصِرُوهُم وَلَو بِفَتْحِ الْمَجَالِ لِلعَامِلِينَ المُخْلِصِينَ! فَمَا أَخْشَاهُ أَنْ يَصدُقَ فِينا:

الْمُستَجِيرُ بِعمرِوٍ عندَ كُربَتِهِ *** كالْمُستَجِيرِ من الرَّمضَاءِ بالنَّارِ.

 

عباد اللهَ: هي دعوةٌ للإنْفَاقِ في سَبِيلِ اللهِ وَنُصْرَةِ إخْوَانِنَا! (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: 36]. فَنَحنُ فِي نِهَايَةِ شَهرِ حَرَامٍ، فَلنَخْتِمَهُ بِعَزْمٍ وَصِدْقٍ وَتَوبَةٍ وَإِنْفَاقٍ، "فَمَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ". وَقَالَ رَسُولُ اللهِ –صلى الله عليه وسلم-: "بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ، فَإنَّ البَلاءَ لا يَتَخَطَّى الصَّدقةَ". ولا تَنْسَوا: "أنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقِي مَصَارَعَ السُّوء وَالآفَاتِ وَالهَلَكاتِ". 

 

يا مُؤمِنُونَ: عَلِّقُوا قُلُوبَكُمِ باللهِ تَعالى، وَثِقُوا بِقُرْبِهِ، وَوَعْدِهِ، فاللهُ فَارِجُ الهَمِّ. اسْألُوهُ بِقُلُوبٍ مُؤمِنَةٍ مُوقِنَةٍ، وَأَحسِنُوا بِهِ الظَّنَّ. يَقُولُ رَسُولُنَا –صلى الله عليه وسلم-: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُمْ».

 

أيُّها العالَمُ ما هذا السُّكُوتُ أَوَلا تُبصِرُ هذا الجَبَرُوتُ؟ أَوَلا تُبصِرُ في سُورِيا ظُلمَاً أَولاَ تُبصرُ أَطفَالاً تَمُوتُ؟ فلا إله إلاَّ اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السمواتِ السَّبعِ وربُّ العرشِ الكريم.

 

رَبَّنَا أَعِنْ إخوَانَنَا في سوريا وفي كلِّ مكان ولا تُعِنْ عَلَيهم وانصُرهم ولا تَنْصُرْ عَلَيهم، وامكُرْ لهم ولا تَمْكُرْ عَلَيهم، واهدهم ويَسِّر الهُدَى لهم، وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم. اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، مُجْرِىَ السَّحَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، هَازِمَ الأَحْزَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ طواغيتَ العصرِ وجُنْدَهم، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ، وَانْصُر إخوانَنَا عَلَيْهِمْ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ في نُحورِهِم، وَنَعوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهمْ.

 

اللَّهُمَّ اِكْفِنَاهمْ بِمَا شِئْتَ. اللَّهُمَّ سَلِّطْ على الأسَدِ جُنداً من جُندِكَ. اللهمَّ يَا قَوِيُّ انصُرْ إخوانَنا بِقُوتِكَ، يا عَظِيمُ! يَا قَدِيرُ! يا مَلِكُ! يا مُنتَقِمُ! يا جَبَّارُ! عليكَ بِبَشَّارِ الأسدِ وجُندِهِ وأعوانِهِ! اللهم يا كاشِفَ الضَّرَّاءِ، فَرِّج عن إخوانِنَا في سُوريا.

 

اللهم لَا تَكِلْهُمْ إلينا فَنضْعُفَ عَنْهُمْ، ولا تَكِلْهُمْ إلى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عنها، اللهم كِلْهُم إلى رحمَتِكَ التي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ. اللَّهُمَّ وحِّد صفوفَ إخوانِنا في سوريا، واجمع كلمتَهم على الحقِّ والهدى، اللَّهُمَّ احقن دِمائَهم، واحفظ أعراضَهم وأموالَهم. اللَّهُمَّ تَقَبَّل موتَاهم في الصَّالِحينَ، واشفِ مرضَاهُم، وهيئ لهم قادةً صالحينَ مُصلِحينَ اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ.

 

اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ، واجعلنا لِنِعَمِكَ من الشَّاكِرينَ يا ربَّ العالمينَ! رَبَّنا اغفر لَنا ذُنُوبَنا وإسرَافَنا في أمرنا وثَبِّت أقدامَنا وانصرنا على القومِ الكافِرِينَ.

 

اللهمَّ أصلحْ لنا وُلاتَنَا وهيئ لِهُم بِطَانةً صَالحةً نَاصِحَةً واجعلهم رَحمةً على رعاياهم يا ربَّ العالمينَ. (ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ)، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).

 

 

المرفقات

تستنصر بالمسلمين

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات