حكم حلق اللحى في الإسلام

عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/التحذير من مشابهة الكفار 2/ تنبيه الناس بأن حلق اللحية من المشابهة 3/ التحذير من التشبه بالنساء 4/ التحذير من استصغار حلق اللحية
اهداف الخطبة
تحذير الناس من حلق اللحى / تنبيه الناس إلى معايب حلق اللحى
عنوان فرعي أول
إكرام للرجال
عنوان فرعي ثاني
لعنة المتشبهين
عنوان فرعي ثالث
إن الجبال من الحصى

اقتباس

وقد يقول القائل: إن حلق اللحى أمر بسيط والعمدة على ما في القلب. فنقول: ليس بسيطاً بل هو عظيم، ولو صلح القلب حقيقة لصلحت الجوارح.
وقد كان الناس يرون حلق اللحى عيباً في الزمن القريب، ثمّ الآن انعكست الحالة، فصار البعض من الناس يرون بقاءها عليهم وامتثال السنة عيباً، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون...

 

 

 

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام:1]، أحمده سبحانه وأنزهه عمّا يصفه به المشركون، وأشكره على نعمه التي يعجز عن إحصائها الحاسبون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الحق؛ ومن عبد إلهاً سواه ولم يتب فعملهم باطل، وفي النار هم خالدون.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وخليله الصادق المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على نهجه وسبيله إلى الله يسيرون، وسلم تسليماً إلى يوم يبعثون.

أمّا بعد،

 فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وامتثلوا أمره واجتنبوا نهيه لعلكم تفلحون.

عباد الله إنّ الله سبحانه أمركم بما يصلحكم، ونهاكم عمّا يضركم، وحرّم عليكم مشابهة الكفار، وما يعمله المشركون؛ وذلك لتزكية نفوسكم، وتطهير قلوبكم ،وإبعادكم عن الداء القاتل، وحمايتكم عن ما يفعله الخاسرون؛ لأنّ التشابه والتوافق في الظاهر، يُخشى أنّ أهله بالأعداء يجتمعون على المصيبة الكبرى، والطامة العظمى التي لأجلها أهل الإسلام من المشابهة ممنوعون.

ومن المشابهة المنهي عنها حلق اللحى، أو قصها أو نتفها، فقد نهى عن ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأنكره وغلّظ فيه الإنكار، وشدد فيه التحريم، وتوعد من فعله فقال: "ليس منّا من تشبّه بغيرنا".

كان النبي عليه الصلاة والسلام له لحية عظيمة قد ملأت صدره، وقال صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم".

وقال: "خالفوا المجوس قصوا الشوارب وأرخوا اللّحى فإنّ المجوس يقصون اللّحى".
وفي الحديث الآخر: "خالفوا اليهود والنصارى، حفّوا الشوارب، وأرخوا اللّحى".
وفي رواية:-ووفِّروا اللّحى-، وفي رواية: وأكرموا اللّحى-.

ففي حلقها أو قصها أو نتفها مشابهة للمشركين ظاهرة، ومعاكسة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم سافرة، فلا ينبغي للمسلم أن يتهاون بالنصوص، كما قال الله تعالى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: من الآية63].

ففي مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ارتكاب نهيه خطر عظيم، وجرم كبير، وعذاب أليم، فمن أطاعه فليبشر بالجنة، ومن عصاه فليبشر بالنار، قال الله تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) [النساء:13-14]. وطاعة الرسول طاعةٌ لمن أرسله.

وفي حلقها أيضاً ضدٌ للرجولة، واختيارٌ للأنوثة ومحبة لها، وانضمام في سلكها ومشابهة للنساء.

وقد نهى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن مشابهة النساء. ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال".


ومع الأسف أن بعض الناس من المسلمين الآن اختار الميوعة والأنوثة، حتى لا يعرف أهو ذكر أم أنثى، وقد أمر الرجال بالخشونة، ونُهُوا عن الأنوثة؛ لأن النعومة لأهل الأنوثة، والخشونة لأهل الرجولة.

وقد كرم الله الرجال باللحى، وجعلها ميزة ظاهرة لهم على النساء. ورُوي أن من قَسَمِ عائشة رضي الله عنها أنها تقول: "والذي أكرم الرجال باللحى".

فإن اللحية زينة وجمال للرجال، وإزالتها من وجه الرجل مُثْلَة، وتقبيح لأوجه الرجال، ترجع وجوههم كأوجه العجائز نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.

وقد كان الناس يرون حلق اللحى عيباً في الزمن القريب، ثمّ الآن انعكست الحالة، فصار البعض من الناس يرون بقاءها عليهم وامتثال السنة عيباً، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

ما هذا التحول؟ وما هذه المخالفة؟ وما هذا الرجوع إلى الوراء؟ ومشي القهقرى عند البعض؟

وقد كان العلماء يحكمون على من أزالها إزالة لم تخرج اللحية بعدها بالدية كاملة، مائة ألف ريال ثمن مائة من الإبل، والآن صار الكثير من الناس يزيلها بنفسه، أو يؤاجر عليها بالدراهم من يزيلها، فأين التطبيق للإسلام الذي أمرنا باتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؟

فما حجتك يا عبد الله إذا وقفت بين يدي الله وسألك: لِمَ عصيت نبيي؟ وخالفت أمر رسولي؟ وشابهت أعدائي؟ ألم تبْلغْكَ نصوصه؟ أم قلّدتَ من ضلّ عن الصراط المستقيم، واتبع سبيل أهل الجحيم؟

ما هذا التقليد الأعمى، والمشابهة السخيفة؟ هل قلدتهم أيها المسلم في الصناعة والقوة والنشاط، أم قلدتهم في الرذائل؟

وقد كانت مخالفة المشركين، والنهي عن مشابهتهم أمراً مقصوداً للشارع صلوات الله وسلامه عليه، فالنهي عن حلق اللحى مسألة من مسائل كثيرة فيها الأمر بمخالفتهم والنهي عن مشابهتهم؛ لأن موافقة المشركين أمر خطير يمس العقيدة.

وقد صنّف شيخُ الإسلام ابن تيمية كتاباً سماه: "اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم".

والأمر الصادر من الرسول صلى الله عليه وسلم يجب على الخلق إتباعه سواء عرفوا الحكمة فيه، أو لم يعرفوها، قال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: من الآية7].

وقد يقول القائل: إن هذا الأمر بسيط والعمدة على ما في القلب.

فنقول: ليس بسيطاً بل هو عظيم، ولو صلح القلب حقيقة لصلحت الجوارح.

وقد نهى عن مشابهتهم حتى بالصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وغير ذلك مما جاءت به السنة المطهرة الآمرة بالخير، والناهية عن الشر لمصلحة العباد.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يقول الله سبحانه: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة:22].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 

 

 

 

المرفقات

460

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات