عناصر الخطبة
1/الإسلام ناسخ لكل الشرائع السابقة 2/كفر اليهود والنصارى 3/خصائص الأمتين الغضبية والضالة 4/ الحذر من الوقوع في شراك أهل الضلال 5/خطورة الدعوة إلى التقريب بين الأديان 6/تأملات في كتاب الإبطال للشيخ بكر أبو زيد 7/خطورة التردد في كفر اليهود والنصارى.اقتباس
فاليهود والنصارى أُمّتان كافرتان بعدم إسلامهم وبعدم إيمانهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ومتابعته في شريعته وترك ما سواها، وبعدم إيمانهم بنَسْخ شريعة الإسلام لما قبلها من الشرائع، وبعدم إيمانهم بما جاء به القرآن العظيم، وأنه ناسخ لما قبله من الكتب والصحف (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)..
الخُطْبَةُ الأُولَى:
أيها الإخوة: لقد أرسل الله الرسل لدعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، قال - تعالى -: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)[الشورى: 13]؛ وهو سبب إيجاد الخلق أصلاً (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات:56]، وأنزل الله الكتب نوراً وهدًى وبها أحكام وشرائع يسير عليها من نزل عليهم.
ولكن يا أيها الإخوة: لا بد من معرفة أن الإسلام الذي جاء به سيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً- هو ناسخ لكل الشرائع السابقة، فمن لم يؤمن بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ومات على ذلك فهو كافر خالد مخلد في النار.
أيها الإخوة: لقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لو كان موسى -عليه وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام- لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي"؛ فكيف بأتباعه؟! إنه لا يحق لهم أن يتعبدوا الله -عز وجل- إلا بما جاء به النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك أتباع عيسى -عليه السلام-.
بل يا أيها الإخوة: إن مَن لم يؤمن بمحمد نبياً فهو مُكذِّب بغيره من الرسل، ومن لم يؤمن بالقرآن فهو مُكذِّب بجميع الكتب السماوية وذلك لأنه -أيها الإخوة- جاء في جميع الكتب البشارة بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد أخذ الله ميثاق الأنبياء جميعهم باتباع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لو بُعِثَ وهم ما زالوا أحياء يقومون بالدعـوة إلى الله في أقوامهم، قال الله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[آل عمران:81-82].
وقال -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ)[المائدة: 48]. وقال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[الصف:6-9].
من هذه الآيات وغيرها من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتضح كفر من لم يؤمن بالقرآن وبمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك أنه لا يصح أن يُعبد الله بشريعة غير شريعة الإسلام التي جاء بها خاتم المرسلين -صلى الله عليه وسلم-، ولا يصح اتباع نبي غير محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو سيد وخاتم الأنبياء.
وهذا -أيها الإخوة- لو كانت التوراة والإنجيل باقية كما هي لم تحرّف، ولو أن أتباع الرسل السابقين مقيمون على شرائعهم دون تحريف؛ فإنه لا يُقبل منهم ذلك، ولا يصح منهم إلا الإسلام الذي هو ناسخ لكل الشرائع السابقة.. فكيف وقد ثبت أن أهل الكتب السابقة قد حرّفوها.. قال الله -تعالى-: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ)[المائدة: 13]. وقال -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)[البقرة: 79].
ويُضاف إلى ذلك -أيها الإخوة- أن اليهود والنصارى سبُّوا الله ورسوله وكفروا بالله ورسوله؛ حيث نسبوا إلى الله الولد، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد وكذَّبوا بالرسالة.. قال الله -تعالى-: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)[آل عمران: 181]. وقال -تعالى-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[التوبة:30].
وقال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة:17]، وقال -تعالى-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ)[المائدة: 73]؛ لقد جمعوا أنواع الكفر والضلال، ظلمات بعضها فوق بعض، فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
فاليهود والنصارى أُمّتان كافرتان بعدم إسلامهم وبعدم إيمانهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ومتابعته في شريعته وترك ما سواها، وبعدم إيمانهم بنَسْخ شريعة الإسلام لما قبلها من الشرائع، وبعدم إيمانهم بما جاء به القرآن العظيم، وأنه ناسخ لما قبله من الكتب والصحف (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران: 85].
فنعوذ بالله من طريق الأمة الغضبية المغضوب عليهم اليهود أهل الكذب والبهت والنفاق والغدر والمكر والحيل قتلة الأنبياء وأكلة السحت، أخبث الأمم طوية وأرداهم سجية وأبعدهم من الرحمة وأقربهم من النقمة، لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، أضيق الخلق صدوراً وأظلمهم بيوتاً وأنتنهم أفنية، تحيتهم لعنة، ونعوذ بالله من طريق الضالين النصارى المثلثة، أمة الضلال وعباد الصليب الذين سبّوا الله ولم يقروا بأنه الواحد الأحد، بل قالوا فيه ما تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًّا.. فدينهم شرب الخمور وأكل الخنزير وترك الختان، والتعبد بالنجاسات، واستباحة كل خبيث، فالحلال عندهم ما حلله القس والحرام ما حرمه.
ونعوذ بالله من كل مرتد، ومن طريق كل مبتدع ضال وعابد للشيطان والهوى أو عابد النيران، ونعوذ بالله من طريق كل من تولّى الكافرين واتخذهم بطانة ومستشارين ونتبرأ منهم إلى يوم الدين، ونعوذ بالله من كل طريق غير طريق الإسلام (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)[آل عمران: 19]؛ فالحذر الحذر من الوقوع في شراك أهل الضلال.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين يا رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فيا أيها الإخوة: إننا نسمع بين لحظة وأخرى وبين فينة وفينة دعوة غربية صهيونية صليبية ينعق بها بعض المسلمين، وخاصة ممن يتوسم فيهم الخير والصلاح مع الأسف الشديد، هذه الدعوة لها أسماء شتَّى وهدفها واحد، فتارة تسمى الدعوة إلى التقريب بين الأديان، وتارة نبذ التعصب الديني، أو الإخاء الديني أو وحدة الأديان أو توحيد الأديان الثلاثة، أو التعايش بين الأديان، أو تلاقي الحضارات والتعايش فيما بينها.
لدرجة أن هناك مَن فكَّر في طباعة القرآن الكريم والإنجيل والتوراة المحرفتان، في كتاب واحد، بل أقيمت صلاة مشتركة حضرها مع الأسف الشديد البعض ممن يمثل بعض المؤسسات الإسلامية وكان إمامهم في الصلاة البابا النصراني الكافر، فصلى باليهود والنصارى والمسلمين وبذلك قدم نفسه أنه زعيم الأمم وحدد لهم عيداً خاصاً سماه عيد التآخي ونشيداً موحداً سماه نشيد "الإله الواحد رب وأب"؛ تعالى الله عما يقوله الكافرون علواً كبيراً.
وقد بُنِيَ في بعض الأماكن وفي إحدى الدول الإسلامية كنيسة ومعبد ومسجد في مكان واحد، وكل هذا -أيها الإخوة- سعي من اليهود والنصارى والمنافقين لإخراج المسلمين من دينهم، وإماتة روح الجهاد عند المسلمين، وإلغاء عقيدة الولاء والبراء.
ولقد انبرى بعض أهل العلم والغيرة على الإسلام في الرد على هؤلاء الذين انساقوا وراء هذه الدعوات المشبوهة، وشاركوا فيها بالندوات والمحاضرات والاجتماعات، وبينوا الحكم الشرعي في هذه المشاركة وحكم الاستجابة لهذه الدعوة الكفرية.. ومن هؤلاء فضيلة الشيخ بكر عبد الله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء ورئيس المجمع الفقهي -حفظه الله-؛ حيث ألف كتاباً سماه: "الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان".
وإنني أنقل لكم بعض ما قاله في ذلك الكتاب بعد أن بيَّن وأصّل كفر جميع الملل التي لم تؤمن برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأن هذه الرسالة ناسخة لما قبلها من الرسالات، وأن القرآن ناسخ لجميع الكتب السابقة... وحذَّر المسلمين من خداع أهل البدع والضلالات التي منها الفرق الباطنية كالإسماعيلية أو النصيرية وغيرها، وكغلاة الشيعة الرافضة أو الصوفية أو الفرق التي أسَّسها اليهود والنصارى للطعن في الدين باسم الإسلام مثل البابية والبهائية والقاديانية، وقد حكم بكفر هؤلاء بإجماع من المسلمين، وكل هذه الفرق تدعو إلى نظرية الخلط بين الأديان.
يقول الشيخ -وفقه الله- في كتابه الإبطال: يجب على المسلمين الكفر بهذه النظرية.. وهذا من بديهيات الاعتقاد والمسلمات في الإسلام، وأن الدعوة إلى هذه النظرية: نفاق ومشاقة وشقاق وعمل على إخراج المسلمين من الإسلام.
ثم قال: ويجب على جميع أهل الأرض من الكتابيين وغيرهم الدخول في الإسلام بنطق الشهادتين والإيمان بما جاء في الإسلام جملة وتفصلاً، وترك ما سواه من الشرائع المحرمة والكتب المنسوبة إليها، وإن مَن لم يدخل في الإسلام فهو كافر مشرك.
ويجب على هذه الأمة، أُمة الاستجابة لهذا الدين، دعوة الناس وكل كافر إلى الإسلام حتى يسلموا، ومن لم يسلم فالجزية أو القتال. قال الله -تعالى-: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)[التوبة:29].
ثم قال الشيخ -حفظه الله-: "لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل وتوزيعهما ونشرهما، وإن نظرية طبعهما مع القرآن الكريم في غلاف واحد من الضلال البعيد والكفر العظيم. وكذلك لا تجوز الاستجابة لدعوة بناء مسجد وكنيسة ومعبد في مجمع واحد لما فيها من الاعتراف بدين يعبد الله به سوى الإسلام، وفيه أن الإسلام غير ناسخ لما قبله، وهذا فيه من الكفر والضلال ما لا يخفى".
ثم بين أن كل من استجاب لهذه الدعوة وقبلها وحضر اجتماعاتها ودعا المسلمين إليها فهو مرتد كافر، وبناءً على أصل شرعي أن من لم يكفّر الكافر فهو كافر؛ فقد حذّر الشيخ من التميع في هذه المسألة؛ مسألة التردد في كفر اليهود والنصارى وغيرهم من الملل التي لم تؤمن بمحمد نبياً ولا بالقرآن ولا بالإسلام ناسخاً لما قبله من الشرائع والكتب.
فقال: "إن دعوة المسلم إلى توحيد دين الإسلام مع غيره من الشرائع والأديان الدائرة بين التحريف والنسخ بشريعة الإسلام ردة ظاهرة وكفر صريح لما تعلنه من نقض جريء للإسلام أصلاً وفرعاً واعتقاداً وعملاً، وهذا إجماع لا يجوز أن يكون محل خلاف بين أهل الإسلام، وإنها دخول معركة جديدة مع عباد الصليب ومع أشد الناس عداوة للذين آمنوا فالأمر جد، وما هو بالهزل".
ثم قال -حفظه الله-: "ولا تلتفت أيها المسلم إلى غلط الغالطين، ولا إلى من خدعهم دعوة إخوان الشياطين ولا إلى المأجورين ولا إلى أفراد من الفرق الضالة من المنتسبين إلى الإسلام للمناصرة والترويج لهذه النظرية، فيتسنمون الفتيا وما هم بفقهاء، ولا بصيرة لهم في الدين وإنما حالهم كما قال -تعالى-: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[آل عمران: 78].
أيها الإخوة: اسمعوا وعوا، إياكم أن تتخذوا اليهود والنصارى والمنافقين أولياء ولا ترتدوا على أعقابكم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[المائدة: 54].
أسأل الله العلي العظيم أن يهدي ضالّ المسلمين، وأن يصرف عنهم كيد الكائدين، وأن يثبتنا جميعاً على الإسلام حتى نلقاه؛ إنه سميع مجيب.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم