حفظ الفرج واللسان

صلاح بن محمد البدير

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: وسائل التربية
عناصر الخطبة
1/أهمية الترفع عن الفاحشة 2/ سد الشريعة لسبل الفاحشة 3/ ضرورة الزواج المبكر
اهداف الخطبة
تحذير الناس من معاصي الفرج / الترغيب في التبكير في الزواج
عنوان فرعي أول
أثر الوليد بن عبد الملك
عنوان فرعي ثاني
لم تقبل لها صلاةٌ
عنوان فرعي ثالث
عضل الأولياء

اقتباس

الخطر يتعاظم، والفتن تحوط من كل جانب وسحب الشر متراكمة؛ فصونوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم، واحفظوا أعراضكم وكرامتكم وشرفكم؛ فإن الله سائلٌ كلَّ عبدٍ عما استرعاه أدَّى أم تعدى.. كونوا أباة العار وحماة العرين.. كونوا غيارا على الحرمات تتوفاكم الملائكة طيبين وتبعثوا طيبين، ويقال لكم يوم القيامة

 

 

 الحمد لله على عظيم نعمائه والشكر له على كريم عطائه، أحمده استتماماً لنعمته وأشكره استمناحاً لجوده وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. لا يفتقر من كفاه ولا يضل من هداه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم أنبيائه وخير أصفيائه.. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى من أقام من أمته على سنن الحق إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضل زاد، وأحسن عاقبة في معاد (.. إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [هود 49].

أيها المسلمون: المؤمن حين يستشعر عظيم منزلته وشريف قدره عند الله -تعالى- لا يتخبث بفاحشة ولا يتدنس بدنيئة ولا يتنبس برذيلة، بل يتطهر بترك المعاصي ويتنزه بفطام النفس عنها، ويتوقى ويتزكى.. ولا زكاة إلا بمقاومة الشهوة والترفع بها عن حضيض مشابهة البهائم، ولا طهارة إلا بحفظ الفرج عما لا يحل من الفاحشة وما قاربها، وستر العورة عمن لا تحل له رؤيتها والنظر إليها.

وحصن عن الفحش الجوارح كلها *** تكن لك في يوم الجزا خير شوهدي

يقول -جل في علاه-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور: 30 – 31].

وعن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ماملكت يمينك " أخرجه الترمذي.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد" أخرجه مسلم.

وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة " أخرجه البخاري، والمراد بما بين لحييه اللسان، وبما بين رجليه الفرج.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق "، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: " الفم والفرج " أخرجه الترمذي.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لعن الله من عمل عمل قوم لوط..قالها ثلاثاً " أخرجه أحمد وابن حبان.

وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " أخرجه أبو داود والترمذي.. قال الوليد بن عبد الملك -الخليفة الأموي باني (جامع دمشق)-: " لولا أن الله -عز وجل- قص علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً ".

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخٌ زانٍ، وملكٌ كذاب، وعائلٌ مستكبر " أخرجه مسلم.

قال الإمام أحمد: " لا أعلم بعد قتل النفس شيئا أعظم من الزنا ".

وعن عائشة -رضي الله عنها- لما خُسفتِ الشمسُ في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم خطب، وكان مما قال: " يا أمة محمد.. ما من أحد أغْيَر من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد.. والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلاً..ألا هل بلغت؟ " أخرجه مسلم.

فاتقوا الله وحاذروا نقمته وعذابه وغضبه وانتقامه.

أيها المسلمون: لقد حسمت الشريعة مواد الفاحشة ومنعت أسبابها وسدت كل طريق إليها، وحذرت الرجال من النساء والنساء من الرجال؛ فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء " متفق عليه.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " اتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " أخرجه مسلم.

وعن عقبة بن نافع الجهني -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إياكم والدخولَ على النساء " فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: " الحمو الموت " متفق عليه.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب ويقول: " لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرم " متفق عليه.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما " أخرجه أحمد.

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المرأة عورةٌ فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها " أخرجه ابن حبان.

وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا استعطرت المرأة ومرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا، وقال قولاً شديداً " أخرجه أبو داود.

وعن عبيد مولى أبي رهم: أن أبا هريرة لقي امرأةً متطيبةً تريد المسجد، فقال: يا أمة الجبار أين تريدين؟ قالت: المسجد، قال: وله تطيبتِ؟ قالت: نعم، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاةٌ حتى تغتسل " أخرجه ابن ماجه.

وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " لو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل، قيل لعمرة: نساء بني إسرائيل مُنعن من المسجد؟ قالت: نعم " أخرجه مسلم، وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سلم أي من الصلاة مكث قليلاً، وكانوا يرون أن ذلك كي ما ينفذ النساء قبل الرجال " أخرجه أبو داود.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " لو تركنا هذا الباب للنساء " ..قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات؛ أخرجه أبو داود.

وعن أبي أسيد الأنصاري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط النساء مع الرجال في الطريق:" استأخرن، فإنه ليس لكُنَّ أن تحققن الطريق.. عليكن بحافات الطريق " أخرجه أبو داود.

أيها المسلمون: الخطر يتعاظم. الخطر يتعاظم. الخطر يتعاظم، والفتن تحوط من كل جانب وسحب الشر متراكمة؛ فصونوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم، واحفظوا أعراضكم وكرامتكم وشرفكم؛ فإن الله سائلٌ كلَّ عبدٍ عما استرعاه أدَّى أم تعدى.. كونوا أباة العار وحماة العرين.. كونوا غيارا على الحرمات تتوفاكم الملائكة طيبين وتبعثوا طيبين، ويقال لكم يوم القيامة: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر: 73].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلِّمْ تسليمًا كثيرا.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) [الطلاق: 5].

أيها المسلمون: لقد أصبح الزواج المبكر في زماننا ضرورةً دينية وأمنيةً اقتصادية؛ فحصنوا الشباب والفتيات، وأزيلوا العوائق التي تعترض طريقهم، وحاذروا المبالغة في المهور والتكاليف الباهضة في الأفراح والإسراف والتبذير في الحفلات والولائم، وإذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.

وليحذر الأولياء من عضْل بناتهم وفتياتهم؛ فكم سمعنا من وليٍّ عضل موليته وظلمها وقهرها ومنعها من الزواج؛ طمعاً في مالها وراتبها، أو رغبةً في الحجر عليها لخدمته، أو معاندةً لوالدتها المطلقة.. أو غير ذلك من الحجج الباطلة والعلل المنكرة والأقوال الظالمة الجائرة.

فاتقوا الله -أيها الأولياء- اتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون وله ملاقون وإليه راجعون وبين يديه موقوفون وعلى ظلمكم نادمون، وعفُّوا أولادكم واحفظوهم بالنكاح الشرعي وأعينوهم على العفاف والإحصان.

ثم اعلموا أن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه وثنّى بملائكته المسبحة بقدسه وأيه بكم -أيها المؤمنون- من جنه وأنسه.. فقال قولًا كريما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أصحاب السنة المتبعة وعن جميع الآل والأصحاب الكرام.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم وفق أمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأصلح بطانته يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي عهده ونائبه الثاني لما فيه عز الإسلام والمسلمين.

اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.. عن بلدنا هذا خاصةً وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.

اللهم إنا نعوذ بك من الطعن والطاعون والوباء وهجوم البلاء في النفس والأهل والمال والولد.

اللهم كن لإخواننا في فلسطين ناصرًا ومعيناً ومؤيدًا وظهيرا.

اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود. اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود.

اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود.

اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعافِ مبتلانا، وفك أسرانا، وانصرنا على من عادانا.

اللهم حصِّن شبابنا وفتياتنا بالهدى والتقوى، وعافهم من كل شرٍّ وفتنةٍ وبلوى، اللهم واكفهم شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار.

عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
 

 

 

 

المرفقات

704

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات