عناصر الخطبة
1/ تاريخ الصحوة الإسلامية المباركة 2/ محاربة الكفار والمنافقين للمسلمين 3/ حرب الشعائر واستفزاز المشاعر 4/ هدف الحرب توهين الدين في قلوب الناس 5/ حرب ليست جديدة 6/ النصر لأهل الحق 7/ كيدهم بالنساءاقتباس
وعمد مسعرو الحرب على الإسلام إلى أسلوب الترغيب والترهيب، فيرغِّبون من ينحرف عن المنهج الحق، ويوافقهم في بعض باطلهم بفتاوى شاذة تبيح محرمًا أو تسقط واجبًا، ويفردون له صحفهم، ويستضيفونه في فضائياتهم؛ لإشهار ما وافقهم فيه من الباطل مع ترهيب من يخالفونه، وكتم أصواتهم، وإغلاق قنواتهم ومواقعهم، وحرمان الناس من علمهم ودعوتهم، واتهامهم بما ليس فيهم ..
الحمد لله العليم الحكيم، القوي العزيز؛ خالق الخلق ومدبرهم، وإليه مرجعهم، وعليه حسابهم.
الحمد لله الغني الكريم (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ) [غافر:3].
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى؛ أتم نعمته علينا، فأمدَّ في آجالنا، وبلغنا تمام شهرنا، وأعاننا على صيامنا وقيامنا، فله الحمد لا نحصي ثناءً عليه كما أثنى هو على نفسه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، خلق خلقًا لا يحصيهم غيره، ودبرهم فلا مدبر لهم سواه، هداهم لما يصلحهم، وعلمهم ما ينفعهم، وتكفل بأرزاقهم، قال موسى لفرعون معرفًا بربه سبحانه: (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه:50]، فاعرفوا فضل الله تعالى عليكم، واشكروا نعمته، واقدروه حق قدره: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [فاطر:3].
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ عزَّ عليه عنتنا فسأل ربه التخفيف عنا، وحرص علينا فعلمنا ديننا، ونصح لنا فاختبأ دعوته شفاعة لنا: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128]. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ سادة هذه الأمة وعلماؤها، وأمناؤها على رسالة ربها، نقلوا القرآن عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فبلغوه، وتحملوا الدين فأدوه، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعبدوه في كل أحيانكم، وإياكم وهجران المساجد والقرآن والقيام بعد رمضان؛ فإن ربكم يُعبَد في كل زمان ومكان وعلى أي حال.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر عدد ما صام الصائمون، وصلى المتهجدون، الله أكبر عدد ما دعا الداعون فاستجيب لهم، والله أكبر عدد ما سأل السائلون فأُعطوا سؤلهم، والله أكبر عدد ما تاب التائبون فتيب عليهم، والله أكبر عدد ما عمل العاملون فقبل عملهم، وشُكر سعيهم وغفر ذنبهم.
الله أكبر، شرع الصيام والقيام لمصالح العباد؛ ففيه صلاح قلوبهم، وزكاء نفوسهم، وقربهم من ربهم، وتخففهم من علائق دنياهم.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها الناس: يؤدي المسلمون هذه الصلاة الحولية في هذا اليوم العظيم بعد شهر الصيام والقيام، فمَنْ أحسن فيه فليحمد الله تعالى على إعانته وتوفيقه، وليحسن الظن بربه، وليكثر من الاستغفار لترقيع ما تخرق من عمله؛ فإن الاستغفار من أطيب الكلام: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر:10]، وأما من أساء في رمضان فقضاه في اللهو والنوم والغفلة فليعلم أنه إن فاته الشهر لم تفته التوبة بعد، فليتدارك ما بقي من عمره بتوبة نصوح قبل أن يحل أجله فيندم ولات حين مندم، وربه يناديه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82].
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: كانت الصحوة الإسلامية المباركة التي أعقبت انكسار المد القومي الجاهلي بعد ما سمي بالنكسة خيارًا طبيعيًا لأمة لا تعتز إلا بالإسلام، ولا تقوى إلا به، وقد جربت كافة الأفكار والشعارات الجاهلية، فما حصدت منها إلا ذلاً وهزيمة وبؤسًا، فآب أكثر شباب الإسلام إلى ربهم، ونبذوا كل فكر يعارض الإسلام، فامتلأت بهم المساجد، وأقبلوا على القرآن حفظًا وتحفيظًا، وعلمًا وتعليمًا، وازدهرت الدروس والدورات العلمية، وكثرت المحاضرات والكلمات الوعظية، وانتشر الخير في كثير من بلاد المسلمين، ولا سيما في البلاد التي كانت سياستها تتواءم مع المعسكر الغربي الرأسمالي، ولعل للسياسيين مآرب سياسية في التنفيس عن الناس لما انحازوا إلى الإسلام، كان من أهمها: القضاء على المد الاشتراكي الذي كان يشكل خطرًا على المد الاستعماري الغربي.
وانتشرت الصحوة الإسلامية في كافة أرجاء العالم الإسلامي في غفلة من أهل الكفر والنفاق، وكان لها عمق كبير في وجدان الشعوب المسلمة؛ لأنها ذاقت حلاوة الإيمان عقب الضياع في الشعارات الجاهلية الجوفاء، وكان انتشارها الكبير أثناء الفترة التي سميت بالحرب الباردة؛ حيث انشغال القطبين الكبيرين الشرقي والغربي ببعضهما.
ومن ألطاف الرب -جل جلاله- أن هذه اليقظة الإسلامية الكبيرة كانت في الجملة أثرية المصدر، سلفية المنهج، قوية التأصيل، تصدر عن الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، ولم تكن قائمة على أصول بدعية، أو مشارب حزبية، أو أفكار منحرفة؛ ولذا كان لعلمائها الأثريين حظوة وقبول في مشارق الأرض ومغاربها، وما انتشار أشرطتهم وكتبهم وفتاواهم في الأرض إلا دليل على ذلك، وتمدد هذا المنهج الأثري الرباني حتى بلغ أقاصي الأرض، وانتشر في مختلف الأصقاع، وأغاظ انتشاره أعداء الإسلام وأفزعهم، وقدروا أنهم إن لم يحاصروا الإسلام الأثري فإن أوروبا ستنقلب مسلمة خلال عقود قليلة؛ لقوة دافعة في هذا المنهج الرباني النقي تجذب الناس إليه.
وبفضل الله وحده فإنه ما إن سقطت الشيوعية، وهدم جدار برلين، وانتصر الغرب على الاشتراكية إلا والصحوة الإسلامية قد شبَّت عن الطوق، وانتشرت في الأرض، وعزَّت على الحصار والإنهاء، فالتفت الأعداء لها، وجعلوها كانت المقصودَ الأول للحملة الغربية الصهيونية الصليبية، التي حركت كتائب المنافقين في بلاد المسلمين لتشن حربًا شاملة على المنهج الأثري الرباني الذي كان وقود الصحوة المباركة، فانطلقت كتائب أهل الكفر والردة والنفاق في صحفها وفضائياتها تطعن في أرباب هذا المنهج وأنشطته ورموزه وعلمائه، ومؤسساته الدعوية، وجمعياته الخيرية، وتمالأ الكفر والنفاق، وتحالف الشرق مع الغرب في هذه الحرب القذرة، وحوصر العمل الخيري الإسلامي في كل بقاع الأرض، وحورب المنهج السلفي الأثري بدعاوى محاربة الوهابية، وتحت لافتة تجفيف منابع الإرهاب الوهابي، في الوقت الذي أشرعت فيه الأبواب لأهل كل نحلة وبدعة كي ينشروا ضلالهم في الناس.
وعمد مسعرو الحرب على الإسلام إلى أسلوب الترغيب والترهيب، فيرغِّبون من ينحرف عن المنهج الحق، ويوافقهم في بعض باطلهم بفتاوى شاذة تبيح محرمًا أو تسقط واجبًا، ويفردون له صحفهم، ويستضيفونه في فضائياتهم؛ لإشهار ما وافقهم فيه من الباطل مع ترهيب من يخالفونه، وكتم أصواتهم، وإغلاق قنواتهم ومواقعهم، وحرمان الناس من علمهم ودعوتهم، واتهامهم بما ليس فيهم.
ومن ثبت على المنهج الحق نالته حملتهم بالقدح فيه، والتأليب عليه، وتحريف كلامه، وتقويله ما لم يقل، بأسلوب قذر يذكِّر بأساليب اليهود حين كانوا يحرفون الكلم عن مواضعه، وما النفاق إلا نبت غرسه اليهود في أمة الإسلام.
لقد سارت هذه الحرب الكفرية النفاقية على الصحوة المباركة وأعلامها من أتباع المنهج السلفي الأثري في اتجاهين متوازيين، هما: حرب الشعائر، واستفزاز المشاعر؛ فالكفار والمنافقون يحاربون شعائر الإسلام الظاهرة بمحاولة محوها، كما منع النقاب في أوروبا لكونه شعارًا إسلاميًا ظاهرًا يرمز لعفة المرأة المسلمة واعتزازها بدينها، وثقتها بربها، ما زالت السلفية هي أقوى من يتمسك به ويدعو إليه، وتبعت أوروبا دول عربية في منع النقاب الشرعي بدعوى محاربة الوهابية وشعاراتها، مع أنهم -قاتلهم الله- قد تركوا شعارات راهبات النصارى، والمتدينات من السيخ والهندوس والبوذيين وغيرهم، فلا يُمنع إلا نقاب المسلمة، ويتوقع أن تزداد هذه الحملة الظالمة لتطال شعائر أخرى.
وأما استفزاز المشاعر فبالطعن المباشر في النبي –صلى الله عليه وسلم-، وفي القرآن، وفي الإسلام مباشرة، واتهامه بشتى التهم الباطلة كما يقوم به الأصوليون الإنجيليون، وغلاة العلمانيين العرب، وَقَدْ أعلن قس أمريكي أنه غدًا سيحرق نسخًا من القرآن في ميدان عام؛ إهانة لكتاب الله تعالى، ونكاية بالمسلمين، شل الله تعالى أركانه، وأخزاه ومَنْ وراءه.
أَو يكون استفزازهم بالسخرية من شريعته، والطعن في أحكامه، والاستهزاء بأتباعه، كما يقوم به المنافقون في أعمدة صحفهم، ومسلسلات فضائياتهم، مع تصحيح أديان الكفر، بل وتفضيل النصراني على المسلم، والافتئات على الشريعة بإباحة المحرمات، وإسقاط الواجبات، وتصدير الجهلة ليقولوا في الشريعة بلا علم، ويغيروا أحكامها بلا ورع، وإسكات أصوات الحق بشتى الوسائل.
والهدف من حرب الشعائر واستفزاز المشاعر هو توهين الدين في قلوب الناس، والإيحاء لهم بوجود الاختلاف فيه؛ لزعزعة ثقتهم في شريعة ربهم سبحانه، وإقناعهم بأن متطلبات العصر تقضي بإلغاء بعض أحكامه، وإبدال غيرها بها، ومن يشترون بعهد الله تعالى وأيمانهم ثمنًا قليلاً يشاركون في هذه الحملة القذرة بشواذ فتاواهم، وغريب أقوالهم، وما يدعونه من تيسير مبني على أهواء الناس وأذواقهم، والمشاركة في التسلط على أهل الحق بالثلب لتحقيق مكاسب دنيوية، أو لتصفية حسابات خاصة.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: إن الأذى الذي يواجهه أهل الحق على أيدي الكفار والمنافقين بحرب شعائرهم واستفزاز مشاعرهم ليس جديدًا؛ فالله تعالى قد أخبرنا بوقوع ذلك من الكفار: (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا) [آل عمران:186]، وقال عن المنافقين: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ) [التوبة:61]، ولو كان النبي –صلى الله عليه وسلم- بيننا لآذاه منافقو العصر، ولسخروا منه في صحفهم وفضائياتهم كما آذاه المنافقون السابقون، فهاهم يؤذون أتباع النبي –صلى الله عليه وسلم-، ويردون أحكامه، ويسخرون من شريعته.
إن حقدهم على الإسلام وأهله وعلمائه ودعاته قد فاض من صدورهم، ونطقت به ألسنتهم في فضائياتهم، وخطته أقلامهم في صحفهم؛ طعنًا في الدين وحملته ودعاته.
إن قلوبهم مع الأعداء ولو كانت أجسادهم معنا، وليسوا منا ولو لبسوا ثيابنا، ونطقوا بألسنتنا: (يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ) [التوبة:64]، (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ) [محمد:29]، إنها الضغائن والأحقاد التي يقذفونها في صحفهم وفضائياتهم، ووالله الذي لا يحلف بغيره لن يسلموا من العقوبة، ولن يسلم دين من وافقهم أو أعانهم أو أطاعهم، أو رضي أفعالهم؛ إذ كيف يسلم دين من رضي الطعن في ربه ونبيه ودينه وشريعته، أو زعم الوقوف على الحياد من ذلك؛ فأين الولاء لله تعالى؟! وأين الولاء لنبيه ودينه؟! وأين البراءة من النفاق وأهله؟!
إن الله تعالى ما جعل في تقسيم الناس فريقًا ثالثًا للمحايدين، بل أخبرنا أن المنافقين كانوا (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ) [النساء:143]، وليس في الآخرة إلا فريقان لا ثالث لهما: (فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [الشُّورى:7].
إن هذا المكر الكبار، والتسلط العظيم من أهل الباطل على أهل الحق محنة وابتلاء عظيم للمؤمنين: (لِيَمِيزَ اللهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [الأنفال:37]، وقد رأينا كثرة المتساقطين والمتغيرين، والملاينين في دينهم، والمداهنين لأعدائهم ممن لم يثبتوا أمام موجات الابتلاء والتمحيص، فوافقوا أهل الباطل في باطلهم؛ رغبًا في دنياهم، أو رهبًا من أذاهم؛ ما يستوجب تفقد القلوب، وإصلاح العلاقة مع الله تعالى، والأخذ بأسباب الثبات على الحق، وإدامة النظر في سير الثابتين، وكثرة تدبر القرآن؛ فإنه سبب عجيب للثبات، ولا سيما قراءة قصص المرسلين وثباتهم أمام الملأ من أقوامهم وطغاتهم.
يا أهل القرآن: قد قرأتم القرآن وسمعتم آياته في الليالي السالفة، وعرفتم أن أهل الحق منصورون وإن بدوا في الظاهر ضعفاء، وعلمتم أن أهل الباطل مقهورون وإن كانوا في الظاهر أقوياء، ورأيتم كيف أن الله تعالى يديل لأهل الباطل ابتلاءً منه لعباده، لكن العاقبة للتقوى وللمتقين، فلا تقطعوا حبل الله تعالى وتستبدلوا به حبال الكفار والمنافقين رغبًا أو رهبًا؛ فإن حبل الله تعالى متين، وإن كيد الأعداء ضعيف: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء:76]، (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الكَافِرِينَ) [الأنفال:18].
ومن سنة الله تعالى أن المجرمين يمكرون بالمؤمنين، لكن مكرهم يعود عليهم: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) [الأنعام:123]، (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَللهِ المَكْرُ جَمِيعًا) [الرعد:42]، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا) [الطًّارق:17].
إن وصية الله تعالى لنا في مواجهتهم هي التسلح بالصبر على أذاهم، وعدم طاعتهم في منكرهم، ولا الخضوع لمكرهم، ولا الخوف من كيدهم: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) [النحل:127]، (وَلَا تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وَكَفَى بِالله وَكِيلًا) [الأحزاب:48].
أيتها المرأة المسلمة، أيتها الصائمة القائمة: إن إخراج المرأة من منزلها، والقضاء على حيائها وعفتها، وبذل عرضها لفسقة الرجال هو الغاية التي يريد المنافقون والشهوانيون تحقيقها، ويسوقونها تحت شعارات كاذبة، ودعاوى زائفة، كتأمين مستقبل المرأة، ومنحها استقلاليتها، ومنع وصاية الرجل عليها، لكن قد قرأنا وسمعنا أنهم لما خلطوا المرأة بالرجال في بعض ميادين العمل مكنوا للرجل أن يتحرش بها، ويساومها على عرضها، ويشترط لتشغيلها جمالها، والاعتناء بمظهرها؛ فكان معيار قبولها جمالها وابتذالها، وليس كفاءتها ولا خبرتها، فهل هؤلاء قد نصحوا للمرأة وصدقوا معها أم غشوها؟! والله إن ما يرفعونه من شعارات حقوق المرأة ليس إلا استغلالاً بشعًا لتسويغ فكرهم الفاسد، ونشر مرضهم الشهواني الخبيث في الناس، وقد قال الله تعالى: (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء:27].
حفظ الله تعالى نساء المسلمين بحفظه، وأسبغ عليهن ستره، وحماهن من كيد الكفار والمنافقين والشهوانيين، إنه سميع مجيب.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: هذا اليوم العظيم من أيام الله تعالى هو يوم الفرح والشكر، الفرح بإدراك رمضان، وشكر الله تعالى على هدايته وتوفيقه لأداء الصيام والقيام: (وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185]، وهو يوم فطر وقع بين صيامين: صيام فريضة، وصيام نافلة، فمن صام رمضان وأتبعه بستة أيام من شوال فكأنما صام الدهر كله كما أخبرنا بذلك نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم-، فافرحوا برخصة الله تعالى لكم، واذكروه كما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم.
هذا اليوم هو يوم فرح وسرور، فأدخلوا الفرحة على والديكم ببرهم، وعلى قرابتكم بصلتهم، وعلى جيرانكم بتفقدهم، وعلى أهلكم وولدكم بالتوسعة عليهم، وتقربوا لله تعالى بذلك؛ فمن نعمة الله تعالى أن جعل الفطر والرخصة والتوسعة في اللهو المباح قربة في هذا اليوم العظيم، كما جعل حبس النفس عن مشتهياتها عبادة بالأمس.
أيها الإخوة: وافق عيدُ هذه السنة يوم الجمعة، فاجتمع العيدان في يوم واحد، فمن صلى العيد فالأفضل أن يحضر الجمعة، وله رخصة أن لا يحضرها؛ لكن يجب عليه أن يصلي فرض الظهر، وقد وقع ذلك على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال لأصحابه: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مُجمِّعون". رواه أبو داود.
أعاده الله تعالى علينا وعليكم وعلى المسلمين باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
إن الله وملائكته يصلون على النبي...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم