حجية السُّنة ووجوب اتباعها

الشيخ خالد المهنا

2024-12-27 - 1446/06/25 2024-12-28 - 1446/06/26
التصنيفات: الإيمان
عناصر الخطبة
1/منة الله على أمة الإسلام بالوحي 2/حجية السنة النبوية ومكانتها الشريفة 3/واجب الأمة الإسلامية تجاه السنة النبوية 4/الآثار الحسنة لاتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم

اقتباس

إنَّ من علامات صحة الإيمان وسلامة المعتقَد تعظيمَ سُنَّة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، واعتقادَ حُجِّيتِها، والإذعانَ لها والتحاكمَ إليها، فَمَنْ كان مؤمنًا بكتاب الله -تعالى- فهو مؤمن حُكمًا ولزومًا بسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم، وأرشدَنا إلى صراطه المستقيم، أحمده حمدَ معترِف بالتقصير فيما يَلزَمُه من شُكر هِبَاتِهِ، وأسأله التوفيقَ للعمل لِمَا يُقرِّب إلى مرضاته، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ شهادةً تُبلِّغ معتقِدَها ما أمَّلَه، ويختم اللهُ لقائلها بالسعادة عملَه، وأشهد أن محمدًا عبدُه المنتخَب من بَرِيَّتِه، ورسولُه الداعي إلى طاعته، أرسله بالحق المبين، وابتعثه بالشرع المتين، صلى الله عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله الكرام الطاهرين، وصحابته أجمعين.

 

أما بعدُ: فأوصيكم -يا عباد الله ونفسي- بتقوى الله التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلى عليها؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الْحَشْرِ: 18].

 

أيها المسلمون: الوحي هو كرامة الله لهذه الأمة، وهو عزها ومجدها الذي سمت به على جميع الأمم إلى آخر الدهر، قال جل ثناؤه مثبتا نبيه، وممتنا عليه وعلى أمته: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)[الزُّخْرُفِ: 43-44].

 

والوحي هو النور الذي أنزله الله على رسوله كما قال -سبحانه-: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا)[التَّغَابُنِ: 8]، وهو حكمه وشرعه، وبشارته ونذارته كما قال عز سلطانه: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)[الْأَنْعَامِ: 19]، هو محكم الآيات البينات، وصحيح السنن الواضحات، وهو الصلة بين الأرض والسماوات، فيه الغَناء والشفاء، وفي اتباعه الرشد والهدى، ومن تنكب عنه ضل وغوى، فقد قال تقدست أسماؤه لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي)[سَبَأٍ: 50].

 

بالوحي -يا عباد الله- حياة القلوب والأرواح، وبه تحيا مصالح الدين والدنيا، وهو النور الذي يهدي به اللهُ مَنْ يشاء من عباده، قال -جل جلاله-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا)[الشُّورَى: 52].

 

ولقد امتنَّ اللهُ بوحيه على عبده ورسوله خاتم النبين وقائد المرسلين، فكان معجزته التي فاقت كل معجزة لرسول كريم قبله، كما دل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "‌مَا ‌مِنَ ‌الْأَنْبِيَاءِ ‌نَبِيٌّ ‌إِلَّا ‌أُعْطِيَ ‌مَا ‌مِثْلهُ ‌آمَنَ ‌عَلَيْهِ ‌الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أوتيته وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

 

ولقد كان جبريل -عليه السلام- أمين الوحي من رب العالمين، ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالآية وبالآيات، وينزل عليه بالسورة، كما قال -سبحانه-: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)[الشُّعَرَاءِ: 193-194]، وكان ينزل بالسُّنَّة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما قال عزَّ سلطانُه: (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)[النِّسَاءِ: 113]، قال التابعي الجليل حسَّان بن عطية: "كان جبريل ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن يعلمه إيَّاه"، وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنَّه قال: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه"، قال ابن القيم: "وهذا هو السنة بلا شك"، وكان نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفرقا وموزعا على سني بعثته المباركة، الثلاث والعشرين، بحسب الوقائع والأحداث والدواعي، وكان على ثقله أكبر تشريف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان له مثبتًا ومؤنسًا، حتى ألفه -عليه الصلاة والسلام-، فكان عظيم الشوق إليه، وإلى الروح الأمين جبرائيل -عليه الصلاة والسلام-، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجبريل: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ قال: فنزلت: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)[مَرْيَمَ: 64]".

 

وأَلِفَ تنزُّلَ الوحيِ الصحابةُ رجالًا ونساءً، فكانوا ينتظرونه بلهفة واشتياق، فلا غرو أن كان حزنهم بوفاة رسول الله مضاعَفًا؛ لفقدهم من كان أحب إليهم من أولادهم وأهليهم، وأموالهم معهم، بل من أنفسهم، ولانقطاع الوحي من بعده، كما وصف تلك الحالة أبو سفيان -رضي الله عنه- حين قال يرثي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

فقدنا الوحي والتنزيل فينا *** يروح به ويغدو جبرائيلُ

وذاكَ أحقُّ ما سالَتْ عليه *** نفوسُ الناسِ أو كَرُبَتْ تسيلُ

 

وقال أبو بكر لعمر -رضي الله عنهما- بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "انطلِقْ بنا نزور أُمَّ أيمنَ، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزورها، فلما انتهَيَا إليها بَكَتْ، فقال: ما يبكيكِ؟ أما تعلمينَ أنَّ ما عند الله خيرٌ لرسول الله؟ قالت: ما أبكي ألَّا أكون أعلم أن ما عند الله -تعالى- خير لرسول الله، ولكن أبكي أن الوحي انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء فجعلَا يبكيانِ معها".

 

ولَمَّا كان الوحي بهذه المنزلة شرفًا وحكمًا، وكان إمَّا قرآنًا متلوًّا متعبَّدًا بتلاوته، وهو كلام الله المنزَّل على نبيِّه تبيانًا لكل شيء، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، أو سُنَّة نبويَّة تُفسِّر القرآن وتُبيِّن مُجمَلَه، وتُعبِّر عنه وتدلُّ عليه، وتستقلُّ بأحكام تدخل في عموم أمر الله في كتابه بطاعة رسوله، وأنها من طاعته، لما كان الأمر كذلك فقد أدرك حماة الملة وأنصار الدين من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان عزة هذا الشأن ونفاسته، وقدره ومكانته، فبذلوا في سبيل صيانته وحفظه أوقاتهم، وهجروا أوطارهم، وفارقوا لتحمله ولقي رواته أوطانهم، وركبوا لذلك الأخطار، وواصلوا الأسفار، وأفنوا في سماع الحديث وكتابته وجمع طرقه الأعمار، وواصَلُوا في مذاكرته وتطلبه الليل بالنهار، وتصدَّوا لكل مبطِل يروم إلحادًا فيه أو حَيدةً عنه، أو يبتغي الْهُدَى من غيره، وها هي دواوين السُّنَّة المطهَّرة وعلومها، وأخبار حملتها ونُقَّادها وفرسانها، تُنبئ عن جهد عظيم، أذعَن له المخالِف قبل الموافق، واستدلَّ به على صحة هذا الدين الحائرُ الباحثُ عن الحقائق، كيف لا وقد تكفَّل العزيزُ الرحيمُ بحفظ وحيه الذي أوحى إلى رسوله فقال جل ثناؤه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الْحِجْرِ: 9]، والذكر في هذه الآية اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيِّه من قرآن أو سنة، فإن تلكم الآية الكريمة وإن نزلت بلفظها في القرآن إلا أنَّها تتناول السنة بمعناها؛ لأن السنة بيان القرآن، ولا يتم العمل بالقرآن إلا ببيان من السنة، فلزم من حفظ القرآن حفظ السنة، وهذه شواهد الآية الكريمة اليوم ناطقة بصدق وعد الحق المبين -سبحانه-، في مدوَّنات الحديث الشريف من صحاح ومساند، وسنن وجوامع وأجزاء ومعاجم، وها هي مصنفات رواة الحديث من رجال الأسانيد تفصح عن أحوالهم عدالة وجرحا، حاشا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد زكاهم ربهم من فوق سبع سماوات، في نظام علمي بلغ الذروة إتقانا وإحكاما، وكان سورا للسنة المطهرة من تشغيب المعتدين، بل هو من خصائص هذه الأمة المُحمديَّة وفضائلها، وأعظم دلائل صدقِ نبيِّها، وأن ما جاء به تنزيل من حكيم حميد.

 

عبادَ اللهِ: إن لأئمة السنة والحديث من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم فمن بعدهم الذين حملوا ثم أدَّوْا ميراثَ نبيِّنا إلينا، إن لهم لحقًّا عظيمًا علينا، فما أولانا وقد جئنا من بعدهم أن نعرف لهم فضلهم، وأن نتقرب إلى الله بحبهم وموالاتهم والدفاع عنهم، وما أجدر ناشئتنا بمعرفة أحوالهم وسيرهم، وما أحقهم بالاطلاع على مناقب كبار حفاظ الحديث وأئمته؛ أمثال الزهري والأوزاعي، وشعبة بن الحجاج ومالك وسفيان الثوري، وحماد بن زيد وابن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد، وابن المديني، وابن معين وأحمد بن حنبل والبخاري، وأبي زرعة وأبي حاتم الرازي، ومسلم وأبي داود والترمذي والنَّسائي، وابن خزيمة والدارقطني، مستحضرين جهادهم -رحمهم الله- في الذب عن سنة نبيهم، باذلين الوسع والجهد حفظًا لما جاهدوا لحفظه وضبطه، حتى وصل إلينا نقيًّا عذبًا مسلسلًا، متفقهين فيه عاملين به، على نور من هدي سلف هذه الأمة؛ إذ هذا طريق النجاة من العذاب الأليم، والسعادة في دار النعيم المقيم.

 

أيها المسلمون: إنَّ من علامات صحة الإيمان وسلامة المعتقَد تعظيم سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، واعتقاد حجيتها، والإذعان لها والتحاكم إليها، فمن كان مؤمنًا بكتاب الله -تعالى- فهو مؤمن حُكمًا ولزومًا بسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك أن الله -تعالى- أمر في كتابه الذي نزَّله على رسوله باتباع الرسول وطاعته، طاعة مطلقة، فيما أدركته العقولُ أو لم تدركه، وتصديق خبره فيما علمناه وما لم نعلمه؛ إذ لا فلاح ولا طريق يوصل إلى الله وإلى ولايته وكرامته ومحبته ورضوانه إلا بمتابعة رسوله وطاعته، قال -سبحانه-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)[آلِ عِمْرَانَ: 31]، وقال جلَّ شأنُه: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الْأَعْرَافِ: 157].

 

ولقد عرف أئمة الإسلام قدر السُّنَّة النبويَّة فعظموا شأنها، وحرضوا على اتباعها، وحذروا من مغبة مخالفتها أو تقديم الرأي عليها، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان مسح باطن الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على ظاهر خفيه"، وقال الصحابي السابق الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "اتبِعُوا ولا تَبْتَدِعُوا، فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق"، وقال الإمام التابعي الجليل أبو الزناد عبد الله بن ذكوان القرشي المدني: "إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيرًا بخلاف الرأي، فلا يجد المسلمون بدا من اتباعها، فمن ذلك أن الحائط تقضي ولا تقضي الصلاة"، وقال التابعي الجليل سيد العلماء في زمانه أيوب السختياني -رحمه الله-: "إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دعنا من هذا، حسبنا كتاب الله فاعلم أنَّه ضال"، وقال الإمام الشافعي: "إذا وجدتم سنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاتبعوها ولا تلتفتوا لأحد"، وقال أيضًا: "أجمع المسلمون على أن من استبانت له سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليس له أن يدعها لقول أحد من الناس".

 

نفعني الله وإيَّاكم بهدي كتابه، وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، أقول قولي هذا وأستغفِر اللهَ لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله بجميع المحامد على جميع النعم، والصلاة والسلام على خير خلقه المبعوث إلى خير الأمم، وعلى آله وصحبه مصابيح الظلم.

 

أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: الاعتصام بسُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآثاره، والتمسُّك بها، والعض عليها بالنواجذ هو الحق المبين، وبه صلاح الأمة، وهو سبيلها إلى الاجتماع والائتلاف، وهو حبل نجاتها من الفُرْقة والاختلاف، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، كما قال ذلك إمام دار الهجرة، وسيد علمائها وفقهائها مالك بن أنس -رحمه الله-، وتلك كلمة قالها وعليها مسحة من النبوة، ولمحة من روحها.

 

أيها المسلمون: إنَّ من أعظم بركات اتباع الوحيين الشريفين وتعظيمهما والوقوف عند حدودهما سلامة معتقَد المسلم في توحيد ربه، وإخلاص الدين له، وعصمته من التلبس بالبدع والمحدثات، ومن وطن نفسه على الاهتداء بنورهما فقد هدي إلى صراط مستقيم، وتمسك بحبل متين، فلا تعصف به رياح الشُّبُهات والشكوك، ولا تزيغ به الأهواء -بإذن الله-؛ وذلكم هو الانقياد والتسليم لله ولرسوله، الذي هو شرط صحة الإيمان، المذكور في قوله -سبحانه-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[النِّسَاءِ: 65]، قال التابعي الإمام الذي كان أحفظ هذه الأمة في زمانه، وأوسعهم رواية، أبو بكر محمد بن مسلم الزهري -رحمه الله-: "من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التسليم"، وقال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "فعليك بلزوم السنة؛ فإنَّها -بإذن الله- لك عصمة، واعلم أن من سن السنن قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والتعمق والحمق؛ فإن السابقين عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كُفُوا".

 

عبادَ اللهِ: مَنْ عظَّم الوحي أمرًا ونهيًا وخبرًا فقد عظَّم الله -تعالى-، ومَنْ عظَّم ربَّه فهو العارف به -سبحانه-، وذلك مطلوب الله من عباده، ولا يبلغ عبدٌ ذلك حتى يتجرَّد من هوى نفسه، ويخلص في الإنابة إلى ربه، فحين ذاك تشرق أنوار الوحي على قلبه، فما يكون أحد أطيب منه عيشًا، ولا أنعم منه روحًا، ولا أسكن منه نفسًا.

 

اللهمَّ امنُنْ علينا بالتمسُّك بكتابك وبسنة نبيك، اللهمَّ أحينا وتوفنا عليهما برحمتك، اللهمَّ ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فاطر السماوات والأرض، أنتَ وَلِيُّنَا في الدنيا والآخرة، توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين.

 

يا أيها الناسُ: إن الله -تعالى- لم يُنعِم على أهل الأرض نعمةً أعظمَ من إرسال محمد -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فأدِيموا لذلك شكرَ ربِّكم، وأدُّوا بعضَ حقِّ نبيِّكم بكثرة الصلاة والسلام عليه تعظم أجوركم، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِكَ ورسولِكَ وأمينك على وحيك، وخيرتك من خلقك، وعلى آله الأبرار، وارض اللهمَّ عن جميع صحب نبيك الذين اخترتهم لصحبته، وإقامة دينه وحفظ سنته، وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

اللهمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، وأَذِلَّ الشركَ والمشركينَ، ودَمِّر أعداءَكَ أعداءَ الدِّينِ، وانصر عبادك المؤمنين يا قوي يا عزيز.

 

اللهمَّ آمِنَّا في بلادنا ودورنا، وأصلح اللهمَّ أئمتنا وولاة أمورنا، اللهمَّ وفق ولي أمرنا عبدك خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهمَّ أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام، اللهمَّ أعنه وولي عهده لما فيه صلاح أمر الإسلام والمسلمين.

 

اللهمَّ كن لعبادك المستضعَفين في فلسطين معينًا وظهيرًا، ومؤيدا ونصيرًا، اللهمَّ إنهم مغلوبون فانتصر لهم، اللهمَّ أمِّنْ خائفَهم، وأطعم جائعَهم، واشفِ صدورَهم من عدوكَ وعدوهم، اللهمَّ انصرهم على الصهاينة المعتدين الغاصبين يا قوي يا عزيز، اللهمَّ وأصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ اجمع كلمتهم على الحق والهدى يا ربَّ العالمينَ.

 

سبحان ربنا رب العزة عمَّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

المرفقات

حجية السُّنة ووجوب اتباعها.doc

حجية السُّنة ووجوب اتباعها.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات