حج

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

الحج لغة: مصدر قولهم حجّ يحجّ هو ومأخوذ من مادّة (ح ج ج) الّتي تدلّ على أربعة معان:

 

الأول: القصد، وكلّ قصد حجّ، والثّاني: الحجّة وهي السنة، والثّالث: الحجاج- (بفتح الحاء وكسرها)- وهو العظم المستدير حول العين، والرّابع الحجحجة بمعنى النكوص (انظر أمثلة هذه المعاني وشواهدها في مقاييس اللغة:2-300).

 

والحجّ المذكور هنا إنّما يرجع إلى المعنى الأوّل وهو القصد أو القصد للزّيارة، يقال: ورجل محجوج أي مقصود، وحجّة يحجّه حجّا: قصده. وقد حجّ بنو فلان فلانا إذا أطالوا الاختلاف إليه. قال المخبّل السّعديّ:

 

وأشهد من عوف حلولا كثيرة *** يحجّون سبّ الزّبرقان المزعفرا

 

(السّب- بكسر السين: العمامة والمراد شخص الزبرقان).

 

قال ابن السّكّيت: يكثرون الاختلاف إليه. هذا الأصل، ثمّ تعورف استعماله في القصد إلى مكّة للنّسك والحجّ إلى البيت خاصّة. تقول: حججت البيت أحجّه حجّا. إذا قصدته. ورجل حاجّ: وقوم حجّاج، وحجيج، والحجيج جماعة الحاجّ، والحجّ بالكسر: الاسم، والحجّة: المرّة الواحدة، وهو من الشّواذّ؛ لأنّ القياس بالفتح والحجّة السّنة، والجمع الحجج.

 

ويقال للرّجل الكثير الحجّ: إنّه لحجّاج. قال سيبويه: وقالوا حجّة واحدة، يريدون عمل سنة واحدة.

 

قال الأزهريّ: الحجّ قضاء نسك سنة واحدة. وبعض يكسر الحاء، فيقول: الحجّ والحجّة، وقرئ: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (آل عمران: 97). والفتح أكثر.

 

وذو الحجّة: شهر الحجّ، سمّي بذلك للحجّ فيه، وامرأة حاجّة ونسوة حواجّ بيت اللّه بالإضافة إذا كنّ قد حججن، وإن لم يكنّ قد حججن، قلت: حواجّ بيت اللّه. وأحججت فلانا: إذا بعثته ليحجّ، ويوم الحجّ الأكبر هو يوم النّخر (انظر: الصحاح للجوهري (1-304)، والنهاية لابن الأثير (1-340، 341)، ولسان العرب لابن منظور (2-226، 229)، ومفردات الراغب (170)، ومقاييس اللغة (2-30). والقاموس المحيط (حجج) (ص 234).

 

واصطلاحا: قصد بيت اللّه إقامة للنّسك، وقال الجرجانيّ: قصد لبيت اللّه تعالى بصفة مخصوصة في وقت مخصوص بشرائط مخصوصة.

 

وقال الحافظ في الفتح: الحجّ في الشّرع: القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة. وقال العينيّ: الحجّ قصد إلى زيارة البيت الحرام على وجه التّعظيم بأفعال مخصوصة (انظر: التعريفات للجرجاني:82، وفتح الباري:3-378، وعمدة القاري للعيني:9-121، ودليل الفالحين لابن علان:4-73).

 

العناصر

1- حكم الحج وفضله   2- صفة حج النبي كما رواها جابر   3- أركان الحج ووجباته   4- مَن حَجَّ لله فلم يرفث ولَم يفسق رجع كيوم ولَدته أمُّه   5- محظورات الحج   6- من آداب الحج   7- الحج مظهر من مظاهر الوحدة والائتلاف   8- من معاني الحج وأسراره   9- حكم استنابه القادر في حج النفل  

الايات

1- قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)[البقرة:158].   2- قال تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[البقرة:196-203].   3- قال تعالى: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ)[آل عمران: 97].   4- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[المائدة:2].   5- قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[المائدة:93-97].   6- قال تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[التوبة:19]   7- قال تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ * وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)[الحج:26-37].   8- قال تعالى: (وهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)[الفتح:25].   9- قال تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)[الفتح:27].  

الاحاديث

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "بُنِي الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رسولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ"(متفقٌ عَلَيْهِ).   2- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبَنَا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الحَجَّ فَحُجُّوا". فَقَالَ رَجُلٌ: أكُلَّ عَامٍ يَا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثاً. فَقَالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ) ثُمَّ قَالَ: "ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإذَا أمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْءٍ فَدَعُوهُ"(رواه مسلم).   3- وعنه، قَالَ: سُئِلَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: (إيمَانٌ بِاللهِ وَرسولِهِ) قيل: ثُمَّ ماذا؟ قَالَ: (الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ) قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبرُورٌ"(متفقٌ عَلَيْهِ). "المبرور" هُوَ: الَّذِي لا يرتكِبُ صاحِبُهُ فِيهِ معصيةً.   4- وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، يقول: "مَنْ حَجَّ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ"(رواه البخاري:١٨٢٠، واللفظ له، ومسلم:١٣٥٠).   5- وعنه: أنَّ رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قال: "العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةَ"(متفقٌ عَلَيْهِ).   6- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قَالَت: قُلْتُ: يَا رسول الله، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفَلاَ نُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: "لَكُنَّ أفْضَلُ الجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ"(رواه البخاري).   7- عن عائشة أم المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "ما من يومٍ أكثرَ من أن يُعتِقَ اللهُ فيهِ عبدًا من النارِ، من يومِ عرفةَ. وإنَّهُ ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكةُ. فيقول: ما أراد هؤلاءِ؟"(رواه مسلم:١٣٤٨).   8- عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً – أَوْ حَجَّةً مَعِي"(متفقٌ عَلَيْهِ).   9- وعنه: أنَّ امرأة قالت: يَا رسول الله، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ، أدْرَكَتْ أَبي شَيْخاً كَبِيراً، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفَأحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"(متفقٌ عَلَيْهِ).   10- عن لقيط بن عامر رضي الله عنه: أنَّه أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لاَ يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلاَ العُمْرَةَ، وَلاَ الظَّعَنَ؟ قَالَ: "حُجَّ عَنْ أبِيكَ وَاعْتَمِرْ"(رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).   11- عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَقِيَ رَكْباً بالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: "مَنِ القَوْمُ؟" قالوا: المسلِمُونَ. قالوا: مَنْ أنْتَ؟ قَالَ: "رسولُ اللهِ". فَرَفَعَتِ امْرَأةٌ صَبيّاً، فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ"(رواه مسلم).   12- عن السائب بن يزيد رضي الله عنه، قَالَ: حُجَّ بي مَعَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، في حَجةِ الوَدَاعِ، وَأنَا ابنُ سَبعِ سِنينَ (رواه البخاري).   13- عن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكانت زَامِلَتهُ. (رواه البخاري).   14- عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَتْ عُكَاظُ، وَمَجِنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أسْوَاقاً في الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأثَّمُوا أن يَتَّجِرُوا في المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ)[البقرة:198] في مَوَاسِمِ الحَجِّ (رواه البخاري). وأراد أنْ يضحي عن أخذ شيء من شعره أَوْ أظفاره حَتَّى يضحّي.   15- عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قَالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ، فَلاَ يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ"(رواه مسلم).   16- عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنه سُئِلَ عن متعةِ الحجِّ؟ فقال: أهلَّ المهاجرون والأنصارَ وأزواجُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في حجةِ الوداعِ وأهللنا، فلما قدمنا مكةَ، قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا إهلالَكم بالحجِّ عمرةً"، إلا من قلَّدَ الهديَ طفنا بالبيتِ وبالصفا والمروةِ، وأتينا النساءَ، ولبسنا الثيابَ، وقال: "من قلَّدَ الهديَ فإنه لا يحلُّ له حتى يبلغَ الهديُ محِلَّه". ثم أمرَنا عشيةَ الترويةِ أن نهلَّ بالحجِّ، فإذا فرغنا من المناسكِ، جئنا فطفنا بالبيتِ وبالصفا والمروةِ، فقد تم حجَّنا وعلينا الهديُ، كما قال الله تعالى: (فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم): إلى أمصارِكم، الشاةُ تجزي، فجمعوا نُسُكين في عامٍ، بين الحجِّ والعمرةِ، فإن اللهَ تعالى أنزلَه في كتابِه، وسنةِ نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، وأباحَه للناسِ غيرَ أهلِ مكةَ، قال اللهُ: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام). وأشهرُ الحجِّ التي ذكر اللهُ تعالى: شوالٌ وذو القعدةِ وذو الحجَّةِ؛ فمن تمتعَ في هذه الأشهرِ، فعليه دمٌ أو صومٌ، والرفثُ الجماعُ، والفسوقُ المعاصي، والجدالُ المِراءُ (رواه البخاري معلقا: ١٥٧٢).   17- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- تمتعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في حجةِ الوداعِ بالعمرةِ إلى الحجِّ، وأَهْدَى، فساقَ معهُ الهَدْيَ من ذي الحُليفةِ، وبدأَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فأهَلَّ بالعمرةِ، ثم أهَلَّ بالحجِّ، فتَمتَّعَ الناسُ معَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بالعمرةِ إلى الحجِّ، فكان من الناسِ من أهْدَى فساقَ الهديَ، ومنهم من لم يُهْدِ، فلما قدِمَ النبي -صلى الله عليه وسلم- مكةَ، قال للناسِ: "من كان منكم أهدَى، فإنهُ لا يحِلُّ لشيٍء حَرُمَ منهُ، حتى يقضيَ حجهُ، ومن لم يكن منكم أهدَى، فليَطُفْ بالبيتِ وبالصفَا والمروةِ، وليُقَصِّرْ وليَحلِلْ، ثم لِيُهِلَّ بالحجِّ، فمن لم يجِدْ هدْيًا فليَصُمْ ثلاثةَ أياٍم في الحجِّ وسبعَةً إذا رجعَ إلى أهلهِ". فطافَ حين قدِمَ مكةَ، واستَلمَ الرُّكنَ أولَ شيٍء، ثم خَبَّ ثلاثةَ أطواٍف ومَشى أربعًا، فركعَ حينَ قضَى طوافهُ بالبيتِ عِندَ المقامِ ركعتينِ، ثم سَلَّمَ فانصرَفَ فأتى الصَّفَا، فطافَ بالصَّفَا والمروَةِ سبعَةَ أطواٍف، ثمَّ لم يَحْلِلْ من شيٍء حَرُمَ منهُ حتى قضَى حَجَّهُ، ونحرَ هدْيَهُ يومَ النَّحْرِ، وأفاضَ فطافَ بالبيتِ، ثمَّ حَلَّ من كلِّ شيٍء حَرُمَ منهُ، وفعَلَ مثلَ ما فعلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- منْ أهْدَى وَسَاقَ الهَدْيَ منَ الناسِ. (رواه البخاري:١٦٩١، ومسلم:١٢٢٧).   18- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في أشهُرِ الحجِّ، وليالي الحجِّ، وحُرُمِ الحجِّ، فنزلنا بسَرِفَ، قالت: فخرج إلى أصحابِهِ فقال: "من لم يكن منكم معهُ هَدْيٌ، فأَحَبَّ أن يجعلها عمرةً فليفعلْ، ومن كان معهُ الهَدْيُ فلا". قالت: فالآخِذُ بها والتاركُ لها من أصحابِهِ، قالت: فأمَّا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ورجالٌ من أصحابِهِ، فكانوا أهلَ قوةٍ، وكان معهمُ الهَدْيُ، فلم يقدروا على العمرةِ، قالت: فدخل عليَّ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: "ما يُبكيكِ يا هَنْتَاهُ". قلتُ: سمعتُ قَوْلَكَ لأصحابِكَ، فمُنِعْتُ العمرةَ، قال: "وما شأنُكِ". قلتُ: لا أُصلِّي، قال: "فلا يَضِيرُكِ، إنَّما أنتِ امرأةٌ من بناتِ آدمَ، كتبَ اللهُ عليكِ ما كتبَ عليهنَّ، فكوني في حَجَّتِكِ، فعسى اللهُ أن يَرزقكيها". قالت: فخرجنا في حَجَّتِهِ حتى قَدِمْنَا مِنًى، فطهُرْتُ، ثم خرجنا من مِنًى، فأفضتُ بالبيتِ، قالت: ثم خرجتُ معهُ في النفرِ الآخَرِ، حتى نزلَ المُحَصَّبَ، ونزلنا معهُ، فدعا عبدَ الرحمنَ بنَ أبي بكرٍ، فقال: "اخرُجْ بأختِكَ من الحَرَمِ، فلتُهِلَّ بعمرةٍ، ثم افْرُغَا، ثم ائتِيَا ها هنا، فإنِّي أَنْظُرُكُمَا حتى تأتياني". قالت: فخرجنا، حتى إذا فَرَغْتُ، وفَرَغْتُ من الطوافِ، ثم جئتُهُ بسَحَرَ، فقال: "هل فرغتم؟". فقلتُ: نعم، فآذَنَ بالرحيلِ في أصحابِهِ، فارْتَحَلَ الناسُ فمَرَّ متوجِّهًا إلى المدينةِ. (رواه البخاري:١٥٦٠، ومسلم:١٢١١).   19- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: خرجنا معَ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- للحجِّ علَى أنواعٍ ثلاثةٍ فمِنَّا مَن أهلَّ بحجٍّ وعُمرةٍ معًا ومِنَّا مَن أهلَّ بحجٍّ مفرَدٍ ومِنَّا مَن أهلَّ بعمرةٍ مُفردَةٍ فمَن كانَ أهلَّ بحجٍّ وعُمرةٍ معًا لم يَحلُلْ مِن شيءٍ ممَّا حُرِمَ منهُ حتَّى يقضيَ مناسِكَ الحجِّ ومَن أهلَّ بالحجِّ مُفرِدًا لم يَحلُلْ مِن شيءٍ مِمَّا حُرِمَ منهُ حتَّى يقضيَ مناسِكَ الحجِّ ومَن أهلَّ بعُمرةٍ مُفردَةٍ فطافَ بالبيتِ وبينَ الصَّفا والمرْوةِ حلَّ ما حُرِمَ عنهُ حتَّى يستقبلَ حجًّا (رواه ابن ماجه: ٢٥١٣، وصححه الألباني، وأصله في الصحيحين).   20- عن أبي أُمامةَ التَّيميِّ قالَ: كنتُ رجلًا أُكرِّي في هذا الوجْهِ وَكانَ ناسٌ يقولونَ لي إنَّهُ ليسَ لَكَ حجٌّ فلقيتُ ابنَ عمرَ، فقلتُ: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ إنِّي رجلٌ أُكرِّي في هذا الوجْهِ وإنَّ ناسًا يقولونَ لي إنَّهُ ليسَ لَكَ حجٌّ، فقالَ ابنُ عمرَ: أليسَ تُحرِمُ وتلبِّي وتطوفُ بالبيتِ وتفيضُ من عرفاتٍ وترمي الجمارَ؟ قالَ: قلتُ: بلى قالَ: فإنَّ لَكَ حجًّا جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فسألَهُ عن مثلِ ما سألتني عنْهُ فسَكتَ عنْهُ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فلم يُجبْهُ حتَّى نزلت هذِهِ الآيةُ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) فأرسلَ إليْهِ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وقرأَ عليْهِ هذِهِ الآيةَ وقالَ: "لَكَ حجٌّ"(رواه أبو داود:١٧٣٣، وصححه الألباني).   21- عن عروة بن مضرس الطائي -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بالموقف يعني بجمع، قلت: جئت يا رسول اللهِ من جبل طيئ أكللت مطيتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه"(أخرجه أبو داود:١٩٥٠، والترمذي:٨٩١، والنسائي:٣٠٤٣، وصححه الألباني).   22- عن أبي طليق الأشجعي -رضي الله عنه- قال: أنَّ امرأتَهُ أمَّ طَلَيْقٍ أتتهُ فقالت له: حضرَ الحجُّ يا أبا طَلَيْقٍ وكان له جملٌ وناقةٌ يحُجُّ على الناقةِ ويغزو على الجملِ فسألتْهُ أن يُعطيَها الجملَ تحُجُّ عليهِ فقال: ألن تعلمي أني حبستُهُ في سبيلِ اللهِ؟ قالت: إنَّ الحجَّ من سبيلِ اللهِ فأعطِنِيهِ -يرحمُكَ اللهُ-، قال: ما أُريدُ أن أُعطيَكَ، قالت: فأعْطِني ناقتَكَ وحُجَّ أنتَ على الجملِ، قال: لا أُوثِرْكِ بها على نفسي، قالت: فأعْطِنِي من نفقَتِكَ، قال: ما عندي فضلٌ عنِّي وعن عيالي ما أخرجُ بهِ، وما أتركُ الأصلَ أُنْزِلَ لكم، قالت: إنكَ لو أعطيتني أخلفَها اللهُ، قال: فلمَّا أَبَيْتُ عليها قالت: فإذا أَتَيْتَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فأقرئْهُ منِّي السلا،مَ وأخْبرْهُ بالذي قلتُ لكَ. قال فأتيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فأقرأتُهُ منها السلامَ، وأخبرتُهُ بالذي قالتْ أمُّ طَلَيْقٍ، قال: "صدقتْ أمُّ طَلَيْقٍ لو أعطيتها الجملَ كان في سبيلِ اللهِ، ولو أعطيتَها ناقَتَكَ كانت وكنتَ في سبيلِ الله، ولو أعطيتَها من نفقَتِكَ أخلفَكها اللهُ، قال: وإنَّها تسألُكَ يا رسولَ اللهِ ما يَعدلُ الحجَّ معكَ؟ قال: "عمرةٌ في رمضانَ"(أخرجه الدولابي في الأسماء والكنى:١-١٢٠ واللفظ له، وأبو داود:١٩٩٠، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة:٧-١٩١: إسناده جيد).   23- عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قالَ: بعثني أبو بَكرٍ فيمن يؤذِّنُ يومَ النَّحرِ بمنًى أن لا يحجَّ بعدَ العامِ مشرِك ولا يطوفَ بالبيتِ عريانٌ، ويومُ الحجِّ الأكبرِ يومُ النَّحرِ والحجُّ الأكبرُ الحجُّ (رواه أبو داود:١٩٤٦، وصححه الألباني).   24- عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئل: أيُّ الحجِّ أفضلُ؟ قال: "العجُّ والثجُّ"(رواه الترمذي:٨٢٧، وابن ماجه:٢٩٢٤، وصححه الألباني).   25- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ، وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ"(أخرجه الترمذي (٨١٠)، والنسائي (٢٦٣١) واللفظ له، وقال الألباني: حسن صحيح).   26- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: لمَّا أرادَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الحجَّ أذَّنَ في النَّاسِ فاجتَمعوا، فلمَّا أتى البيداءَ أحرمَ (أخرجه الترمذي:٨١٧، وصححه الألباني).   27- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا طافَ في الحجِّ والعمرةِ أوَّلَ ما يقدُمُ فإنَّهُ يسعى ثلاثةَ أطوافٍ ويمشي أربعًا ثمَّ يصلِّي سجدتينِ (رواه داود:١٨٩٣، وصححه الألباني).   28- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللَّهِ مَكَثَ بالمدينةِ تسعَ حِجَجٍ، ثمَّ أُذِّنَ في النَّاسِ أنَّ رسولَ اللَّهِ في حجِّ هذا العامِ فنزلَ المدينةَ بَشرٌ كثيرٌ كلُّهم يلتمِسُ أن يأتمَّ برسولِ اللَّهِ ويفعلُ ما يفعلُ، فَخرجَ رسولُ اللَّهِ لخمسٍ بقينَ من ذي القعدةِ، وخرَجنا معَهُ، قالَ جابرٌ: ورسولُ اللَّهِ بينَ أظهُرِنا علَيهِ، ينزلُ القرآنُ وَهوَ يعرفُ تأويلَهُ، وما عملَ بِهِ من شيءٍ عمِلنا، فخَرجنا لا نَنوي إلَّا الحجَّ (رواه النسائي:٢٧٣٩، وصححه الألباني).   29- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قال: خرجنا لا ننوي إلَّا الحجَّ فلمَّا، كنَّا بسَرِفَ حِضتُ، فدخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وأَنا أبكي فقالَ: "أحِضتِ؟" قلتُ: نعَم. قالَ: "إنَّ هذا شيءٌ كتبَهُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ على بَناتِ آدمَ، فاقضي ما يقضي المُحرمُ، غيرَ أن لا تَطوفي بالبَيتِ"(أخرجه البخاري:٢٩٤، ومسلم:١٢١١).   30- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: وَقَّتَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيْفَةَ، ولأهلِ الشأْمِ الجُحْفَةَ، ولأهلِ نَجْدٍ قَرْنَ المنازلِ، ولأهلِ اليمنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لَهُنَّ، ولِمَن أَتَى عليهن من غيرِ أهلِهِن، لِمَن كان يريدُ الحَجَّ والعمرةَ، فمن كان دونَهن فمُهَلُّهُ من أهلِهِ، وكذلك حتى أهلُ مكةَ يُهِلُّون منها (البخاري:١٥٢٦، مسلم:١١٨١).   31- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: دخل رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- على ضُباعةَ بنتِ الزبيرِ فقال لها: "لعلك أردتِ الحجَّ". قالت: واللهِ لا أجدُني إلا وَجِعَةً، فقال لها: "حُجِّي واشترطي، قولي: اللهم محَلِّي حيث حبستني"(أخرجه البخاري:٥٠٨٩، واللفظ له، ومسلم:١٢٠٧).   32- عن أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحجُّ جِهادُ، كلِّ ضَعيفٍ"(أخرجه ابن ماجه:٢٩٠٢، وأحمد:٢٦٥٢٠، وحسنه الألباني).   33- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: يا رسولَ اللَّهِ على النِّساءِ جِهادٌ؟ قالَ: "نعَم، عليهنَّ جِهادٌ، لا قتالَ فيهِ: الحجُّ والعُمرَةُ"(أخرجه البخاري:٢٨٧٦).   34- عن الحجاج بن عمرو الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كُسِرَ، أوْ مرِضَ أوْ عَرَجَ، فقَدْ حلَّ وعليْهِ حجَّةٌ أخرَى مِنْ قابِلٍ"(أخرجه أبو داود:٨٦٣، والترمذي:٩٤٠، وصححه الألباني).   35- عن عروة بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما قال: سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقلت لها: ما أرى عليَّ جناحًا أن لا أتطوَّفَ بين الصفا والمروةِ. قالت: لم؟ قلتُ: لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقول: إنَّ الصفَا والمروةِ من شعائرِ اللهِ الآية. فقالت: لو كان كما تقول، لكان: فلا جناحَ عليه أن لا يطوَّفَ بهما. إنما أنزل هذا في أناسٍ من الأنصارِ. كانوا إذا أهلُّوا، أهلُّوا لمناةَ في الجاهليةِ. فلا يحلُّ لهم أن يطوَّفوا بين الصفا والمروةِ. فلما قدموا مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- للحجِّ، ذكروا ذلك له. فأنزل اللهُ تعالى هذه الآيةَ. فلَعَمْرِي ! ما أتمَّ اللهُ حجَّ من لم يَطُفْ بين الصفَا والمروةِ. (رواه مسلم:١٢٧٧).   36- عن السائب بن خلاد -رضي الله عنه- قال: ل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتاني جبريلُ، فأمرني أن آمُرَ أصحابي ومَن معيَ أن يَرفَعوا أصواتَهم بالتَّلبيَةِ"(أخرجه أبو داود:١٨١٤، والترمذي:٨٢٩، وصححه الألباني).   37- قيل لعبدالله بن مسعود رضي الله عنه: صلَّى بنا عثمانُ بمِنًى أربعَ ركعاتٍ. فاسترجع. ثم قال: "صلَّيتُ مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بمِنًى ركعتَين. وصلَّيتُ مع أبي بكرٍ الصِّديقِ بمِنًى ركعتَين. وصليتُ مع عمرَ بنِ الخطابِ بمِنًى ركعتَين. فليتَ حظِّي من أربعِ ركعاتٍ، ركعتان مُتقبَّلتان"(رواه البخاري:١٠٨٤، ومسلم:٦٩٥).   38- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: غدا رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- من منى حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنمرة وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مهجرا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة(رواه أبو داود:١٩١٣، وحسنه الألباني).   39- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كانت العربُ تطوف بالبيتِ عراةً. إلا الحُمسَ. والحُمسُ قريشٌ وما ولدَت. كانوا يطوفون عراة ً. إلا أن تعطيهم الحمسُ ثيابًا. فيعطي الرجالُ الرجالَ والنساءُ النساءَ. وكانت الحُمسُ لا يخرجون من المزدلفةِ. وكان الناسُ كلُّهم يبلغون عرفاتٍ. قال هشام: فحدثني أبي عن عائشةَ رضي اللهُ عنها قالت: الحُمسُ هم الذين أنزل اللهُ عز وجلَّ فيهم: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)[البقرة:١٩٩]. قالت: كان الناسُ يفيضون من عرفاتٍ. وكان الحمسُ يفيضون من المزدلفةِ. يقولون: لا نفيض إلا من الحرَمِ فلما نزلت: أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ، رجعوا إلى عرفاتٍ. (رواه البخاري:١٦٦٥، مسلم:١٢١٩).   40- قال رجل أنس بن مالك قال سألتُ أنسًا بن مالك -رضي الله عنه ونحنُ غاديَانِ من مِنًى إلى عرفاتٍ- عن التلبيةِ: كيفَ كنتم تصنعونَ مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "كان يُلَبِّي المُلَبِّي لا يُنْكَرُ عليهِ، ويُكبِّرُ المُكَبِّرُ فلا يُنْكَرُ عليهِ"(رواه البخاري:٩٧٠).   41- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: رَدفتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- من عرفاتٍ. فلما بلغ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الشِّعبَ الأيسرَ، الذي دون المزدلفةِ، أناخ فبال. ثم جاء فصببتُ عليه الوضوءَ. فتوضأ وضوءًا خفيفًا. ثم قلتُ: الصلاةَ. يا رسولَ اللهِ ! فقال: "الصلاةُ أمامَك" فركب رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى المُزدلفةَ. فصلى. ثم ردف الفضلَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- غداةَ جَمعٍ (أخرجه البخاري:١٦٧٢ بنحوه، ومسلم:١٢٨٠، واللفظ له).   42- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نحرتُ ههنا ومِنى كلُّها منحرٌ فانحروا في رحالِكم، ووقفتُ ههنا وعرفةُ كلُّها مَوقفٌ، ووقفتُ ههنا وجَمعٌ كلُّها موقِفٌ"(رواه مسلم:١٢١٨).   43- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: رأيتُ النبي َّ-صلى الله عليه وسلم- عِندَ الجمرةِ وهو يُسألُ، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، نحرتُ قبلَ أنْ أرميَ؟ قال: "ارْمِ ولا حرجَ". قال آخر: يا رسولَ اللهِ، حلقتُ قبل أن أنْحرَ؟ قال: "انْحَرْ ولا حرجَ". فما سُئلَ عن شيءٍ قُدمَ ولا أُخرَ إلا قال: "افعل ولا حرجَ"(رواه البخاري:١٢٤، واللفظ له، ومسلم:١٣٠٦).   44- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أراد الحجَّ فليتعجَّلْ فإنَّهُ قد يمرضُ المريضُ وتضلُّ الضالَّةُ وتعرِضُ الحاجَةُ"(رواه ابن ماجه:٢٨٨٣، وأحمد:١٨٣٤، وحسنه الألباني).   45- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الغازي في سَبيلِ اللهِ، والحاجُّ الى بيتِ اللهِ، والمعتمِرُ وفدُ اللهِ، دعاهُم فأَجابوهُ"(رواه ابن ماجه:٢٨٩٣، وابن حبان:٤٦١٣، وحسنه الألباني).   46- عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلمٍ يلبِّي إلَّا لبَّى من عن يمينِه أو عن شمالِه من حجرٍ أو شجرٍ أو مدرٍ حتَّى تَنقطعَ الأرضُ من هاهنا وَهاهنا" (رواه الترمذي:٨٢٨، وصححه الألباني).   47- عن عبدالله بن عمر قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "مَنْ طافَ بِهذا البيتِ أُسْبُوعًا فأَحْصاهُ كان كَعِتْقِ رَقَبَةٍ وسَمِعْتُهُ يَقولُ لا يَضَعُ قَدَمًا ولا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللهُ عنْهُ خَطِيئَتَهُ وكُتِبَ له بِها حَسنةٌ"(رواه الترمذي:٩٥٩، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٦٣٨٠).   48- عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مسحهما -مسح الحجر والركن اليماني- كفارة الخطايا"(رواه الترمذي:٩٥٩، وصححه الألباني).   49- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ليأتينَّ هذا الحجرُ يومَ القيامةِ ولَه عينانِ يبصرُ بِهما ولسانٌ ينطقُ بِه يشهدُ علَى من يستلمُه بحقٍّ"(رواه ابن ماجه:٢٤٠٠، وصححه الألباني).   50- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشدُّ بياضاً من اللبن، فسوَّدَتْه خطايا بني آدم"(رواه الترمذي:٨٧٧، وصححه الألباني).   51- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الرُّكنَ والمقامَ ياقوتتانِ مِن ياقوتِ الجنَّةِ، طَمسَ اللَّهُ نورَهُما، ولو لَم يطمِسْ نورَهما، لأضاءتا ما بينَ المشرقِ والمغربِ"(رواه الترمذي:٨٧٨، وصححه الألباني).   52- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الركنُ والمقامُ ياقوتتَانِ مِن يواقيتِ الجنَّةِ طمسَ اللهُ نورَهُمَا ولولا ذلِكَ لأضاءَ ما بَينَ المشرقِ والمغربِ ولولا مَا مسَّهُمَا مِن خطايَا بني آدمَ ما مسَّهُمَا مِن ذي عاهةٍ إلا شُفِي وما على الأرضِ مِنَ الجنَّةِ غيرُه"(رواه الترمذي ٨٧٨، بنحوه، البيهقي في السنن الكبرى:٩٢٢٩، واللفظ له، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ٦-٢٣٢: إسناده جيد).   53- عن بلال بن رباح -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا بلالُ أسكِتِ النَّاسَ أو أنصتِ النَّاس"، ثمَّ قالَ: "إنَّ اللَّهَ تطوَّلَ عليْكم في جَمعِكم هذا فوَهبَ مسيئَكم لِمحسنِكم وأعطى محسنَكُم ما سألَ ادفعوا باسمِ اللَّهِ"(رواه ابن ماجه:٣٠٢٤، وصححه الألباني). ومعنى "تطوّل" أي: تفضل، ومعنى "في جمعكم" أي: صبيحة مزدلفة، و"الدفع": أي المسير من المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة.   54- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رَحِم اللهُ المُحلِّقينَ" قالوا: والمُقصِّرينَ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال "رحِم اللهُ المُحلِّقين" قالوا: والمُقصِّرينَ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال "رحِم اللهُ المُحلِّقينَ" قالوا: والمُقَصِّرينَ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال "والمُقصِّرينَ"(رواه البخاري:١٧٢٧ بنحوه، ومسلم:١٣٠١، واللفظ له).   55- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ماء زمزم لما شُرِب له"(رواه ابن ماجه:٣٠٦٢، وأحمد:١٤٨٤٩، وصححه الألباني).   56- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: رأيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يرمي على راحلتِه يومَ النَّحرِ، ويقول "لِتأْخذوا مناسكَكم؛ فإني لا أدري لعلِّي لا أحُجُّ بعدَ حَجَّتي هذه"(رواه مسلم:١٢٩٧).   57- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ما يلبسُ المحرمُ من الثيابِ؟. فقالَ: "لا يلبسْ القَمِيصَ، ولا العَمَائِمَ، ولا السَّراويلاتِ، ولا البَرَنِسَ، ولا ثوبًا مًسَّهُ زَعْفَرَانُ ولا وَرْسٌ، وإنْ لمْ يجِدْ نَعْلَينِ فَلْيَلْبَسْ الخُفَّينِ، ولْيَقْطَعْهُما حتى يكونا أسفلَ من الكعبينِ"(رواه البخاري:١٨٤٢).   58- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أن يلبسَ المُحْرِمُ ثوبًا مصبوغًا بزعفرانٍ أو ورْسٍ(رواه البخاري:٥٨٥٢، مسلم:١١٧٧).   59- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرمٍ، ولا تسافرُ المرأةُ إلا مع ذي محرمٍ" فقام رجلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ ! إنَّ امرأتي خرجت حاجةً، وإني اكتتبتُ في غزوةِ كذا وكذا. قال: "انطلِقْ فحُجَّ مع امرأتكَ"(رواه البخاري:١٨٦٢، ومسلم:١٣٤١).   60- عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من خرج حاجًّا فمات؛ كُتِبَ له أجرُ الحاجِّ إلى يومِ القيامةِ، ومن خرج معتمرًا فمات؛ كتب له أجرُ المعتمرِ إلى يومِ القيامةِ، ومن خرج غازيًا فمات؛ كُتِبَ له أجرُ الغازي إلى يومِ القيامةِ"(رواه الطبراني المعجم الأوسط:٥٣٢١، وقال الألباني في "صحيح الترغيب": صحيح لغيره).   61- عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: وقَفَ عليَّ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بالحُدَيْبِيَةِ ورأسي يَتَهافَتُ قَمْلًا، فقال: "يُؤْذِيك هوامُّك؟" قلتُ: نعم. قال: "فاحلِقْ رأسَك"، أو قال: "احلِقْ". قال: في نَزَلَتْ هذه الآيةُ: (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه) إلى آخرِها، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "صُمْ ثلاثةَ أيامٍ، أو تَصَدَّقْ بفِرْقٍ بين ستةٍ، أو انسُكْ بما تَيْسَّرَ"(رواه البخاري:١٨١٥).   62- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أنه عامُ فتحِ مكةَ، قتلَتْ خُزاعَةُ رجلًا مِن بني ليثٍ بقتيلٍ لهم في الجاهليةِ، فقامَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن اللهَ حبسَ عن مكةَ الفيلَ، وسلَّطَ عليهم رسولَه والمؤمنين، ألا وإنها لم تحلَّ لأحدٍ قبلي، ولا تحلُّ لأحدٍ بعدي، ألا وإنما أُحِلَّتْ لي ساعةً من نهارٍ، ألا وإنها ساعتي هذه حرامٌ، لا يُخْتَلَى شَوكُها، ولا يُعَضَدُ شجرُها، ولا يَلْتَقِطُ ساقطتَها إلا مُنْشِدٌ. ومَنْ قُتِلَ له قتيلٌ فهو بخيرِ النظرَيْنِ: إِمَّا يُودَى، وإما يُقَادُ". فقامَ رجلٌ مِن أهلِ اليَمَنِ، يُقَالُ له: أبو شاهٍ، فقال: اكتُبْ لي يا رسولَ اللهِ. فقال رسولُ اللهِ -ﷺ-: "اكتبوا لأبي شاهٍ". ثم قامَ رجلٌ مِن قريشٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إلا الإِذْخِرَ، فإنما نجعَلُه في بيوتِنا وقبورِنا. فقال رسولُ اللهِ -ﷺ-: "إلا الإِذْخِرَ"(رواه البخاري:٦٨٨٠، ومسلم:١٣٥٥).   63- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ الرَّسولَ -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال اللهُ: إنَّ عبدًا صحَّحْتُ له جسمَه ووسَّعْتُ عليه في المعيشةِ يمضي عليه خمسةُ أعوامٍ لا يفِدُ إليَّ لَمحرومٌ"(رواه ابن حبان:٣٧٠٣، وصححه الألباني في صحيح الجامع:١٩٠٩).   64- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أهَلَّ بهما جميعًا "لبَّيك عمرةً وحجًّا، لبيك عمرةً وحجًّا"(رواه البخاري:٤٣٥٣، ومسلم:١٢٥١).   65- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قدمتُ مكةَ متمتِّعًا بعمرةٍ قبل الترويةِ بأربعةِ أيامٍ، فقال الناسُ: تصير حجتُك الآنَ مكيَّةً، فدخلتُ على عطاءِ بنِ أبي رباحٍ فاستفتيتُه، فقال عطاءٌ: حدَّثني جابرُ بنُ عبدِاللهِ الأنصاريُّ رضي اللهُ عنهم؛ أنه حجَّ مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عام ساقَ الهديَ معه، وقد أهلّوا بالحجِّ مفردًا، فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أحِلُّوا من إحرامِكم، فطوفوا بالبيتِ وبين الصفا والمروةِ، وقصِّروا، وأقيموا حلالًا حتى إذا كان يومُ الترويةِ فأهِلُّوا بالحجِّ، واجعلوا التي قدمتُم بها متعةً". قالوا: كيف نجعلُها متعةً وقد سمَّينا الحجَّ؟ قال: "افعلوا ما آمرُكم به؛ فإني لولا أني سُقتَ الهديَ، لفعلتُ مثلَ الذي أمرتُكم به، ولكن لا يحلُّ مني حرامٌ؛ حتى يبلغ الهديُ مَحِلَّه" ففعلوا (رواه البخاري:١٥٦٨، ومسلم:١٢١٦).   66- عن عائشة أم المؤمنين:] طيَّبتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بيَدي هاتَينِ، حينَ أَحرَم، ولحِلِّه حينَ أحَلَّ، قبلَ أن يطوفَ، وبسَطَتْ يدَيها (رواه البخاري:١٧٥٤، واللفظ له، ومسلم:١١٨٩).   67- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "ما تركتُ استلام هذين الركنين، اليماني والحَجَرَ، مُذ رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلمهما في شدةٍ ولا رخاءٍ"(رواه البخاري ١٦٠٦، ومسلم:١٢٦٨).   68- عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: دخلنا على جابرِ بنِ عبدِاللهِ، فسأل عن القومِ حتى انتهى إليَّ، فقلتُ: أنا محمدُ بنُ عليِّ بنِ حسينٍ، فأهوى بيدِه إلى رأسي فنزع زِرِّي الأعلى، ثم نزع زِرِّي الأسفلَ، ثم وضع كفَّه بين ثدييَّ وأنا يومئذٍ غلامٌ شابٌّ، فقال: مرحبًا بك، يا ابنَ أخي! سلْ عما شئتَ، فسألتُه، وهو أعمى، وحضر وقتُ الصلاةِ، فقام في نساجةٍ مُلتحفًا بها، كلما وضعها على منكبِه رجع طرفاها إليه من صغرِها، ورداؤه إلى جنبِه ، على المِشجبِ، فصلَّى بنا، فقلتُ: أخبِرني عن حجةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال بيده، فعقد تسعًا، فقال إنَّ رسول َاللهِ -صلى الله عليه وسلم- مكث تسعَ سنين لم يحجَّ، ثم أذَّن في الناسِ في العاشرةِ ؛ أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حاجٌّ، فقدم المدينةَ بشرٌ كثيرٌ، كلُّهم يلتمس أن يأتمَّ برسولِ اللهِ صلَّى الله ُعليه وسلَّمَ، ويعمل مثلَ عملِه، فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحُليفةَ، فولدت أسماءُ بنتُ عُميسٍ محمدَ بنَ أبي بكرٍ، فأرسلت إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: كيف أصنعُ ؟ قال: " اغتسِلي، واستثفِري بثوبٍ وأحرمي " فصلَّي رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في المسجدِ. ثم ركب القصواءَ، حتى إذا استوتْ به ناقتُه على البَيداءِ، نظرتُ إلى مدِّ بصري بين يدَيه، من راكبٍ وماشٍ، وعن يمينهِ مثلُ ذلك، وعن يسارِه مثل ذلك، ومن خلفِه مثلُ ذلك، ورسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرِنا، وعليه ينزل القرآنُ، وهو يعرف تأويلَه، وما عمل به من شيءٍ عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد " لبيك اللهمَّ ! لبَّيك، لبيك لا شريك لك لبيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك، والملكَ لا شريك لك "، وأهلَّ الناس ُبهذا الذي يُهلُّون به، فلم يَرُّدَّ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عليهم شيئًا منه، ولزم رسوُل اللهِ -صلى الله عليه وسلم- تلبيتَه، قال جابرٌ رضي الله عنه: لسنا ننوى إلا الحج َّ. لسنا نعرف العمرةَ، حتى إذا أتينا البيتَ معه ، استلم الركنَ فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السلامُ، فقرأ: واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:١٢٥] فجعل المقامَ بينه وبين البيتِ، فكان أبي يقول (ولا أعلمه ذكرَه إلا عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ): كان يقرأ في الركعتَين (قل هو الله أحدٌ)، و(قل يا أيها الكافرون)، ثم رجع إلى الركنِ فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: (إنَّ الصَّفَا وَالمْرَوْةَ َمِنْ شَعَائِرِ اللهِ)[البقرة:١٥٨] "أبدأُ بما بدأ اللهُ به" فبدأ بالصفا، فرقي عليه، حتى رأى البيتَ فاستقبل القبلةَ، فوحَّد اللهَ ، وكبَّره، وقال: "لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ، لا إله إلا اللهُ وحده، أنجز وعدَه، ونصر عبدَه، وهزم الأحزابَ وحدَه" ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاثَ مراتٍ، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا أنصبَّت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعِدَتا مشى، حتى إذا أتى المروةَ، ففعل على المروة ِكما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخرُ طوافه على المروةِ فقال: "لو أني استقبلتُ من أمري ما استدبرت ُلم أسقِ الهديَ، وجعلتُها عمرةً، فمن كان منكم ليس معه هديٌ فليحلَّ، وليجعلْها عمرةً"، فقام سراقةُ بنُ مالكِ بنِ جُعشمٍ فقال: يا رسولَ اللهِ ! ألعامِنا هذا أم لأبدٍ؟ فشبَّك رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أصابعَه واحدةً في الأخرى، وقال دخلت العمرةُ في الحجِّ مرتَين "لا بل لأبدِ أبدٍ" وقدم عليٌّ من اليمنِ ببُدنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فوجد فاطمةَ رضي اللهُ عنها ممن حلَّ، ولبست ثيابًا صبيغًا، واكتحلَت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إنَّ أبي أمرني بهذا، قال: فكان عليٌّ يقول بالعراقِ: فذهبتُ إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُحَرِّشًا على فاطمةَ، للذي صنعت، مُستفتيًا رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فيما ذكرتْ عنه، فأخبرتُه أني أنكرت ُذلك عليها، فقال: "صدقتْ صدقت. ماذا قلتَ حين فرضتَ الحجَّ؟" قال قلتُ: اللهمَّ ! إني أُهلُّ بما أهلَّ به رسولُك، قال: "فإنَّ معي الهديَ فلا تحلِّ" قال: فكان جماعةُ الهديِ الذي قدم به عليٌّ من اليمنِ والذي أتي به النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- مائةً، قال: فحلّ الناس ُكلُّهم وقصَّروا، إلا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ومن كان معه هديٌ، فلما كان يومُ الترويةِ توجَّهوا إلى مِنى، فأهلُّوا بالحجِّ، وركب رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فصلَّى به الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والفجرَ، ثم مكث قليلًا حتى طلعتِ الشمسُ، وأمر بقُبَّةٍ من شعرٍ تضربُ له بنَمِرةٍ، فسار رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ولا تشكُّ قريشٌ إلا أنه واقفٌ عند المشعرِ الحرامِ، كما كانت قريشٌ تصنع في الجاهليةِ، فأجاز رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى عرفةَ، فوجد القُبَّةَ قد ضُربتْ له بنَمِرةٍ، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمسُ أمر بالقصواءِ، فرحلتْ له، فأتي بطنَ الوادي، فخطب الناسَ وقال: "إنَّ دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم، كحرمةِ يومِكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا، ألا كلُّ شيءٍ من أمرِ الجاهلية ِتحت قدميَّ موضوعٌ، ودماءُ الجاهليةِ موضوعةٌ، وإنَّ أولَ دمٍ أضعُ من دمائِنا دمُ ابن ِربيعةَ بنِ الحارثِ، كان مُسترضَعًا في بني سعدٍ فقتلَتْه هُذيلٌ، وربا الجاهليةِ موضوعٌ، وأولُ ربًا أضعُ رِبانا، ربا عباسٍ بنِ عبدِالمطلبِ، فإنه موضوعٌ كلُّه، فاتقوا اللهَ في النِّساءِ، فإنكم أخذتموهن بأمانِ اللهِ، واستحللتُم فروجهنَّ بكلمةِ اللهِ، ولكم عليهنَّ أن لا يُوطئنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رزقُهن وكسوتُهنَّ بالمعروفِ، وقد تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتُم به، كتابَ اللهِ، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟" قالوا: نشهد أنك قد بلغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعِه السبَّابةِ ، يرفعُها إلى السماءِ وينكتُها إلى الناسِ "اللهمَّ! اشهدْ اللهمَّ اشهد" ثلاث مراتٍ، ثم أذَّن، ثم أقام فصلَّى الظهرَ، ثم أقام فصلَّى العصرَ، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركب رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، حتى أتى الموقفَ، فجعل بطنَ ناقتهِ القصواءَ إلى الصخراتِ وجعل حبلَ المشاةِ بين يدَيه واستقبل القبلةَ فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمسُ وذهبت الصفرةُ قليلًا حتى غاب القرصُ وأردف أسامةَ خلفَه ودفع رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وقد شنقَ للقصواءِ الزمامَ إنَّ رأسَها ليصيبُ مَوركَ رحلِه ويقول بيده اليمنى: "أيها الناسُ السكينةُ السكينةُ" كلما أتى حبلًا من الحبالِ أرخى لها قليلًا حتى تصعد حتى أتى المزدلفةَ فصلى بها المغربَ والعشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتَين ولم يسبِّحْ بينهما شيئًا ثم اضطجع رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حتى طلع الفجرُ وصلى الفجرَ حين تبيَّن له الصبحُ بأذانٍ وإقامةٍ ثم ركب القصواءَ حتى أتى المشعرَ الحرامَ فاستقبل القبلةَ فدعاه وكبَّره وهلَّله ووحَّده فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا فدفع قبل أن تطلعَ الشمسُ وأردف الفضلَ بنَ عباسٍ وكان رجلًا حسنَ الشعرِ أبيضَ وسيمًا فلما دفع رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مرَّت به ظُعُنٌ يجرِين فطفق الفضلُ ينظر إليهنَّ فوضع رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يدَه على وجه الفضلِ فحوَّل الفضلَ وجهَه إلى الشقِّ الآخر ِينظر فحوَّل رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يدَه من الشقِّ الآخرِ على وجه الفضلِ يصرف وجهَه من الشقِّ الآخر ِينظر حتى أتى بطنَ مُحسِّرٍ فحرَّك قليلًا ثم سلك الطريقَ الوسطى التي تخرج على الجمرةِ الكبرى حتى أتى الجمرةَ التي ثم الشجرةَ فرماها بسبعِ حصَياتٍ يكبِّر مع كل حصاة ٍمنها حصى الحَذفُ رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحرِ فنحر ثلاثًا وستين بيدِه ثم أعطى عليًّا فنحرَ ما غبَر وأشركه في هديِه ثم أمر من كل ِّبدنةٍ ببَضعةٍ فجُعلت في قدرٍ فطبخت فأكلَ من لحمِها وشربَ من مرقِها ثم ركب رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فأفاض إلى البيتِ فصلى بمكة َالظهرَ فأتى بني عبدِ المطلب يسقون على زمزمَ فقال: "انزَعوا بني عبدِ المطلبِ فلولا أن يغلبَكم الناسُ على سقايتِكم لنزعتُ معكم"، فناولوه دلوًا فشربَ منه (رواه مسلم:١٢١٨).   69- عن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمَره أن يُردِفَ عائشةَ ويُعمِرَها منَ التَّنعيمِ (رواه البخاري:١٧٨٤).   70- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قبل الحجَرِ الأسوَدِ، فقال: "إني أعلَمُ أنك حجَرٌ، لا تضُرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أني رأيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُقَبِّلُك ما قبَّلتُك"(رواه البخاري:١٥٩٧، ومسلم:١٢٧٠).   72- عن ابنَ عبَّاسٍ قال قدمنا رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ليلةَ المزدلفةِ أغيلمةَ بني عبدِ المطَّلبِ علَى حمراتٍ فجعلَ يلطحُ أفخاذنا، ويقولُ: "أُبَيْنِيَّ لا ترموا الجمرةَ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ"(رواه أبو داود:١٩٤٠، وابن ماجه:٢٤٦٩، وصححه الألباني).   73- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لما رمى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الجمرةَ، ونحرَ نُسُكَه وحلقَ، ناول الحالقَ شقَّهُ الأيمنَ فحلقَه، ثم دعا أبا طلحةَ الأنصاريَّ فأعطاه إياهُ، ثم ناولَه الشِّقَّ الأيسرَ، فقال "احلِقْ" فحلقَه، فأعطاه أبا طلحةَ، فقال "اقسِمْه بين الناسِ"(رواه مسلم:١٣٠٥).   74- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: رمى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الجمرةَ يومَ النَّحرِ ضُحًى، وأما بعدُ، فإذا زالتِ الشمسُ (رواه مسلم:١٢٩٩).   75- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رمى الجمرةَ الَّتي عندَ الشَّجَرةِ، بسبعِ حَصياتٍ يُكبِّرُ معَ كلِّ حصاةٍ منْها -حصى الخذْفِ- رمى من بطنِ الوادي، ثمَّ انصرفَ إلى المنحرِ فنحرَ (أخرجه مسلم:١٢١٨).   77- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجلين سألاه: "أما خروجُك من بيتِك تؤُمُّ البيتَ الحرامَ؛ فإنَّ لك بكلِّ وطأَةٍ تطؤها راحلتُك يكتبُ اللهُ لك بها حسنةً، ويمحو عنك سيئةً. وأما وقوفُك بعرفةَ؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ينزلُ إلى السماءِ الدنيا فيباهي بهم الملائكةَ، فيقولُ: هؤلاءِ عبادي جاؤوني شُعثًا غُبرًا من كلِّ فجٍّ عميقٍ، يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثلُ رملِ عالجٍ أو مثلُ أيامِ الدنيا أو مثلُ قطرِ السماءِ ذنوبًا غسلها اللهُ عنك. وأما رميُك الجمارَ فإنه مَدخورٌ لك. وأما حلقُك رأسَك فإنَّ لك بكلِّ شعرةٍ تسقطُ حسنةً، فإذا طُفتَ بالبيت خرجتَ من ذنوبِك كيومِ ولدتْك أمُّك"(أخرجه الطبراني في الكبير:١٢-٤٢٦، وحسنه الألباني في صحيح الجامع).    

الاثار

1- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه خرج فرأى ركبًا فقال: "من الركب؟" قالوا: حاجِّين، قال: "ما أنهزكم غيره؟" -أي ما أخرجكم غيره- ثلاث مرات، قالوا: لا، قال: "لو يعلم الركب بمن أناخوا لقرت أعينهم بالفضل بعد المغفرة، والذي نفس عمر بيده ما رفعت ناقة خفها ولا وضعته إلا رفع الله له درجة وحط عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة"(رواه عبد الرزاق في المصنف 5/4-5، وانظر: مجمع الزوائد 3/274-277).   2- قال عمر -رضي الله عنه-: "من أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه مات يهوديًا أو نصرانيًا"(رواه الإسماعيلي كما عزاه ابن كثير في تفسيره:2-97، قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح).   3- قال عمر -رضي الله عنه-: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا من كان له جِدَة -يعني القدرة على الحج- ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين".(رواه سعيد بن منصور في سننه).   4- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال : "الحج المبرور إطعام الطعام وحسن الصحبة"(الاستذكار لابن عبد البر:11-232).   5- - قال طلحة اليامي : "كنا نتحدث أنه من ختم له بإحدى ثلاث -إما قال: وجبت له الجنة، وإما قال: برئ من النار-: من صام شهر رمضان فإذا انقضى الشهر مات، ومن خرج حاجًّا فإذا قدم من حجته مات، ومن خرج معتمرا فإذا قدم من عمرته مات"(رواه عبد الرزاق في المصنف:5-9).   6- روي عن بعض التابعين قال: "رب مُحْرِم يقول: لبيك اللهم لبيك، فيقول الله: لا لبيك ولا سعديك هذا مردود عليك، قيل له: لم؟ قال: لعله اشترى ناقة بخمسمائة درهم ورحلاً بمائتي درهم ومفرشًا بكذا وكذا، ثم ركب ناقته ورجل رأسه ونظر في عِطْفيه، فذلك الذي يرد عليه"(لطائف المعارف:420).   7- قال رجل للحسن: يا أبا سعيد: ما الحج المبرور؟ قال : "أن يدفع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة"(الاستذكار لابن عبد البر:11/234-235).   8- عن أبي إدريس الخولاني قال: "أربع في أربع لا تُقْبَلُ في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة، الخيانةُ والسرقة والغُلولُ ومال اليتيم"(رواه عبد الرزاق في المصنف:5-20).   9- عن نافع: أن ابن عمر كان يدعو على الصفا: "اللهم اعصمني بدينك، وطواعيتك، وطواعية رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك، ويحب ملائكتك، ويحب رسلك، ويحب عبادك الصالحين؛ اللهم حببني إليك، وإلى ملائكتك، وإلى رسلك، وإلى عبادك الصالحين؛ اللهم يسرني لليسرى، وجنبني العسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين؛ اللهم إنك قلت: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[غافر:60]. وإنك لا تخلف الميعاد؛ اللهم إذ هديتني للإسلام، فلا تنزعني منه، ولا تنزعه مني، حتى تقبضني وأنا عليه. كان يدعو بهذا الدعاء، من دعاء له طويل: على الصفا والمروة، وبعرفات، وبجمع، وبين الجمرتين، وفي الطواف"(حلية الأولياء:1-308).   10- عن طاووس قال: "حج الأبرار على الرحال"(حلية الأولياء:4-6).   11- عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال: قلت لابن عمر: أي حاج بيت الله الحرام أفضل، وأعظم أجراً؟ قال: "من جمع ثلاث خصال: نية صادقة، وعقلاً وافراً، ونفقة من حلال"؛ فذكرت ذلك لابن عباس، فقال: صدق؛ فقلت: إذا صدقت نيته، وكانت نفقته من حلال، فما يضره قلة عقله؟ فقال: يا أبا الحجاج، سألتني عما سألت رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- -، فقال: «والذي نفسي بيده، ما أطاع العبد ربه عز وجل بشيء، أفضل من حسن العقل؛ ولا يقبل الله تعالى صوم عبد، ولا صلاته، ولا حجه، ولا عمرته، ولا صدقته؛ ولا شيئاً مما يكون فيه من أنواع البر إذا لم يعمل بعقل؛ ولو أن جاهلاً، فاق المجتهدين في العبادة؛ كان ما يفسد، أكثر مما يصلح"(حلية الأولياء:3/303-304).   12- عن يحيى بن سعيد قال: خطب عمر بن عبد العزيز بعرفات، فقال: إنكم وفد غير واحد، وإنكم قد شخصتم من القريب والبعيد، وأنضيتم الظهر، وأرملتم؛ وليس السابق اليوم من سبق بعيره ولا فرسه، ولكن السابق اليوم من غفر الله له"(حلية الأولياء:5/297-298).   13- عن سفيان قال: سمعت شيخاً من شيوخنا، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز ـ وهو على المنبر بعرفة ـ وهو يقول: اللهم زد في إحسان محسنهم، وراجع لمسيئهم التوبة، وحط من ورائهم بالرحمة؛ قال: وأومأ بيده إلى الناس"(حلية الأولياء:5-53).   14- روى عن بعض الصحابة -رضي اللَّه تعالى عنهم- أنه قال: "من أراد فضل الحج وهو عاجز فيلزم الجمعة"(تنبيه الغافلين:269).   15- قوله تعالى: (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) قال الحسن: "من كفر بالحج فلم يره واجباً "(شرح ابن بطال:4-187).   16- قال ابن حبيب: "من ترك الصلاة عامداً أو مفرِّطاً فهو كافر، ومن ترك أخواتها متعمداً من زكاة وصوم وحج فهو كافر "(إكمال المعلم1/344-345).      

القصص

1- خالد بن الوليد -رضي الله عنه – يحج سراً دون إذن أمير المؤمنين: لما أيقن خالد من انهزام العدو؛ اشتاق إلى زيارة مكة، وإلى تأدية فريضة الحج متخفياً من غير أن يستأذن أبا بكر -رضي الله عنه-، فأمر جيشه بالعودة إلى الحيرة، وتظاهر بأنه سائر في مؤخرة الجيش، فبدأ رحلته إلى مكة ومعه عدة من أصحابه لخمس بقين من ذي القعدة، ولم يكن معه دليل، فاخترق الصحراء مسرعاً رغم صعوبة الطريق، ولما أدى فريضة الحج عاد إلى الحيرة في أوائل فصل الربيع فكانت غيبته على الجند يسيرة، فما وصلت إلى الحيرة مؤخرة الجيش حتى وافاهم خالد مع صاحب الساقة فقدما معاً، وخالد وأصحابه محلقون، وقد كان تكتمه شديداً حتى إنهم ظنوا أنه كان في هذه المدة بالفراض، ولم يعلم أبو بكر بحج خالد مع أنه كان في الحج أيضاً، غير أنه بعد قليل بلغه الخبر، فاستاء جداً، وعتب عليه، وكانت عقوبته أن صرفه إلى الشام ليمد جموع المسلمين باليرموك، فأرسل إليه كتاباً هذا نصه: سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك فإنهم قد شجوا وأشجوا، وإياك أن تعود لمثل ما فعلت فإنه لم يشج الجموع من الناس - بعون الله - شجاك، ولم ينزع الشجى من الناس نزعك، فليهنئك أبا سليمان النية والخطوة، فأتمم يتمم الله عليك، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل بعمل فإن الله له المنَّ وهو ولي الجزاء"(أبو بكر الصديق لمحمد رضا:1-134).   2- عن سعيد بن أبى بردة -رضي الله عنهما- قال: " سمعت أبى يحدث: أنه شهد ابن عمر رجلا يمانيا يطوف بالبيت حمل أمه وراء ظهره يقول: إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر، ثم قال: يا ابن عمر أتراني جزيتها، قال: لا، ولا بزفرة واحدة، ثم طاف ابن عمر فأتى المقام فصلى ركعتين ثم قال: يا ابن أبى موسى إن كل ركعتين تكفران ما أمامهم"(الأدب المفرد للبخاري:11؛ وقال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد).   3- حج عبدالله بن جعفر -رضي الله عنه- ومعه ثلاثون راحلة وهو يمشي على رجليه، حتى وقف بعرفات، فأعتق ثلاثين مملوكًا وحملهم على ثلاثين راحلة، وأمر لهم بثلاثين ألفًا، وقال: اعتقهم لله – تعالى - لعله -سبحانه- يعتقني من النار(المستطرف في كل فن مستظرف:40).   4- حُكي عن معروف القاضي أن الحجيج كانوا يجتهدون في الدعاء وفيهم رجل من التركمان ساكت لا يحسن أن يدعو، فخشع قلبه وبكى، فقال بلغته: اللهم إن كنت تعلم أني لا أحسن شيئًا من الدعاء، فأسألك ما يطلبون منك بما دعوا، فرأى بعض الصالحين في منامه أن الله قَبِل حج الناس بدعوة ذلك التركماني لما نظر إلى نفسه بالفقر والفاقة والعجز(المستطرف في كل فن مستظرف:483).   5- قال ابن كثير: "كان ابنُ المبارك إذا كان وقتُ الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك، فيقول: هاتوا نفقاتِكم، فيأخذ نفقاتِهم فيجعلُها في صندوق ويقفلُ عليها، ثم يكتري لهم ويخرجُهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمُهم أطيبَ الطعام وأطيبَ الحلوى، ثم يخرجُهم من بغداد بأحسن زي وأكملِ مروءة، حتى يصلوا إلى مدينةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقولُ لكل واحد: ما أمَرَك عيالُك أن تشتري لهم من المدينة من طُرَفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجُهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة ؟ فيقول: كذا وكذا فيشتري لهم، ثم يخرجُهم من مكة فلا يزال ينفقُ عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمةً وكساهم، فإذا أكلوا وسرُّوا دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه"(سير أعلام النبلاء 8/385-386).   6- عن محمد بن عبد الله الثقفي قال: شهدت خطبة ابن الزبير بالموسم، خرج علينا قبل التروية بيوم، وهو محرم، فلبى بأحسن تلبية سمعتها قط، ثم حمد الله، وأثنى عليه؛ ثم قال: "أما بعد: فإنكم جئتم من آفاق شتى، وفودا إلى الله عز وجل، فحق على الله أن يكرم وفده، فمن كان جاء يطلب ما عند الله، فإن طالب الله لا يخيب؛ فصدقوا قولكم بفعل، فإن ملاك القول الفعل، والنية النية، القلوب القلوب، الله الله في أيامكم هذه، فانها أيام تغفر فيها الذنوب؛ جئتم من آفاق شتى، في غير تجارة، ولا طلب مال، ولا دنيا، ترجون ما هنا"، ثم لبى، ولبى الناس؛ فما رأيت يوماً قط، كان أكثر باكياً من يؤمئذ (حلية الأولياء:1-308).   7- حج صفوان بن سليم ومعه سبعة دنانير، فاشترى بها بدنه، فقيل له: ليس معك إلا سبعة دنانير، تشتري بها بدنه؛ قال: إني سمعت الله عز وجل يقول: لكم فيها خير. (حلية الأولياء:3-160)   8- عن إسحاق بن إبراهيم قال: وقفت مع الفضيل بعرفات، فلم أسمع من دعائه شيئاً، إلا أنه واضعاً يده اليمنى على خده، وواضعاً رأسه، يبكي بكاءً خفيفاً؛ فلم يزل كذلك، حتى أفاض الإمام، فرفع رأسه إلى السماء؛ فقال: واسوأتاه والله منك أن عفوت؛ ثلاث مرات. (حلية الأولياء:8-88).   9- كان محمد بن المنكدر يحج وعليه دين؛ فقيل له: أتحج وعليك دين؟ فقال: الحج أقضى للدين. (حلية الأولياء:3-149، حلية الأولياء:5-6).   10- عن محمد بن المنكدر قال: كان أبي يحج بالصبيان، فيقال له: أتحج بالصبيان؟ فقال: نعم، أعرضهم لله تعالى. (حلية الأولياء:3-150).   11- عن عبد الرحمن بن عمر قال: كان عبد الرحمن -بن مهدي- يحج كل سنة، فمات أخوه، وأوصى إليه، وقبل وصيته، وقام على أيتامه، وترك الحج (حلية الأولياء:9-14).   12- عن عمر بن الورد قال: قال لي عطاء: "إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة، فافعل"(حلية الأولياء:3-314).   13- عن سفيان الثوري أنه قال للمهدي -الخليفة-: كم أنفقت في حجتك؟ قال: ما أدري؛ قال: لكن عمر بن الخطاب يدري: أنفق ستة عشر ديناراً؛ فاستكثرها (حلية الأولياء:6-377).   14- عن ابن أبي رواد قال: رأيت طاووس وأصحاباً له، إذا صلوا العصر، لم يكلموا أحداً؛ وابتهلوا في الدعاء(حلية الأولياء:4-13).   15- عن سالم بن أبي حفص قال: كان ابن أبي نعم يحرم من السنة إلى السنة، وكان يقول في تلبيته: "لبيك لو كان رياءً لاضمحل، لبيك"(حلية الأولياء:5-70).   16- عن الحسن -رضي الله عنه- قال: "إني لأستحي من ربي أن ألقاه، ولم أمش إلى بيته؛ فمشى عشرين مرة من المدينة، على رجليه"(حلية الأولياء:2-37).   17- عن سعيد بن المسيب قال: "لقد حججت أربعين حجة"(حلية الأولياء:2-164).   18- عن هلال بن خباب قال: "خرجت مع سعيد بن جبير وكان يخرج كل سنة مرتين، مرة للحج، ومرة للعمرة"(حلية الأولياء:4-275).   19- عن أحمد قال: ورأيت أبا سليمان - الداراني - أراد أن يلبي، فغشي عليه، فلما أفاق، قال: يا أحمد، بلغني أن الرجل إذا حج حله، فقال: لبيك اللهم لبيك، قال له الرب: لا لبيك ولا سعديك، حتى ترد ما في يديك؛ فما يؤمنني أن يقال لي هذا؟ ثم لبى (حلية الأولياء(9/ 263-264).   20- كان المغيرة بن الحكيم الصنعاني يحج من اليمن ماشيًا، وكان له ورد بالليل يقرأ فيه كل ليلة ثلث القرآن، فيقف فيصلي حتى يفرغ من ورده، ثم يلحق بالركب متى لحق بهم، فربما لم يلحقهم إلا في آخر النهار(لطائف المعارف:234).   21- كان حكيم بن حزام -رضي الله عنه- يقف بعرفة ومعه مائة بَدَنة مقلدة ومائة رقبة فيعتق رقيقه، فيضج الناس بالبكاء والدعاء، يقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده، ونحن عبيدك فأعتقنا! (لطائف المعارف:284).   22- وقف مطرف بن عبد الله بن الشخير وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي! وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لأهله لولا أني فيهم. يا لتواضع الصالحين! ويا لأدبهم مع ربهم وخوفهم مع حسن سيرتهم (لطائف المعارف:285).   23- سئل الشعبي عن الأسود بن يزيد فقال: كان صواماً قواماً حجاجاً. وقال أبو إسحاق: حج الأسود ثمانين، من بين حجة وعمرة (سير أعلام النبلاء:4-51).   24- قال ابن عباس: "ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا، ولقد حج الحسن بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا، وإن النجائب لتقاد معه. ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات، حتى إنه يعطي الخف ويمسك النعل"(السنن الكبرى للبيهقي:7987).   25- حدثنا أبو هارون قال: "انطلقنا حجاجا، فدخلنا المدينة، فدخلنا على الحسن، فحدثناه بمسيرنا وحالنا، فلما خرجنا، بعث إلى كل رجل منا بأربع مئة، فرجعنا، فأخبرناه بيسارنا، فقال: لا تردوا علي معروفي، فلو كنت على غير هذه الحال، كان هذا لكم يسيرا، أما إني مزودكم: إن الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة"(تاريخ دمشق:13-248).   26- قال همام بن يحي: حدثني من صحب أنس بن مالك، قال: لما أحرم أنس لم أقدر أن أكلمه حتى حلّ من شدة إبقائه على إحرامه (سير أعلام النبلاء:3-401).   27- عن عطاء الخرساني قال: قيل لأويس القرني: أما حججت؟ فسكت، فأعطوه نفقة وراحلة فحج (سير أعلام النبلاء:4-33).   28- قال منصور: "كان شريح إذا أحرم كأنه حية صمّاء"(سير أعلام النبلاء:4-104).   29- قدم ابن جريج وافداً على معن بن زائدة لدين لحقه، فأقام عنده إلى عاشر ذي القعدة. فمر بقوم تغني لهم جارية بشعر عمر بن أبي ربيعة:   هيهات من أمة الوهاب منزلنا *** إذا حللنا بسيف البحر من عدن واحتل أهلك أجيادا فليس لنا *** إلا التذكر أو حظ من الحزن تالله قولي له في غير معتبة *** ماذا أردت بطول المكث في اليمن إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها *** فما أصبت بترك الحج من ثمن   قال: فبكى ابن جريج وانتحب، وأصبح إلى معن وقال: إن أردت بي خيرا فردني إلى مكة، ولست أريد منك شيئا. قال: فاستأجر له أدلاء، وأعطاه خمس مئة دينار، ودفع إليه ألفا وخمسمائة. فوافى الناس يوم عرفة (سير أعلام النبلاء:6-336).   30- عن سفيان قال: دخلت على المهدي، فقلت: بلغني أن عمر -رضي الله عنه- أنفق في حجته اثني عشر دينارا، وأنت فيما أنت فيه. فغضب، وقال: تريد أن أكون مثل هذا الذي أنت فيه. قلت: إن لم يكن مثل ما أنا فيه، ففي دون ما أنت فيه. فقال وزيره: جاءتنا كتبك، فأنفذتها. فقلت: ما كتبت إليك شيئا قط (سير أعلام النبلاء:6-257).   31- عن سفيان الثوري، قال: أُدخلت على أبي جعفر بمنى، فقلت له: اتق الله، فإنما أنزلت في هذه المنزلة، وصرت في هذا الموضع، بسيوف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا. حج عمر فما أنفق إلا خمسة عشر دينارا، وكان ينزل تحت الشجر. فقال: أتريد أن أكون مثلك ؟ قلت: لا، ولكن دون ما أنت فيه، وفوق ما أنا فيه. قال: اخرج. (سير أعلام النبلاء:7-263).   32- عن هلال بن خباب، قال: خرجت مع سعيد بن جبير في رجب، فأحرم من الكوفة بعمرة، ثم رجع من عمرته، ثم أحرم بالحج في النصف من ذي القعدة، وكان يحرم في كل سنة مرتين، مرة للحج، ومرة للعمرة(سير أعلام النبلاء:4-325).   33- عن سفيان: حج علي بن الحسين، فلما أحرم، اصفر وانتفض ولم يستطع أن يلبي، فقيل: ألا تلبي؟ قال: أخشى أن أقول: لبيك، فيقول لي: لا لبيك. فلما لبى، غشي عليه، وسقط من راحلته. فلم يزل بعض ذلك به حتى قضى حجه(سير أعلام النبلاء:4-392).   34- عن مالك: أحرم علي بن الحسين، فلما أراد أن يلبي، قالها، فأغمي عليه، وسقط من ناقته، فهشم. ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات. وكان يسمى زين العابدين لعبادته (سير أعلام النبلاء:4-392).   35- قال ابن حبان: كان (نافع بن جبير) من خيار الناس، كان يحج ماشياً وناقته تقاد، وكان يخضب بالوسمة(سير أعلام النبلاء:4-542).   36- عن عبد الله بن بكر المزني: سمعت إنساناً يحدث عن أبي أنه كان واقفاً بعرفة فَرَقٌ، فقال: لولا أني فيهم لقلت قد غُفِر لهم. قال الذهبي: كذلك ينبغي للعبد أن يُزري على نفسه ويهضمها (سير أعلام النبلاء:4-534).   37- كان عبد الله بن المبارك إذا كان وقت الحج، اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك، فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم، ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه. قال أبي: أخبرني خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة، فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خوانا فالوذج. فبلغنا أنه قال للفضيل: لولاك وأصحابك ما اتجرت. وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مئة ألف درهم (سير أعلام النبلاء:8-385).   38- عن سويد بن سعيد يقول: رأيت ابن المبارك بمكة أتي زمزم، فاستقى شربة، ثم استقبل القبلة، فقال: اللهم إن ابن أبي الموال، حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ماء زمزم لما شرب له" وهذا أشربه لعطش القيامة، ثم شربه (تاريخ دمشق:32/435-436).   39- كان عبد الله بن المبارك إذا خرج إلى مكة قال:   بغض الحياة وخوف الله أخرجني *** وبيع نفسي بما ليست له ثمنا إني وزنت الذي يبقى ليعدله *** ما ليس يبقى فلا والله ما أتزنا. (سير أعلام النبلاء:8-394).   40- عن سفيان بن عيينة قال: شهدت ثمانين موقفاً -يعني عرفة- (حلية الأولياء:7-289).   41- ويروى أن سفيان كان يقول في كل موقف: اللهم لا تجعله آخر العهد منك، فلما كان العام الذي مات فيه لم يقل شيئاً، وقال: قد استحييت من الله تعالى(سير أعلام النبلاء:8-465).   42- عن أحمد بن حنبل: "عيسى بن يونس ثبت، وكنا نخبر أنه سنة في الغزو وسنة في الحج"(8-491).   43- قال أحمد بن جناب: "غزا عيسى بن يونس خمساً وأربعين غزوة وحج كذلك"(8-494).   44- قال ابن رجب: "حج بعض المتقدمين فتوفي في الطريق في رجوعه فدفنه أصحابه ونسوا الفأس في قبره فنبشوه ليأخذوا الفأس فإذا عنقه و يداه قد جمعت في حلقة الفأس فردوا عليه التراب ثم رجعوا إلى أهله فسألوهم عن حاله؟ فقالوا صحب رجلاً فأخذ ماله فكان يحج منه"(لطائف المعارف:66).        

الاشعار

1- قال أحمد شوقي:   رفعوا الأكُفَّ وأرسلوا الدعواتِ *** وتجـرَّدوا للـه في عـرفـاتِ شعثًا.. تُجِلِّلُهُم سحائبُ رحمةٍ ***  غُبْرًا.. يفيضُ النور في القَسَماتِ وكأنَّ أجنحةَ الملائكِ عـانقت *** أرواحَهُـم بالـبِرِّ والطاعـاتِ فتنـزَّلت بين الضلوع سكينةٌ ***  علويَّةٌ.. موصـولةُ النفحـاتِ وتصاعـدتْ أنفاسُهُم مشبوبةً ***  وَجْدًا.. يسيل بواكِفِ العَبَـراتِ هذي ضيوفُـك يا إلهي تبتغي عفوًا *** وتـرجـو سـابغَ البركـاتِ غصَّت بهم في حَلِّهِم ورَحيلِهِم ***  رَحْبُ الوِهادِ وواسعُ الفَلَـواتِ تركوا وراء ظهورهم دنيا الوَرَى ***  وأَتَـوْكَ في شوقٍ وفي إخْبـاتِ وَفَدُوا إلى أبواب جُودِك خُشَّعًا *** وتـزاحموا في مَهْبِط الرحمـاتِ فاقْبَلْ إلـهَ العرشِ كل ضَراعَةٍ *** وامْحُ الذنوب.. وكَفِّرِ الـزلاَّتِ (ديوان أحمد شوقي).       3- سئل شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه اللّه: ماذا تقولون أهل العلم في رجل *** آتاه ذو العرش مالا حجّ واعتمرا فهزّه الشّوق نحو المصطفى طربا *** الحجّ أفضل أم إيثاره الفقرا أم حجّه عن أبيه ذاك أفضل أم *** ماذا الّذي يا سادتي ظهرا فافتوا محبّا لكم إنّي فديتكمو *** وذكركم دأبه إن غاب أو حضرا   فأجاب رحمه اللّه:   نقول فيه بأنّ الحجّ أفضل من *** فعل التّصدّق والإعطاء للفقرا والحجّ عن والديه فيه برّهما *** والأمّ أسبق في البرّ الّذي ذكرا لكن إذا الفرض خصّ الأب كان إذا *** هو المقدّم فيما يمنع الضّررا كما إذا كان محتاجا إلى صلة *** وأمّه قد كفاها من يرى البشرا هذا جوابك يا هذا موازنة *** وليس مفتيك معدودا من الشّعرا (مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية:26/10-11).   4- قال ابن القيّم رحمه اللّه:   أمّا والّذي حجّ المحبّون بيته *** فلبّوا له عند المهلّ وأحرموا وقد كشفوا تلك الرءوس تواضعا *** لعزّة من تعنو الوجوه وتسلم يهلّون بالبيداء لبّيك ربّنا *** لك الملك والحمد الّذي أنت تعلم دعاهم فلبّوه رضا ومحبّة *** فلمّا دعوه كان أقرب منهم تراهم على الأنضاء شعثا رءوسهم *** وغبرا وهم فيها أسرّ وأنعم (ميمية ابن القيم:20).       5- قال أبو الشمقمق:   إِذَا حَجَجْتَ بِمَـالٍ أَصْلُـهُ دَنِسٌ *** فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتِ الْعِيْرُ مَـا يَقْبَـلُ اللهُ إِلاَّ كُـلَّ طَيِّـبَـةٍ *** مَا كُـلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ مَبْرُورُ (معجم الشعراء؛ للمرزباني:99)   6- قال أحدهم:   يَحُجُّونَ بِالْمَالِ الَّذِي يَجْمَعُـونَـهُ *** حَرَامًـا إِلى الْبَيْتِ العَتِيقِ الْمُحَرَّمِ وَيَـزْعُـمُ كُـلُّ مِنْهُـمُ أَنّ وِزْرَهُ *** يُحَـطُّ وَلَكِـنْ فَوْقَـهُ فِي جَهَنَّمِ (النجم الوهاج في شرح المنهاج:3-408)       7- قال أحدهم:   يَحُـجُّ لِكَيْمَـا يَغْفِـرُ الله ذَنْبَـهُ *** وَيَرْجِعُ قَـدْ حَطَّتْ عَلَيْـهِ ذُنُوبُ (ربيع الابرار؛ للزمخشري:296)  

متفرقات

1- قال القاضي حسين من الشافعية: "الحج أفضل العبادات لاشتماله على المال والبدن"، وقال الحليمي: "الحج يجمع معاني العبادات كلها، فمن حج فكأنما صام وصلى واعتكف وزكى ورابط في سبيل الله وغزا، ولأنا دعينا إليه، ونحن في أصلاب الآباء كالإيمان الذي هو أفضل العبادات"(الفِقْهُ الإسلاميُّ: أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ:3-399).   2- قال ابن عثيمين: "وهو في الحقيقة -أعني رمي الجمرات- غاية التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان لا يعرف حكمةً من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة، إلا لأنها مجرد تعبدٍ لله سبحانه وتعالى، وانقيادُ الإنسان لطاعة الله، وهو لا يعرف الحكمة، أبلغ في التذلل والتعبد؛ لأن العبادات منها ما حكمته معلومةٌ لنا وظاهرة، فالإنسان ينقاد لها تعبداً لله تعالى وطاعةً له ثم اتباعاً لما يعلم فيها من هذه المصالح، ومنها ما لا يعرف حكمته، ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد بها عباده، فيمتثلون، فهذا غاية التذلل والخضوع لله"(فتاوى نور على الدرب).   3- يقول بن قدامة: "وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة"(المغني:5-6).   4- "يعلم المسلم أن العبادات وجبت لحق العبودية، أو لحق شكر النعمة، وكل ذلك لازم في العقول، وفي الحج إظهار العبودية وشكر النعمة. أما إظهار العبودية: فلأن إظهارها هو إظهار التذلل للمعبود، وفي الحج ذلك؛ لأن الحاج في حال إحرامه يظهر الشعث ويرفض أسباب التزين وتلحقة المشقة والجهد. وأما شكر النعمة: فلأن العبادات بعضها بدنية وبعضها مالية، والحج عبادة لا تقوم إلا بالبدن والمال، ولهذا لا يجب إلا عند وجود المال وصحة البدن فكان فيه شكر النعمتين، وشكر النعمة ليس إلا استعمالها في طاعة المنعم، وشكر النعمة واجب شرعاً وعقلاً"(بدائع الصنائع:2-118).   5- قال ابن القيم: "لا خلاف أنه لم يحج بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع، ولا خلاف أنها كانت سنة عشر...ولما نزل فرضُ الحج بادر رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- - إلى الحج من غير تأخير فإن فرض الحج تأخر إلى سنة تسع أو عشر...(زاد العاد:2-101).   6- يقول الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار: "الحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسم دوري يلتقي فيه المسلمون كل عام على أصفى العلاقات وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله. وعبادات الإسلام وشعائره تهدف كلها إلى خير المسلمين في الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الحج عبادة يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم فتصفو نفوسهم ويلتقون على المودة يربط بينهم الإيمان رغم تباعد الإقطار واختلاف الديار"(الحج والعمرة:1-13).   7- اختلفوا في وجوب الحج عند تحقق الشروط هل هو على الفور أو على التراخي ؟. فذهب أبو حنيفة في أصح الروايتين عنه وأبو يوسف ومالك في الراجح عنه وأحمد إلى أنه يجب على الفور (المسلك المتقسط: ص 44).   8- "من تحقق فرض الحج عليه في عام فأخره يكون آثما ، وإذا أداه بعد ذلك كان أداء لا قضاء ، وارتفع الإثم. وذهب الشافعي والإمام محمد بن الحسن إلى أنه يجب على التراخي ، فلا يأثم المستطيع بتأخيره. والتأخير إنما يجوز بشرط العزم على الفعل في المستقبل ، فلو خشي العجز أو خشي هلاك ماله حرم التأخير ، أما التعجيل بالحج لمن وجب عليه فهو سنة عند الشافعي ما لم يمت ، فإذا مات تبين أنه كان عاصيا من آخر سنوات الاستطاعة"(الأم:2 /117-118، وروض الطالب:1-456، ومغني المحتاج:1-460).   9- قال الماورديُّ: "ثم فرض الحج، فكان آخرَ فروضه؛ لأنه يجمع عملاً على بدنٍ وحقًّا في مال، فجعل فرضه بعد استقرار فروضِ الأبدان وفروض الأموال، ليكون استئناسُهم بكل واحد من النوعين ذريعةً إلى تسهيل ما جَمَع بين النوعين، فكان في إيجابه تذكيرٌ ليوم الحشر بمفارقة المال والأهل، وخضوعُ العزيزِ والذليل في الوقوف بين يديه، واجتماعُ المطيع والعاصي في الرهبة منه والرغبةِ إليه، وإقلاعُ أهل المعاصي عما اجترحوه، وندمُ المذنبين على ما أسلفوه، فقلَّ من حج إلا وأحدث له الحجّ توبة من ذنب، وإقلاعًا من معصية"(أدب الدنيا والدين:96).   10- قال ابن رجب رحمه الله: "اختلف العلماء في تفضيل الحج تطوعا أو الصدقة فمنهم من رجح الحج كما قال طاوس وأبو الشعثاء وقال الحسن أيضا ومنهم من رجح الصداقة وهو قول النخعي ومنهم من قال: إن كان ثم رحم محتاجه أو زمن مجاعة فالصدقة وإلا فالحج وهو نص أحمد وروي عن الحسن معناه وإن صلة الرحم والتنفيس عن المكروب أفضل من التطوع بالحج، وفي كتاب عبد الرزاق بإسناد ضعيف عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن رجل حج فأكثر أيجعل نفقته في صلة أو عتق؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "طواف سبع لا لغو فيه يعدل رقبة" وهذا يدل على تفضيل الحج.   واستدل من رأى ذلك أيضا بأن النفقة في الحج أفضل من النفقة في سبيل الله وفي مسند الإمام أحمد عن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف" وخرجه الطبراني من حديث أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "النفقة في سبيل الله الدرهم فيه بسبعمائة" ويدل عليه قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ*وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)[البقرة: 195-196] ففيه دليل على أن النفقة في الحج والعمرة تدخل في جملة النفقة في سبيل الله"(لطائف المعارف لابن رجب:1/229-230).   11- قال ابن رجب رحمه الله: "مغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة به مرتب على كون الحج مبرورا. وإنما يكون مبرورا باجتماع أمرين فيه:   أحدهما: الإتيان فيه بأعمال البر والبر يطلق بمعنيين:   أحدهما: بمعنى الإحسان إلى الناس كما يقال البر والصلة وضده العقوق وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن البر؟ فقال: "حسن الخلق" وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إن البر شيء هين: وجه طليق وكلام لين وهذا يحتاج إليه في الحج كثيرا أعني معاملة الناس بالإحسان بالقول والفعل قال بعضهم: إنما سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال وفي المسند عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" قالوا: وما بر الحج يا رسول الله؟ قال: "إطعام الطعام وإفشاء السلام" وفي حديث آخر: "وطيب الكلام" وسئل سعيد بن جبير: أي الحج أفضل؟ قال: من أطعم الطعام وكف لسانه قال الثوري: سمعت أنه من بر الحج.. وقال أبو جعفر الباقر: ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يأت بثلاثة: ورع يحجزه عن معاصي الله وحلم يكف به غضبه وحسن الصحابة لمن يصحبه من المسلمين فهذه الثلاثة يحتاج إليها في الأسفار خصوصا في سفر الحج فمن كملها فقد كمل حجه وبر.   ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج ما وصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا جزي الهجيمي فقال: "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تنحي الشي من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق ولو أن تلقى أخاك المسلم عليه فتسلم عليه ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض" وفي الجملة: فخير الناس أنفعهم للناس وأصبرهم على أذى الناس كما وصف الله المتقين بذلك في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134] والحاج يحتاج إلى مخالطة الناس والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم قال ربيعة: المروءة في السفر بذل الزاد وقلة الخلاف على الأصحاب وكثرة المزاح في غير مساخط الله عز وجل وجاء رجلان إلى ابن عون يودعانه ويسألانه أن يوصيهما فقال لهما: عليكما بكظم الغيظ وبذل الزاد فرأى أحدهما في المنام: أن ابن عون أهدى إليهما حلتين.   والإحسان إلى الرفقة في السفر أفضل من العبادة القاصرة لا سيما إن احتاج العابد إلى خدمة إخوانه وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر في حر شديد ومعه من هو صائم ومفطر فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال المعنى الثاني: مما يراد بالبر: فعل الطاعات كلها وضده الإثم وقد فسر الله تعالى البر بذلك في قوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: 177] الآية فتضمنت الآية: أن أنواع البر ستة أنواع من استكملها فقد استكمل البر: أولُها: الإيمان بأصول الإيمان الخمسة، وثانيها: إيتاءُ المال المحبوبِ لذوي القربى واليتامى والمساكين وابنِ السبيل والسائلين وفي الرقاب، وثالثها: إقامُ الصلاة، ورابعها: إيتاء الزكاة، وخامسها: الوفاء بالعهد، وسادسها: الصبرُ على البأساء والضراء وحين البأس.   وكلُّها يحتاج الحاجُّ إليها؛ فإنه لا يصح حجه بدون الإيمان، ولا يكملُ حجه ويكونُ مبرورًا بدون إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فإن أركان الإسلام بعضُها مرتبطة ببعض، فلا يكمل الإيمان والإسلام حتى يؤتى بها كلها، ولا يكملُ بر الحج بدون الوفاء بالعهود في المعاقدات والمشاركات المحتاج إليها في سفر الحج، وإيتاءِ المال المحبوب لمن يحب الله إيتاءه، ويحتاجُ مع ذلك إلى الصبر على ما يصيبه من المشاق في السفر، فهذه خصال البر، فمن حج من غير إقام الصلاة، لا سيما إن كان حجه تطوعًا كان بمنزلة من سعى في ربح درهمٍ وضيع رأس ماله، وهو ألوف كثيرة"(لطائف المعارف:231-233).   قال ابن بطال: " أجمع العلماء على أن على المرء في عمره حجة واحدة، حجة الإسلام إذا كان مستطيعاً "(شرح ابن بطال:4-185).   قال القاضي عياض: " ولا خلاف في جاحد فرض من هذه الفرائض أنه كافر "(إكمال المعلم:1-345).   قال ابن القيم: "من ترك الحج عمداً مع القدرة عليه حتى مات أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات فان مقتضى الدليل وقواعد الشرع تقتضي أن فعلهما بعد موته لا يبرئ ذمته ولا يقبل منه.. إلى أن قال: والحق أحق أن يتبع "(حاشية ابن القيم:7-28).    

الإحالات

1- الحج والعمرة تأليف: فضيلة الدكتور/ أ. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار الأستاذ بجامعة القصيم تقديم: مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية محمد بن عبد الله العجلان .   2- تذكير الحجاج والعمار بمواطن الأدعية والأذكار؛ سعد بن سلمان علي آل مجري.   3- بدع الحجاج والمعتمرين من فتاوى علماء الحرمين؛ سعد بن سلمان علي آل مجري.   4- وقفات تربوية من خلال آيات الحج في كتاب الله؛ أ.د.محمد بن عبدالعزيز العواجي.   5- رياض الحجيج؛ شائع بن محمد الغبيشي.   6- الطريق إلى الحج المبرور؛ د.رقية طه جابر العلواني.   7- يوميات الحاج (الحج خطوة .. خطوة)؛ محمد بن إبراهيم السبر.   8- كتاب المواعظ (الحج)؛ عبد الرحمن اليحي التركي.   9- من مدرسة الحج؛ عبدالرزاق بن عبد المحسن البدر.   10- مقاصد الحج؛ عبدالرزاق بن عبد المحسن البدر.   11- الحج وتهذيب النفوس؛ عبدالرزاق بن عبد المحسن البدر.   12- دروس عقدية مستفادة من الحج؛ عبدالرزاق بن عبد المحسن البدر.   13- الحج المبرور (صفته وكيفية تحقيقه في ضوء الكتاب والسنة)؛ أ.د.حافظ بن محمد عبدالله الحكمي.