جرائم الباطنية عبر التاريخ

ناصر بن محمد الأحمد

2015-02-21 - 1436/05/02
عناصر الخطبة
1/التعريف بالباطنية ونشأتها 2/خطر الباطنية على الإسلام والمسلمين 3/بعض فرق الباطنية 4/بداية ظهور الفكر الباطني 5/التاريخ الأسود للفرق والدول الباطنية 6/بعض جرائم الباطنية ضد المسلين عبر التاريخ 7/دعم إيران لنظام الأسد النصيري ضد الشعب السوري 8/موقف المجتمع الدولي تجاه الشعب السوري 9/وجوب نصرة الشعب السوري

اقتباس

والمعروف عن الفرق الباطنية تدبير المؤامرات، وتهييج الفتن، وحَبْك الدسائس في طول البلاد وعرضها، وقد ابتلي أهل السُّنة خاصة بها بلاءً عظيماً، وكانت أفكارها وأفعالها عبر التاريخ الإسلامي شاهدة على زيغها وضلالها، وسوء اعتقادها، وأسست دولاً في المغرب والمشرق الإسلاميَّين، سامت خلالها المسلمين صنوف الاضطهاد والتنكيل بفرض الأفكار الدخيلة، والبدع عليهم، وتفضيل النصارى، ومصادرة أموالهم، واستباحة دمائهم، ك...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: الباطنية، معتقد فاسدٌ، ومذهب باطل، ليس من الإسلام في شيء.

 

والباطنية بكلِّ فِرَقِها وطوائفها، نابعةٌ من الفلسفة اليونانية التي غزت بأفكارها الكثير من الفرق.

 

هذا عن أصل الأفكار.

 

أمَّا أصل الدعوة ورأسها، فكان من زمرة الرافضة، فالباطنية ظاهرة شاعَتْ بين الطوائف الفارسية الرافضية، نشَأَت محاولة هدم الإسلام من الداخل، عن طريق ابتداع مناهج الباطنية في تأويل الشريعة على نحوٍ يؤدِّي إلى نسخها، والاستعاضة عنها بخليطٍ عجيب من الحكمة -زعموا-، يجمع بين خرافات الفرس، ووثنية الإغريق، وعقائد اليهود الذين حرَّفوا دينهم من قبل، فظهرت بصيغة إسلامية خادعة، كفكرة النور المحمدي، وعصمة الأئمَّة، ومعجزاتهم، والغَيبة، والرَجعة، والحُلول، والتجسيم، والتأويل والتشبيه، وغير ذلك من الأفكار والعقائد.

 

وقد ألف العلماء قديماً وحديثاً في الفرق الباطنية، كشفاً لعوارهم وفضحاً لمعتقدهم، ورداً على شبههم.

 

أيها المسلمون: لقد كانت الباطنية وما زالت مصدرَ خطرٍ على الإسلام والمسلمين مذ وُجِدت، بعد أن أيقن أعداء الإسلام أن حسم المواجهة مع المسلمين وجهاً لوجهٍ لن يُجدِي شيئاً في تحقيق أهدافهم، والوصول لمآربهم، ولذلك كانت الحركات الباطنية بعقائدها وفِتَنِها نتيجةً لاتجاه جديد للكيد للمسلمين عن طريق التدثُّر باسمه، والتستُّر بحب آل البيت.

 

وفرق الباطنية كثيرة جداً يصعب حصرها، فالنصيرية فرقة باطنية، والرافضة باطنية، والدروز باطنية، والإسماعيلية باطنية، والقاديانية باطنية، والحوثيون باطنية، والقرامطة باطنية، والدولة العبيدية باطنية.

 

ولقد كانت بداية ظهور الفكر الباطني في القرن الثاني الهجري، ثم نشطت الحركات الباطنية في القرن الرابع الهجري وما تلاه، حيث ضمَّت بين صفوفها جماعات مختلفة يجمعها هدف مشترك، هو إفساد العقيدة الإسلامية، وتدمير المؤسسات العلمية والحكومية السُّنية التي تمثل هذه العقيدة، فقد ضمَّت فلاسفة ومفكرين، كإخوان الصفا، وشعراء، كأبي العلاء المعرّي، وعلماء، كأبي حيان وابن سينا.

 

كما أفرزت دولاً، كالعبيديين والصفويين. وحركات كالقرامطة والحشاشين.

 

ولا نبالغ حين نقول: بأن من الفرق الخطيرة جدّاً التي ابتليت بها الأمة الإسلامية عبر تاريخها المديد، وإلى يوم الناس هذا، إن لم تكن هي أخطر الفرق على الإطلاق: الفرق الباطنية بمختلف أطيافها.

 

ولا نشك لحظة واحدة بأن هذه الطوائف الخارجة عن الدين، وتحمل فكراً متناقضاً مضطرباً هداماً، هي طوائف مخذولة، وفئات مرذولة، وهي مأوى لكل من أراد هدم الإسلام، بل كانت في بعض مراحل التاريخ الإسلامي عوناً للصليبيين والوثنيين التتار الذين جاؤوا لغزو المسلمين في عُقر دارهم.

 

والمعروف عن الفرق الباطنية تدبير المؤامرات، وتهييج الفتن، وحَبْك الدسائس في طول البلاد وعرضها، وقد ابتلي أهل السُّنة خاصة بها بلاءً عظيماً، وكانت أفكارها وأفعالها عبر التاريخ الإسلامي شاهدة على زيغها وضلالها، وسوء اعتقادها، وأسست دولاً في المغرب والمشرق الإسلاميَّين، سامت خلالها المسلمين صنوف الاضطهاد والتنكيل بفرض الأفكار الدخيلة، والبدع عليهم، وتفضيل النصارى، ومصادرة أموالهم، واستباحة دمائهم، كدولة العبيديين في بلاد المغرب، والدولة الصفوية في بلاد فارس.

 

كما قامت حركتا القرامطة والحشاشين بكثير من الغارات وأعمال السلب والنهب، وترويع الآمنين، وقتل الأبرياء، وظهرت من بين هذه الفرق جماعة إخوان الصفا التي لبست لَبُوس العلم لخداع الناشئة، وعوام المسلمين، والتلبيس عليهم، فنشرت بينهم الفكر الوثني الفلسفي باسم الحكمة.

 

وفي العصر الحديث برزت كيانات سياسية من هذه الفرق، كالنصيرية والدروز، مكَّن لها الاستعمار الغربي، واستعملها كوسيلة لإضعاف كيان الإسلام من الداخل، وعرقلة جهود المسلمين في الوحدة والبناء والتنمية.

 

أيها المسلمون: إن تاريخ الدول الباطنية تاريخ أسود قديم ومعروف، كالدولة العبيدية والفاطمية، ودولة البويهيين، ودولة القرامطة، والدولة الصفوية وغيرهم، تاريخ هؤلاء تاريخ أسود خصوصاً مع أهل السنة، وخياناتهم مع اليهود والنصارى أمر معلوم منذ القديم.

 

ولنقلب بعض صفحات التاريخ، ولنستعرض سريعاً بعض جرائم الفرق الباطنية ضد أهل السنة عبر التاريخ، وكيف أن السبب الرئيس للقتل عند هؤلاء الباطنية هو: أن الطرف الآخر من أهل السنة، ولذلك لا يفرقون بين كبير وصغير، ولا يرحمون شيخاً ولا عجوزاً، ويساوون بين المحارب والمسالم.

 

- كان مقتل عمر -رضي الله عنه- انتقاماً لما فعله بدولة كسرى.

 

أو ليس الذي قتل عمر هو أبو لؤلؤة فيروز الفارسي المجوسي الباطني؟!

 

ولذلك صنع له الرافضة مشهداً فيه قبر وهمي في مدينة كاشان بإيران، وأطلقوا عليه: "مرقد بابا شجاع الدين".

 

وهذا المشهد يُزار، وتلقى فيه الأموال والتبرعات، نظير ما قدم لهم.

 

- وفي أوائل القرن الثالث الهجري تسلط الباطني بابك الخرّمي على المسلمين في جهة المشرق، فاستحل دماءهم وأعراضهم عشرين سنة، قتل خلالها ربع مليون مسلم، واستباح من حريم المسلمين أكثر من سبعة آلاف حرة عفيفة، حتى أفتى الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- بقنوت النوازل عليه، مما أصاب المسلمين من شره وبلائه.

 

- وفي القرن الثالث الهجري أيضاً سار ابن زكرويهالقرمطي، سار إلى حماة ومعرة النعمان وغيرهما، فقتل أهلها بمن فيهم النساء والأطفال، وسار إلى بعلبك فقتل عامة أهلها، حتى لم يبق منهم إلا اليسير، وأعطى أهل سلمية الأمان ثم غدر بهم فقتلهم وقتل البهائم وصبيان الكتاتيب، ثم خرج منها وليس بها عين تطرف.

 

وفي تاريخ حلب: أن القرمطي أقام في معرة النعمان خمسة عشر يوماً يقتل المشايخ والنساء والرجال والأطفال، ويحرق وينهب، وكان القتلى بضعة عشر ألفاً.

 

- وفي القرن الرابع الهجري دخل القرامطة الباطنية مكة وقت الحج، فقتلوا الطائفين بالكعبة يوم التروية، واستباحوا دماء المكيين، ونثروا جثثهم في أزقتها وبطاحها، حتى بلغ عدد القتلى ثلاثين ألف مسلم، منهم ألفاً وسبع مئة من الطائفين في حرم الله -تعالى-، ثم نهبوا أموالهم، واستحلوا أعراضهم، وسخِرَ قائدهم أبو طاهر القرمطي من الله -تعالى- ومن كتابه الكريم، وادعى الربوبية على ظهر الكعبة، وقلع بابها، ومزق كسوتها، وانتزع الحجر الأسود، ونقله إلى هَجر، فبقي عندهم ثنتين وعشرين سنة، وعطلت فريضة الحج في ذلك العام بسبب القرامطة الباطنيين، فلم يقف الناس في عرفة، وهي سابقة لم تحدث في تاريخ الإسلام إلا على أيدي الباطنيين.

 

- وفي القرن الرابع الهجري أيضاً أسس عبيد الله بن ميمون الباطني، دولة العبيديين في شمال إفريقية، وسار أتباعه إلى مصر، فانتزعوها من العباسيين، وأقاموا الدولة العبيدية في مصر والشام واستباحوها لجندهم، فقتلوا المسلمين ونكلوا بهم، وأهانوا علماءهم، ثم لما تحرك الصليبيون إلى المشرق كان العبيديون الباطنيون عوناً لهم على المسلمين، ولم ينج من سيوف الصليبيين إلا العبيديون لخيانتهم.

 

- وفي القرن التاسع الهجري أعان النصيريون التتر على احتلال الشام، وأمعنوا معهم في قتل أهل السنة، حتى ذكر أحد مؤرخي النصيرية: أنهم شكّلوا من رؤوس أهل حلب تلالاً، وأن القتل وهتك الأعراض وتعذيب الناس كان منحصراً في أهل السنة فقط.

 

وفعلوا بالسنة في دمشق أشد مما فعلوا بأهل حلب، واستبيحت أعراضهم، حتى اغتصبوا النساء في كل مكان بما فيها المساجد، ولم يبق في دمشق فتاة سنية عذراء آنذاك.

 

- وفي القرن العاشر الهجري أسس الصفويون دولتهم، وقتل سفاحها إسماعيل الصفوي ما يقرب من مليون مسلم، واستولى على بغداد فقتل خلقاً كثيراً من أهلها، حتى قال مؤرخ باطني يفاخر بفعله: فتح بغداد وفعل بأهلها النواصب ذوي العناد ما لم يسمع بمثله قط في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب، حتى نبش موتاهم من القبور.

 

- وفي عهد العثمانيين الذين جددوا حركة الجهاد الإسلامي، وبدأوا يجتاحون العالم، حتى وصلوا إلى أوربا مستعيدين بذلك البلاد الإسلامية التي خسرها المسلمون أثناء الغزو الصليبي، قامت يد الغدر والخيانة الرافضية الفكر والمنهج، اليهودية الأصل والمنشأ، والتي اعتادت أن تطعن ظهر الأمة لتحول بين المسلمين وبين جهادهم ضد الكفر والكفار، امتدت من جديد لتستغل انشغال العثمانيين أثناء توغلهم في قلب أوربا مجاهدين، ليقوموا بحركات انفصالية خارجين عن الخلافة الإسلامية العثمانية براءةً، ومتحالفين مع أعداء الإسلام ولاءً، فتعاونوا مع البريطانيين والبرتغاليين والفرنسيين والروس، حتى أضعفوا الخلافة العثمانية وأنهكوها، فكانوا من أكبر أسباب سقوطها، حيث شكلوا عدة جبهات وعدة حركات انفصالية، فكان الصفويون في شروان والعراق وفارس، والبهائيون في بلاد فارس، والقاديانية في الهند، والنصيرية والدروز في بلاد الشام.

 

- وأما القاديانيون الباطنية، فقد تعاونوا مع الإنجليز، بل إن الإنجليز هم الذين ساهموا في نشأتهم،فخرج زعيمهم"غلام أحمد" يَدّعي أنه هو المهدي المنتظر، ثم استمر حتى ادعى النبوة وأمر بتعطيل الجهاد، حتى يخذّل أتباعه عن جهاد الإنجليز الذي كان على أشده.

 

الأمر الذي يدل على أنهم ما أُنشئوا إلا من أجل تعطيل الجهاد، فلذا نجد أتباعهم اليوم ينشطون أكثر في فلسطين، حتى يخذّلوا عن الجهاد ضد اليهود المحتلين.

 

- وأما النصيريون الباطنيون فكذلك، تعاونوا مع الصليبيين أثناء الغزو الصليبي، وكانوا سبباً في سقوط بلاد الشام وبيت المقدس، كما تعاونوا من قبل مع التتار ضد المسلمين، وكانوا سبباً في اجتياح بلاد الشام.

 

- وأما الدروز الباطنيون، فقد تطوع عدد كبير من أبنائهم في جيش الدفاع الصهيوني طمعاً في إنشاء دولة مستقلة لهم في كل من سوريا ولبنان، وفي حرب 67م ذاق المسلمون في الجولان والأردن الويلات من الدروز العاملين في الجيش الإسرائيلي، ولم يرحموا شيخاً كبيراً، ولا طفلاً صغيراً.

 

- وفي حملة الروم الكبرى على الشرق الإسلامي والمعروفة في التاريخ بالحروب الصليبية، والتي بدأت عام 488هـ، كانت الشام ومصر خاضعتين لحكم العبيديين الروافض المعروفين بالفاطميين، وكان بين الروافض وبين أمراء السلاجقة الأتراك السنة صراع وتنافس، ولهذا شجع الروافض قدوم الصليبيين إلى الشام أملاً في تدمير إمارات السلاجقة السنة، وبدأ هؤلاء الروافض يسهلون للصليبيين، ويرحبون بقدومهم.

 

وعندما غزا المغول الشرق الإسلامي بعد غزوهم للصين، كانت إيران من أوائل المناطق التي اجتاحوها، ثم واصلوا الزحف حتى العراق، فأسقطوا دولة الخلافة العباسية، وكان مقدم المغول إلى عاصمة الخلافة غير بعيد عن إغراءات الروافض لهم بذلك، حيث أرادوا إحلال خليفة رافضي بدلاً من الخلفاء السنة، رغـم تقريب بعض هؤلاء السنة لهم عن غفلة أو تغافل، وقد كان لنصير الدين الطوسي الفارسي، ومؤيد الدين بن العلقمي وأشباههما وحلفائهما من الفرس دور كبير في التغرير بالمسلمين في العراق، وإغراء الأعداء التتار الوثنيين بهم، وبعد العراق استباح التتار بلاد الشام، وطفقوا يستعدون لغزو مصر، إلا أن شوكتهم كُسِرَتْ عند عين جالوت، وارتدوا على أدبارهم، فغادروا الشام ثم العراق، وأنشأوا لهم دولة في الشمال الغربي لإيران اتخذت تبريز عاصمة لها.

 

أسس إسماعيل ميرزا شاه الـدولة الصفوية عام 914هـ، وأعلن المذهب الرافضي مذهباً رسمياً، وسميت تلك الدولة بالصفوية نسبة إلى صفي الدين الأردبيلي، وتحولت الصفوية من دعوة إلى دولة، وتوسعت من العراق إلى أفغانستان.

 

وقد ناصبت الدولة الصفوية دولة الخلافة العثمانية العداء، وحاول الصفويون الاستعانة بغرمائهم القدامى من الروم الصليبيين على العثمانيين المسلمين السنة، بل كان لهم دور كبير في إيقاف المد الإسلامي إلى داخل أوروبا، فقد كانت مؤامراتهم سبباً في إيقاف جيوش العثمانيين عند أبواب فيينا، لكن السلطان العثماني سليمان الأول ألحق بالصفويين هزيمة موجعة عام 920هـ، لكن الصفويين ظلوا على عهد الشقاق والمحاربة لجيرانهم من المسلمين السنة، حتى سقطت دولتهم على يد الأفغان بقيادة "محمود خان" الذي غزا أرض فارس واستولى على العاصمة أصفهان، وقامت بعد الدولة الصفوية الرافضية عدة دول.

 

ثم تحالفوا بعد ذلك مع الإنجليز في عهد الشاة عباس الصفوي، ومكنوا لهم في البلاد، وجعلوا لهم فيها أوكاراً يتم الاجتماع فيها معهم للتآمر ضد الخلافة العثمانية، لدرجة أن مستشاريه كانوا من الإنجليز.

 

أيها المسلمون: هذه لمحة سريعة ومختصرة عن بعض جرائم الفرق الباطنية عبر التاريخ، على شتى مللهم ونحلهم، إذا وصلوا للحكم، وتمكنوا من رقاب المسلمين.

 

نسأل الله -جل وتعالى- أن يكفينا شرهم، وأن يهلكهم، وأن يمزقهم شر ممزق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: إن ما يجري اليوم في سوريا، وتحديداً المرحلة الأخيرة من الثورة السورية، هي حرب طائفية واضحة وصريحة ومكشوفة، الهدف منها هو تصفية أكبر عدد ممكن من أهل السنة، والجرائم التي ترتكب اليوم في حق إخواننا المسلمين من أهل سوريا هي امتداد لجرائم الفرق الباطنية عبر التاريخ، والتي سقت لكم طرفاً منها قبل قليل.

 

فالباطنية هي الباطنية قديماً وحديثاً.

 

واضح وضوح الشمس للمتابع لما جرى ويجري في سوريا أن الوضع قد تغيّر عمّا كانت عليه الثورة في بدايتها.

 

لقد بدأت الثورة في بلاد الشام كغيرها من الدول التي قامت فيها الثورات ضد الظلم الحاصل على أبنائها، والنظام نظام نصيري باطني كما هو معروف، ولذا لا غرابة أن يأتيه الدعم المادي والمعنوي من دولة المجوس؛ لأنها دولة باطنية: (وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ)[الأعراف: 202].

 

لكن الذي يحصل الآن، وبعد مرور أكثر من سنتين على الثورة شيء آخر، تحول الوضع من ثورة شعب ضد نظام ظالم، إلى حرب إبادة للمسلمين السنة على أيدي فرق باطنية، تحالفت وتعاونت فيما بينها بشكل معلن وصريح وواضح.

 

لقد أرسلت دولة المجوس الرجال للقتال مع إخوانهم النصيريين ضد أهل السنة، فضلاً عن ضخ المليارات من أول يوم قامت فيه الثورة.

 

وأرسل حزب اللات والشيطان رجاله للقتال كذلك مع إخوانهم النصيرية، واتضح الأمر وانكشف في معركة "القُصِير" الأخيرة.

 

وأرسل الحوثيون من اليمن بعضاً منهم للقتال مع إخوانهم النصيريين أيضاً.

 

وأرسل باطنية العراق بعض رجالهم كذلك، فأصبح الأمر لا يحتاج إلى تحليل أو استنباط، إنها حرب بين أهل السنة من جهة، وعدد من الفرق والملل والدول تجمعهم معتقد الباطنية من جهة أخرى.

 

أيها المسلمون: إن أمة الإسلام أمه مستباحة في كل مكان، وقضايا المسلمين هي القضايا التي يعجز العالم الدولي المعاصر عن حلها، أو بالعبارة الصريحة لا يريد حلها، ولا تستباح أرض لأهل الإسلام من عدو صهيوني أو صليبي أو وثني أو باطني، إلا وقف المجتمع الدولي موقف المتآمر أو المتفرج، فإن كانت الغلبة للمسلمين تآمر عليهم، وقطف ثمار نصرهم، وإن كانت عليهم تفرج على قتلهم وسحلهم، واستلذ بعذابهم، وهو المجتمع الذي أصم الآذان، وأزعج الأسماع بمنع الحروب، وتحريم الاعتداء، وفرض الحريات، وحفظ حقوق الإنسان؛ لنعلم أن هذه الحقوق والحريات هي لغير المسلمين؛ ولنعلم أن تحريم الحروب في القانون الدولي إنما يراد به على وجه التحقيق إطفاء جذوة الجهاد، والقضاء على عزة الإسلام، حتى غدا جهاد الطلب محرماً، وغدا جهاد الدفع إرهاباً.

 

أيها المسلمون: لقد بليت أمة الإسلام بمد نفاقي باطني، تآزر مع الصهيونية والصليبية لإبادة الأمة المسلمة، واقتسام الأدوار في احتلال البلدان.

 

فالباطنيون هم الذين أعانوا الصليبيين في احتلال أفغانستان والعراق، وارتكبوا وما يزالون أفظع الجرائم في أهل السنة هناك.

 

لقد كان الباطنية في القديم عوناً لأعداء الأمة أيّاً كانوا؛ ولذا أعانوا التتر على المسلمين، حتى استبيحت بغداد، وأعانوا الصليبيين على المسلمين، فاستبيحت بلاد الشام، وطعنوا العثمانيين في ظهورهم، حين قابوا قوسين أو أدنى من تحرير أوربا بأكملها، وإدخالها في الإسلام.

 

وأما في عصرنا هذا، فإن الباطنية شركاء في المشاريع الصليبية الصهيونية، ولاعبون أساسيون فيها.

 

ومع ذلك كله، نقول: بأن هذه الأمة أمة مباركة، أمة يطول نومها ولكنها لا تموت، أمة تمرض لكنها تصحو -بإذن الله-، فلنعمل لأمتنا ما يرفع ذلها وهوانها، ويحطم أغلالها وقيودها، ويعيد لها مجدها وعزتها، ويدحر أعداءها، ويشفي صدور أبنائها.

 

ولن يكون ذلك إلا بالعودة إلى الله -تعالى- عودة صادقة يحس معها كل واحد منا أنه المسئول أمام الله -تعالى- عما يجري لإخوانه، وأن ذنوبه وتقصيره في طاعة الله -تعالى- كان سبباً في تأخر النصر، ونزول البلاء.

 

ومع عملنا لأمتنا، فلنعمل على نصرة إخواننا الذين تطحنهم رحى الباطنية اليوم في بلاد الشام بإشراف الأمم الصليبية، ومنظماتها الدولية، بكل ما نستطيع من أنواع النصرة؛ فإن المؤمنين تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم.

 

اللهم ...

 

 

المرفقات

جرائم الباطنية عبر التاريخ.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات